الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ الْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ وَمَا قِيلَ فِي تَسَاوِيهَا وَعَدَمِهِ]
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه: سُبْحَانَك مَا أَغْفَلَ هَذَا الْخَلْقَ عَمَّا أَمَامَهُمْ، الْخَائِفُ مِنْهُمْ مُقَصِّرٌ، وَالرَّاجِي مُتَوَانٍ وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: سَمِعْتُ الْإِمَامَ أَحْمَدَ قَالَ: الْخَوْفُ مَنَعَنِي عَنْ أَكْلِ الطَّعَامِ فَمَا أَشْتَهِيهِ فَإِذَا ذَكَرْتُ الْمَوْتَ هَانَ عَلَيَّ كُلُّ شَيْءٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: إنْ أَحْبَبْتَ أَنْ يُدَوِّمَ اللَّهُ لَك عَلَى مَا تُحِبُّ فَدُمْ لَهُ عَلَى مَا يُحِبُّ، وَالْخَيْرُ فِيمَنْ لَا يَرَى لِنَفْسِهِ خَيْرًا.
وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ عَنْ وَكِيعٍ سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: لَا يَتَّقِي اللَّهَ أَحَدٌ إلَّا اتَّقَاهُ النَّاسُ شَاءُوا أَمْ أَبَوْا. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ الْعَالِمِ ابْنِ الْعَالِمِ ابْنِ الْعَالِمِ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: مَنْ اسْتَغْنَى بِاَللَّهِ أَحْوَجَ اللَّهُ عز وجل إلَيْهِ النَّاسَ.
وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ رَجَاؤُهُ وَخَوْفُهُ وَاحِدًا وَقَالَ غَيْرُهُ عَنْهُ: فَأَيَّهمَا رَجَّحَ صَاحِبُهُ هَلَكَ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رَجَاءُ الْمَرِيضِ أَكْثَرَ، وَقَطَعَ بِهِ صَاحِبُ النَّظْمِ، وَقَالَ أَحْمَدُ لِرَجُلٍ: لَوْ صَحَحْتَ مَا خِفْتَ أَحَدًا.
وَقَدْ قِيلَ:
فَمَا فِي الْأَرْضِ أَشْجَعُ مِنْ بَرِيءٍ
…
وَلَا فِي الْأَرْضِ أَخْوَفُ مِنْ مُرِيبِ
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ بَهْجَةُ الْمَجَالِسِ: كَانَ يُقَالُ مَنْ خَافَ اللَّهَ وَرَجَاهُ أَمَّنَهُ خَوْفَهُ وَلَمْ يُحْرِمْهُ رَجَاءَهُ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى بَعْضِ إخْوَانِهِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَنْ خَافَ اللَّهَ أَخَافَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَّ شَيْءٍ، وَمَنْ لَمْ يَخَفْ اللَّهَ أَخَافَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَلِلْحَسَنِ بْنِ وَهْبٍ وَيُنْسَبُ إلَى الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه وَاَللَّهُ أَعْلَمُ:
خَفْ اللَّهَ وَارْجُهُ لِكُلِّ عَظِيمَةٍ
…
وَلَا تُطِعْ النَّفْسَ اللَّجُوجَ فَتَنْدَمَا
وَكُنْ بَيْنَ هَاتَيْنِ مِنْ الْخَوْفِ وَالرَّجَا
…
وَأَبْشِرْ بِعَفْوِ اللَّهِ إنْ كُنْتَ مُسْلِمَا
فَلَمَّا قَسَا قَلْبِي وَضَاقَتْ مَذَاهِبِي
…
جَعَلْتُ الرَّجَا مِنِّي لِعَفْوِك سُلَّمَا
وَقَالَ آخَرُ:
وَإِنِّي لَأَرْجُو اللَّهَ حَتَّى كَأَنَّمَا
…
أَرَى بِجَمِيلِ الظَّنِّ مَا اللَّهُ صَانِعُ
وَقَالَ مَنْصُورُ الْفَقِيهُ:
قَطَعْتُ رَجَائِي مِنْ بَنِي آدَمَ طُرَّا
…
فَأَصْبَحْتُ مِنْ رِقِّ الرَّجَاءِ لَهُمْ حُرَّا
وَعَدْلُ يَأْسِي بَيْنَهُمْ فَأَجَلُّهُمْ
…
إذَا ذُكِرُوا قَدْرًا كَأَدْنَاهُمْ قَدْرَا
غِنًى عَنْهُمْ بِاَللَّهِ لَا مُتَطَاوِلًا
…
عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَا قَائِلًا هُجْرَا
وَكَيْفَ يَعِيبُ النَّاسَ بِالْمَنْعِ مُؤْمِنٌ
…
يَرَى النَّفْعَ مِمَّنْ يَمْلِكُ النَّفْعَ وَالضَّرَّا
عَلَيْهِ اتِّكَالِي فِي الشَّدَائِدِ كُلِّهَا
…
وَحَسْبِي بِهِ عِنْدَ الشَّدَائِدِ لِي ذُخْرَا
وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ:
أَسِيرُ الْخَطَايَا عِنْدَ بَابِك وَاقِفُ
…
عَلَى وَجَلٍ مِمَّا بِهِ أَنْتَ عَارِفُ
يَخَافُ ذُنُوبًا لَمْ يَغِبْ عَنْك غَيْبُهَا
…
وَيَرْجُوكَ فِيهَا فَهْوَ رَاجٍ وَخَائِفُ
فَمَنْ ذَا الَّذِي يُرْجَى سِوَاكَ وَيُتَّقَى
…
وَمَا لَكَ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ مُخَالِفُ
فَيَا سَيِّدِي لَا تُخْزِنِي فِي صَحِيفَتِي
…
إذَا نُشِرَتْ يَوْمَ الْحِسَابِ الصَّحَائِفُ
وَكُنْ مُؤْنِسِي فِي ظُلْمَةِ الْقَبْرِ عِنْدَمَا
…
يَصْعَدُ ذَوُو الْقُرْبَى وَيَجْفُو الْمُوَالِفُ
لَئِنْ ضَاقَ عَنِّي عَفْوُكَ الْوَاسِعُ الَّذِي
…
أُرَجِّي لِإِسْرَافِي فَإِنِّي لَتَالِفُ.