الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي الرَّوَائِحِ الطَّيِّبَةِ وَفَائِدَتِهَا فِي الصِّحَّةِ]
وَلِلرَّائِحَةِ الطَّيِّبَةِ أَثَرٌ فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ فَإِنَّهَا غِذَاءُ الرُّوحِ، وَالرُّوحُ مَطِيَّةُ الْقُوَى، وَالْقُوَى تَزْدَادُ بِالطِّيبِ وَهُوَ يَنْفَعُ الْأَعْضَاءَ الْبَاطِنَةَ كَالدِّمَاغِ وَالْقَلْبِ وَيَسُرُّ النَّفْسَ، وَهُوَ أَصْدَقُ شَيْءٍ لِلرُّوحِ وَأَشَدُّهُ مُلَاءَمَةً، وَلِهَذَا فِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ عليه السلام تَبَخَّرَ «بِالْأَلْوَةِ» بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّهَا، وَهِيَ الْعُودُ الَّذِي يُتَبَخَّرُ بِهِ وَبِكَافُورٍ يَطْرَحُهُ مَعَهَا. وَلِلنَّسَائِيِّ وَالْبُخَارِيِّ فِي تَارِيخِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّهُ عليه السلام كَانَ يَطَّيَّبُ بِالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ،» وَفِي الصَّحِيحِ أَوْ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهَا طَيَّبَتْهُ لِإِحْرَامِهِ وَلِحِلِّهِ مِنْهُ بِالْمِسْكِ» . رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ عِيسَى الْقُومِسِيُّ عَنْ عَفَّانَ عَنْ سَلَامِ بْنِ سُلَيْمَانَ أَبِي الْمُنْذِرِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «حُبِّبَ إلَى مِنْ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَفَّانَ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ عَنْ سَلَامٍ. وَسَلَامٌ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَا بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَا يُتَابَعُ حَدِيثُهُ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ بِسَنَدٍ فِيهِ لِينٌ أَيْضًا.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَيَّارِ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ جَعْفَرَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَهُ إسْنَادٌ جَيِّدٌ.
وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّهُ عليه السلام قَالَ مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ رَيْحَانٌ فَلَا يَرُدُّهُ فَإِنَّهُ طَيِّبُ الرِّيحِ خَفِيفُ الْمَحْمَلِ» . وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ: «مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ طِيبٌ فَلَا يَرُدُّهُ؛ فَإِنَّهُ خَفِيفُ الْمَحْمَلِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ» وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَرُدُّ الطِّيبَ» وَرَوَى هَؤُلَاءِ إلَّا الْبُخَارِيَّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْمِسْكِ: هُوَ أَطْيَبُ طِيبِكُمْ» وَعَنْهُ أَيْضًا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ
عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ وَالسِّوَاكُ وَأَنْ يَمَسَّ مِنْ طِيبِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَالْمَلَائِكَةُ عليهم السلام تُحِبُّ الرَّائِحَةَ الطَّيِّبَةَ وَتَتَأَذَّى بِالرَّائِحَةِ الْخَبِيثَةِ كَمَا فِي قِصَّةِ الْبَصَلِ وَالثُّومِ وَالْكُرَّاثِ، وَالشَّيَاطِينُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ عَكْسُهُمْ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ «إنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ» أَيْ: بِالشَّيَاطِينِ.
وَفِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرِيمَ، جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ، فَنَظِّفُوا أَفْنَاءَكُمْ وَسَاحَاتِكُمْ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ يَجْمَعُونَ الْأَكْبَاءَ فِي دُورِهِمْ» الْكِبَا بِكَسْرِ الْكَافِ مَقْصُورٌ: الْكُنَاسَةُ، وَالْجَمْعُ الْأَكْبَاءُ مِثْلُ: مِعًى وَأَمْعَاءَ، وَالْكُبَةُ مِثْلُهُ وَالْجَمْعُ كُبُونَ.
ذِكْرُ أَنْوَاعِ مَا يُتَطَيَّبُ بِهِ شَمًّا أَوْ بَخُورًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ الْأَطِبَّاءُ: أَظْفَارُ الطِّيبِ هِيَ أَظْفَارٌ تُشْبِهُ الْأَظْفَارَ عَطِرَةُ الرَّائِحَةِ، حَارٌّ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ، مُلَطِّفٌ إذَا تَبَخَّرَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ الْحَيْضَ، وَدُخَانُهُ يَنْفَعُ مَنْ بِهَا اخْتِنَاقُ الرَّحِمِ، وَإِذَا شُرِبَ حَرَّكَ الْبَطْنَ.
(بَانٌ) حَارٌّ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَقِيلَ: حَرَارَتُهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَقِيلَ: رَطْبٌ وَقِيلَ قِشْرُهُ قَابِضٌ. وَهُوَ يَجْلُو وَيَقْطَعُ وَيَقْلَع الثَّآلِيلَ وَالْكَلَفَ وَالْبَهَقَ وَيَنْفَعُ الْأَوْرَامَ الصُّلْبَةَ مَعَ الْمَرْهَمِ وَيَنْفَعُ مِنْ الْجَرَبِ وَالْحَكَّةِ وَالْبُثُورِ، وَيُسَخِّنُ الْعَصَبَ وَيَقْطَعُ الرُّعَافَ بِقَبْضِهِ وَيَفْتَحُ سَدَدَ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ، وَيُلَيِّنُ صَلَابَتَهُمَا ضِمَادًا مَعَ دَقِيقِ الْكِرْسِنَّةِ وَيَنْفَعُ مِنْ السَّوْدَاءِ وَالْبَلْغَمِ قَالَ ابْنُ جَزْلَةَ: مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْهُ يُسَهِّلُ الْبَلْغَمَ وَهُوَ يُؤْذِي الْمَعِدَةَ وَيُغْثِي وَيُصْلِحُهُ الرازيانج وَبَدَلُهُ وَزْنُهُ فُوهُ، وَنِصْفُ وَزْنِهِ قُشُورُ السَّلِيخَةِ وَعُشْرُ وَزْنِهِ بَسْبَاسَةٌ.
(الْبَنَفْسَجُ) بَارِدٌ فِي الثَّانِيَةِ رَطْبٌ فِي الثَّالِثَةِ يَجْلِبُ النَّوْمَ وَيُسَكِّنُ الصُّدَاعَ الْحَارَّ. (رَيْحَانٌ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
{فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [الواقعة: 88]{فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} [الواقعة: 89][الْوَاقِعَةَ] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ} [الرحمن: 12] . وَسَبَقَ الْحَدِيثُ عَنْهُ، وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَلَا مُشَمِّرٌ لِلْجَنَّةِ؟ فَإِنَّ الْجَنَّةَ لَا خَطَرَ لَهَا، هِيَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ نُورٌ يَتَلَأْلَأُ، وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ، وَقَصْرٌ مَشِيدٌ، وَنَهْرٌ مُطَّرِدٌ، وَثَمَرَةٌ نَضِيجَةٌ، وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ، وَحُلَلٌ كَثِيرَةٌ، وَمَقَامٌ فِي أَبَدٍ فِي دَارٍ سَلِيمَةٍ، وَفَاكِهَةٍ وَخَضِرَةٍ وَحَبْرَةٍ وَنِعْمَةٍ فِي مَحِلِّهِ، عَالِيَةٌ بَهِيَّةٌ. قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ الْمُشَمِّرُونَ قَالَ: قُولُوا إنْ شَاءَ اللَّهُ. فَقَالَ الْقَوْمُ: إنْ شَاءَ اللَّهُ» ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ الضَّحَّاكِ الْمَعَافِرِيِّ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ مُهَاجِرٍ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
أَهْلُ الْمَغْرِبِ يَخُصُّونَ الرَّيْحَانَ بِالْآسِ وَهُوَ الَّذِي تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ الرَّيْحَانِ، وَهُوَ بَارِدٌ فِي الْأَوَّلِ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَالْأَكْثَرُ فِيهِ الْجَوْهَرُ الْأَرَاضِي الْبَارِدُ وَفِيهِ مَعَ هَذَا شَيْءٌ حَارٌّ لَطِيفٌ، فَهُوَ لِذَلِكَ يُجَفِّفُ تَجْفِيفًا قَوِيًّا، قُوَّتُهُ قَابِضَةٌ حَابِسَةٌ مِنْ دَاخِلٍ وَخَارِجٍ مَعًا، قَاطِعٌ لِلْإِسْهَالِ الصَّفْرَاوِيِّ، وَهُوَ يُنَشِّفُ الرُّطُوبَاتِ فِي الْمَعِدَةِ، وَيُقَوِّي الْمَعِدَةَ وَالْقَلْبَ، وَيُذْهِبُ الْخَفَقَانَ وَيُوَلِّدُ السَّهَرَ، إصْلَاحُهُ بِالْبَنَفْسَجِ الطَّرِيِّ نَافِعٌ لِلْبُخَارِ الْحَارِّ الرَّطْبِ إذَا شُمَّ وَأُكِلَ حَبُّهُ، وَيُفْرِحُ الْقَلْبَ جِدًّا وَشَمُّهُ نَافِعٌ لِلْوَبَاءِ، وَكَذَلِكَ افْتِرَاشُهُ فِي الْبَيْتِ، وَيُبْرِئُ الْأَوْرَامَ الْحَادِثَةَ فِي الْحَالِبَيْنِ إذَا وُضِعَ عَلَيْهَا، وَإِذَا دُقَّ وَرَقُهُ غَضًّا وَضُرِبَ بِالْخَلِّ وَوُضِعَ عَلَى الرَّأْسِ قَطَعَ الرُّعَافَ، وَإِذَا سُحِقَ وَرَقُهُ الْيَابِسُ وَذُرَّ عَلَى الْقُرُوحِ ذَوَاتِ الرُّطُوبَةِ نَفَعَهَا، وَتَقْوَى الْأَعْضَاءُ الْوَاهِنَةُ إذَا ضُمِّدَ بِهِ، وَيَنْفَعُ الدَّاحِسَ وَفِي الْآبَاطِ وَالْأُرْبِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا الْمُتَغَيِّرِ
الرَّائِحَةِ، وَيَقْطَعُ عَرَقَ مَنْ بِهِ خَفَقَانٌ وَيُقَوِّيهِ. وَيُؤْكَلُ حَبُّهُ رَطْبًا وَيَابِسًا لِنَفْثِ الدَّمِ، وَطَبِيخُ ثَمَرِهِ يُسَوِّدُ الشَّعْرَ، وَحَبُّهُ صَالِحٌ لِلسُّعَالِ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحَلَاوَةِ الطَّبِيعِيَّةِ وَلَيْسَ بِضَارٍّ لِلصَّدْرِ وَلَا الرِّئَةِ.
قَاطِعٌ لِلْعَطَشِ ذَاهِبٌ بِالْقَيْءِ وَلَيْسَ فِي الْأَشْرِبَةِ مَا يَعْقِلُ وَيَنْفَعُ مِنْ أَوْجَاعِ الرِّئَةِ وَالسُّعَالِ غَيْرُ شَرَابِهِ، وَإِذَا جُلِسَ فِي طَبِيخِهِ نَفَعَ مِنْ خُرُوجِ الْمَقْعَدَةِ وَالرَّحِمِ وَمِنْ اسْتِرْخَاءِ الْمَفَاصِلِ، وَإِذَا صُبَّ عَلَى كَسُوَرِ الْعِظَامِ الَّتِي لَمْ تُلْحَمُ نَفَعَهَا. وَيَجْلُو قُشُورَ الرَّأْسِ وَبُثُورَهُ. وَيُمْسِكُ الشَّعْرَ الْمُتَسَاقِطَ وَيُسَوِّدُهُ إذَا دُقَّ وَرَقُهُ وَصُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ يَسِيرٌ وَخُلِطَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ زَيْتِ أَوْ دُهْنِ الْوَرْدِ وَضُمِّدَ بِهِ وَافَقَ الْقُرُوحَ الرَّطْبَةَ وَالنَّمِلَةَ وَالْجَمْرَةَ وَالْأَوْرَامَ الْحَارَّةَ وَالْبِئْرَةَ وَالْبَوَاسِيرَ، وَهُوَ مُدِرٌّ لِلْبَوْلِ نَافِعٌ مِنْ لَدْغِ الْمَثَانَةِ وَعَضِّ الرتيلا وَلَسْعِ الْعَقْرَبِ، وَرَقُهُ يَمْنَعُ سَيَلَانَ الْفُضُولِ إلَى الْمَعِدَةِ، وَلْيُحْذَرْ التَّحَلُّلُ بِعُرْفِهِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ لَحْمَ الْفَمِ وَيُهَيِّجُ الدَّمَ، وَفِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ عَنْ «النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ يُحَرِّكُ عِرْقَ الْجُذَامِ» ، وَمِنْ الْخَوَاصِّ أَنَّهُ إذَا اُتُّخِذَتْ حَلْقَةٌ مِثْلُ الْخَاتَمِ مِنْ قَضِيبِ الْآسِ الطَّرِيِّ وَأُدْخِلَ فِيهَا خِنْصَرُ الرَّجُلِ الَّذِي فِي أَرْنَبَتِهِ وَرَمٌ سَكَّنَهُ، وَمِنْ الْمُجَرَّبِ أَنْ يُؤْخَذَ عُودٌ مِنْ آسٍ وَيُحْرَقَ طَرَفُهُ وَيُوضَعَ عَلَى طَرَفِ الدُّمَّلِ أَوَّلَ مَا يَظْهَرُ فَإِنَّهُ لَا يَتَزَيَّدُ.
وَأَمَّا الْآسُ الْمُعْتَصَرُ وَالْمُسْتَقْطَرُ فَقَطَعَ الْعَرَقَ، وَإِذَا جُفِّفَ وَرَقُهُ وَبُخِّرَتْ بِهِ الْبَوَاسِيرُ الْبَارِزَةُ أَضْمَرَهَا وَشُفِيَ مِنْهَا، وَإِنْ خُلِطَ مَعَهُ سندروس كَانَ أَقْوَى، وَإِذَا طُبِخَ حَبُّهُ فِي زَيْتِ إنْفَاقٍ وَيُدَّهَنُ بِهِ قَطَعَ الْعَرَقَ الْكَثِيرَ وَأَصْلَحَ نَسِيمَ الْعَرَقِ. وَالْآسُ يُقَوِّي الْعَيْنَ وَيَقْطَعُ دَمْعَتَهَا وَيَمْنَعُ مَا يَنْحَدِرُ إلَيْهَا إذَا طُلِيَ عَلَى الْجَبْهَةِ.
(وَأَمَّا الرَّيْحَانُ غَيْرُ الْآسِ فَيُطْلَقُ عَلَى الْحَبَقِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: أَهْلُ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ يَخُصُّونَهُ بِهِ. قَالَ ابْنُ جَزْلَةَ: قِيلَ هُوَ وَرَقُ الْخِلَافِ وَهُوَ جَبَلِيٌّ وَبُسْتَانِيٌّ وَنَهْرِيٌّ، وَهُوَ نَبَاتٌ طَيِّبُ الرِّيحِ جَيِّدُ الطَّعْمِ مُرَبَّعُ السَّاقِ، وَرَقُهُ نَحْوُ وَرَقِ الْخِلَافِ: وَالْجَبَلِيُّ حَارٌّ يَابِسٌ فِي الثَّالِثَةِ، وَالْبُسْتَانِيُّ حَارٌّ فِي الثَّانِيَةِ يَابِسٌ فِي الْأُولَى، وَالنَّهَرِيُّ أَقْوَى أَنْوَاعِهِ وَهُوَ يَذْهَبُ بِنَفْخِ الْعَدَسِ وَالْبَاقِلَّا
إذَا خُلِطَ بِهِ وَيَقْطَعُ الْبَلْغَمَ، وَيُقَوِّي الْمَعِدَةَ وَيَنْفَعُ مِنْ الِاسْتِسْقَاءِ إذَا أُكِلَ مَعَ التِّينِ حَبُّهُ.
وَقَالَ ابْنُ جَزْلَةَ: رَيْحَانُ هُوَ الشاهسفرم أَجْوَدُهُ الصُّغْرَى حَارٌّ فِي الْأُولَى يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَقِيلَ مُعْتَدِلٌ وَقِيلَ بَارِدٌ، وَهُوَ يُحَلِّلُ الْفَضَلَاتِ مِنْ الدِّمَاغِ وَيَمْلَأُ الدِّمَاغَ الْبَارِدَ بُخَارًا وَإِصْلَاحُهُ بِالنَّيْلُوفَرِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الرَّيْحَانُ الْفَارِسِيُّ الَّذِي يُسَمَّى الْحَبَقُ قِيلَ حَارٌّ يَنْفَعُ شَمُّهُ مِنْ الصُّدَاعِ الْحَارِّ إذَا رُشَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَيُبَرَّدُ وَيُرَطَّبُ بِالْغَرَضِ، وَقِيلَ بَارِدٌ وَقِيلَ رَطْبٌ وَقِيلَ يَابِسٌ يَجْلِبُ النَّوْمَ وَبَذْرُهُ حَابِسٌ لِلْإِسْهَالِ الصَّفْرَاوِيِّ مُقَوٍّ لِلْقَلْبِ نَافِعٌ لِلْأَمْرَاضِ السَّوْدَاوِيَّةِ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ: الرَّيْحَانُ كُلُّ نَبْتٍ مَشْمُومٍ طَيِّبِ الرَّائِحَةِ. وَالْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ يَطُولُ.
(سُكٌّ) حَارٌّ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ نَابِضٌ مُقَوٍّ لِلْأَحْشَاءِ وَفِي الطِّيبِ مِنْهُ تَحْلِيلٌ وَتَفْتِيحٌ، وَهُوَ جَيِّدٌ لِأَوْجَاعِ الْمَفَاصِلِ، وَقِيلَ: يَزِيدُ فِي الْبَاءَةِ وَهُوَ يَعْقِلُ الطَّبْعَ إذَا ضُمِّدَ بِهِ الْبَطْنُ وَيَمْنَعُ النَّزِيفَ وَيَنْفَعُ مِنْ أَوْجَاعِ الْقَلْبِ، وَقَدْرُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ، وَشَمُّهُ يُصَدِّعُ الرَّأْسَ الْحَارَّ، وَيُصْلِحُهُ الْكَافُورُ.
(سُنْبُلُ الطِّيبِ) حَارٌّ فِي الْأُولَى يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَقِيلَ: فِي أَوَّلِ الثَّالِثَةِ مُفَتِّحٌ مُحَلِّلٌ يُتَّخَذُ مِنْهُ غَسُولٌ لِلْيَدِ طَيِّبٌ وَذَرِيرَتُهُ تَمْنَعُ الْعَرَقَ وَهُوَ يُحَلِّلُ الْأَوْرَامَ وَيُقَوِّي الدِّمَاغَ وَيُثَبِّتُ أَهْدَابَ الْعَيْنَيْنِ، إذَا وَمَعَ فِي الْأَكْحَالِ وَيَنْفَعُ الْخَفَقَانَ وَيُنَقِّي الصَّدْرَ وَالرِّئَةَ وَيَفْتَحُ سَدَدَ الْكَبِدِ وَالْمَعِدَةِ وَيُقَوِّيهِمَا، وَيُطَيِّبُ النَّكْهَةَ وَيَمْنَعُ مِنْ الْيَرْقَانِ وَوَجَعِ الطِّحَالِ، وَيُمْسِكُ الطَّبْعَ، وَقَدْرُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ دِرْهَمٌ.
(الْعَنْبَرُ) حَارٌّ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ يَنْفَعُ الْمَشَايِخَ، مُلَطِّفٌ نُسْخَتُهُ تُقَوِّي الدِّمَاغَ وَالْحَوَاسَّ وَالْقَلْبَ تَقْوِيَةً عَجِيبَةً وَيَزِيدُ فِي الرُّوحِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مُقَوٍّ لِجَوْهَرِ كُلِّ رُوحٍ فِي الْأَعْضَاءِ، وَإِذَا تَبَخَّرَ بِهِ نَفَعَ مِنْ الزُّكَامِ وَالصُّدَاعِ وَالشَّقِيقَةِ الْبَارِدَةِ. وَأَجْوَدُ أَلْوَانِهِ الْأَشْهَبُ ثُمَّ الْأَزْرَقُ ثُمَّ الْأَصْفَرُ. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي عُنْصُرِهِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْهِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَيَضُرُّ مَنْ يَعْتَادُهُ الْمَاشِرُ وَيُصْلِحُهُ الْكَافُورُ وَالْخِيَارُ.
(غَالِيَةٌ) تُلَيِّنُ الْأَوْرَامَ الصُّلْبَةَ وَمَعَ دُهْنِ الْبَانِ تُقَطَّرُ فِي الْأُذُنِ الْوَجِعَةِ وَشَمُّهَا يَنْفَعُ الْمَصْرُوعَ وَيُنْعِشُهُ وَلِلْمَسْكُوتِ، وَتُسَكِّنُ الصُّدَاعَ الْبَارِدَ وَشَمُّهَا يُفْرِحُ الْقَلْبَ وَيَنْفَعُ مِنْ أَوْجَاعِ الرَّحِمِ الْبَارِدَةِ حُمُوًّا وَمِنْ أَوْرَامِهَا الصُّلْبَةِ وَالْبَلْغَمِيَّةِ وَتُدِرُّ الْحَيْضَ وَتَنْفَعُ مِنْ اخْتِنَاقِ الرَّحِمِ وَيُنَقِّيهَا وَيُهَيِّئُهَا لِلْحَبَلِ وَهِيَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ مِسْكٍ وَسُكٍّ وَمِثْلِ نِصْفِ الْمِسْكِ عَنْبَرٌ وَيُخْلَطُ الْجَمِيعُ بِدُهْنِ بَانٍ أَوْ دُهْنِ النَّيْنُوفَرِ وَالْعُودُ قَرِيبٌ مِنْهُ وَمِزَاجُهُ أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ وَيَضُرُّ شَمُّهُ بِأَمْرَاضِ الدِّمَاغِ الْحَارِّ وَمَضْغُهُ يُطَيِّبُ النَّكْهَةَ وَيُفْرِحُ الْقَلْبَ، وَأَجْوَدُهُ الْهِنْدِيُّ ثُمَّ الصِّينِيُّ ثُمَّ الْقَمَارِيّ بِفَتْحِ الْقَافِ ثُمَّ الْمَذَرِيُّ وَأَجْوَدُهُ الْأَسْوَدُ وَالْأَزْرَقُ الصُّلْبُ، وَأَقَلُّهُ جَوْدَةً مَا خَفَّ وَطَفَا عَلَى الْمَاءِ وَفِي خَلْطِ الْكَافُورِ بِهِ إصْلَاحُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ وَفِي التَّبَخُّرِ وَهُوَ التَّجَمُّرُ مُرَاعَاةُ جَوْهَرِ الْهَوَاءِ وَإِصْلَاحُهُ. فَإِنَّ فِي صَلَاحِهِ صَلَاحَ الْبَدَنِ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الْعُودِ قَرِيبًا فِي فَصْلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ.
(الْفَاغِيَةُ) وَالْفَغْوُ نَوْرُ الْحِنَّاءِ وَأَفْغَى النَّبَاتُ أَيْ خَرَجَتْ فَاغِيَتُهُ، رَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ أَحَبُّ الرَّيَاحِينِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْفَاغِيَةَ» ، وَرُوِيَ فِيهِ أَيْضًا عَنْ بُرَيْدَةَ يَرْفَعُهُ «سَيِّدُ الرَّيَاحِينِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ الْفَاغِيَةُ» وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ قَرِيبًا فِي فَصْلٍ عَنْ سَلْمَانَ.
(زَبَّادُ) حَارٌّ فِي الثَّالِثَةِ مُعْتَدِلٌ فِي الرُّطُوبَةِ مُحَلِّلٌ يَنْفَعُ لِلصُّدَاعِ الْبَارِدِ وَيُسَكِّنُ وَجَعَ الْأُذُنِ وَيَنْفَعُ مِنْ الْبَوْلِ الْعَارِضِ فِي الْفِرَاشِ مَحْلُولًا بِدُهْنِ بَنَفْسَجٍ أَوْ يُعْمَلُ عَلَى وَرِقِهِ مَقْشُورَةُ فَتِيلَةٍ وَتُحْمَلُ فِي الْقَضِيبِ، وَإِذَا أُمْسِكَ فِي الْفَمِ جَفَّفَ الْمَنِيَّ وَقِيلَ يُلَذِّذُ الْجِمَاعَ طِلَاءً، وَفِي عُنْصُرِهِ خِلَافٌ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ.
(زَعْفَرَانٌ) حَارٌّ فِي الثَّانِيَةِ يَابِسٌ فِي الْأُولَى فِيهِ قَبْضٌ وَهُوَ مُحَلِّلٌ مُنْضِجٌ يُصْلِحُ الْعُفُونَةَ وَالْبَلْغَمَ وَيُقَوِّي الْأَحْشَاءَ وَيُحَسِّنُ اللَّوْنَ وَيَجْلُو الْبَصَرَ وَالْغِشَاوَةَ
وَيُكْتَحَلُ بِهِ لِلزُّرْقَةِ الْمُكْتَسَبَةِ فِي الْأَمْرَاضِ وَيُقَوِّي الْقَلْبَ وَيُفْرِحُهُ وَيُنَوِّمُ صَاحِبَ الشَّقِيقَةِ وَيُهَيِّجُ الْبَاهَ، يُدِرُّ الْبَوْلَ، وَيُسَهِّلُ الْوِلَادَةَ إذَا شُرِبَ بِمُحِّ الْبَيْضِ، وَيُنْفِذُ الْأَدْوِيَةَ الَّتِي يُخْلَطُ بِهَا إلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهُ إلَى دِرْهَمٍ، وَهُوَ مُصَدِّعٌ مُضِرٌّ بِالرَّأْسِ مُنَوِّمٌ مُظْلِمٌ لِلْحَوَاسِّ، وَيُسْقِطُ الشَّهْوَةَ وَيُغْثِي وَيَضُرُّ بِالرِّئَةِ وَيُصْلِحُهُ الْأَيْنِيسُونَ وَيُقَالُ ثَلَاثَةُ مَثَاقِيلَ مِنْهُ تَقْتُلُ بِالتَّفْرِيحِ.
«وَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُزَعْفَرِ لِلرَّجُلِ» قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ. وَقِيلَ يُكْرَهُ وَقِيلَ لَا، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ أَحْمَدَ.
وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ «مِلَاطُهَا الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ وَتُرَابُهَا الزَّعْفَرَانُ» وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «مِسْكٌ أَذْفَرُ» الْمِلَاطُ الطِّينُ الَّذِي يُجْعَلُ بَيْنَ شَافَّتِي الْبِنَاءِ يُمَلَّطُ بِهِ الْحَائِطُ وَالذَّفَرُ بِالتَّحْرِيكِ كُلُّ رِيحٍ ذَكِيَّةٍ مِنْ طِيبٍ أَوْ دُهْنٍ يُقَالُ مِسْكٌ أَذْفَرُ بَيِّنُ الذَّفَرِ وَقَدْ ذَفِرَ بِالْكَسْرِ يَذْفَرُ، وَرَوْضَةٌ ذَفِرٌ، وَالذَّفَرُ الصُّنَانُ وَهَذَا رَجُلٌ ذَفِرٌ أَيْ لَهُ صُنَانٌ وَخُبْثُ رِيحٍ.
(الْقُرُنْفُلُ) حَارٌّ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ يُطَيِّبُ النَّكْهَةَ وَيَحِدُّ الْبَصَرَ وَيُقَوِّي الْكَبِدَ وَرَائِحَتُهُ تُقَوِّي الدِّمَاغَ الْبَارِدَ وَهُوَ مُفْرِحٌ. قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ مُقَوٍّ لِلْمَعِدَةِ وَالدِّمَاغِ وَالْقَلْبِ وَيَنْفَعُ مِنْ الْقَيْءِ وَالْغَثَيَانِ وَقَدْرُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إلَى دِرْهَمٍ.
(كَافُورٌ) بَارِدٌ يَابِسٌ فِي الثَّالِثَةِ يَمْنَعُ الْأَوْرَامَ الْحَادَّةَ وَالرُّعَافَ مَعَ عَصِيرِ الْبَنْجِ أَوْ مَاءِ الْبَاذَرُوجِ وَيَنْفَعُ الصُّدَاعَ الْحَارَّ وَيُقَوِّي حَوَاسَّ الْمَحْرُورِينَ وَيَنْفَعُ فِي أَدْوِيَةِ الرَّمَدِ الْحَارَّةِ، وَدَانَقٌ مِنْهُ يَنْفَعُ مِنْ الْوَرَمِ الْحَارِّ وَدِرْهَمٌ مِنْهُ يُخَلِّصُ مِنْ مَضَرَّةِ الْعَقْرَبِ الْحَرَّارَةِ مَعَ مَاءِ التُّفَّاحِ الْحَامِضِ، وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ يُسْرِعُ الشَّيْبَ وَيَقْطَعُ الْبَاءَةَ، وَيُوَلِّدُ حَصَاةَ الْكُلَى وَالْمَثَانَةِ، وَشَمُّهُ يُسَهِّرُ
فِي الْحُمَّيَاتِ: وَيُصْلِحُهُ الْبَنَفْسَجُ وَالنَّيْلُوفَرُ، وَيُجْعَلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ يُطَيِّبُ وَيُصَلِّبُ وَيُبَرِّدُ فَلَا يُسْرِعُ الْفَسَادُ.
(النَّيْلُوفَرُ) بَارِدٌ رَطْبٌ فِي الثَّانِيَةِ بَرْدُهُ أَكْثَرُ مِنْ الْبَنَفْسَجِ، وَقِيلَ بَارِدٌ فِي الثَّالِثَةِ أَصْلُهُ يَنْفَعُ إذَا جُعِلَ عَلَى الْبَهَقِ بِالْمَاءِ، وَمِنْ الْأَوْرَامِ الْحَادَّةِ ضِمَادًا وَبَزْرُهُ يَمْنَعُ النَّزْفَ، وَإِذَا غُلِيَ وَصُبَّ عَلَى رَأْسِ مَنْ نَالَهُ حَرَارَةٌ نَفَعَهُ. قَالَ ابْنُ سِينَا فِي كِتَابِ الْأَدْوِيَةِ الْقَلْبِيَّةِ النَّيْلُوفَرُ يَقْرُبُ فِي أَحْكَامِهِ مِنْ الْكَافُورِ إلَّا أَنَّهُ أَرْطَبُ مِنْهُ وَرُطُوبَتُهُ لِكَثْرَتِهَا تُحْدِثُ لِجَوْهَرِ الرُّوحِ الَّذِي فِي الدِّمَاغِ كَلَالًا وَفُتُورًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إلَى تَرْطِيبٍ وَتَبْرِيدٍ لِيَعْتَدِلَ وَيُعْدَلُ بَرْدُهُ بِالدَّارِ صِينِيٍّ.
وَقَالَ غَيْرُهُ يَقْرَبُ مِنْ الْكَافُورِ الصَّنْدَلُ وَهُوَ بَارِدٌ فِي آخِرِ الثَّانِيَةِ، وَقِيلَ فِي الثَّالِثَةِ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ يَنْفَعُ مِنْ الصُّدَاعِ وَالْخَفَقَانِ الْعَارِضِ فِي الْحُمَّيَاتِ الْحَادَّةِ وَلِلْكَبِدِ الْحَارَّةِ وَلِلْفَمِ الْحَارِّ وَالْمُحَرَّكُ مِنْهُ يُفِيدُ الْحَكَّ يَسِيرَ حَرَارَةٍ كَمَا يَسْتَفِيدُ الدَّقِيقُ مِنْ الْعَجْنِ وَإِنْ خُلِطَ مَعَ الْأَدْوِيَةِ الْمَشْرُوبَةِ لِتَقْوِيَةِ الْمَعِدَةِ وَالْكَبِدِ وَتَبْرِيدِهِمَا نَفَعَ وَيَضُرُّ بِالصَّوْتِ وَيُصْلِحُهُ الْجُلَّابُ وَأَجْوَدُهُ الْمُقَاصِرِيُّ وَقِيلَ الْأَبْيَضُ مِنْهُ أَقْوَى مِنْ الْأَحْمَرِ، وَقِيلَ أَضْعَفُ وَالْأَحْمَرُ بَارِدٌ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيلَ بَارِدٌ فِي الثَّالِثَةِ يَمْنَعُ مِنْ انْصِبَابِ الْمَوَادِّ وَيُحَلِّلُ الْأَوْرَامَ الْحَادَّةَ وَيُطْلَى عَلَى الْحُمْرَةِ وَيَنْفَعُ الصُّدَاعَ.
(لُبَانٌ) الَّذِي يُقَالُ لَهُ حَصَى لُبَانٍ وَهُوَ الْكُنْدُرُ حَارٌّ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ يَابِسٌ فِي الْأُولَى وَقِيلَ فِي الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا يَنْفَعُ مِنْ قَذْفِ الدَّمِ وَنَزْفِهِ وَيَحْبِسُ الْقَيْءَ وَمِنْ وَجَعِ الْمَعِدَةِ وَاسْتِطْلَاقِ الْبَطْنِ وَيَهْضِمُ الطَّعَامَ وَيَطْرُدُ الرِّيَاحَ وَيَجْلُو قُرُوحَ الْعَيْنِ وَيُنْبِتُ اللَّحْمَ فِي سَائِرِ الْقُرُوحِ وَيُقَوِّي الْمَعِدَةَ الضَّعِيفَةَ وَيُسَخِّنُهَا وَيُجَفِّفُ الْبَلْغَمَ وَيُنَشِّفُ رُطُوبَاتِ الصَّدْرِ وَيَجْلُو ظُلْمَةَ الْبَصَرِ وَيَمْنَعُ الْقُرُوحَ الْخَبِيثَةَ مِنْ الِانْتِشَارِ وَفِيهِ قَبْضٌ يَسِيرٌ وَهُوَ أَفْضَلُ الْعِلْكِ وَإِذَا مُضِغَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الصَّعْتَرِ الْفَارِسِيِّ جَلَبَ الْبَلْغَمَ وَنَفَعَ مِنْ اعْتِقَالِ اللِّسَانِ وَيَزِيدُ فِي الذِّهْنِ وَيُذْكِيهِ وَإِنْ بُخِّرَ بِهِمَا نَفَعَ مِنْ الْوَبَاءِ وَطَيَّبَ رَائِحَةَ الْهَوَاءِ.
وَيُرْوَى فِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ أَوْ مَوْضُوعٍ عَنْ «النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ بَخِّرُوا بُيُوتَكُمْ بِاللُّبَانِ» وَهُوَ يُجَوِّدُ الْحِفْظَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ شَكَا إلَيْهِ
النِّسْيَانَ عَلَيْك بِاللُّبَانِ فَإِنَّهُ يُشَجِّعُ الْقَلْبَ وَيَذْهَبُ بِالنِّسْيَانِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ شُرْبَهُ مَعَ السُّكَّرِ عَلَى الرِّيقِ جَيِّدٌ لِلْبَوْلِ وَالنِّسْيَانِ، وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ شَكَا إلَيْهِ رَجُلٌ النِّسْيَانَ فَقَالَ: عَلَيْكَ بِالْكُنْدُرِ انْقَعْهُ مِنْ اللَّيْلِ ثُمَّ اشْرَبْهُ عَلَى الرِّيقِ فَإِنَّهُ جَيِّدٌ لِلنِّسْيَانِ وَهَذَا إذَا كَانَ النِّسْيَانُ حَدَثَ مِنْ الْبَلْغَمِ الرَّطْبِ الَّذِي يَرْبِطُ مُقَدَّمَ الدِّمَاغِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ قَبُولِ مَا يُودِعهُ فِيهِ فَيَبْقَى كَالشَّمْعِ الذَّائِبِ وَلَا يَقْبَلُ الطَّابَعَ وَيَنْفَعُ فِيهِ شَمُّ الْمِسْكِ وَالْمَرْزَنْجُوشِ وَجَمِيعِ الطِّيبِ الْحَارِّ وَالتَّغَذِّي فِيهِ بِمَاءِ الْحَمْضِ مَعَ الْخَرْدَلِ وَالْحَسَاءِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ اللَّوْزِ مَعَ الْعَسَلِ وَيُسْتَعْمَلُ فِيهِ الِانْكِبَابُ عَلَى الْمِيَاهِ اللَّطِيفَةِ الْمُحَلِّلَةِ كَمَاءِ الْبَابُونَجِ وَالْمَرْزَنْجُوشِ، وَلِلْكُنْدُرِ خَاصِّيَّةٌ فِي تَجْفِيفِ الدِّمَاغِ وَقُوَّتِهِ وَالزِّيَادَةِ فِي الْحِفْظِ وَكَذَا الزَّنْجَبِيلُ الْمُرَبَّى وَيَزِيدُ فِي الْحِفْظِ وَجَوْهَرِ الدِّمَاغِ وَقُوَّتِهِ بِخَاصِّيَّةٍ فِيهِ.
(النَّارْجِيلُ) وَهُوَ جَوْزُ الْهِنْدِ وَمَرَقَةُ الدَّجَاجِ وَلَحْمُهَا وَاَلَّذِي يَضُرُّ الذِّهْنَ الْكُسْفُرَةُ الرَّطْبَةُ وَالتُّفَّاحُ الْحَامِضُ وَلَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ الْحَامِضُ وَإِدْمَانُ السُّكَّرِ وَكَثْرَةُ الْهَمِّ وَالْفِكْرِ وَالْغَمِّ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَالنَّظَرُ فِي الْمَاءِ الْوَاقِفِ وَالْبَوْلُ فِيهِ وَالنَّظَرُ إلَى الْمَصْلُوبِ، وَقِرَاءَةُ أَلْوَاحِ الْقُبُورِ، وَالْمَشْيُ بَيْنَ جَمَلَيْنِ مَقْطُورَيْنِ، وَإِلْقَاءُ الْقَمْلِ بِالْحَيَاةِ وَحِجَامَةُ النُّقَرَةِ، وَأَكْلُ سُؤْرِ الْفَأْرِ وَيَكُونُ النِّسْيَانُ مِنْ السَّوْدَاءِ الَّتِي تُيَبِّسُ الدِّمَاغَ وَتُجَفِّفُهُ فَلَا يَقْبَلُ مَا يُودَعُ فِيهِ مِثْلُ الشَّمْعِ الشَّدِيدِ الْيُبْسِ وَالتَّغَذِّي بِلُحُومِ الدَّجَاجِ وَالْجِدَاءِ وَالْخِرْفَانِ وَمَرَقِهِمَا نَافِعٌ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: النِّسْيَانُ عَنْ يُبْسٍ يَتْبَعُهُ سَهَرٌ، وَحِفْظٌ لِلْأُمُورِ الْمَاضِيَةِ دُونَ الْحَالِيَّةِ، وَالنِّسْيَانُ عَنْ رُطُوبَةٍ بِالْعَكْسِ.
(مَرْزَنْجُوشُ) وَيُسَمَّى الْمَرْدَقُوشَ، يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيلَ فِي الرَّابِعَةِ وَقِيلَ فِي الثَّالِثَةِ مُلَطِّفٌ يَنْفَعُ مِنْ الصُّدَاعِ عَنْ بَرْدٍ وَبَلْغَمٍ وَسَوْدَاءَ وَزُكَامٍ وَرِيَاحٍ غَلِيظَةٍ، وَيَفْتَحُ السَّدَدَ الْحَادِثَةَ فِي الرَّأْسِ وَالْمَنْخَرَيْنِ وَيُحَلِّلُ أَكْثَرَ
الْأَوْرَامَ وَالْأَوْجَاعَ الْبَارِدَةَ الرَّطْبَةَ، وَإِذَا اُحْتُمِلَ آدَر الطَّمْثَ وَأَعَانَ عَلَى الْحَبَلِ، وَإِذَا طُلِيَ مَاؤُهُ عَلَى الْعُضْوِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْحَجْمِ مَنَعَ الْآثَارَ الْحَادِثَةَ عَنْ الشَّرْطِ بَعْدَ الْحَجْمِ وَيُطْلَى يَابِسُهُ عَلَى الدَّمِ وَاخْضِرَارُهُ وَخُصُوصًا تَحْتَ الْعَيْنِ فَيُحَلِّلُهُ وَطَبِيخُهُ يَنْفَعُ مِنْ الِاسْتِسْقَاءِ وَخَمْسَةُ دَرَاهِمَ مِنْهُ يَنْفَعُ مِنْ الشَّرَى الْبَلْغَمِيِّ وَهُوَ يَنْفَعُ مِنْ عُسْرِ الْبَوْلِ وَالْحَيْضِ، وَيُضَمَّدُ بِهِ لَسْعُ الْعَقْرَبِ مَعَ الْخَلِّ، وَدُهْنُهُ نَافِعٌ لِوَجَعِ الظَّهْرِ وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَيَذْهَبُ بِالْإِعْيَاءِ وَمَنْ أَدَمْنَهُ شَهْرًا يَنْزِلُ فِي عَيْنَيْهِ الْمَاءُ وَإِذَا اسْتَعَطَ بِمَائِهِ مَعَ دُهْنِ اللَّوْزِ الْمُرِّ فَتَحَ سَدَدَ الْمَنْخَرَيْنِ وَنَفَعَ مِنْ الرِّيحِ الْعَارِضَةِ فِيهِمَا وَفِي الرَّأْسِ، وَذَكَرَ حُنَيْنٌ أَنَّهُ يَضُرُّ بِالْمَثَانَةِ وَأَنَّهُ يُصْلِحُهُ بَزْرُ الْبَقْلَةِ الْحَمْقَاءِ.
(الْمِسْكُ) قَالَ تَعَالَى: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ} [المطففين: 25]{خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين: 26] وَهُوَ حَارٌّ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيلَ فِي الثَّالِثَةِ، وَيَسُرُّ النَّفْسَ وَيُقَوِّي الْأَعْضَاءَ الْبَاطِنَةَ جَمِيعًا شُرْبًا وَشَمًّا وَالظَّاهِرَةَ إذَا وُضِعَ عَلَيْهَا نَافِعٌ لِلْمَشَايِخِ وَالْمَبْرُودِينَ لَا سِيَّمَا زَمَنَ الشِّتَاءِ جَيِّدٌ لِلْغَشْيِ وَالْخَفَقَانِ وَضَعْفِ الْقُوَّةِ بِإِنْعَاشَةِ لِلْحَرَارَةِ الْغَرِيزِيَّةِ وَيَجْلُو بَيَاضَ الْعَيْنِ وَيُنَشِّفُ رُطُوبَتَهَا وَيُنَفِّسُ الرِّيَاحَ مِنْهَا وَمِنْ جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ وَيُبْطِلُ عَمَلَ السُّمُومِ، وَيَنْفَعُ مِنْ نَهْشِ الْأَفَاعِي وَيُوَصِّلُ الْأَدْوِيَةَ إلَى دَاخِلِ طَبَقَاتِ الْعَيْنِ وَيُقَوِّي الْقَلْبَ وَيُفْرِحُ وَيُذْكِي وَشَمُّهُ يَضُرُّ بِالدِّمَاغِ الْحَارِّ وَيُورِثُ الصُّفَارَ وَيُصْلِحُهُ الْكَافُورُ.
وَذَكَرَ ابْنُ جَزْلَةَ وَغَيْرُهُ أَنَّ مِنْ خَوَاصِّهِ أَنَّهُ يُبَخِّرُ الْفَمَ إذَا وَقَعَ فِي الطَّبِيخِ وَهُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ كَمَا سَبَقَ عَنْ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ صلى الله عليه وسلم وَلِهَذَا كَانَ هُوَ الْمَذْكُورَ فِي أَخْبَارِ صِفَةِ الْجَنَّةِ فَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ «تُرَابُهَا الْمِسْكُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ «وَطِينُ نَهْرِ الْكَوْثَرِ الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَفِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي سُوقِ الْجَنَّةِ «وَيَجْلِسُ أَدْنَاهُمْ وَمَا فِيهِمْ دَنِيٌّ عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ وَالْكَافُورِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ، وَمَنْ
قَدَّمَ مِنْ الْأَطِبَّاءِ الْعَنْبَرَ عَلَى الْمِسْكِ فَقَدْ أَخْطَأَ وَكَوْنُ الْعَنْبَرِ لَا يَتَغَيَّرُ عَلَى طُولِ الزَّمَانِ فَهُوَ كَالذَّهَبِ فَهَذِهِ خَاصِّيَّةٌ وَاحِدَةٌ لِلْعَنْبَرِ لَا تُقَاوِمُ مَا فِي الْمِسْكِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَيْعَةٌ) فِيهَا قَبْضٌ وَتَجْفِيفٌ حَارَّةٌ يَابِسَةٌ وَقِيلَ رَطْبَةٌ تُسَخَّنُ وَتُلَيَّنُ وَتُنْضَحُ، وَقِيلَ تُنَقِّي الدِّمَاغَ وَتَنْفَعُ الْجُذَامَ، وَتُمْسِكُ الطَّبْعَ، يُؤْخَذُ مِنْهَا إلَى مِثْقَالٍ، وَتَنْفَعُ مِنْ السُّعَالِ، وَالزُّكَامِ، وَالنَّزَلَاتِ، وَالْبُحُوحَةِ مِنْ رُطُوبَةٍ وَتَحْدُرُ الْحَيْضَ شُرْبًا وَحَمْلًا وَهِيَ مُصَّدِّعَةٌ، وَقِيلَ تَضُرُّ بِالرِّئَةِ وَيُصْلِحُهَا الْمُصْطَكَا.
(نَدٌّ) يُسَخَّنُ وَإِذَا بُخِّرَ بِهِ وَالْبَخُورُ بِهِ يُقَوِّي الْقَلْبَ وَيَنْفَعُ مِنْ السُّمُومِ وَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ عُودٍ هِنْدِيٍّ وَمِسْكٍ وَعَنْبَرٍ يُعْجَنُ بِهِمَا وَقَدْ يُعْمَلُ مِنْ عَنْبَرٍ وَمِسْكٍ وَقَدْ يُضَمُّ إلَى ذَلِكَ الْكَافُورُ.
(نَرْجِسُ) يُرْوَى فِيهِ وَفِي الْمَرْزَنْجُوشِ وَالْبَنَفْسَجِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا لَا يَصِحُّ وَبَعْضُهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَهُوَ فِي مَوْضُوعَاتِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَالنِّرْجِسُ مُعْتَدِلٌ فِي الْحَرِّ وَالْيُبْسِ يُلَطِّفُ وَقِيلَ حَارٌّ يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيلَ فِي الثَّالِثَةِ فِيهِ تَحْلِيلٌ قَوِيٌّ وَيَنْفَعُ الزُّكَامَ الْبَارِدَ وَيَفْتَحُ سُدَدَ الدِّمَاغِ وَالْمَنْخَرَيْنِ وَيَنْفَعُ مِنْ الصُّدَاعِ عَنْ رُطُوبَةٍ أَوْ سَوْدَاءَ وَيُصَدِّعُ الرُّءُوسَ الْحَارَّةَ، وَيُصْلِحُهُ الْبَنَفْسَجُ أَوْ الْكَافُورُ. وَأَصْلُهُ وَهُوَ بَصَلٌ يُدْمِلُ الْقُرُوحَ الْغَائِرَةَ إلَى الْعَصَبِ وَلَهُ قُوَّةٌ جَالِيَةٌ جَاذِبَةٌ تَجْذِبُ مِنْ الْقَمَرِ وَيَجْلُو وَيُخْرِجُ الشَّوْكَ وَيَجْلُو الْكَلَفَ وَيَنْفَعُ مِنْ دَاءِ الثَّعْلَبِ وَيُهَيِّجُ الدينلات، وَأَكْلُهُ يُهَيِّجُ الْقَيْءَ وَيَجْذِبُ الرُّطُوبَةَ مِنْ قَعْرِ الْبَدَنِ وَالْمُحْدَقُ مِنْهُ إذَا شُقَّ بَصَلُهُ صَلِيبًا وَغُرِسَ صَارَ مُضَاعَفًا وَمَنْ أَدَمْنَ شَمَّهُ فِي الشِّتَاءِ أَمِنَ الْبِرْسَامَ فِي الصَّيْفِ، وَفِيهِ مِنْ الْعِطْرِيَّةِ مَا يُقَوِّي الْقَلْبَ وَالدِّمَاغَ وَقَالَ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ شَمُّهُ يَذْهَبُ بِصَرْعِ الصِّبْيَانِ.
(وَرْدٌ) مُرَكَّبٌ مِنْ جَوْهَرَيْنِ مَائِيٍّ وَأَرْضِيٍّ فِيهِ حَرَافَةٌ وَقَبْضٌ وَمَرَارَةٌ وَمَرَارَتُهُ تَقِلُّ إذَا يَبِسَ، بَارِدٌ فِي الْأُولَى يَابِسٌ فِي أَوَّلِ الثَّانِيَةِ وَقِيلَ فِي الثَّالِثَةِ
مُتَوَسِّطٌ فِي الْغِلَظِ وَاللَّطَافَةِ، تَجْفِيفُهُ أَقْوَى مِنْ قَبْضِهِ، يُقَوِّي الْأَعْضَاءَ الْبَاطِنَةَ وَاللِّثَةَ وَالْأَسْنَانَ وَيُصْلِحُ نَتَنَ الْعَرَقِ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي الْحَمَّامِ وَيَقْطَعُ الثَّآلِيلَ. وَإِذَا اُسْتُعْمِلَ مَسْحُوقًا يَنْفَعُ مِنْ الْقُرُوحِ وَالسُّجُوحِ فِي الْمُعَلَّى وَيُنْبِتُ اللَّحْمَ فِي الْقَرْحَةِ الْعَمِيقَةِ، مُسَكِّنٌ لِلصُّدَاعِ الْحَارِّ، مُهَيِّجٌ لِلزُّكَامِ وَالْعِطَاشِ وَأَقْمَاعُهُ تَنْفَعُ مِنْ نَفْثِ الدَّمِ وَهُوَ نَافِعٌ لِلْكَبِدِ وَالْمَعِدَةِ.
وَيُسَكِّنُ أَوْجَاعَ السَّفْلِ طِلَاءً بِرِيشَةٍ وَيُحْتَقُّ بِطِّيخُهُ لِقُرُوحِ الْأَمْعَاءِ، وَالطَّرِيُّ مِنْهُ يُسْهِلُ. عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْهُ عَشَرَةُ مَجَالِسَ، وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ مِنْهُ تَنْفَعُ مِنْ حَرَارَةِ حُمَّى الرَّبِيعِ، وَيَابِسُهُ لَا يُسَهِّلُ، وَإِذَا طُبِخَ مَعَ الْعَدَسِ وَضُمِّدَتْ بِهِ الْمَعِدَةُ نَفَعَ قُرُوحَهَا وَإِذَا أُمْسِكَ فِي الْفَمِ نَفَعَ مِنْ النَّتْنِ وَالْقِلَاعِ لَا سِيَّمَا إذَا خُلِطَ مَعَهُ الْعَدَسُ. وَالْكَافُورُ، وَشَمُّ الطَّرِيِّ يُقَوِّي الدِّمَاغَ وَالْقَلْبَ وَهُوَ يَقْطَعُ شَهْوَةَ الْبَاهِ إذَا اُضْطُجِعَ عَلَى الْمَفْرُوشِ مِنْهُ أَوْ أُكِلَ لِتَبْرِيدِهِ وَتَجْفِيفِهِ، وَمَاءُ الْوَرْدِ بَارِدٌ وَقِيلَ حَارٌّ يَشُدُّ اللِّثَةَ وَيُسَكِّنُ وَجَعَ الْعَيْنِ مِنْ حَرَارَةٍ وَإِذَا تَجَرَّعَ مِنْهُ نَفَعَ مِنْ الْغَشْيِ وَنَفْثِ الدَّمِ وَقَوِيٌّ لِلْقُوَّةِ وَآلَاتِهَا، وَالْمَعِدَةِ خَشِنُ الصَّدْرِ وَيُصْلِحُهُ نَبَاتُ الْجُلَّابِ مِنْ الْوَرْدِ نَوْعٌ حَارٌّ مُحْرِقٌ.
(وَرْدٌ صِينِيٌّ) وَهُوَ وَرْدُ النِّسْرِينِ هُوَ كَالْيَاسَمِينِ فِي أَفْعَالِهِ وَأَضْعَفَ مِنْهُ وَدَهْنُهُ كَدُهْنِ النِّرْجِسِ وَهُوَ حَارٌّ يَابِسٌ فِي الْأُولَى وَقِيلَ فِي الثَّالِثَةِ مُنَقٍّ مُلَطِّفٌ يَنْفَعُ مِنْ بَرْدِ الْعَصَبِ وَيَقْتُلُ الدِّيدَانَ فِي الْأُذُنِ وَيَنْفَعُ مِنْ طَنِينِهَا وَدَوِيِّهَا وَيَفْتَحُ سَدَدَ الْمِنْخَرَيْنِ وَيُسَكِّنُ الْقَيْءَ وَالْفَوَاقَ.
(وَرْدُ الْخِلَافِ) وَوَرْدُ التُّفَّاحِ وَوَرْدُ الْكُمَّثْرَى وَوَرْدُ السَّفَرْجَلِ بَارِدٌ يُقَوِّي الْقَلْبَ وَالدِّمَاغَ (وَرْدُ الْجُورِيِّ) أَجْوَدُهُ الْأَصْفَرُ حَارٌّ فِي الْأُولَى مُعْتَدِلٌ فِي الْيُبْسِ مُلَطِّفٌ مُحَلِّلٌ شَمُّهُ يَنْفَعُ الدِّمَاغَ الْبَارِدَ. الرَّطْبُ يُحَلِّلُ الرِّيَاحَ الْغَلِيظَةَ وَمَاؤُهُ الْمَطْبُوخُ إذَا شُرِبَ أَدَرَّ الْحَيْضَ وَأَسْقَطَ الْمَشِيمَةَ وَيُحَلِّلُ أَوْرَامَ الرَّحِمِ إذَا طُلِيَ عَلَى الْعَانَةِ.
(لَاذَنُ) هُوَ رُطُوبَةٌ تَتَعَلَّقُ بِشَعْرِ الْمِعْزَى وَلِحَاهَا إذَا رَعَتْ نَبَاتًا مَعْرُوفًا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلٌّ وَتَرْتَكِمُ عَلَيْهِ نَدَاوَةٌ فَإِذَا عَلِقَ بِشَعْرِ الْمِعْزَى أُخِذَ عَنْهَا وَكَانَ اللَّاذَنُ. وَالرَّدِيءُ مِنْهُ مَا يَعْلَقُ بِأَظْلَافِهَا وَأَجْوَدُهُ الدَّسَمُ الرَّزِينُ الطَّيِّبُ الرِّيحِ الَّذِي لَوْنُهُ إلَى الصُّفْرَةِ وَهُوَ حَارٌّ فِي آخِرِ الْأُولَى وَقِيلَ فِي آخِرِ الثَّانِيَةِ رَطْبٌ وَقِيلَ يَابِسٌ وَهُوَ لَطِيفٌ جِدًّا وَفِيهِ يَسِيرُ قَبْضٍ، مُنْضِجٌ لِلرُّطُوبَاتِ الْغَلِيظَةِ اللَّزِجَةِ، وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ الْمُنْتَثِرَ وَيُكَثِّفُهُ وَيَحْفَظُهُ مَعَ دَهْنِ الْآسِ وَيُخْرِجُ الْجَنِينَ الْمَيِّتَ وَالْمَشِيمَةَ تَدْخِينًا فِي قَمْعٍ، وَإِنْ شُرِبَ بِشَرَابٍ عَقَلَ الْبَطْنَ وَأَدَرَّ الْبَوْلَ وَهُوَ يُنَقِّي الْبَلْغَمَ وَقَدْرُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إلَى نِصْفِ دِرْهَمٍ وَيُلَيِّنُ صَلَابَةَ الْمَعِدَةِ وَالْكَبِدِ وَيُقَوِّيهِمَا إذَا كَانَ قَدْ نَالَهُمَا ضَعْفٌ مِنْ بَرْدٍ.
(يَاسَمِينٌ) وَيُقَالُ لَهُ يَاسَمُونُ وَهُوَ أَبْيَضُ وَأَصْفَرُ وَأُرْجُوَانِيٌّ، وَالْأَبْيَضُ أَسْمَنُهُ وَبَعْدَهُ الْأَصْفَرُ وَهُوَ يَابِسٌ حَارٌّ فِي الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ وَقِيلَ فِي الثَّانِيَةِ وَيُلَطِّفُ الرُّطُوبَاتِ وَيُذْهِبُ الْكَلَفَ وَيُحَلِّلُ الصُّدَاعَ الْبَلْغَمِيِّ إذَا شُمَّ وَيَنْفَعُ أَصْحَابَ اللَّقْوَةِ وَالْفَالِجِ وَيَفْتَحُ السَّدَدَ وَيَنْفَعُ مِنْ عِرْقِ النَّسَا وَكَثِيرُهُ يَنْفَعُ الطِّحَالَ وَيُوَرِّثُ الصَّفَّارَ وَرَائِحَتُهُ مُصَدِّعَةٌ وَيُصْلِحُهُ الْكَافُورُ.