الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
وقد ترتب على ذلك: إعزاز سلطان الشرع، وخضوع الناس له رغبة أو رهبة، مما نقى حياة الناس دهرا طويلا من المنكر والبغي وجعلهم يعيشون في سعة وعافية وتعاون على البر والتقوى، فتوفر على أمور العامة رجال يراقبونها في ضوء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وتنصيب الدولة رجالا للقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بصفة رسمية، يجعل القيام بهذا الأمر واجبا عليهم، وجوبا عينيا بخلاف المحتسب المتطوع فإن وجوبه عليه داخل في فروض الكفاية.
وقد حدد العلماء الفرق بين المحتسب المكلف من قبل الدولة الإسلامية والمحتسب المتطوع.
[الفرق بين المحتسب والمتطوع]
6 -
الفرق بين المحتسب والمتطوع: والفرق بينهما عند الإمام الماوردي من تسعة أوجه هي: (1) .
1 -
أحدها أن فرضه متعين على المحتسب بحكم الولاية، وفرضه على غيره داخل في فروض الكفاية.
2 -
والثاني أن قيام المحتسب به من حقوق تصرفه لا يجوز أن يتشاغل عنه، وقيام المتطوع من نوافل عمله الذي يجوز أن يتشاغل عنه بغيره.
(1) الماوردي، الأحكام السلطانية، ص240.
3 -
الثالث أنه منصوب للاستعداء إليه فيما يجب إنكاره، وليس المتطوع منصوبا للاستعداء.
4 -
والرابع أن على المحتسب إجابة من استعداه، وليس على المتطوع إجابته.
5 -
الخامس أن عليه أن يبحث عن المنكرات الظاهرات ليصل إلى إنكارها، ويفحص عما ترك من المعروف الظاهر ليأمر بإقامته، وليس على غيره من المتطوعة بحث ولا فحص.
6 -
والسادس: " أن له أن يتخذ على إنكاره أعوانا لأنه عمل هو له منصوب، وإليه مندوب، ليكون له أقهر وعليه أقدر وليس للمتطوع أن يندب لذلك أعوانا.
7 -
والسابع: أن له أن يعزر في المنكرات الظاهرة، لا يتجاوز إلى الحدود، وليس للمتطوع أن يعزر على منكر.
8 -
والثامن: أن له أن يرتزق على حسبته من بيت المال، ولا يجوز للمتطوع أن يرتزق على إنكار المنكر.
9 -
والتاسع: أن له اجتهاد رأيه فيما يتعلق بالعرف دون الشرع، كالمقاعد في الأسواق، وإخراج الأجنحة فيه فيقر وينكر من ذلك ما أداه اجتهاده إليه، وليس هذا للمتطوع.
يتبين لنا مما ذكرناه عن الحسبة وعن تبني الدولة لها، أن الدولة الإسلامية أدركت بكل وضوح أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس
بعمل خيرت الدولة الإسلامية بين القيام به أو إهماله (1) ولا بعمل مندوب يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، بل هو فريضة فرضها الله تعالى عليها، وأداء هذه الفريضة من أهم مسئولياتها وأكبر واجباتها، لا يجوز لها التهاون في شيء منها فضلا عن إهمالها، ولأنها هي التي تضفي عليها الطابع الإسلامي.
(1) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مصدر سابق، ص 23.