المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في أقسام أعمال الكفار] - اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم - جـ ١

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[تقديم بقلم معالي الدكتور الوزير عبد الله بن عبد المحسن التركي]

- ‌[مقدمة]

- ‌[القسم الأول: الدراسة]

- ‌[ترجمة موجزة للمؤلف]

- ‌[وصف النسخ المخطوطة للكتاب]

- ‌[الكتاب المحقق اسمه وتاريخ تأليفه]

- ‌[منهج تحقيق الكتاب والتعليق عليه]

- ‌[دراسة تحليلية لبعض موضوعات الكتاب]

- ‌[أولا الموضوع الرئيس للكتاب]

- ‌[ثانيا دراسة لبعض موضوعات الكتاب]

- ‌[الموضوع الأول تنبيه المؤلف على أصلين مهمين]

- ‌[الموضوع الثاني بعض أنواع البدع والشركيات التي ابتُليت بها الأمة]

- ‌[الموضوع الثالث أثر التشبُّه على الأمة]

- ‌[الموضوع الرابع قواعد أساسية في التشبه]

- ‌[الموضوع الخامس فئات من الناس نهينا عن التشبه بها]

- ‌[الموضوع السادس النهي يعم كل ما هو من سمات الكفار قديمًا وحديثًا]

- ‌[الموضوع السابع متى يباح التشبه بغير المسلمين]

- ‌[الموضوع الثامن في الأعياد والاحتفالات البدعية]

- ‌[الموضوع التاسع في الرطانة]

- ‌[الموضوع العاشر حول مفهوم البدعة]

- ‌[الموضوع الحادي عشر حول بدع القبور والمزارات والمشاهد والآثار ونحوها]

- ‌[القسم الثاني: الكتاب محققا مع التعليق عليه]

- ‌[خطبة الحاجة من كتاب المحقق]

- ‌[سبب تأليف الكتاب]

- ‌[فصل في حال الناس قبل الإسلام]

- ‌[بعض أمور أهل الكتاب والأعاجم التي ابتلي بها بعض المسلمين]

- ‌[الأمر بمخالفة المغضوب عليهم والضالين في الهدي الظاهر]

- ‌[فصل في ذكر الأدلة على الأمر بمخالفة الكفار عموما وفي أعيادهم خصوصا]

- ‌[بيان المصلحة في مخالفة الكفار والتضرر والمفسدة من متابعتهم]

- ‌[الاستدلال من القرآن على النهي عن اتباع الكافرين]

- ‌[الاستدلال من السنة على النهي عن اتباع الكافرين]

- ‌[الاختلاف الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أنواع الاختلاف]

- ‌[عود إلى الاستدلال من القرآن على النهي عن مشابهة الكفار]

- ‌[النهي عن موالاة الكفار ومودتهم]

- ‌[وجوه الأمر بمخالفة الكفار]

- ‌[ذم بعض خصال الجاهلية]

- ‌[الفساد وأنواعه]

- ‌[التشبه مفهومه ومقتضاه]

- ‌[التشديد على النفس أنواعه وآثاره]

- ‌[فصل في ذكر فوائد خطبته صلى الله عليه وعلى آله وسلم العظيمة في يوم عرفة]

- ‌[فصل في الإجماع على الأمر بمخالفة الكفار والنهي عن مشابهتهم]

- ‌[الوجه الأول من دلائل الإجماع]

- ‌[الوجه الثاني من دلائل الإجماع]

- ‌[الوجه الثالث في تقرير الإجماع]

- ‌[فصل في الأمر بمخالفة الشياطين]

- ‌[فصل في الفرق بين التشبه بالكفار والشياطين وبين التشبه بالأعراب والأعاجم]

- ‌[الناس ينقسمون إلى بر وفاجر ومؤمن وكافر ولا عبرة بالنسب]

- ‌[التفاضل بين جنس العرب وجنس العجم]

- ‌[النهي عن بغض العرب]

- ‌[أسباب تفضيل العرب]

- ‌[فصل في أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه]

- ‌[فصل في أقسام أعمال الكفار]

- ‌[فصل في الأعياد]

- ‌[طرق عدم جواز موافقتهم في أعيادهم]

- ‌[الطريق الأول أنه موافقة لأهل الكتاب فيما ليس في ديننا]

- ‌[الطريق الثاني الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار]

- ‌[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالكتاب]

- ‌[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالسنة]

- ‌[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالإجماع والآثار]

- ‌[النهي عن موافقتهم في أعيادهم بالاعتبار]

- ‌[فصل في مشابهتهم فيما ليس من شرعنا]

الفصل: ‌[فصل في أقسام أعمال الكفار]

[فصل في أقسام أعمال الكفار]

فصل قد ذكرنا من دلائل الكتاب والسنة والإجماع والآثار والاعتبار، ما دل على أن التشبه بهم (1) في الجملة منهي عنه، وأن مخالفتهم في هديهم مشروع، إما إيجابا، وإما استحبابا بحسب المواضع.

وقد تقدم بيان: أن ما أمر (2) به من مخالفتهم: مشروع، سواء كان ذلك الفعل مما قصد فاعله التشبه بهم، أو لم يقصد، وكذلك ما نهي عنه من مشابهتهم: يعم ما إذا قصدت مشابهتهم، أو لم تقصد؛ فإن عامة هذه الأعمال لم يكن المسلمون يقصدون المشابهة فيها، وفيها ما لا يتصور قصد المشابهة فيه، كبياض الشعر، وطول الشارب، ونحو ذلك.

ثم اعلم أن أعمالهم ثلاثة أقسام:

- قسم مشروع في ديننا، مع كونه كان مشروعا لهم، أو لا يعلم أنه كان مشروعا لهم (3) لكنهم يفعلونه الآن.

- وقسم كان مشروعا ثم نسخه شرع القرآن.

- وقسم لم يكن مشروعا بحال، وإنما هم أحدثوه.

(1) الضمير يرجع إلى الكفار والأعاجم ونحوهم ممن سبق الكلام عن النهي عن التشبه بهم.

(2)

في المطبوعة: ما أمرنا الله ورسوله به.

(3)

لهم: ساقطة من (ب) .

ص: 473

وهذه الأقسام الثلاثة: إما أن تكون (1) في العبادات المحضة، وإما أن تكون (2) في العادات المحضة، وهي الآداب، وإما أن تجمع العبادات والعادات، فهذه تسعة أقسام (3) -.

فأما القسم الأول: وهو ما كان مشروعا في الشريعتين، أو ما كان مشروعا لنا وهم يفعلونه، فهذا كصوم عاشوراء، أو كأصل الصلاة والصيام، فهنا تقع (4) - المخالفة في صفة ذلك العمل، كما سن لنا صوم تاسوعاء وعاشوراء، كما أمرنا بتعجيل الفطور والمغرب مخالفة لأهل الكتاب، وبتأخير السحور مخالفة لأهل الكتاب.

وكما أمرنا بالصلاة في النعلين مخالفة لليهود، وهذا كثير في العبادات،

(1) في (ب) : يكون.

(2)

في (ب) : يكون.

(3)

وهي مجملة:

1-

ما كان مشروعا في ديننا، وهو مشروع لهم، أو لا يعلم كونه مشروعا لهم من العبادات المحضة.

2-

ما كان مشروعا في ديننا، هو مشروع لهم، أو لا يعلم كونه مشروعا لهم من العادات المحضة.

3-

ما كان مشروعا في ديننا، وهو مشروع لهم، أو لا يعلم كونه مشروعا لهم من العادات والعبادات.

4-

ما كان مشروعا في دينهم ثم نسخه القرآن من العبادات المحضة.

5-

ما كان مشروعا في دينهم ثم نسخه القرآن من العبادات المحضة.

6-

ما كان مشروعا في دينهم ثم نسخه القرآن من العبادات والعادات.

7-

ما لم يكن مشروعا بحال وإنما هم أحدثوه من العادات المحضة.

8-

ما لم يكن مشروعا بحال وإنما هم أحدثوه من العادات المحضة.

9-

ما لم يكن مشروعا بحال وإنما هم أحدثوه من العبادات والعادات.

(4)

في (ب) : فبهذا يقع.

ص: 474

وكذلك في العادات، قال صلى الله عليه وسلم:«اللحد لنا والشق لغيرنا» (1) وسن توجيه قبور المسلمين إلى الكعبة؛ تمييزا لها عن مقابر الكافرين، فإن أصل الدفن من الأمور المشروعة، في الأمور العادية، ثم قد اختلفت (2) الشرائع في صفته، وهو أيضا فيه عبادات، ولباس النعل (3) في الصلاة فيه عبادة وعادة، ونزع النعل (4) في الصلاة شريعة كانت لموسى عليه السلام، وكذلك اعتزال الحيض (5) ونحو ذلك من الشرائع التي جامعناهم في أصلها، وخالفناهم في وصفها.

القسم الثاني: ما كان مشروعا ثم نسخ بالكلية: كالسبت (6) أو إيجاب صلاة، أو صوم، ولا يخفى النهي عن موافقتهم في هذا، سواء كان واجبا عليهم فيكون عبادة، أو محرما عليهم فيتعلق بالعادات، فليس للرجل أن يمتنع من أكل الشحوم وكل ذي ظفر على وجه التدين بذلك، وكذلك ما كان مركبا منهما، وهي الأعياد التي كانت مشروعة لهم، فإن العيد المشروع يجمع عبادة. وهو ما فيه من صلاة، أو ذكر، أو صدقة، أو نسك، ويجمع عادة، وهو ما يفعل فيه

(1) مر تخريج الحديث. انظر: فهرس الأحاديث.

(2)

في (ب) : أخلف.

(3)

في (ج د) : النعلين.

(4)

في (ج د) : النعلين.

(5)

في (ب) والمطبوعة: الحائض.

(6)

السبت هو: سبت اليهود، وهو عيد الأسبوع عندهم، بمثابة يوم الجمعة للمسلمين، وقد حرم الله الصيد، صيد البحر، يوم السبت على اليهود امتحانا، فخالفوا أمر الله تعالى في ذلك، كما أن اليهود زادوا في السبت من العوائد والتقاليد ما لم يشرعه الله، فلا يجوز للمسلمين أن يقلدوهم في شيء من ذلك، ومثله الأحد عند النصارى، فلا يجوز للمسلمين اتخاذه عيدا للأسبوع، ومن المؤلم أن بعض بلاد المسلمين لا تزال تتخذ الأحد عيدا للأسبوع تقليدا للنصارى ومجاراة لهم، أو إبقاء على ما سنه المستعمرون الكفار حين احتلوا تلك البلاد.

ص: 475

من التوسع في الطعام واللباس، أو ما يتبع ذلك من ترك الأعمال الواضبة (1) واللعب المأذون فيه في الأعياد لمن ينتفع باللعب، ونحو ذلك.

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لما زجر أبو بكر رضي الله عنه الجويريتين عن الغناء في بيته -: «دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا، وإن هذا عيدنا» (2) وكان الحبشة يلعبون بالحراب يوم العيد، والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليهم.

فالأعياد المشروعة يشرع فيها - وجوبا، أو استحبابا -: من العبادات ما لا يشرع في غيرها، ويباح فيها، أو يستحب، أو يجب من العادات التي للنفوس فيها حظ، ما لا يكون في غيرها كذلك. ولهذا وجب فطر العيدين، وقرن بالصلاة في أحدهما الصدقة، وقرن بها في الآخر الذبح. وكلاهما من أسباب الطعام.

فموافقتهم في هذا القسم المنسوخ من العبادات، أو العادات، أو كلاهما: أقبح من موافقتهم فيما هو مشروع الأصل، ولهذا كانت الموافقة في هذا محرمة، كما سنذكره، وفي الأول قد لا تكون إلا مكروهة.

وأما القسم الثالث: وهو ما أحدثوه من العبادات، أو العادات،

(1) في المطبوعة: " الواجبة " لكنها في جميع المخطوطات: الواضبة: والأصح: الواظبة، من المواظبة وهي المداومة. انظر: القاموس المحيط، باب الباء، فصل الواو (1 / 142)، والواظبة: الأعمال الراتبة التي يداوم عليها الإنسان.

(2)

الحديث متفق عليه:

انظر: صحيح البخاري، كتاب العيدين، باب سنة العيدين لأهل الإسلام، حديث رقم (952) ، (2 / 445) من فتح الباري، وليس فيه قوله، " دعهما "، لكنه رواه بطرق وألفاظ أخرى فيها " دعهما ".

وصحيح مسلم، كتاب العيدين، باب الرخصة في اللعب، حديث رقم (892) ، (2 / 607) ، وليس فيه " دعهما " أيضا، لكنه رواه من طرق وألفاظ أخرى أيضا فيها " دعهما ".

ص: 476

أو كليهما (1) فهو (2) أقبح وأقبح؛ فإنه لو أحدثه المسلمون لقد كان يكون قبيحا، فكيف إذا كان مما لم يشرعه نبي قط؟ بل أحدثه الكافرون، فالموافقة فيه ظاهرة القبح، فهذا أصل.

وأصل آخر وهو: أن كل ما يشابهون فيه: من عبادة، أو عادة، أو كليهما (3) هو: من المحدثات في هذه الأمة، ومن البدع، إذ الكلام في ما كان من خصائصهم، وأما ما كان مشروعا لنا، وقد فعله سلفنا السابقون: فلا كلام فيه.

فجميع الأدلة الدالة من الكتاب والسنة والإجماع على قبح البدع، وكراهتها تحريما أو تنزيها، تندرج هذه المشابهات فيها، فيجتمع فيها أنها بدع محدثة، وأنها مشابهة للكافرين، وكل واحد من الوصفين موجب للنهي؛ إذ المشابهة منهي عنها في الجملة ولو كانت في السلف (4) ! والبدع منهي عنها في الجملة، ولو لم يفعلها الكفار، فإذا اجتمع الوصفان صارا علتين مستقلتين في القبح والنهي.

(1) جاء في جميع النسخ: " أو كلاهما " بالرفع، والصحيح " كليهما " كما أثبته؛ لأنه معطوف على مجرور.

(2)

في (ب) : فهذا.

(3)

في جميع النسخ المخطوطة: أو كلاهما. والصحيح ما أثبته كما أسلفت.

(4)

أي أن المشابهة للكفار والأعاجم في شيء من أمورهم منهي عنها، حتى ولو كانت يفعلها بعض المبتدعين أو الجهال ونحوهم في عهود السلف.

ص: 477