الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واحدا
…
قاله القاضي أبو بكر محمد بن الطيب، فيما رواه الخطيب في الكفاية
(1)
عن محمد بن عبيد الله المالكي عنه. وهذا هو المعنى العرفي للصحابي عند سائر أهل العلم
(2)
.
-
والثالث: تعريفه في الاصطلاح
للصحابي في اصطلاح علماء الشريعة تعريف، ومفهوم يختلف باختلاف تخصصهم، ومجال بحثهم، فله تعريف عند أصحاب الحديث، وآخر عند الفقهاء، والأصوليين. وقد يختلف أصحاب هذه العلوم فيما بينهم، وقد تختلف عباراتهم، والمعنى واحد، وجملة الأقوال في تعريف الصحابي عندهم تعود إلى سبعة، أذكر أشهرها، وأصحها
(3)
.
فالمشهور عند جمهور المحدثين أنه: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به، ومات على الإسلام، ولو تخللت ذلك ردة
(4)
…
وهذا
(1)
(ص/100).
(2)
انظر: العدة في صول الفقه لأبي يعلى الفراء (3/ 988)، والمستصفى لأبي حامد الغزالي (ص/ 190)، وجامع الأصول لابن الأثير (1/ 34)، والبحر المحيط (4/ 302)، وتيسير التحرير (3/ 66).
(3)
وانظر: تحقيق منيف الرتبة للعلائي (ص/ 30 - 35)، وَ (ص/ 39، وما بعدها)، وتدريب الراوي (2/ 208 - 213).
(4)
ذكر هذا، ومعناه جماعة من أهل العلم في كتبهم، انظر - مثلا -: صحيح البخاري (7/ 5)، والعدة لأبي يعلى (3/ 987 - 988)، والإحكام لابن حزم (5/ 865)، وعلوم الحديث لابن الصلاح (ص/ 251 - 255)، ومسلم الثبوت لابن عبد الشكور (2/ 158)، واختصار علوم الحديث لابن كثير (2/ 491 - 497)، وتحقيق منيف الرتبة (ص/ 30 - 32)، والمنهل الروي (ص/ 111)، والتقييد (ص/ 251 - =
شامل يدخل فيه الرجال، والنساء، الأحرار، والموالي، ومن صحبه قليلا، أو كثيرا، ومن رآه، ولم يجالسه، وغير ذلك، حتى من كان ضريرًا منهم
(1)
…
قال السيوطي في ألفيته
(2)
:
حدّ الصحابي مسلما لاقى الرسول
…
وإن بلا رواية عنه وطول
وشرطه الموت على دين ولو
…
تخلل الردة .......
والمشهور عند جمهور الفقهاء، والأصوليين أن تعريفه كتعريف جمهور المحدثين مع اشتراط كثرة اللقاء وطول الصحبة، على اختلاف بينهم في المدة المعتبرة قلة، وكثرة
(3)
.
= 252)، والفتح لابن حجر (7/ 6 - 7)، والإصابة (1/ 7 - 8)، والغاية شرح الهداية للسخاوي (1/ 378 - 380)، وشرح الكوكب المنير لابن النجار (2/ 465)، ولوائح الأنوار للسفاريني (2/ 89)، وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم (ص/ 62).
(1)
شرح التعريف، وذكر محترزاته جماعة، منهم: ابن حجر في الإصابة، والسخاوي في فتح المغيث (4/ 78 - 89)، والكبيسي في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقدمت الحوالة إليه وإلى كتاب ابن حجر. وانظر: البحر المحيط (4/ 303)، والغاية للسخاوي (1/ 379).
(2)
(ص/ 215)، والبيتان غير متتاليين. وانظر: شرح ألفية السيوطي للشيخ محمد الأثيوبي (2/ 179 - 182).
(3)
ذكر جماعة من الفقهاء، والأصوليين تعريف الصحابي عندهم، انظر - مثلًا -: التعريفات للجرجاني (ص/ 173)، والمستصفى للغزالي (1/ 165)، وكشف الأسرار للبزدوي (3/ 384)، والبحر المحيط (4/ 301)، والتحرير لابن همام الدين (3/ 66)، وإرشاد الفحول للشوكاني (ص/ 65).
والتعريف الأول هو الصحيح، المعول عليه
(1)
، يؤيده المعني اللغوي - المتقدم -، وهو ما دل عليه معني الصاحب في القرآن، كقوله - تعالى - في النبي صلى الله عليه وسلم:{وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22)}
(2)
، وقوله:{وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ}
(3)
. وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله في عدة أحاديث: (طوبى لمن رآني)، وقوله:(لا تمس النار مسلمًا رآني)
(4)
…
وهذه الأدلة في أدلة أخرى كلها تدل على مطلق الصحبة، والرؤية، ليست واردة في مقدار خاص منها - والله أعلم -.
والتعريف الثاني للصحابي تعريف مرجوح، اعتمد أصحابه على الاستعمال، والمعنى العرفي للصاحب - فيما يظهر -
(5)
، والله تعالى أعلم.
قال الإمام أحمد رحمه الله في عقيدته
(6)
: (كل من صحبه - سنة، أو شهرا، أو يوما، أو ساعة، أو رآه فهو من أصحابه، له من الصحبة على قدر ما صحبه). ويقول شيخ الإسلام ابن تيميه
(7)
: (والصحبة اسم جنس،
(1)
انظر: قولي الإمام أحمد، والبخاري - رحمهما الله - في الكفاية للخطيب (ص/ 99)، وانظر: صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم (ص 71 - 77).
(2)
من الآية: (46)، من سورة: سبأ.
(3)
الآية: الثانية، من سورة: التكوير.
(4)
انظر الأحاديث ذوات الأرقام/ 45 - 54.
(5)
وانظر: التقييد (ص/ 256)، ومسلم الثبوت (2/ 158)، والبحر المحيط (4/ 301 - 302)، ومحاضرات في علوم الحديث للتازي (1/ 131).
(6)
كما في: شرح أصول الاعتقاد (1/ 160).
(7)
كما في: مجموع الفتاوى (4/ 464).
تقع على من صحب النبي صلى الله عليه وسلم قليلًا، أو كثرًا، لكن كل منهم له من الصحبة بقدر ذلك .... ) اهـ، ثم استدل بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه يرفعه
(1)
: (يغزو فئام من الناس، فيقال: هل فيكم من صحب النبي صلى الله عليه وسلم)؟ وفي بعض ألفاظه الصحيحة: (هل فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم)، ثم قال:(فقد علّق النبي صلى الله عليه وسلم الحكم بصحبته، وعلق برؤيته، وجعل فتح الله على المسلمين بسبب من رآه مؤمنًا به) ا هـ. وقال - مرة -
(2)
: (والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقيد الصحبة بقيد، ولا قدرها بقدر، بل علق الحكم بمطلقها، ولا مطلق لها إلا الرؤية
…
)، إلى أن قال:(ولا ريب أن مجرد رؤية الإنسان لغيره لا توجب أن يقال قد صحبه، ولكن إذا رآه على وجه الاتباع له، والاقتداء به دون غيره، والاختصاص به. ولهذا لم يُعتد برؤية من رأى النبي صلى الله عليه وسلم من الكفار والمنافقين .... ) ا هـ.
واختلف العلماء: هل الخلاف في تعريف الصحابي خلاف لفظي لا أثر له، أم أنه معنوي، له أثر وثمرة؟ على قولين، الصحيح منهما: أنه معنوي، له أثر في الرواية، وإثبات فضل الصحبة والعدالة، وغير ذلك
(3)
.
* * *
(1)
سيأتي برقم/ 32.
(2)
منهاج السنة (8/ 387 - 388).
(3)
انظر: الإحكام للآمدي (2/ 92)، والتحرير (3/ 67)، وتيسيره (3/ 67).