الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
102 - باب: مَا يَقُولُ إِذَا دخل الْخَلَاءِ
661 -
حَدِيثُ أَنَسٍ:
◼عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ (إِذَا أَتَى الخَلاءَ) 1، قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ».
•وَفِي رِوَايَةٍ 2، بلفظ:«أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ» .
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م)، دون الرواية الأولى فلأحمد وغيره وعلقها البخاري، والرواية الثانية لمسلم.
[اللغة والفوائد]:
* (الْخَلَاء) - بفتح الخاء المعجمة وبالمد -: موضع قضاء الحاجة، سمي بذلك لخلائه في غير أوقات قضاء الحاجة، وهو الكنيف، والحش، والمرفق، والمرحاض أيضًا، وأصله: المكان الخالي، ثمَّ كثر استعماله حتَّى تجوز به عن ذلك" (التوضيح 4/ 91).
* قوله (إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ): رواه قاسم السرقسطي في (الدلائل 1/ 127) - كما رواه مسلم (375) -: من طريق هشيم بن بشير، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، به، بلفظ: «أنه كان إذا دخل الكنيف
…
». ونقل موسى بن هارون الحافظ أنه قال: "قوله: «إذا دخل الكنيف» يعني به إذا
أراد أَنْ يدخل الكنيف"، ثم قال: "قال هذا القول لأن الحش لا ينبغي لأحد أَنْ يذكر الله تعالى فيه بلسانه، وهذا كما ذكر موسى؛ لأنه جائز في كلام العرب أَنْ يقول: إذا فعل، ومعناه: إذا كاد يفعل".اهـ.
قلنا: ويدل على هذا المعني رواية غندر عن شعبة به بلفظ: (إذا أتى الخلاء).
قال القاضي عياض: "قد ذكر البخاري في بعض طرق هذا الحديث: (كان إذا أراد أَنْ يدخل) ويجمع بين اللفظين برد أحدهما إلى الآخر، ومن جهة المعنى أنه إذا كان متصلًا بالدخول قيل فيه: إذا دخل.
وقد اختلف السلف والعلماء في هذا الحديث، فذهب بعضهم إلى جواز ذكر الله في الكنيف وعلى كل حال، ويحتج قائله بهذا وبحديث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم على كل أحيانه، وبقوله:{إليه يصعد الكلم الطيب} وهو قول النخعى والشعبي وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن سيرين ومالك بن أنس، وروى كراهية ذلك عن ابن عباس وعطاء والشعبي وغيرهم، وكذلك اختلفوا في دخول الكنيف بالخاتم فيه ذكر الله" (إكمال المعلم 2/ 230).
وقال ابن سيد الناس: "وقوله: (إذا دخل الخلاء) يحتمل أَنْ يراد به إذا أراد الدخول نحو قوله: {إذا قمتم إلى الصلاة} أي إذا أردتم القيام، {وإذا قرأت القرآن} أي إذا أردت القراءة، وكذلك وقع في "صحيح البخاري".
ويحتمل أَنْ يراد به ابتداء الدخول وينبني عليه من دخل ونسي التعوذ فهل يتعوذ أم لا؟ كرهه جماعة من السلف منهم ابن عباس وعطاء والشعبي فيحمل الحديث عندهم على المعنى الأول.
واختار جماعة منهم ابن عمر وابن سيرين والنخعي أخذا بقول عائشة رضي الله عنها:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ولم يحتج هؤلاء إلى حمل الحديث على مجازه من العبارة: بالدخول عن إرادته.
وقد نقل القولان معًا عن مالك، هذا كله في الكنف المتخذة في البيوت لا في الصحراء وهو ظاهر في لفظة:«دخل» " (النفح الشذي 1/ 79). وبنحوه قال مغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 135).
وقد بوب عليه البخاري: "باب ما يقول عند الخلاء"، قال الحافظ:"أي عند إرادة الدخول في الخلاء إن كان معدًّا لذلك وإلا فلا تقدير"(الفتح 1/ 242).
* قوله (الخبث)، قال النووي: "الخبث فبضم الباء وإسكانها وهما وجهان مشهوران في رواية هذا الحديث. ونقل القاضي عياض رحمه الله تعالى أَنَّ أكثر روايات الشيوخ الإسكان. وقد قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى: الخبث بضم الباء جماعة الخبيث والخبائث جمع الخبيثة قال يريد ذكران الشياطين وإناثهم قال وعامة المحدثين يقولون الخبث بإسكان الباء وهو غلط والصواب الضم هذا كلام الخطابي. وهذا الذي غلطهم فيه ليس بغلط ولا يصح إنكاره جواز الإسكان؛ فإن الإسكان جائز على سبيل التخفيف، كما يقال: كتب ورسل وعنق وأذن ونظائره، فكل هذا وما أشبهه جائز تسكينه بلا خلاف عند أهل العربية، وهو باب معروف من أبواب التصريف لايمكن إنكاره، ولعل الخطابي أراد الإنكار على من يقول أصله الإسكان فإن كان أراد هذا فعبارته موهمة، وقد صرح جماعة من أهل المعرفة بأن الباء هنا ساكنة منهم الإمام أبوعبيد إمام هذا الفن والعمدة فيه.
واختلفوا في معناه؛ فقيل: هو الشر وقيل: الكفر وقيل: الخبث الشياطين والخبائث المعاصي. قال ابن الأعرابي: الخبث في كلام العرب
المكروه؛ فإن كان من الكلام فهو الشتم، وإن كان من الملل فهو الكفر، وإن كان من الطعام فهو الحرام، وإن كان من الشراب فهو الضار والله أعلم.
وهذا الأدب مجمع على استحبابه ولا فرق فيه بين البنيان والصحراء والله أعلم" (شرح مسلم 4/ 71). وانظر: (غريب الحديث للخطابي 3/ 220 - 221)، و (النهاية لابن الأثير 2/ 6)، و (شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي 1/ 134).
وقال البغوي: "وخص الخلاء به؛ لأن الشياطين تحضر الأخلية، لأنه يهجر فيها ذكر الله عز وجل"(شرح السنة 1/ 377).
[التخريج]:
[خ 142، 6322 "واللفظ له" / م 375 "والرواية له" / د 4، 5 / ت 4، 5/ ن 19 / كن 19، 7815، 10012 / جه 300 / حم 11947، 11983، 13999 / مي 687/ حب 1403/ عه 646، 647 / ش 1، 30518 / عل 3902، 3914، 3915، 3931، 3940 / بز 6382، 6409 / بخ 692 / جا 27 / سراج 26، 27 / طوسي 4، 5، 6 / طص 888 / طع 359 / جعد 1426، 2467، 3318 / منذ 256 / مسن 824 - 826 / هق 457، 458 / هقغ 73 / هقت 55 / معكر 19 / هروي (1/ 416) / سني 17/ حيد 178 / بغ 186 / نبغ 504 / مقرئ (الأربعون 12) / تد (3/ 223) / نسير (ص 49 - 50) / نبلا (11/ 467) / حنابلذ (2/ 514 - 515) / دلائل 59 / سرج 466، 1896 / عد (6/ 530) / مخلص 1297، 2452، 2453 / قطان 16/ تمام 1721 / حداد 242 / زاهر (سباعيات ق 3 / ب) / سلفي (الجزء الحادي والعشرون 29) /
جوزي (مشيخة ص 90، 91) / داعين 158، 159 / نجار (17/ 60)، (19/ 46) / ذهبي (2/ 406) / تذ (2/ 70)، (4/ 95، 96) / سبكي (ص 42) / فكر (1/ 192 - 195)]
[السند]:
قال البخاري (142): حدثنا آدم، قال: حدثنا شعبة، عن عبد العزيز بن صهيب، قال: سمعت أنسًا يقول:
…
الحديث.
آدم: هو ابن أبي إياس. وقال البخاري عقبه: "تابعه ابن عرعرة، عن شعبة".
ووصله البخاري (6322) قال: حدثنا محمد بن عرعرة، حدثنا شعبة، به.
تحقيق الروايتين:
أما الرواية الأولى: إِذَا أَتَى الخَلاءَ:
فعلقها البخاري (عقب رقم 142) فقال: "وَقَالَ غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ: «إِذَا أَتَى الخَلاءَ»، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ: «إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ» ".
قلنا: رواية غندر: وصلها أحمد (13999) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَى الْخَلَاءَ، قَالَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ
…
»
(1)
.
(1)
كذا في كل طبعات المسند التي وقفنا عليها، ابتداء بطبعة الرسالة، ومرورًا بطبعة المكنز وعالم الكتب والهندية وغيرهم، ومع هذا ذكر الحافظ في (تغليق التعليق 2/ 99) أَنَّ أَحْمد رواه فِي مُسْنده عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بِلَفْظ:(إِذا دخل)! . كذا، ولعله اختلط عليه بحديث زيد بن أرقم، فإن أحمد رواه برقم (19286) عن محمد بن جعفر عن شعبة بسنده عن زيد بن أرقم بلفظ:(إذا دخل)، وسيأتي تخريجه قريبًا، والله أعلم.
ورواه البزار في (مسنده 6409) عن محمد بن بشار، عن غندر، به.
وهذا إسناد صحيح غاية.
وأما رواية سعيد بن زيد؛ فوصلها البخاري في (الأدب المفرد 692) - ومن طريقه ابن حجر في (نتائج الأفكار 1/ 195) - قال: حدثنا أبو النعمان قال: حدثنا سعيد بن زيد قال: حدثنا عبد العزيز بن صهيب، قال: حدثني أَنَسٌ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ، قَالَ:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ» .
وسعيد بن زيد (وهو أخو حماد بن زيد)، قال عنه الحافظ:"صدوق له أوهام"(التقريب 2312).
وبه غمزه ابن حجر فقال: "وسعيد هذا: هو أخو حماد بن زيد، وهو صدوق لكن فيه لين"(نتائج الأفكار 1/ 195).
قلنا: لكنه لم ينفرد بهذا اللفظ؛ فقد رواه بهذا اللفظ أَيْضا مسدد في (مسنده) - كما في (تغليق التعليق 2/ 100)، ومن طريقه البيهقي في (الكبرى 458) -: عن عبد الوارث بن سعيد، عن عبد العزيز، ولفظه:(وكان إذا أراد الخلاء).
ولذا قال الحافظ: "سعيد بن زيد الذي أتى بالرواية المبينة صدوق تكلم بعضهم في حفظه وليس له في البخاري غير هذا الموضع المعلق، لكن لم ينفرد بهذا اللفظ؛ فقد رواه مسدد عن عبد الوارث عن عبد العزيز مثله،
وأخرجه البيهقي من طريقه، وهو على شرط البخاري" (فتح الباري 1/ 244).
قلنا: ويشهد لها رواية غندر عن شعبة، والله أعلم.
وأما الرواية الثانية بلفظ: «أَعُوذُ بِاللهِ
…
»:
فأخرجها مسلم (375) قال: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب، قالا: حدثنا إسماعيل - وهو ابن عُلَيَّةَ -، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، به.
وكذا رواه أحمد (11983)، وابن ماجه (300) عن عمرو بن رافع (الحافظ)، كلاهما: عن ابن عُلَيَّةَ، به.
وتابع ابن عُلَيَّةَ على هذا اللفظ عبد الوارث بن سعيد وشعبة:
رواه أبو داود (4) قال: حدثنا مسدد بن مسرهد، حدثنا عبد الوارث، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك، به.
وكذا رواه البيهقي من طريق مسدد، كما تقدم.
ورواه النسائي في (الكبرى 7815، 10012) عن عمران بن موسى، عن عبد الوارث، به.
ورواه أبو داود (5)، والترمذي (5): من طريق وكيع، عن شعبة، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك، به بلفظ:«اللهم إني أعوذ بك» قال شعبة: وقد قال مرة أخرى: «أعوذ بالله» .
وهذا يدل على أَنَّ كلا اللفظين محفوظان عن عبد العزيز بن صهيب.
نعم الرواية الأولى التي اتفق عليها الشيخان، ورواها أكثر الرواة أولى
وأحرى أَنْ يأخذ بها، كما قال الألباني في (صحيح أبي داود 1/ 26)، لكن الحكم عليها بالشذوذ، كما ذهب إليه الشيخ رحمه الله، فيه نظر، لما بيناه، والله أعلم.
* * *
[تنبيهان]:
التنبيه الأول: الحديث أخرجه مسلم (375): عن يحيى بن يحيى، عن حماد بن زيد، وهشيم، كلاهما: عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، به. لكن في رواية هشيم (الكنيف) بدل (الخلاء).
وكذا رواه قاسم السرقسطي في (الدلائل 1/ 127): من طريق شجاع بن مخلد عن هشيم بن بشير به بلفظ: «الكنيف» .
لكن رواه أحمد (11947) وابن أبي شيبة (1، 30518)، وزكريا بن يحيى الواسطي -كما عند أبي يعلى في (المسند 3902)، وعلي بن الجعد، كما في (مسنده 2467)، وحميد بن الربيع - كما عند المخلص (2453) - وغيرهم: عن هشيم به بلفظ: «الخلاء» .
فلعل هشيم أو من دونه كان يرويه أحيانًا بالمعنى، وإلا فالمحفوظ في الحديث بلفظ:«الخلاء» .
التنبيه الثاني: وقع عند أحمد (13999) عن غندر. وعند الترمذي (4) من طريق وكيع. كلاهما عن شعبة به بلفظ: «أعوذ بالله من الخبث والخبيث -أو الخبائث-» كذا بالشك.
وقد رواه جماعة عن شعبة بلفظ: "الخبائث" دون شك، وكذا رواه حماد ابن زيد وعبد الوارث وهشيم وحماد بن سلمة وابن علية وجماعة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس.
فلفظة: "الخبيث" غير محفوظة والله أعلم.
[فائدة]:
قال ابن مَنْدَهْ - بعد إخراجه الحديث من طريق شعبة عن عبد العزيز بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: «اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث» -: "هذا حديث صحيح مجمع على صحته من حديث عبد العزيز بن صهيب، وهو مشهور عن شعبة، رواه حماد بن زيد، وعبد الوارث بن سعيد، وإسماعيل ابن عُلَيَّةَ، وغيرهم عن عبد العزيز نحوه، وكل هذا مقبول على رسم الجماعة"(الإمام لابن دقيق 2/ 470).
رِوَايَةٌ بِلَفْظِ الْأَمْرِ:
◼وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ» .
[الحكم]:
منكر بلفظ الأمر، والصواب أنه من قوله صلى الله عليه وسلم من غير أمر، وضعفه عبد الحق الإشبيلي - وأقره ابن دقيق العيد -، ومغلطاي.
[التخريج]:
[بز 6702 / جعد 1427 / دبيثي (4/ 21) / إمام (2/ 469 - 470)].
[التحقيق]:
للحديث طريقان عن أنس:
الأول: عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس:
أَخْرَجَهُ أبو القاسم البغوي في (الجعديات 1427) - ومن طريقه ابن دقيق العيد في (الإمام 2/ 469 - 470) - قال: حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا حماد بن زيد، (ح)
وحدثنا شجاع بن مخلد، حدثنا هشيم، (ح)
وحدثنا جدي، وأبو خيثمة، قالا: حدثنا إسماعيل ابن عُلَيَّةَ، (ح)
وحدثنا العباس بن الوليد النرسي، حدثنا زكريا بن يحيى بن عمارة، (ح)
وحدثنا أحمد بن المقدام، حدثنا حماد بن واقد، كلهم: عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، به.
ويظهر أَنَّ اللفظ المذكور إنما هو طريق حماد بن واقد وحده، وحمل البغوي رواية الباقين على لفظه، فقد تقدم الحديث عند مسلم (375) وغيره، من طريق حماد بن زيد وهشيم وابن عُلَيَّةَ به بلفظ الفعل، وليس الأمر.
وأما زكريا بن يحيى بن عمارة، فقد رواه أبو يعلى في (المسند 3931) عن عبد الأعلى عنه به بلفظ الفعل كذلك.
فلم يبق إِلَّا طريق حماد بن واقد، وهذا اللفظ أليق به، فإنه "ضعيف" كما في (التقريب 1508)، والحديث بلفظ الأمر غير محفوظ، الصواب أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم من غير أمر، كما تقدم في الصحيحين وغيرهما من طريق الثقات الأثبات؛ [كشعبة، وحماد بن زيد، وابن عُلَيَّةَ، وهشيم بن بشير، وحماد بن سلمة، وعبد الوارث بن سعيد، وغيرهم] جميعًا: عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، به من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، من غير أمر.
* وقد وقفنا لابن واقد هذا على متابعة؛
أخرجها ابن الدبيثي في (ذيل تاريخ بغداد 4/ 21): من طريق علي بن أحمد بن محمد بن بيان، قال: أخبرنا أبو القاسم طلحة بن علي ابن الصقر الكتاني، قال: حدثنا أحمد ابن عثمان الأدمي، قال: حدثنا أبو قلابة، قال: حدثنا عمرو بن مرزوق، قال: حدثنا شعبة، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أحدكم الخلاء فليقل:
…
الحديث».
وهو منكر أيضًا من هذا الوجه؛ فقد تفرد به من هذا الوجه أبو قلابة وهو عبد الملك بن محمد الرقاشي، وقد قال عنه الدارقطني: "صدوق كثير الخطأ في الأسانيد والمتون، لا يحتج بما ينفرد به، بلغني عن شيخنا
أبي القاسم ابن منيع أنه قال: عندي عن أبي قلابة عشرة أجزاء ما منها حديث سلم منه إما في الإسناد أو في المتن، كأنه يحدث من حفظه فكثرت الأوهام منه" (سؤالات الحاكم 150). وقال الحافظ:"صدوق يخطئ تغير حفظه لما سكن بغداد"(التقريب 4210).
وقد رواه الثقات الأثبات من أصحاب شعبة كغندر ووكيع وآدم بن أبي إياس ومحمد بن عرعرة، عن شعبة به بلفظ الفعل، لا الأمر.
فهذا من أوهام الرقاشي.
الطريق الثاني: عن الحسن وقتادة عن أنس:
رواه البزار في (مسنده 6702) قال: حدثنا علي بن سعيد المسروقي، حدثنا عبد الرحيم
(1)
بن سليمان، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن وقتادة، عن أنس، به.
قال البزار: "هذا الحديث لا نعلم رواه عن الحسن، عن أنس إِلَّا إسماعيل بن مسلم".
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: إسماعيل بن مسلم المكي، وهو متفق على ضعفه، كما قال الذهبي في (ديوان الضعفاء 448)، وتركه غير واحد من أئمة الحديث، بل قال علي ابن المديني:"أجمع أصحابنا على ترك حديثه"(إكمال تهذيب الكمال 2/ 206).
الثانية: المخالفة؛ فقد رواه أبو داود في (المراسيل 2) قال: حدثنا
(1)
(وقد تحرف في البزار إلى عبد الرحمن)
موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا هشام بن حسان عن الحسن، به مرسلًا.
ورواه أصحاب قتادة (كشعبة وابن أبي عروبة وهشام الدستوائي وغيرهم) عن قتادة، من مسند زيد بن أرقم، على خلاف بينهم في الواسطة بينه وبين زيد، وسيأتي تخريجه قريبًا.
وذكر الدارقطني في (العلل) أَنَّ المحاربي تابع عبد الرحيم بن سليمان، فرواه كذلك عن إسماعيل، عن الحسن، وقتادة، عن أنس.
قال: "وخالفهما علي بن مسهر، وأبو معاوية الضرير، وعبد الله بن نمير، فرووه عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن أنس، ولم يذكروا: قتادة فيه.
ورواه هشام بن حسان، عن الحسن مرسلًا، وهو الصحيح عن الحسن.
فأما قول عدي بن أبي عمارة، وإسماعيل بن مسلم المكي: عن قتادة، عن أنس فإن ذلك وهم منهما؛ لأن قتادة لم يسند هذا الحديث عن (أنس)
(1)
، وإنما أسنده عن زيد بن أرقم، واختلف عليه فيمن بينه، وبين زيد" (العلل 2520).
قلنا: ورواه محمد بن فضيل الضبي في (الدعاء 37) عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن مرسلًا. كرواية هشام بن حسان، وهذا يدل على اضطرابه
(1)
في المطبوع من (العلل): "النَّبي صلى الله عليه وسلم"، وقال محققه:"هكذا، ولعل الصواب: عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو يكون أصلها: (عن أنس) فقط، ثم تحرفت إلى (النبي) فزيد فيها صلى الله عليه وسلم. والله أعلم"اهـ. ولذا رأينا إثبات أنس، ليستقيم السياق.
فيه وأنه لم يضبطه.
وقد ضعفه بإسماعيل: عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام الوسطى 1/ 124)، وأقره ابن دقيق في (الإمام 2/ 471).
وضعفه به أيضًا مغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 133).
* * *
رِوَايَةُ: فَلْيَتَعَوَّذْ:
◼ وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ.
[الحكم]:
شاذ بلفظ الأمر، وكذا حكم بشذوذها الألباني.
[التخريج]:
…
[د 5]
[السند]:
قال أبو داود: قال وهيب عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد معلق ولم نقف على من وصله، ولكن على فرض ثبوته عن وهيب، فهي رواية شاذة؛ لمخالفة وهيب رواية الثقات الأثبات عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، به من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، من غير أمر.
ولذا حكم الألباني على هذه الرواية بالشذوذ، (صحيح أبي داود 1/ 23 - 24).
* * *
رِوَايَةُ بلفظ الأمر مع زيادة: "بِسْمِ اللَّهِ":
◼ وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:«إِذَا دَخَلْتُمُ الْخَلَاءَ فَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ» .
[الحكم]:
شاذ بلفظ الأمر وزيادة التسمية، وكذا قال الألباني.
[التخريج]:
[معمري (يوم - الفتح 1/ 244 "واللفظ له"، فكر 1/ 196)]
[السند]:
أخرجه المعمري
(1)
في "عمل اليوم والليلة" - كما في (الفتح 1/ 244)، و (نتائج الأفكار 1/ 196) -: من طريق عبد العزيز بن المختار، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد - على ما أبداه لنا الحافظ من سنده - رجاله ثقات، ولكن لم يظهر الحافظ لنا عمن رواه المعمري عن ابن المختار، وأقل ما يكون بينهما رجلان.
وعلى فرض ثبوته إلى عبد العزيز بن المختار، فروايته هذه شاذة، لمخالفته رواية الجماعة عن عبد العزيز بن صهيب [كشعبة، وحماد بن زيد، وابن عُلَيَّةَ، وهشيم بن بشير، وحماد بن سلمة، وعبد الوارث بن سعيد،
(1)
تصحف في (الفتح) إلى العمري، وهو على الصواب في (النتائج)، وهو الحافظ الحسن بن علي بن شبيب المعمري، انظر: ترجمته في (سير أعلام النبلاء 13/ 510 - 514).
وغيرهم]؛ حيث رووه جميعًا عنه بلفظ الفعل، ودون ذكر التسمية.
فخالفهم عبد العزيز بن المختار - إن صح السند إليه - فزاد فيه التسمية، وجعله بلفظ الأمر.
وعبد العزيز بن المختار وإن كان ثقة فقد ذكره ابن حبان في (الثقات 7/ 115) وقال: "يخطئ".
ولذا قال الألباني: "وهي رواية شاذة؛ لمخالفتها لجميع روايات الثقات المتقدمة، وعبد العزيز بن المختار وإن كان ثقة؛ فقد قال ابن حبان: "إنه كان يخطئ"، حتى بالغ ابن معين فقال: "ليس بشيء"! . والحق أنه حجة إذا لم يخالف"(صحيح أبي داود 1/ 24).
وقال أيضًا: "وهي عندي شاذة لمخالفتها لكل طرق الحديث عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس في الصحيحين وغيرهما"(تمام المنة ص 57).
ولعل لهذا اكتفى الحافظ بقوله: "رواته موثقون"(نتائج الأفكار 1/ 196).
أما قوله في (الفتح 1/ 244): "إسناده على شرط مسلم".
ومن قبله الولي العراقي؛ حيث قال: " وأصح ما في هذا ما رواه المعمري في عمل اليوم والليلة بإسناد صحيح على شرط مسلم"(فيض القدير 5/ 127).
فغريب، فلم نقف على رواية لعبد العزيز بن المختار عن عبد العزيز بن صهيب، فيما بين أيدينا من كتب السنة، إِلَّا أَنْ يكون مراده (عبد الله بن المختار)
(1)
فسبقه القلم، فهو المعروف بالرواية عن عبد العزيز بن صهيب،
(1)
كما أشار لذلك صاحب (بذل الإحسان 1/ 198).
وهو من رجال مسلم، فيوافق ذلك حكم الولي العراقي وابن حجر، أما عبد العزيز بن المختار فمن رجال الشيخين. والله أعلم.
* * *
رِوَايَةُ بزيادة "بِسْمِ اللَّهِ من فعل النبي صلى الله عليه وسلم":
•وَفِي رِوَايَةٍ بلفظ الفعل: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَخَلَ الْكَنِيفَ، قَالَ:«بِسْمِ اللَّهِ» ، [ثُمَّ يَقُولُ]:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ» .
[الحكم]:
صحيح المتن دون ذكر التسمية فمنكرة، واستنكرها الألباني، وكذا لفظة (الكنيف)، المحفوظ (الخلاء)، وضعف سنده ابن عدي - وتبعه ابن طاهر المقدسي -، وابن عبد الهادي، وابن حجر.
[التخريج]:
[ش 5 "واللفظ له"، 30522 / ص (تعليقة على العلل لابن عبد الهادي ص 245) "والزيادة له" / طع 357، 358 / علحا (1/ 644/ 167) / عد (10/ 227) / ضح (2/ 46 - 47)]
[التحقيق]:
مداره على أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن المدني، واختلف عليه:
فأخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف 5، 30522) - ومن طريقه الطبراني في (الدعاء 358) -.
وسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي "سُنَنِهِ" - كما في (تعليقة على العلل لابن عبد الهادي ص 245) -.
وابن عدي في (الكامل 10/ 227) من طريق الحسن بن عرفة.
ثلاثتهم: عن هشيم بن بشير، عن أبي معشر (في رواية سعيد: أخبرني أبو معشر)، عن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس، به.
وخالف هشيما، جماعة:
فرواه ابن أبي حاتم في (العلل 1/ 644): عن أبيه. والطبراني في (الدعاء 357): عن عبد الله بن أحمد، وإبراهيم بن محمد بن بكار، ثلاثتهم عن محمد بن بكار.
ورواه الخطيب في (موضح أوهام الجمع والتفريق 2/ 46) -: عن الهيثم بن جميل.
وحكاه الدارقطني في (العلل 2502) عن أبي الربيع الزهراني.
ثلاثتهم: (ابن بكار والهيثم وأبو الربيع): عن أبي معشر، عن حفص بن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس، به.
إِلَّا أَنَّ أبا زرعة الرازي رواه - كما في (العلل لابن أبي حاتم 1/ 643) -: عن محمد بن بكار، عن أبي معشر، عن عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس، به.
قال أبو زرعة: "هكذا أملاه علينا من حفظه، وقيل لي: في كتابه: عن أبي معشر، عن حفص بن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهو الصحيح"(العلل لابن أبي حاتم 1/ 644).
وقال الدارقطني: "والقول قول أبي الربيع، وهو حفص بن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة ابن أخي إسحاق، وهو الذي يروي عنه خلف بن
خليفة" (العلل 2502).
وعلى كلِّ حالٍ فالحديث مداره على أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن؛ وهو "ضعيف أَسَنَّ واختلط" كما قال الحافظ في (التقريب 7100).
وقد روى الثقات الأثبات هذا الحديث عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس، دون ذكر التسمية، كما تقدم بيانه مرارًا، وعليه: فزيادة التسمية منكرة.
وبأبي معشر، ضعف الحديث غير واحد من أهل العلم:
فذكره ابن عدي في ترجمته، مع جملة من حديثه، ثم قال: "وأبو معشر هذا له من الحديث غير ما ذكرت،
…
وهو مع ضعفه يكتب حديثه" (الكامل 10/ 227).
وتبعه ابن طاهر المقدسي في (الذخيرة)
(1)
فقال: "رواه أبو معشر نجيح، وهو ضعيف"(شرح ابن ماجه لمغلطاي 1/ 133).
وقال ابن عبد الهادي: "أبو معشر: هو نجيح، وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة"(تعليقة على العلل لابن أبي حاتم ص 245).
وقال الحافظ: "ووردت التسمية أيضًا من وجه آخر عن أنس من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجها الطبراني بسند فيه أبو معشر المدني، وفيه ضعف"(نتائج الأفكار 1/ 196).
وقال الألباني: "وأبو معشر ضعيف فلا تقبل منه هذه الزيادة، وبالجملة فذكر البسملة في هذا الحديث من طريقين عن أنس شاذ أو منكر" (تمام
(1)
كذا عزاه له مغلطاي، ولم نقف عليه في المطبوع منه، وهو على شرطه.
المنة ص 57).
ومع ما ذكرناه من علة هذا الحديث فقد رمز له السيوطي بالصحة في (الجامع الصغير 6664).
وقال الشوكاني: "وقد روى سعيد بن منصور في سننه أنه كان صلى الله عليه وسلم يقول: «بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث»، وإسناده على شرط مسلم"(الدراري المضية 1/ 41).
كذا قال، فإن كان يريد هذا الإسناد، فقد بينا ما فيه، وإما إن كان له إسناد آخر، فينظر، لكن على أية حال، سيكون ذكر التسمية فيه شاذا؛ لمخالفته المحفوظ عن أنس بدونها. والله أعلم.
[تنبيه]:
عزاه ابن الملقن في (الإعلام بفوائد عمدة الأحكام 1/ 434) لابن السكن في "صحاحه". ولم نقف عليه؛ لأن الكتاب في عداد المفقود، ويظهر أنه من نفس هذا الطريق، حيث قرنه بسعيد بن منصور وأبي حاتم.
* * *
رِوَايَةُ: الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ، دون التسمية:
• وَفِي رِوَايَةٍ، قال:«إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ؛ فَإِذَا دَخَلَهَا أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ» .
[الحكم]:
صحيح المتن من حديث زيد بن أرقم - كما سيأتي -، وهذا إسناد منكر من حديث أنس، كما قال الدارقطني والبيهقي والألباني.
[التخريج]:
[عب (كبير 2/ 716)، (كنز 26449) / طس 6702 "واللفظ له" / طع 355، 360 / سراج 28، 29 / جريه 88 / داعين 160].
[التحقيق]:
للحديث ثلاث طرق عن أنس:
الطريق الأول: عن الزُّهْرِيِّ عن أنس بن مالك:
رواه الطبراني في (الأوسط 6702)، و (الدعاء 360) وكذا في (جزء ما انتقاه ابن مردويه من حديث الطبراني 88)، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن كيسان المصيصي، ثنا إبراهيم بن حميد الطويل، ثنا صالح بن أبي الأخضر، عن الزُّهْرِيِّ، عن أنس بن مالك، به.
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الزُّهْرِيِّ إِلَّا صالح بن أبي الأخضر تفرد به إبراهيم بن حميد"(الأوسط).
وهذا إسناد ضعيف؛ صالح بن أبي الأخضر، قال فيه الحافظ:"ضعيف يعتبر به"(التقريب 2844).
وقد رواه الطبراني في (الصغير 888) بهذا الإسناد فجعله من فعل
النبي صلى الله عليه وسلم وليس بصيغة الأمر مما يدل على أَنَّ ابن أبي الأخضر أو من دونه لم يضبطوه، خاصة أَنَّ إبراهيم بن حميد الطويل وإن وثقه أبو حاتم، فقد قال عنه ابن حبان:"كان يخطئ"(الثقات 8/ 68).
ومحمد بن الحسن شيخ الطبراني لم نقف له على ترجمة، إِلَّا أَنَّ الدارقطني قال في (العلل 8/ 352):"هو بصري صالح"، وانظر:(إرشاد القاصي والداني 856).
الطريق الثاني: عن النضر بن أنس عن أنس بن مالك مرفوعًا، به.
رواه عبدالرزاق في (المصنف) - كما في (جمع الجوامع)، ومن طريقه السراج في (مسنده 29)، والطبراني في (الدعاء 355)، وعلي بن المفضل المقدسي في (كتاب الأربعين في فضل الدعاء 160) -: عن مَعْمَر، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن أنس بن مالك، به.
وهذا إسناد رجاله ثقات، إِلَّا أَنَّ مَعْمَرًا سيء الحفظ لحديث قتادة، كما قال الدارقطني في (العلل 2642).
وقد أخطأ في سند هذا الحديث؛ فقد رواه أصحاب قتادة عن قتادة من مسند زيد بن أرقم، وليس من مسند أنس، كما قال الدارقطني في (العلل 2520).
وقال البيهقي
(1)
: " وقيل عن مَعْمَر، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن
(1)
كذا فيما يظهر لنا، والذي في "السنن":(قال الإمام أحمد). وهذه عبارة الناسخ يريد بها المصنف أحمد بن الحسين البيهقي، وهذا الأمر متكرر بكثرة في كتب البيهقي، وهو ظاهر؛ لأنه ليس من عادة البيهقي إذا نقل عن أحمد بن حنبل، بل ولا الشافعي (إمام مذهبه) أن يقول: "قال الإمام
…
"، بل هذه عبارات النساخ، ومع هذا اعتمد على ظاهر الكلام مغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 131) فنسب هذا القول للإمام أحمد، وقال: "فيما ذكره البيهقي"! ! ، وأما ابن دقيق العيد فنسبه للبيهقي، وهو الصواب، والله أعلم.
أنس، وهو وهم" (الكبرى عقب رقم 459)، وأقره ابن دقيق في (الإمام 2/ 475).
قال الألباني: "والصواب أنه من مسند زيد بن أرقم مرفوعًا"(تمام المنة ص 57).
الطريق الثالث: عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس:
رواه السراج في (مسنده 29)، وعلي بن المفضل المقدسي في (كتاب الأربعين في فضل الدعاء 160): من طريق عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن عبد العزيز - مولى أنس -، عن أنس، به.
وعبد العزيز هذا: هو عبد العزيز بن صهيب البناني، وكان الإمام أحمد يقول:"مَعْمَر يخطئ في عبد العزيز بن صهيب يقول: عبد العزيز مولى أنس، وإنما هو مولى لبنانة"(العلل - رواية عبد الله 817).
وقد رواه ابن المبارك عن مَعْمَر وصرح به؛ رواه السراج في (مسنده 28) قال: حدثنا الحسن بن عيسى، أنا ابن المبارك، أنا مَعْمَر، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، به.
وهذا الإسناد وإن كان رجاله ثقات إِلَّا أَنَّ مَعْمَرًا قد خالف فيه الثقات الذين رووا هذا الحديث عن عبد العزيز بدون قوله: «إن هذه الحشوش محتضرة» ، كما مر في أول الباب.
لكن المتن صحيح ثابت من حديث زيد بن أرقم، كما سيأتي قريبًا.
* * *
رِوَايَةُ: الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ بزيادة التسمية:
◼ وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ فَإِذَا دَخَلَهَا أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ، وَمِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ».
[الحكم]:
منكرٌ سندًا ومتنًا، وأنكره العقيلي، والدارقطني، وابن حجر، والألباني. وأشار لنكارة متنه الطبراني.
[التخريج]:
[طس 2803 "واللفظ له" / طع 356 / عق (3/ 256) / سني 21 / فقط (أطراف 1036)، فكر (1/ 195) / فكر (1/ 195)]
[السند]:
قال الطبراني في (الأوسط 2803)، و (الدعاء 356): حدثنا إبراهيم (بن هاشم البغوي)، قال: حدثنا قطن بن نسير أبو عباد الذارع، قال: حدثنا عدي بن أبي عمارة، قال: سمعت قتادة، يحدث عن أنس بن مالك، به.
ومدار عندهم: على قطن بن نسير، به.
وأخرجه الدارقطني في الأفراد من هذا الوجه، وقال:"تفرد به عدي عن قتادة"(نتائج الأفكار 1/ 195)، و (أطراف الأفراد 1036).
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن قتادة، عن أنس إِلَّا عدي، تفرد به قطن"(الأوسط).
[التحقيق]:
هذا الحديث منكر سندًا ومتنًا؛
فأما السند؛ ففيه قطن بن نسير، قال ابن أبي حاتم: "سئل أبو زرعة
(1)
عنه، فرأيته يحمل عليه، ثم ذكر أنه روى أحاديث عن جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس، مما أنكر عليه" (الجرح والتعديل 7/ 138)، وبنحوه في (سؤالات البرذعي لأبي زرعة 451، 900)، وقال ابن عدي: "كان يسرق الحديث ويوصله"، وذكر له أحاديث رواها عن جعفر بن سليمان، واتهم بسرقتها، (الكامل 8/ 643)
(2)
، وذكره ابن حبان في (الثقات 9/ 22)، وأخرج له مسلم متابعة، ولعل لذلك قال الحافظ:"صدوق يخطئ"(التقريب 5556).
* وقد أخطأ في هذا الحديث؛ فقد خالفه الثقات الأثبات من أصحاب قتادة (كشعبة وابن أبي عروبة وهشام الدستوائي وغيرهم) فرووه عن قتادة، من مسند زيد بن أرقم، على خلاف بينهم في الواسطة بينه وبين زيد، وسيأتي تخريجه قريبًا.
ولذا قال الدارقطني: "فأما قول عدي بن أبي عمارة، وإسماعيل بن مسلم المكي: عن قتادة، عن أنس فإن ذلك وهم منهما؛ لأن قتادة لم يسند هذا الحديث عن (أنس)
(3)
، وإنما أسنده عن زيد بن أرقم" (العلل 2520).
(1)
كذا في مطبوع (الجرح والتعديل)، ونسبه الذهبي في (ميزان الاعتدال 6520)، و (تاريخ الإسلام 5/ 904) لأبي حاتم! .
(2)
وذكر الذهبي في (ميزان الاعتدال 6520) أَنَّ ابن عدي قال في آخر ترجمته: "أرجو أنه لا بأس به"! . كذا قال، ولا وجود لذلك في كل طبعات (الكامل)، ولم ينقله عن ابن عدي غير الذهبي، وإنما قال ذلك ابن عدي في الترجمة التي تلي ترجمة قطن، فيظهر أَنَّ ذلك وهمٌ من الذهبي، بسبب انتقال ذهنه إلى هذه الترجمة. والله أعلم.
(3)
في المطبوع من (العلل): "النَّبي صلى الله عليه وسلم"، وقال محققه:"هكذا، ولعل الصواب: عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو يكون أصلها: (عن أنس) فقط، ثم تحرفت إلى (النبي) فزيد فيها صلى الله عليه وسلم. والله أعلم"اهـ. ولذا رأينا إثبات أنس، ليستقيم السياق.
وذكره العقيلي، في ترجمة عدي بن أبي عمارة؛ فقال:"في حديثه اضطراب"، ثم ذكر الحديث، والخلاف فيه على قتادة (الضعفاء 3/ 256).
وتبعه الحافظ فقال: "ومن أغلاطه أنه روى عن قتادة عن أنس في القول عند دخول الخلاء، وإنما رواه قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم، وقيل عن النضر بن أنس عن أبيه والأول أصح"(اللسان 5/ 422).
وقد قال الدارقطني في (الأفراد): "غريب من حديث قتادة عنه، تفرد به عدي عنه"(الأطراف 1036).
وقال الحافظ: "هذا حديث غريب من هذا الوجه"، ثم ذكر عديًّا، فقال:"وهو بصري مختلف فيه، ذكره العقيلي في الضعفاء"(نتائج الأفكار 1/ 195).
قلنا: وعدي بن أبي عمارة، قال عنه ابن معين وأبو حاتم:"ليس به بأس"(تاريخ ابن معين راوية الدوري 4574)، (الجرح والتعديل 7/ 4)، وقال أحمد:"هو شيخ"(العلل رواية عبد الله 4574)، وذكره ابن حبان في (الثقات 7/ 292).
فالأولى أَنْ يتحمل الخطأ في هذه الرواية قطن بن نسير، والله أعلم.
وأما نكارة متنه؛ فقد زاد فيه التسمية في أوله، وزاد في آخره:(الشيطان الرجيم)، وهاتان الزيادتان غير محفوظتين لا من حديث أنس، ولا من
حديث زيد بن أرقم - كما سيأتي بيانه -.
وقد أشار لنكارة الزيادة الأولى الطبراني فقال: "لم يقل أحد ممن روى هذا الحديث عن قتادة في متنه «بسم الله» إِلَّا عدي بن أبي عمارة"(الدعاء 356).
وقال الألباني: "منكر بهذا اللفظ". وقال أيضًا: "ضعيف بهذا السياق اضطرب فيه بعض الرواة في سنده ومتنه، والصواب أنه من مسند زيد بن أرقم مرفوعًا"(تمام المنة ص 57).
وقال الألباني: "إن عديًّا هذا قد أخطأ في متن الحديث أيضًا، فزاد في أوله: "بسم الله"، وفي آخره: "والشيطان الرجيم"! ومن أجل هذه الزيادة أوردته هنا، وإلا فهو بدونها صحيح"(الضعيفة 5042).
ومع ما ذكرناه فقد رمز السيوطي للحديث بالصحة في (الجامع الصغير 9581)!!.
قلنا: وقد وردت التسمية من طرق أخرى، كما سيأتي في بعض الروايات التالية.
* * *
رِوَايَةُ: مِنَ الرِّجْسِ النَّجَسِ الْخَبِيثِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ: «[بِسْمِ اللَّهِ]، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ النِّجْسِ
(1)
الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ».
[الحكم]:
ضعيفٌ جدًّا، وضعفه أبو زرعة الرازي، والولي العراقي، والسيوطي، والمناوي، والألباني.
[اللغة]:
قال ابن الأثير: "الخبيث: ذو الخبث في نفسه، والمخبث الذي أعوانه خبثاء، كما يقال للذي فرسه ضعيف مضعف. وقيل: هو الذي يعلمهم الخبث ويوقعهم فيه"(النهاية 2/ 6).
[التخريج]:
[طس 8825 "والزيادة له" / طع 365 / طبر (9/ 552 - 553) "واللفظ له" / حرب (طهارة 159) / سني 18 / فكر (1/ 198)].
[السند]:
قال الطبري في (التفسير 9/ 552): حدثني بذلك عبد الرحمن بن البختري الطائي، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، وقتادة، عن أنس، به.
ورواه الطبراني: من طريق عبد الرحيم بن سليمان، عن إسماعيل بن
(1)
قال ابن دقيق: "و (الرِّجْس) بكسر الراء، وسكون الجيم. و (النِّجْس): بكسر النون، وسكون الجيم؛ إتباعًا للرجس"(الإمام 2/ 477).
مسلم، به.
ومداره عندهم: على إسماعيل بن مسلم المكي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: إسماعيل بن مسلم؛ وهو ضعيف، كما في (التقريب 484)، بل وقال غير واحد أنه متروك، انظر:(ميزان الاعتدال 945).
قال ابن أبي حاتم: قلت - أي لأبي زرعة -: فحديث إسماعيل بن مسلم يزيد فيه: «الرجس النجس
…
» قال: "إسماعيل ضعيف"(العلل 1/ 418 - 419).
ولذا قال الولي العراقي عن هذه الرواية: "غير قوية"(فيض القدير 5/ 128).
ورمز لضعفها السيوطي في (الجامع الصغير 6666). وضعفها المناوي في (التيسير 2/ 247)، و (فيض القدير 5/ 128)، والألباني في (الضعيفة 4189).
الثانية: المخالفة، فقد رواه هشام بن حسان عن الحسن، به مرسلًا.
ورواه أصحاب قتادة عنه من مسند زيد بن أرقم. وصحح هذين الوجهين الدارقطني في (العلل 2520)، وقد تقدم بيان ذلك عند الكلام على أول روايات هذا الحديث.
* * *
رِوَايَةُ: وَالْخَبِيثَاتِ:
•وَفِي رِوَايَةٍ بلفظ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبُثِ، وَالْخَبِيثَاتِ» .
[الحكم]:
منكر بلفظ (وَالْخَبِيثَاتِ)، المحفوظ:(وَالْخَبائث).
[التخريج]:
[تمام 1721].
[السند]:
أخرجه تمام في (فوائده) قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن جبلة البغدادي، ثنا هشام بن علي السيرافي بالبصرة، حدثنا عمرو بن مرزوق، أنبأ شعبة، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ محمد بن عبد الله بن جبلة، قال عنه عبد العزيز الكتاني الحافظ:"فيه نظر"(تاريخ الإسلام 7/ 750)، و (ميزان الاعتدال 7795)، وقال الذهبي:"لا يعرف، وحديثه منكر"(ذيل ديوان الضعفاء 441).
والمحفوظ عن شعبة من رواية الثقات الأثبات عنه عن عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، به بلفظ:«والخبائث» .
* * *
رِوَايَةٌ مُطَوَّلًا:
•وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ النَّجَسِ (الخبث)
(1)
الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ»، وَإِذَا خَرَجَ قَالَ:«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي» .
[الحكم]:
إسناده تالف.
[التخريج]:
[كت (مغلطاي 1/ 139 - 140)]
[السند]:
أخرجه الحاكم في (تاريخ نيسابور) - كما في (شرح ابن ماجه لمغلطاي) - قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد، حدثنا أبو بكر محمد بن ياسين، ثنا أبي، ثنا عبد السلام بن نهشل بن سعيد، عن أبيه، عن قُرَّة، عن الحسن، عن أنس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد تالف؛ مسلسل بالعلل:
الأولى: نهشل بن سعيد، قال عنه الحافظ:"متروك، وكذبه إسحاق بن راهويه"(التقريب 7198).
الثانية: محمد بن أحمد بن سعيد أبو جعفر؛ ضعفه الدارقطني، وقال الذهبي:"لا أعرفه، لكن أتى بخبر باطل، هو آفته"(الميزان 7146)، وانظر:(اللسان 6380، 6416).
(1)
كذا في طبعتي "شرح ابن ماجه"، ولعل الصواب:(الخبيث).
الثالثة: عبد السلام بن نهشل، لم نقف له على ترجمة.
الرابعة والخامسة: أبو بكر محمد بن ياسين بن النضر النيسابوري، ترجم له ولأبيه الذهبي في (تاريخ الإسلام 6/ 1051)، (6/ 227)، ولم يذكر فيهما جرحًا ولا تعديلًا.
السادسة: المخالفة، فالمحفوظ عن الحسن الإرسال، كما تقدم مرارًا، ورجحه الدارقطني في (العلل 2520).
* * *
رِوَايَةُ: اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنِّي الرِّجْسَ النَّجِسَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَى الخَلَاءَ، قَالَ:((اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنِّي الرِّجْسَ النَّجِسَ الْخَبِيثَ الْمُخْبِثَ الشَّيْطَانَ الرَّجِيمَ))، فَإِذَا خَرَجَ مِنَ الخَلَاءِ، قَالَ:((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي)).
[الحكم]:
إسناده ساقط.
[التخريج]:
[حكيم 1412]
[السند]:
قال الحكيم الترمذي في (نوادر الأصول 1412): نا صالح بن محمد، قال: نا الربيع بن بدر، عن أبان بن أبي عياش، عن أنس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ساقط؛ مسلسل بالعلل:
الأولى: صالح بن محمد: هو الترمذي، وهو متهم ساقط، انظر:(لسان الميزان 3882).
الثانية: الربيع بن بدر "متروك"، كما في (التقريب 1883).
الثالثة: أبان بن أبي عياش، "متروك" أيضًا، (التقريب 142).
* * *
662 -
حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ:
◼ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: » إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرةٌ؛ فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ، فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ».
[الحكم]:
صحيحٌ، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والنووي، ومغلطاي، وابن الملقن، والألباني، وحسن إسناده علي القاري.
[التخريج]:
[د 6 "واللفظ له" / كن 10013 - 10016 / جه 297 / حم 19286، 19331، 19332 / خز 73 / حب 1402، 1404/ ك 681 / طي 714 / ش 2، 30519 / عل 7219، 7218 / بز 4312، 4313 / طب (5/ 205/ 5100)، (5/ 208/ 5114، 5115) / طش 2694 / طع 361 - 364 / مش 515 / علت 3 / هق 459 / خط (5/ 471)، (15/ 411 - 412) / بشن 781 / محد 431 / مج 3488 / لي (رواية ابن مهدي 222) / شيو 404 / ضياء (منتقى ق 135/أ) / عوارف (2/ 314)]
[التحقيق]:
مدار الحديث على قتادة، واختلف عليه:
* فرواه عنه شعبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن زيد بن أرقم، به.
كذا رواه عن شعبة؛
محمد بن جعفر (غندر)، كما عند أحمد (19286).
وعبد الرحمن بن مهدي كما عند النسائي (الكبرى 9903).
ويزيد بن هارون كما عند ابن ماجه (297).
وحجاج بن محمد كما عند أحمد (19286).
وأبوداود الطيالسي في مسنده (714).
وغيرهم كلهم عن شعبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم، به.
وخالفهم عيسى بن يونس؛ فرواه عن شعبة عن قتادة عن القاسم الشيباني عن زيد، به.
رواه ابن حبان (1402): عن محمد بن إسحاق بن سعيد السعدي قال: حدثنا علي بن خشرم قال: عيسى بن يونس عن شعبة، به.
وهذا الوجه معلول بمخالفة عيسى لرواية الجماعة عن شعبة وهم أوثق منه وأحفظ لحديثه.
وفي الإسناد إليه نظر أيضًا؛ فإن محمد بن إسحاق السعدي هذا لم نقف له على ترجمة.
ومما يدل علي وهم رواية عيسى أَنَّ شعبة ترك حديث القاسم، قال علي ابن المديني:"سمعت يحيى (يعني القطان) وقيل له: تحفظ حديث قتادة: إن هذه الحشوش محتضرة قال: لا، فقلت له: إنما كان شعبة يحدثه عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن زيد بن أرقم، وكان ابن أبي عروبة يحدثه عن قتادة، عن القاسم بن عوف الشيباني، عن زيد بن أرقم، فقال يحيى: شعبة لو علم أنه عن القاسم بن عوف لم يحمله، قلت: لم؟ قال: إنه تركه، وقد رآه"(الضعفاء للعقيلي 3/ 380، 381).
وتابع شعبة على الوجه المحفوظ عنه منصور بن المعتمر فرواه عن قتادة عن النضر، به. أخرجه أبو الشيخ في (طبقات المحدثين 3/ 162) من طريق قبيصة عن ورقاء عن منصور به.
ولكن هذه متابعة ضعيفة؛ لضعف ورقاء في منصور، قال الحافظ:"صدوق في حديثه عن منصور لين"(التقريب 7403).
* ورواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن القاسم الشيباني، عن زيد بن أرقم، به.
كذا رواه عن ابن أبي عروبة؛
يزيد بن زُرَيْعٍ، كما عند النسائي في (الكبرى 10015).
وعبدة بن سليمان كما عند ابن أبي شيبة في (المصنف 2، 30519)، والنسائي في (الكبرى 10016) وغيرهما.
وعبد الوهاب الخفاف، كما عند أحمد (19331).
وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، كما عند ابن ماجه (297).
ومحمد بن بكر البرساني، كما عند أبي يعلى في (المسند 7218).
وغيرهم. كلهم عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن القاسم الشيباني، عن زيد بن أرقم، به.
وخالفهم إسماعيل ابن عُلَيَّةَ؛ فرواه عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن زيد، به. أخرجه النسائي في (الكبرى 10014)، والطبراني في (المعجم الكبير 5/ 205 / 5100) من طريق مؤمل بن هشام.
والطبراني في (المعجم الكبير 5/ 205 / 5100): من طريق عثمان بن
أبي شيبة.
كلاهما: عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ، به.
ولا ريب أَنَّ رواية الجماعة عن سعيد أصح، لاسيما وفيهم أصحاب سعيد والمقدمين فيه؛ كيزيد بن زُرَيْعٍ وعبدة وعبد الأعلى وعبد الوهاب.
وقد تابع ابن أبي عروبة عن قتادة بذكر القاسم الشيباني، سعيد بن بشير؛ أخرجه الطبراني في (الكبير 5114) و (الدعاء 364)، و (مسند الشاميين 2694): عن الحسن بن جرير الصوري، ثنا محمد بن عثمان التنوخي، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن القاسم بن عوف الشيباني، عن زيد بن أرقم، به.
ولكن هذه متابعة واهية لا تساوي فلسا؛ فسعيد بن بشير "ضعيف" كما في (التقريب 2276)، وروايته عن قتادة خاصة منكرة؛ وقال ابن نمير:"سعيد بن بشير منكر الحديث، وليس بشيء، ليس بقوي الحديث، يروي عن قتادة المنكرات"(الجرح والتعديل 4/ 7)، وقال الساجي:"حدث عن قتادة بمناكير"(التهذيب 4/ 10).
* ورواه هشام الدستوائي، عن قتادة، عن زيد بن أرقم، به. ولم يذكر بينهما أحدا. كذا حكاه الترمذي في (السنن عقب رقم 5). ولم نقف على هذا الطريق مسندًا.
وأما في (العلل عقب رقم 3).
* ورواه حسام بن مصك عن قتادة عن (القاسم بن ربيعة) عن زيد بن أرقم، به. كذا حكاه البزار في (مسنده 10/ 223).
وحسام هذا، قال عنه الحافظ:"ضعيف يكاد أَنْ يترك" (التقريب
1193).
* لأجل هذا الاختلاف في سنده، قد اختلف أهل العلم في الحكم عليه؛
فسئل عنه أبو زرعة فقال: "قد اختلفوا فيه؛ فأما سعيد بن أبي عروبة، فإنه يقول: عن قتادة، عن القاسم بن عوف، عن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وشعبة، يقول: عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن زيد بن أرقم، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وحديث عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، أشبه عندي
(1)
" (علل ابن أبي حاتم 13).
وقال الترمذي: "وحديث زيد بن أرقم في إسناده اضطراب؛ روى هشام الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، فقال سعيد: عن القاسم بن عوف الشيباني، عن زيد بن أرقم.
وقال هشام: عن قتادة، عن زيد بن أرقم.
ورواه شعبة، ومَعْمَر، عن قتادة، عن النضر بن أنس، فقال شعبة: عن زيد بن أرقم.
وقال مَعْمَر: عن النضر بن أنس، عن أبيه.
سألت محمدًا - يعني البخاري - عن هذا؟ فقال: يحتمل أَنْ يكون قتادة روى عنهما جميعًا" (السنن عقب رقم 5).
وقال في (العلل): "قلت لمحمد: فأي الروايات عندك أصح؟ قال: لعل قتادة سمع منهما جميعًا عن زيد بن أرقم، ولم يقض في هذا بشيء" (العلل
(1)
يعني حديث أنس السابق، الذي اتفق عليه الشيخان.
عقب رقم 3).
كأن البخاري يميل إلى تصحيح الوجهين عن قتادة، فقتادة حافظ واسع الرواية، فما المانع أَنْ يكون الحديث عنده عن رجلين عن زيد بن أرقم، وهذا القول أشبه الأقوال بالصواب.
ولهذا قال الحاكم: "كلا الإسنادين من شرط الصحيح
(1)
ولم يخرجاه بهذا اللفظ، وإنما اتفقا على حديث عبدالعزيز بن صهيب عن أنس بذكر الإستعاذة فقط".
وقال الألباني: "وهذا الذي أجاب به البخاري رحمه الله احتمالا، هو الذي نجزم به، ونطمئن إليه؛ وذلك أَنَّ قتادة ثقة حافظ ثبت، فليس بكثير عليه أَنْ يكون له في حديث واحد إسنادان فأكثر؛ كما يقع ذلك كثيرًا لأمثاله من الحفاظ، كالزُّهْرِيّ وغيره، كما يشهد بذلك من له ممارسة واضطلاع بهذا الشأن. ولذلك فإننا لا نرى إعلال الترمذي بما ذكر صوابا"(صحيح أبي داود 1/ 27).
وقال عبد الحق الإشبيلي: "اختلف في إسناد هذا الحديث، والذي أسنده ثقة"(الأحكام الوسطى 1/ 124). وأقره ابن القطان (بيان الوهم والإيهام 5/ 432).
وقال مغلطاي: "تعليل الحديث بالاضطراب على قتادة ليس قادحا؛ لاحتمال سماعه منهما، كما قال البخاري، وهما ثقتان فسواء كان عنهما أو عن أحدهما، وإلى كونه صحيحًا عنهما قال أبو حاتم البستي"، وتعقب القول الإشبيلي السابق، فقال: "وفيما قاله نظر؛ لأن الحديث لم يرم بالإرسال حتى
(1)
كلا، فإن رواية القاسم بن عوف في صحيح مسلم متابعة. انظر:(التهذيب).
يكون الحكم للثقة المسند، إنما رمي بما ذكرناه آنفًا والله أعلم" (شرح ابن ماجه 1/ 131). وبمثله قال ابن الملقن في (البدر المنير 2/ 391)، وغيره.
أما الدارقطني، فرجح طريق النضر، فقال:"ويشبه أَنْ يكون القول قول شعبة، ومن تابعه"(العلل 6/ 131/ س 2520).
وتبعه الذهبي فقال: "الأصح حديث قتادة عن النضر بن أنس بدل القاسم عن زيد"(الميزان 6828).
وطريق النضر هذا صحيح، فالنضر بن أنس، ثقة من رجال الشيخين (التقريب 7131).
وأما القاسم وهو ابن عوف الشيباني، فـ"صدوق يغرب" كما في (التقريب 5475).
ولهذا قال النووي: "أما حديث زيد بن أرقم فهو صحيح أو حسن"(الإيجاز ص 94). وقال في (خلاصة الأحكام 320): "رواه أبو داود بإسناد صحيح". وقد رواه أبو داود من طريق النضر.
وقال ابن الملقن: "حديث صحيح كما شهد له بذلك ابن حبان والحاكم من حديث زيد بن أرقم، وإن تكلم فيه غيرهما"(شرح عمدة الأحكام 1/ 427).
وصحح طريق النضر أيضًا الألباني فقال: "إسناده صحيح على شرط البخاري"(صحيح أبي داود 4).
وحسن إسناده علي القاري في (مرقاة المفاتيح 1/ 386).
* * *
رِوَايَةٌ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: «
…
فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الرِّجْسِ النَّجَسِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ».
[الحكم]:
شاذ بهذا اللفظ.
[التخريج]:
[ك 680 / طب (5/ 204/ 5099) "واللفظ لهما"].
[السند]:
قال الطبراني في (المعجم الكبير): حدثنا محمد بن محمد التمار، وعثمان بن عمر الضبي، قالا: ثنا عمرو بن مرزوق، أنا شعبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن زيد بن أرقم، به
(1)
.
وقال الحاكم: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي (ح)
وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، حدثنا محمد بن غالب، قالا: حدثنا عمرو بن مرزوق، به.
فمداره عندهما على عمرو بن مرزوق، عن شعبة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، إِلَّا أَنَّ الحديث بهذا اللفظ معل بالشذوذ؛
فقد تفرد به عمرو بن مرزوق، عن شعبة، وخالفه كل أصحاب شعبة،
(1)
كذا وقع الحديث بهذا اللفظ في (المعجم الكبير)، وقد رواه الطبراني بنفس هذا الإسناد في (الدعاء 361) ولكن باللفظ السابق، ويظهر لنا أَنَّ هذا خطأ من ناسخ كتاب (الدعاء) بسبب انتقال بصره للحديث الذي قبله، ولم يتنبه أَنَّ اللفظ متغاير.
منهم:
1، 2 - محمد بن جعفر غندر، وحجاج بن محمد الأعور، كما عند أحمد (19286).
3 -
وعبد الرحمن بن مهدي، كما عند أحمد (19332)، والنسائي في (الكبرى 10013).
4 -
وأبو داود الطيالسي في (مسنده 714).
5 -
ويزيد بن هارون، كما عند ابن ماجه (296).
6، 7 - وخالد بن الحارث، ومحمد ابن أبي عدي، كما عند ابن خزيمة (69).
8 -
والنضر بن شميل، كما عند أبي يعلى في (مسنده 7219).
وغيرهم؛ فرووه جميعًا عن شعبة به بلفظ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ» . ولم يقل أحد منهم: (الرجس النجس الشيطان الرجيم).
بل ورواه عمرو بن مرزوق نفسه في رواية أبي داود السجستاني عنه في (السنن 6) بمثل رواية الجماعة، وهذا يدل على اضطرابه فيه وعدم ضبطه له.
لاسيما وعمرو بن مرزوق "ثقة له أوهام" كما في (التقريب 5110). والله أعلم.
* * *
663 -
حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ:
◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَخَلَ الْغَائِطَ قَالَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ» .
•وفي رواية بلفظ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ» .
[الحكم]:
صحيح المتن، وهذا إسناد ضعيف جدًّا عن ابن مسعود.
[التخريج]:
[عيل (2/ 681 - 682) "واللفظ له" / خط (5/ 434)، (6/ 216 - 217) "والرواية له" / فقط (أطراف 3896) / إمام (2/ 471) / مغلطاي (1/ 134)].
[السند]:
أخرجه أبو بكر الإسماعيلي في (معجم شيوخه) - ومن طريقه الخطيب في (تاريخه 5/ 434)، وابن دقيق في (الإمام) - قال: أخبرني عبد الله بن محمد بن ياسين أبو الحسن - ثبت صاحب حديث -، حدثنا أحمد بن عبد الجبار السكوني بغدادي، قال: حدثنا أبو يوسف القاضي، عن أبي إسحاق الشيباني، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، به.
ورواه مغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 134) من طريق ابن ياسين، عن أحمد بن عبد الجبار، به.
ورواه الدارقطني في (الأفراد) - كما في (الأطراف 3896) -، والخطيب في (تاريخه 6/ 216): من طريق أحمد بن محمد بن عيسى السكوني (وقيل: أحمد بن عيسى السكوني)، قال: حدثنا أبو يوسف
القاضي، به.
قال الدارقطني: "غريب من حديث أبي الأحوص عن عبد الله، وهو غريب من حديث أبي إسحاق الشيباني عنه، تفرد به أحمد بن محمد السكوني، عن أبي يوسف القاضي، عنه"(تاريخ بغداد 6/ 216)، (أطراف الأفراد 3896).
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ أحمد بن محمد بن عيسى السكوني، قال عنه الدارقطني:"متروك"(تاريخ بغداد 6/ 216).
وهو هو أحمد بن عبد الجبار السكوني، كما قال الحافظ في (لسان الميزان 1/ 640)، وعلل ذلك قائلا:"فإن الحديث الذي رواه عنه هؤلاء كلهم حديث واحد من روايته، عن أبي يوسف، عن أبي إسحاق الشيباني، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود في القول عند دخول الخلاء، وهو حديث غريب بهذا الإسناد. وقد ذكر الدارقطني في (الأفراد) أَنَّ السكوني تفرد به".
وبهذا يتعقب على البدر العيني في قوله: "روى الإسماعيلي في معجمه بسند جيد عن عبد الله بن مسعود
…
" فذكره (عمدة القاري 2/ 272).
* * *
664 -
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ؛ فَإِذَا دَخَلَهَا أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ)).
[الحكم]:
صحيح المتن من حديث زيد بن أرقم، وإسناده منكرٌ من حديث ابن عباس.
[التخريج]:
[مجر (1/ 170) / عد (1/ 467) "واللفظ لهما"].
[السند]:
أخرجه ابن حبان في (المجروحين 1/ 170)، وابن عدي في (الكامل 1/ 467)، كلاهما: عن أحمد بن العباس الهاشمي، حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي، ثنا روح بن عبادة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ آفته: أحمد بن العباس الهاشمي، قال عنه الدارقطني:"متروك"(الضعفاء والمتروكون 60)، وقال الذهبي:"ساقط"(ديوان الضعفاء 54).
وذكره ابن حبان وقال: "ذهبت إليه بالبصرة في بني مناف فرأيته يقلب الأخبار، ويهم في الآثار الوهم الفاحش والقلب الوخش
(1)
لا يحل الاحتجاج به بحال. سألته أَنْ يملي علي فأملى علي أحاديث أكثرها
(1)
- الوخش الرديء من كل شيء (القاموس المحيط).
مقلوبة
…
". ثم ذكر هذا الحديث وغيره، وقال: "في أشياء أملى علي مثل ما وصفت، ليس يخلو أمره من أحد شيئين: إما أَنْ يكون أقلبت له هذه الأشياء وكان يحدث بها، أو كان يهم فيها حتى يجئ بها مقلوبة. وعلى الحالين جميعًا لا يحل الاحتجاج به بحال".
وقال ابن عدي: "كتبت عنه بالبصرة حدث عن يحيى بن حبيب بن عربي بأحاديث بإسناد واحد، (منكرة)
(1)
بذلك الإسناد". ثم ذكر هذا الحديث، وقال: "وهذا الحديث يرويه قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم" (الكامل 51).
وقال ابن القيسراني: "وأحمد هذا منكر الحديث يركب المتن المشهور وإسناده غير إسناده"(ذخيرة الحفاظ 2/ 986).
قلنا: وهذا الحديث يدل على أنه كان يقلب الأسانيد؛ فإن الصواب في هذا الإسناد عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم كما تقدم.
* * *
(1)
في مطبوع "الكامل": (منكر)، والتصويب من "مختصر الكامل" للمقريزي (ص 113).
رواية: "فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ
…
".
• وَفِي رِوَايَةٍ: «إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ؛ فَإِذَا دَخَلَهَا أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا» .
[الحكم]:
منكر سندًا ومتنًا.
[التخريج]:
[مجر (1/ 154)].
[السند]:
قال ابن حبان في (المجروحين): أخبرنا أحمد بن العباس بن عيسى، عن يحيى بن حبيب بن عربي، ثنا روح بن عبادة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به.
[التحقيق]:
كذا وقع هذا الحديث بهذا السياق في (المجروحين) لابن حبان، وإسناده ضعيف جدًّا؛ فهو نفس إسناد سابقه؛ فيه أحمد بن العباس وهو متروك، كما سبق.
ولكن هذا الدعاء إنما يقال عند جماع الرجل أهله، كما في الصحيحين من حديث ابن عباس.
وكذا رواه ابن عدي في (الكامل 1/ 467) عن أحمد بن العباس هذا بنفس سند ابن حبان، إِلَّا أنه ذكره باللفظ المحفوظ: «إذا أتى أحدكم أهله فليقل:
…
».
قال الحافظ: "وهذا هو المعروف بهذا المتن وإن كان الإسناد مقلوبا"
(لسان الميزان 1/ 492).
قلنا: يظهر أَنَّ ما في "المجروحين" لابن حبان، خطأ من أحد النساخ، بسبب انتقال بصره إلى الحديث الذي بعده، وإنما يتحمل أحمد بن العباس الهاشمي تبعة الإسناد المقلوب فحسب. والله أعلم.
* * *
665 -
حَدِيثُ الْحَسَنِ مُرْسَلًا:
◼ عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ، الرِّجْسِ النَّجِسِ، الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» .
[الحكم]:
ضعيف؛ لإرساله.
[التخريج]:
[مد 2 "واللفظ له" / ضبع 37].
[السند]:
قال أبو داود في (المراسيل): حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، أخبرنا هشام بن حسان، عن الحسن، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، إِلَّا أنه ضعيف لإرساله، فالحسن تابعي مشهور، ومراسيل الحسن عند فريق من العلماء من أضعف المراسيل.
ورواه محمد بن فضيل الضبي في (الدعاء 37): عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، به مرسلًا أيضًا.
وإسماعيل بن مسلم: هو المكي ضعيف، ولكن متابع.
وقد رواه إسماعيل - أيضًا - عن الحسن عن أنس، لكن قال الدارقطني في (العلل 2520) أَنَّ الصحيح عن الحسن هو المرسل.
* * *
666 -
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:
◼ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ، قَالَ:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ وَالنَّجَسِ وَالْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» ، وَإِذَا خَرَجَ قَالَ:«الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَذَاقَنِي لَذَّتَهُ وَأَبْقَى فِيَّ قُوَّتَهُ وَأَذْهَبَ عَنِّي أَذَاهُ» .
[الحكم]:
ضعيفٌ جدًّا، وضعفه المنذري، وابن سيد الناس، وابن الملقن، والعراقي، وابن الجزري، وابن حجر، والعيني، والسيوطي، والمناوي، والصنعاني، والألباني.
[التخريج]:
[طع 367، 370 مفرقًا / سني 20 واللفظ له / فكر (1/ 198)، (1/ 219) / معمري (يوم - فكر 1/ 219)].
[السند]:
قال الطبراني: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا عبد الحميد بن صالح. (ح) وحدثنا أحمد بن بشير الطيالسي، ثنا خالد بن مرداس السراج، قالا: ثنا حبان بن علي، عن إسماعيل بن رافع، عن دويد بن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه، به.
ومداره عندهم على حبان بن علي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: إسماعيل بن رافع أبو رافع، قال الحافظ:" ضعيف"(التقريب 442)
وقال فيه الذهبي: " ضعيف واهٍ"(الكاشف 372)، وقال النسائي:" متروك الحديث"(الضعفاء 32).
الثانية: حبان بن علي، "ضعيف"(التقريب 1076).
الثالثة: الانقطاع، قال الحافظ:"وأما دويد فوثق، لكنه لم يسمع من ابن عمر، ففي الإسناد ضعف وانقطاع"(نتائج الأفكار 1/ 219) وقال أيضًا: "ورأيت له رواية عن ابن عمر فقيل مرسلة"(تهذيب التهذيب 405).
والحديث ضعفه المنذري في (مختصر السنن 1/ 33)، وابن سيد الناس في (النفح الشذي 1/ 85)، وابن الملقن في (البدر المنير (2/ 395، 396)، والعراقي كما في (فيض القدير للمناوي 5/ 128)، وابن الجزري في (النشر في القراءات العشر 1/ 251)، والعيني في (شرح أبي داود 1/ 110)، والسيوطي في (الجامع الصغير 6668)، والمناوي في (التيسير 2/ 247)، والصنعاني في (سبل السلام 1/ 116، 117)، والألباني في (الضعيفة 4187).
وسيأتي في باب (ما يقول إذا خرج من الخلاء)، وقد تقدم شطره الأول عن أنس وهو ضعيف أيضًا.
* * *
667 -
حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ:
◼عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَعْجِزْ أَحَدُكُمْ إِذَا دَخَلَ مِرْفَقَهُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ النِّجْسِ، الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ، الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» .
•وفي رواية: قَال: إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ فَلْيَقُلِ:
…
».
[الحكم]:
ضعيفٌ جدًّا، وضعفه ابن طاهر المقدسي، والضياء، ومغلطاي، وابن الملقن، والبوصيري، وابن حجر، والعيني، والألباني.
[التخريج]:
[جه 301 "واللفظ له"، (زوائد أبي الحسن القطان عقبه) / طب (8/ 210/ 7849) / طع 366 / عد (8/ 74) "والرواية له" / فكر (1/ 199 - 200)].
[السند]:
قال ابن ماجه (301): حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، به.
ورواه أبو الحسن القطان في (زوائده على سنن ابن ماجه)، والطبراني في (الكبير 7849)، و (الدعاء 366) - ومن طريقه ابن حجر في (النتائج) -: من طريق سعيد ابن أبي مريم، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: علي بن يزيد الألهاني، وهو ضعيف كما في (التقريب 4817). لاسيما روايته عن القاسم، قال يحيى بن معين:"علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة هي ضعاف كلها"(تهذيب الكمال 21/ 179).
وبه ضعفه ابن طاهر المقدسي، فقال:"رواه على بن يزيد (الألهاني) الدمشقي: عن القاسم، عن أبي أمامة. وعلى متروك الحديث"(ذخيرة الحفاظ 287).
الثانية: عبيد الله بن زحر، قال عنه الحافظ:"صدوق يخطئ"(التقريب 4290)، لاسيما روايته عن علي بن يزيد، قال ابن حبان:"منكر الحديث جدًّا، يروي الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات"(المجروحين 2/ 29).
وبهاتين العلتين ضعفه الضياء المقدسي في (السنن والأحكام 112)، وابن الملقن في (البدر المنير 2/ 393).
وقال مغلطاي: "هذا الحديث إسناده ضعيف؛ لضعف رواته"(شرح ابن ماجه 1/ 133).
وقال الحافظ: "على بن يزيد هو الألهاني ضعيف وفي شيخه والراوي عنه مقال"(نتائج الأفكار 1/ 200).
وقال البوصيري: "هذا إسناد ضعيف"(مصباح الزجاج 1/ 44).
وقال البدر العيني: "سنده ضعيف"(عمدة القاري 4/ 102).
وقال الألباني: "هذا إسناد واهٍ"(الضعيفة 4189).
قلنا: وقد وقفنا لابن زحر هذا على متابعة؛
أخرجها ابن عدي في (الكامل 8/ 74) قال: حدثنا محمد بن بشر القزاز، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا عمرو بن واقد، عن علي بن يزيد الألهاني، به.
ولكن هذه متابعة واهية لا تساوي فلسا؛ فإن عمرو بن واقد هذا: "متروك" كما في (التقريب 5132).
* * *
668 -
حَدِيثُ عَلِيٍّ وَبُرَيْدَةَ:
◼ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ، قَالَ:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ النَّجِسِ الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» ، وَكَانَ إِذَا خَرَجَ، قَالَ:«غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ» .
[الحكم]:
ضعيف جدًّا، وضعفه ابن عدي، وابن سيد الناس، وابن حجر، والمناوي، والألباني.
[التخريج]:
[عد (4/ 74) / فكر (1/ 199)]
[السند]:
قال ابن عدي في (الكامل) - ومن طريقه ابن حجر في (النتائج) -: حدثنا محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الحراني، حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الله بن زاررة، حدثني أبي، حدثني حفص بن عمر بن ميمون، حدثنا المنذر بن ثعلبة، عن علباء بن أحمر عن علي، وعن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه حفص بن عمر بن ميمون وهو ضعيف كما في (التقريب 1420).
قال ابن عدي: "وهذا الحديث قد جمع صحابيين؛ عليًّا وبريدة، وجميعًا غريبان في هذا الباب؛ ما أظن رواهما غير حفص بن عمر هذا؛ ولحفص بن
عمر الفرخ أحاديث غير هذا، وعامة حديثه غير محفوظ، وأخاف أَنْ يكون ضعيفًا كما ذكره النسائي" (الكامل 508). وأقره ابن سيد الناس في (النفح الشذي 1/ 78).
وقال الحافظ: "حديث غريب، أخرجه ابن عدي في (الكامل) في ترجمة حفص بن عمر، وضعفه"(نتائج الأفكار 1/ 199).
وقال المناوي: "إسناد ضعيف"(فيض القدير 5/ 163).
وقال الألباني: "ضعيف جدًّا"(الضعيفة 4190).
* * *
669 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ: ((يَا ذَا الْجَلَالِ)).
[الحكم]:
ضعيف، وضعفه السيوطي، والألباني.
[التخريج]:
[سني 19].
[السند]:
قال ابن السني في (عمل اليوم والليلة): أخبرني أبو يحيى الساجي، قال: حدثنا عبد الله بن الصباح العطار، قال: حدثنا الحسن بن حبيب بن ندبة، عن زكريا بن أبي زائدة، عن (البهي)
(1)
، عن عائشة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: البهي، واسمه عبد الله:"صدوق يخطئ" كما في (التقريب 3723).
وفي سماعه من عائشة مقال؛ سئل أحمد بن حنبل هل سمع من عائشة رضي الله عنها؟ قال: "ما أرى في هذا شيئًا، إنما يروي عن عروة"، وقال: في حديث (زائدة عن السدي عن البهي قال حدثتني عائشة): "كان عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - قد سمعه من زائدة فكان يدع فيه حدثتني عائشة
(1)
تحرف في ط دار البيان إلى: "النخعي"، والصواب المثبت كما في ط دار الكوثر، وط دار ابن حزم.
وينكره" (جامع التحصيل 408).
لكن جزم البخاري في (التاريخ الكبير 5/ 56) بسماعه منها، وأخرج مسلم لعبد الله البهي عن عائشة رضي الله عنها حديثًا. قال العلائي:"وكأن ذلك على قاعدته"(جامع التحصيل 408).
وقد تحرف اسمه في بعض طبعات الكتاب إلى (النخعي)، ولذا قال الألباني:"وهذا إسناد ضعيف؛ لأن الظاهر أَنَّ النخعي هذا: هو إبراهيم بن يزيد النخعي، ولم يثبت سماعه من عائشة"(الضعيفة 4188).
الثانية: زكريا بن أبي زائدة وإن كان ثقة إِلَّا أنه كان يدلس (التقريب 2022) وقد عنعن.
والحديث رمز لضعفه السيوطي في (الجامع الصغير)، كما في (التنوير للصنعاني 8/ 382).
* * *