المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالإجماع والآثار] - اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم - جـ ١

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[تقديم بقلم معالي الدكتور الوزير عبد الله بن عبد المحسن التركي]

- ‌[مقدمة]

- ‌[القسم الأول: الدراسة]

- ‌[ترجمة موجزة للمؤلف]

- ‌[وصف النسخ المخطوطة للكتاب]

- ‌[الكتاب المحقق اسمه وتاريخ تأليفه]

- ‌[منهج تحقيق الكتاب والتعليق عليه]

- ‌[دراسة تحليلية لبعض موضوعات الكتاب]

- ‌[أولا الموضوع الرئيس للكتاب]

- ‌[ثانيا دراسة لبعض موضوعات الكتاب]

- ‌[الموضوع الأول تنبيه المؤلف على أصلين مهمين]

- ‌[الموضوع الثاني بعض أنواع البدع والشركيات التي ابتُليت بها الأمة]

- ‌[الموضوع الثالث أثر التشبُّه على الأمة]

- ‌[الموضوع الرابع قواعد أساسية في التشبه]

- ‌[الموضوع الخامس فئات من الناس نهينا عن التشبه بها]

- ‌[الموضوع السادس النهي يعم كل ما هو من سمات الكفار قديمًا وحديثًا]

- ‌[الموضوع السابع متى يباح التشبه بغير المسلمين]

- ‌[الموضوع الثامن في الأعياد والاحتفالات البدعية]

- ‌[الموضوع التاسع في الرطانة]

- ‌[الموضوع العاشر حول مفهوم البدعة]

- ‌[الموضوع الحادي عشر حول بدع القبور والمزارات والمشاهد والآثار ونحوها]

- ‌[القسم الثاني: الكتاب محققا مع التعليق عليه]

- ‌[خطبة الحاجة من كتاب المحقق]

- ‌[سبب تأليف الكتاب]

- ‌[فصل في حال الناس قبل الإسلام]

- ‌[بعض أمور أهل الكتاب والأعاجم التي ابتلي بها بعض المسلمين]

- ‌[الأمر بمخالفة المغضوب عليهم والضالين في الهدي الظاهر]

- ‌[فصل في ذكر الأدلة على الأمر بمخالفة الكفار عموما وفي أعيادهم خصوصا]

- ‌[بيان المصلحة في مخالفة الكفار والتضرر والمفسدة من متابعتهم]

- ‌[الاستدلال من القرآن على النهي عن اتباع الكافرين]

- ‌[الاستدلال من السنة على النهي عن اتباع الكافرين]

- ‌[الاختلاف الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أنواع الاختلاف]

- ‌[عود إلى الاستدلال من القرآن على النهي عن مشابهة الكفار]

- ‌[النهي عن موالاة الكفار ومودتهم]

- ‌[وجوه الأمر بمخالفة الكفار]

- ‌[ذم بعض خصال الجاهلية]

- ‌[الفساد وأنواعه]

- ‌[التشبه مفهومه ومقتضاه]

- ‌[التشديد على النفس أنواعه وآثاره]

- ‌[فصل في ذكر فوائد خطبته صلى الله عليه وعلى آله وسلم العظيمة في يوم عرفة]

- ‌[فصل في الإجماع على الأمر بمخالفة الكفار والنهي عن مشابهتهم]

- ‌[الوجه الأول من دلائل الإجماع]

- ‌[الوجه الثاني من دلائل الإجماع]

- ‌[الوجه الثالث في تقرير الإجماع]

- ‌[فصل في الأمر بمخالفة الشياطين]

- ‌[فصل في الفرق بين التشبه بالكفار والشياطين وبين التشبه بالأعراب والأعاجم]

- ‌[الناس ينقسمون إلى بر وفاجر ومؤمن وكافر ولا عبرة بالنسب]

- ‌[التفاضل بين جنس العرب وجنس العجم]

- ‌[النهي عن بغض العرب]

- ‌[أسباب تفضيل العرب]

- ‌[فصل في أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه]

- ‌[فصل في أقسام أعمال الكفار]

- ‌[فصل في الأعياد]

- ‌[طرق عدم جواز موافقتهم في أعيادهم]

- ‌[الطريق الأول أنه موافقة لأهل الكتاب فيما ليس في ديننا]

- ‌[الطريق الثاني الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار]

- ‌[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالكتاب]

- ‌[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالسنة]

- ‌[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالإجماع والآثار]

- ‌[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالاعتبار]

- ‌[فصل في مشابهتهم فيما ليس من شرعنا]

الفصل: ‌[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالإجماع والآثار]

رواه أحمد والنسائي وابن أبي عاصم (1) وهو محفوظ من حديث عبد الله بن المبارك، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي (2) عن أبيه، عن كريب. وصححه بعض الحفاظ.

وهذا نص في شرع مخالفتهم في عيدهم، وإن كان على طريق الاستحباب، وسنذكر حديث نهيه عن صوم يوم السبت، وتعليل ذلك أيضا بمخالفتهم، ونذكر حكم صومه مفردا عند العلماء، وأنهم متفقون على شرع مخالفتهم في عيدهم وإنما (3) اختلفوا: هل مخالفتهم يوم عيدهم (4) بالصوم لمخالفة فعلهم فيه، أو بالإهمال حتى لا يقصد بصوم ولا بفطر، أو يفرق بين العيد العربي والعيد العجمي؟ على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.

[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالإجماع والآثار]

وأما الإجماع والآثار فمن وجوه: أحدها: ما قدمت التنبيه عليه، من أن اليهود والنصارى والمجوس ما زالوا في أمصار المسلمين بالجزية، يفعلون أعيادهم التي لهم، والمقتضي لبعض ما يفعلونه قائم في كثير من النفوس، ثم لم يكن على عهد السابقين (5) من المسلمين، من يشركهم في شيء من ذلك، فلولا قيام المانع في نفوس

(1) مسند أحمد (6 / 323، 324) ، ولم أجده في السنة لابن أبي عاصم، فلعله في كتاب آخر له.

وأخرجه الحاكم في المستدرك (1 / 109) ، وذكر أنه صحيح الإسناد.

(2)

هو عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، الهاشمي، أبو محمد، من أحفاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، مدني، من الطبقة السادسة، توفي في خلافة المنصور، قال ابن حجر في التقريب:" مقبول "، أخرج له أبو داود والنسائي.

انظر: تقريب التهذيب (1 / 448) ، (ت 610) م.

(3)

ما بين الرقمين: سقط من (أ) .

(4)

ما بين الرقمين: سقط من (أ) .

(5)

في المطبوعة: السلف.

ص: 509

الأمة، كراهة ونهيا عن (1) ذلك، وإلا لوقع ذلك كثيرا؛ إذ الفعل مع وجود مقتضيه، وعدم منافيه: واقع لا محالة، والمقتضى واقع؛ فعلم وجود المانع، والمانع هنا هو: الدين، فعلم أن الدين دين الإسلام هو المانع من الموافقة، وهو المطلوب.

الثاني: أنه قد تقدم في شروط عمر رضي الله عنه، التي اتفقت عليها الصحابة، وسائر الفقهاء بعدهم: أن أهل الذمة من أهل الكتاب لا يظهرون أعيادهم في دار الإسلام، وسموا: الشعانين والباعوث (2) فإذا كان المسلمون قد اتفقوا على منعهم من إظهارها، فكيف يسوغ للمسلمين (3) فعلها؟ أو ليس فعل المسلم لها أشد من فعل الكافر لها، مظهرا لها؟

وذلك: أنا إنما (4) منعناهم من إظهارها؛ لما فيه من الفساد: إما لأنها معصية، أو شعار المعصية، وعلى التقديرين: فالمسلم ممنوع من المعصية، ومن شعار (5) المعصية، ولو لم يكن في فعل المسلم لها من الشر إلا تجرئة الكافر على إظهارها لقوة قلبه بالمسلم (6) إذا فعلها، فكيف وفيها من الشر ما سننبه (7) على بعضه؟

الثالث: ما تقدم من رواية أبي الشيخ الأصبهاني، عن عطاء بن يسار

(1) في (أب) والمطبوعة: من.

(2)

انظر: تعريف الشعانين (1 / 479) في الهامش، و (1 / 537) في المتن، وتعريف الباعوث (1 / 364) في المتن.

(3)

في (أ) : يسوغ المسلمون، وهو تصحيف.

(4)

في (أ) : إذا.

(5)

في (أب) : شعائر.

(6)

في المطبوعة قال: فكيف بالمسلم إذا فعلها؟ .

(7)

في المطبوعة: ما سنبينه على بعضه، إن شاء الله تعالى.

ص: 510

- هكذا رأيته (1) ولعله ابن (2) دينار (3) - قال: قال عمر: " إياكم ورطانة الأعاجم، وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم "(4) .

وروى البيهقي بإسناد صحيح في باب كراهة (5) الدخول على أهل الذمة في كنائسهم (6) والتشبه بهم يوم نيروزهم ومهرجانهم: عن سفيان الثوري، عن ثور بن يزيد (7) عن عطاء بن دينار قال: قال عمر: " لا تعلّموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم؛ فإن السخطة تنزل عليهم "(8) .

وبالإسناد (9) عن الثوري، عن عوف (10) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(1) في (ج) : رأيت.

(2)

في (أ) : ولعله دينار.

(3)

هو: عطاء بن دينار، الهذلي بالولاء، أبو الزيات، المصري، وقيل: أبو الريان، من الطبقة السادسة، قال ابن حجر في التقريب:"صدوق"، إلا أن روايته عن سعيد بن جبير من صحيفته "، أخرج له أبو داود والترمذي، والبخاري في الأدب المفرد، توفي سنة (126هـ) . انظر: تقريب التهذيب (2 / 21) ، (ت 188) .

(4)

انظر: كنز العمال (3 / 886) ، رقم (9034) . وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (9 / 234) ، باب كراهية الدخول على أهل الذمة، وفيه اختلاف يسير في السياق.

(5)

في (أ) : كراهية.

(6)

في كنائسهم: ساقطة من (ج) .

(7)

هو: ثور بن يزيد الكلاعي الحمصي، أبو خالد، من الطبقة السابعة، قال في التقريب:(ثقة، ثبت، إلا أنه يرى القدر) . أخرج له الستة سوى مسلم، توفي سنة (153هـ) .

انظر: تقريب التهذيب (1 / 120) ، (ت 53) .

(8)

السنن الكبرى للبيهقي (9 / 234) ، وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (1 / 411) ، رقم (1609) .

(9)

في (أ) : والإسناد.

(10)

هو: عوف بن أبي جميلة الأعرابي. مرت ترجمته. انظر: فهرس الأعلام.

ص: 511

عن الوليد (1) - أو أبي الوليد -، عن عبد الله بن عمرو (2) قال:" من بنى ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك، حُشر معهم يوم القيامة "(3) .

وروى بإسناده عن البخاري صاحب الصحيح قال: قال لي ابن أبي مريم (4) أنبأنا (5) نافع بن يزيد (6) سمع سلمان بن أبي زينب (7) وعمرو بن الحارث (8) . . . . . . . .

(1) هو: الوليد بن عبدة مولى عمرو بن العاص، قال أبو حاتم: مجهول، وذكره ابن حبان في الثقات، وقد اختلف في اسمه اختلافًا كبيرًا، ولعل هذا هو السبب في شك البيهقي في اسمه هنا، توفي سنة (100هـ) . انظر: تهذيب التهذيب (11 / 141) ، (ت235) ، والجرح والتعديل (9 / 11) ، (ت 49) .

(2)

في (ب) : ابن عمر، والصحيح ابن عمرو. انظر: سنن البيهقي (9 / 234) .

(3)

أخرجه البيهقي في سننه (9 / 234) ، بإسناده من أكثر من طريق عن عبد الله بن عمرو، وسيشير إليها المؤلف.

(4)

هو: سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم، المعروف بابن أبي مريم، الجمحي، المصري، أبو محمد، وثقه الأئمة، وأخرج له الستة، ولد سنة (144هـ)، وتوفى سنة (224هـ) . انظر: تهذيب التهذيب (4 / 17، 18) ، (ت23) .

(5)

في (ج د) : حدثنا.

(6)

هو: نافع بن يزيد الكلاعي، المصري، أبو يزيد، يقال: إنه مولى شرحبيل بن حسنة، أخرج له مسلم وغيره، وقال ابن حجر في التقريب:(ثقة، عابد، من السابعة) توفي سنة (168هـ)، انظر: تقريب التهذيب (2 / 296) ، (ت 28) .

(7)

هو: سليمان بن أبي زينب الشامي، كذا في الجرح والتعديل، وقال في الهامش: السباي. انظر: الجرح والتعديل (4 / 118) ، (ت 512) . وهو في جميع النسخ (سلمان) ، ولعله خطأ من النساخ.

(8)

هو: عمرو بن الحارث بن يعقوب بن عبد الله الأنصاري، مولى قيس، المصري، أبو أمية، وثقه الأئمة، وأخرج له الستة، ولد سنة (90هـ) ، وتوفي سنة (147هـ) وكان عالم الديار المصرية ومحدثها ومفتيها في زمنه.

انظر: تهذيب التهذيب (8 / 14 ـ 16) ، (ت 22) .

ص: 512

سمع (1) سعيد بن سلمة (2) سمع أبان، سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:" اجتنبوا أعداء الله في عيدهم "(3) .

وروى بإسناد صحيح عن أبي أسامة (4) حدثنا عوف، عن أبي المغيرة، عن عبد الله بن عمرو قال:" من بنى ببلاد الأعاجم (5) فصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك؛ حُشر معهم يوم القيامة "(6) وقال: هكذا رواه يحيى بن سعيد، وابن أبي عدي (7)

(1) في (ب) : كذا سعيد بن سلمة، وفي (أ) : سمع سعيد أباه بن سلمة سمع أباه، سمع عمر. . إلخ، ولعله خلط من الناسخ.

(2)

هو: سعيد بن سلمة بن أبي الحسام، مولى آل عمر بن الخطاب، المدني، أبو عمرو، السدوسي، قال ابن حجر في التقريب:(صدوق، صحيح الكتاب، يخطئ من حفظه) ، يعد من الطبقة السابعة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، والبخاري في الأدب المفرد. انظر: تقريب التهذيب (1 / 297) ، (ت 184) ، وتهذيب التهذيب (4 / 41، 42) ، (ت 66) .

(3)

السنن الكبرى للبيهقي (9 / 234) ، وكنز العمال (1 / 405) ، رقم (1732) .

(4)

زاد في (أ) هنا: اجتنبوا أعداء الله في أعيادهم، وروي بإسناد صحيح عن أبي أسامة. . إلخ، أي أنه كرر العبارة، وأظنه خلط من الناسخ، وأبو أسامة هو: حماد بن أسامة بن زيد القرشي، مولاهم، الكوفي، عالم محدث ضابط ثقة، من الطبقة التاسعة، توفي سنة (201هـ) وعمره (80) سنة. انظر: تقريب التهذيب (1 / 195) ، (ت529) ، وتهذيب التهذيب (3 / 2، 3) ، (ت1) .

(5)

في (أ) : العجم.

(6)

السنن الكبرى للبيهقي (9 / 234) .

(7)

هو: محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وقد ينسب إلى جده، أبو عمرو، البصري " ثقة، من التاسعة "، مات سنة (194هـ) ، أخرج له الستة.

انظر: تقريب التهذيب (2 / 141) ، (ت 11) .

ص: 513

وغندر (1) وعبد الوهاب (2) عن عوف، عن (3) أبي المغيرة، عن عبد الله بن عمرو من قوله (4) .

وبالإسناد إلى أبي أسامة، عن حماد بن زيد، (5) عن هشام (6) عن (7) محمد بن سيرين قال:" أُتِي علي رضي الله عنه بهدية (8) النيروز، فقال: ما هذه؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، هذا يوم النيروز، قال: فاصنعوا كل يوم نيروزا (9) قال أبو أسامة: كره رضي الله عنه أن يقول: نيروزا "(10) .

قال البيهقي: وفي هذا: الكراهة لتخصيص يوم بذلك لم يجعله الشرع مخصوصا به.

(1) هو: محمد بن جعفر المدني، البصري، قال ابن حجر في التقريب:" ثقة، صحيح الكتاب، إلا أن فيه غفلة "، من الطبقة التاسعة، أخرج له الستة، توفي سنة (194هـ) .

انظر: تقريب التهذيب (2 / 151) ، (ت108) .

(2)

هو: عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصلت بن عبيد الله بن الحكم بن أبي العاص الثقفي، أبو محمد، البصري، ثقة، أخرج له الستة، وتغير قبل موته بثلاث سنين، توفي سنة (194هـ) ، وكانت ولادته سنة (108هـ) .

انظر: تهذيب التهذيب (6 / 449، 450) ، (ت 934) .

(3)

في المطبوعة: عن عوف بن أبي المغيرة، وهو تحريف، حيث جعل " عن ":" ابن ".

(4)

السنن الكبرى للبيهقي (9 / 234) .

(5)

هو: حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي، مرت ترجمته. انظر: فهرس الأعلام.

(6)

هو: هشام بن حسان، مرت ترجمته. انظر: فهرس الأعلام.

(7)

في المطبوعة: هشام بن محمد بن سيرين. فهو تحريف لـ: (عن)، حتى صارت:(ابن) .

(8)

في المطبوعة: بمثل النيروز.

(9)

في السنن الكبرى: فيروز بالفاء (9 / 235) ، ويظهر لي أنه أصح، لأنه كره أن يقول: نيروزًا - حسب تعليل أبي أسامة - فقال: فيروزًا.

(10)

السنن الكبرى (9 / 235) .

ص: 514

وهذا عمر نهى عن تعلم (1) لسانهم، وعن مجرد دخول الكنيسة (2) عليهم يوم عيدهم، فكيف بفعل بعض أفعالهم؟ أو بفعل ما هو من مقتضيات دينهم؟ .

أليست موافقتهم في العمل أعظم من الموافقة في اللغة؟ أو (3) ليس عمل (4) بعض أعمال عيدهم (5) أعظم من مجرد الدخول عليهم في عيدهم؟

وإذا كان السخط ينزل عليهم يوم عيدهم بسبب عملهم؛ فمن يشركهم في العمل أو بعضه: أليس قد يعرض لعقوبة ذلك؟

ثم قوله: " واجتنبوا أعداء الله في عيدهم " أليس نهيا عن لقائهم والاجتماع بهم فيه؟ فكيف بمن عمل عيدهم؟

وأما عبد الله بن عمرو (6) فصرح أنه: " من بنى ببلادهم، وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت؛ حشر معهم "(7) وهذا يقتضي أنه جعله كافرا بمشاركتهم في مجموع هذه الأمور، أو جعل ذلك من الكبائر الموجبة للنار، وإن كان الأول ظاهر لفظه، فتكون المشاركة في بعض ذلك معصية؛ لأنه لو لم يكن مؤثرا في استحقاق العقوبة لم يجز جعله جزءا (8) من المقتضى، إذ المباح لا يعاقب عليه، وليس الذم على بعض ذلك مشروطا ببعض؛ لأن أبعاض (9) ما

(1) تعلم: ساقطة من المطبوعة.

(2)

في (أ) : السكينة، وهو تحريف.

(3)

في (أ) : وأليس.

(4)

"عمل": ساقطة من المطبوعة.

(5)

في (أ) زاد: بسبب عملهم.

(6)

في (أط) : ابن عمر، والصحيح: ابن عمرو، كما سبق ذكره في المتن، وكما هو مثبت من بقية النسخ.

(7)

السنن الكبرى للبيهقي (9 / 234) وقد مر.

(8)

في المطبوعة: جزاء.

(9)

في (أ) : العارض.

ص: 515

ذكره يقتضي الذم مفردا.

وإنما ذكر (1) - والله أعلم - من بنى ببلادهم؛ لأنهم على عهد عبد الله بن عمرو (2) وغيرهم من الصحابة كانوا ممنوعين من إظهار أعيادهم بدار الإسلام، وما كان أحد من المسلمين يتشبه بهم في عيدهم (3) وإنما كان يتمكن من ذلك بكونه في أرضهم.

وأما علي رضي الله عنه، فكره موافقتهم في اسم يوم العيد الذي ينفردون به، فكيف بموافقتهم في العمل؟

وقد نص أحمد على معنى ما جاء عن عمر وعلي رضي الله عنهما في ذلك، وذكر أصحابه مسأله العيد.

وقد تقدم قول القاضي أبي يعلى: مسألة في المنع من حضور أعيادهم.

وقال الإمام أبو الحسن الآمدي - المعروف بابن البغدادي (4) - في كتابه: عمدة الحاضر وكفاية المسافر: " فصل: لا يجوز شهود أعياد النصارى (5) واليهود، نص عليه أحمد في رواية مهنا (6) واحتج بقوله تعالى:{وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان: 72]

(1) في (أط) : ذكروا والله أعلم.

(2)

في (أ) : ابن عمر.

(3)

في (أ) : أعيادهم.

(4)

في (ج د) : البغدي. والصحيح ما أثبته. انظر ترجمته (ص 383) من هذا الجزء.

(5)

في (ج د) : ولا اليهود.

(6)

في (أ) : منها. والصحيح مهنا. اسم شخص.

هو: مهنا بن يحيى الشامي السلمي، أبو عبد الله، من كبار أصحاب الإمام أحمد، ونقل عنه أشياء كثيرة من الأحكام والمسائل، وصحبه أكثر من أربعين عامًا، وكان الإمام يجله، وذكر ابن حجر في لسان الميزان أن الدارقطني قال عنه:" ثقة نبيل " وأن ابن حبان ذكره في الثقات، وأن الأزدي قال:" منكر الحديث ".

انظر: طبقات الحنابلة (1 / 345) ، (ت 495) ، ولسان الميزان (6 / 108) ، (ت 379) .

ص: 516

، قال: الشعانين وأعيادهم، فأما ما يبيعون في الأسواق في أعيادهم فلا بأس بحضوره، نص عليه أحمد في رواية مهنا، وقال: إنما يمنعون أن يدخلوا عليهم بيعهم وكنائسهم، فأما ما يباع في الأسواق من المأكل فلا، وإن قصد إلى توفير ذلك وتحسينه لأجلهم ".

وقال الخلال في جامعه: " باب في كراهية (1) خروج المسلمين في أعياد المشركين " وذكر عن مهنا قال: " سألت أحمد عن شهود هذه الأعياد التي تكون عندنا بالشام، مثل: طور يانور (2) ودير أيوب (3) وأشباهه، يشهده المسلمون، يشهدون الأسواق، ويجلبون (4) الغنم فيه، والبقر، والدقيق (5) والبر، والشعير، (6) وغير ذلك، إلا أنه إنما يكون (7) في الأسواق يشترون، ولا يدخلون عليهم بيعهم؟

قال: إذا لم يدخلوا عليهم بيعهم، وإنما يشهدون السوق فلا بأس ".

فإنما رخص أحمد رحمه الله في شهود السوق بشرط: أن لا يدخلوا عليهم بيعهم؛ فعلم منعه من دخول بيعهم.

وكذلك أخذ الخلال من ذلك: المنع من خروج المسلمين في أعيادهم، فقد نص أحمد على مثل ما جاء عن عمر رضي الله عنه من المنع من دخول

(1) في المطبوعة وفي (ب) : كراهة.

(2)

في (ج د) : طور يا نود. وفي المطبوعة: طور يا بور. ولم أجد له ذكرًا.

(3)

دير أيوب: قرية بحوران من نواحي دمشق. يقال: إن أيوب عليه السلام كان بها، وأنه ابتلي بها، وفيها قبره، والله أعلم. انظر: معجم البلدان لياقوت (2 / 499) .

(4)

في (أ) : ويحطون.

(5)

في المطبوعة: والرقيق.

(6)

الشعير: سقطت من (أ) .

(7)

في المطبوعة: إلا أنهم إنما يدخلون.

ص: 517

كنائسهم في أعيادهم، وهو كما ذكرنا من باب التنبيه عن المنع عن (1) أن يفعل (2) كفعلهم.

وأما الرطانة (3) وتسمية شهورهم بالأسماء العجمية، فقال أبو محمد الكرماني - المسمى بحرب -: باب تسمية الشهور بالفارسية: قلت لأحمد: فإن للفرس أياما وشهورا يسمونها بأسماء لا تعرف؟ فكره ذلك أشد الكراهة، وروى فيه عن مجاهد حديثا (4) أنه كره أن يقال: آذرماه (5) وذي ماه (6) قلت: فإن كان اسم رجل أسميه به؟ فكرهه.

قال: وسألت إسحاق قلت: تاريخ الكتاب يكتب بالشهور الفارسية مثل: آذرماه، وذي ماه؟ قال: إن لم يكن في تلك الأسامي اسم يكره، فأرجو. قال: وكان ابن المبارك يكره إيزدان (7) يحلف به، وقال: لا آمن أن يكون أضيف إلى شيء يعبد، وكذلك الأسماء الفارسية قال: وكذلك أسماء العرب، كل شيء (8) مضاف. قال: وسألت إسحاق مرة أخرى قلت: الرجل يتعلم شهور الروم والفرس؟ قال: كل اسم معروف في كلامهم فلا بأس (9) .

(1) في المطبوعة: باب التنبيه عن المنع من أن يفعل.

(2)

في (ج د) : نفعل.

(3)

الرطانة: التكلم بالأعجمية. انظر: مختار الصحاح، مادة (ر ط ن) ، (ص 246) .

(4)

حديثا: سقطت من المطبوعة، وهي في (أ) : حدثنا.

(5)

آذرماه، وذي ماه: أسماء شهور بالفارسية، وماه تعني: شهر.

انظر: السامي في الأسامي للنيسابوري (ص360) .

(6)

نفس التعليق السابق.

(7)

في (أ) : ايزكان يحلف به. ولم أجد تفسيرًا لمعناها.

(8)

شيء: سقطت من (أ) .

(9)

من قوله: فلا بأس، إلى قوله: جاز أن يكون (سطر تقريبا) حذفه من (أ) وجاء به بعد (فلا ينطق) بحيث لا يستقيم المعنى. وهو خلط من الناسخ.

ص: 518

فما قاله أحمد من كراهة هذه الأسماء له وجهان:

أحدهما: إذا لم يعرف معنى الاسم، جاز أن يكون معنى محرما، فلا ينطق المسلم بما لا يعرف معناه، ولهذا كرهت الرقى العجمية، كالعبرانية (1) أو السريانية، أو غيرها؛ خوفا أن يكون فيها معان لا تجوز.

وهذا المعنى هو الذي اعتبره إسحاق، لكن إن (2) علم أن المعنى مكروه فلا ريب في كراهته، وإن جهل معناه فأحمد كرهه، وكلام إسحاق يحتمل أنه لم يكرهه.

الوجه الثاني (3) كراهته أن يتعود الرجل النطق بغير العربية، فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر (4) الأمم التي بها يتميزون، ولهذا كان كثير من الفقهاء أو أكثرهم يكرهون في الأدعية التي في الصلاة والذكر: أن يُدعى الله أو يذكر بغير العربية.

وقد اختلف الفقهاء في أذكار الصلوات (5) هل تقال بغير العربية؟ وهي ثلاث درجات: أعلاها القرآن، ثم الذكر الواجب غير القرآن، كالتحريمة بالإجماع (6) وكالتحليل والتشهد عند من أوجبهما (7) ثم الذكر غير الواجب، من دعاء أو تسبيح أو تكبير أو غير ذلك.

فأما القرآن: فلا يقرؤه (8) بغير العربية، سواء قدر عليها أو لم يقدر عند

(1) في (أط) : بالعبرانية.

(2)

في المطبوعة: إذا علم.

(3)

في (ج د) وفي المطبوعة: في كراهة.

(4)

في (ج د) : شعار.

(5)

في (ج د) وفي المطبوعة: الصلاة.

(6)

في (ج د) : بإجماع.

(7)

في المطبوعة: أوجبه.

(8)

في (أ) : لغير العربية.

ص: 519

الجمهور، وهو الصواب الذي لا ريب فيه، بل قد قال غير واحد: إنه يمتنع أن يترجم سورة، أو ما يقوم به الإعجاز.

واختلف أبو حنيفة وأصحابه في القادر على العربية.

وأما الأذكار الواجبة: فاختلف في منع ترجمة القرآن (1) هل يترجمها (2) العاجز عن العربية، وعن تعلمها؟ وفيه لأصحاب أحمد وجهان، أشبهها بكلام أحمد: أنه لا يترجم، وهو قول مالك وإسحاق، والثاني: يترجم، وهو قول أبي يوسف ومحمد والشافعي.

وأما سائر الأذكار فالمنصوص من الوجهين، أنه لا يترجمها (3) ومتى فعل بطلت صلاته، وهو قول مالك وإسحاق وبعض أصحاب الشافعي.

والمنصوص عن الشافعي: أنه يكره ذلك بغير العربية ولا تبطل، ومن أصحابنا من قال: له ذلك، إذا لم يحسن العربية.

وحكم النطق بالعجمية في العبادات: من الصلاة والقراءة والذكر، كالتلبية والتسمية على الذبيحة، وفي العقود والفسوخ، كالنكاح واللعان وغير ذلك: معروف في كتب الفقه.

وأما الخطاب بها من غير حاجة في أسماء الناس والشهور (4) - كالتواريخ ونحو ذلك - فهو منهي عنه، مع الجهل بالمعنى، بلا ريب، وأما مع العلم به فكلام أحمد بين في كراهته أيضا، فإنه (5) كره: آذرماه، ونحوه، ومعناه ليس محرما.

وأظنه سئل عن الدعاء في الصلاة بالفارسية فكرهه وقال: لسان سوء!

(1) على أنه من الأذكار الواجبة كما أشار المؤلف آنفًا.

(2)

في المطبوعة: هل تترجم للعاجز.

(3)

في (أج د) : لا يترجمهما.

(4)

في المطبوعة: والشهود.

(5)

فإنه: ساقطة من (أ) .

ص: 520

وهو أيضا قد أخذ بحديث عمر رضي الله عنه الذي فيه النهي عن رطانتهم، وعن شهود أعيادهم، وهذا (1) قول مالك أيضا؛ فإنه قال: لا يُحرم بالعجمية، ولا يدعو بها ولا يحلف بها، وقال: نهى عمر عن رطانة الأعاجم وقال: " إنها خب "(2) فقد استدل بنهي عمر عن الرطانة مطلقا.

وقال الشافعي فيما رواه السلفي (3) بإسناد معروف إلى محمد بن عبد الله بن (4) عبد الحكم (5) قال: سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول: " سمى الله الطالبين من فضله في الشراء والبيع: تجارا، ولم تزل العرب تسميهم التجار، ثم سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمى الله به من التجارة بلسان العرب، والسماسرة اسم من أسماء العجم، فلا نحب أن يسمي رجل يعرف العربية تاجرا، إلا تاجرا، ولا ينطق بالعربية فيسمى شيئا بأعجمية، وذلك أن اللسان الذي اختاره الله عز وجل لسان العرب، فأنزل (6) به كتابه العزيز، وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم: ولهذا نقول: ينبغي لكل أحد يقدر على تعلم العربية أن يتعلمها (7) ؛ لأنه اللسان الأولى بأن يكون مرغوبا فيه من غير أن يحرم على أحد أن ينطق بأعجمية ".

(1) في (أ) : وهو.

(2)

انظر: المدونة (1 / 62، 63) .

(3)

السلفي: سقطت من (أ) .

(4)

في المطبوعة: بن الحكم، وهو خطأ ولعله سقط مطبعي.

(5)

هو: محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن ليث المصري، أبو عبد الله، كان عالمًا فقيهًا فاضلا، قال عنه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل:" وهو صدوق ثقة أحد فقهاء مصر من أصحاب مالك"، ووثقه النسائي وأخرج له في سننه، توفي سنة (268هـ)، وكانت ولادته سنة (182هـ) . انظر: الجرح والتعديل (7 / 300، 301) ، (ت 1630) ، وتهذيب التهذيب (9 / 260، 262) ، (ت 433) .

(6)

به: سقطت من (ب) .

(7)

أن يتعلمها: سقطت من (أ) .

ص: 521

فقد كره الشافعي لمن يعرف العربية، أن يسمي بغيرها، وأن يتكلم بها خالطا لها بالعجمية، وهذا الذي (1) قاله الأئمة مأثور عن الصحابة والتابعين.

وقد قدمنا عن عمر (2) وعلي رضي الله عنهما ما ذكره.

وروى أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف، حدثنا وكيع (3) عن أبي هلال (4) عن ابن (5) بريدة (6) قال: قال عمر: " ما تكلم الرجل الفارسية إلا خَبّ (7) ولا خَبّ رجل إلا نقصت مروءته ".

وقال: حدثنا وكيع، عن ثور، عن عطاء قال:" لا تعلموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا عليهم كنائسهم، فإن السخط ينزل عليهم "(8) .

(1) في المطبوعة: وهذا الذي ذكره قاله الأئمة. أي بزيادة (ذكره) .

(2)

في (أ) : وعن علي.

(3)

هو: وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، الكوفي الحافظ، إمام حافظ ثقة ثبت، فقيه ورع، ولد سنة (128هـ) ، وتوفي سنة (196هـ) .

انظر: تهذيب التهذيب (11 / 123- 231) ، (ت 211) .

(4)

هو: الراسبي. مرت ترجمته. انظر: فهرس الأعلام.

(5)

في (ج د) وفي المطبوعة: عن أبي بريدة، وما أثبته أصح. انظر ترجمته التالية.

(6)

هذا اللقب يُطلق على الأخوين: سليمان وعبد الله ابني بريدة الأسلمي، والأرجح أن المقصود منهما هنا هو عبد الله، كما أفاد بذلك ابن حجر في تهذيب التهذيب (12 / 286) ، (ت 1346) أنه عند الإبهام فالمقصود منهما عبد الله، إلا إذا روى عنه (أشخاص ذكرهم ابن حجر ليس فيهم أبو هلال المذكور هنا)، فالمترجم هنا: عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي، تابعي تولى قضاء مرو، وثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم، وأخرج له الستة، ولد سنة (15هـ) ، وتوفي سنة (115هـ) .

انظر: تهذيب التهذيب (5 / 157، 158) ، (ت 270) .

(7)

خب: أي صار خداعًا، من الخِب ـ بالكسر ـ وهو: المكر والخداع والغش.

انظر: القاموس المحيط، فصل الخاء، باب الباء (1 / 16) .

(8)

مصنف ابن أبي شيبة (9 / 11) ، رقم (6332) .

ص: 522

وهذا هو (1) الذي روينا فيما تقدم عن عمر رضي الله عنه.

وقال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن داود بن أبي هند، أن محمد بن سعد بن أبي وقاص (2) سمع قوما يتكلمون بالفارسية فقال: " ما بال المجوسية بعد الحنيفية؟ (3) .

وقد روى السلفي من حديث سعيد بن العلاء البرذعي (4) حدثنا إسحاق بن إبراهيم البلخي (5) حدثنا عمر بن هارون البلخي (6) حدثنا (7) أسامة بن زيد (8) عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1) هو: ساقطة من (أ) والمطبوعة.

(2)

هو: ابن الصحابي سعد بن أبي وقاص، تابعي مدني نزل الكوفة، ثقة، أخرج له البخاري ومسلم، وقتله الحجاج في فتنة ابن الأشعث سنة (80 هـ) .

انظر: تهذيب التهذيب (9 / 183) ، (ت274) .

(3)

مصنف ابن أبي شيبة (9 / 11) ، رقم (6333) .

(4)

هو: سعيد بن القاسم بن العلاء البرذعي، ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ (3 / 936، 937)، (ت 889) . وقال: مات سنة (362 هـ) . وكذا سماه الحاكم في المستدرك (4 / 87) .

(5)

هو: إسحاق بن إبراهيم الجريري البلخي، ولم أجد له ترجمة وافية.

انظر: مستدرك الحاكم (4 / 87) .

(6)

هو: عمر بن هارون بن يزيد، الثقفي بالولاء، البلخي، من الحفاظ المكثرين، لكنه متروك الحديث، توفي سنة (194هـ) .

انظر: تقريب التهذيب (2 / 64) ، (ت 521) ؛ ويحيى بن معين وكتابه التاريخ (2 / 435) .

(7)

في (ب ج د) : أنا. أي أنبأنا.

(8)

هو: أسامة بن زيد، الليثي بالولاء، أبو زيد، المدني، قال ابن حجر: صدوق يهم، مات ستة (153هـ) وعمره بضع وسبعون سنة.

انظر: تقريب التهذيب (2 / 53) ، (ت 358) .

ص: 523

«من يحسن أن يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالعجمية فإنه يورث النفاق» (1) .

ورواه أيضا بإسناد معروف، إلى أبي سهل (2) محمود بن عمر العكبري (3) حدثنا محمد بن الحسن بن محمد المقري (4) حدثنا أحمد بن الخليل (5) - ببلخ - حدثنا إسحاق بن ابراهيم الحريري (6) حدثنا عمر بن هارون، عن أسامة بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان يحسن أن يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالفارسية فإنه يورث النفاق» (7) .

وهذا الكلام يشبه كلام عمر بن الخطاب، وأما رفعه فموضع تبين.

ونقل عن طائفة منهم، أنهم كانوا يتكلمون بالكلمة بعد الكلمة من العجمية، قال أبو خلدة (8) كلمني أبو العالية بالفارسية (9) وقال منذر

(1) وأخرجه الحاكم في المستدرك (4 / 87) ، وفيه عمر بن هارون، متروك.

(2)

في المطبوعة: أبي سهيل. وما أثبته من النسخ المخطوطة أصح.

انظر: لسان الميزان (6 / 3) ، (ت 5) .

(3)

ذكره ابن حجر في لسان الميزان ولم يذكر في توثيقه وتضعيفه شيئا. (6 / 3) ، (ت 5) .

(4)

لعله: محمد بن الحسن بن محمد بن زياد، الموصلي، ثم البغدادي، المقرئ المفسر المشهور بالنقاش، وهو متروك الحديث، ولد سنة (266هـ) ، وتوفي سنة (351 هـ) .

انظر: تذكرة الحفاظ (2 / 908، 909) ، (ت 872) ، الجزء الثالث.

(5)

سماه الحاكم في المستدرك (4 / 87) : أحمد بن الليث بن الخليل، ولم أعثر له على ترجمة.

(6)

كذا في جميع النسخ المخطوطة: الحريري. ولعل (الجريري) أصح كما في المستدرك (4 / 87) وأشرت إلى ترجمته قبل قليل.

(7)

لم أجده.

(8)

هو: خالد بن دينار التميمي السعدي، أبو خلدة، البصري، الخياط، صدوق، من الطبقة الخامسة، أخرج له البخاري والنسائي وأبو داود والترمذي.

انظر: تقريب التهذيب (1 / 213) ، (ت 26) .

(9)

منصف ابن أبي شيبة (9 / 11) ، رقم (6334) .

ص: 524

الثوري (1) سأل رجل محمد بن الحنفية (2) عن الجبن، فقال: يا جارية اذهبي بهذا الدرهم فاشتري به نبيزا (3) فاشترت به نبيزا (4) ثم جاءت به، يعني الجبن (5) .

وفي الجملة: فالكلمة بعد الكلمة من العجمية، أمرها قريب، وأكثر ما يفعلون ذلك (6) إما لكون المخاطب أعجميا، أو قد اعتاد العجمية، يريدون تقريب الأفهام عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم خالد بنت خالد بن سعيد بن (7) العاص (8) - وكانت صغيرة قد ولدت بأرض الحبشة لما هاجر أبوها، فكساها النبي صلى الله عليه وسلم خميصة (9) وقال:«يا أم خالد، هذا سنا» والسنا بلغة الحبشة: الحسن (10) .

(1) هو: المنذر بن يعلى الثوري، أبو يعلى، الكوفي، ثقة، من الطبقة السادسة، أخرج له الستة. انظر: تقريب التهذيب (2 / 275) ، (ت 1376) .

(2)

هو: محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو القاسم، سمي (ابن الحنفية) لأن أمه من بني حنيفة، ثقة عالم، من الطبقة الثانية، أخرج له الستة، ومات بعد الثمانين.

انظر: تقريب التهذيب (2 / 192) ، (ت 549) .

(3)

في المطبوعة: تنبيزًا في الموضعين. ولعل ما أثبته أصح، لإجماع المخطوطات عليه. وفي مصنف ابن أبي شيبة (المطبوع) : بنيرًا (9 / 12) ، رقم (6337) .

(4)

نفس التعليق السابق.

(5)

في المطبوعة: يعني الخبز. والصحيح ما أثبته من النسخ المخطوطة.

(6)

ذلك: ساقطة من (أ) .

(7)

في (ب) : أبو العاص، والصحيح (ابن) كما هو مثبت.

(8)

صحابية جليلة، كان اسمها: أمة، لكنها اشتهرت بكنيتها (أم خالد) ، أخرج لها البخاري هذا الحديث، ويذكر بعض المؤرخين أنها عمرت.

انظر: الإصابة (4 / 238) ، (ت 82) النساء.

(9)

في المطبوعة: قميصًا.

(10)

هذا جزء من حديث أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما يدعى لمن لبس ثوبًا جديدًا، الحديث رقم (5845) من فتح الباري (10 / 303) .

ص: 525

وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال لمن أوجعه بطنه: " أشكم بدرد "(1) وبعضهم يرويه مرفوعا، ولا يصح.

وأما اعتياد الخطاب بغير اللغة العربية - التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن - حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله، أو لأهل الدار، أو للرجل مع صاحبه، أو لأهل السوق، أو للأمراء، أو لأهل الديوان، أو لأهل الفقه، فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم، وهو مكروه كما تقدم.

ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر، ولغة أهلهما رومية، وأرض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية، وأهل (2) المغرب، ولغة أهلها بربرية (3) عوّدوا أهل هذه البلاد العربية، حتى غلبت على أهل هذه الأمصار: مسلمهم وكافرهم، وهكذا كانت خراسان قديما.

ثم (4) إنهم تساهلوا في أمر اللغة، واعتادوا الخطاب بالفارسية، حتى غلبت عليهم وصارت العربية مهجورة (5) عند كثير منهم، ولا ريب أن هذا مكروه، وإنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية، حتى يتلقنها الصغار في المكاتب وفي الدور (6) فيظهر شعار الإسلام وأهله، ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب والسنة وكلام السلف، بخلاف من اعتاد لغة، ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى فإنه يصعب.

(1) شكم تعني بالفارسية: البطن. انظر: السامي في الأسامي للنيسابوري (ص102) ، ولم أعثر على معنى (بدرد) ، ولعلها بمعنى الوجع ونحوه.

(2)

في (ج د) : وأرض.

(3)

في (ط) : بريرية. وهو تصحيف من الناسخ.

(4)

ثم: سقطت من (أ) .

(5)

في (ب) : مجهولة.

(6)

في المطبوعة: في الدور والمكاتب.

ص: 526

واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل، والخلق، والدين تأثيرا قويا بينا، ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق.

وأيضا فإن نفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب، فإن فهم الكتاب (1) والسنة فرض، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

ثم منها ما هو واجب على الأعيان، ومنها ما هو واجب على الكفاية، وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا عيسى بن يونس (2) عن ثور (3) عن عمر بن زيد (4) قال: كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: " أما بعد: فتفقهوا في السنة (5) وتفقهوا في العربية وأعربوا القرآن، فإنه عربي ".

وفي حديث (6) آخر عن عمر رضي الله عنه أنه قال: " تعلموا

(1) في (ب ج د) : كتاب الله والسنَّة.

(2)

هو: عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، كوفي نزل الشام مرابطًا، أي في سبيل الله، قال ابن حجر:" ثقة مأمون " يعد في الطبقة الثامنة، أخرج له الستة، توفي سنة (191هـ) . انظر: تقريب التهذيب (2 / 103) ، (ت 933) ع.

(3)

عن ثور: ساقطة من (أ) .

هو: ثور بن يزيد الكلاعي. مرت ترجمته. انظر: فهرس الأعلام.

(4)

في المطبوعة وفي (ب) : ابن يزيد. والصحيح ما أثبته.

انظر: التاريخ الكبير للبخاري (6 / 157)، وقال البخاري وابن أبي حاتم:" عمر بن زيد قال: كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى، مرسل روى عنه ثور بن يزيد " ولم أجد عنه أكثر مما ذكر هنا.

انظر: التاريخ الكبير (6 / 157) ، والجرح والتعديل (6 / 109) .

(5)

فتفقهوا في السنَّة: سقطت من (ج د) .

(6)

من هنا سقطت ورقة من المخطوطة (ب) ، وسأنبه على استئنافها (ص 531) .

ص: 527