المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[بعض أمور أهل الكتاب والأعاجم التي ابتلي بها بعض المسلمين] - اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم - جـ ١

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[تقديم بقلم معالي الدكتور الوزير عبد الله بن عبد المحسن التركي]

- ‌[مقدمة]

- ‌[القسم الأول: الدراسة]

- ‌[ترجمة موجزة للمؤلف]

- ‌[وصف النسخ المخطوطة للكتاب]

- ‌[الكتاب المحقق اسمه وتاريخ تأليفه]

- ‌[منهج تحقيق الكتاب والتعليق عليه]

- ‌[دراسة تحليلية لبعض موضوعات الكتاب]

- ‌[أولا الموضوع الرئيس للكتاب]

- ‌[ثانيا دراسة لبعض موضوعات الكتاب]

- ‌[الموضوع الأول تنبيه المؤلف على أصلين مهمين]

- ‌[الموضوع الثاني بعض أنواع البدع والشركيات التي ابتُليت بها الأمة]

- ‌[الموضوع الثالث أثر التشبُّه على الأمة]

- ‌[الموضوع الرابع قواعد أساسية في التشبه]

- ‌[الموضوع الخامس فئات من الناس نهينا عن التشبه بها]

- ‌[الموضوع السادس النهي يعم كل ما هو من سمات الكفار قديمًا وحديثًا]

- ‌[الموضوع السابع متى يباح التشبه بغير المسلمين]

- ‌[الموضوع الثامن في الأعياد والاحتفالات البدعية]

- ‌[الموضوع التاسع في الرطانة]

- ‌[الموضوع العاشر حول مفهوم البدعة]

- ‌[الموضوع الحادي عشر حول بدع القبور والمزارات والمشاهد والآثار ونحوها]

- ‌[القسم الثاني: الكتاب محققا مع التعليق عليه]

- ‌[خطبة الحاجة من كتاب المحقق]

- ‌[سبب تأليف الكتاب]

- ‌[فصل في حال الناس قبل الإسلام]

- ‌[بعض أمور أهل الكتاب والأعاجم التي ابتلي بها بعض المسلمين]

- ‌[الأمر بمخالفة المغضوب عليهم والضالين في الهدي الظاهر]

- ‌[فصل في ذكر الأدلة على الأمر بمخالفة الكفار عموما وفي أعيادهم خصوصا]

- ‌[بيان المصلحة في مخالفة الكفار والتضرر والمفسدة من متابعتهم]

- ‌[الاستدلال من القرآن على النهي عن اتباع الكافرين]

- ‌[الاستدلال من السنة على النهي عن اتباع الكافرين]

- ‌[الاختلاف الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أنواع الاختلاف]

- ‌[عود إلى الاستدلال من القرآن على النهي عن مشابهة الكفار]

- ‌[النهي عن موالاة الكفار ومودتهم]

- ‌[وجوه الأمر بمخالفة الكفار]

- ‌[ذم بعض خصال الجاهلية]

- ‌[الفساد وأنواعه]

- ‌[التشبه مفهومه ومقتضاه]

- ‌[التشديد على النفس أنواعه وآثاره]

- ‌[فصل في ذكر فوائد خطبته صلى الله عليه وعلى آله وسلم العظيمة في يوم عرفة]

- ‌[فصل في الإجماع على الأمر بمخالفة الكفار والنهي عن مشابهتهم]

- ‌[الوجه الأول من دلائل الإجماع]

- ‌[الوجه الثاني من دلائل الإجماع]

- ‌[الوجه الثالث في تقرير الإجماع]

- ‌[فصل في الأمر بمخالفة الشياطين]

- ‌[فصل في الفرق بين التشبه بالكفار والشياطين وبين التشبه بالأعراب والأعاجم]

- ‌[الناس ينقسمون إلى بر وفاجر ومؤمن وكافر ولا عبرة بالنسب]

- ‌[التفاضل بين جنس العرب وجنس العجم]

- ‌[النهي عن بغض العرب]

- ‌[أسباب تفضيل العرب]

- ‌[فصل في أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه]

- ‌[فصل في أقسام أعمال الكفار]

- ‌[فصل في الأعياد]

- ‌[طرق عدم جواز موافقتهم في أعيادهم]

- ‌[الطريق الأول أنه موافقة لأهل الكتاب فيما ليس في ديننا]

- ‌[الطريق الثاني الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار]

- ‌[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالكتاب]

- ‌[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالسنة]

- ‌[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالإجماع والآثار]

- ‌[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالاعتبار]

- ‌[فصل في مشابهتهم فيما ليس من شرعنا]

الفصل: ‌[بعض أمور أهل الكتاب والأعاجم التي ابتلي بها بعض المسلمين]

وهذا الانحراف أمر تتقاضاه الطباع ويزينه الشيطان، فلذلك أمر العبد بدوام دعاء الله سبحانه بالهداية إلى الاستقامة التي لا يهودية فيها ولا نصرانية أصلا.

[بعض أمور أهل الكتاب والأعاجم التي ابتلي بها بعض المسلمين]

وأنا أشير (1) إلى بعض أمور أهل الكتاب والأعاجم، التي ابتليت بها هذه الأمة، ليجتنب المسلم الحنيف الانحراف عن الصراط المستقيم، إلى صراط المغضوب عليهم، أو (2) الضالين. قال الله سبحانه:{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا (3) مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: 109](4) .

فذم اليهود على ما حسدوا المؤمنين على الهدى والعلم.

وقد يبتلى بعض المنتسبين إلى (5) العلم وغيرهم بنوع من الحسد لمن هداه الله بعلم (6) نافع أو عمل صالح، وهو خلق مذموم مطلقا، وهو في هذا الموضع من أخلاق المغضوب عليهم. وقال الله سبحانه:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا - الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 36 - 37](7) . فوصفهم بالبخل الذي هو البخل بالعلم والبخل بالمال، وإن كان

(1) في (ج د) : وإنا نشير.

(2)

في (ط) : ولا.

(3)

في (ج د) : بعد قوله: "حسدا" قال: الآية.

(4)

سورة البقرة: من الآية 109.

(5)

في (ج د) : للعلم.

(6)

في المطبوعة: لعلم.

(7)

سورة النساء: من الآيتين 36، 37. وقد وقع اختلاف وخلط في سياق الآيتين بين النسخ: ففي (أط) : قال: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ، الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ في حين أن صحة الآية: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا فتكون هي آية النساء 36. أو هي: وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ فتكون هي آية الحديد 23، ويكون آخر السياق: وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ في آية النساء 37.

وفي (ب) والمطبوعة ذكر صدر النص وهو قوله: وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ من سورة الحديد 23، 24، وعجزها وهو قوله: وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ من سورة النساء الآية 37، لكنه لم يفصل بينهما. وما أثبته من (ج د) .

ص: 83

السياق يدل على أن البخل بالعلم هو المقصود الأكبر، وكذلك (1) وصفهم بكتمان العلم في غير آية، مثل قوله تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: 187](2) الآية، وقوله:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ (3) أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ - إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [البقرة: 159 - 160](4) الآية، وقوله:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ} [البقرة: 174](5) الآية، وقال تعالى:{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة: 76](6) .

فوصف المغضوب عليهم بأنهم يكتمون العلم: تارة بخلا به (7) وتارة اعتياضا عن إظهاره بالدنيا، وتارة خوفا في (8) أن يُحتج عليهم بما أظهروه منه.

(1) في (د) والمطبوعة: فلذلك.

(2)

سورة آل عمران: من الآية 187.

(3)

في (ب د) : بعد قوله: في الكتاب شرع في الآية التي تلت وهي قوله: وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا دون فاصل. وهو خلط من الناسخ.

(4)

سورة البقرة: الآيتان 159، 160.

(5)

سورة البقرة: من الآية 174. وفي (ج) : أكمل الآية.

(6)

سورة البقرة الآية 76، لكنه في المطبوعة ذكر الآية 14 من البقرة وهي قوله: وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ.

(7)

به: سقطت من (د) .

(8)

(ب د) : خوف.

ص: 84

وهذا قد يبتلى (1) به طوائف من المنتسبين إلى العلم (2) فإنهم تارة يكتمون العلم بخلا به، وكراهة لأن (3) ينال غيرهم من الفضل ما نالوه، وتارة اعتياضا عنه (4) برئاسة أو مال، فيخاف من إظهاره انتقاص رئاسته أو نقص ماله، وتارة يكون قد خالف غيره في مسألة، أو اعتزى (5) إلى طائفة قد خولفت في مسألة، فيكتم من العلم ما فيه حجة لمخالفه وإن لم يتيقن أن مخالفه مبطل.

ولهذا قال عبد الرحمن بن مهدي (6) وغيره: أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم.

وليس الغرض تفصيل ما يجب أو يحتسب (7) في ذلك (8) بل الغرض التنبيه على مجامع يتفطن اللبيب بها لما ينفعه الله به.

وقال تعالى:

(1) في (ب ج) والمطبوعة: ابتلي.

(2)

في (أد ط) : للعلم.

(3)

في (ج) والمطبوعة: أن ينال.

(4)

عنه: سقطت من (أد ط) .

(5)

اعتزى: انتسب انتمى.

(6)

هو الإمام: عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري اللؤلؤي البصري، ولد سنة (135 هـ) ، وكان من كبار أئمة السلف، ومن أئمة الحديث الثقات المتقنين ومن أهل الورع والصلاح، قال فيه الشافعي:"لا أعرف له نظيرا في الدنيا" توفي بالبصرة سنة (198 هـ) ، ومولده ووفاته بالبصرة.

انظر: اللباب في تهذيب الأنساب لابن الجزري (3/ 135، 136) .

وانظر: تهذيب التهذيب لابن حجر (6/ 279 - 281) ، (ت 549) .

(7)

في (ب ج د) والمطبوعة: وما يستحب.

(8)

في ذلك: ساقطة من (ب ج د) والمطبوعة.

ص: 85

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ} [البقرة: 91](1) بعد (2) أن قال: {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة: 89](3) .

فوصف اليهود: بأنهم كانوا يعرفون الحق قبل ظهور (4) الناطق به، والداعي إليه. فلما جاءهم (5) الناطق به من غير طائفة يهوونها لم ينقادوا له. وأنهم لا يقبلون الحق إلا من الطائفة التي هم منتسبون إليها، مع أنهم لا يتبعون ما لزمهم في (6) اعتقادهم.

وهذا يبتلى به كثير من المنتسبين إلى طائفة معينة في العلم، أو (7) الدين، من المتفقهة، أو المتصوفة (8) . . . . . . . . . . . . . .

(1) في (ب) : أكمل الآية إلى آخرها. وهي الآية 91 البقرة.

(2)

في (ج د) : قال: إلى قوله: فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ وهو خطأ من النساخ لأن هذه الآية: فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ متقدمة عن التي ساقها المؤلف قبلها وهي قوله: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا. . الآية. كما هو مبين في المتن.

(3)

سورة البقرة: الآية 89.

(4)

في المطبوعة: ظهور النبي الناطق به، بخلاف جميع النسخ كما هو مثبت.

(5)

كذلك هنا زاد: (النبي) في المطبوعة.

(6)

في (ج د) : من اعتقادهم.

(7)

في (ب) والدين.

(8)

المتصوفة هم أصحاب الطرق الصوفية، أتباعا ومتبوعين، ونحوهم، والتصوف بشكله المتبع عند أصحاب الطرق حتى اليوم منهج غريب على الإسلام، ودخيل على المسلمين، فليس له أصل في كتاب الله، ولا في سنة رسوله صلي الله عليه وعلى آله وسلم، ولا عند الصحابة والتابعين والسلف الصالح في صدر الإسلام، فهو بدعة تمارس فيها الخرافات والضلالات العملية والقولية والاعتقادية، وهذا أمر يشهد به عمل أكثر الصوفية اليوم، في كثير من بلاد المسلمين، فقد سمعنا ورأينا وقرأنا من ذلك الشيء الكثير، كما أن كتبهم المنشورة في الأسواق والمكتبات وغيرها تشهد بإقرارهم لتلك البدع والضلالات والشركيات، ومن ذلك على سبيل المثال:

1-

الطبقات الكبرى للشعراني.

2-

جامع كرامات الأولياء للنبهاني.

3-

شواهد الحق للنبهاني أيضا.

4-

جواهر المعاني للتجاني.

5-

شرح فصوص الحكم للقاشاني.

6-

السيد أحمد البدوي، للدكتور عبد الحليم محمود.

7-

أبو مدين الغوث، حياته ومعراجه إلى الله، للدكتور عبد الحليم محمود.

8-

أقطاب التصوف الثلاثة، لصلاح عزام.

9-

اللمع، لأبي نصر الطوسي، وغيرها كثير.

ص: 86

أو غيرهم (1) . أو إلى رئيس معظم عندهم (2) في الدين - غير النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم لا يقبلون من الدين رأيا (3) ورواية إلا ما جاءت به طائفتهم، ثم إنهم لا يعلمون ما توجبه طائفتهم، مع أن دين الإسلام يوجب اتباع الحق مطلقا: رواية ورأيا (4) من غير تعيين شخص أو طائفة - غير الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقال تعالى في صفة المغضوب عليهم: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: 46](5) .

ووصفهم بأنهم (6)

(1) كأتباع الفرق: المعتزلة والجهمية والخوارج والشيعة ونحوهم، وأتباع الاتجاهات والأحزاب: كالقومية، والبعثية، والاشتراكية، والماركسية، وأتباع النحل المعاصرة كالبهائية والقاديانية، وغيرها من النحل والمذاهب والحركات.

(2)

عندهم: سقطت من (أط) .

(3)

في المطبوعة: لا فقها ولا رواية.

(4)

في المطبوعة: رواية وفقها.

(5)

سورة النساء: من الآية 46.

(6)

قوله: ووصفهم بأنهم، ساقطة من (أط)، وفيهما: يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ. . الآية، وفي (ب) : قال: وقال تعالى فيهم: وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ.

ص: 87

{يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ} [آل عمران: 78](1) والتحريف قد فسر بتحريف التنزيل، وبتحريف التأويل.

فأما تحريف التأويل فكثير جدا، وقد ابتليت به طوائف من هذه الأمة، وأما تحريف التنزيل فقد وقع في (2) كثير من الناس، يحرفون ألفاظ الرسول، ويروون الحديث بروايات منكرة.

وإن كان الجهابذة يدفعون ذلك، وربما يطاول بعضهم إلى تحريف التنزيل، وإن لم يمكنه ذلك، كما قرأ بعضهم وَكَلَّمَ اللَّهُ (3) مُوسَى تَكْلِيمًا (4) .

وأمّا ليّ (5) الألسنة (6) بما يُظَن أنه من عند الله فكوضع الوضاعين الأحاديث (7) على (8) رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو إقامة ما يظن أنه حجة في الدين، وليس بحجة، وهذا الضرب من أنواع أخلاق اليهود، وذمها (9) كثير لمن تدبره في كتاب الله وسنة رسوله، ثم نظر بنور الإيمان إلى ما وقع في الأمة من الأحداث (10) .

(1) سورة آل عمران: من الآية 78.

(2)

في المطبوعة: فقد وقع فيه كثير.

(3)

بنصب اسم الجلالة، وموسى في موضع رفع، ليكون موسى هو المتكلم، وذلك ليعطلوا الباري عن صفة الكلام تنزيهًا له بزعمهم.

(4)

سورة النساء: من الآية 164.

(5)

في (أ) : لسي. وليس لها معنى.

(6)

في المطبوعة: وأما تطاول بعضهم إلى السنة، وأظنه تصرف في العبارة؛ لأنه خلاف جميع النسخ المخطوطة لدي.

(7)

في (ب ج د) : للأحاديث.

(8)

في (أط) : عن رسول الله صلي الله عليه وعلى آله وسلم.

(9)

في المطبوعة: قال: وذمها في النصوص كثير، أي بزيادة كلمة في (النصوص) .

(10)

في (ب ط) : من الأحاديث. وفي (أ) : ساقطة.

ص: 88

وقال سبحانه عن النصارى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} [النساء: 171](1) وقال تعالى (2){لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 17](3) إلى غير ذلك من المواضع.

ثم إن الغلو في الأنبياء والصالحين قد وقع في طوائف من ضلّال المتعبدة والمتصوفة (4) حتى خالط كثيرا (5) منهم من مذهب الحلول والاتحاد ما هو أقبح من قول النصارى أو مثله أو دونه.

وقال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} [التوبة: 31](6) وفسره النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم رضي الله عنه بأنهم: «أحلّوا الحرام فأطاعوهم، وحرموا عليهم الحلال فاتبعوهم» (7) .

(1) سورة النساء: من الآية 171.

(2)

في (ج د) زاد قوله تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ سورة المائدة: الآية 73.

(3)

سورة المائدة: من الآيتين 17، 72.

(4)

لا تزال الصوفية تضفي على مشايخها ومعظميها من الصفات ما لا يجوز إلا لله تعالى، فهم يشركون من يسمونهم بالأغواث في تصريف الملكوت وتدبير الكون وعلم الغيب، وكذلك الأبدال والأقطاب والأوتاد، وكتبهم مليئة بهذه النعوت، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، انظر على سبيل المثال: جامع كرامات الأولياء (1/ 69 - 79) . وانظر: مجموع الفتاوى للمؤلف (11/ 433 - 445) .

(5)

في (د) : كثير بالرفع.

(6)

سورة التوبة: من الآية 31.

(7)

جاء ذلك في حديث أخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن - تفسير سورة التوبة - الحديث رقم (3095) ، (5/ 278)، وقال الترمذي:"هذا حديث غريب"، وانظر: تفسير ابن جرير الطبري (10/ 80، 81) .

ص: 89

وكثير من أتباع المتعبدة يطيع بعض المعظمين عنده في كل ما يأمر به وإن تضمن تحليل حرام أو تحريم (1) حلال، وقال سبحانه عن الضالين:{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} [الحديد: 27](2) .

وقد ابتلي طوائف (3) من المسلمين من الرهبانية المبتدعة بما الله به عليم.

وقال الله سبحانه: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} [الكهف: 21](4) فكان الضالون - بل والمغضوب عليهم - يبنون المساجد على قبور الأنبياء والصالحين، وقد نهى رسول (5) الله صلى الله عليه وسلم أمته عن ذلك في غير موطن (6) حتى في وقت مفارقته الدنيا - بأبي هو وأمي -.

ثم إن هذا قد ابتلي به كثير من هذه الأمة.

ثم إن الضالين تجد عامة دينهم إنما يقوم بالأصوات المطربة، والصور الجميلة، فلا يهتمون بأمر دينهم بأكثر من تلحين الأصوات، ثم تجد (7) قد ابتليت هذه الأمة (8) من اتخاذ السماع المطرب، بسماع (9) القصائد (10)

(1) في (ج) : وتحريم.

(2)

سورة الحديد: من الآية 27.

(3)

في (ب) طائفة.

(4)

سورة الكهف: الآية 21.

(5)

في (أب) وقد نهى صلي الله عليه وعلى آله وسلم، وفي المطبوعة: وقد نهى النبي صلي الله عليه وعلى آله وسلم.

(6)

ستأتي الأحاديث الواردة في ذلك: انظر الصفحات (2/ 185 - 187) .

(7)

في العبارة غموض وتتضح إذا زدنا (أنه) لتكون: ثم نجد أنه قد.

(8)

في المطبوعة: العبارات جاءت كذا: ثم إنك تجد أن هذه الأمة قد ابتليت. . إلخ.

(9)

في (أط) : سماع.

(10)

في المطبوعة زاد: بالصور والأصوات الجميلة.

ص: 90

وإصلاح القلوب والأحوال به (1) ما فيه مضاهاة لبعض حال الضالين، وقال سبحانه:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} [البقرة: 113](2) فأخبر أن كل واحدة من الأمتين تجحد كل ما الأخرى عليه.

وأنت تجد كثيرا من المتفقهة، إذا رأى المتصوفة والمتعبدة لا يراهم شيئا ولا يعدهم إلا جهالا ضلالا، ولا يعتقد في طريقهم (3) من العلم والهدى شيئا، وترى كثيرا من المتصوفة، والمتفقرة (4) لا يرى الشريعة والعلم شيئا، بل يرى أن المتمسك (5) بها منقطعا عن الله وأنه ليس عند أهلها مما ينفع عند الله شيئا (6) .

وإنما الصواب (7) أن ما جاء به الكتاب والسنة من هذا وهذا حق، وما خالف الكتاب والسنة من هذا وهذا: باطل.

وأما مشابهة فارس والروم، فقد دخل (8) في هذه الأمة من الآثار الرومية، قولا وعملا، والآثار الفارسية، قولا وعملا، ما لا خفاء به (9) على مؤمن عليم

(1) به: ساقطة من (ب ج د) والمطبوعة.

(2)

سورة البقرة: من الآية 113.

(3)

في (ب) طريقتهم.

(4)

المتفقرة: هو طائفة من دراويش الصوفية الذين يظهرون الفقر ويتكلفونه، ويتعبدون على جهل، وينشدون العزلة أو السياحة الهائمة دون قصد، وينتقصون العلم الشرعي ويرونه علما بالظاهر لا ينفع صاحبه، وأكثرهم من ضعاف العقول، ولبعض العامة الجاهلين فيهم اعتقادات، ويسمونهم: المجاذيب أو الدراويش، وأهل الله، ويزعمون أن الله وضع سره فيهم. . إلخ من الاعتقادات الباطلة نسأل الله السلامة والعافية.

انظر: تفاصيل هذه الأمور في مجموع الفتاوى للمؤلف المجلد (11) .

(5)

في (د) : المستمسك.

(6)

في (أب ط) : مما ينفع عند الله شيئا. وفي (ج د) : مما ينفع عند الله شيء.

(7)

في (د) والمطبوعة: والصواب.

(8)

في المطبوعة: فقد دخل منه في هذه الأمة. أي بزيادة: منه.

(9)

في المطبوعة: فيه.

ص: 91