الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الملاحق]
[رسالة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عن كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
الملاحق أولا
رسالة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
عن كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الرسالة الثانية والعشرون (1) أرسلها إلى إخوانه من أهل سدير بسبب أمر جرى بين أهل الحوطة من بلدان سدير قال فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن عبد الوهاب إلى من يصل إليه هذا الكتاب من الإخوان.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فيجري عندكم أمور تجري عندنا من سابق، وننصح إخواننا إذا جرى منها شيء حتى فهموها، وسببها أن بعض أهل الدين ينكر منكرا، وهو مصيب، لكن يخطئ في تغليظ الأمر إلى شيء يوجب الفرقة بين الإخوان، وقد قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ - وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 102 - 103] الآية، وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله يرضى لكم ثلاثا: أن تعبدوه ولا تشركوا به
(1) حسين بن غنام، تاريخ نجد (تحقيق ناصر الدين الأسد) ، بيروت، دار الشروق، بدون تاريخ، ص: 351 - 352.
شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم» .
وأهل العلم يقولون: الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يحتاج إلى ثلاث: أن يعرف ما يأمر به وينهى عنه، ويكون رفيقا فيما يأمر به وينهى عنه، صابرا على ما جاءه من الأذى.
وأنتم محتاجون للحرص على فهم هذا والعمل به، فإن الخلل إنما يدخل على صاحب الدين من قلة العمل بهذا أو قلة فهمه. وأيضا يذكر العلماء أن إنكار المنكر إذا صار يحصل بسببه افتراق لم يجز إنكاره، فالله الله في العمل بما ذكرت لكم والتفقه فيه، فإنكم إن لم تفعلوا صار إنكاركم مضرة على الدين، والمسلم ما يسعى إلا في صلاح دينه ودنياه.
وبسبب هذه المقالة التي وقعت بين أهل الحوطة أن صار أهل الدين واجبا عليهم إنكار المنكر، فلما غلظوا الكلام صار فيه اختلاف بين أهل الدين فصار فيه مضرة على الدين والدنيا.
وهذا الكلام وإن كان قصيرا فمعناه طويل، فلازم لازم تأملوه وتفقهوا فيه واعملوا به، فإن عملتم به صار نصرا للدين واستقام الأمر إن شاء الله.
والجامع لهذا كله أنه إذا صدر المنكر من أمير أو غيره ينصح برفق خفية، ما يشترف أحد، فإن وافق وإلا استلحق عليه رجلا يقبل منه
بخفية، فإن لم يفعل فيمكن الإنكار ظاهرا، إلا إن كان على أمير ونصحه ولا وافق واستلحق عليه ولا وافق فيرفع الأمر يمنا (1) خفية.
وهذا الكتاب كل أهل بلد ينسخون منه نسخة ويجعلونها عندهم، ثم يرسلونه: لحرمة، والمجمعة، ثم للغاط، والزلفى. والله أعلم.
ثانيا
الرسالة السابعة عشرة (2) كتبها إلى أحمد بن سويلم وثنيان بن سعود، قال فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن عبد الوهاب إلى الأخوين: أحمد بن محمد، وثنيان.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:
فقد ذكر لي عنكم أن بعض الإخوان تكلم في عبد المحسن الشريف، يقول: إن أهل الحسا يحبون على يدك (3) وأنك لابس عمامة خضراء. والإنسان لا يجوز له الإنكار إلا بعد المعرفة، فأول درجات الإنكار معرفتك أن هذا مخالف لأمر الله.
(1) يمنا: ناحيتنا، إلينا.
(2)
حسين بن غنام، تحقيق ناصر الدين الأسد، تاريخ نجد، دار الشروق 1380 هـ، ص 331 - ص 332.
(3)
يحبون على يدك: يقبلون يدك.
وأما تقبيل اليد فلا يجوز إنكار مثله، وهي مسألة فيها اختلاف بين أهل العلم، وقد قبل زيد بن ثابت يد ابن عباس وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا. وعلى كل حال فلا يجوز لهم إنكار كل مسألة لا يعرفون حكم الله فيها.
أما لبس الأخضر فإنها أحدثت قديما تمييزا لأهل البيت، لئلا يظلمهم أحد، أو يقصر في حقهم من لا يعرفهم. وقد أوجب الله لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس حقوقا، فلا يجوز لمسلم أن يسقط حقهم، ويظن أنه من التوحيد، بل هو من الغلو، ونحن ما أنكرنا إكرامهم إلا لأجل الألوهية، أو إكرام المدعي لذلك.
وقيل إنه ذكر عنه أنه معتذر عن بعض الطواغيت، وهذه مسألة جليلة ينبغي التفطن لها وهي قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] فالواجب عليهم - إذا ذكر لهم عن أحد منكر - عدم العجلة، فإذا تحققوه أتوا صاحبه ونصحوه، فإن تاب ورجع، وإلا أنكر عليه وتكلم فيه.
فعلى كل حال نبهوهم على مسألتين:
الأولى: عدم العجلة، ولا يتكلمون إلا مع التحقق، فإن التزوير كثير.
الثانية: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرف المنافقين بأعيانهم، ويقبل علانيتهم، ويكل سرائرهم إلى الله. فإذا ظهر منهم وتحقق ما يوجب جهادهم جاهدهم.
وغير ذلك عبد الرحمن بن عقيل رجع إلى الحق ولله الحمد، ولكن ودي أن أقرأ عليه رسالة ابن شلهوب وغيرها، وأنت يا أحمد، على كل حال أرسل المجموع مع أول من يقبل، وأرسلها فيه، خذه من سليمان لا تغفل تراك خالفت خلافا كبيرا في هذا المجموع.
والسلام.