الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهل ندع هذين الإمامين الكبيرين ونأخذ بتهويلات وتحريفات أَبِي رَيَّةَ؟!!.
طَعْنُهُ فِي " مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ " وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ المَسَانِيدِ:
في [ص 291] قال في تعليل عدم ذكره " مسند الإمام أحمد " بين كتب الحديث: وأننا لم نعرض لهذا الكتاب ولا إلى غيره من كتب المسانيد بالتفصيل وهي كثيرة، إِلَاّ لأن العلماء قد تكلموا فيها وقضوا بأنه لا يسوغ الاحتجاج بها ولا التعول عليها، على أننا قد رأينا أن نتكلم عن " مسند أحمد " الذي هو أشهرها، لنبين للمسلمين حقيقته، ونكشف عن درجته». ثم أراد أن يدلل على دعواه فنقل كلام العَلَاّمَةِ الشيخ طاهر الجزائري في كتابه " توجيه النظر " حيث قال:«وأما كتب المسانيد فهي دون كتب السنن في الرتبة، وكتب المسانيد ما أفرد فيه حديث كل صحابي على حدة من غير نظر للأبواب، وقد جرت عادة مصنفيها أن يجمعوا في مسند كل صحابي ما يقع لهم من حديثه صحيحًا كان أو غيره ولذلك لا يسوغ الاحتجاج بما يورد فيها مطلقًا» وهذا الذي قاله الشيخ طاهر هو الذي سبقه إليه الإمام ابن الصلاح وغيره وقد نقل المؤلف كلام ابن الصلاح أيضًا.
ونحن لا ننكر أن كتب المسانيد دون كتب الصحاح والسنن، ولكن الذي ننكره أشد الإنكار أن الأئمة لَا يَحْتَجُّونَ بما فيها ولا يعولون عليه، وفرق كبير بين قولهم لا يحتج بما يورد فيها مطلقًا وبين مقالة المؤلف: إنه لا يسوغ الاحتجاج بها ولا التعويل عليها، وهذا الفرق يدركه المبتدئ من الطلاب، ولكن المؤلف يفهم بعقل منكوس وقلب مغيظ محنق، ومراد الأئمة بقولهم مطلقًا أنه لا يحتج بكل حديث فيها، وذلك لأنها تجمع بين الصحيح والحسن والضعيف، وإنما يحتج بالصحيح والحسن دون الضعيف بأنواعه، فمن ثم أوجب العلماء البحث عن درجة أحاديث المسانيد والتحقق من صلاحيتها للاحتجاج، والشيء الذي لا ينبغي أن
يشك فيه أن معظم أحاديث " مسند الإمام أحمد " مِمَّا يصح الاحتجاج بها فهي إما صحيحة أو حسنة، وفيه أحاديث كثيرة في " الصحيحين " وغيرهما من كتب السنن المعروفة، ونحن لا ننكر أن في " المسند " أحاديث ضعيفة بل وموضوعة على ندرة ولكن معظمها مِمَّا زاد ابنه عبد الله في " المسند " وأبو بكر القطيعي، ويقلل من خطرها أنها في الفضائل لا في الأحكام، وإذا أردت اليقين فارجع إلى طلائع " المسند " بتحقيق الأستاذ الشيخ أحمد شاكر رحمه الله وَأَثَابَهُ - وستتحقق مِمَّا أقول.
والعجب من المؤلف أنه شرع بعد ذلك ينقل كلام الأئمة في " مسند الإمام أحمد "، وقد ابتدأ بكلام الإمام تقي الدين أحمد بن تيمية، وكل ما نقله عن هذا الإمام يَرُدُّ عليه دعواه وخلاصة كلام ابن تيمية أنه ليس كل ما في " المسند " صحيح يحتج به، بل فيه الصحيح وغير الصحيح، وأن الإمام وغيره لا يعتمد الرواية عمن عرف بالكذب وإن كان في بعض الرواة من هم معروفون بالضعف .... » ومعاذ الله أن يريد ابن تيمية أن كل ما في " المسند " ضعيف لا يصح الاحتجاج به، ولا التعويل عليه كما فهم المؤلف، وقد استدل في كتبه بالأحاديث المتكاثرة التي رواها الإمام في " مسنده "، وغير معقول من مثله أن يحتج بما لا يرى أنه صحيح أو حسن.
ومِمَّا لا يقضي منه العجب أن المؤلف قد أفاض في ذكر ما أخذه العلماء على " المسند " من أحاديث ضعيفة ولم يشر إلى كلمة واحدة مِمَّا ذكره الأئمة الثقات في بيان منزلة " المسند " واعتباره من دواوين الحديث المعتمدة، وهذا يدل على خبث الدخلة وسوء القصد.
ولست الآن بصدد تحقيق القول في " المسند "، ولكني سأجتزئ ببعض مِمَّا ذكره العلماء في منزلته، روي عن عبد الله بن الإمام أحمد قال: قلت لأبي: لم كرهت وضع الكتب وقد عملت " المسند "؟ فقال: «عَمِلْتُ هَذَا الكِتَابَ إِمَامًا إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي سُنَّةٍ عَنْ رَسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ