الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الاستدلال من السنة على النهي عن اتباع الكافرين]
ثم هذا الذي دل عليه الكتاب (1) من مشابهة بعض هذه الأمة للقرون الماضية في الدنيا وفي الدين، وذم من يفعل ذلك، دلت عليه - أيضا - سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأول الآية - على ذلك (2) - أصحابه رضي الله عنهم.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لتأخذن كما أخذت الأمم من قبلكم: ذراعا بذراع، وشبرا بشبر، وباعا بباع، حتى لو أن أحدا من أولئك دخل حجر ضب لدخلتموه - قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً} [التوبة: 69] الآية - قالوا: يا رسول الله كما صنعت فارس والروم وأهل الكتاب؟ قال: فهل الناس إلا هم؟» (3) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية أنه قال: ما أشبه الليلة بالبارحة، هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا (4) بهم؟ (5) .
(1) في (ب) : الكتاب العزيز.
(2)
ذلك: سقطت من (أ) .
(3)
هذا الحديث له شواهد في الصحيحين والسنن والمسانيد، وقد أورد المؤلف بعضها في هذا الكتاب، وذكرت بعض طرقه ومواطنها من الصحيحين، راجع:(1 / 80، 81، 170) من هذا الكتاب الهامش.
أما الحديث بهذا اللفظ فقد أشار إليه الحافظ ابن كثير في تفسيره - مع اختلاف يسير في بعض ألفاظه - ثم قال: وهذا الحديث له شاهد في الصحيح، راجع: تفسير ابن كثير (2 / 368)، كما أورده ابن جرير في تفسيره بسنده قال: حدثني المثنى، حدثنا أبو صالح قال: حدثني أبو معشر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم ذكر الحديث. انظر: تفسير ابن جرير (10 / 121) .
(4)
في (ط) : شبهناهم.
(5)
أخرجه ابن جرير في تفسيره: حدثتنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عمر بن عطاء، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله:(كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) الآية، قال ابن عباس:" ما أشبه الليلة بالبارحة (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا بهم، لا أعلم إلا أنه قال: والذي نفسي بيده لتتبعنهم حتى لو دخل الرجل جحر ضب لدخلتموه ". اهـ. عن تفسير ابن جرير (10 / 121- 122) .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه قال:" أنتم أشبه الأمم ببني إسرائيل سمتا وهديا تتبعون عملهم حذو القذة بالقذة غير أني لا أدري أتعبدون العجل أم لا؟ ".
وعن حذيفة بن اليمان (1) رضي الله عنه قال: " المنافقون الذين منكم اليوم شر من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلنا: وكيف؟ قال: أولئك كانوا يخفون نفاقهم وهؤلاء أعلنوه (2) "(3) .
وأما السنة: فجاءت بالإخبار بمشابهتهم في الدنيا، وذم ذلك، والنهي عن ذلك (4) وكذلك في الدين.
فأما (5) الأول: الذي هو الاستمتاع بالخلاق (6)
(1) هو الصحابي الجليل: حذيفة بن حسل بن جابر بن العبسي، واليمان لقب أبوه حسل، وهو صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المنافقين، فقد أخبره بأسمائهم واستكتمه فحفظ سر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، شهد أحدا مع الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه المدائن ببلاد فارس، فقام بالولاية أحسن القيام وفتح همدان والري وماه وسندان، وصالحه صاحب نهاوند.
كان الناس يسألون الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الخير، وكان يسأله عن الشر مخافة أن يقع فيه، توفي رضي الله عنه في المدائن عام (36 هـ) . راجع: أسد الغابة (1 / 390- 392) ؛ والأعلام للزركلي (2 / 171) .
(2)
في (أ) : أعلنوا.
(3)
انظر: كنز العمال (1 / 367) ، رقم (1615) ، ورمز له بحرف (ش) أي عن ابن أبي شيبة.
(4)
في (ط) : عنه.
(5)
في (ط) : وأما.
(6)
ومنه مشابهة الكفار - من أهل الكتاب وغيرهم - في اتباع الشهوات.
ففي الصحيحين عن عمرو بن عوف (1) «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح (2) إلى البحرين يأتي بجزيتها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صالَح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي (3) فقدم أبو عبيدة (4) بمال من البحرين (5) فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافوا صلاة الفجر مع
(1) هو الصحابي الجليل: عمرو بن عوف الأنصاري، حليف بني عامر بن لؤي، شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، سكن المدينة ولا عقب له، روي عنه حديث واحد، رواه عنه المسور بن مخرمة، وهو هذا الحديث الذي ذكره المؤلف هنا، راجع: أسد الغابة (4 / 124) .
(2)
في (ب) : رضي الله عنه.
(3)
العلاء بن الحضرمي: صحابي، واسم الحضرمي - أبيه - عبد الله بن عباد بن أكبر ابن ربيعة، حليف حرب بن أمية، والحضرمي نسبة إلى حضرموت البلد المعروفة، أمره رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على البحرين، ثم أقره أبو بكر وكان أحد قادة جيوشه في حروب الردة، وبقي أميرا على البحرين، حتى أمره عمر بن الخطاب على الكوفة، توفي في طريقه إليها، كان مجاب الدعوة، وله كرامات منها عبوره خضم البحر على الخيل، توفي رضي الله عنه عام (21 هـ)، وقيل:(14 هـ) ، والله أعلم.
راجع: البداية والنهاية لابن كثير (7 / 120) ؛ وأسد الغابة (4 / 7 هـ) .
(4)
هو الصحابي الجليل: عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب الفهري القرشي، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وسماه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأمين هذه الأمة، أسلم مبكرا، وشهد سائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو الذي نزع الحلقتين من وجه الرسول الله يوم أحد، فسقطت ثناياه رضي الله عنه، هاجر الهجرة الثانية إلى الحبشة، ثم هاجر إلى المدينة، ولاه عمر بن الخطاب قيادة جيوش الشام بدلا من خالد بن الوليد، فكان رضي الله عنه من الأبطال الأفذاذ، توفي بطاعون عمواس عام (18 هـ)، وقد توفي أولاده فلم يعقب. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (3 / 409- 415) ؛ وأسد الغابة (3 / 84 - 86) ؛ والبداية والنهاية لابن كثير (7 / 94) .
(5)
في (ب) : بمال البحرين.
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف، فتعرضوا له في (1) فتبسم (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم، ثم (3) قال: " أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين فقالوا: أجل يا رسول الله فقال: أبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها، كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم» (4) .
فقد أخبر (5) صلى الله عليه وسلم أنه لا يخاف (6) فتنة الفقر، وإنما يخاف بسط الدنيا وتنافسها، وإهلاكها، وهذا هو الاستمتاع بالخلاق المذكور في الآية.
وفي الصحيحين عن عقبة بن عامر (7)(8) «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما،
(1)(أ) : له: سقطت.
(2)
في (ط) : فابتسم.
(3)
ثم: ساقطة من (أ) .
(4)
الحديث أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه وأحمد في المسند وغيرهم. انظر: فتح الباري، كتاب الجزية والموادعة، باب الجزية والموادعة، مع أهل الحرب (6 / 258) ، حديث رقم (3158) ، وكتاب المغازي، الباب (12) - غير مسمى - (7 / 319 - 320) ، حديث رقم (4015) ؛ وصحيح مسلم، كتاب الزهد والرقائق الحديث رقم (2961)(4 / 2273) ، وسنن الترمذي -كتاب صفة القيامة - الباب (28) ، ج4 حديث رقم (2461)، وقال فيه الترمذي:" هذا حديث حسن صحيح "؛ وسنن ابن ماجه، كتاب الفتن، باب فتنة المال، حديث رقم (3997)(2 / 1325) ؛ ومسند أحمد (4 / 137- 327) .
(5)
في المطبوعة: أخبر النبي، بخلاف النسخ الأخرى.
(6)
في المطبوعة: على أمته.
(7)
هو الصحابي الجليل: عقبة بن عامر بن عبس بن مالك الجهني، من أحسن الناس قراءة للقرآن، وكان راميا شجاعا، وروى (55) حديثا، ولي مصر سنة (44 هـ)، وتوفي بها عام (58 هـ) . انظر: أسد الغابة (3 / 412)، وانظر: الأعلام للزركلي (4 / 240) .
(8)
في المطبوعة زاد: رضي الله عنه.
فصلى على أهل أحد صلاته على (1) الميت، ثم انصرف إلى المنبر فقال: " إني فرط لكم، وأنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض - أو مفاتيح الأرض - وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تتنافسوا (2) فيها» (3) .
وفي رواية: «ولكني (4) أخشى عليكم الدنيا (5) أن تنافسوا فيها وتقتتلوا، فتهلكوا (6) كما هلك من كان قبلكم» قال عقبة: فكان آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر " (7) .
(1) في (ط) : صلاة الميت.
(2)
في (أط) : تنافسوا فيها، بتاء واحدة، وكلها واردة في الصحيحين.
(3)
ممن روى الحديث: البخاري ومسلم وأحمد في المسند والترمذي في سننه. انظر: فتح الباري، كتاب الجنائز، باب الصلاة على الشهيد، حديث رقم (1343)(3 / 209) ، وأطراف الحديث في البخاري (3596، 4042، 6426، 6590) . وانظر: مسلم، كتاب الفضائل، باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصفاته (4 / 1795)، حديث رقم (2296) . وانظر: مسند أحمد (4 / 149) ؛ وسنن الترمذي، كتاب صفة القيامة، الباب (28) ، حديث رقم (2462)(4 / 640)، وقال فيه الترمذي:" هذا حديث حسن صحيح ".
(4)
في (ج د) : ولكن.
(5)
في المطبوعة: " أخشى عليكم أن تنافسوا. . "، أي بحذف (الدنيا) .
(6)
فتهلكوا. ساقطة من (ط) .
(7)
هذه الزيادة، -أي: الرواية الأخيرة وقول عقبة -: أوردهما مسلم من طريق أخرى تحت رقم الحديث السابق (2296)(4 / 1796) .
وقد أورد البخاري قول عقبة بلفظ: " فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ". فتح الباري، كتاب المغازي، باب غزوة أحد (7 / 348- 349) ، حديث رقم (4042) .
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن (1) عمرو (2) رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم أي قوم أنتم؟ " قال عبد الرحمن بن عوف (3) نكون كما أمرنا الله عز وجل (4) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (5) تنافسون، ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون أو (6) تتباغضون، أو غير ذلك - ثم تنطلقون إلى مساكين (7)
(1) في المطبوعة: ابن عمر، والصحيح: ابن عمرو، كما هو مثبت في جميع النسخ المخطوطة.
(2)
هو الصحابي الجليل: عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل السهمي القرشي، أسلم قبل أبيه، وكان يكتب عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم الحديث بإذنه، في صحيفة سماها: الصادقة، وكان من علماء الصحابة وعبادهم، وشهد فتح الشام مع أبيه، وشهد صفين بأمر أبيه وهو كاره، فكان يقول بعد ذلك: ما لي ولصفين؟ ، ولاه معاوية الكوفة، وتوفي بمصر - وقيل: بالشام - سنة (65 هـ) .
انظر: البداية والنهاية لابن كثير (8 / 263- 264) ؛ والطبقات الكبرى لابن سعد (4 / 261 - 268) .
(3)
هو الصحابي الجليل: عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحرث بن زهرة القرشي، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى الذين عينهم عمر، وتنازل عن حقه فتولى أمر الشورى حتى بويع عثمان، وهو من أوائل الصحابة إسلاما، وهاجر الهجرتين، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويعد من أغنياء الصحابة، وكان كثير الإنفاق في سبيل الله، قال عنه عمر: سيد من سادات المسلمين، توفي بالمدينة سنة (32 هـ) .
انظر: الإصابة في تمييز الصحابة (2 / 416، 417) ت (5179) ع.
(4)
عز وجل: لا توجد في رواية مسلم التي بين أيدينا.
(5)
في مسلم: " أو غير ذلك؟ تتنافسون. . " الحديث.
(6)
في مسلم: " ثم تتباغضون أو نحو ذلك".
(7)
في (أ) والمطبوعة: إلى مساكن المهاجرين، وفي مسلم: في مساكين المهاجرين.
المهاجرين فتحملون (1) بعضهم على (2) رقاب بعض» (3) وفي الصحيحين عن أبي سعيد رضي الله عنه (4) قال: «جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله فقال: " إن مما أخاف عليكم بعدي: ما يفتح من زهرة الدنيا وزينتها، فقال رجل: أو يأتي الخير بالشر يا رسول الله؟ فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل: ما شأنك تكلم رسول الله ولا يكلمك؟ قال: ورأينا (5) أنه ينزل عليه (6) فأفاق يمسح عنه الرحضاء (7) وقال: أين هذا السائل؟ وكأنه حمده، فقال: إنه لا يأتي الخير بالشر» وفي رواية: فقال: «أين السائل آنفا؟ أو خير هو؟ - ثلاثا - إن الخير لا يأتي إلا بالخير وإن مما ينبت الربيع: ما (8) يقتل حبطا (9)
(1) في مسلم: فتجعلون.
(2)
على: ساقطة من (أ) .
(3)
انظر الحديث في صحيح مسلم، كتاب الزهد والرقائق، حديث رقم (2962)(4 / 2274) ، ومعنى تحملون بعضهم على رقاب بعض، أي: تجعلون بعضهم أمراء على بعض. انظر: شرح النووي على مسلم (18 / 97) .
(4)
هو الصحابي الجليل: سعد بن مالك بن ثعلبة الأنصاري، الخزرجي، من فقهاء الصحابة، ومن المكثرين لرواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كان أول مشاهده الخندق لصغر سنه، ثم شهد ما بعدها؛ وكان من علماء الصحابة ونجبائهم، توفي رضي الله عنه سنة (74 هـ) .
انظر: أسد الغابة (5 / 211) ؛ والبداية والنهاية لابن كثير (9 / 3، 4) .
(5)
في (أ) : وروينا، وهو تحريف من الناسخ.
(6)
في (أج) : عليه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(7)
الرحضاء: العرق.
(8)
في (أط) : سقطت ما.
(9)
الحبط: انتفاخ البطن من كثرة الأكل، أو أكل ما لا يوافق، فهناك أنواع من الأعشاب والشجيرات، إذا أكثرت منها الأنعام؛ انتفخت بطونها وانحبس فيها الأكل حتى تهلك. راجع: القاموس المحيط، باب الطاء فصل الحاء (2 / 366) .
وراجع: المعجم الوسيط، باب الحاء مادة حبط (1 / 153) .
أو يلمّ (1) إلا آكلة الخضر (2) فإنها أكلت حتى إذا امتدت خاصرتها (3) استقبلت عين الشمس فثلطت (4) وبالت، ثم رتعت (5) وإن هذا المال خضر حلو، ونعم صاحب المسلم هو، لمن أعطى منه المسكين واليتيم، وابن السبيل - أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه من يأخذه (6) بغير حقه كالذي (7)
(1) أو يلم: أي يقرب من القتل. راجع: القاموس المحيط (4 / 179) .
(2)
الخضر: الغصن والزرع والبقلة الخضراء.
انظر: القاموس المحيط فصل الخاء باب الراء (2 / 21)، فالخضر هنا هو: البقول التي ترعاها المواشي بعد يبسها، وكذلك نوع من البقول ليس من جيدها. انظر: هامش صحيح مسلم (2 / 727) .
(3)
امتدت خاصرتها: أي شبعت، وفي (أط) : خاصرتاها، والخاصرة هي: الشاكلة وهي ما يلي الورك من البطن. انظر: القاموس المحيط (2 / 21) .
(4)
ثلطت: أي ألقت بعرها سهلا رقيقا، فلا يكتنز في بطنها وينفخها وقد يقتلها.
راجع: مختار الصحاح، باب الثاء، مادة: ثلط.
(5)
في هذا الحديث ضرب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم مثلين: الأول: للمفرط في جمع الدنيا بنهم، وهو مغرم بها معجب بزهرتها وزهوها وخبيثها، ثم هو مانع لما عليه من حقوق، أو مقصر، وقد يكون فيها هلاكه في دينه أو دنياه أو كليهما، فهذا مثله كمثل النعم التي تقبل على نبات الربيع فتستطيبه وتأكل منه بإكثار حتى تنتفخ بطونها فتهلك، أو تقارب الهلاك.
والثاني: للمقتصد في جمع الدنيا من وجوهها الحلال، والمؤدي حقها من صدقة أو زكاة، فمثله مثل النعم التي تأكل الخضرة الطيبة السهلة ثم لا تكثر فيها، فتتوقف عن الأكل وتستريح وتجتر حتى تهضم طعامها ثم تخرجه سهلا كما أكلته سهلا.
(6)
في (ب) : يأخذ، بدون الهاء.
(7)
في (ب) : كان كالذي.
يأكل ولا يشبع، ويكون عليه شاهدا (1) يوم القيامة» (2) .
وروى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الدنيا حلوة (3) خضرة، وإن الله سبحانه مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون؟ فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء (4) فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» (5) .
فحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة النساء، معللا بأن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
وهذا نظير ما سنذكره من حديث معاوية (6) عنه صلى الله عليه وسلم
(1) في المطبوعة: شاهدا.
(2)
أخرجه البخاري في أكثر من موضع؛ انظر: الجهاد، باب فضل النفقة في سبيل الله، الحديث رقم (2842) ؛ وفتح الباري (6 / 48، 49) ، والأحاديث رقم (921، 1465، 6427) وأخرجه مسلم في صحيحه من أكثر من طريق، انظر: كتاب الزكاة، باب تخوف ما يخرج من زهرة الدنيا، الحديث رقم (1052) ، (2 / 727، 728، 729) .
(3)
في (ب) : خضرة حلوة. وكذلك في بعض روايات الحديث.
(4)
اتقوا النساء: أي اتقوا فتنة النساء، وذلك لما يحدث من الكثير منهن من التأثير على الرجال، وفتنتهم بالتبرج، والإغراء، والخضوع بالقول، وإغرائهم بالإخلاد إلى الدنيا ومتعتها وشهواتها، والقعود عن الجهاد، ولما جبلت عليه أكثر النساء من نقص العقل والدين.
(5)
انظر: صحيح مسلم، كتاب الرقاق، باب أكثر أهل الجنة الفقراء، وأكثر أهل النار النساء، وبيان فتنة النساء، حديث رقم (2742)(4 / 2098) .
(6)
هو الصحابي الجليل: معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية القرشي الأموي، أسلم عام الفتح، وجعله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من كتاب الوحي، وشهد حنينا ثم اليمامة، وروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أحاديث كثيرة، وكان سيدا حليما مع كرم وشهامة، ولاه عمر الشام، ثم عثمان، فأحسن الولاية، وأقام الجهاد، وفي عهد علي طالب بدم عثمان وبالغ في ذلك حتى وقعت الفتنة المشهورة في صفين والجمل، ولما قتل ابن ملجم عليا رضي الله عنه، بايع المسلمون لمعاوية الخلافة، واجتمعت عليه الكلمة حين صالحه الحسن رضي الله عنه عام (40 هـ) حتى توفي رضي الله عنه سنة (60 هـ) .
انظر: البداية والنهاية (8 / 117- 144) .
أنه (1) قال: «إنما هلك (2) بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم» (3) - يعني وصل الشعر -.
وكثير من مشابهات أهل الكتاب في أعيادهم، وغيرها، إنما يدعو إليها النساء (4) وأما الخوض كالذي خاضوا (5)(6) فروينا من حديث الثوري (7) عن
(1) أنه: سقطت من (ب) .
(2)
في (ب ط) : أهلك، وفي بعض روايات البخاري ومسلم: هلكت.
(3)
صحيح مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة، الحديث رقم (2127) ، (3 / 1679) .
(4)
وهذا يعني أن النساء هن أول من يقع في التقليد والتشبه، وآخر من يفطن ويعقل خطر ذلك وسوء مغبته على الفرد والمجتمع، في الدين والدنيا، ونحن نجد نساء المسلمين اليوم مع الأسف أكثر انزلاقا ومتابعة للموضات (والموديلات) ، وأكثر شغفا بالتقاليد والعادات والأخلاق الوافدة من الكفار، السيئ والقبيح منها قبل الحسن.
(5)
في (أب) : خاضوه.
(6)
هذا - الذي هو الخوض - هو النوع الثاني، والنوع الأول هو الاستمتاع بالخلاق، مر (ص125) .
(7)
هو: سفيان، كما نص عليه الترمذي (5 / 25)، وهو: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، نسبة إلى ثور أحد أجداده، ولد سنة (97 هـ) ، وكان إماما من أئمة المسلمين في العلم والفقه والحديث، ثقة، حجة، ثبتا، حتى قال عنه ابن معين وغيره: أمير المؤمنين في الحديث، توفي بالبصرة سنة (161 هـ) .
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (6 / 371، 374) ؛ والبداية والنهاية (10 / 134) .
عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي (1) عن عبد الله بن يزيد (2) عن عبد الله بن عمرو (3) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إذا (4) كان منهم من أتى أمه علانية كان (5) في (6) أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة (7) وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة " قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: "ما أنا عليه اليوم (8) وأصحابي» رواه أبو عيسى (9)
(1) هو: عبد الرحمن بن زياد بن أنعم المعافري الإفريقي، أبو خالد، يقال: هو أول من ولد في الإسلام بإفريقية (ببرقة) سنة (75 هـ) ، وكان رجلا صالحا، تولى قضاء القيروان، واشتهر بالجرأة في الحق، لكنه ضعيف في الحديث من قبل حفظه، توفي سنة (156 هـ)، وقيل: سنة (161 هـ) بالقيروان.
انظر: تقريب التهذيب (1 / 480) ، (ت 938) ؛ والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5 / 235) ، (ت 1111) ؛ والأعلام للزركلي (3 / 307) .
(2)
هو: عبد الله بن يزيد المعافري الحبلي المصري، أبو عبد الرحمن، كان صالحا فاضلا، وثقه ابن معين وابن حبان وابن سعد والعجلي وغيرهم، بعثه عمر بن عبد العزيز إلى إفريقية ليفقههم، ومات هناك بباب تونس. انظر: تهذيب التهذيب (6 / 81، 82) ؛ واللباب في تهذيب الأنساب (1 / 197) .
(3)
في (ج د) : ابن عمر، وهو خطأ من الناسخين.
(4)
في الترمذي و (أ) و (ط) : إن.
(5)
في الترمذي: لكان، وفي المستدرك: كان.
(6)
في المطبوعة: من، وهو خلاف الترمذي والنسخ الأخرى.
(7)
ملة: سقطت من (ط) .
(8)
اليوم: سقطت من (أط) ، ولا توجد في نسخة الترمذي التي بين يدي، تحقيق إبراهيم عطوة عوض، لكنها موجودة في رواية الحاكم في المستدرك، وستأتي الإشارة إليها.
(9)
الترمذي: سقطت من (ب) ، ولعله سهو من الناسخ.
الترمذي (1) وقال: " هذا حديث غريب مفسر (2) لا نعرفه (3) إلا من هذا الوجه (4) .
وهذا الافتراق مشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة، وسعد (5) ومعاوية، وعمرو (6) بن عوف، وغيرهم، وإنما ذكرت حديث (7) ابن عمرو؛ لما فيه من ذكر (8) المشابهة.
(1) هو: محمد بن سورة بن موسى بن الضحاك السلمي، أبو عيسى، الترمذي الضرير، أحد أئمة الحديث في زمانه، ولد سنة (209 هـ) ، كان يضرب به المثل في الحفظ، شهد له الأئمة المعاصرون له ومن جاء بعده بالإتقان والحفظ وطول الباع في الحديث وعلومه، وهو صاحب السنن المعروفة بسنن الترمذي (الجامع الصحيح) ، أحد الكتب الستة التي اتفق المسلمون على اعتبارها والرجوع إليها، توفي عام (279 هـ) .
راجع: البداية والنهاية (11 / 66) ؛ والأعلام للزركلي (6 / 322) .
(2)
في (د) : مقولا، وهو بعيد. إنما هو "مفسر"، كما هي في الترمذي.
(3)
في الترمذي قال: " لا نعرفه مثل هذا إلا من هذا الوجه " أي بزيادة قول: " مثل هذا ".
(4)
رواه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، حديث رقم (2641) ، (5 / 25- 26) . وأخرجه أيضا بهذا اللفظ الحاكم في المستدرك، كتاب العلم (1 / 128 - 129) ، مع اختلاف يسير بالألفاظ، والسند واحد. وفيه عبد الرحمن بن زياد ضعيف.
(5)
هو الصحابي الجليل: سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف القرشي الزهري، من المسلمين الأوائل، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن فرسان الصحابة، وأول من رمى بسهم في سبيل اللهو وأحد الستة أهل الشورى الذين عينهم عمر، ومن كبار قادة الفتح في عهد الخلفاء الراشدين، وولي الكوفة في عهد عمر، وكان مجاب الدعوة، وممن اعتزلوا الفتنة، توفي سنة (56 هـ) . انظر: الإصابة (2 / 33، 34) ، (ت 3194) .
(6)
في (أ) : عمر بن عوف، والصحيح: عمرو بن عوف.
(7)
حديث: ساقطة من (ط) .
(8)
ذكر: سقطت من المطبوعة.
فعن محمد بن عمرو (1) عن أبي سلمة (2) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تفترق اليهود على إحدى وسبعين فرقة، أو اثنتين وسبعين فرقة، والنصارى مثل ذلك، وتفترق (3) أمتي على ثلاث وسبعين فرقة» . رواه أبو داود (4) وابن ماجه (5) والترمذي وقال: " هذا حديث (6) حسن صحيح "(7) .
(1) هو: محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، قال عنه ابن حجر في التقريب:" صدوق، له أوهام "، أخرج له الأربعة، والبخاري مقرونا بغيره، ومسلم في المتابعات، توفي سنة (145 هـ) . انظر: تهذيب التهذيب (9 / 375 - 377) ، (ت 617) ؛ وتقريب التهذيب (2 / 196) ، (ت 583) .
(2)
هو: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، من الطبقة الأولى من التابعين، ولد عام (22 هـ) ، وكان أحد فقهاء المدينة وولي قضاءها في عهد معاوية، ومن الرواة الأثبات المكثرين للرواية عن الصحابة، توفي بالمدينة سنة (94 هـ) .
انظر: البداية والنهاية (9 / 116) ؛ والطبقات الكبرى لابن سعد (5 / 155) .
(3)
في (د) : وتفرقت.
(4)
هو: سليمان بن الأشعث بن شداد بن عمرو بن عمر - أو عمران -، ولد سنة (202 هـ) ، وهو أحد أئمة الحديث الحفاظ، ومن أعلام المسلمين فقها وعلما وورعا، ومن أشهر من خدم العلم والسنة وجمع وصنف وذب عنها. ومن أشهر مؤلفاته كتابه السنن أحد الكتب الستة التي اتفق أهل العلم على قبولها وصحتها في الجملة، وتوفي رحمه الله سنة (298 هـ) . انظر: تهذيب التهذيب (4 / 169- 173) ، (ت 298) .
(5)
هو: محمد بن يزيد بن ماجه الربعي - بالولاء - القزويني، أبو عبد الله الحافظ، ولد سنة (207 هـ) ، من أئمة الحديث الحفاظ المتقنين والعلماء المحتج بهم، صاحب السنن المشهورة بسنن ابن ماجه، وصنف في التفسير والتاريخ، وتوفي رحمه الله سنة (275 هـ) .
انظر: البداية والنهاية (11 / 52) ؛ وتهذيب التهذيب (9 / 530 - 532) ، (ت 870) .
(6)
هذا الحديث: سقطت من (ب) .
(7)
انظر: سنن أبي داود، كتاب السنة، الحديث رقم (4596) ، (5 / 4) ؛ وسنن ابن ماجه، باب افتراق الأمم، الحديث رقم (3991) ، (2 / 1321) ؛ وسنن الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، حديث رقم (2640) ، (5 / 25)، وقال:" حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح ".
وعن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على اثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة - يعني الأهواء - كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة» .
هذا حديث محفوظ من حديث صفوان بن عمرو (2) عن الأزهر بن عبد الله الحرازي (3)(4) عن أبي عامر عبد الله بن لحي (5) عن معاوية. رواه
(1) أخرجه أحمد في المسند (4 / 102) . وأبو داود - مختصرا - في كتاب السنة، باب شرح السنة، الحديث رقم (4597) ، (5 / 5، 6) . وابن أبي عاصم في كتاب السنة، ذكر الأهواء المذمومة، الحديث رقم (1، 2) ، (1 / 7، 8) ، من طريقين، ولم يذكر قوله:" والله يا معشر العرب. . " إلخ الحديث. وأخرجه الحاكم في المستدرك (1 / 128) .
(2)
هو: صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي الحمصي، أبو عمرو، ثقة، من الطبقة الخامسة، أخرج له مسلم وغيره، توفي سنة (155 هـ) .
انظر: تقريب التهذيب (1 / 368) ، (109) .
(3)
هو: أزهر بن عبد الله الحرازي الحمصي، صدوق، متهم بالنصب، وأخرج له أبو داود والنسائي والترمذي، يعد من الطبقة الخامسة.
انظر: خلاصة التهذيب (ص25) ، (وتقريب التهذيب (1 / 52) ، (ت 351) .
(4)
في (ج د) : الحرامي، وهو تحريف من النسخ.
(5)
في المطبوعة: بن يحيى، وهو خطأ، فالصحيح: بن لحي، كما هو مثبت، وترجمته: عبد الله بن لحي الهوزني الشامي الحمصي، أبو عامر، ثقة، من الطبقة الثانية من التابعين وانظر: تقريب التهذيب (1 / 444) ، (ت 573) .