الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْل فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ كُلَّمَا عَطَسَ إلَى ثَلَاث]
فَإِنْ عَطَسَ رَابِعَةً لَمْ يُشَمِّتْهُ)
ذَكَرَهُ السَّامِرِيُّ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ وَذَكَرَ رِوَايَةَ صَالِحٍ وَمُهَنَّا وَقِيلَ: أَوْ ثَالِثَةً.
وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ، وَقِيلَ: أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَيُقَالُ: لَهُ عَافَاكَ اللَّهُ؛ لِأَنَّهُ رِيحٌ قَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ لِأَبِيهِ: تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ فِي مَجْلِسهِ ثَلَاثَةً قَالَ: أَكْثَرُ مَا فِيهِ ثَلَاثٌ، وَهَذَا مَعَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِفِعْلِ التَّشْمِيتِ لَا بِعَدَدِ الْعَطَسَاتِ، فَلَوْ عَطَسَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ مُتَوَالِيَاتٍ شَمَّتَهُ بَعْدَهَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ تَشْمِيتٌ قَوْلًا وَاحِدًا، وَالْأَدِلَّةُ تُوَافِقُ هَذَا، وَهُوَ وَاضِحٌ قَالَ مُهَنَّا: لِأَحْمَدَ أَيُّ شَيْءٍ مَذْهَبُكَ فِي الْعَاطِسِ يُشَمَّتُ إلَى ثَلَاثٍ مِرَارًا؟ فَقَالَ إلَى قَوْلِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قُلْتُ: مَنْ ذَكَرَهُ قَالَ: هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: الْعَاطِسُ بِمَنْزِلَةِ الْخَاطِبِ يُشَمَّتُ إلَى ثَلَاثٍ مِرَارًا فَمَا زَادَ فَهُوَ دَاءٌ فِي الرَّأْسِ، وَقَالَ أَبُو الْحَارِثِ عَنْهُ يُشَمَّتُ إلَى ثَلَاثٍ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ مَرْفُوعًا «يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ ثَلَاثَةً فَمَا زَادَ فَهُوَ مَزْكُومٌ» وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا، وَلِمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد عَنْ سَلَمَةَ أَنَّهُ «سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَطَسَ عِنْدَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ ثُمَّ عَطَسَ أُخْرَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم الرَّجُلُ مَزْكُومٌ» وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ قَالَ لَهُ: فِي الثَّالِثَةِ " أَنْتَ مَزْكُومٌ " قَالَ: وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ الْأَوَّلِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثَنَا مَالِكُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أُمِّهِ حُمَيْدَةَ أَوْ عُبَيْدَةَ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ ثَلَاثًا فَإِنْ شِئْتَ فَشَمِّتْهُ وَإِنْ شِئْتَ فَكُفَّ» مُرْسَلٌ وَعُبَيْدَةُ تَفَرَّدَ عَنْهَا ابْنُهَا قَالَ بَعْضهمْ: وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَإِسْنَادُهُ مَجْهُولٌ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيُقَالُ: لِلصَّبِيِّ قَبْلَ الثَّلَاثِ مَرَّاتٍ: بُورِكَ فِيكَ، وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ وَزَادَ وَجَبَرَكَ اللَّهُ.
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ يَعْطِسُ قَالَ: يُقَالُ: لَهُ بُورِكَ فِيكَ وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: إنْ عَطَسَ صَبِيٌّ يَعْنِي عَلِمَ الْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ قِيلَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَوْ بُورِكَ فِيكَ وَنَحْوُهُ وَيَعْلَمُ الرَّدَّ وَإِنْ كَانَ طِفْلًا حَمِدَ اللَّهَ وَلِيُّهُ أَوْ مَنْ حَضَرَهُ وَقِيلَ لَهُ: نَحْوُ ذَلِكَ انْتَهَى كَلَامُهُ أَمَّا كَوْنُهُ يَعْلَمُ الْحَمْدَ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا تَعْلِيمُهُ الرَّدَّ فَيَتَوَجَّهُ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي رَدِّ السَّلَامِ لَكِنْ ظَاهِرُ مَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُ يُدْعَى لَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: الدُّعَاءُ لَهُ تَشْمِيتٌ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى قَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ كَالْبَالِغِ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ فِي كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَذْكُرُوا قَوْلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ مِنْ غَيْرِ الْعَاطِسِ لِأَنَّ الْخِطَابَ لَمْ يَتَوَجَّهْ إلَى غَيْرِهِ وَمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا تَمْيِيزَ لَا يُخَاطَبُ، فَفِعْلُ الْغَيْرِ عَنْهُ فَرْعُ ثُبُوتِ الْخِطَابِ وَلَمْ يَثْبُتْ فَلَا فِعْلَ عَلَى أَنَّ الْعِبَادَةَ الْبَدَنِيَّةَ الْمَحْضَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لَا تُفْعَلُ عَنْ الْحَيِّ بِاتِّفَاقِنَا.
وَقَدْ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ تَخْرِيجٍ يَقُولُهُ: الْوَلِيُّ فَقَطْ وَيَتَوَجَّهُ فِي التَّسْمِيَةِ لِأَكْلٍ وَشُرْبٍ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ مُمَيِّزٍ.
وَظَاهِرُ مَا ذَكَرُوهُ أَنَّهُ لَا حُكْمَ لِعُطَاسِ الْمَجْنُونِ كَمَا لَا حُكْمَ لِكَلَامِهِ مُطْلَقًا لَكِنْ يُشْرَعُ الدُّعَاءُ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْقِيَاسَ فِي الطِّفْلِ كَذَلِكَ خُولِفَ لِلْأَثَرِ، وَيَتَوَجَّهُ فِي الْمَجْنُونِ احْتِمَالٌ كَالطِّفْلِ؛ وَلِأَنَّ مَنْ
لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا تَمْيِيزَ كَانَ مَوْجُودًا عَلَى عَهْدِهِ عليه السلام وَعَهْدِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم فَلَوْ شُرِعَتْ عَنْهُ التَّسْمِيَةُ لِذَلِكَ لَشَاعَ وَلَنَقَلَهُ الْخَلْفُ عَنْ السَّلَفِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ وَالْحَاجَةِ فَلَمَّا لَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى سُقُوطِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ، بَلْ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ الْمَنْقُولِ مِنْ تَحْنِيكِ الْأَطْفَالِ عَدَمُ التَّسْمِيَةِ؛ لِأَنَّ الرَّاوِيَ لَمْ يَذْكُرْهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.