المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[وجوه الأمر بمخالفة الكفار] - اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم - جـ ١

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[تقديم بقلم معالي الدكتور الوزير عبد الله بن عبد المحسن التركي]

- ‌[مقدمة]

- ‌[القسم الأول: الدراسة]

- ‌[ترجمة موجزة للمؤلف]

- ‌[وصف النسخ المخطوطة للكتاب]

- ‌[الكتاب المحقق اسمه وتاريخ تأليفه]

- ‌[منهج تحقيق الكتاب والتعليق عليه]

- ‌[دراسة تحليلية لبعض موضوعات الكتاب]

- ‌[أولا الموضوع الرئيس للكتاب]

- ‌[ثانيا دراسة لبعض موضوعات الكتاب]

- ‌[الموضوع الأول تنبيه المؤلف على أصلين مهمين]

- ‌[الموضوع الثاني بعض أنواع البدع والشركيات التي ابتُليت بها الأمة]

- ‌[الموضوع الثالث أثر التشبُّه على الأمة]

- ‌[الموضوع الرابع قواعد أساسية في التشبه]

- ‌[الموضوع الخامس فئات من الناس نهينا عن التشبه بها]

- ‌[الموضوع السادس النهي يعم كل ما هو من سمات الكفار قديمًا وحديثًا]

- ‌[الموضوع السابع متى يباح التشبه بغير المسلمين]

- ‌[الموضوع الثامن في الأعياد والاحتفالات البدعية]

- ‌[الموضوع التاسع في الرطانة]

- ‌[الموضوع العاشر حول مفهوم البدعة]

- ‌[الموضوع الحادي عشر حول بدع القبور والمزارات والمشاهد والآثار ونحوها]

- ‌[القسم الثاني: الكتاب محققا مع التعليق عليه]

- ‌[خطبة الحاجة من كتاب المحقق]

- ‌[سبب تأليف الكتاب]

- ‌[فصل في حال الناس قبل الإسلام]

- ‌[بعض أمور أهل الكتاب والأعاجم التي ابتلي بها بعض المسلمين]

- ‌[الأمر بمخالفة المغضوب عليهم والضالين في الهدي الظاهر]

- ‌[فصل في ذكر الأدلة على الأمر بمخالفة الكفار عموما وفي أعيادهم خصوصا]

- ‌[بيان المصلحة في مخالفة الكفار والتضرر والمفسدة من متابعتهم]

- ‌[الاستدلال من القرآن على النهي عن اتباع الكافرين]

- ‌[الاستدلال من السنة على النهي عن اتباع الكافرين]

- ‌[الاختلاف الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أنواع الاختلاف]

- ‌[عود إلى الاستدلال من القرآن على النهي عن مشابهة الكفار]

- ‌[النهي عن موالاة الكفار ومودتهم]

- ‌[وجوه الأمر بمخالفة الكفار]

- ‌[ذم بعض خصال الجاهلية]

- ‌[الفساد وأنواعه]

- ‌[التشبه مفهومه ومقتضاه]

- ‌[التشديد على النفس أنواعه وآثاره]

- ‌[فصل في ذكر فوائد خطبته صلى الله عليه وعلى آله وسلم العظيمة في يوم عرفة]

- ‌[فصل في الإجماع على الأمر بمخالفة الكفار والنهي عن مشابهتهم]

- ‌[الوجه الأول من دلائل الإجماع]

- ‌[الوجه الثاني من دلائل الإجماع]

- ‌[الوجه الثالث في تقرير الإجماع]

- ‌[فصل في الأمر بمخالفة الشياطين]

- ‌[فصل في الفرق بين التشبه بالكفار والشياطين وبين التشبه بالأعراب والأعاجم]

- ‌[الناس ينقسمون إلى بر وفاجر ومؤمن وكافر ولا عبرة بالنسب]

- ‌[التفاضل بين جنس العرب وجنس العجم]

- ‌[النهي عن بغض العرب]

- ‌[أسباب تفضيل العرب]

- ‌[فصل في أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه]

- ‌[فصل في أقسام أعمال الكفار]

- ‌[فصل في الأعياد]

- ‌[طرق عدم جواز موافقتهم في أعيادهم]

- ‌[الطريق الأول أنه موافقة لأهل الكتاب فيما ليس في ديننا]

- ‌[الطريق الثاني الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار]

- ‌[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالكتاب]

- ‌[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالسنة]

- ‌[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالإجماع والآثار]

- ‌[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالاعتبار]

- ‌[فصل في مشابهتهم فيما ليس من شرعنا]

الفصل: ‌[وجوه الأمر بمخالفة الكفار]

من (1) الشارع؛ لأن الفعل المأمور به إذا عبر عنه (2) . بلفظ مشتق من معنى أعم من ذلك الفعل؛ فلا بد أن يكون ما منه الاشتقاق أمرا مطلوبا، لا سيما إن ظهر لنا أن (3) المعنى المشتق منه معنى مناسب للحكمة، كما لو قيل للضيف: أكرمه، بمعنى أطعمه، أو (4) للشيخ الكبير: وقره، بمعنى اخفض صوتك له، أو نحو (5) ذلك.

[وجوه الأمر بمخالفة الكفار]

وذلك لوجوه:

* أحدها (6) أن الأمر إذا تعلق باسم مفعول مشتق من معنى كان المعنى (7) علة للحكم، كما في قوله عز وجل:{فَاقْتُلُوا (8) الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5](9)

(1) في المطبوعة: للشارع.

(2)

في (ط) : إذا عبر به عن لفظ.

(3)

أن: سقطت من (أ) .

(4)

في (ج د) : أو الشيخ. وفي المطبوعة: وللشيخ.

(5)

في (ب) : أو نحو ذلك. وفي المطبوعة: أو نحوه.

(6)

ميزت هذا الوجه والوجوه التالية له من هذا التقسيم بوضع هذه العلامة * قبل كل وجه منها تمييزا لها عن غيرها، لأن التقسيمات ستتداخل، وسيذكر المؤلف تحت هذا التقسيم وجوها هي:

1-

أن الأمر إذا تعلق باسم مفعول مشتق من معنى؛ كان المعنى علة للحكم.

2-

أن جميع الأفعال مشتقة (على ما بينه المؤلف) .

3-

أن عدول الأمر عن لفظ الفعل الخاص به إلى لفظ أعم منه معنى لا بد له من فائدة.

4-

أن العلم بالعام يقتضي العلم بالخاص وكذلك القصد.

5-

أنه رتب الحكم على الوصف بحرف الفاء فيدل على أنه علة له من غير وجه.

(7)

في المطبوعة: كان ذلك المعنى.

(8)

جاء في جميع النسخ: (اقتلوا) . . ونص الآية (فاقتلوا) . . لذلك أثبته كما هو في المطبوعة، ومثله قوله:(فأصلحوا) .

(9)

سورة التوبة: من الآية 5.

ص: 186

وقوله (1){فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 10](2) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «عودوا المريض وأطعموا الجائع وفكوا العاني» (3) وهذا كثير معلوم.

فإذا (4) كان نفس الفعل المأمور به مشتقا من معنى أعم منه؛ كان نفس الطلب والاقتضاء قد علق بذلك المعنى الأعم، فيكون مطلوبا بطريق الأولى.

* الوجه الثاني: أن جميع الأفعال مشتقة، سواء كانت (5) مشتقة من المصدر، أو كان المصدر مشتقا منها، أو كان كل (6) منهما (7) مشتقا من الآخر، بمعنى: أن بينهما مناسبة في اللفظ والمعنى، لا بمعنى: أن أحدهما أصل والآخر فرع، بمنزلة المعاني المتضايفة (8) كالأبوة والبنوة أو كالأخوة من الجانبين، ونحو ذلك.

(1) وقوله: ساقطة من (أط) .

(2)

سورة الحجرات: الآية 10.

(3)

هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:" فكوا العاني - يعني الأسير - وأطعموا الجائع وعودوا المريض ".

انظر: فتح الباري، كتاب الجهاد، باب فكاك الأسير، حديث رقم (3046) ، (6 / 167) ، وأخرجه أيضا في مواضع أخرى كثيرة.

كما أخرج الحديث أبو داود في سننه بلفظ: " فكوا العاني وأطعموا الجائع " في كتاب السير، باب في فكاك الأسير (2 / 223) ؛ وأحمد في المسند (4 / 394، 406) .

(4)

في (ج د) : فإن.

(5)

في المطبوعة: كانت هي.

(6)

في المطبوعة: كل واحد.

(7)

في (ب) : منها.

(8)

أي: التي يضاف وينسب بعضها إلى بعض كإضافة الابن إلى الأب على أن الابن فرع عن الأب وعلى أن الأب أصل للابن، وهذا بخلاف اشتقاق الفعل من المصدر، والعكس، فإن الاشتراك بينهما لا يعني أن أحدهما أصل للآخر ولا العكس، إنما لمناسبة تقع بينهما.

ص: 187

فعلى كل حال: إذا أمر بفعل كان نفس مصدر الفعل أمرا مطلوبا للآمر، مقصودا له كما في قوله: اتَّقُوا اللَّهَ (1) و (2){وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195](3) و {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: 136](4) و {اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} [المائدة: 72](5) و {فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا} [يونس: 84](6) .

فإن نفس التقوى، والإحسان، والإيمان، والعبادة (7) أمور مطلوبة مقصودة، بل هي نفس المأمور به.

ثم المأمور به أجناس لا يمكن أن (8) تقع إلا معينة، وبالتعيين تقترن (9) بها أمور غير مقصودة (10) للآمر، لكن لا يمكن العبد إيقاع الفعل المأمور به؛ إلا مع أمور معينة له، فإنه إذا قال:{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92](11) فلا بد إذا أعتق العبد رقبة أن يقترن بهذا المطلق تعيين: من سواد، أو بياض، أو طول، أو قصر،

(1) قوله تعالى: (اتقوا الله)، (واتقوا الله) : ورد في القرآن الكريم أكثر من خمسين مرة.

(2)

في المطبوعة: زاد بين كل آيتين: وقوله.

(3)

سورة البقرة: من الآية 195.

(4)

سورة النساء: من الآية 136؛ وسورة الحديد: من الآية 7.

(5)

سورة المائدة: من الآيتين 72، 117. وفي (د ج ط) :(اعبدوا الله ربكم) ، فلعل النساخ أسقطوا لفظ (ربي) .

(6)

سورة يونس: من الآية 84.

(7)

زاد في المطبوعة: والتوكل.

(8)

لا يمكن أن: ساقطة من (أ) .

(9)

في (أ) والمطبوعة: تقترن.

(10)

في (أ) والمطبوعة: غير مقصودة الفعل للأمر.

(11)

وردت في القرآن الكريم: (فتحرير رقبة) ، (وتحرير رقبة) ، (أو تحرير رقبة) في ستة مواضع أولها، على ترتيب السور، سورة النساء: من الآية 92.

ص: 188

أو عربية، أو عجمية، أو غير ذلك من الصفات، لكن المقصود: هو المطلق المشترك بين (1) هذه المعينات.

وكذلك (2) إذا قيل: اتقوا الله (3) وخالفوا اليهود؛ فإن التقوى تارة تكون بفعل واجب: من صلاة، أو صيام، وتارة تكون بترك محرم: من كفر أو زنا، أو نحو ذلك، فخصوص ذلك الفعل إذا دخل في التقوى لم يمنع دخول غيره، فإذا رئي رجل على (4) زنا فقيل: له اتق الله؛ كان أمرا له (5) بعموم التقوى، داخلا فيه خصوص (6) ترك ذلك الزنا؛ لأن سبب اللفظ العام لا بد أن يدخل فيه. كذلك إذا قيل:" إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم "(7) كان أمرا بعموم المخالفة، داخلا فيه المخالفة بصبغ اللحية؛، لأنه سبب اللفظ العام.

وسببه: أن الفعل (8) فيه عموم وإطلاق لفظي ومعنوي فيجب الوفاء به، وخروجه على سبب يوجب (9) أن يكون داخلا فيه لا يمنع أن يكون غيره داخلا فيه - (10) وإن قيل: إن اللفظ العام يقصر (11) على سببه - لأن العموم هاهنا من جهة المعنى - فلا يقبل من التخصيص ما يقبله العموم اللفظي.

(1) في المطبوعة: من.

(2)

في (د) : كذلك. دون واو العطف.

(3)

في (ج د) : أو خالفوا.

(4)

في المطبوعة: هم بزنا. وهو أليق، لكنه خلاف جميع النسخ.

(5)

في (ج د) : سقطت: له.

(6)

في المطبوعة: الأمر بخصوص ذلك. . الخ.

(7)

هذا لفظ الحديث الذي مر ذكره قبل قليل (ص 185) وهو في الصحيحين كما أشرت.

(8)

أي فعل المخالفة في قوله: "فخالفوهم".

(9)

في المطبوعة: توجب.

(10)

أي كون الأمر بالمخالفة جاء هنا لأجل الصبغ لا يمنع أن يكون غير الصبغ من هدي أهل الكتاب داخلا في عموم الأمر بالمخالفة.

(11)

في (ج د) : يقتصر.

ص: 189

فإن قيل: الأمر بالمخالفة أمر بالحقيقة المطلقة وذلك (1) لا عموم فيه بل يكفي فيه المخالفة في (2) أمر ما، وكذلك سائر ما يذكرونه فمن أين اقتضى ذلك المخالفة في غير ذلك الفعل المعين؟ .

قلت: هذا سؤال قد يورده بعض المتكلمين في عامة الأفعال المأمور بها ويلبسون به على الفقهاء وجوابه من وجهين (3) .

أحدهما: أن التقوى والمخالفة ونحو ذلك من الأسماء والأفعال المطلقة قد يكون العموم فيها من جهة عموم الكل لأجزائه (4) لا من جهة عموم الجنس لأنواعه؛ فإن العموم ثلاثة أقسام:

1 -

عموم الكل لأجزائه: وهو ما لا يصدق فيه الاسم العام، ولا أفراده (5) على جزئه.

2 -

عموم الجميع (6) لأفراده: وهو ما يصدق فيه أفراد الاسم العام على آحاده.

3 -

عموم الجنس لأنواعه وأعيانه: وهو ما يصدق فيه نفس الاسم العام على أفراده.

(1) وذلك: سقطت من (ج د) .

(2)

من هنا حتى قوله: في غير ذلك الفعل المعين (سطر تقريبا) : سقط من (ط) .

(3)

الوجه الأول ذكره المؤلف هنا والوجه الثاني هو: العموم المعنوي، وهو أن المخالفة مشتقة فإنما أمر بها لمعنى كونها مخالفة، وسيذكره (ص 173) .

(4)

من هنا حتى قوله: وهو ما لا يصدق (سطر ونصف تقريبا) : ساقط من (أ) .

(5)

في (ط) : ولأفراده على حذوه.

(6)

في المطبوعة: الجمع. وهو أتم للمعنى لكنه خلاف جميع النسخ.

ص: 190

فالأول: عموم الكل لأجزائه في الأعيان والأفعال والصفات كما في قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6](1) فإن اسم الوجه يعم الخد والجبين (2) والجبهة ونحو ذلك وكل واحد من هذه الأجزاء ليس هو الوجه فإذا غسل بعض هذه الأجزاء لم يكن غاسلا للوجه لانتفاء (3) المسمى بانتفاء جزئه.

وكذلك في الصفات والأفعال إذا قيل: صل فصلى ركعة وخرج بغير سلام أو قيل: صم فصام بعض يوم لم يكن ممتثلا لانتفاء معنى الصلاة المطلقة والصوم (4) المطلق وكذلك إذا قيل: أكرم (5) هذا الرجل. فأطعمه وضربه لم يكن ممتثلا؛ لأن الإكرام المطلق يقتضي فعل ما يسره وترك ما يسوءه.

فلما (6) قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه» (7) فلو أطعمه بعض كفايته وتركه جائعا لم يكن مكرما له؛ لانتفاء أجزاء (8) الإكرام، ولا يقال: الإكرام حقيقة مطلقة

(1) سورة المائدة: من الآية 6.

(2)

في (ب) : والحاجبين.

(3)

في (ج د) : الاسم المسمى.

(4)

والصوم: سقطت من (أ) .

(5)

في (أ) : الزم.

(6)

في المطبوعة: كما قال.

(7)

هذا جزء من حديث جاء في الصحيحين وغيرهما: فقد رواه البخاري في صحيحه.

انظر: فتح الباري، كتاب الأدب، باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه، حديث رقم (6136، 6138) ، (10 / 532) ، ورقم (6018) ، (6475، 6476) .

انظر: صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف حديث رقم (47، 48) ، (1 / 68، 69) . كما روي الحديث في سائر السنن والمسانيد.

(8)

في (ب) : جزء.

ص: 191

وذلك يحصل بإطعام (1) لقمة كذلك (2) إذا قال: خالفوهم. فالمخالفة (3) المطلقة تنافي الموافقة في بعض الأشياء، أو في أكثرها على طريق التساوي؛ لأن المخالفة المطلقة ضد (4) الموافقة المطلقة فيكون الأمر بأحدهما نهيا عن الآخر، ولا يقال: إذا خالف (5) في شيء ما فقد حصلت المخالفة، كما لا يقال: إذا وافقه في شيء ما فقد حصلت الموافقة.

وسر ذلك الفرق بين مفهوم اللفظ المطلق وبين المفهوم المطلق من اللفظ، فإن اللفظ يستعمل مطلقا ومقيدا.

فإذا أخذت المعنى المشترك بين جميع (6) موارده مطلقها ومقيدها؛ كان أعم من المعنى المفهوم منه عند إطلاقه وذلك المعنى المطلق يحصل بحصول بعض مسميات اللفظ في أي استعمال حصل من استعمالاته المطلقة والمقيدة.

وأما معناه في حال إطلاقه فلا يحصل بعض معانيه عند التقييد بل يقتضي أمورا كثيرة لا يقتضيها اللفظ المقيد.

فكثيرا ما يغلط الغالطون هنا. ألا ترى أن الفقهاء يفرقون بين الماء المطلق وبين المائية المطلقة الثابتة في المني والمتغيرات وسائر المائعات، فأنت تقول عند التقييد: أكرم الضيف بإعطاء (7) هذا الدرهم. فهذا إكرام مقيد، فإذا قلت: أكرم الضيف. كنت آمرا بمفهوم اللفظ المطلق وذلك يقتضي أمورا

(1) في المطبوعة: بإطعام أي شيء ولو لقمة. وهي زيادة على جميع النسخ.

(2)

في المطبوعة: وكذلك.

(3)

في (أ) : المخالفة.

(4)

في (ط) : ضدا للموافقة.

(5)

في (أط) : خالفه.

(6)

في (ط) : بين جمع.

(7)

في المطبوعة: بإعطائه.

ص: 192

لا تحصل بحصول إعطاء (1) درهم فقط (2) .

، وأما القسم الثاني من (3) العموم فهو عموم الجميع (4) لأفراده كما يعم قوله تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5](5) كل مشرك.

والقسم (6) الثالث من أقسام العموم: عموم الجنس لأعيانه كما يعم قوله: «لا يقتل مسلم بكافر» (7) جميع أنواع القتل والمسلم (8) والكافر.

إذا تبين هذا فالمخالفة المطلقة لا تحصل بالمخالفة في شيء ما إذا كانت الموافقة قد حصلت في أكثر منه (9) وإنما تحصل بالمخالفة في جميع الأشياء أو في غالبها، إذ المخالفة المطلقة ضد الموافقة المطلقة فلا يجتمعان، بل الحكم للغالب وهذا تحقيق جيد، لكنه (10) مبني على مقدمة وهو (11) أن المفهوم من لفظ المخالفة عند الإطلاق، يعم المخالفة في عامة

(1) في المطبوعة: إعطائه الدرهم.

(2)

فقط: ساقطة من (أط) .

(3)

في المطبوعة: من أقسام العموم.

(4)

في المطبوعة: عموم الجنس. ولعله أصح، لكنه خلاف جميع النسخ المخطوطة.

(5)

سورة التوبة: من الآية 5.

(6)

في (ب ج) : والثالث. وفي (أط) : والثالث: عموم الجنس. .

(7)

هذا جزء من حديث رواه البخاري في صحيحه: انظر: فتح الباري، كتاب العلم، باب كتابة العلم، حديث رقم (111) ، (1 / 204) ، والأحاديث (3047، 6903، 6915)، ورواه الترمذي وقال:"حديث علي حديث حسن صحيح". انظر: سنن الترمذي، كتاب الديات، باب ما جاء: لا يقتل مسلم بكافر، حديث رقم (1412) ، (4 / 24، 25) تحقيق إبراهيم عطوة. كما روي الحديث في سائر السنن والمسانيد.

(8)

في المطبوعة: المسلم والكافر.

(9)

في (ج د) : في كثير منه.

(10)

في (أط) : لكن.

(11)

في المطبوعة: وهي. وهي أقرب للسياق لكنها خلاف النسخ الأخرى.

ص: 193

الأمور الظاهرة، فإن خفي هذا (1) في هذا الموضع المعين فخذ في:

الوجه الثاني (2) وهو العموم المعنوي وهو أن المخالفة مشتقة، فإنما أمر بها لمعنى كونها مخالفة، كما تقدم تقريره (3) وذلك ثابت في كل فرد من أفراد (4) المخالفة فيكون العموم ثابتا من جهة المعنى المعقول، وبهذين الطريقين يتقرر العموم في قوله تعالى:{فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2](5) وغير ذلك من الأفعال.

وإن كان أكثر الناس إنما يفزعون إلى الطريق الثاني وقل منهم من يتفطن (6) للطريق الأول وهو (7) أبلغ إذا صح.

ثم نقول: (8) هب أن الإجزاء يحصل بما (9) يسمى مخالفة، لكن الزيادة على القدر المجزئ مشروعة؛ إذا كان الأمر مطلقا كما في قوله:{ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77](10) ونحو ذلك من الأوامر المطلقة.

(1) في المطبوعة: فإن خفي هذا الموضع المعين.

(2)

هذا هو الوجه الثاني من وجوه الرد على من يقول بأن الأمر بالمخالفة أمر بالحقيقة المطلقة، وذلك لا عموم فيه، والوجه الأول هو المذكور (ص186) ، وأشرت إلى ذلك بالهامش.

(3)

انظر: (ص186- 185) .

(4)

في المطبوعة: الأفراد.

(5)

سورة الحشر: من الآية 2.

(6)

في (ج د) : يفطن.

(7)

في المطبوعة: وهذا.

(8)

في (ط) : يقول.

(9)

في المطبوعة: بأي.

(10)

سورة الحج: من الآية 77.

ص: 194

الوجه الثالث (1) في أصل التقرير (2) أن عدول (3) الأمر عن لفظ الفعل الخاص به إلى لفظ أعم منه معنى كعدوله (4) عن لفظ: أطعمه. إلى لفظ: أكرمه. وعن لفظ: فاصبغوا (5) إلى لفظ: (6) فخالفوهم (7) لا بد له من فائدة، وإلا فمطابقة اللفظ للمعنى أولى من إطلاق اللفظ العام وإرادة الخاص، وليست هنا فائدة تظهر إلا تعلق القصد بذلك المعنى العام المشتمل على هذا الخاص (8) وهذا بين عند التأمل.

الوجه الرابع: أن العلم بالعام عاما يقتضي العلم بالخاص، والقصد العام (9) عاما يوجب القصد للمعنى الخاص، فإنك إذا علمت أن كل مسكر خمر، وعلمت أن النبيذ مسكر، كان علمك بذلك الأمر العام وبحصوله في الخاص موجبا لعلمك (10) بوصف الخاص كذلك إذا كان قصدك طعاما مطلقا، أو مالا مطلقا، وعلمت وجود طعام معين أو مال معين في مكان حصل قصدك له إذ العلم والقصد يتطابقان في مثل هذا والكلام يبين مراد المتكلم ومقصوده.

(1) هذا ثالث الوجوه التي بدأت (ص182) والتي أشرت إليها في الهامش.

(2)

في (ج د) : التغيير.

(3)

في المطبوعة: العدول بالأمر.

(4)

في المطبوعة: كالعدول.

(5)

في (ج د) : اصبغوا.

(6)

إلى لفظ: ساقطة من (ط) .

(7)

في (ب ج) : خالفوهم.

(8)

من قوله: وهذا بين. . إلى قوله: يقتضي العلم بالخاص (بعد سطر) : سقط من: (ج د) ، ولعله سهو من الناسخين.

(9)

العام: ساقطة من (أ) .

(10)

في (ب) : لعملك.

ص: 195

فإذا أمر بفعل باسم دال على معنى عام مريدا به فعلا خاصا كان ما ذكرناه من الترتيب الحكمي يقتضي أنه قاصد بالأول (1) لذلك المعنى العام وأنه إنما قصد ذلك الفعل الخاص لحصوله به.

ففي قوله: أكرمه. طلبان طلب (2) للإكرام المطلق وطلب لهذا الفعل الذي يحصل به الفعل (3) المطلق؛ وذلك؛ لأن حصول المعين مقتض (4) لحصول المطلق، وهذا معنى صحيح، إذا صادف فطنة من الإنسان وذكاء؛ انتفع به في كثير من المواضع وعلم به طريق البيان والدلالة.

بقي (5) أن يقال هذا يدل على أن (6) جنس المخالفة أمر مقصود للشارع وهذا صحيح لكن قصد الجنس قد يحصل الاكتفاء فيه (7) بالمخالفة في بعض الأمور، فما زاد على ذلك لا حاجة إليه. قلت: إذا ثبت أن الجنس مقصود في الجملة (8) كان ذلك حاصلا في كل فرد من أفراده ولو فرض أن الوجوب سقط بالبعض؛ لم يرفع (9) حكم الاستحباب عن الباقي.

وأيضا فإن ذلك يقتضي النهي عن موافقتهم؛ لأن (10) من قصد

(1) في المطبوعة: بالأولى.

(2)

في (ب) : الإكرام.

(3)

في (أ) والمطبوعة: يحصل به المطلق.

(4)

في (ب) : مقتضى.

(5)

في (ب ج) : يبقى.

(6)

أن: سقطت من (ط) .

(7)

في (ب) : به.

(8)

في (ج د) : في الحكمة.

(9)

في (أ) : لم يرتفع.

(10)

في (ب) : لا من قصد، وفي المطبوعة: لأنه.

ص: 196

مخالفتهم (1) بحيث (2) أمر (3) بإحداث فعل يقتضي مخالفتهم فيما لم تكن الموافقة فيه من فعلنا، ولا قصدنا كيف (4) لا ينهانا عن أن نفعل فعلا فيه موافقتهم سواء قصدنا موافقتهم أو لم نقصدها.

الوجه الخامس: أنه رتب الحكم على الوصف بحرف الفاء فيدل هذا (5) على أنه علة له من غير وجه حيث قال: إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم. فإنه يقتضي أن علة (6) الأمر بهذه المخالفة كونهم لا يصبغون فالتقدير: اصبغوا؛ لأنهم لا يصبغون وإذا كان علة الأمر بالفعل عدم فعلهم له دل على أن قصد المخالفة لهم ثابت بالشرع، وهو المطلوب يوضح ذلك أنه لو لم يكن لقصد مخالفتهم تأثير في الأمر بالصبغ لم يكن لذكرهم فائدة، ولا حسن تعقيبه به، وهذا وإن دل على أن (7) مخالفتهم أمر مقصود للشرع فذلك لا ينفي أن يكون (8) في نفس الفعل الذي خولفوا فيه مصلحة مقصودة مع قطع النظر عن مخالفتهم فإن هنا شيئين:

أحدهما: أن نفس المخالفة لهم في الهدى الظاهر مصلحة ومنفعة لعباد الله المؤمنين لما في مخالفتهم من المجانبة والمباينة التي توجب

(1) في (ب) : لمخالفتهم.

(2)

في (ب) : لحيث.

(3)

في المطبوعة: أمرنا.

(4)

في المطبوعة: فكيف.

(5)

في المطبوعة: هذا الترتيب.

(6)

في (ب) أنه علل الأمر: وفي (ط) : أنه علة الأمر.

(7)

أن: ساقطة من (ط) .

(8)

في المطبوعة: تكون.

ص: 197

المباعدة عن أعمال أهل الجحيم، وإنما يظهر بعض المصلحة في ذلك لمن تنور قلبه حتى رأى ما اتصف به المغضوب عليهم والضالون من المرض (1) الذي ضرره أشد من ضرر أمراض الأبدان.

والثاني: أن نفس ما هم عليه من الهدى والخلق قد يكون مضرا أو منقصا فينهى عنه، ويؤمر بضده (2) لما فيه من المنفعة والكمال، وليس شيء من أمورهم إلا (3) وهو إما مضر أو ناقص (4) ؛ لأن ما بأيديهم من الأعمال المبتدعة والمنسوخة ونحوها مضرة، وما بأيديهم مما لم ينسخ أصله فهو يقبل الزيادة والنقص، فمخالفتهم فيه بأن يشرع ما يحصله على وجه الكمال، ولا يتصور أن يكون شيء من أمورهم كاملا قط، فإذا المخالفة فيها منفعة وصلاح لنا في كل أمورهم (5) حتى ما هم عليه من إتقان بعض (6) أمور دنياهم قد يكون مضرا بأمر (7) الآخرة أو بما هو أهم منه من أمر الدنيا (8) لمخالفة فيه صلاح لنا.

وبالجملة فالكفر بمنزلة مرض القلب (9) وأشد ومتى كان القلب مريضا لم يصح شيء من الأعضاء صحة مطلقة، وإنما الصلاح أن لا تشبه (10)

(1) في المطبوعة: من مرض القلب الذي ضرره.

(2)

في (ط) : ويؤيد قصده.

(3)

إلا: ساقطة من (ط) .

(4)

في (ب) : وإما ناقص.

(5)

في المطبوعة: في كل أمورنا.

(6)

بعض: سقطت في المطبوعة.

(7)

في المطبوعة: بآخرتنا، وفي (ج د) : بالآخرة.

(8)

في المطبوعة: أمر دنيانا.

(9)

في (ج د) والمطبوعة: أو أشد.

(10)

في المطبوعة: تشابه.

ص: 198

مريض القلب في شيء من أموره، وإن (1) خفي عليك مرض ذلك العضو لكن يكفيك أن فساد الأصل لا بد أن يؤثر في الفرع، ومن انتبه لهذا قد يعلم بعض الحكمة التي أنزلها الله (2) فإن من في قلبه مرض قد يرتاب (3) في الأمر بنفس المخالفة لعدم استبانته لفائدته، أو يتوهم أن هذا من جنس أمر الملوك والرؤساء القاصدين للعلو في الأرض، ولعمري إن النبوة غاية الملك الذي يؤتيه الله من يشاء وينزعه ممن يشاء، ولكن ملك (4) هو غاية صلاح من أطاعه (5) من العباد في معاشهم ومعادهم (6) .

وحقيقة الأمر: أن جميع أعمال الكافر وأموره لا بد فيها من خلل يمنعها أن تتم (7) منفعة بها.

ولو فرض صلاح شيء من أموره على التمام، لاستحق (8) بذلك ثواب الآخرة، ولكن كل أموره إما فاسدة وإما ناقصة، فالحمد لله على نعمة الإسلام التي هي أعظم النعم، وأم كل خير كما يحب ربنا ويرضى.

فقد تبين أن نفس مخالفتهم أمر مقصود للشارع في الجملة، ولهذا كان الإمام أحمد بن حنبل (9) وغيره من الأئمة (10) يعللون (11) الأمر

(1) في (ط) : إن خفي.

(2)

في (ب) : الله تعالى.

(3)

في (ج د) : ارتاب.

(4)

في المطبوعة: لكن ملك النبوة.

(5)

في المطبوعة: من أطاع الرسول.

(6)

في المطبوعة: في معاشه ومعاده.

(7)

في المطبوعة: أن تتم له منفعة بها.

(8)

في (ب ط) : لا يستحق.

(9)

بن حنبل: سقطت من (ب) .

(10)

في المطبوعة: رضي الله عنهم.

(11)

في (أ) : يعللون أن الأمر.

ص: 199

بالصبغ (1) بعلة المخالفة قال حنبل (2) سمعت أبا عبد الله يقول: ما أحب لأحد إلا أن يغير الشيب، لا يتشبه بأهل الكتاب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«غيروا الشيب، ولا تشبهوا بأهل الكتاب» (3) .

وقال إسحاق بن إبراهيم (4) سمعت أبا عبد الله يقول لأبي (5)

(1) في (ط) : لصبغ.

(2)

هو: حنبل بن إسحاق بن حنبل الشيباني، أبو علي، ابن عم الإمام أحمد بن حنبل، ومن تلاميذه الذين رووا عنه الكثير من المسائل، وقال عنه الدارقطني: كان صدوقا، توفي رحمه الله سنة (273 هـ) بواسط.

انظر: طبقات الحنابلة (1 / 143- 145) ، (ت188) .

(3)

أخرجه الترمذي عن أبي هريرة بلفظ: "غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود"، وقال الترمذي:"حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح"، وقال:"وفي الباب عن الزبير وابن عباس وجابر وأبي ذر وأنس، وأبي رمثة والجهدمة وأبي الطفيل وجابر بن سمرة وأبي جعيفة وابن عمر" سنن الترمذي، كتاب اللباس، باب ما جاء في الخضاب، الحديث رقم (1752) ، (4 / 232) .

وأخرجه أحمد في المسند (1 / 165) ، عن الزبير بن العوام رضي الله عنه و (2 / 261، 499)، عن أبي هريرة وفيه زيادة:(ولا بالنصارى) ، وكذلك (ص356) ، باختلاف يسير في ألفاظه، وأخرجه النسائي في كتاب الزينة (8 / 138) . وأخرجه الإمام البغوي في شرح السنة، في باب الخضاب من كتاب اللباس، الحديث رقم (3175) ، (12 / 89)، عن أبي هريرة ولفظه:"غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود والنصارى".

(4)

هو: إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري، أبو يعقوب، ولد سنة (218 هـ) ، وخدم الإمام أحمد وهو ابن تسع سنين، وكان ذا دين وورع، ونقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة جيدة؛ منها ما هو مطبوع الآن وأشرت إليه في هذا الهامش، توفي سنة (275 هـ) .

انظر: طبقات الحنابلة (1 / 108، 109) ، (ت 121) .

(5)

في الكلام سقط فقد وجدته في كتاب مسائل الإمام أحمد لإسحاق بن إبراهيم هكذا: "سمعت أبا عبد الله يقول لأبي هاشم: يا أبا هاشم. . " الخ الكتاب المذكور (2 / 148)، كما أن أبا إسحاق وهو إبراهيم بن هانئ معروف وكنيته: أبو إسحاق، فهو غير أبي هاشم. انظر: طبقات الحنابلة (1 / 97) ، (ت 105) ، كما أن أبا هاشم معروف وهو زياد بن أيوب التالية ترجمته.

ص: 200

: يا أبا هاشم (1) اخضب ولو مرة واحدة، أحب لك (2) أن تخضب، ولا تشبه باليهود.

وهذا اللفظ الذي احتج به أحمد قد رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود.» (3) . قال الترمذي: حديث حسن صحيح (4) .

وقد رواه النسائي من حديث محمد بن كناسة (5) عن هشام بن (6) عروة (7) عن عثمان بن

(1) هو: زياد بن أيوب بن زياد البغدادي، أبو هاشم، الملقب بـ (دلويه) ، وكان أحمد يلقبه بشعبة الصغير، وهو ثقة حافظ، من الطبقة العاشرة، توفي سنة (252 هـ) وعمره (86) سنة. أخرج له البخاري وغيره. انظر: تقريب التهذيب (1 / 265) ، (ت 88) .

(2)

لك: ساقطة من (أ) .

(3)

انظر: كتاب مسائل الإمام أحمد، برواية إسحاق بن إبراهيم النيسابوري (2 / 148) ، الرواية رقم (1832) .

(4)

انظر: سنن الترمذي، كتاب اللباس، باب ما جاء في الخضاب، الحديث رقم (1752) ، (4 / 232) .

(5)

في (ب) : ابن كتامة، والصحيح ما أثبته، وهو أبو يحيى محمد بن عبد الله بن عبد الأعلى الأسدي، وكناسة: لقب أبيه أو جده، قال في تقريب التهذيب:"صدوق عارف بالآداب"، مات سنة (207 هـ) وعمره قريبا من التسعين.

انظر: تقريب التهذيب (2 / 177- 178) ، ترجمة (389) .

(6)

في (أ) : هشام بن عمرو عن أبيه، وهو خلط من الناسخ. انظر: تقريب التهذيب (2 / 319) ، (ت 92) هـ.

(7)

هو: هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، الأسدي القرشي، ثقة فقيه متقن، وربما دلس. أخرج له الستة، توفي سنة (146 هـ) وعمره (87) سنة. انظر: تقريب التهذيب (2 / 319) ، (ت 92) هـ.

ص: 201

عروة (1) عن أبيه (2) عن الزبير (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود» (4) ورواه أيضا من حديث عروة عن عبد الله بن عمر لكن قال النسائي: كلاهما ليس بمحفوظ (5) .

وقال الدارقطني (6) المشهور عن عروة مرسلا (7) .

(1) هو: عثمان بن عروة بن الزبير بن العوام، الأسدي القرشي، أخو هشام الراوي عنه، ثقة متقن، أخرج له البخاري ومسلم وغيرهما، وكان من خطباء الناس وعلمائهم، توفي سنة (136 هـ) . انظر: تهذيب التهذيب (7 / 138) ، (ت287) ع.

(2)

هو: عروة بن الزبير بن العوام، الأسدي القرشي، من كبار الطبقة الثانية من التابعين، وكان فقيها عالما عابدا، ثقة كثير الحديث، توفي سنة (93 هـ) . انظر: تهذيب التهذيب (7 / 180، 185) ، (ت 351) ع.

(3)

هو الصحابي الجليل: الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد القرشي، أبو عروة، وجد هشام وعثمان السابقة تراجمهم، والزبير ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحواريه، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة أصحاب الشورى، أسلم مبكرا وهو صغير، وهاجر الهجرتين، وشهد سائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، حتى قال له الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم:"فداك أبي وأمي"، وحضر الجمل فذكره علي قول رسول الله له:"إنك تقاتل عليا وأنت له ظالم"، فرجع وندم فلحقه ابن جرموز فقتله سنة (36 هـ) . انظر: الإصابة (1 / 545) ، (ت 2789) .

(4)

مر الكلام عن الحديث (ص 200)، وانظر: سنن النسائي (8 / 137، 138) .

(5)

في (ط) : كلاهما غير محفوظ، وهو كذلك في سنن النسائي (8 / 138) .

(6)

هو: الحافظ علي بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي- الدارقطني: نسبة إلى دارقطن محلة ببغداد- كان عالما حافظا فقيها على مذهب الشافعي، صنف السنن، والمختلف والمؤتلف، توفي سنة (385 هـ) ، وكانت ولادته سنة (306 هـ) .

انظر: وفيات الأعيان (3 / 297، 298) ، (ت434) ؛ واللباب في تهذيب الأنساب (1 / 483) .

(7)

الحديث المرسل: هو ما يسقط في سنده اسم الصحابي، وعرفه الشيخ في مجموع الفتاوى بقول:"أما المرسل من الحديث: أن يرويه من دون الصحابة، ويحتمل أنه أخذه عن غيره". انظر: مجموع الفتاوى (18 / 38؛ وتدريب الراوي (1 / 195، 196) .

ص: 202

وهذا اللفظ دل (1) على الأمر بمخالفتهم (2) والنهي عن مشابهتهم فإنه إذا نهى عن التشبه بهم في بقاء بيض الشيب الذي ليس من فعلنا، فلأن ينهى عن إحداث التشبه بهم أولى، ولهذا كان هذا (3) التشبه (4) يكون محرما بخلاف الأول.

وأيضا ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين، أحفوا (5) الشوارب، وأوفوا (6) اللحى» . رواه البخاري ومسلم (7) وهذا لفظه فأمر بمخالفة المشركين مطلقا ثم قال: «أحفوا الشوارب (8) وأوفوا (9) اللحى» . وهذه الجملة الثانية بدل من الأولى، فإن

(1) في (ب) والمطبوعة: أدل.

(2)

في (ب) : لمخالفتهم.

(3)

هذا: سقطت من (أ) .

(4)

في المطبوعة: التشبه بهم يكون.

(5)

في (أ) : حفوا.

(6)

في المطبوعة: وأعفوا.

(7)

رواه البخاري بلفظ: "أنهكوا الشوارب واعفوا اللحى".

انظر: فتح الباري، كتاب اللباس، باب إعفاء اللحى، حديث رقم (5893) ، (10 / 351) . ورواه مسلم بهذا اللفظ الذي أورده المؤلف، وبلفظ:"أحفوا الشوارب؛ واعفوا اللحى"، ولفظ:"جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، وخالفوا المجوس" ومعنى الألفاظ واحد. انظر: صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، حديث رقم (259، 260) ، (1 / 222) .

(8)

في (ط) : الشارب، ولعله سهو من الناسخ.

(9)

في المطبوعة: وأعفوا.

ص: 203

الإبدال يقع في الجمل كما يقع في المفردات كقوله تعالى: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} [البقرة: 49](1) فهذا الذبح والاستحياء هو سوء العذاب كذلك هنا هذا (2) هو المخالفة للمشركين المأمور بها هنا (3) لكن الأمر بها أولا بلفظ مخالفة (4) المشركين دليل على أن جنس المخالفة أمر مقصود للشارع وإن عينت هنا في هذا الفعل فإن تقديم المخالفة (5) علة (6) تقدم العام على الخاص كما يقال: أكرم ضيفك: أطعمه، وحادثه. فأمرك بالإكرام أولا دليل على أن إكرام الضيف مقصود، ثم عينت (7) الفعل الذي يكون إكراما (8) في ذلك الوقت.

والتقرير من هذا الحديث شبيه بالتقرير من قوله: لا يصبغون فخالفوهم. وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس» (9) .

فعقب الأمر بالوصف المشتق المناسب، وذلك دليل على أن مخالفة المجوس (10) أمر مقصود للشارع، وهو العلة في هذا الحكم، أو علة أخرى،

(1) سورة البقرة: من الآية 49، وفي (ب) : سرد الآية إلى آخرها: / 30 وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم / 30.

(2)

هذا: سقطت من (أ) .

(3)

هنا: سقطت من (ط) .

(4)

في (د) : المخالفة دليل، بزيادة: أل، وبسقوط: المشركين.

(5)

قوله: تقديم المخالفة علة: سقطت من (أ) .

(6)

في (ب) : عليه.

(7)

في (ب) : عين.

(8)

في (ب) : "إكراما ما في ذلك"، وفي المطبوعة:"إكراما له في ذلك".

(9)

الحديث في صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، حديث رقم (260) ، (1 / 222) .

(10)

في (ج د) : أن المخالفة للمجوس.

ص: 204

أو بعض علة، وإن كان الأظهر عند الإطلاق: أنه علة تامة؛ ولهذا لما فهم السلف كراهة التشبه بالمجوس، في هذا وغيره، كرهوا أشياء غير منصوصة بعينها عن النبي صلى الله عليه وسلم من هدى المجوس.

وقال المروذي (1) سألت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - عن حلق القفا (2) فقال: هو من فعل المجوس، ومن تشبه بقوم فهو منهم (3) .

وقال أيضا: قيل لأبي عبد الله: يكره (4) للرجل أن يحلق قفاه، أو وجهه. فقال: أما أنا فلا أحلق قفاي.

وقد روي فيه (5) حديث مرسل عن (6) قتادة

(1) في (ب د) والمطبوعة: المروزي، بالزاي، والصحيح بالذال، نسبة إلى مرو الروذ بخراسان.

انظر: الأعلام للزركلي (1 / 205) ؛ وطبقات الحنابلة (1 / 56) ، وكذلك في المغني والشرح الكبير (المروذي)(1 / 75) في المغني؛ وشذرات الذهب (2 / 166) ، والمروذي هو أحمد بن محمد بن الحجاج بن عبد العزيز، أبو بكر، المروذي، من أصحاب الإمام أحمد المقربين إليه فكان يأنس به وينبسط إليه لورعه وفضله، وروى عن الإمام أحمد مسائل كثيرة، توفي سنة (275) .

انظر: طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (1 / 56- 63) ، (ت 50) وشذرات الذهب (2 / 166) .

(2)

حلق القفا: المقصود به حلق شعر الرأس من القفا، أي مؤخرة الرأس.

(3)

انظر: المغني والشرح الكبير (1 / 75) في المغني فقد ذكر هذه الرواية، وانظر: المصنف لعبد الرزاق فقد ذكر ما يشبه هذا عن عمر بن الخطاب (11 / 453، 454) .

(4)

في المطبوعة: تكره.

(5)

أي: حلق القفا.

(6)

في (أ) : عن أبي قتادة ولعل ما أثبته من النسخ الأخرى أصح؛ لأنه ورد عن قتادة التابعي أنه روى عن عمر شيئا في كراهة حلق القفا، كما أن الإرسال يكون من التابعي، وأبو قتادة صاحبي. انظر: مصنف عبد الرزاق (11 / 454) .

ص: 205

كراهيته (1) وقال: إن حلق القفا من فعل المجوس (2) .

قال (3) وكان (4) أبو عبد الله يحلق قفاه وقت الحجامة.

وقال أحمد (5) أيضا: لا بأس أن يحلق قفاه وقت (6) الحجامة (7) .

وقد روى عنه ابن منصور (8) قال: سألت أحمد عن حلق القفا (9) فقال: لا أعلم فيه حديثا إلا ما يروى عن إبراهيم (10) أنه كره قردا يرقوس (11) وذكر الخلال (12) هذا وغيره.

(1) في (ب ط) : كراهته، وفي المطبوعة: عن قتادة في كراهيته، والمقام يتطلبها؛ لأن في العبارة ركاكة، فإذا قلنا (في كراهيته) استقام الكلام.

(2)

انظر: مصنف عبد الرزاق (11 / 453، 454) ، الأثر رقم (20986) .

(3)

أي: المروذي.

(4)

في (د) : فكان.

(5)

أي: ابن حنبل.

(6)

في (ب) والمطبوعة: قبل الحجامة.

(7)

ذكر ذلك في المغني والشرح الكبير (1 / 75) .

(8)

هو سعيد بن منصور، تأتي ترجمته (ص211) .

(9)

في (ج د) : قال.

(10)

لعله إبراهيم النخعي، هو: إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، أبو عمران، الكوفي الفقيه، ثقة إلا أنه يرسل كثيرا، مات سنة (96 هـ)، وعمره (50) سنة. انظر: تقريب التهذيب (1 / 46) ، (ت301) أ.

(11)

في (ب) : قرع دايرقوس، وفي (ج) : قردا برقوس، وفي (د) : دابر قوس.

ولم أجد هذه الكلمة في المراجع التي اطلعت عليها، لكني أفهم من سياق الكلام هنا أنها بمعنى حلق القفا، ويغلب على ظني أنها فارسية، والله أعلم.

(12)

هو: أحمد بن محمد بن هارون، أبو بكر، من كبار أتباع الإمام أحمد، سمع عن تلاميذ الإمام وأبنائه، وعني بأقواله ومسائله، ورحل في سبيل ذلك، وكتبها عالية ونازلة، فنال منها وسبق غيره فيها، حتى صار إماما في مذهب أحمد، توفي رحمه الله سنة (311 هـ) . انظر: طبقات الحنابلة (2 / 12- 15) ، ترجمة رقم (582) .

ص: 206

وذكره أيضا بإسناده عن الهيثم بن حميد (1) قال: حف القفا من شكل المجوس.

وعن المعتمر بن سليمان التيمي (2) قال: كان أبي إذا جز شعره لم (3) يحلق قفاه. قيل له: لم؟ قال: كان يكره أن يتشبه بالعجم (4) .

والسلف تارة (5) يعللون الكراهة بالتشبه بأهل الكتاب، وتارة بالتشبيه بالأعاجم، وكلا العلتين منصوصة (6) في السنة مع أن الصادق صلى الله عليه وسلم قد أخبر بوقوع المشابهة لهؤلاء وهؤلاء كما (7) قدمنا بيانه.

وعن شداد بن أوس (8) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خالفوا

(1) هو: الهيثم بن حميد الغساني مولاهم، أبو أحمد، أو أبو الحارث، قال ابن معين: لا بأس به، وقال أحمد بن حنبل: لا أعلم إلا خيرا، وقال أبو داود: قدري ثقة، وضعفه أبو مسهر، كما اتهم بالقول بالقدر، وقد عده ابن حبان في الثقات.

انظر: تهذيب التهذيب (11 / 92، 93) ، ترجمة (154 هـ) .

(2)

هو: معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي، أبو محمد، البصري، كان يلقب بالطفيل، وثقه ابن حبان وابن معين وابن سعد، وقال ابن خراش: صدوق يخطئ إذا حدث من حفظه، وإذا حدث من كتابته فهو ثقة، ولد سنة (100 هـ) ، توفي سنة (187 هـ) .

انظر: تهذيب التهذيب (10 / 227) ، ترجمة (415) م.

(3)

في (ج) : لما، وهو بعيد.

(4)

وذلك أن العجم الذين لم يتمسكوا بهدي الإسلام كانوا يحلقون أقفيتهم.

(5)

في (أب ط) : يعللون تارة.

(6)

في المطبوعة: منصوص.

(7)

في (أط) : كما قد قدمنا.

(8)

هو الصحابي الجليل: شداد بن أوس بن ثابت الخزرجي الأنصاري، ابن أخي حسان بن ثابت رضي الله عنه.

قال فيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "وتكون أنت وولدك من بعدك أئمة فيهم إن شاء الله تعالى" وقال فيه عبادة بن الصامت: "شداد بن أوس من الذين أوتوا العلم والحلم". سكن بعد الفتوح بحمص، وقيل: ببيت المقدس، توفي سنة (58 هـ) رضي الله عنه. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة (2 / 139، 140) ، ترجمة (3847) .

ص: 207

اليهود، فإنهم لا يصلون في نعالهم، ولا خفافهم» (1) رواه أبو داود (2) .

وهذا مع أن نزع اليهود نعالهم مأخوذ عن موسى عليه السلام لما قيل له: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} [طه: 12](3) .

عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر» (4) رواه مسلم في صحيحه (5) .

وهذا يدل على أن الفصل بين العبادتين (6) أمر مقصود للشارع وقد صرح بذلك فيما رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه عن

(1) المقصود أن اليهود يتعبدون بالصلاة بلا خفاف ولا نعال، لذلك كان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي في نعليه أحيانا، ولم يداوم على ذلك، وكذلك ينبغي للمسلم أن يصلي أحيانا بنعاله إذا توفرت شروط الصلاة فيها من الطهارة وعدم وجود فرش أو أذى لبعض المصلين، ونحو ذلك تحقيقا لما ورد في السنة من مخالفة اليهود، أما ما يفعله بعض الناس من الإصرار على الصلاة بالنعال بكل حال فلا أجد له دليلا، والله أعلم.

(2)

انظر: سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل، حديث رقم (652)، (1 / 427) . ورواه الحاكم في المستدرك وقال:"هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وقال الذهبي في التلخيص: "صحيح".

انظر: المستدرك على الصحيحين للحاكم وبهامشه التلخيص للذهبي (1 / 260) ، كتاب الصلاة.

(3)

في المطبوعة: فاخلع وهو الصحيح، لذلك أثبته، أما بقية النسخ: / 30 اخلع نعليك / 30 وهي من الآية 12 من سورة طه.

(4)

في (ط) : السحور.

(5)

انظر: صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب فضل السحور، حديث رقم (1096) ، (2 / 771) تحقيق محمد فؤاد.

(6)

أي: عبادة المسلمين وعبادة أهل الكتاب.

ص: 208

النبي صلى الله عليه وسلم (1) قال: «لا يزال الدين ظاهرا ما عجل الناس الفطر؛ لأن اليهود والنصارى يؤخرون» (2) .

وهذا نص في أن ظهور الدين الحاصل بتعجيل الفطر (3) لأجل مخالفة اليهود والنصارى.

وإذا كان (4) مخالفتهم سببا لظهور الدين فإنما (5) المقصود بإرسال الرسل أن يظهر دين الله على الدين كله، فيكون (6) نفس مخالفتهم من أكبر مقاصد البعثة.

وهكذا روى أبو داود من حديث أبي أيوب (7) الأنصاري (8) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال (9) أمتي بخير أو (10) على الفطرة ما لم يؤخروا

(1) في (أط) : قال.

(2)

انظر سنن أبي داود، كتاب الصوم، باب ما يستحب من تعجيل الفطر، حديث رقم (2353) ، (2 / 763) . وسنن ابن ماجه، كتاب الصيام، باب ما جاء في تعجيل الإفطار، الحديث رقم (1698) ، (1 / 541، 542) . وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. المستدرك (1 / 431) .

(3)

في المطبوعة: هو لأجل.

(4)

في المطبوعة: كانت.

(5)

في (ط) : قلنا. أو: فلنا. غير واضحة.

(6)

في (أ) والمطبوعة: فتكون.

(7)

هو الصحابي الجليل: خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة الأنصاري، من بني النجار، ومن السابقين إلى الإسلام، شهد العقبة وبدرا وما بعدهما، وكان نزل عنده النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين قدم المدينة مهاجرا حتى بني مسجده وبيوته، وشهد سائر الفتوح، وداوم على الجهاد حتى شهد غزوة القسطنطينية مع يزيد بن معاوية ومات هناك سنة (52 هـ) . انظر: الإصابة في تمييز الصحابة (1 / 405) ، (ت2163) .

(8)

في (أب ط) : سقطت: الأنصاري.

(9)

في (ب) : لا يزال.

(10)

في المطبوعة: أو قال على الفطرة.

ص: 209

المغرب إلى أن تشتبك النجوم» (1) ورواه ابن ماجه (2) من حديث العباس (3) ورواه الإمام أحمد من (4) حديث السائب بن يزيد (5) .

وقد جاء مفسرا تعليله: لا يزالون بخير ما لم يؤخروا المغرب إلى طلوع النجم (6) مضاهاة لليهودية، (7) ويؤخروا (8) الفجر إلى

(1) انظر: سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب وقت المغرب، الحديث رقم (418) ، (1 / 291) .

(2)

انظر: سنن ابن ماجه، كتاب الصلاة، باب وقت صلاة المغرب، الحديث رقم (689) ، (1 / 225) .

(3)

هو الصحابي الجليل: العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، عم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أسلم بعد أسره في غزوة بدر، وقيل: بأنه أسلم قبل الهجرة لكنه كان يكتم إسلامه، وكانت مواقفه في نصرة رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمكة محمودة، وكان المسلمون يتقوون به حتى قبل إسلامه، وكان العباس رضي الله عنه سيدا في قومه قبل الإسلام وبعده، فكان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعظمه ويكرمه، وكان الصحابة من بعده يقدمونه ويشاورونه، توفي بالمدينة سنة (32 هـ) . انظر: أسد الغابة (3 / 109- 112) .

(4)

انظر: مسند الإمام أحمد (3 / 449) ؛ وأخرجه الحاكم في المستدرك (1 / 190، 191)، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

(5)

هو الصحابي الجليل: السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة بن الأسود الكندي، أو الأزدي، له ولأبيه صحبة، مسح الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم رأسه ودعا له، وشرب من وضوء الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، واستعمله عمر على سوق المدينة، وتوفي بها سنة (95 هـ)، ويقال: إنه آخر من مات بها من الصحابة.

انظر: الإصابة (2 / 12، 13) ، (ت3077) .

(6)

في المطبوعة: النجوم.

(7)

في المطبوعة: لليهود.

(8)

في المطبوعة: وما لم يؤخروا.

ص: 210

محاق (1) النجوم مضاهاة للنصرانية (2) .

قال (3) سعيد بن منصور (4) حدثنا أبو معاوية (5) حدثنا الصلت بن بهرام (6) عن الحارث (7) بن وهب عن أبي (8) عبد الرحمن الصنابحي (9)

(1) المحاق: يقال: محقه: أبطله ومحاه، والقمر: اختفى نوره، فمحاق النجوم بمعنى اختفائها وذهاب نورها بسبب تزايد نور الشمس عند طلوعها.

انظر: القاموس المحيط، فصل الميم، باب القاف (3 / 291) .

(2)

في (أط) : النصرانية.

(3)

في (ب ج) والمطبوعة: وقال.

(4)

هو: سعيد بن منصور بن شعبة، الخراساني، المروزي، أبو عثمان، من رواة الحديث وحفاظه المشاهير، فكان إماما ثقة ثبتا، أثنى عليه ووثقه كل من: أحمد بن حنبل والخليلي، وأبي حاتم، وابن حبان، وغيرهم، مات رحمه الله سنة (227 هـ) .

انظر: تهذيب التهذيب (4 / 89، 90) ، ترجمة رقم (148) س.

(5)

هو: محمد بن خازم. مرت ترجمته. انظر: فهرس الأعلام.

(6)

هو: الصلت بن بهرام التميمي الكوفي، قليل الحديث، ثقة صدوق، قال ابن أبي حاتم عن أبيه:"صدوق ليس له عيب إلا الإرجاء".

انظر: تهذيب التهذيب (4 / 432) ، ترجمة رقم (750) ص.

(7)

الحارث بن وهب: ذكره ابن حجر في تعجيل المنفعة وذكر عن البخاري: أن روايته عن الصنابحي مرسلة، وكذلك ذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3 / 92)، (ت427) . انظر: تعجيل المنفعة (ص80، 81) ، (ت164) .

(8)

في المطبوعة: عن عبد الرحمن، وهو الصحيح، قال في تهذيب التهذيب:"ومن قال: عن أبي عبد الرحمن فقد أخطأ، قلب اسمه فجعله كنيته".

تهذيب التهذيب (6 / 229) ، ترجمة عبد الرحمن بن عسيلة رقم (465) ع.

(9)

هو: عبد الرحمن بن عسيلة بن عسل بن عسال المرادي، الصنابحي، أبو عبد الله، من كبار التابعين، أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهاجر إليه من اليمن فوجده قد مات، ثقة كثير المناقب، وذكره البخاري فيمن توفي بين السبعين والثمانين للهجرة. انظر: تهذيب التهذيب (6 / 229، 230) ، ترجمة (465) ع.

ص: 211

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال أمتي على مسكة ما لم ينتظروا بالمغرب اشتباك النجوم مضاهاة لليهودية (1) ولم ينتظروا بالفجر محاق النجوم مضاهاة (2) للنصرانية (3) ولم (4) يكلوا الجنائز إلى أهلها» (5) .

وقال سعيد بن منصور: حدثنا عبيد الله (6) بن إياد (7) بن لقيط (8) عن أبيه (9) عن ليلى (10)

(1) في (ب) : لليهود.

(2)

في المطبوعة: وما لم.

(3)

في (أط) : النصرانية.

(4)

في المطبوعة: وما لم.

(5)

هذا الحديث رواه أحمد في مسنده مع اختلاف يسير في ألفاظه (4 / 349) في مسند أبي عبد الله الصنابحي، وقالوا بأن حديثه مرسل؛ لأنه لم يسمع من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ذكر ذلك عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتابه المراسيل (ص121، ط1،، (1397 هـ) وذكره عن يحيى بن معين، وأبي زرعة، وأبي حاتم، وعليه سائر أئمة الحديث.

(6)

في (ب) : عبد الله. والصحيح ما أثبته من بقية النسخ.

(7)

في المطبوعة: ابن زياد. وهو خطأ، والصحيح: ابن إياد، كما في جميع النسخ الأخرى، وفي المسند أيضا.

(8)

هو: عبيد الله بن إياد بن لقيط السدوسي، الكوفي، أبو السليل، وثقه ابن حبان وابن معين، وكان ابن المبارك يعجب به، كما وثقه النسائي والعجلي وغيرهم، وقال ابن حجر: صدوق وقال البزار: ليس بالقوي، وأخرج له البخاري ومسلم وغيرهما، توفي سنة (169 هـ) . انظر: تهذيب التهذيب (7 / 4) ، ترجمة (5) .

(9)

أبو عبيد الله، هو: إياد بن لقيط السدوسي، وثقه ابن معين وابن حبان والنسائي ويعقوب بن سفيان، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وأخرج له البخاري ومسلم وغيرهما. تهذيب التهذيب (1 / 386) ، (ت707) أ.

(10)

هي: ليلى السدوسية الشيبانية، كان اسمها: جهدمة، فسماها الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ليلى، وهي امرأة بشير بن الخصاصية الصحابي الجليل، صحابية، وذكرها ابن حبان في ثقات التابعين، وقال: يقال إن لها صحبة.

انظر: تهذيب التهذيب (12 / 406، 407) ، ترجمة (2753) .

ص: 212

امرأة بشير (1) بن الخصاصية (2) قالت: أردت أن أصوم يومين مواصلة (3) فنهاني عنه بشير (4) وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاني عن ذلك وقال: «إنما يفعل ذلك النصارى، صوموا كما أمركم الله (5) وأتموا الصوم كما أمركم الله ثم أتموا الصيام إلى الليل، فإذا كان الليل فأفطروا» . وقد رواه أحمد في المسند (6) .

فعلل النهي عن الوصال بأنه صوم النصارى وهو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (7) ويشبه (8) أن يكون من رهبانيتهم التي ابتدعوها.

وعن حماد (9) عن ثابت (10) عن أنس رضي الله عنه: «أن اليهود كانوا إذا

(1) في المطبوعة: بشر، وهو خطأ، فالصحيح: بشير، كما في جميع النسخ المخطوطة.

(2)

هو الصحابي الجليل: بشير بن معبد بن ضباب بن سبع بن سدوس، كان اسمه: زحما، فسماه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: بشيرا، والخصاصية إحدى جداته، سكن البصرة. انظر: تهذيب التهذيب (1 / 468) ، ت (866) .

(3)

في (ب) : زاد: فيهما.

(4)

في المطبوعة: بشر. والصحيح ما أثبته.

(5)

في المطبوعة: ثم أتموا.

(6)

مسند أحمد، (4 / 225) في مسند بشير بن الخصاصية، وإسناده صحيح، كما ذكر ذلك ابن حجر في فتح الباري (4 / 202) .

(7)

في (ب) : كما قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

(8)

في (ج د) : وشبه.

(9)

هو: حماد بن سلمة، كما هو في صحيح مسلم، وستأتي الإشارة إلى موقع الحديث في مسلم، وقد مرت ترجمته.

(10)

هو ثابت بن أسلم البناني، البصري، أبو محمد، من أصحاب أنس بن مالك الذين لازموه وأكثروا الرواية عنه، ثقة، صالح، عابد، توفي سنة (123 هـ)، وقيل (127 هـ) انظر: تهذيب التهذيب (2 / 2، 3، 4) ، ترجمة رقم (2) ث.

ص: 213

حاضت (1) المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوها في البيوت فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم (2) فأنزل الله عز وجل:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ (3) قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222](4) إلى آخر الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

اصنعوا كل شيء إلا النكاح. فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير (5) وعباد بن بشر (6) فقالا: يا رسول الله، إن اليهود تقول كذا وكذا، أفلا نجامعهن. فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أن (7) قد وجد (8) عليهما فخرجا

(1) في (ب) : فيهم المرأة.

(2)

النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لم تذكر في (أ) .

(3)

في المطبوعة: انتهى هنا وقال: إلى آخر الآية، وهو خلاف النسخ الأخرى، كما أثبته.

(4)

سورة البقرة: من الآية 222.

(5)

هو الصحابي الجليل: أسيد بن الحضير بن سماك بن عبيك الأنصاري، الأشهلي، من السابقين إلى الإسلام من الأنصار، وهو أحد النقباء ليلة العقبة، حضر أحدا وكان ممن ثبت، آخى الرسول بينه وبين زيد بن حارثة، وقال فيه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم:"نعم الرجل أسيد بن حضير"، وكان أبو بكر يقدمه، توفي رضي الله عنه سنة (20 هـ) في عهد عمر. انظر: الإصابة (1 / 49) ، ترجمة (285) أ.

(6)

هو الصحابي الجليل: عباد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل الأنصاري، أسلم قبل الهجرة بالمدينة، وشهد بدرا وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى صدقات سليم ومزينة، ثم بني المصطلق، وشهد اليمامة في قتال مسيلمة، وأبلى بلاء حسنا حتى استشهد فيها، وذلك سنة (12 هـ) ، وعمره (45) سنة رضي الله عنه.

انظر: طبقات ابن سعد (3 / 440، 441) .

(7)

في (ب) : أنه.

(8)

وجد: أي غضب. انظر: مختار الصحاح، مادة (وج د) ، (ص710) .

ص: 214

فاستقبلهما (1) هدية من لبن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل في آثارهما (2) فسقاهما، فعرفنا أنه لم يجد عليهما» رواه مسلم (3) .

فهذا الحديث يدل على كثرة ما شرعه الله لنبيه من مخالفة اليهود بل على أنه خالفهم في عامة أمورهم حتى قالوا: ما يريد أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه.

ثم إن المخالفة كما سنبينه (4) تارة تكون في أصل الحكم وتارة في وصفه (5) .

ومجانبة الحائض: لم يخالفوا في أصله (6) بل خولفوا (7) في وصفه (8) حيث شرع الله مقاربة الحائض في غير محل الأذى، فلما أراد بعض الصحابة أن يعتدي (9) في المخالفة إلى ترك ما شرعه الله، تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الباب - باب الطهارة - كان على اليهود (10) فيه أغلال (11) عظيمة فابتدع النصارى ترك ذلك كله حتى

(1) في (ب) : فاستقبلتهما.

(2)

في المطبوعة: في إثرهما.

(3)

انظر: صحيح مسلم، كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها، حديث رقم (302) ، (1 / 246) .

(4)

في المطبوعة: سنبينها.

(5)

في (ب ج د) : في صفته.

(6)

في المطبوعة: أصلها.

(7)

في المطبوعة: خالفوا.

(8)

في المطبوعة: وصفها.

(9)

في المطبوعة: يتعدى.

(10)

في (ب) : اليهودية.

(11)

في (ط) : أغلاط.

ص: 215

إنهم لا ينجسون شيئا، بلا شرع من الله (1) فهدى الله الأمة الوسط بما شرعه لها إلى وسط (2) من ذلك وإن كان ما كان عليه اليهود كان أيضا مشروعا، فاجتناب ما لم يشرع الله اجتنابه مقاربة لليهود (3) وملابسة ما شرع الله اجتنابه مقاربة للنصارى وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

وعن أبي أمامة (4) عن «عمرو بن عبسة (5) قال: كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة فإنهم (6) ليسوا على شيء، وهم يعبدون الأوثان، قال: فسمعت برجل بمكة يخبر أخبارا، فقعدت على راحلتي فقدمت عليه فإذا (7) رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفيا جرآء عليه (8) قومه، فتلطفت (9) حتى دخلت

(1) في المطبوعة: قدم وأخر، فقال: فابتدع النصارى ذلك كله بلا شرع من الله، حتى أنهم لا ينجسون شيئا.

(2)

في المطبوعة: الوسط.

(3)

في (أ) : اليهود.

(4)

هو الصحابي الجليل: صدي بن عجلان بن الحارث بن وهب الباهلي، أبو أمامة، قيل: إنه شهد أحدا وشهد صفين مع علي بن أبي طالب، ثم سكن الشام حتى توفي بها سنة (86 هـ) رضي الله عنه.

انظر: الإصابة في تمييز الصحابة (2 / 182) ، ترجمة رقم (4059) ، باب (ص د) .

(5)

هو الصحابي الجليل: عمرو بن عبسة بن خالد بن عامر بن غاضرة السلمي، أو نجيح، أسلم قديما بمكة، ثم رجع إلى بلاده، ثم هاجر إلى المدينة، كما هو في سياق حديثه هذا، قبل الفتح، فشهدها ثم نزل حمص فتوفي بها في خلافة عثمان، وكان قبل أن يسلم اعتزل الأصنام- كما ذكر هنا- رضي الله عنه.

انظر: الإصابة (3 / 5، 6) ، ترجمة (5903) عمرو.

(6)

في (ط) : وأنهم.

(7)

في المطبوعة: فإذا هو رسول الله. وفي مسلم كما أثبته.

(8)

جرآء عليه: أي لهم جرأة عليه، والجرأة: الشجاعة والإقدام، والمقصود بها هنا: التسلط والإيذاء. انظر: مختار الصحاح، مادة (ج ر أ) ، (ص98) .

(9)

تلطفت: أي دخلت برفق. انظر: مختار الصحاح، مادة (ل ط ف) ، (ص 598) .

ص: 216

عليه بمكة، فقلت له: ما أنت؟ قال (1) أنا نبي. فقلت: وما نبي؟ قال (2) أرسلني الله. فقلت: بأي شيء أرسلك؟ قال: أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء. فقلت (3) له: من معك على هذا؟ قال: حر وعبد. قال: ومعه يومئذ أبو بكر وبلال فقلت: إني متبعك. قال: إنك لا (4) تستطيع ذلك يومك هذا، ألا ترى (5) حالي وحال الناس، ولكن ارجع إلى أهلك، فإذا سمعت بي قد ظهرت فائتني. قال (6) فذهبت إلى أهلي، وقدم (7) رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وكنت في أهلي فجعلت أتخبر (8) الأخبار وأسأل الناس حين (9) قدم نفر من أهل (10) يثرب (11) من أهل المدينة. فقلت: ما فعل هذا الرجل الذي قدم المدينة؟ فقالوا: الناس إليه سراع، وقد أراد قومه قتله فلم يستطيعوا ذلك. فقدمت المدينة، فدخلت عليه، فقلت (12) يا رسول الله، أتعرفني قال: نعم، أنت الذي لقيتني بمكة. قال: فقلت: يا نبي الله، أخبرني عما علمك الله وأجهله، أخبرني عن الصلاة قال: صل

(1) في المطبوعة: فقال.

(2)

في المطبوعة: فقال.

(3)

في (ب) : قلت.

(4)

في المطبوعة: لن. وفي مسلم كما أثبته.

(5)

في (ب) : إلى حالي.

(6)

في (ج د) : سقطت قال.

(7)

أي: حين هاجر.

(8)

في (ج د) والمطبوعة: أستخبر. وفي مسلم كما أثبته.

(9)

في المطبوعة: حتى.

(10)

في (ب) : من أهلي.

(11)

في المطبوعة: أي من أهل.

(12)

في (ب) : قلت.

ص: 217

صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع (1) فإنها تطلع حين (2) تطلع بين قرني (3) شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صل فإن الصلاة مشهودة (4) محضورة (5) حتى يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة فإن (6) حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء فصل، فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان (7) وحينئذ يسجد لها الكفار» وذكر الحديث (8) رواه مسلم.

فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت الغروب، معللا (9) بأنها تطلع وتغرب بين قرني شيطان (10) وأنه حينئذ يسجد لها الكفار.

ومعلوم أن المؤمن لا يقصد السجود إلا لله تعالى، وأكثر الناس قد لا يعلمون أن طلوعها وغروبها بين قرني شيطان (11) ولا أن الكفار يسجدون

(1) في (ط) : ترفع.

(2)

حين تطلع: سقطت من (أ) .

(3)

في (ط) : الشيطان.

(4)

في (ب) : محصورة. بالصاد المهملة. والصحيح ما أثبته كما هو في مسلم.

(5)

ومعنى مشهودة محضورة: أي تحضرها الملائكة.

(6)

كذا في جميع النسخ وفي صحيح مسلم. وعليه يكون اسم إن: ضمير الشأن محذوفا.

(7)

في (ط) : الشيطان.

(8)

انظر: صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها- باب إسلام عمرو بن عبسة- حديث رقم (832) ، (1 / 569، 570، 571) .

ورواه أحمد- أيضا- في المسند (4 / 112) في مسند عمرو بن عبسة رضي الله عنه.

(9)

في المطبوعة: معللا ذلك النهي بأنها. وهي زيادة لا توجد في النسخ الأخرى.

(10)

في (ط) : الشيطان.

(11)

في (أط) : الشيطان.

ص: 218

لها، ثم إنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في هذا الوقت حسما لمادة المشابهة بكل طريق، ويظهر بعض فائدة ذلك بأن من الصابئة المشركين اليوم (1) ممن يظهر الإسلام ويعظم الكواكب، ويزعم أنه يخاطبها بحوائجه، ويسجد لها وينحر ويذبح.

وقد صنف (2) بعض المنتسبين إلى الإسلام في مذهب المشركين من الصابئة والبراهمة كتبا في عبادة الكواكب توسلا بذلك زعموا إلى مقاصد دنيوية من الرئاسة (3) وغيرها وهي من السحر الذي كان (4) عليه الكنعانيون (5) الذين (6) ملوكهم النماردة (7) الذين بعث الله (8) الخليل صلوات الله وسلامه عليه بالحنيفية وإخلاص الدين كله لله إلى هؤلاء المشركين.

فإذا كان في هذه الأزمنة من يفعل مثل هذا، تحققت حكمة الشارع

(1) اليوم: ساقطة من (ج د) .

(2)

في (أ) : وصف.

(3)

في (أ) : من الربانية.

(4)

كان: سقطت من (أد) .

(5)

الكنعانيون: قبائل سامية تنسب إلى كنعان بن كوش بن سام بن نوح، كانت تقطن سواحل الخليج- خليج جزيرة العرب-، ثم انتقلت إلى سوريا وأرض فلسطين- وهي بلاد بيت المقدس- وبعث الخليل عليه السلام وهي هناك.

انظر: البداية والنهاية (1 / 140) .

وانظر: القلائد الجمان للقلقشندي (ص32) ؛ ولسان العرب (8 / 316) .

(6)

في المطبوعة: الذين كان ملوكهم.

(7)

النماردة: جمع نمرود. نسبة إلى: النمرود بن كنعان بن كوش، الملك الذي حاج إبراهيم في ربه. انظر: البداية والنهاية (1 / 140) .

(8)

في (أط) : الذين بعث الخليل. .

ص: 219

صلوات الله وسلامه عليه (1) في النهي عن الصلاة في هذه الأوقات، سدا للذريعة وكان فيه تنبيه على أن كل ما يفعله المشركون من العبادات ونحوها، مما يكون كفرا أو معصية بالنية، ينهى المؤمنون عن ظاهره وإن لم يقصدوا به قصد المشركين سدا للذريعة وحسما للمادة.

ومن هذا الباب أنه صلى الله عليه وسلم، كان إذا صلى إلى عود أو عمود جعله على (2) حاجبه الأيمن أو الأيسر ولم يصمد (3) له صمدا (4) .

ولهذا نهى عن الصلاة إلى ما عبد من دون الله في الجملة، وإن لم يكن العابد يقصد ذلك، ولهذا ينهى (5) عن السجود لله بين يدي الرجل وإن لم يقصد الساجد ذلك لما فيه من مشابهة السجود لغير الله، فانظر كيف قطعت الشريعة المشابهة في الجهات وفي الأوقات وكما لا يصلى إلى القبلة التي يصلون إليها كذلك لا يصلى إلى ما يصلون له بل هذا أشد فسادا، فإن القبلة

(1) في (ب ج د) : صلوات الله عليه وسلامه.

(2)

في (ب ج د) والمطبوعة: إلى. لكنها في مسلم كما أثبته من (أط) .

(3)

الصمد: هو القصد. يقال: صمده، أي: قصده.

انظر: مختار الصحاح، مادة (ص م د) ، (ص369) .

(4)

جاء ذلك في حديث رواه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة- باب إذا صلى إلى سارية ونحوها- حديث رقم (693) ، (1 / 445)، ولفظ الحديث: عن ضباعة بنت المقداد بن الأسود عن أبيها، قال:"ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي إلى عود ولا عمود ولا شجرة إلا جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر، ولا يصمد له صمدا" ومثله في مسند أحمد (6 / 4) في مسند المقداد بن الأسود، بلفظ أبي داود إلا أنه قال:(صلى)، بدل:(يصلي) وسند الحديث ليس بالقوي؛ لأن فيه الوليد بن كامل لين الحديث، وضباعة بنت المقداد مجهولة.

انظر: تهذيب التهذيب (2 / 335) ، ترجمة الوليد بن كامل (82) ، (ص604)، ترجمة ضباعة (2) . وانظر: عون المعبود (2 / 386، 387) .

(5)

في (ب) : نهى.

ص: 220

شريعة من الشرائع (1) قد تختلف باختلاف شرائع الأنبياء، أما السجود لغير الله وعبادته فهو محرم في الدين الذي اتفقت عليه رسل الله كما قال سبحانه وتعالى:{وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف: 45](2) .

وأيضا (3) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه رأى رجلا يتكئ على يده اليسرى وهو قاعد في الصلاة فقال له: لا تجلس هكذا، فإن هكذا يجلس الذين يعذبون (4) وفي رواية تلك (5) صلاة المغضوب عليهم (6) وفي رواية «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد (7) على يده» (8) . رواهن (9) أبو داود.

ففي هذا الحديث النهي عن هذه الجلسة معللا بأنها جلسة المعذبين، وهذه مبالغة في مجانبة هديهم.

وأيضا فروى (10) البخاري عن مسروق (11) عن عائشة أنها كانت تكره

(1) في (ب) : شرائع.

(2)

سورة الزخرف: من الآية 45.

(3)

في المطبوعة: وعن ابن عمر.

(4)

انظر: سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب كراهة الاعتماد على اليد في الصلاة، حديث رقم (994) ، (1 / 605) .

(5)

في (ط) : قال بدل: تلك.

(6)

المصدر السابق، الحديث رقم (993) .

(7)

في (أ) : يعتمد.

(8)

المصدر السابق (1 / 604) ، الحديث رقم (992) .

(9)

في المطبوعة قال: روى هذا كله أبو داود.

(10)

في المطبوعة: فقد روى.

(11)

هو: مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني الوادعي، الكوفي، من كبار أئمة التابعين وفقهائهم، ثقة عابد، أخرج له الستة، ومات سنة (63 هـ) .

انظر: تقريب التهذيب (2 / 242) ، (ت1055) .

ص: 221

أن يجعل (1) يده في خاصرته، وتقول: إن اليهود تفعله (2) ورواه أيضا من حديث أبي هريرة قال: «نهى عن الخصر (3) في الصلاة» (4) وفي لفظ: «نهى أن يصلي الرجل مختصرا.» (5) قال (6) وقال هشام (7) وأبو هلال (8) عن ابن سيرين (9)

(1) في المطبوعة: أن يجعل الرجل يده.

(2)

أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، الحديث رقم (3458) ، (6 / 497) من فتح الباري.

(3)

في المطبوعة: التخصر، وفي البخاري كما أثبته. انظر: فتح الباري (3 / 88) .

(4)

صحيح البخاري، كتاب العمل في الصلاة، باب الخصر في الصلاة، الحديث رقم (1219) ، (3 / 88) فتح الباري.

(5)

صحيح البخاري في الكتاب والباب السابقين، الحديث رقم (122) ، (3 / 88) فتح الباري.

(6)

أي البخاري.

(7)

قال ابن حجر في فتح الباري (3 / 21) : "وقال هشام، يعني ابن حسان".

وترجمته: هشام بن حسان الأزدي القردوسي، البصري، أبو عبد الله، من الأئمة الحفاظ، وثقه ابن معين، وابن سعد، والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، كما وثقه غيرهم، توفي سنة (148 هـ) رحمه الله.

انظر: تهذيب التهذيب (11 / 34، 35، 36، 37) ، ترجمة (75) هـ.

(8)

أبو هلال، هو: محمد بن سليم الراسبي، البصري، قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه عبد الرحمن:"محله الصدق لم يكن بذاك المتين"، وقال يحيى بن معين:"أبو هلال الراسبي صويلح"، وقال أبو زرعة:"لين"، وقال أحمد بن حنبل:"أحتمل حديثه إلا أنه يخالف في حديث قتادة"، ومات أبو هلال سنة (165 هـ) .

انظر: الجرح والتعديل (7 / 273) ، ترجمة رقم (1484) ؛ وطبقات ابن سعد (7 / 278) .

(9)

هو: محمد بن سيرين، أبو بكر، و (سيرين) قيل: اسم أبيه، وقيل: اسم أمه، وهو الأرجح، وأبوه مولى أنس بن مالك، كان من سبي عين التمر فاشتراه أنس وكاتبه، وقال هشام بن حسان:"هو أصدق من أدركت من البشر"، وقال ابن سعد:"وكان ثقة مأمونا عاليا رفيعا فقيها إماما كثير العلم ورعا"، توفي رحمه الله سنة (110 هـ) ، وذكر ابن سعد أن أمه صفية مولاة أبي بكر.

انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (7 / 193) ؛ والبداية والنهاية لابن كثير (9 / 267) .

ص: 222

عن أبي هريرة (1) نهى النبي صلى الله عليه وسلم (2) وهكذا رواه مسلم في صحيحه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) .

وعن زياد بن (4) صبيح (5) قال: «صليت إلى جنب ابن عمر فوضعت يدي على خاصرتي، فلما صلى قال: هذا الصلب في الصلاة، وكان (6) رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنه.» رواه أحمد (7) وأبو داود (8) والنسائي (9) .

(1) في (ب) : رضي الله عنه.

(2)

انظر: فتح الباري، كتاب العمل في الصلاة، باب الخصر في الصلاة، حديث رقم (1219) ، (1220) ، (3 / 88) .

(3)

انظر: صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الاختصار في الصلاة، حديث رقم (545) ، (1 / 387) .

(4)

في (ج د ط) : بن صبح، وما أثبته أصح كما هو في (أب) والمطبوعة.

(5)

هو: زياد بن صبيح الحنفي المكي، ويقال: البصري، قال إسحاق بن راهويه عنه: رجل صالح ثقة، وكذلك وثقه الأئمة كالنسائي وابن حبان، والعجلي، وهو تابعي مدني من الطبقة الرابعة.

انظر: تهذيب التهذيب (3 / 374) ، ترجمة (681) ز؛ وتقريب التهذيب (1 / 268) ، ترجمة (115) ز.

(6)

في (د) : فكان.

(7)

انظر: مسند أحمد (2 / 106) في مسند ابن عمر، وفيه زيادة:"فضرب يدي"، قبل:"فلما صلى".

(8)

انظر: سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب في التخصر والإقعاء، الحديث رقم (903) ، (1 / 556) .

(9)

انظر: سنن النسائي، كتاب الصلاة، باب النهي عن التخصر في الصلاة (2 / 127) ، وفي روايته اختلاف يسير في السياق والألفاظ، والحديث صحيح الإسناد.

ص: 223

(1) هو الصحابي الجليل: جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن كعب بن غنم، الأنصاري السلمي، أحد المكثرين للرواية عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، شهد العقبة، وأكثر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كانت له بعد وفاة رسول الله حلقة في المسجد النبوي يؤخذ عنه العلم، توفي رضي الله عنه سنة (74 هـ) أو (76 هـ) . انظر: الإصابة في تمييز الصحابة (1 / 213) ، ترجمة رقم (1026) .

(2)

في (ب) : عنه. والتثنية أصح لأن لأبيه صحبة. انظر: الإصابة (1 / 213) .

(3)

هو: عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر القرشي، أبو بكر الصديق، خليفة رسول الله، أول من أسلم من الرجال، ولد بعد عام الفيل بسنتين ونصف، ولازم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل البعثة وبعدها، وصحبه في الهجرة وحضر المشاهد كلها، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأفضل الصحابة، بويع بالخلافة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى توفي في جمادى الأولى سنة (13 هـ) وعمره (63) سنة.

انظر: الإصابة (2 / 341- 344) ، (ت 4817) .

(4)

في (ج د ط) : أن تفعلوا. وفي مسلم: "لتفعلون. ".

(5)

انظر: صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، حديث رقم (413) ، (1 / 309) .

(6)

انظر: سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الإمام يصلي من قعود، حديث رقم (606) ، (1 / 405) .

(7)

هو الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، أبو الحارث، الإمام المصري، من كبار الأئمة في وقته في الفقه والعلم والفتوى، ومن رواة الحديث الحفاظ الثقات، وثقه سائر أئمة الحديث، قال ابن حجر في تهذيب التهذيب:"وقال ابن حبان في الثقات: كان من سادات أهل زمانه فقها وورعا وعلما وفضلا وسخاء"، توفي رحمه الله سنة (175 هـ) ، وكانت ولادته سنة (95 هـ) .

انظر: تهذيب التهذيب (8 / 459- 465) ، ترجمة رقم (832) ل.

ص: 224

عن أبي الزبير (1) عن جابر. .

ورواه (2) أبو داود وغيره (3) من حديث الأعمش (4) عن أبي (5) سفيان (6) عن جابر قال: «ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا بالمدينة فصرعه على

(1) هو: محمد بن أسلم بن تدرس الأسدي- مولاهم- أبو الزبير، المكي، وثقه ابن معين والنسائي وابن سعد وغيرهم، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: لم ينصف من قدح فيه، مات سنة (126 هـ) رحمه الله.

انظر: تهذيب التهذيب (9 / 440- 443) ، ترجمة رقم (727) م.

(2)

في (أ) : رواه أبو داود، وهو خطأ من الناسخ.

(3)

ممن أخرجه أيضا: ابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في "إنما جعل الإمام ليؤتم به"، الحديث رقم (1240) ، (1 / 393) مختصرا بنحو رواية مسلم وأبي داود السابقة.

(4)

هو: سليمان بن مهران الكاهلي، أبو محمد، المشهور بالأعمش ولد سنة (60 هـ) من الأئمة الثقات قال ابن سعد: وكان الأعمش صاحب قرآن وفرائض وعلم بالحديث" وعده ابن سعد في الطبقة الرابعة، من الكوفيين، وثقه ابن معين وأبو حاتم، وقال أبو زرعة: إمام، توفي سنة (148 هـ) . انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (6 / 342) . وانظر: الجرح والتعديل (4 / 146، 147) ، ترجمة (630) .

(5)

هو: طلحة بن نافع القرشي، مولاهم، المكي، أو الواسطي، روى عن بعض الصحابة كعبد الله بن عمر وابن عباس وجابر وغيرهم، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو بكر البزار: هو ثقة في نفسه، وقال أحمد: ليس به بأس، وكذلك قال النسائي وابن عدي.

انظر: تهذيب التهذيب (5 / 26، 27) ، ترجمة رقم (44) ط.

(6)

في المطبوعة زاد: اسم أبي سفيان: طلحة بن نافع الأسدي. واقتصر في بقية النسخ وسنن أبي داود على الكنية، كما أثبته.

ص: 225

جذم (1) نخلة فانقطعت (2) قدمه، فأتيناه نعوده، فوجدناه في مشربة (3) لعائشة يسبح جالسا. قال: فقمنا خلفه، فسكت عنا، ثم أتيناه مرة أخرى نعوده فصلى المكتوبة جالسا، فقمنا خلفه، فأشار إلينا فقعدنا. قال:(4) فلما قضى الصلاة. قال: إذا صلى الإمام جالسا فصلوا جلوسا وإذا صلى الإمام (5) قائما فصلوا قياما، ولا تفعلوا كما يفعل أهل فارس بعظمائها» (6) وأظن في غير رواية أبي داود «ولا تعظموني كما يعظم الأعاجم بعضها بعضا» (7) .

ففي هذا الحديث أنه أمرهم بترك القيام الذي هو فرض في الصلاة، وعلل ذلك بأن قيام المأمومين مع قعود الإمام يشبه فعل فارس والروم بعظمائهم، في قيامهم وهم قعود.

ومعلوم أن المأموم إنما نوى أن يقوم (8) لله (9) لا (10) لإمامه وهذا

(1) أي: أصل نخلة. انظر: القاموس المحيط، فصل الجيم، باب الميم (4 / 88) .

(2)

في المطبوعة: فانفكت. وكذلك في سنن أبي داود.

(3)

المشربة: الغرفة. انظر: لسان العرب (1 / 491) شرب.

(4)

في (د) : سقطت: قال.

(5)

في (ب) : سقطت: الإمام.

(6)

سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الإمام يصلي من قعود، الحديث رقم (602) ، (1 / 403، 404) وأشرت إليه في ابن ماجه آنفا ورجاله رجال الصحيح.

(7)

بل أخرج أبو داود قريبا من هذا ولفظه: عن أبي أمامة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم متوكئا على عصا، فقمنا إليه، فقال:"لا تقوموا كما تقوم الأعاجم، يعظم بعضها بعضا" سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب في قيام الرجل للرجل، الحديث رقم (5230) ، (5 / 398) . ومثله في مسند أحمد (5 / 253- 256) . وهذا الحديث معناه صحيح وثابت كما جاء في الحديث السابق في مسلم وغيره.

(8)

في المطبوعة: يقوى.

(9)

في (ج) : لم يذكر اسم الجلالة (الله) .

(10)

في (أ) : أن يقوم لله قانتا. . الخ.

ص: 226

تشديد (1) عظيم في النهي عن القيام للرجل القاعد، ونهى أيضا عما (2) يشبه ذلك، وإن لم يقصد به ذلك، ولهذا نهى عن السجود لله بين يدي الرجل، وعن الصلاة إلى ما قد (3) عبد من دون الله، كالنار ونحوها.

وفي هذا الحديث أيضا نهى عما يشبه (4) فعل (5) فارس والروم وإن كانت (6) نيتنا غير نيتهم (7) لقوله (8) فلا تفعلوا. فهل بعد هذا في النهي عن مشابهتهم في مجرد الصورة غاية.

ثم هذا الحديث سواء كان محكما في قعود الإمام أو منسوخا فإن الحجة منه قائمة؛ لأن نسخ القعود لا يدل على فساد تلك العلة وإنما يقتضي أنه قد عارضها ما ترجح عليها مثل كون القيام فرضا في الصلاة فلا يسقط الفرض بمجرد المشابهة الصورية، وهذا محل اجتهاد، وأما المشابهة الصورية إذا (9) لم تسقط فرضا كانت (10) تلك العلة التي علل بها رسول (11) الله صلى الله عليه وسلم سليمة (12)

(1) في (أ) : شديد.

(2)

من هنا حتى قوله: عما يشبه فعل فارس والروم (سطران ونصف تقريبا) : ساقطة من (أ) .

(3)

قد: ساقطة من المطبوعة.

(4)

في (ب) : يشتبه.

(5)

في (ج د ط) : أفعال.

(6)

في (د ط) : كان.

(7)

في (أ) : وإن كان نبينا غير نبيهم.

(8)

في (أط) : كقوله.

(9)

في المطبوعة: فإذا. وفي (د) : في إذا.

(10)

في المطبوعة: فإن.

(11)

في (ب) : النبي.

(12)

في المطبوعة: تكون سليمة.

ص: 227

عن معارض أو (1) نسخ؛ لأن القيام في الصلاة ليس بمشابهة في الحقيقة فلا يكون محذورا فالحكم إذا علل بعلة، ثم نسخ مع بقاء العلة، فلا بد من أن (2) يكون غيرها ترجح (3) عليها وقت الناسخ (4) أو ضعف تأثيرها أما أن تكون (5) في نفسها باطلة فهذا محال هذا كله لو كان الحكم هنا منسوخا فكيف، والصحيح أن هذا الحديث محكم قد عمل به غير واحد من الصحابة بعد وفاة رسول (6) الله صلى الله عليه وسلم مع كونهم علموا صلاته (7) في (8) مرضه (9) .

وقد استفاض عنه صلى الله عليه وسلم الأمر به استفاضة صحيحة صريحة يمتنع معها أن يكون حديث المرض (10) ناسخا له على ما هو مقرر في غير هذا الموضع إما (11) بجواز الأمرين إذ فعل القيام لا ينافي فعل القعود، وإما بالفرق بين المبتدئ (12) للصلاة قاعدا و (13) الصلاة التي ابتدأها الإمام قائما لعدم دخول

(1) في المطبوعة: أو عن نسخ.

(2)

في المطبوعة: فلا بد أن.

(3)

في (ب) : يرجح.

(4)

في المطبوعة: النسخ.

(5)

أي العلة التي علل بها الحكم.

(6)

في (ب) : النبي.

(7)

في المطبوعة: بصلاته.

(8)

في المطبوعة زاد: الذي توفى فيه.

(9)

ممن عمل به من الصحابة: جابر بن عبد الله، وأسيد بن حضير، وأبو هريرة وغيرهم.

انظر: شرح السنة للبغوي (3 / 422) في باب إذا صلى الإمام قاعدا.

(10)

في المطبوعة: حديث مرض موته.

(11)

في (ب) : لجواز.

(12)

في (ب) : بالصلاة.

(13)

في المطبوعة: وبين الصلاة.

ص: 228

هذه الصلاة (1) في قوله. وإذا صلى قاعدا ولعدم المفسدة التي علل بها، ولأن بناء فعل آخر الصلاة على أولها أولى من بنائها على صلاة الإمام ونحو ذلك من الأمور المذكورة في غير هذا الموضع.

وأيضا فعن عبادة بن الصامت (2) رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اتبع جنازة لم يقعد حتى توضع في اللحد، فعرض (3) له حبر (4) فقال: هكذا نصنع يا محمد. قال: فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: خالفوهم. رواه أبو (5) داود وابن (6)

(1)(الصلاة) : سقطت من (أج د) .

(2)

هو الصحابي الجليل: عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر الخزرجي الأنصاري، أحد نقباء الأنصار، وكنيته: أبو الوليد، شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على بعض الصدقات، وكان ممن جمع القرآن في زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكان يعلم أهل الصفة القرآن، وأرسله عمر بن الخطاب مع بعض الصحابة إلى أهل الشام يعلمونهم القرآن ويفقهونهم في الدين، فأقام بحمص،، ثم بفلسطين،، ثم رجع إلى المدينة في خلاف بينه وبين معاوية فرده عمر إلى الشام وقال لمعاوية: لا إمرة لك عليه، وتوفي رضي الله عنه بالرملة، وقيل: ببيت المقدس سنة (34 هـ)، وعمره (72) سنة. انظر: أسد الغابة (3 / 106، 107) .

(3)

في المطبوعة: فتعرض.

(4)

أي من يهود. والحبر في اللغة: العالم. انظر: القاموس المحيط، فصل الحاء، باب الراء (2 / 2)، والحبر: واحد الأحبار، وهم علماء اليهود ورجال دينهم.

(5)

انظر: سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة، الحديث (3176) ، (3 / 520) ولفظه قريب من هذا اللفظ مع اختلاف يسير، ومنه زيادة:"اجلسوا، خالفوهم".

(6)

انظر: سنن ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في القيام للجنازة، حديث رقم (1545) ، (1 / 493) بهذا اللفظ، وعلق المحقق بعد الحديث:"وقال السندي: قيل إسناده ضعيف".

ص: 229

ماجه والترمذي (1) وقال: بشر بن رافع (2) ليس بالقوي في الحديث (3) .

قلت: قد اختلف العلماء في القيام للجنازة إذا مرت ومعها إذا شيعت، وأحاديث الأمر بذلك كثيرة مستفيضة ومن اعتقد نسخها أو نسخ القيام للمارة (4) فعمدته حديث علي (5) وحديث عبادة هذا.

وإن كان القول بهما (6) ممكنا؛ لأن المشيع يقوم لها حتى توضع عن أعناق الرجال لا في اللحد فهذا الحديث إما أن يقال به جمعا بينه وبين غيره، أو (7) ناسخا لغيره وقد علل المخالفة ومن لا يقول به يضعفه، وذلك لا يقدح في الاستشهاد والاعتضاد به على جنس المخالفة.

(1) انظر: سنن الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الجلوس قبل أن توضع، حديث رقم (1020) ، (3 / 340) .

(2)

هو: بشر بن رافع الحارثي، أبو الأسباط، النجراني، ضعفه أحمد والترمذي والنسائي وأبو حاتم، وقال البخاري: لا يتابع في حديثه. انظر: تهذيب التهذيب (1 / 448 - 450) ، (ت 823) .

(3)

قال الترمذي: "هذا حديث غريب، وبشر بن رافع ليس بالقوي في الحديث". سنن الترمذي (3 / 340) ، وعلى هذا يكون الحديث ضعيفا، لكن يشهد له حديث علي الذي سيشير إليه المؤلف، وانظر الهامش رقم (5) هنا.

(4)

في (ط) : للجنازة. والمقصود بقوله: للمارة، أي: للجنازة المارة.

(5)

حديث علي رواه مسلم ولفظه: "عن علي قال: رأينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قام فقمنا، وقعد فقعدنا - يعني في الجنازة"، وفي لفظ:"قام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم قعد" وفي لفظ: "إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قام، ثم قعد" صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب نسخ القيام للجنازة، الحديث رقم (962) ، (2 / 661، 662) .

(6)

في المطبوعة زاد: كليهما.

(7)

في المطبوعة زاد: يكون.

ص: 230

وقد روى البخاري عن عبد الرحمن بن القاسم (1) أن القاسم (2) كان يمشي بين يدي الجنازة، ولا يقوم لها ويخبر عن عائشة (3) قالت: كان أهل الجاهلية يقومون لها، يقولون (4) إذا رأوها: كنت في أهلك ما كنت. مرتين (5) فقد استدل من كره القيام (6) بأنه كان من (7) فعل الجاهلية وليس ال غرض هنا الكلام في عين هذه المسألة.

(1) هو: عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، تابعي مدني جليل، من الطبقة السادسة، يعد من أكابر علماء المدينة وصالحيهم وأخبارهم في زمنه، وكبير القدر عند عامة المسلمين، كثير الحديث، اتفق سائر علماء الحديث على توثيقه، ذكر ابن حجر في تهذيب التهذيب أن ابن حبان قال في الثقات عنه أنه:"كان من سادات أهل المدينة فقها وعلما وديانة، وفضلا وحفظا وإتقانا"، توفي رحمه الله سنة (126 هـ) بالشام.

انظر: تهذيب التهذيب (6 / 254) ، ترجمة رقم (501) .

(2)

هو: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، من كبار التابعين، من الطبقة الثانية، وهو أبو عبد الرحمن - السابقة ترجمته - الذي روى عنه هنا، ذكر ابن سعد عن الواقدي، قوله:"وكان ثقة، وكان رفيعا عاليا فقيها، إماما كثير الحديث ورعا" يعني القاسم، فهو من مشاهير علماء التابعين وثقاتهم وساداتهم، توفي رحمه الله سنة (106 هـ) .

انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (5 / 178-194) . انظر: تهذيب التهذيب (8 / 333 - 335) ، ترجمة رقم (601) .

(3)

في المطبوعة: "أنها قالت". والصحيح ما أثبته كما في جميع النسخ المخطوطة وفي البخاري.

(4)

يقولون: ساقطة من (أ) .

(5)

رواه البخاري في صحيحه، كتاب مناقب الأنصار، باب أيام الجاهلية.

انظر: فتح الباري (7 / 148) ، حديث رقم (3837) .

(6)

يعني للجنازة.

(7)

في المطبوعة: كان فعل.

ص: 231

وأيضا عن (1) ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللحد لنا والشق لغيرنا رواه أهل السنن الأربعة» (2) وعن جرير بن عبد (3) الله (4) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللحد لنا والشق لغيرنا» رواه أحمد (5) وابن ماجه (6) وفي رواية لأحمد: «والشق لأهل

(1) في المطبوعة: فعن.

(2)

وهم: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

انظر: سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب في اللحد، حديث رقم (3208)، (3 / 544) . وانظر: سنن الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما جاء في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:"اللحد لنا والشق لغيرنا"، حديث رقم (1045) ، (3 / 363)، وقال - أي الترمذي -:"حديث ابن عباس حديث حسن غريب من هذا الوجه"، وقال قبل ذلك:"وفي الباب عن جرير بن عبد الله وعائشة وابن عمر وجابر"(3 / 363) ، والحديث بمجموع طرقه صحيح.

انظر: الجامع الصغير (2 / 474) ، حديث رقم (7747)، قال السيوطي: حديث صحيح. انظر: سنن النسائي، كتاب الجنائز، باب: اللحد والشق (4 / 80) .

وانظر: سنن ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في استحباب اللحد، حديث رقم (1554) ، (1 / 496) .

(3)

في المطبوعة: البجلي.

(4)

هو الصحابي الجليل: جرير بن عبد الله بن جابر - الشليل - بن مالك البجلي، نسبة إلى قبيلة بجيلة، وكنيته: أبو عبد الله، أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأربعين يوما، وكان حسن الصورة، وهو سيد في قومه، ولما دخل على الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أكرمه وقال:"إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه". وكان له في حض المسلمين على القتال في القادسية وغيرها أثر كبير، وأمره عمر على بجيلة - قبيلته -. ومات رضي الله عنه سنة (54 هـ) .

انظر: أسد الغابة (1 / 279، 280) .

(5)

انظر: مسند أحمد (4 / 357، 359) في مسند جرير بن عبد الله.

(6)

انظر: سنن ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في استحباب اللحد، حديث رقم (1555) ، (1 / 496) .

ص: 232