الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الفصل الأول نبذة تاريخية عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
[أولا نبذة تاريخية عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأمم الماضية]
تعريف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- أهميته - فضله -
بعض الأضرار المترتبة على إهماله
أولا: نبذة تاريخية عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 1 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأمم الماضية: لقد بعث الله، جل وعلا، أنبياءه وأرسل رسله، وحملهم مهمة القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد دل قوله تعالى:{وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21](1) وقوله تعالى في وصية لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: 17](2) دلت هذه الآيات الكريمة على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كانا واجبين في الأمم المتقدمة.
ويقول ابن تيمية رحمه الله: " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أنزل به كتبه وأرسل به رسله من الدين "(3) .
ويقول الرازي: " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله، إن
(1) سورة آل عمران، الآية 21.
(2)
سورة لقمان، الآية 17.
(3)
ابن تيمية الحسبة في الإسلام (ضمن مجموعة الرسائل) ، القاهرة، المطبعة الحسينية 1323 هـ، ص 36.
هذه الصفات الثلاث كانت حاصلة في سائر الأمم " (1) .
ويقول القرطبي: " إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كانا واجبين في الأمم المتقدمة وهما فائدة الرسالة وخلافة النبوة "(2) .
ويقول العلامة سيف الدين الآمدي: " ما من أمة إلا وقد أمرت بالمعروف ونهت عن المنكر كنهيهم عن الإلحاد وتكذيب أنبيائهم "(3) .
وعندما بعث نبينا صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام للناس كافة، قام بواجب الأمر بالمعروف بنفسه وكلف بعض أصحابه بالقيام به، وقد وصف الله، جل وعلا، نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأنه يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك في قوله جل وعلا:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157](4) .
وكان صلى الله عليه وسلم كما وصفه ربه تعالى آمرا بالمعروف إذا رآه متروكا، ناهيا عن المنكر إذا وجده مفعولا. ولم يقتصر احتسابه على جانب من جوانب
(1) مفاتيح الغيب، 3:27.
(2)
الجامع لأحكام القرآن 4: 47.
(3)
الإحكام في أصول الأحكام، 1:308.
(4)
سورة الأعراف، الآية 157.
الحياة بل شمل جميع شئون الحياة (1) كلها ومن أمثلة قيامه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بنفسه وإسناده إلى غيره (2) ما رواه في الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، قال:«أمرني رسول الله أن آتيه بمدية - وهي الشفرة - فأتيته بها فأرسل بها، فأرهفت، ثم أعطانيها، وقال " اغذ علي بها " ففعلت، فخرج بأصحابه إلى أسواق المدينة، وفيها زقاق خمر قد جلبت من الشام، فأخذ المدية مني، فشق ما كان من تلك الزقاق بحضرته، ثم أعطانيها وأمر أصحابه الذين كانوا معه أن يمضوا معي، وأن يعاونوني، وأمرني أن آتي إلى الأسواق كلها فلا أجد زق خمر إلا شققته، ففعلت فلم أترك في أسواقها زقا إلا شققته» (3) .
وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، قام خلفاؤه وأصحابه بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خير قيام، وامتد اهتمام المسلمين بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قرونا طويلة، وكان من نتائج القيام بهذا الواجب العظيم أن عاش المجتمع الإسلامي في أنظف حياة وأسعدها وآمنها، لا يكاد يقع فيه منكر حتى يتتابع الإنكار له، ويتداعى
(1) للمزيد من المعلومات انظر: فضل الهي، الحسبة في العصر النبوي وعصر الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم، الطبعة الأولى، باكستان، إدارة ترجمان الإسلام، 1410 هـ الطبعة الأولى، باكستان. ص 13.
(2)
المصدر السابق، ص 14.
(3)
المسند رقم الحديث، 6165، 9 27 - 28.