الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
85 - باب ما رُوِي في تجنب القبور عند قضاء الحاجة
588 -
حَدِيثُ عُقْبَةَ:
◼ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَأَنْ أَمْشِيَ (أجلس) عَلَى جَمْرَةٍ [تحرق ثوبي ثم تحرق جلدي]، أَوْ سَيْفٍ، أَوْ أَخْصِفَ نَعْلِي بِرِجْلِي (بيدي)، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْشِيَ (أَطَأَ) عَلَى قَبْرِ مُسْلِمٍ، وَمَا أُبَالِي أَوَسْطَ الْقُبُورِ قَضَيْتُ حَاجَتِي، أَوْ وَسْطَ السُّوقِ» .
[الحكم]:
رفعه منكر، الصواب فيه الوقف، وضعفه السيوطي.
[الفوائد]:
قال الصنعاني في قوله (أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْشِيَ عَلَى قَبْرِ مُسْلِمٍ): "لما له من الحرمة كما سلف (وَمَا أُبَالِي) إذا خلعت جلباب الحياء ولم أرقب (أَوَسْطَ الْقُبُورِ قَضَيْتُ حَاجَتِي، أَوْ وَسْطَ السُّوقِ) فإن الكل سواء في المذمة عند الله تعالى، وفيه النهي عن قضاء الحاجة فوق القبر"(التنوير 9/ 18).
[التخريج]:
[جه 1549 "واللفظ له" / عل (مصباح الزجاجة 2/ 42)، (خيرة 2010) "والزيادة والروايات له" / طوسي 957 / ني 171 / طائي (ق 77 / ب) / نبلا (9/ 138)]
[السند]:
أخرجه ابن ماجه وأبو علي الطوسي قالا: حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة.
وأبو يعلى الموصلي في (مسنده) - كما في (مصباح الزجاجة 2/ 42) - عن حفص بن عبد الله الحلواني.
وعلي بن حرب الطائي في (جزء له)، ومن طريقه الروياني في (مسنده)، والذهبي في (السير).
ثلاثتهم: (ابن سمرة، والحلواني، والطائي): عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير مَرْثَد بن عبد الله اليَزَنِيّ، عن عقبة بن عامر، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، عدا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، فمختلف فيه، لخصه الحافظ بقوله:"لا بأس به، وكان يدلس"(التقريب 3999).
قلنا: وقد عنعن في جميع المصادر، فالسند ضعيف لعنعنته.
ثم إن رفعه منكر؛ فقد أخرجه ابن أبي شيبة في (مصنفه 11896، 11903): عن شبابة بن سوار.
وأخرجه قاسم السرقسطي في (غريب الحديث 3/ 994): عن موسى بن هارون (الحافظ)، عن قُتَيْبَة بن سعيد.
كلاهما (شبابة، وقُتَيْبَة): عن الليث بن سعد، عن يزيد، أَنَّ أبا الخير أخبره، أَنَّ عقبة بن عامر، قال: «لأَنْ أَطَأَ عَلَى جَمْرَةٍ أَوْ عَلَى حَدِّ سَيْفٍ حَتَّى
تُخْتَطَفَ رِجْلَيَّ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْشِيَ عَلَى قَبْرِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، وَمَا أُبَالِي أَفِي الْقُبُورِ قَضَيْتُ حَاجَتِي أَمْ فِي السُّوقِ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ». هكذا موقوفًا.
ولا ريب أَنَّ الوقف أصح؛ فإن شبابة بن سوار: "ثقة حافظ" من رجال الشيخين (التقريب 2733)، وقُتَيْبَة بن سعيد:"ثقة ثبت" من رجال الشيخين (التقريب 5522).
والحديث رمز لضعفه السيوطي في (الجامع الصغير 7207)، وانظر:(التنوير 9/ 18).
* ومع ما تقدم من ضعف سند الرواية المرفوعة وإعلالها بالوقف، قال المنذري:"رواه ابن ماجه بإسناد جيد"(الترغيب والترهيب 5404)، وتبعه المناوي في (فيض القدير 5/ 256)، و (التيسير 2/ 288).
وقال الذهبي: "إسناده صالح"(سير أعلام النبلاء 9/ 138).
وصححه البوصيري في (مصباح الزجاجة 2/ 41 - 42)، وفي (إتحاف الخيرة 2/ 514)، والصالحي في (سبل الهدى والرشاد 8/ 382).
وكأنهم غضوا الطرف عن تدليس المحاربي أو لم ينتبهوا له، أما الشيخ الألباني فتنبه له، ولكنه صححه، بناءً على أَنَّ المراد بالمحاربي هنا: هو عبد الرحيم بن عبد الرحمن، والابن لم يتهم بالتدليس. (الإرواء 1/ 102).
كذا قال، والصواب أَنَّ المراد هنا: هو عبد الرحمن الأب، كما جاء مصرحًا به عند أبي يعلى والروياني وغيرهما.
ووقع الشيخ الألباني في خطأ آخر في تخريج هذا الحديث؛ حيث قال: "أخرجه ابن أبي شيبة وابن ماجه بإسناد صحيح
…
" (أحكام الجنائز
ص 209).
فحمل رواية ابن أبي شيبة الموقوفة، على رواية ابن ماجه المرفوعة، فسبحان من لا يسهو.
[تنبيه]:
الحديث عزاه ابن قدامة في (المغني 3/ 440) للخلال، ولم نقف عليه، ولكن الظاهر أنه بنفس السند المذكور، والله أعلم.
* * *
589 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جَلَسَ عَلَى قَبْرٍ يَبُولُ عَلَيْهِ أَوْ يَتَغَوَّطُ، فَكَأَنَّمَا جَلَسَ عَلَى جَمْرَةِ نَارٍ» .
[الحكم]:
منكر بهذا اللفظ، كما قال الألباني، وإسناده ضعيف، وضعفه البيهقي، وابن دقيق العيد، وابن الملقن، وابن حجر، والعيني، والبوصيري، والسيوطي، والمباركفوري.
[التخريج]:
[موهب (توضيح 10/ 122)، (نخب 7/ 474) / مع (مط 838)، (خيرة 2007) / طح (1/ 517/ 2951 "واللفظ له"، 2952)]
[السند]:
أخرجه ابن وهب في "مسنده" - كما في (التوضيح) لابن الملقن، و (نخب الأفكار) للعيني، ومن طريقه الطحاوي في (شرح معاني الآثار 2951) -: عن محمد بن أبي حميد، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة، به.
وأخرجه أحمد بن منيع في "مسنده": عن حماد بن خالد.
والطحاوي (2952): عن ابن أبي داود البرلسي عن المقدمي، عن الطيالسي.
كلاهما (حماد، والطيالسي): عن محمد بن أبي حميد، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ مداره على محمد بن أبي حميد وهو الزرقي "ضعيف"
كما في (التقريب 5836).
والمحفوظ عن أبي هريرة ما رواه مسلم (971) وغيره: من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ، فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» . هكذا دون تقييده بحدث أو غيره.
وقد أشار البوصيري إلى ذلك؛ فقال: "ورواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه بغير هذا اللفظ"(إتحاف الخيرة 2/ 514).
ومما يدل على اضطراب محمد بن حميد فيه وضعفه: أنه روى هذا المتن موافقًا لرواية الجماعة وجعل ذكر البول والغائط من قول أبي هريرة، كذا رواه عنه أبو داود الطيالسي، كما سيأتي.
والحديث ضعفه البيهقي فقال: "فَأَمَّا الَّذِي رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ
…
، فهذا يشبه أَنْ يكون تأويلا عن جهة من محمد بن كعب، إن صح ذلك. ومحمد بن أبي حميد ضعيف عند أهل العلم بالحديث" (معرفة السنن 5/ 355).
وضعفه أيضًا: ابن دقيق في (الإمام 2/ 467)، وابن الملقن في (البدر المنير 2/ 313)، وابن حجر في (الفتح 3/ 224)، والعيني في (نخب الأفكار 7/ 474)، والبوصيري في (إتحاف الخيرة 2/ 513)، والسيوطي في (الجامع الكبير 9/ 76)، والمباركفوري في (شرح مشكاة المصابيح 5/ 434).
وقال الألباني: "منكر بهذا اللفظ"(الضعيفة 966).
[تنبيه]:
عزاه ابن بطال في (شرح البخاري 3/ 347) - وتبعه ابن الملقن في
(التوضيح 10/ 122) -، لابن وهب في "موطئه" بلا سند ولا متن، إنما أشار إليه إشارة، وقد تقدم تخريجه من مسند ابن وهب.
* * *
رواية: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَعْنِي أَنْ يَجْلِسَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ:
• وفي روَايةٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَعْنِي أَنْ يَجْلِسَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ.
[الحكم]:
المرفوع صحيح المتن، وأما الموقوف فمنكر؛ وضعفه البوصيري والألباني.
[التخريج]:
[طي 2667]
[السند]:
قال (الطيالسي): حدثنا محمد بن أبي حميد، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناده ضعيف كسابقه؛ لأجل محمد بن أبي حميد، وقد تقدم الكلام عليه.
وبه ضعفه البوصيري في (إتحاف الخيرة 2/ 513).
والمرفوع من الحديث صحيح كما عند مسلم (971) بلفظ: «لَأَنْ يَجْلِسَ
أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ، فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ».
أما الموقوف فمنكر، فمع ضعفه إسناده، قد ثبت عن أبي هريرة العمل بظاهر الحديث المرفوع، مما يدل عل نكارة هذا القيد المذكور عن أبي هريرة.
فأخرج ابن أبي شيبة في (المصنف 11899): عن يحيى بن سعيد (وهو القطان)، عن محمد بن أبي يحيى، عن أبيه، قال: كنت أتبع أبا هريرة في الجنائز، فكان يتقصَّى القبور، وقال:«لأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ ثُمَّ قَمِيصَهُ ثُمَّ إزَارَهُ حَتَّى تَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» .
وهذا إسناد حسن؛ محمد بن أبي يحيى وهو الأسلمي، قال فيه الحافظ:"صدوق"(التقريب 6395)، وأبوه أبو يحيى سمعان الأسلمي، قال عنه الحافظ:"لا بأس به"(التقريب 2633).
ولذا قال الألباني: "وأما على رواية الطيالسي التي فيها التفسير الباطل، فلأنها تضمنت زيادة على رواية الثقة من ضعيف فلا تقبل اتفاقًا، وأيضًا، فقد ثبت عن أبي هريرة عمله بالحديث على ظاهره"(الضعيفة 966).
* * *
590 -
حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ:
◼ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ جَلَسَ عَلَى قَبْرٍ يَبُولُ عَلَيْهِ، أَوْ يَتَغَوَّطُ فَكَأَنَّمَا جَلَسَ عَلَى جَمْرَةِ نَارٍ» .
[الحكم]:
ضعيف جدًّا، وضعفه ابن دقيق العيد، والسيوطي، والألباني.
[التخريج]:
[ني 1218].
[السند]:
قال الروياني: نا أحمد بن عبد الرحمن، نا عمي، نا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: علي بن يزيد الألهاني، وهو ضعيف كما في (التقريب 4817). لاسيما روايته عن القاسم، قال يحيى بن معين:"علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة هي ضعاف كلها"(تهذيب الكمال 21/ 179).
الثانية: عبيد الله بن زحر، قال عنه الحافظ:"صدوق يخطئ"(التقريب 4290)، لاسيما روايته عن علي بن يزيد، قال ابن حبان:"منكر الحديث جدًّا، يروي الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات"(المجروحين 2/ 29).
والحديث ضعفه: ابن دقيق في (الإمام 2/ 468)، والسيوطي في (الجامع الكبير 9/ 76)، والألباني في (الضعيفة تحت حديث 5781).
* * *
591 -
حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ:
◼ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: هَلُمَّ يَا ابْنَ أَخِي، أُخْبِرْكَ:«إِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى الْقُبُورِ؛ لِحَدَثِ غَائِطٍ، أَوْ بَوْلٍ» .
[الحكم]:
منكر، وضعفه الألباني.
[التخريج]:
[طح (1/ 517/ 2950)].
[السند]:
قال الطحاوي: حدثنا سليمان بن شعيب، قال: حدثنا الخصيب، قال: حدثنا (عمر)
(1)
بن علي، قال: حدثنا عثمان بن حكيم، عن أبي أمامة، به.
أبو أمامة: هو أسعد بن سهل بن حنيف الأنصاري.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، عدا الخصيب وهو ابن ناصح، قال عنه أبو زرعة:"ما به بأس إن شاء الله"(الجرح والتعديل 3/ 397)، وذكره ابن حبان في (الثقات 8/ 232) وقال:"ربما أخطأ"، وذكره ابن خلفون في "الثقات"،
(1)
تحرف في المطبوع إلى (عمرو)، والصواب ما أثبتناه كما في (إتحاف المهرة 4726)، وهو عمر بن علي المقدمي المعروف في تلاميذ عثمان بن حكيم، انظر:(تهذيب الكمال 19/ 356)، ثم إن عمرو بن علي - وهو الفلاس - لا يدرك عثمان بن حكيم، فبين وفاتيهما ما يقرب من (110 سنة). وفي هذا ردٌ على العيني حيث ذكر في (عمدة القاري 8/ 184)، و (نخب الأفكار 7/ 473)، أنه عمرو بن علي الفلاس شيخ الجماعة! ! .
ونقل عن أحمد بن سعد بن الحكم
(1)
أنه سئل عنه فقال: "ثقة"(إكمال تهذيب الكمال 4/ 191)، وقد خطأه الدارقطني في غير ما حديث، انظر:(العلل 1460، 2975، 3085، 1460). وقال الحافظ: "صدوق يخطئ"(التقريب 1717).
ومع هذا قال ابن حجر عن هذا الحديث: "رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ"! (الفتح 3/ 224)، وكذا قال العيني في (نخب الأفكار 7/ 473)، بل صرح في (عمدة القاري 8/ 184) بصحته، فأبعد جدًّا.
قلنا: ومع ما تقدم بيانه من كلام في الخصيب، قد خولف فيه؛ خالفه عيسى بن يونس فرواه عن عثمان بن حكيم عن خارجة بن زيد من قوله.
كذا رواه مسدد في "مسنده" - كما في (تغليق التعليق 2/ 493)، و (المطالب 837)، و (إتحاف الخيرة 2/ 513) - قال: حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا عثمان بن حكيم، حدثنا عبد الله بن سرجس وأبو سلمة بن عبد الرحمن أنهما سمعًا أبا هريرة يقول:«لَأَنْ أَجْلِسَ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ مَا دُونَ لَحْمِي حَتَّى تُفْضِيَ إِلَيَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» . قال عثمان: رأيت خارجة بن زيد في المقابر فذكرت له ذلك فأخذ بيدي فأجلسني على قبر، وقال:"إنما ذلك لمن أحدث عليه"
(2)
.
(1)
هو أحمد بن سعد بن الحكم بن أبي مريم المصري، ترجم له الذهبي في (سير أعلام النبلاء 12/ 311) فقال:"الإمام، الحافظ، أبو جعفر المصري".
(2)
كذا في المصادر المذكورة من قول خارجة بن زيد، ولكن علقه البخاري في (الصحيح 2/ 95) عن عثمان بن حكيم قال: أخذ بيدي خارجة فأجلسني على قبر، وأخبرني عن عمه يزيد بن ثابت قال:«إنما كره ذلك لمن أحدث عليه» . قال الحافظ في (الفتح 3/ 224): "وصله مسدد في مسنده الكبير وبين فيه سبب إخبار خارجة لحكيم بذلك ولفظه: حدثنا عيسى بن يونس حدثنا عثمان بن حكيم حدثنا عبد الله بن سرجس وأبو سلمة بن عبد الرحمن أنهما سمعا أبا هريرة يقول لأن أجلس على جمرة فتحرق ما دون لحمي حتى تفضي إلي أحب إلي من أن أجلس على قبر قال عثمان فرأيت خارجة بن زيد في المقابر فذكرت له ذلك فأخذ بيدي
…
الحديث وهذا إسناد صحيح".ا. هـ. قلنا: كذا ساقه الحافظ، وأحاله على سياق البخاري، مع أَنَّ الحافظ ساق الحديث تامًا في (التغليق) و (المطالب) وكذا البوصيري في (الإتحاف)، وليس فيه (عن عمه يزيد بن ثابت)، إنما هو من قول خارجة. وهذا أشبه بالصواب بالنسبة لرواية مسدد، أما رواية البخاري، فالله أعلم بسندها، ولو ثبت هذا عن عثمان أيضًا، فسيكون الحديث معل؛ لاضطراب عثمان فيه على ثلاثة أوجه. والله أعلم.
وعيسى بن يونس: "ثقة مأمون" من رجال الشيخين (التقريب 5341)، بل قال الذهبي:"أحد الأعلام في الحفظ والعبادة"(الكاشف 4409).
فلا يقارن بالخصيب بن ناصح، المعروف بالخطأ في الروايات، وعليه: فحديث زيد بن ثابت هذا منكر أو شاذ.
وأعله الشيخ الألباني بعلة أخرى؛ حيث قال: "هذا سند رجاله ثقات معرفون غير عمرو بن علي، فلم أعرفه، ولم أجد في هذه الطبقة من اسمه عمرو بن علي، ويغلب على الظن أَنَّ واو (عمرو) زيادة من بعض النساخ، وأن الصواب (عمر بن علي) وهو عمر بن علي بن عطاء بن مقدم المقدمي
(1)
، وهو ثقة ولكنه كان يدلس تدليسًا عجيبًا يعرف بتدليس السكوت، قال ابن سعد:(كان يدلس تدليسًا شديدًا يقول: سمعت وحدثنا، ثم يسكت فيقول: هشام بن عروة والأعمش)، قلت: ومثل هذا التدليس حري بحديث
(1)
وهو كما قال، وقد تقدم بيان ذلك بما لا يدع مجالا للشك.
صاحبه أَنْ يتوقف عن الاحتجاج به ولو صرح بالتحديث خشية أَنْ يكون سكت بعد قوله حدثنا، ولا يفترض في كل الرواة الآخذين عنه أَنْ يكونوا قد تنبهو لتدليسه هذا" (الضعيفة 2/ 388 - 389).
قلنا: وإعلاله بالخصيب ومخالفته لمن هو أوثق منه - أقوى، والله أعلم.
[تنبيه]:
عزاه ابن بطال في (شرح البخاري 3/ 347) - وتبعه ابن الملقن في (التوضيح 10/ 122) - لابن وهب في "موطئه" عن أبي أمامة به، ولم نقف عليه في الأجزاء المطبوعة منه.
* * *
592 -
حَدِيثُ أَنَسٍ:
◼ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالْبَوْلَ فِي الْمَقَابِرِ؛ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ» .
[الحكم]:
منكر، وإسناده تالف، ولعله موضوع.
[التخريج]:
[فر (ملتقطة 1/ ق 345)]
[السند]:
رواه الديلمي في "مسند الفردوس" - كما في (الغرائب الملتقطة) - قال: أخبرنا الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا الطبراني، حدثنا الحسن بن علي السراج، أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي العوام الرياحي، حدثنا أبي، حدثنا أيوب بن مدرك، عن أبي عبيدة، عن الحسن، عن أنس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد تالف؛ فيه علتان:
الأولى: أيوب بن مدرك، الحنفي، قال فيه أبو حاتم والنسائي والدارقطني:"متروك"، وكذبه ابن معين، (اللسان 1382).
الثانية: شيخه أبو عبيدة: هو سعيد بن زَرْبي الخزاعي البصري، قال عنه ابن حجر:"منكر الحديث"(التقريب 2304).
وبقية رجاله موثقون سوي الحسن بن علي السَّرَّاج، فلم نجد من ترجم له، وقد روى عنه جماعة من الثقات، منهم الطبراني - وأكثر عنه -، والرامهرمزي، ونقل عنه كلامًا في أصحاب الحديث يدل على درايته وعنايته بهذا الفن، انظر:(المحدث الفاصل ص 262)، و (إرشاد القاصي والداني 371).
* * *