‌الفصل الثاني ما ورد في أن خير الناس القرن الذي كان فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضي الله عنهم - الأحاديث الواردة في فضائل الصحابة - جـ ١

‌

‌الفَصْلُ الثاني ما ورد في أن خير الناس القرن الذي كان فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضي الله عنهم

-

85 -

[1] عن عمران بن حصين

(1)

رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خَيرُكمْ قَرْنِي

(2)

).

رواه: البخاري في عدة مواضع من صحيحه

(3)

بألفاظ متقاربة - وهذا من لفظه في كتاب الشهادات -،

ومسلم

(1)

، والنسائي

(2)

، والإمام أحمد

(3)

، والطبراني في الكبير

(4)

، من طرق عن شعبة بن الحجاج عن أبي جمرة

(5)

عن زهدم

(6)

بن مضرب

(7)

عن عمران به

…

وأبو جمرة هو: نصر بن عمران البصري

(8)

.

ورواه: عنه - أيضًا - اثنان

…

أحدهما: حجاج (وهو: ابن محمد المصيصي)، أخرج روايته الإمام أحمد

(1)

عنه به، بنحو حديث شعبة. والآخر: أبان بن يزيد العطار، أخرج روايته الطبراني في الكبير

(2)

من طريقين عنه به بنحوه - أيضًا -.

ورواه: مسلم

(3)

- أيضًا -، وأبو داود

(4)

، والترمذي

(5)

، والإمام أحمد

(6)

، والبزار

(7)

، والطبراني في الكبير

(8)

،

وفي الأوسط

(1)

، كلهم من طرق عن قتادة عن زرارة

(2)

بن أبي أوفى عن عمران به، بنحو حديث زهدم عنه، وللإمام أحمد، وللطبراني:(خير هذه الأمة القرن الذي بعثت فيهم)

…

وسكت أبو داود عنه، وقال البزار:(وهذا الحديث قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه بألفاظ مختلفة. وقد روي عن عمران من غير وجه، وهذا الإسناد أحسن إسناد يروى عن عمران بن حصين لهذا الكلام) اهـ. وقتادة هو: ابن دعامة

(3)

، مدلس، عده الحافظ في الطبقة الثالثة من طبقات المدلسين، ولم يصرح بسماعه من زرارة - فيما أعلمه - لكن روايته عند مسلم، وهي محمولة على ثبوت السماع من

جهة أخرى

(1)

، - وقد توبع -. وقال الترمذي:(هذا حديث حسن صحيح) اهـ، وجاء من غير وجه عن عمران، فهو كما قال.

ورواه: الترمذي

(2)

- أيضًا - من طريق محمد بن فضيل

(3)

، ورواه: الإمام أحمد

(4)

، ورواه: الطبراني في الكبير

(5)

بسنده عن سهل بن عثمان، وبسنده عن أبي بكر بن أبي شيبة، ثلاثتهم عن وكيع، ورواه: الطبراني في الكبير

(6)

بسنده عن منصور بن أبي الأسود، ثم ساقه

(7)

بسنده عن شيبان، وبسنده

(8)

عن يعلى بن عبيد، عن الأعمش

(9)

عن علي بن مدرك عن

هلال بن يساف

(1)

عن عمران به، بلفظ:(خير الناس قرني)

…

قال الترمذي - في الموضع الأول -: (هكذا روى محمد بن فضيل هذا الحديث عن الأعمش عن علي بن مدرك عن هلال بن يساف، وروى غير واحد من الحفاظ هذا الحديث عن الأعمش عن هلال بن يساف، ولم يذكروا علي بن مدرك) اهـ، ثم ساقه من طريق وكيع عن الأعمش كذلك، فقال:(وحدثنا الحسين بن الحريث: حدثنا وكيع عن الأعمش: حدثنا هلال بن يساف عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه، وهذا أصح عندي من حديث محمد بن فضيل .. )

(2)

اهـ.

وهو كما قال، فابن فضيل صدوق، وله أوهام أخذها عليه بعض النقاد

(3)

، ووكيع أثبت منه بدرجات، فيكون إسناد ابن فضيل من قبيل المزيد في متصل الأسانيد

(4)

، إن لم يكن الأعمش تحمله من الطريقين، وأداه تارة كذا، وتارة كذا - والله تعالى أعلم -. وقال في الموضع الثاني:(وهذا حديث غريب من حديث الأعمش عن علي بن مدرك، وأصحاب الأعمش إنما رووا عن الأعمش عن هلال بن يساف عن عمران بن حصين) اهـ، ثم ساقه عن أبي عمار الحسين بن حريث عن وكيع عن

الأعمش عن هلال بن يساف عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، ثم قال:(وهذا أصح من حديث محمد بن فضيل)، وقال في لفظه:(خير الناس)، والمعروف في لفظ الحديث:(خيركم قرني)، ولأحمد، وللطبراني من بعض طرقه:(خير هذه الأمة).

86 -

[2] عن عبد الله بن مسعود - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خَيرُ النَّاسِ قَرْني).

هذا الحديث رواه: البخاري

(1)

- وهذا مختصر من لفظه -، ومسلم

(2)

،

وابن ماجه

(1)

، والإمام أحمد

(2)

، والبزار

(3)

، وأبو يعلى

(4)

، والطبراني في الكبير

(5)

ستتهم من طرق عن منصور (يعنون: ابن المعتمر)

(6)

.

ورواه - أيضًا -: البخاري

(1)

، والترمذي

(2)

، والإمام أحمد

(3)

، ثلاثتهم من طرق عن سليمان بن مهران الأعمش

(4)

. ورواه - أيضًا -: مسلم

(5)

، والإمام أحمد

(6)

، والبزار

(7)

، ثلاثتهم من طريق أزهر بن سعد

السمان

(1)

عن ابن عون (هو: عبد الله)، ثلاثتهم عن إبراهيم بن يزيد النخعي عن عَبيدة

(2)

بن عمرو السلماني

(3)

عنه به

…

ووقع في حديث شيبان - عند البخاري -، وفي حديث جرير - عند مسلم - كلاهما عن منصور بن المعتمر أن الحديث ورد جوابًا لمن سأل النبي صلى الله عليه وسلم:(أي الناس خير)؟ وفي حديث الطبراني من طريق شيبان أن السائل هو: ابن مسعود رضي الله عنه، وسنده حسن؛ فيه: عبد الله بن رجاء، وهو: الغداني، كان شيخًا لا بأس به، لكنه كان يغلط، ويصحّف

(4)

.

ولمسلم في حديث أبي الأحوص عن منصور: (خير أمتى القرن الذي يلوني). قال الترمذي - عقب حديثه -: (هذا حديث حسن صحيح) اهـ، وقال البزار:(وهذا الحديث لا نعلم له طريقا عن عبد الله إلا هذا الطريق) اهـ.

وللحديث طريق أخرى عن ابن مسعود رضي الله عنه

…

رواها: الطبراني في الكبير

(1)

، وفي الأوسط

(2)

بسنده عن يحيى بن إبراهيم السلمي عن الحسن بن صالح (وهو: ابن حي) عن الأجلح عن الشعبي عن علقمة عنه به، بمثله

…

قال في الأوسط: (لم يروه عن الحسن إلَّا يحيى بن صالح، ولا يروى عن علقمة إلّا من هذا الوجه) اهـ. وهذا إسناد حسن؛ يحيى بن إبراهيم، والأجلح (وهو: ابن عبد الله الكندي) صدوقان

(3)

، وبقية رجاله ثقات، وهو صحيح لغيره بمتابعاته. والحديث رواه - أيضًا -: الآجري في الشريعة

(4)

بسنده عن منصور بن المعتمر عن شقيق بن سلمة عن ابن مسعود به

…

وإسناده صحيح.

87 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بُعثتُ منْ خيرِ قرونِ بَني آدمَ قرنًا فقرنًا، حتَّى كُنتُ منْ القرنِ الَّذِي كنتُ مِنْه).

هذا الحديث رواه: البخاري

(1)

- واللفظ له -، ورواه: الإمام أحمد

(2)

، كلاهما عن قتيبة بن سعيد عن يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد القاري

(3)

، ورواه - أيضًا -: الإمام أحمد

(4)

عن سليمان، ورواه: أبو يعلى

(5)

عن يحيى بن أيوب، كلاهما عن إسماعيل

(6)

، كلاهما (يعقوب، وإسماعيل) عن عمرو بن أبي عمرو عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة به

…

وعمرو بن أبي عمرو هو: مولى المطلب المدني، واسم أبي عمرو: ميسرة. وسليمان - في إسناد الإمام أحمد - هو: ابن داود الهاشمي. وإسماعيل هو: ابن جعفر، والحديث من طريقه عن عمرو صححه: البغوي في شرح السنة

(7)

.

88 -

[4] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيرُ أمَّتي: القرنُ الَّذِي بُعثتُ فيهِم).

رواه: مسلم

(1)

- وهذا مختصر من لفظه - عن يعقوب بن إبراهيم، وإسماعيل بن سالم، والإمام أحمد

(2)

، والبزار

(3)

، أربعتهم عن هشيم

(4)

(هو: ابن بشير)، ورووه

(5)

- جميعًا أيضًا - من طرق عن شعبة

(6)

(وهو: ابن الحجاج)، ورواه: مسلم

(7)

- وحده أيضًا - من طريق أبي عوانة (وهو: الوضاح اليشكري)

(8)

، ثلاثتهم (هشيم، وشعبة، وأبو عوانة) عن أبي بشر

(وهو: جعفر بن أبي وحشية)

(1)

عن عبد الله بن شقيق عنه به

…

وفي لفظ حديث الإمام أحمد عن غندر: (خيركم قرني).

والحديث رواه - أيضًا -: البزار

(2)

عن سهل بن بحر، والطبراني في الأوسط

(3)

عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة، كلاهما عن عقبة بن مُكرم عن يونس بن بكير عن داود بن يزيد الأودي عن أبيه يزيد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة به، ولفظه:(خير الناس قرني)

…

قال البزار: (وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلّا من هذا الوجه) اهـ، وقال الطبراني:(لم يرو هذا الحديث عن داود الأودي إلّا يونس بن بكر، تفرد به عقبة بن مكرم) اهـ. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد

(4)

، وعزاه إلى الطبراني وحده، ثم قال:(وفيه: داود بن يزيد الأودي، وهو ضعيف) اهـ، وداود يزيد مجمع على ضعفه

(5)

. وفي أبيه جهالة، روى عنه أكثر من واحد

(6)

، وترجم له البخاري في التأريخ

الكبير

(1)

، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل

(2)

، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، ووثقه العجلي

(3)

، وذكره ابن حبان في الثقات

(4)

، وقال الذهبي في الكاشف

(5)

: (وثق)، وقال الحافظ في التقريب

(6)

: (مقبول) - أي: حيث يتابع وإلا فلين الحديث، كما هو اصطلاحه -. وفي يونس بن بكير ضعف

(7)

. ومحمد بن عثمان - شيخ الطبراني - لا بأس به

…

فهذا إسناد حسن لغيره. بما مرّ.

وروى أبو نعيم في الحلية

(8)

بسنده عن ابن عجلان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن خير الناس؟ قال: (أنا، ومن معي)

…

وابن عجلان صدوق، إلّا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة - وهذا من أحاديثه عنه -، ولم أر حديث أبي هريرة بهذا اللفظ إلّا من طريق ابن عجلان هذا - والله أعلم -.

89 -

[5] عن عائشة رضي الله عنها قالت: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس خير؟ قال: (القرنُ الَّذي أنَا فِيْه).

رواه مسلم

(1)

- وهذا مختصر من لفظه -، والإمام أحمد

(2)

، كلاهما من طريق حسين (هو: ابن علي الجعفي) عن زائدة (هو: ابن قدامة) عن السّديّ

(3)

(هو: إسماعيل بن عبد الرحمن). عن عبد الله البهيّ

(4)

عن عائشة به. والسُّدي وثقه: الإمام أحمد

(5)

، والعجلي

(6)

، والسمعاني

(7)

. وقال

النسائي

(1)

، وابن شاهين

(2)

، وابن عدي

(3)

: (لا بأس به)، وقال الساجي

(4)

: (صدوق). وضعفه: ابن معين

(5)

، وأبو زرعة

(6)

، وأبو حاتم

(7)

، وغيرهم. وقال الإمام أحمد

(8)

: وقال يحيى بن معين عند عبد الرحمن بن مهدي: (السدي، وإبراهيم بن مهاجر ضعيفان)، فغضب ابن مهدي غضبًا شديدًا، وقال:(سبحان الله، إيش ذا، وأنكر ما قال يحيى). ولعلّ الأقرب في درجته بعد النظر في أقوال أهل العلم فيه أنه: لا بأس به - كما تقدم نقله عن جماعة من أهل العلم - وهو ما رجحه الحافظان: الذهبي

(9)

وابن حجر

(10)

- رحمهما الله -. وعبد الله البهيّ وثقه ابن سعد

(11)

، وذكره ابن حبان في الثقات

(12)

، ولم يضعفه أحد - فيما

وقفت عليه - إلّا أبا حاتم

(1)

وقال فيه الذهبي: (وثق)

(2)

، وقال الحافظ في التقريب

(3)

: (صدوق يخطئ)، ولعلّه راعى في قوله هذا كلام أبي حاتم فيه؛ وأبو حاتم متشدد

(4)

، ولم يوافقه على قوله هذا أحد - فيما أعلم - من النقاد، والرجل صدوق - إن شاء الله -. وأنكر الإمام أحمد سماعه من عائشة رضي الله عنها

(5)

-، كما أنكره ابن مهدي

(6)

في حديث الخمرة، بمثل إسناد حديثه هنا. ولذا أعلّ الدارقطني هذا الحديث بأنه منقطع بين البهيّ وعائشة، فقال في التتبع

(7)

- بعد أن ذكر الحديث -: (والبهيّ إنما روى عن عروة عن عائشة - والله أعلم -) اهـ. وفيه نظر، لأن البهيّ سمع من عائشة رضي الله عنها، وروى عنها، كما ذهب إلى ذلك جماعة منهم: البخاري

(8)

، وابن القيسراني

(9)

، وقال ابن حبان

(10)

: (كان يجالس عائشة كثيرًا، وكذلك عروة، وروى عن عائشة، وعن عروة

عن عائشة جميعًا) اهـ. وقال القاضي عياض

(1)

: (وقد صححوا روايته عن عائشة

…

).

كما ردّ الشيخ الدكتور: ربيع بن هادي في كتابه "بين الإمامين: مسلم، والدارقطني"

(2)

إعلال الدارقطني لهذا الحديث، إلّا أنه أعله بضعف السّدّي، والبهيّ، وفي هذا نظر - أيضًا - لما قدمته من بيان حالهما

…

فإسنادهما للحديث إسناد حسن، ومتنه صحيح لغيره بشواهده المذكورة في هذا الفَصْلُ - والله تعالى أعلم -.

90 -

[6] عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيرُ النَّاسِ قَرني).

رواه: الإمام أحمد

(3)

عن هاشم

(4)

- وهذا مختصر من لفظه -، ورواه - أيضًا -: البزار

(5)

عن عمر بن شبة عن أبي أحمد، كلاهما عن شيبان

(6)

، ورواه: الإمام أحمد

(7)

- أيضًا -

عن أسود بن عامر عن أبي بكر

(1)

، ورواه

(2)

- أيضًا -، والبزار

(3)

عن بشر بن خالد العسكري، كلاهما عن حسين بن علي

(4)

عن زائدة، ورواه: الإمام أحمد

(5)

- أيضًا - عن حسن ويونس كلاهما عن حماد بن سلمة، ورواه: البزار

(6)

- أيضًا - عن رزق الله بن موسى عن شبابة بن سوار عن ورقاء، ورواه كذلك: الطبراني في الأوسط

(7)

عن أحمد عن عبد الله بن جعفر عن عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة، ستتهم (شيبان، وأبو بكر، وزائدة، وحماد، وَورقاء، وزيد) عن عاصم بن بهدلة عن خيثمة - وقرن به الإمام أحمد، والبزار في حديثهما من طريق شيبان: الشعبي -، كلاهما عن النعمان بن بشير

(8)

به

…

قال البزار: (ولا نعلم أحدًا جمع خيثمة، والشعبي إلّا شيبان) اهـ. والحديث حسن من هذا الوجه؛ مدار أسانيده على: عاصم، وهو: ابن بهدلة بن أبي النجود، وهو حسن الحديث - كما قدمت في ترجمته -.

والحديث: صحيح لغيره. وهاشم - أحد شيوخ الإمام أحمد فيه - هو: ابن القاسم البغدادي. وأبو أحمد - راويه عن شيبان، عند البزار - هو: محمد بن عبد الله الزبيري. وزائدة هو: ابن قدامة. وأبو بكر - راويه عن عاصم، عند الإمام أحمد - هو: ابن عياش، ساء حفظه لما كبر، ولا يدرى متى سمع منه أسود بن عامر - المعروف بشاذان -، وقد توبع، وخيثمة هو: ابن عبد الرحمن. والشعبي هو: عامر بن شراحيل. ورزق الله بن موسى - أحد شيوخ البزار - هو: الكلوذاني، البغدادي، ذكره العقيلي في الضعفاء

(1)

، وقال:(في حديثه وهم)، وذكره ابن حبان في الثقات

(2)

، وقال الخطيب البغدادي في تأريخه

(3)

: (ثقة)، وذكره الذهبي في الديوان

(4)

، وقال:(ثقة، وهم ورفع حديثًا)، وقال في الكاشف

(5)

: (صدوق)، وقال ابن حجر في التقريب

(6)

: (صدوق يهم). وأحمد - شيخ الطبراني - هو: ابن عبد الرحمن بن عقال الحراني، ضعيف، ترجم له ابن عدي في الكامل

(7)

، وذكر له حديثًا منكرًا جدًّا، ونقل عن أبي عروبة قال: (لم يكن بمؤتمن

على نفسه، ولا دينه) اهـ. حدث به عن عبد الله بن جعفر، وهو: ابن غيلان الرقي، وهو ثقة، إلَّا أنه تغير بأخرة، فلم يفحش اختلاطه، وقد توبعا - وتقدما -.

والحديث أورده الهيثمي في مجمع الزوائد

(1)

، وعزاه إلى الإمام أحمد، والبزار، والطبراني في الكبير، وفي الأوسط

…

و لم أره في الكبير، ولعله في المقدار الذي لم يزل في عداد المفقود - والله أعلم -.

وللحديث طريق أخرى عن خيثمة بن عبد الرحمن، غير طريق عاصم بن أبي النجود، رواها: البزار

(2)

عن هلال بن العلاء عن أبيه - العلاء بن هلال - عن عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو بن مرة عن خيثمة به، بمثله

…

وقال: (ولا نعلم روى عمرو بن مرة عن خيثمة عن النعمان إلّا هذا الحديث، ولا روى هذا الحديث عن عبيد الله بن عمرو إلّا العلاء بن هلال - وحده -) اهـ. والعلاء بن هلال هو: ابن عمر الباهلي، ضعيف

(3)

، قال فيه ابن حجر

(4)

: (فيه لين) اهـ.

وخولف في الإسناد؛ فرواه: ابن حبان في صحيحه

(5)

بسنده عن محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن عاصم عن خيثمة به، بمثله، فعاد الحديث إلى عاصم، وهذا هو الصحيح.

91 -

92 [7 - 8] عن بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيرُ أُمَّتي قَرني مِنْهُم).

رواه: الإمام أحمد

(1)

عن إسماعيل - وهذا مختصر من لفظه -، ورواه

(2)

- أيضًا -: عن عفان

(3)

عن حماد بن سلمة، ورواه - أيضًا -: أبو يعلى

(4)

عن العباس بن الوليد النرسي عن عبد الأعلى أبي محمد السّامي، ثلاثتهم عن سعيد الجريري عن أبي نضرة عن عبد الله بن مَوَلَة

(5)

القشيري عنه به

…

إلّا أن أبا يعلى قال: (أبو برزة الأسلمي)، بدل: بريدة! وللإمام أحمد: وقال عفان - مرة -: (خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم). والأسانيد تدور على: سعيد الجريري، وهو: ابن إياس، اختلط بأخرة، ولكن: إسماعيل - وهو: ابن علية

(6)

-، وحماد بن سلمة

(7)

، وعبد الأعلى

(8)

، سمعوا منه قبل اختلاطه. وبقية رجال الإسناد ثقات، عدا: عبد الله بن مَوَلَة القشيري، لم أر في الرواة عنه غير: أبي نضرة

(9)

، - وهو: المنذر بن مالك

العبدي -، ترجم له البخاري

(1)

، وابن أبي حاتم

(2)

، و لم يذكرا فيه جرحًا، ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في الثقات

(3)

- و لم يتابع - فيما أعلم -، وقال ابن حجر في تقريبه

(4)

: (مقبول)، - يعني: حيث يتابع، وإلّا فليّن الحديث، كما هو اصطلاحه -، و لم أر من تابعه من وجه يثبت

…

فالإسناد ضعيف

(5)

. ومتنه حسن لغيره بشواهده الواردة هنا.

ورواه: البزار

(6)

عن محمد بن موسى القطان الواسطي عن أبي المسيب سلام بن سالم الواسطي عن مبارك بن فضالة عن الأزرق بن قيس عن أبي برزة به، بلفظ:(خير الناس قرني)

…

وقال: (لا نعلم أسنده إلّا مبارك، ولا عنه إلّا سلام) اهـ، وله عن أبي برزة وجه أخر - كما تقدم - إن كان محفوظًا! وسلام بن سالم هو: الطويل المدائني، متروك الحديث

(7)

، كذبه ابن خراش

(8)

- مرة -. والمبارك بن فضالة هو: البصري، يدلس، ويسوي، ولم يصرح بالتحديث

…

فالحديث من هذا الوجه: لا شيء.

93 -

[9] عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خيرُ النَّاسِ قَرني الَّذي أنَا مِنْهُم).

هذا الحديث رواه عن عمر: كهمس الهلالي، وزيد بن وهب

…

فأما حديث كهمس الهلالي فرواه: البزار

(1)

- وهذا مختصر من لفظه - عن محمد بن بشار عن أبي داود (هو: الطيالسي) عن حماد بن يزيد

(2)

عن معاوية بن قرة عنه به

…

وقال: (لا نعلم أسند كهمس الهلالي عن عمر إلّا هذا، وكهمس قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا واحدا) اهـ، يعني: أن له صحبة. وحماد بن يزيد هو: ابن مسلم المقرئ، روى عنه جماعة، وترجم له البخاري

(3)

، وابن أبي حاتم

(4)

، ولم يذكرا فيه جرحًا، ولا تعديلا، وذكره ابن حبان في الثقات

(5)

- ولم يتابع - فيما أعلم -؛ فالحديث في إسناده ضعف

(6)

من هذا الوجه.

وهكذا حدث به حماد بن يزيد - مرة -، ورواه أبو داود - مرة - عنه عن معاوية عن كهمس عن رجل من بني هلال - أو من بني سلول -، فذكره، مرفوعًا، وهو أشبه. رواه: محمد بن عبد الواحد في الأحاديث

والحكايات

(1)

بسنده عن أبي داود به. والحديث من هذا الوجه حسن لغيره بشواهده الواردة - والله أعلم -.

وأما حديث زيد بن وهب فرواه: الطبراني في الأوسط

(2)

وفي الصغير

(3)

عن الحسن بن على الفسوي عن الفيض بن وثيق الثقفي عن إسحاق بن إبراهيم - صاحب الباز

(4)

- عن الأعمش عنه به، بلفظ:(خير قرن: القرن الذي أنا فيه)

…

قال في الأوسط: (لا يروى عن الأعمش إلا من هذا الوجه). وقال في الصغر: (لم يروه عن الأعمش إلَّا إسحاق بن إبراهيم، تفرد به الفيض بن وثيق. وإسحاق بن إبراهيم هذا كوفي، لا نعرف له حديثا غير هذا، وهو من الشيوخ) اهـ، وإسحاق بن إبراهيم قال الهيثمي في مجمع الزوائد

(5)

: (لم أعرفه) اهـ. والفيض بن وثيق هو: الثقفي، قال ابن معين

(6)

، وابن الجوزي

(7)

: (كذاب خبيث)، ونقل الذهبي ذلك في الميزان

(8)

عن ابن معين، إلا أنه قال:(وهو مقارب الحال - إن شاء الله -)، وترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل

(9)

، ولم يذكر

فيه جرحًا، ولا تعديلًا

…

فالرجل عرفه ابن معين، وغيره، والإسناد: واه، تقدم ما يغنينا عنه.

94 -

[10] عن جعدة بن هبيرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيرُ النَّاسِ قَرْني).

رواه: الطبراني في الكبير

(1)

عن محمد بن عبد الله الحضرمي عن أبي بكر بن أبي شيبة

(2)

، ورواه

(3)

- أيضًا - عن القاسم بن زكريا المطرز - وهذا مختصر من لفظه - عن أبي كريب، كلاهما عن عبد الله بن إدريس عن أبيه عن جده

(4)

عنه به

…

وعبد الله بن إدريس هو: ابن يزيد بن عبد الرحمن الأودي. وجده روى عنه أكثر من واحد، ووثقه العجلي، وابن حبان - ولما يتابعا، فيما أعلم -، وقال الحافظ:(مقبول) - وقد تقدم -. وجعدة بن

هبيرة مختلف في صحبته. فذكره: ابن معين

(1)

، والبخاري

(2)

، والعجلي

(3)

، وأبو حاتم

(4)

، وابن حبان

(5)

، وأبو القاسم البغوي

(6)

، وأبو أحمد العسكري

(7)

، والحاكم

(8)

، والذهبي

(9)

في التابعين؛ قال الحاكم: (قد قيل إن له رؤية، ولم يصح ذلك)، وذكره الحافظ ابن حجر في القسم الثاني من حرف الجيم من الإصابة

(10)

، وهو القسم الذي يورد فيه من له رؤية. وذكره في الصحابة: البخاري - فيما حكاه عنه الحافظ في الإصابة

(11)

- ولم أره في شيء من كتبه في التأريخ، بخلاف الأول - والطبراني

(12)

، وابن عبد البر

(13)

، وابن الأثير

(14)

، وقال المزي

(15)

: (له صحبة) اهـ، والأول أشهر؛ فحديثه مرسل - في الأشبه -، والمرسل من أنواع الحديث الضعيف،

وذكره الحافظ في الفتح

(1)

وقال: (ورجاله ثقات إلّا أن جعدة مختلف في صحبته) اهـ

(2)

، وللحديث شواهد عدة، منها ما هو في الصحيحين - أوردتها هنا - فهو بها: حسن لغيره - والله الموفق -.

وأبو كريب - في الإسناد - هو محمد بن العلاء. والحديث أورده الهيثمي في مجمع الزوائد

(3)

، وقال - وقد عزاه إلى الطبراني -:(ورجاله رجال الصحيح إلّا أن إدريس بن يزيد الأودي لم يسمع من جعدة - والله أعلم -) اهـ، هكذا قال، وبينهما في الإسناد: يزيد بن عبد الله، والد إدريس.

95 -

[11] عن بنت أبي جهل رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيرُ أُمَّتي قَرْني).

رواه: الطبراني في الكبير

(4)

عن أحمد بن محمد بن صدقة عن يحيى بن حكيم المقوم

(5)

، ورواه

(6)

- أيضًا -: عن زكريا بن يحيى الساجي عن محمد بن بشار عن عبد الرحمن بن عثمان أبي بحر البكراوي عن شعبة عن سماك

ابن حرب عن عبد الله بن عميرة عن رجل عن زوج بنت أبي جهل عنها به

…

وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد

(1)

، وقال - وقد عزاه إليه -:(وسماها [يعني: بنت أبي جهل]: جميلة، ورجاله ثقات، إلَّا أن زوج بنت أبي جهل لم أعرفه) اهـ، وما عرفته أنا - أيضًا -. والبكراوي - في الإسناد - ضعفه: ابن معين

(2)

، وابن المديني

(3)

، والإمام أحمد

(4)

، والبخاري

(5)

، وأبو حاتم

(6)

، والنسائي

(7)

، في آخرين

(8)

. وسماك بن حرب هو: الذهلي، قال ابن عمار

(9)

: (يقولون إنه كان يغلط، ويختلفون في حديثه)، وقال الذهبي

(10)

: (هو ثقة ساء حفظه)، وقال ابن حجر

(11)

: (صدوق

…

تغير بأخرة، فكان ربما يلقن) اهـ، وشعبة من قدماء أصحابه، هو الراوي عنه، وهو من قدماء أصحابه

(12)

. وسماك يرويه عن: عبد الله بن عميرة، وهو كوفي

ضعيف، لا يعرف

(1)

، تفرد سماك بالرواية عنه

(2)

. ويرويه ابن عميرة عن رجل عن زوج بنت أبي جهل، فالأول لم يسم، والثاني تقدم أني لم أعرفه.

والخلاصة: أن الإسناد ضعيف، وفيه من لم أقف على ترجمته بعد. والمتن ثابت من طرق أخرى.

96 -

[12] عن سَمُرَة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيرُ أُمَّتي: القرنُ الَّذي بُعثتُ فِيْهِم).

رواه: الطبراني في الصغير

(3)

عن أحمد بن محمد الصيدلاني البغدادي عن محمد بن عبد الله بن عيشون الحراني عن محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني عن سلام بن أبي مطيع عن قتادة عن الحسن عن سعد بن هشام عنه به

…

وقال: (لم يروه عن قتادة إلّا سلام بن أبي مطيع، تفرد به محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني) اهـ. ورواه: الخطيب البغدادي

(4)

في ترجمة أحمد بن محمد الصيدلاني، من طريق الطبراتي عنه، ثم قال:(هكذا رواه سليمان الطبراني، وإنما هو: عبد الله بن محمد بن عيشون) اهـ، يعني: بدل قوله: (محمد بن عبد الله بن عيشون) - في الإسناد - فكأنه انقلب

عليه، أو على شيخه

(1)

. ولم يذكر الخطيب في ترجمته لأحمد بن محمد الصيدلاني، جرحًا، ولا تعديلًا، و لم أقف على ترجمة له عند غيره. وابن عيشون لم أقف على ترجمة له - أيضًا -، قال الهيثمي

(2)

: (لم أعرفه) اهـ. وقتادة هو: ابن دعامة، والحسن هو: البصري، مدلسان، لم يصرحا بالتحديث - فيما أعلم -؛ فالإسناد: ضعيف. وفيه راويان لم أقف على ترجمتيهما بعد - والله الموفق -.

97 -

[13] عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خيرُ النَّاسِ قَرْني).

رواه: البزار

(3)

عن محمد بن صُدْران عن يوسف بن عطية عن قتادة عنه به

…

وقال: (وهذا الحديث لا نعلم رواه عن قتادة عن أنس إلا يوسف بن عطية، ويوسف لم يكن بالقوي، وإنما يكتب من حديثه ما لا يحفظ عن غيره) اهـ، ويوسف بن عطية هو: أبو سهل الصفار، متروك الحديث، وبه أعل الهيثمي الحديث في مجمع الزوائد

(4)

. وقتادة هو: ابن دعامة السدوسي، مدلس، وقد عنعن؛ فالحديث: ضعيف جدًّا من هذا الوجه، وفي غيره من الأحاديث المتقدمة ما يغني عنه.

ومما سبق يتضح أن خيرية هذا القرن المبارك الخيّر على غيره من سائر القرون متواتر

…

ونص على تواتره جماعة من العلماء

(1)

. ويتضح - أيضًا - أنَّ ألفاظ هذه الأحاديث الواردة في خيرية قرن النبي صلى الله عليه وسلم على قسمين، أولهما: أن قرنه صلى الله عليه وسلم خير قرون الأمم، كما في حديث عمران بن حصين، وابن مسعود رضي الله عنهما عند الشيخين. والآخر: أن قرنه صلى الله عليه وسلم خير هذه الأمة، كما في حديثي ابن مسعود، وأبي هريرة رضي الله عنهما عند مسلم في صحيحه، وكلاهما حق، ندين الله عز وجل به.

98 -

[14] عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنتُمْ خيرٌ مِنْ أبنائكُم).

رواه: البزار

(2)

عن إبراهيم بن المستمر العروقي عن عمرو بن سفيان القطيعي عن الحسن بن أبي جعفر عن أيوب عن أبي قلابة عنه به، أطول من هذا

…

وقال: (لا نعلمه مرفوعا إلا بهذا الإسناد، والحسن بن أبي جعفر كان متعبدًا، ولم يكن حافظًا، واحتمل حديثه على قلة حفظه) اهـ، وابن أبي جعفر هذا ضعيف الحديث، تركه جماعة، وله

مناكير. حدث به عنه: عمرو بن سفيان القطيعي. ولم أقف على ترجمة له. وانظر الحديث الآتي.

99 -

[15] عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نحنُ خيرٌ مِنْ أبنَائنَا).

رواه: الطبراني في الكبير

(1)

عن عبدان بن أحمد عن معاوية بن عمران الجرمي عن أنس بن سوار عن أيوب السختياني عن أبي قلابة عن يزيد بن عميرة الهمداني عنه به، في حديث طويل

…

ومعاوية بن عمران الجرمي، وشيخه أنس بن سوّار، لم أقف على ترجمة لأي منهما، وسائر رجال الإسناد ثقات، ووقع في التأريخ الكبير للبخاري

(2)

: (أنيس بن سوار الجرمي، أخو قتادة البصري، سمع أباه، سمع منه عبد الله بن أبي الأسود) اهـ، وترحم له ابن أبي حاتم

(3)

، وذكر نحو كلام البخاري، وزاد في الرواة عنه: ابن مقدم، وخليفة بن خياط، وحميد بن مسعدة. وذكره ابن حبان في الثقات

(4)

- ولم يتابع -، فلعله هذا.

وتقدم - آنفًا -

(5)

عند الشيخ البزار من طريق الحسن بن أبي جعفر عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه،

مختصرًا

…

وحديث أنس بن سوار عن أيوب عن أبي قلابة عن يزيد عن معاذ أشبه؛ لأن الحسن بن أبي جعفر ضعيف، تركه جماعة.

وروى الحارث بن أبي أسامة في مسنده

(1)

عن خالد بن القاسم عن رشدين

(2)

بن سعد عن أبي هانئ حميد بن هانئ الخولاني عن أبي ذر حميد الغفاري أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يذكر فتح الأمصار عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هم خير منا، يا رسول الله، يدركون الفتوح. قال:(بل أنتم خير منهم)

…

وأورده البوصيري في الإتحاف

(3)

، وقال - وقد عزاه إليه -:(بسند ضعيف؛ لضعف رشدين بن سعد) اهـ، وهو كما قال

(4)

. وفيه - أيضًا -: أبو ذر حميد الغفاري لم أقف على ترجمة له. وحميد بن هانئ الخولاني لا بأس به

(5)

.

100 -

[16] عن عبد الله بن السَّعدي

(6)

رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خِيارُ أمّتى أوّلهَا).

هذا الحديث أورده نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد

(1)

، بلفظ:(خيار أمتي أولها، وآخرهما)، وقال:(رواه: الطبراني، وفيه: يزيد بن ربيعة، وهو متروك) اهـ. ويزيد هو: الرحبي، الدمشقي، قال البخاري

(2)

: (حديثه مناكير)، وقال دحيم

(3)

- واسمه: عبد الرحمن بن إبراهيم -: (كان في بدء أمره مستويًا، ثم اختلط قبل موته)، قيل له: فما تقول فيه؟ قال: (ليس بشيء)، وأنكر حديثه عن أبي الأشعث. وقال أبو حاتم

(4)

: (منكر الحديث واهي الحديث، وفي روايته عن أبي الأشعث عن ثوبان تخليط كثير) اهـ، وقال الجوزجاني

(5)

: (أحاديثه أباطيل، أخاف أن تكون موضوعة) اهـ؛ فالإسناد: ضعيف جدًّا. وأحاديث عبد الله بن السعدي رضي الله عنه من المعجم الكبير لم تزل مفقودة - فيما أعلم -.

والحديث أورده السيوطي في الجامع الصغير

(6)

، وعزاه إلى الطبراني في الكبير بمثله، إلّا أنه قال في آخره:(وآخرها نهج أعوج، ليسوا مني، ولست منهم)، وأشار إلى صحته، ولعل هذا ذهول منه عن علة الحديث، وقد تعقبه المناوي في فيض القدير

(7)

بأن فيه: يزيد بن ربيعة، وهو متروك.

وأورده الألباني في ضعيف الجامع

(1)

، وقال:(ضعيف) اهـ، وهذا الحكم يحتاج إلى دقة أكثر من حيث الدلالة الاصطلاحية، وما يترتب عليها من الأحكام، لما قد علمتَ أن في الإسناد رجلًا متروكًا، وحديث المتروك ضعيف جدًّا، لا يقوي غيره، ولا يتقوى بغيره. ثم إن شطره الثاني عند السيوطي يخالف ما أورده الهيثمي في لفظه؛ وكلاهما عزاه إلى الطبراني في الكبير، وهذا غريب، إلّا أن يكون له عنده أكثر من لفظ، في أسانيدها جميعًا: يزيد بن ربيعة؟ أو يكون الهيثمي اختصر لفظه، وبتره! وكون القرن الأول خير هذه الأمة متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ذكرت في هذا الفصل نفسه.

ويدخل في هذا الفَصْلُ - أيضًا -:

* حديث أبي سعيد الخدري يرفعه: (يأتي زمان يغزو فئام من الناس، فيقال: فيكم من صحب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فيقال: نعم. فيفتح عليهم

…

) الحديث، رواه الشيخان، وتقدم في الفَصْلُ الأول، في فضل من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، وصَحبَه

(2)

.

* وحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث فيه طول ذكره: (واختار [يعني: الله تبارك وتعالى] من أمتي أربعة قرون: الأول) ثم ذكر ثلاثة بعده.

رواه: البزار - أيضًا -، وهو حديث منكر، تفرد به: عبد الله بن صالح - كاتب: الليث -، وهو ضعيف

…

وتقدمت دراسته عند ورود بعض ألفاظه في الفصل الأول

(1)

.

* خلاصة: اشتمل هذا الفَصْلُ على ثمانية عشر حديثًا، كلها موصولة. منها ستة أحاديث صحيحة - منها ثلاثة أحاديث متفق عليها، وحديث واحد انفرد به البخاري، وحديثان انفرد بهما مسلم -. وحديث واحد صحيح لغيره. وأربعة أحاديث حسنة لغيرها. وأربعة أحاديث ضعيفة. وحديثان ضعيفان جدًّا - منها حديث واحد يشبه أن يكون موضوعًا -. وحديث منكر. وما فيه من الأحاديث الضعيف ثابت من طرق أخرى عن النبي صلى الله عليه وسلم. ويتضح مما سبق في هذا الفَصْلُ أن الأحاديث فيه متواترة لفظًا، ومعنى. وذكرت حديثًا واحدًا في الشواهد - والله الموفق برحمته -.