الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرُو وَأَحَادِيثَهُمْ بَعْضهَا فِي مُطْلَق ذِكْرِ الحَوْض وَفِي صِفَتِهِ بَعْضَهَا وَفِيمَنْ يَرِدُ عَلَيْهِ بَعْضَهَا وَفِيمَنْ يُدْفَع عَنْهُ بَعْضِهَا، وَكَذَلِكَ فِي الأَحَادِيث الَّتِي أَوْرَدَهَا المُصَنِّفُ فِي هَذَا البَابِ، وَجُمْلَةِ طُرُقِهَا تِسْعَةَ عَشَر طَوْقًا، وَبَلَغَنِي أَنَّ بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ وَصَلَهَا إِلَى رِوَايَة ثَمَانِينَ صَحَابِيًّا». والمتواتر بإجماع أهل العلم يفيد القطع واليقين في نسبته إلى قائله، فَمَا رَأْيُ أَبِي رَيَّةَ ومن على شاكلته من المنكرين لأحاديث الحوض في حكم من أنكر المتواتر عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ وحكم من تهكم بحديث النَّبِيِّ الثابت بالتواتر؟ ليرى منزلته من الإيمان أو الكفر.
عِنَايَةُ أَبِي رَيَّةَ بِذِكْرِ المَآخِذِ وَإِخْفَاءِ المَحَاسِنِ:
في ص (269) وما بعدها عرض لكتب الحديث المشهورة، وذكر ترجمة موجزة لكل صاحب كتاب منها، وبيان منزلة هذا الكتاب بين كتب الحديث، وقد لاحظت أنه يُعْنَى بذكر المعايب أو المآخذ أكثر مِمَّا يُعْنَى بذكر المحاسن والخصائص، وفي سبيل ذلك صار يتصيد الروايات من هنا وهناك من غير تمحيص وتحقيق ما دامت هذه النصوص تسعفه فيما قصد إليه من تأليف كتابه هذا وهو الغض من شأن الحديث وَالمُحَدِّثِينَ والإزراء بهم وجعلهم زَوَامِلَ أَسْفَارٍ لَا يَعْقِلُونَ وَلَا يَعُونَ مَا يَحْمِلُونَ وَيَرْوُونَ، والشأن في الباحث المحقق الذي ينشد الحق ويقصد إليه أن يستقرئ الروايات ويمحصها ويوازن بينها وَيُرَجِّحَ ما يستحق الرجحان من جهة السند أو المتن أو النقل أو العقل أما يفتح عينيه على المساوئ ويغمضها عن المحاسن فذلك شأن الباحث المتحامل، ومثل هذا قلما يصل إلى حق.
وستجد فيما أنقله لك عن كتابه مصداق هذا، وليس الخبر كالعيان.
ففي [ص 273] قال تحت عنوان «نقد ابن معين لمالك» قال ابن معين: «إن مالكا لم يكن صاحب حديث بل كان صاحب رأي» ، وقال الليث
ابن سعد: «أحصيت على مالك سبعين مسألة وكلها مخالفة لِسُنَّةِ الرسول» ، وقد اعترف مالك بهذا.
وليس أدل على ما ذكرته لك آنِفًا من نقله مثل هذا، ولم نجد إمامًا يكاد يجمع العلماء على جلالته مثل ما عرفنا ذلك لمالك، ولكن المؤلف يغفل كل ما قاله الأئمة في إنصاف مالك والثناء عليه، ولا يجد في جعبته إِلَاّ هذين النقلين، وقد رجعت إلى كتاب " الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفُقَهَاء " للإمام ابن عبد البر حافظ المغرب فوجدته قد خصص منه بضع عشرة صحيفة (1) في ثناء الأئمة على مالك من أمثال سفيان بن عُيينة وشعبة بن الحجاج والشافعي وأحمد بن حنبل، وعبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن الحسن.
وما ذكره عن يحيى بن معين معارض بما رواه الثقات الأثبات كابن عبد البر من ثناء يحيى بن معين على مالك، روى ابن عبد البر بسنده عن ابن معين أنه كان يقول:«مالك أثبت في نافع من أيوب وعبد الله بن عمر» . وقال ابن أبي مريم قلت ليحيى: «الليث أرفع عندك أم مالك قال: " مالك "» . وقال يحيى بن معين: «كان مالك من حجج الله على خلقه» . فهذا هو ما يليق أن ينسب إلى ابن معين، وَهَبْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ مروي عن ابن معين أفما كان الأليق بالمؤلف كباحث أن يذكر الروايتين ويوازن بينهما أو على الأقل يقف المحايد حتى يكون القارئ على بَيِّنَةٍ من الأمر، ثم كيف نصدق أن يقول ابن معين في مالك: أنه ليس صاحب حديث وهذا كتابه " الموطأ " بين أيدينا وأحاديثه الموصولة المرفوعة عند كثير من أهل الحديث في درجة أحاديث " الصحيحين "، وهذا الإمام الشافعي يقول فيه:«إذا جاءك الحديث عن مالك فشد به يديك» وفي لفظ آخر: «إذا جاءك الخبر فمالك النجم» (2).
وأما قول الليث بن سعد: «أحصيت على مالك سبعين مسألة وكلها مخالفة لسنن الرسول» .فليس فيها طعن على مالك، والمخالفة إنما تكون مجالاً
(1) من ص 18 - 32.
(2)
" الانتقاء ": ص 23.