الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
الفرع الثاني: حكم من طعن فيهم، أو في أحدهم
من طعن فيهم أمره دائر بين حكمين عند أهل العلم
…
فقال جماعة منهم بكفره، وهدر دمه، وحل قتله؛ لأنه راد للقرآن، والسنة، طاعن في الدين، والملة
(1)
. قال أبو زرعة الرازي رحمه الله
(2)
: (إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق؛ وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن، والسننَ أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا؛ ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة) اهـ. وقال شيخ الإسلام
(3)
- وقد ذكر أن أفضل هذه الأمة سابقوها، والحث على التمسك. بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم -: (ولهذا ذكر العلماء أن
= والشفا للقاضي عياض (2/ 246)، والتقييد (ص / 260)، والأجوبة العراقية للآلوسي (ص / 49)، وشرح أصول الاعتقاد (7/ 1261، وما بعدها)، والصارم المسلول (ص/ 570، وما بعدها)، والفتح (13/ 37)، وصب العذاب على من سب الأصحاب للسويدى، وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم للكبيسي (ص/ 333، وما بعدها).
(1)
انظر: التأريخ لابن معين - رواية الدوري - (2/ 66)، والسنة للإمام أحمد (ص/ 78)، وشرح السنة للبربهاري (ص/ 76 - 77، 115، 123)، وأصول السرخسي (2/ 134)، وعارضة الأحوذي (8/ 109)، والصارم المسلول (3/ 1050 - 1113)، ومنهاج السنة (1/ 18)، والكبائر للذهبي (ص/ 399، وما بعدها).
(2)
كما في: الكفاية (ص / 97).
(3)
كما في: مجموع الفتاوى (4/ 102).
الرفض أساس الزندقة، وأن أول من ابتدع الرفض إنما كان منافقًا زنديقًا، وهو: عبد الله بن سبأ؛ فإنه إذا قدح في السابقين الأولين فقد قدح في نقل الرسالة، أو في فهمها، أو في اتباعها. فالرافضة تقدح تارة في علمهم بها، وتارة في اتباعهم لها، وتحيل ذلك على أهل البيت، وعلى المعصوم الذي ليس له وجود في الوجود) اهـ. وقال جماعة بفسقه وتضليله، ووجوب تأديبه وتعزيره
(1)
. وهذا القول ليس على إطلاقه، وإنما هو مشروط بعدم مصادمة النصوص الصريحة من الكتاب، والسنة الصحيحة، وعدم إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة
(2)
…
فهذان القولان لا تعارض بينهما، لأنهما يجتمعان، قال القاضي أبو يعلى
(3)
: (الذي عليه الفقهاء في سب الصحابة: إن كان مستحلًا لذلك كفر. وإن لم يكن مستحلا فسق، ولم يكفر سواء كفرهم، أو طعن في دينهم مع إسلامهم) اهـ. قال الإمام مالك
(4)
رحمه الله: (إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في أصحابه حتى يقال رجل سوء، ولو كان رجلا صالحا لكان أصحابه صالحين). وقال محمد بن
(1)
انظر: الاختيار للموصلي (4/ 238)، وشرح مسلم للنووي (16/ 93، 161)، وتنبيه الولاة للملا علي قاري (1/ 367).
(2)
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم (ص/ 346).
(3)
كما في: الفوائد البديعة (ص / 104).
(4)
كما في: الصارم المسلول (ص / 502).
عبد الوهاب رحمه الله في رسالة في الرد على الرافضة
(1)
: (فإذا عرفت أن آيات القرآن تكاثرت في فضلهم، والأحاديث المتواترة. بمجموعها ناصة على كمالهم فمن اعتقد فسقهم، أو فسق مجموعهم، وارتدادهم، أو ارتداد معظمهم عن الدين، أو اعتقد حقية سبهم، وإباحته، أو سبهم مع اعتقاد حقية سبهم، أو حليته فقد كفر بالله - تعالى -، ورسوله فيما أخبر من فضائلهم
…
ومن كذبهما فيما ثبت قطعًا صدوره عنهما فقد كفر. ومن خص بعضهم بالمسب: فإن كان ممن تواتر النقل في فضله، وكماله، كالخلفاء، فإن اعتقد حقية سبه، أو إباحته فقد كفر؛ لتكذيبه ما ثبت قطعًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومكذبه: كافر. وإن سبّ من غير اعتقاد حقية سبه - أو إباحته - فقد تفسق؛ لأن سباب المُسلِم فسوق. وقد حكم بعضهم فيمن سب الشيخين بالكفر مطلقا - والله أعلم -. وإن كان ممن تواتر النقل في فضله، وكماله، فالظاهر أن سابه فاسق، إلا أن يسبه من حيث صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن ذلك كفر. وغالب هؤلاء الرافضة الذين يسبون الصحابة - لا سيما الخلفاء - يعتقدون حقية سبهم - أو إباحته، بل وجوبه -، لأنهم يتقربون بذلك إلى الله - تعالى -. بما يوجب لهم خسران الدين - والله الحافظ -) اهـ.
(1)
(ص / 18 - 19).