الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تاسعا كسر الحواجز بين الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر وبين الناس]
تاسعا: كسر الحواجز بين الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر وبين الناس هذا المصطلح لفضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين أورده في كتابه زاد الداعية، ويعني باختصار أن على الداعية إلى الله الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يذهب إلى من يتوجب أمرهم ونهيهم من الفسقة والعصاة، ويستعمل معهم أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة، ويستعمل معهم أسلوب الترهيب إذا لم يجد أسلوب الوعظ والنصح والإرشاد، إن بعض الدعاة يحجم عن الاتصال بالفسقة والعصاة من باب كراهيته المنكر وهذا خطأ، فإذا لم يذهب الداعية إلى الله إلى هؤلاء الفسقة فمن يذهب إليهم لوعظهم ونصحهم وإرشادهم؟ لقد سبق وأن أوضحنا في الحديث عن الدرجات التنفيذية لتغيير المنكر وإزالته أن الدرجة الثالثة من درجات تغيير المنكر هي الوعظ والنصح والإرشاد، فإذا لم يذهب الداعية إلى الله إلى العصاة فكيف يستطيع وعظهم؟ إن هجر العصاة واجتنابهم وكراهيتهم لا يتعين إلا بعد أن يعجز الداعية عن تقويمهم وإزالة منكرهم، عنده يتعين على الداعية إلى الله أن يتجنبهم ويكون انعزاله في هذه الحالة من باب إنكار المنكر بالقلب.
لقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم أن: «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم» (1) .
(1) رواه الإمام أحمد وابن ماجه.
وهذا الحديث " فيه أفضلية من يخالط الناس مخالطة يأمر فيها بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحسن معاملتهم، فإنه أفضل من الذي يعتزلهم ولا يصبر على المخالطة "(1) يقول فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين في هذا المعنى: " كسر الحواجز بينه وبين الناس لأن كثيرا من إخواننا الدعاة إذا رأى قوما على منكر قد تحمله الغيرة وكراهة هذا المنكر على ألا يذهب إلى هؤلاء ولا ينصحهم، وهذا خطأ وليس من الحكمة أبدا، بل الحكمة أن تذهب وتدعو وتبلغ وترغب وترهب، ولا تقل هؤلاء فسقة لا يمكن أن أمشي حولهم، إذا كنت أنت أيها الداعية المسلم لا يمكن أن تمشي حول هؤلاء، ولا أن تذهب إليهم لدعوتهم إلى الله فمن الذي يتولاهم؟ ، أيتولاهم أحد مثلهم؟ أيتولاهم قوم لا يعلمون؟ أبدا، ولهذا ينبغي للداعية أن يصبر، وهذا من الصبر لأنه يصبر نفسه ويكرهها، وأن يكسر الحواجز بينها وبين الناس حتى يتمكن من إيصال دعوته إلى من هم في حاجة إليها، أما أن يستنكف فهذا خلاف ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعله، والنبي صلى الله عليه وسلم كما هو معلوم كان يذهب في أيامه حتى إلى المشركين في أماكنهم ويدعوهم إلى الله. وقد أثر عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أحد يحملني حتى أبلغ كلام ربي، فإن قريشا منعتني أن أبلغ كلام ربي» ، فإذا كان هذا دأب نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه من الواجب علينا أن نكون مثله في الدعوة إلى الله "(2) .
(1) سبل السلام، شرح بلوغ المرام، جـ 2، ص 28.
(2)
زاد الداعية إلى الله، مصدر سابق، ص 15 - 16.