الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ لَا تَطْلُبْ مِنْ صَاحِبِ دُنْيَا حَاجَةً]
فَصْلٌ فِي طَبَقَاتِ الْقَاضِي أَبِي الْحُسَيْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ
نَقَلَ عَنْ إمَامِنَا أَشْيَاءَ مِنْهَا قَالَ قُلْتُ لِأَحْمَدَ إنَّ فُلَانًا يَعْنِي أَبَا يُوسُفَ رُبَّمَا سَعَى فِي الْأُمُورِ مِثْلَ الْمَصَانِعِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْآبَارِ، فَقَالَ لِي أَحْمَدُ: لَا، لَا، نَفْسُهُ أَوْلَى بِهِ. وَكَرِهَ أَنْ يَبْذُلَ الرَّجُلُ وَجْهَهُ وَنَفْسَهُ لِهَذَا، وَذَكَرَهُ أَيْضًا الْخَلَّالُ وَأَبُو يُوسُفَ هُوَ الْغَسُّولِي.
وَقَالَ مُهَنَّا سَمِعْت بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ وَذُكِرَ لَهُ أَيْضًا رَجُلٌ يَسْأَلُ النَّاسَ فَقَالَ بِشْرٌ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ فِي هَذَا؟ فَقَالَ: مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، فَقَالَ لَهُ بِشْرٌ أُرِيدُ أَرْفَعَ مِنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، فَسَمِعْت بِشْرًا يَقُولُ لَهُ لَا تَفْعَلْ وَلَا تَطْلُبْ مِنْ صَاحِبِ دُنْيَا حَاجَةً، دَعْهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَطْلُبُ إلَيْكَ.
وَكَانَ الْمُتَوَكِّلُ عَلَى اللَّهِ يَبْعَثُ يَحْيَى بْنَ خَاقَانَ إلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ كَثِيرًا أَوْ يَسْأَلُ عَنْ أَشْيَاءَ قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: وَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَدْ جَاءَنِي يَحْيَى بْنُ خَاقَانَ وَمَعَهُ شَرًى فَجَعَلَ يُقَلِّلُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، فَقُلْتُ لَهُ قَالُوا إنَّهَا أَلْفُ دِينَارٍ قَالَ هَكَذَا فَرَدَدْتُهَا عَلَيْهِ فَبَلَغَ الْبَابَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ إنْ جَاءَكَ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِك شَيْءٌ تَقْبَلُهُ؟ قُلْتُ لَا قَالَ: إنَّمَا أُرِيدُ أَنْ أُخْبِرَ الْخَلِيفَةَ بِهَذَا. قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَيُّ شَيْءٍ كَانَ عَلَيْكَ لَوْ أَخَذْتَهَا فَقَسَمْتَهَا فَكَلَحَ فِي وَجْهِهِ وَقَالَ إذَا أَنَا قَسَمْتَهَا أَيَّ شَيْءٍ كُنْتُ أُرِيدُ أَكُونُ لَهُ قَهْرَمَانًا؟
وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ جَاءَنِي وَمَعَهُ دَرَاهِمُ فَقَالَ لِي خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فَتَصَدَّقْ بِهَا فِي جِيرَانِك فَأَبَيْتُ فَلَمْ يَزَلْ يَطْلُبُ إلَيَّ فَأَبَيْتُ فَقَالَ لَا يَحِلُّ لَكَ وَلَا يَسَعُك أَنْ تَمْنَعَ الْمَسَاكِينَ وَالْفُقَرَاءَ، فَلَمْ آخُذْهَا أَكُونُ قَدغ أَثِمْت
إذَا أَرَدْتُهَا؟ قَالَ: لِمَ لَا تَأْثَمُ مَنْ يَسْلَمُ مِنْ هَذَا؟ قَدْ أَحْسَنْتَ، لَوْ أَخَذْتَهَا لَمْ تَسْلَمْ.
وَرَوَى يَعْقُوبُ عَنْهُ: إنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ كَانَ أَسْلَمَ لَهُ، وَرَوَى الْخَلَّالُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ مَا أُحِبُّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بَعَثَ إلَيَّ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِينَارٍ فَأَتَصَدَّقُ بِهَا، فَقِيلَ لَهُ: أَوَلَمْ تُؤْجَرْ وَلَا تَرُدَّ شَيْئًا؟ قَالَ: إنِّي أَخَافُ وَسَاوِسَ نَفْسِي وَعَوَاذِلَ قَوْمِي، فَيُحْبِطُ ذَلِكَ أَجْرِي، وَالسَّلَامَةُ أَحَبُّ إلَيَّ.
وَقَالَ الْخَلَّالُ فِي الْأَخْلَاقِ: ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَاتِمٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْجُنَيْدِ عَنْ هَارُونَ بْنِ سُفْيَانَ الْمُسْتَمْلِي قَالَ: جِئْتُ إلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ الدَّرَاهِمَ الَّتِي جَاءَتْهُ مِنْ الْمُتَوَكِّلِ قَالَ فَأَعْطَانِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَقُلْتُ: لَا تَكْفِينِي قَالَ: لَيْسَ هَهُنَا غَيْرُهَا، وَلَكِنْ هُوَ ذَا أَعْمَلُ بِكَ شَيْئًا أُعْطِيكَ ثَلَاثَمِائَةٍ تُفَرِّقُهَا، قَالَ: فَلَمَّا أَخَذْتُهَا قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَيْسَ وَاَللَّهِ أُعْطِي أَحَدًا مِنْهَا شَيْئًا فَتَبَسَّمَ.
وَقَالَ صَالِحٌ لِأَبِيهِ: مَا تَقُولُ فِي امْرَأَةٍ مِسْكِينَةٍ تَكُونُ مَعِي فِي دَارِي فَرُبَّمَا أَتَوْنِي بِشَيْءٍ لِلْمَسَاكِينِ فَأُعْطِيهَا مِنْهُ إذَا قَسَمْتُ، فَقَالَ لَا تَحْلِبْهَا وَأَعْطِهَا كَمَا تُعْطِي غَيْرَهَا.