الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على أن يعاد عليهم المثل في نهاية العام مثلين وأكثر منه، فأقام الرشيد محتسبا ليكون بالأسواق ولفحص الأوزان والمكاييل من الغش، وينظر في معاملات التجارة على أن تكون جارية على سنن العدل حتى لا تجامل الشرفاء على الضعفاء، والأغنياء على الفقراء " (1) .
[اهتمام علماء الإسلام بالحسبة]
3 -
اهتمام علماء الإسلام بالحسبة: من مظاهر اهتمام علماء الإسلام بالحسبة: ما حدث من حركة تأليف في موضوعها، حيث ألفت الكتب التعليمية بهدف توضيح دور المحتسب ومساعدته للقيام بواجباته على الوجه الأكمل.
ويبرر الإمام الماوردي رحمه الله المتوفى سنة 450 هجرية التأليف في الحسبة بقوله: " والحسبة من قواعد الأمور الدينية، وقد كان أئمة الصدر الأول يباشرونها بأنفسهم لعموم صلاحها وجزيل ثوابها، ولكن لما أعرض السلطان عنها وندب لها من هان وصارت عرضة للتكسب وقبول الرشا لان أمرها وهان على الناس خطرها، وليس إذا وقع الإخلال بقاعدة سقط حكمها، وقد أغفل الفقهاء عن أحكامها ما لم يجز الإخلال به، وإن كان أكثر كتابنا هذا يشتمل على ما قد أغفله الفقهاء أو قصروا فيه. . . فذكرنا ما أغفلوه واستوفينا ما قصروا منه "(2) ويتضح من خلال ما
(1) الماوردي، الأحكام السلطانية، ص 258 - 259.
(2)
الماوردي، الأحكام السلطانية، ص 258، 259.
قاله الماوردي الأسباب التي دعت إلى التأليف في موضوع الحسبة وهي إرشاد المجتمع الإسلامي إلى جادة الصواب وتبصير المحتسب بما له وما عليه من حقوق تجاه المجتمع الإسلامي وقد تشابهت محتويات هذه الكتب لسببين (1) الأول هو أنها جميعا تهدف إلى تدريب وتعليم المحتسب ليقوم بواجب الاحتساب على الوجه الأكمل، والثاني هو أنها ألفت في مجتمع واحد تسوده نفس القيم والأفكار بالإضافة إلى أن كلا منها اقتبس مؤلفه ممن سبقه ويلاحظ أن التأليف في الحسبة مر بمرحلتين: مرحلة كان التأليف في موضوع الحسبة مختلطا بالمباحث الفقهية العامة وهذه هي المرحلة الأولى، أما المرحلة الثانية فهي ظهور الكتب الخاصة بالحسبة. وهذا النوع تأخر ظهوره حتى النصف الثاني من القرن الثالث الهجري. ومن كتب المرحلة الأولى: كتاب الأحكام السلطانية للماوردي وكتاب الأحكام السلطانية لأبي يعلى الحنبلي، وهذان الكتابان من أهم الكتب التي تعرضت لكل ما يتعلق بالأحكام السلطانية والسياسة الشرعية، سواء ما ارتبط بالحاكم والحكم أو ما ارتبط بشئون المال والجباية والخراج والأموال.
وهناك كتب أخرى تعرضت لموضوع الحسبة، وتحدثت عن ولاية الحسبة سواء من الناحية التاريخية أو من الناحية التطبيقية، ومن أهم تلك الكتب: مقدمة ابن خلدون، وصبح الأعشى للقلقشندي وإغاثة الأمة للمقريزي.
(1) رشاد عباس معتوق، نظام الحسبة في العراق، جدة، تهامة، 1400 هـ، ص 181.
أما مؤلفات المرحلة الثانية وهي التي تخصصت في موضوع الحسبة وبخاصة ما يتعلق بكيفية الحسبة على أنواع الحرف كالحسبة على الأطباء والخبازين والجزارين والطباخين، والحسبة على المكاييل والموازين، والحسبة على الأسواق والأبنية، والطرقات، والدروب، والحسبة على المبايعات الفاسدة وتدليس الأثمان، والغش والاحتكار. . . هذه المؤلفات متعددة وكثيرة ويطول بنا المقام لو حاولنا حصرها؛ لذا سوف نذكر نماذج فقط منها. ولعل من أهم هذه الكتب وأقدمها كتاب " أحكام السوق" لمؤلفه يحيى بن عمر الأندلسي الذي ألفه وهو بمدينة سوسة في المغرب. وأما في المشرق الإسلامي فقد ألف في نفس الوقت تقريبا " كتاب الاحتساب " للإمام الناصر للحق الإطروش المتوفى سنة 304 هـ. ومن هذه الكتب أيضا كتاب " نهاية الرتبة في طلب الحسبة " لعبد الرحمن الشيرزي، منها كتاب " نهاية الرتبة في طلب الحسبة" لمؤلفه محمد بن أحمد البسام، ومنها كتاب " معالم القربة في أحكام الحسبة" لمؤلفه محمد بن محمد بن أحمد القرشي المعروف بابن الإخوة المتوفى (729هـ) . ومن الكتب المهمة في موضوع الحسبة كتاب:" الحسبة ومسئولية الحكومة الإسلامية " لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وبالإضافة إلى هذه الكتب فهناك كتاب في " آداب الحسبة " لمحمد بن أحمد السقطي المالقي الأندلسي، هذه بعض مؤلفات علماء الإسلام في
موضوع الحسبة (1) التي تعد بابا من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويمكن تقسيم ما ذكره العلماء من أعمال ولاية الحسبة إلى ثلاثة أقسام.
الأول: إصلاح الأمة الديني والخلقي نحو إلزام الناس بإقامة الصلاة، وتفقد الأئمة والمؤذنين ألا يفرطوا ولا يتهاونوا في أداء واجبهم، ومنع غير الأكفاء عن الإدلاء برأيهم في مسائل الشريعة، وتفقد الناس ألا يأتوا بما يعارض الأخلاق أو الشريعة كالجلوس إلى النساء المحرمة ومخالطتهن وغير ذلك.
الثاني: مراقبة الشئون التي لا تدخل في نطاق القضاء أو يصعب رفعها إلى المحكمة نحو البخس والتطفيف في الكيل أو الوزن، أو التدليس في البيع أو ثمن، والغش في المطاعم والمشارب، وبيع الأشياء المحظورة، والعقود المحرمة والاحتكار، وغير ذلك.
الثالث: مراقبة المرافق العامة نحو إصلاح شربهم وبناء سورهم ومعونة أبناء السبيل. . . وهدم البنايات المشرفة على السقوط بحيث لا تضر بنفس ولا مال، وغير ذلك (2) .
(1) للمزيد من المعلومات عن محتويات هذه الكتب انظر:
- محمد فاروق النبهان، أبحاث إسلامية، ص 182 - 184.
- رشاد عباس معتوق، نظام الحسبة في العراق، جدة، تهامة 1402 هـ ص 182 - 188.
(2)
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مصدر سابق، ص 169 - 170.