الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعيب (1) أهل الكتابين ويحذر موافقتهم (2)«فتلك بقاياهم في الصوامع» (3)(4) وهذا باب واسع جدا.
[النهي عن موالاة الكفار ومودتهم]
وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51](5) وقال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ} [المجادلة: 14](6) يعيب بذلك المنافقين الذين تولوا اليهود. . . إلى قوله: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: 22] إلى قوله: {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ} [المجادلة: 22](7) .
وقال تعالى:
(1) في (ب ط) : يعيب به.
(2)
في المطبوعة: ويحذرنا عن موافقتهم.
(3)
الصوامع جمع صومعة وهي: بناء يتخذه النصارى للعبادة يكون رأسه دقيقا.
وانظر: القاموس المحيط، باب العين، فصل الصاد (2 / 53) .
(4)
هذا جزء من حديث طويل أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الأدب، باب في الحسد، الحديث رقم (4904) ، (5 / 209) ، ورجاله ثقات وفيهم ابن أبي العمياء مقبول.
(5)
سورة المائدة: الآية 51.
(6)
سورة المجادلة: الآية 14.
(7)
سورة المجادلة: الآية 22.
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا (1) بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (2) وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 72] إلى قوله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73]
إلى قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ} [الأنفال: 75](3) .
فعقد سبحانه الموالاة بين المهاجرين والأنصار، وبين من آمن (4) بعدهم وهاجر (5) وجاهد إلى يوم القيامة.
والمهاجر: من هجر ما نهى الله عنه (6) والجهاد باق إلى يوم القيامة (7) .
(1) في (أ) : في سبيل الله، وهو خطأ من الناسخ.
(2)
في (أ) : أسقط: في سبيل الله، فيكون قدمها هناك وتركها هنا، وهو كما قلت: خطأ من الناسخ.
(3)
سورة الأنفال: من الآيات 72 - 75.
في المطبوعة زاد: الآيات.
من هنا حتى قوله: إلى يوم القيامة (سطر ونصف تقريبا) سقط من (أ) .
في المطبوعة: فعقد الله.
(4)
في (أ) والمطبوعة: من بعدهم.
(5)
في (أ) : وهاجروا وجاهدوا.
(6)
جاء ذلك في الحديث الذي رواه البخاري وفيه: " والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه. . " إلخ الحديث، رواه البخاري في كتاب الإيمان، باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، حديث رقم (10) ، من فتح الباري (1 / 53) ، والحديث رقم (6484) ، كتاب الرقاق، باب الانتهاء عن المعاصي (11 / 316) .
(7)
جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه أبو داود ومنه: " والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال. . " الحديث رواه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في الغزو مع أئمة الجور، حديث رقم (2532) ، (3 / 40) وفي سند الحديث يزيد بن أبي نشبة، قال ابن حجر في تهذيب التهذيب: مجهول. والأحاديث التي تدل على بقاء الجهاد والقتال في سبيل الله إلى يوم القيامة كثيرة جدا، منها قوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه مسلم:" لن يبرح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة "، صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب (53) ، الحديث رقم (1922) ، (3 / 1524) ؛ ومسند أحمد (5 / 92، 94، 98، 103، 104) .
فكل شخص يمكن أن يقوم به هذان الوصفان، إذ كان كثير (1) من النفوس اللينة تميل إلى هجر السيئات دون الجهاد، والنفوس القوية قد تميل إلى الجهاد دون هجر السيئات، وإنما عقد (2) الموالاة لمن جمع (3) الوصفين، وهم أمة محمد (4) حقيقة.
وقال: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ - وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 55 - 56](5) ونظائر هذا في غير موضع من القرآن: يأمر سبحانه بموالاة المؤمنين حقا - الذين هم حزبه وجنده - ويخبر أن هؤلاء لا يوالون الكافرين ولا يوادونهم.
والموالاة (6) والموادة: وإن كانت متعلقة بالقلب، لكن المخالفة في الظاهر (7) أعون (8) على مقاطعة الكافرين ومباينتهم.
(1) في (ج) : إذا. وفي. (د) : إذا كان كثير.
(2)
في المطبوعة: عقد الله.
(3)
في المطبوعة: جمع بين.
(4)
في المطبوعة: أسقط (حقيقة) ثم زاد: صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذين آمنوا به إيمانا صادقا. وهذا خلاف جميع النسخ.
(5)
سورة المائدة: الآيتان 55، 56.
(6)
في (ب) : الموالاة: دون واو العطف.
(7)
أي في الأعمال والسلوك، كاللباس والأكل والشرب وعمل بعض العبادات والشعائر.
(8)
في المطبوعة قال: أهون على المؤمنين من مقاطعة الكافرين ومباينتهم. اهـ، وأظنه تصرف زائد عن أصل الكتاب؛ لأنه خالف جميع النسخ، حيث أجمعت على ما أثبته.
ومشاركتهم في الظاهر: إن لم تكن (1) ذريعة أو سببا قريبا أو بعيدا إلى نوع ما من الموالاة (2) والموادة، فليس فيها مصلحة المقاطعة والمباينة، مع أنها تدعو إلى نوع ما من المواصلة - كما توجبه الطبيعة (3) وتدل عليه العادة - ولهذا كان السلف رضي الله عنهم يستدلون بهذه الآيات على ترك الاستعانة بهم في الولايات.
فروى الإمام أحمد بإسناد صحيح، عن أبي موسى (4) رضي الله عنه قال: " قلت لعمر رضي الله عنه: إن لي كاتبا نصرانيا قال: ما لك؟ قاتلك الله، أما سمعت الله يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة: 51](5) ألا اتخذت حنيفا؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، لي كتابته وله دينه. قال:
(1) في (ب) : يكن.
(2)
في (أط) : الموادة والموالاة.
(3)
الطبيعة هنا بمعني الفطرة والجبلة، والسجية التي جبل عليها الإنسان. انظر: مختار الصحاح (ص387)، (ط ب ع) . لا كما يطلقها الفلاسفة وكثير من الكتاب المحدثين بمعني: مجموعة العناصر والعوالم الكونية التي يزعمون أنها تؤثر في بعضها تأثيرا مستقلا عن إرادة الخالق سبحانه، أو كما يزعم الملاحدة: أنها هي وحدها الوجود، وهي وحدها المؤثر والمؤثر فيه، وليس لها خالق مدبر متصرف، تعالى الله عما يقوله الظالمون علوا كبيرا.
(4)
هو الصحابي الجليل: عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب بن عامر الأشعري، أبو موسى، قدم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة قبل الهجرة، فأسلم، وهاجر الهجرتين، والثالثة من اليمن أول إسلامه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة، وكان حسن الصوت بالقرآن، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على زبيد وعدن وساحل اليمن، واستعمله عمر على الكوفة والبصرة، وفتح الأهواز وأصبهان، وتوفي رضي الله عنه بالكوفة سنة (50 هـ) . انظر: تهذيب الأسماء واللغات، للنووي، القسم الأول، (2 / 268) ، ترجمة رقم (425) .
في المطبوعة: الأشعري.
(5)
سورة المائدة: من الآية 51.
لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله " (1) ولما دل عليه معنى الكتاب: وجاءت (2) سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنة خلفائه الراشدين، التي أجمع الفقهاء عليها بمخالفتهم وترك التشبه بهم.
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم» (3) أمر بمخالفتهم؛ وذلك يقتضي أن يكون جنس (4) مخالفتهم أمرا مقصودا للشارع؛ لأنه: إن كان الأمر بجنس المخالفة حصل المقصود، وإن كان الأمر بالمخالفة في تغيير الشعر فقط، فهو لأجل ما فيه من المخالفة فالمخالفة: إما علة مفردة (5) أو علة (6) أخرى، أو بعض علة، وعلى (7) التقديرات (8) تكون مأمورا بها مطلوبة
(1) لم أعثر عليه في مسند الإمام أحمد (مسند أبي موسى) وقد أشار البيهقي في سننه إلى قصة تشبه ما أورده المؤلف. انظر: سنن البيهقي (9 / 204) في كتاب الجزية، باب لا يدخلون مسجدا بغير إذن.
(2)
في المطبوعة: وجاءت به. وعلى ما أثبته من جميع النسخ المخطوطة يكون في العبارة غموض، وعبارة المطبوعة فيها توضيح للكلام، مع أن الكلام يصح بما أثبته أيضا لكن فيه ركاكة، فيغلب على ظني أن النساخ - وربما المؤلف - أسقط كلمة أو حرفا سهوا. فتأمل.
(3)
صحيح البخاري، كتاب الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، انظر: فتح الباري حديث رقم (3462) ، (6 / 496) ، وحديث رقم (5899) . وصحيح مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب في مخالفة اليهود في الصبغ، حديث رقم (2103) ، (3 / 1663) .
(4)
في (أ) : بجنس.
(5)
أي أن المخالفة هي وحدها تكون علة للنهي.
(6)
من هنا حتى قوله: فلا بد أن يكون (ثلاثة أسطر تقريبا) : سقطت من (أ) .
(7)
في المطبوعة: وعلى جميع التقديرات. وهو أتم للمعنى لكنه خلاف جميع النسخ المخطوطة.
(8)
في (ط) : وعلى التقديرين.