الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي صِفَاتِ مَنْ يُؤْخَذُ عَنْهُمْ الْحَدِيثُ وَالدِّينُ وَمَنْ لَا يُؤْخَذُ عَنْهُمْ]
ْ) قَالَ الصَّاغَانِيُّ رَأَيْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عِنْدَ أَبِي سَلَمَةَ الْخُزَاعِيِّ وَكُنْت قَائِمًا فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَهُنَا، فَأَبَى حَتَّى كَتَبَ الْمَجْلِسَ، وَهُوَ قَائِمٌ.
وَقَالَ أَبُو النَّضْرِ الْعِجْلِيُّ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ سُئِلَ عَنْ حَدِيثٍ، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ تَسْأَلُ؟ عَنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْتَ قَائِمٌ؟ وَقَالَ حَنْبَلٌ سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: إنَّمَا يَحْيَا النَّاسُ بِالْمَشَايِخِ، فَإِذَا ذَهَبَ الْمَشَايِخُ فَمَاذَا بَقِيَ؟
وَقَالَ الْحَافِظُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ الْأَخْضَرِ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ رَوَى عَنْ أَحْمَدَ قَالَ الْبُخَارِيُّ: سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: إنَّمَا النَّاسُ بِشُيُوخِهِمْ فَإِذَا ذَهَبَ الشُّيُوخُ فَمَعَ مَنْ الْعَيْشُ؟ وَصَحَّ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: الْعِلْمُ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ؟ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَشَجِّ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إنَّ الشَّيْطَانَ لَيَتَمَثَّلُ فِي صُورَةٍ فَيَأْتِي الْقَوْمَ فَيُحَدِّثُهُمْ بِالْحَدِيثِ مِنْ الْكَذِبِ، فَيَتَفَرَّقُونَ، فَيَقُولُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ سَمِعْت رَجُلًا أَعْرِفُ وَجْهَهُ وَلَا أَدْرِي مَا اسْمُهُ يُحَدِّثُ عَامِرٌ تَفَرَّدَ عَنْهُ الْمُسَيِّبُ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي أُنَاسٌ يُحَدِّثُونَكُمْ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ» .
وَقَالَ مَالِكٌ لِرَجُلٍ: اُطْلُبْ هَذَا الْأَمْرَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: إنَّك امْرُؤٌ ذُو هَيْئَةٍ وَكِبَرٍ، فَانْظُرْ عَمَّنْ تَأْخُذُ؟
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ عَنْ أَرْبَعَةٍ وَيُؤْخَذُ عَمَّنْ سِوَاهُمْ، لَا يُؤْخَذُ عَنْ
مُعْلِنٍ بِالسَّفَهِ، وَلَا عَمَّنْ جُرِّبَ عَلَيْهِ الْكَذِبُ، وَلَا عَنْ صَاحِبِ هَوًى يَدْعُو النَّاسَ إلَى هَوَاهُ، وَلَا عَنْ شَيْخٍ لَهُ فَضْلٌ وَعِبَادَةٌ إذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ مَا يُحَدِّثُ بِهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا: إنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ، لَقَدْ أَدْرَكْنَا فِي هَذَا الْمَسْجِدِ سَبْعِينَ مِمَّنْ يَقُولُ قَالَ فُلَانٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَوْ ائْتُمِنَ عَلَى بَيْتِ مَالٍ لَكَانَ أَمِينًا عَلَيْهِ فَمَا أَخَذْت مِنْهُمْ شَيْئًا، لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ، وَيَقْدَمُ عَلَيْنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ وَهُوَ شَابٌّ فَنَزْدَحِمُ عَلَى بَابِهِ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ الْقَطَّانِ: كَمْ مِنْ رَجُلٍ صَالِحٍ لَوْ لَمْ يُحَدِّثْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَقَالَ أَيْضًا: مَا رَأَيْت الْكَذِبَ فِي أَحَدٍ أَكْثَرَ مِنْهُ فِيمَنْ يُنْسَبُ إلَى الْخَيْرِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لِأَنَّهُمْ اشْتَغَلُوا بِالْعِبَادَةِ عَنْ ضَبْطِ الْحَدِيثِ وَإِتْقَانِهِ، فَأَدْخَلَ عَلَيْهِمْ الْكَذَّابُونَ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِمْ، وَمِنْهُمْ قَوْمٌ تَوَهَّمُوا أَنَّ فِي وَضْعِ الْأَحَادِيثِ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ أَجْرًا، وَجَهِلُوا مَا فِي الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ كَبِيرِ الْإِثْمِ.
وَرَوَى الْخَلَّالُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «لَا تَأْخُذُوا الْعِلْمَ إلَّا مِمَّنْ تُجِيزُونَ شَهَادَتَهُ» وَرَوَى الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ مُرْسَلًا وَقَالَ بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ: دِينُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُطْلَبَ عَلَيْهِ الْعُدُولُ.
وَقَالَ هُشَيْمٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: كَانُوا إذَا أَتَوْا الرَّجُلَ لِيَأْخُذُوا عَنْهُ نَظَرُوا إلَى سَمْتِهِ، وَإِلَى صَلَاتِهِ، وَإِلَى حَالِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُونَ عَنْهُ.
وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: لَا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ إلَّا عَمَّنْ شُهِدَ لَهُ بِطَلَبِ الْعِلْمِ وَقَالَ رَبِيعَةُ: مِنْ إخْوَانِنَا مَنْ نَرْجُو بَرَكَةَ دُعَائِهِ وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَنَا عَلَى شَهَادَةٍ مَا قَبِلْنَا. وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَكُونَ حَافِظًا إنْ حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ، حَافِظًا لِكِتَابِهِ إنْ حَدَّثَ مِنْ كِتَابِهِ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ نَحْوُ هَذَا، لِئَلَّا يُدْخَلَ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: يُكْتَبُ الْحَدِيثُ عَنْ النَّاسِ كُلِّهِمْ إلَّا عَنْ ثَلَاثَةٍ: صَاحِبُ هَوًى يَدْعُو إلَيْهِ، أَوْ كَذَّابٌ، أَوْ رَجُلٌ يَغْلَطُ فِي الْحَدِيثِ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ
فَلَا يُقْبَلُ.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَا يُؤْخَذُ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ إلَّا عَنْ الرُّؤَسَاءِ الْمَشْهُورِينَ بِالْعِلْمِ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ، وَلَا بَأْسَ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْمَشَايِخِ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ لَا تَأْخُذُوا الْعِلْمَ عَنْ الصُّحُفِيِّينَ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تُكْتَبُ الْآثَارُ مِمَّنْ كَانَ عَدْلًا فِي هَوَاهُ إلَّا الشِّيعَةَ، فَإِنَّ أَصْلَ عَقِيدَتهمْ تَضْلِيلُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ أَتَى السُّلْطَانَ طَائِعًا حَتَّى انْقَادَتْ الْعَامَّةُ لَهُ، فَذَاكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ حَرْمَلَةُ: سَمِعْت الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: مَا فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ قَوْمٌ أَشْهَدُ بِالزُّورِ مِنْ الرَّافِضَةِ.
وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا أَخَذُوا الْعِلْمَ عَنْ أَكَابِرِهِمْ وَعَنْ عُلَمَائِهِمْ وَأُمَنَائِهِمْ، فَإِذَا أَخَذُوهُ مِنْ أَصَاغِرِهِمْ وَشِرَارِهِمْ هَلَكُوا.
وَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيُّ: سَمِعْت أَبَا مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيَّ الْحَافِظَ الْحَسَنَ بْنَ أَحْمَدَ سَمِعْت أَبَا الْعَبَّاسِ الْمُسْتَغْفِرِيَّ الْحَافِظَ سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْدَهْ الْحَافِظَ يَقُولُ: إذَا رَأَيْت فِي إسْنَادٍ حَدَّثَنَا فُلَانٌ الزَّاهِدُ فَاغْسِلْ يَدَك مِنْ ذَلِكَ الْإِسْنَادِ.