الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
96 - باب الْإِبْعَادُ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ
618 -
حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ:
◼ عَنْ المُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه، قَالَ: "كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَقَالَ:«يَا مُغِيرَةُ خُذِ الإِدَاوَةَ» ، فَأَخَذْتُهَا، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَوَارَى عَنِّي [فِي سَوَادِ اللَّيْلِ]، فَقَضَى حَاجَتَهُ،
…
" الحديث.
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م).
[التخريج]:
[خ 363 "واللفظ له"، 5799 "والزيادة له ولمسلم" / م (274/ 77، 79) / ش 1143، 1870 / ن 85 / كن 105، 138، 9664، 9782 / حم 18170، 18190، 18196، 18235 / مي 731 / عه 560 - 562، 770، 776 / طب (20/ 371 / 864)، (20/ 372 / 868)، (20/ 373 / 870)، (20/ 398/ 944)، (20/ 418 / 1007)، (20/ 425 / 1029) / طس 3525 / مش (مط 4315) / طح (14/ 327 - 330/ 5653، 5654) / لف 100 / مسن 630، 631 / هق 1348، 4192 / بغ 235 / نبغ 779 / بغت (3/ 23 - 24) / عساكر (بلدانية ص 156) / خطل (2/ 862 - 863)، (2/ 865) / محد 1060 / أصبهان (2/ 355) / صحا 6229 / كر (40/ 297)، (60/ 28)]
[السند]:
أخرجه البخاري (363): عن يحيى (وهو يحيى بن جعفر البيكندى).
وأخرجه مسلم (274/ 77): عن أبي بكر بن أبي شيبة، وأبي كريب.
ثلاثتهم: عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن مغيرة بن شعبة، به.
مسلم: هو ابن صبيح أبو الضحى، ومسروق: هو ابن الأجدع.
وأخرجه البخاري (5799) أيضًا: عن أبي نعيم (الفضل بن دكين).
وأخرجه مسلم (274/ 79): عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه.
كلاهما (أبو نعيم وابن نمير): عن زكريا (بن أبي زائدة)، عن عامر (الشعبي)، عن عروة بن المغيرة، عن أبيه، به. وذكرا الزيادة.
* * *
رواية: فتغيب عني حتى ما أراه:
• وَفِي رِوَايَةٍ، قال: ((
…
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ السَّحَرِ، ضَرَبَ عُنُقَ رَاحِلَتِي، فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ حَاجَةً، فَعَدَلْتُ مَعَهُ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى بَرَزْنَا عَنِ النَّاسِ، فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ، فَتَغَيَّبَ عَنِّي حَتَّى مَا أَرَاهُ، فَمَكَثَ طَوِيلًا، ثُمَّ جَاءَ،
…
)) الحديث.
[الحكم]:
إسناده صحيح، وصححه السيوطي.
[التخريج]:
[كن 213 / حم 18134 "واللفظ له"، 18182 / طب (20/ 427/
1033) / سعد (3/ 119) / عف (عنبري 71) / بلا (10/ 32 - 33) / ضياء (صلاة 15) / خطل (2/ 871 - 872)، (2/ 872 - 873)، (2/ 874 - 875) / تمهيد (11/ 159 - 160) / كر (35/ 258 - 259) / كما (22/ 291 - 292)]
[السند]:
أخرجه أحمد (18134، 18182) قال: حدثنا إسماعيل، أخبرنا أيوب، عن محمد (بن سيرين)، عن عمرو بن وهب الثقفي، به.
وأخرجه النسائي: عن زياد بن أيوب، عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ، عن أيوب السختياني، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح؛ رجاله ثقات رجال الشيخين، عدا عمرو بن وهب الثقفي فمن رجال النسائي، وثقه ابن سعد والنسائي والعجلي وابن حبان، (تهذيب التهذيب 8/ 117). واعتمده الحافظ في (التقريب 5135).
وقد صحح هذه الرواية السيوطي في (الخصائص الكبرى 1/ 458).
وسيأتي تامًا في باب: "المسح على الخفين".
* * *
رِوَايَةُ: إِذَا تَبَرَّزَ تَبَاعَدَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَبَرَّزَ تَبَاعَدَ» .
[الحكم]:
صحيح بشواهده، وهذا إسناد رجاله ثقات، وصححه ابن المنذر، والألباني، ولكن المحفوظ من هذا الوجه أنه حينما أراد الحاجة تباعد، دون لفظة (كان) الدالة على التكرار، وإن كانت ثابتة من حديث أبي سلمة عن المغيرة، كما سيأتي.
[التخريج]:
[مي 679 / حميد 395 "واللفظ له" / طب (20/ 440/ 1072) / طس 6292، 7716 / منذ 249 / خطل (2/ 874) / مديني (عوالي 42)]
[السند]:
أخرجه الدارمي وعبد بن حميد، قالا - والسياق لعبد بن حميد -: أخبرنا أبو نعيم، حدثنا جرير بن حازم، قال: سمعت محمد بن سيرين، حدثني عمرو بن وهب الثقفي، عن المغيرة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، ظاهره الصحة، ولذا قال ابن المنذر:"ثابت عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد حاجته أبعد في المذهب"، ثم أسنده من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن المغيرة، ثم من طريق أبي نعيم، عن جرير، عن ابن سيرين، عن عمرو بن وهب، عن المغيرة. (الأوسط 1/ 433).
وقال الألباني: "إسناده صحيح"(الصحيحة 3/ 149).
قلنا: ولكن المحفوظ من هذا الوجه أنه حينما أراد الحاجة تباعد، كما تقدم في الرواية السابقة، دون لفظة (كان) الدالة على التكرار، وإن كانت ثابتة من حديث أبي سلمة عن المغيرة، كما في الرواية التالية.
* * *
رِوَايَةُ: كَانَ إِذَا ذَهَبَ الْمَذْهَبَ أَبْعَدَ:
• وفي رواية، عَنِ الْمُغِيرَةِ، قال:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا ذَهَبَ الْمَذْهَبَ (لِحَاجَتِهِ) أَبْعَدَ [فِي الْمَذْهَبِ]» .
[الحكم]:
إسناده حسن، وصححه الترمذي، وابن المنذر، والحاكم، والنووي، والألباني.
[اللغة]:
قال البغوي: "قوله: «أبعد» أي: أمعن في الذهاب، قال أبو عبيد: يقال لموضع الغائط: الخلاء، والمذهب، والمرفق، والمرحاض"(شرح السنة 1/ 373).
[التخريج]:
[د 1 "واللفظ له" / ت 19 / ن 17 / كن 17 / جه 333 / حم 18171 / مي 678/ خز 53 / ك 494 / طب (20/ 436 - 437/ 1062 - 1065) / منذ 248 / جا 26 "والزيادة والرواية له" / هق 448 / هقغ 62 / بغ 184 / جع 197 / سبكي (ص 255 - 256) / سنبل 3]
[السند]:
أخرجه أحمد: عن محمد بن عبيد.
وأبو داود: عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي.
والترمذي: عن محمد بن بشار، عن عبد الوهاب الثقفي.
والنسائي وابن خزيمة: عن علي بن حجر، عن إسماعيل بن جعفر. وهو في حديث علي بن حجر عن إسماعيل بن جعفر (197).
وأخرجه الحاكم: من طريق قُتَيْبَة بن سعيد، وإبراهيم بن موسى، عن إسماعيل بن جعفر.
وأخرجه ابن ماجه: عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ.
والدارمي وغيره: عن يعلى بن عبيد.
وابن الجارود: عن محمد بن يحيى الذهلي، عن يزيد بن هارون.
كلهم: عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن المغيرة بن شعبة، به.
فمداره عند الجميع على محمد بن عمرو، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد حسن؛ محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص، روى له البخاري مقرونًا ومسلم في المتابعات، وقال الذهبي:"شيخ مشهور حسن الحديث مكثر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قد أخرج له الشيخان متابعة"(الميزان 3/ 673)، وقال الحافظ ابن حجر:"صدوق له أوهام"(التقريب 6188).
وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف القرشي أحد الأعلام، قال عنه الحافظ:"ثقة مكثر"(التقريب 8142)، وقال الذهبي:"أحد الأئمة"(الكاشف 6661).
ولذا قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
قال ابن المنذر: "ثابت عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد حاجته أبعد في المذهب"، ثم أسنده من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن المغيرة. (الأوسط 1/ 433).
وقال الحاكم: "حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه".
قلنا: ليس على شرط مسلم فإن مسلمًا لم يخرج لمحمد بن عمرو احتجاجًا، بل أخرج له في المتابعات.
وصححه النووي في (المجموع 2/ 77)، وفي (شرح أبي داود)، وقال:"فإن قيل: كيف حكمتم بصحته وفي إسناده محمد بن عمرو بن علقمة؟! فالجواب: إنه لم يثبت في ابن علقمة قادح مفسر"(الإيجاز في شرح سنن أبي داود ص 80).
وصححه الألباني في (الصحيحة 1159).
[تنبيه]:
لحديث المغيرة هذا ألفاظ وروايات كثيرة، اقتصرنا هنا على ما يشهد للباب، وسيأتي إن شاء الله تخريجه برواياته أوسع مما هاهنا في باب:"مشروعية المسح على الخفين في السفر والحضر"، كما تقدم بعض رواياته في باب:"المسح على الناصية".
* * *
619 -
حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي قُرَادٍ:
◼ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي قُرَادٍ رضي الله عنه، قَالَ:«خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَاجًّا فَرَأَيْتُهُ خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ، فَاتَّبَعْتُهُ بِالْإِدَاوَةِ، أَوِ الْقَدَحِ فَجَلَسْتُ لَهُ بِالطَّرِيقِ، وَكَانَ إِذَا أَتَى حَاجَتَهُ أَبْعَدَ» .
[الحكم]:
صحيح المتن، وهذا الحديث فيه اضطراب كثير يمنع من الحكم عليه بالصحة، وإن صححه ابن خزيمة والسيوطي والألباني، وحسنه الحافظ والمناوي.
[التخريج]:
[ن 16 / كن 17 / جه 336 / حم 15660، 15661، 17971 "واللفظ له"، 18075 / عم 17971 / خز 54 / ش 1135 / بز (مغلطاي 1/ 204) / مث 2722، 2723 / قا (2/ 146) / مخلص 149 / تخث (السفر الثاني 1234، 2547) / صبغ 2690 / صحا 4638 / مشب 896 / أسد (3/ 484) / كما (17/ 353)].
[السند]:
قال أحمد (17971): حدثنا يحيى بن سعيد، عن أبي جعفر الخطمي، قال: حدثني عمارة بن خزيمة، والحارث بن فضيل، عن عبد الرحمن بن أبي قراد، به.
ومداره عند الجميع على يحيى بن سعيد القطان، عن أبي جعفر الخطمي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، أبو جعفر الخطمي عمير بن يزيد؛ وثقه ابن معين
وابن نمير والنسائي والعجلي وابن حبان والطبراني، وقال ابن مهدي:"كان أبو جعفر وأبوه وجده قوما يتوارثون الصدق بعضهم عن بعض"، انظر:(تهذيب التهذيب 8/ 151)، وقال الذهبي:"ثقة"(الكاشف 4290)، وقال الحافظ:"صدوق"(التقريب 5190).
وأما الحارث بن فضيل وعمارة بن خزيمة؛ فثقتان كما في (التقريب 1042، 4844).
ولذا صححه ابن خزيمة، والسيوطي في (الجامع الصغير 6545)، والألباني في (الصحيحة 3/ 149)، و (صحيح أبي داود 1/ 23).
وحسنه الحافظ في (الإصابة 6/ 555)، والمناوي في (التيسير 2/ 236).
وقال الهيثمي: "ورجاله ثقات"(المجمع 1167).
قلنا: ولكن قد اضطرب أبو جعفر في هذا الحديث اضطرابًا كبيرًا في سنده ومتنه، انظر الكلام عليه بالتفصيل في باب:"ما روي في الاقتصار على مَسْحِ الْقَدَمَيْنِ فِي الْوُضُوءِ".
* * *
620 -
حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ:
◼ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، وَكَانَ لَا يَأْتِي الْبَرَازَ حَتَّى يَتَغَيَّبَ فَلَا يُرَى، فَنَزَلْنَا بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ لَيْسَ فِيهَا شَجَرَةٌ وَلَا عَلَمٌ، فَقَالَ:«يَا جَابِرُ اجْعَلْ فِي إِدَاوَتِكَ مَاءً ثُمَّ انْطَلِقْ بِنَا» قَالَ: فَانْطَلَقْنَا حَتَّى لَا نُرَى، فَإِذَا هُوَ بِشَجَرَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُ أَذْرُعٍ فَقَالَ:«يَا جَابِرُ انْطَلِقْ إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَقُلْ: يُقُولُ لَكِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الْحَقِي بِصَاحِبَتِكِ حَتَّى أَجْلِسَ خَلْفَكُمَا» ، فَرَجَعَتْ إِلَيْهَا، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلْفَهُمَا [حَتَّى قَضَى حَاجَتَهُ] 1، ثُمَّ رَجَعَتَا إِلَى مَكَانِهِمَا.
فَرَكِبْنَا مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَسُولُ اللَّهِ بَيْنَنَا كَأَنَّمَا عَلَيْنَا الطَّيْرُ تُظِلُّنَا، فَعَرَضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ مَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَقَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّ ابْنِي هَذَا يَأْخُذُهُ الشَّيْطَانُ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَ مِرَارٍ، قَالَ: فَتَنَاوَلَ الصَّبِيَّ فَجَعَلَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُقَدَّمِ الرَّحْلِ، ثُمَّ قَالَ:«اخْسَ عَدُوَّ اللَّهِ، أَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، اخْسَ عَدُوَّ اللَّهِ أَنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا» ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيْهَا فَلَمَّا قَضَيْنَا سَفَرَنَا، مَرَرْنَا بِذَلِكَ الْمَكَانِ فَعَرَضَتْ لَنَا الْمَرْأَةُ مَعَهَا صَبِيُّهَا، وَمَعَهَا كَبْشَانِ تَسُوقُهُمَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْبَلْ مِنِّي هَدِيَّتِي، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عَادَ إِلَيْهِ بَعْدُ، فَقَالَ:«خُذُوا مِنْهَا وَاحِدًا وَرُدُّوا عَلَيْهَا الْآخَرَ» .
قَالَ: ثُمَّ سِرْنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَنَا كَأَنَّمَا عَلَيْنَا الطَّيْرُ تُظِلُّنَا، فَإِذَا جَمَلٌ نَادٌّ حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ سِمَاطَيْنِ خَرَّ سَاجِدًا، فَحَبَسَ (فَوَقَفَ) 1 رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ عَلَيَّ النَّاسَ:«مَنْ صَاحِبُ الْجَمَلِ؟ » فَإِذَا فِتْيَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالُوا: هُوَ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«فَمَا شَأْنُهُ؟ » . قَالُوا: اسْتَنَيْنَا عَلَيْهِ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَتْ بِهِ شُحَيْمَةٌ فَأَرَدْنَا أنْ نَنْحَرَهُ فَنَقْسِمَهُ بَيْنَ غِلْمَانِنَا، فَانْفَلَتَ مِنَّا، قَالَ:«بِيعُونِيهِ» قَالُوا: لَا، بَلْ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ
اللَّهِ، قَالَ:«أَمَّا لَا، فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَهُ أَجَلُهُ» قَالَ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ ذَلِكَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَحْنُ أَحَقُّ بِالسُّجُودِ لَكَ مِنَ الْبَهَائِمِ، قَالَ:«لَا يَنْبَغِي لِشَيْءٍ أَنْ يَسْجُدَ لِشَيْءٍ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَانَ النِّسَاءُ (لَأَمَرْتُ النِّسَاءَ) 2 [يَسْجُدْنَ] 2 لِأَزْوَاجِهِنَّ» .
• وفي رواية مختصرا: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ الْبَرَازَ انْطَلَقَ (أَبْعَدَ)، حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ» .
[الحكم]:
ضعيف بهذا السياق والتمام، واستغربه الدارقطني، وضعفه النووي، والمنذري، ومغلطاي، وابن حجر، والبوصيري، والشوكاني، والمباركفوري، والألباني.
والتباعد عند قضاء الحاجة صحيح بما تقدم من شواهد.
[التخريج]:
[د 2 "والسياق المختصر له ولغيره" / جه 337 "مقتصرًا على أوله" / مي 18 "والسياق المطول له" / ك 495 / ش 8879، 1144، 32413، 17417 / حميد 1053 "والزيادة الثانية والرواية الثانية له" / مش (خيرة 6466) / حق (مط 3800)، (خيرة 6466) "والرواية الأولى له" / سراج 16 / منذ 253 / هق 449 "والزيادة الأولى له" / هقل (6/ 18 - 19) / هقا (1/ 332) / عد (1/ 279) / بغ 185 / نبغ 503 / كر (14/ 20) / سبكي (ص 256) / إسحاق (ص 278) / تمهيد (1/ 223) / كر (4/ 373 - 374) / أسلم 36 / إمالة (ص 44 - 45) / فقط (أطراف 1762)]
[السند]:
رواه إسحاق بن راهويه وأبو بكر بن أبي شيبة - وعنه ابن ماجه -، وعبد بن حميد، والدارمي، وغيرهم: عن عبيد الله بن موسى، عن إسماعيل بن عبد الملك، به. مطولًا.
ورواه أبوداود: عن مسدد، حدثنا عيسى بن يونس، أخبرنا إسماعيل بن عبد الملك، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، به. مختصرا.
ومداره عند الجميع على إسماعيل بن عبد الملك، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لضعف إسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصفيراء وقيل الصفير؛ ضعفه أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي وأبو داود وابن حبان والساجي وابن عمار، (تهذيب التهذيب 1/ 316 - 317)، وقال الحافظ:"صدوق كثير الوهم"(التقريب 465).
ولذا قال الدارقطني: "غريب من حديثه عن جابر، تفرد به إسماعيل .. "(أطراف الغرائب والأفراد 1762).
وقال النووي: "رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد فيه ضعف يسير، وسكت عليه أبو داود فهو حسن عنده"(المجموع 2/ 77).
وأغرب في (شرح أبي داود) فقال: "وحديث جابر صحيح"! ! (الإيجاز ص 80)، إِلَّا أَنَّ يريد أنه صحيح لشواهده.
وقال المنذري: "في إسناده إسماعيل بن عبد الملك الكوفي
…
، وقد تكلم فيه غير واحد" (مختصر سنن أبي داود 1/ 14)، وأقره المباركفوري في (تحفة الأحوذي 1/ 79).
وقال مغلطاي: "هذا حديث إسناده ضعيف؛ لضعف راويه إسماعيل بن عبد الملك"(شرح ابن ماجه 1/ 204).
وقال الحافظ ابن حجر: "وإسماعيل سيئ الحفظ. وقد ذكر الدارقطني أنه تفرد بهذا الحديث بطوله"(المطالب العالية 15/ 496)، وبمثله قال البوصيري في (إتحاف الخيرة 7/ 99).
وبه ضعفه أيضًا: الشوكاني في (نيل الأوطار 1/ 101).
وقال الألباني: "هذا إسناد ضعيف؛ لأن إسماعيل بن عبد الملك وهو ابن أبي الصفير صدوق كثير الوهم، وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه. لكن الحديث صحيح بشواهده التي قبله"(السلسلة الصحيحة 3/ 149)، وبنحوه في (صحيح أبي داود 1/ 22 - 23).
وأغرب الحافظ ابن كثير فقال: "هذا إسناد جيد رجاله ثقات"!! (البداية والنهاية 9/ 17).
وقال الصالحي الشامي: "رجاله ثقات"!! (سبل الهدى والرشاد 9/ 497).
هذا والتباعد عند قضاء الحاجة صحيح كما تقدم، وكذا لبقية متنه شواهد، سيأتي بيانها إن شاء الله.
* * *
رِوَايَةُ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: خَرَجْنَا فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِحَرَّةِ وَاقِمٍ عَرَضَتِ امْرَأَةٌ بَدَوِيَّةٌ بِابْنٍ لَهَا، فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا ابْنِي قَدْ غَلَبَنِي عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ، فَقَالَ:«أَدْنِيهِ مِنِّي» ، فَأَدْنَتْهُ مِنْهُ، فَقَالَ:«افْتَحِي فَمَهُ» ، فَفَتَحَتْهُ، فَبَصَقَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ:«اخْسَأْ عَدُوَّ اللَّهِ، وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ» - قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ -، ثُمَّ قَالَ:«شَأْنُكِ بِابْنِكِ، لَيْسَ عَلَيْهِ بَأْسٌ، فَلَنْ يَعُودَ إِلَيْهِ شيء مِمَّا كَانَ يُصِيبُهُ» .
ثُمَّ خَرَجْنَا فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، ضَحْوًا دَيْمُومَةٌ لَيْسَ فِيهَا شَجَرَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِجَابِرٍ:«يَا جَابِرُ، انْطَلِقْ فَانْظُرْ لِي مَكَانًا» - يَعْنِي لِلْوُضُوءِ -، فَخَرَجْتُ أَنْطَلِقُ، فَلَمْ أَجِدْ إِلَّا شَجَرَتَيْنِ مُفْتَرِّقَتَيْنِ، لَوْ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَتَا سَتَرَتَاهُ، فَرَجَعْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْتُ شَيْئًا يَسْتُرُكَ إِلَّا شَجَرَتَيْنِ مُتَفَرِّقَتَيْنِ لَوْ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَتَا سَتَرَتَاكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«انْطَلِقْ إِلَيْهِمَا، فَقُلْ لَهُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَكُمَا: اجْتَمِعَا» قَالَ: فَخَرَجْتُ، فَقُلْتُ لَهُمَا، فَاجْتَمَعَا حَتَّى كَأَنَّهُمَا فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ:«ائْتِهِمَا، فَقُلْ لَهُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: ارْجِعَا كَمَا كُنْتُمَا، كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلَى مَكَانِهَا» ، فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ لَهُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَكُمَا: «ارْجِعَا كَمَا كُنْتُمَا» ، فَرَجَعَتَا.
ثُمَّ خَرَجْنَا فَنَزَلْنَا فِي وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ بَنِي مُحَارِبٍ، فَعَرَضَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُحَارِبٍ يُقَالُ لَهُ: غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَقَلِّدٌ سَيْفَهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَعْطِنِي سَيْفَكَ هَذَا، فَسَلَّهُ، ونَاوَلَهُ إِيَّاهُ، فَهَزَّهُ وَنَظَرَ
إِلَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ:«اللَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْكَ» ، فَارْتَعَدَتْ يَدُهُ، حَتَّى سَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ، فَتَنَاوَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ:«يَا غَوْرَثُ، مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ » قَالَ: لَا أَحَدَ، بِأَبِي أَنْتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُمَّ اكْفِنَا غَوْرَثًا وَقَوْمَهُ» .
ثُمَّ أَقْبَلْنَا رَاجِعِينَ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعِشِّ طَيْرٍ يَحْمِلُهُ فِيهِ فِرَاخٌ، وَأَبَوَاهُ يَتْبَعَانِهِ، وَيَقَعَانِ عَلَى يَدِ الرَّجُلِ، فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ، فَقَالَ:«أَتَعْجَبُونَ بِفِعْلِ هَذَيْنِ الطَّيْرَيْنِ بِفِرَاخِهِمَا؟ وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذَيْنِ الطَّيْرَيْنِ بِفِرَاخِهِمَا» .
ثُمَّ أَقْبَلْنَا رَاجِعِينَ، حَتَّى كُنَّا بِحَرَّةِ وَاقِمٍ عَرَضَتْ لَنَا الْأَعْرَابِيَّةُ الَّتِي جَاءَتْ بِابْنِهَا بِوَطْبٍ مِنْ لَبَنٍ وَشَاةٍ، وَأَهْدَتْهُ لَهُ، فَقَالَ:«مَا فَعَلَ ابْنُكِ؟ هَلْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ يُصِيبُهُ؟ » ، قَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ يُصِيبُهُ، وَقَبِلَ هَدِيَّتَهَا.
ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَهْبِطٍ مِنَ الْحَرَّةِ أَقْبَلَ جَمَلٌ يُرْقِلُ، فَقَالَ:«أَتَدْرُونَ مَا قَالَ هَذَا الْجَمَلُ؟ » قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:«هَذَا جَمَلٌ جَاءَنِي يَسْتَعِيذُنِي عَلَى سَيِّدِهِ، يَزْعُمُ أَنَّهُ كَانَ يَحْرُثُ عَلَيْهِ مُنْذُ سِنِينَ حَتَّى إِذَا أَجْرَبَهُ وَأَعْجَفَهُ وَكَبُرَ سِنُّهُ أَرَادَ أَنْ يَنْحَرَهُ، اذْهَبْ مَعَهُ يَا جَابِرُ إِلَى صَاحِبِهِ فَائْتِ بِهِ» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْرِفُ صَاحِبَهُ، قَالَ:«إِنَّهُ سَيَدُلُّكَ عَلَيْهِ» ، قَالَ: فَخَرَجَ بَيْنَ يَدَيَّ مُعْتَقًا حَتَّى وَقَفَ بِي فِي مَجْلِسِ بَنِي خَطْمَةَ، فَقُلْتُ: أَيْنَ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ؟ قَالُوا: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، فَجِئْتُهُ، فَقُلْتُ: أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَج مَعِي حَتَّى جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ جَمَلَكَ هَذَا يَسْتَعِيذُنِي عَلَيْكَ، يَزْعُمُ أَنَّكَ حَرَثْتَ عَلَيْهِ زَمَانًا حَتَّى أَجْرَبْتَهُ وَأَعْجَفْتَهُ وَكَبُرَ سِنُّهُ ثُمَّ أَرَدْتَ أَنْ
تَنْحَرَهُ؟ » قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«بِعْنِيهِ» ، قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَابْتَاعَهُ مِنْهُ، ثُمَّ سَيَّبَهُ فِي الشَّجَرَةِ حَتَّى نَصَبَ سَنَامًا، وَكَانَ إِذَا اعْتَلَّ عَلَى بَعْضِ الْمُهَاجِرِينَ أَوِ الْأَنْصَارِ مِنْ نَوَاضِحِهِمْ شَيْءٌ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، فَمَكَثَ بِذَلِكَ زَمَانًا.
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا بهذا السياق.
[التخريج]:
[طس 9112 "واللفظ له" / نبص 280 "مختصرًا جدًّا"]
[السند]:
رواه الطبراني في (الأوسط 9112) - وعنه أبو نعيم في (الدلائل 280) - قال: حدثنا مسعدة بن سعد، ثنا إبراهيم بن المنذر، نا محمد بن طلحة التيمي، ثنا عبد الحكيم بن سفيان بن
(1)
أبي نمر، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن جابر بن عبد الله، به. غير أَنَّ أبا نعيم لم يذكر منه سوى شطرًا من قصة الجمل، ثم قال:"فذكر نحوه"، فأحال به على قصة الجمل التي رواها قبله من طريق الذيال بن حرملة، عن جابر، وسياقة حديثه غير سياقة القصة التي رواها الطبراني بمرة! .
وفي نهاية الحديث عند الطبراني: قال إبراهيم بن المنذر: قال لي محمد بن طلحة: كانت غزوة ذات الرقاع تسمى غزوة الأعاجيب.
ثم قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن شريك بن عبد الله إِلَّا عبد الحكيم بن سفيان، ولا عن عبد الحكيم إِلَّا محمد بن طلحة، تفرد به إبراهيم بن المنذر".
(1)
- في الدلائل: "عن"، ويأباه كلام الطبراني عقب الحديث.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: الانقطاع بين شريك وجابر، فإنهم لم يذكروا له رواية عنه، وأكبر من ذكروه في شيوخه: هو أنس بن مالك، وهذا يدل على أنه لم يدرك جابرًا رضي الله عنه، وقد مات جابر قبل الثمانين، وقيل في أوائل السبعين، ومات شريك بعد الأربعين ومائة، وحدده ابن عبد البر بأربع وأربعين ومائة، فبينهما أكثر من خمس وستين سنة، وهذا يؤيد انقطاعه.
الثانية: عبد الحكيم بن سفيان، ترجم له ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 6/ 35) بلا جرح ولا تعديل! ، ولا يعرف روى عنه سوى محمد بن طلحة التيمي، فهو مجهول العين.
أما مسعدة بن سعد، شيخ الطبراني؛ فقال خالد بن سعد:"سمعت طاهرًا - يعني بن عبد العزيز الرعيني - وأحمد بن خالد يحسنان الثناء عليه"(جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس ص 247)، وصحح له الضياء وغيره، انظر:(إرشاد القاصي 1060).
وقال ابن تيمية: "وهذا الحديث له شواهد، أخرج أهل الصحيح منه قصة الشجرتين، وقصة الذي شهر السيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقصة الطير رواها أبو داود الطيالسي، وقصة الصبي ذكرها غير واحد"(الجواب الصحيح 6/ 192، 193).
وقال الهيثمي: "في الصحيح بعضه". ثم قال: "رواه الطبراني في الأوسط، والبزار باختصار كثير، وفيه عبد الحكيم بن سفيان، ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه أحد، وبقية رجاله ثقات"(المجمع 14165).
قلنا: فأما قصة الصبي والشجرتين والجمل، فقد سبق ذكر شواهدها، وأما قصة غورث فينظر لها: صحيح البخاري (4135، 4136)، وأما قصة الفراخ: فلها شاهد عند أبي داود (3089)، وآخر عند الحارث في (المسند 924)، وكلاهما ضعيف.
[تنبيه]:
قد عزا كل من الهيثمي في (المجمع 14165)، والسيوطي في (الخصائص 1/ 373) هذا الحديث إلى البزار ولم نجده في المطبوع منه ولا في الزوائد، والله المستعان.
* * *
621 -
حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ:
◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ (خَيْبَرَ)
(1)
،
فَأَرَادَ أَنْ يَتَبَرَّزَ، وَكَانَ إِذَا أَرَادَ ذَلِكَ يَتَبَاعَدُ حَتَّى لا يَرَاهُ أَحَدٌ، قَالَ:((انْظُرْ هَلْ تَرَى شَيْئًا؟ )) فَنَظَرْتُ فَرَأَيْتُ إِشَاءَةً (شَجَرَةً) وَاحِدَةً، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:((انْظُرْ هَلْ تَرَى شَيْئًا؟ )) فَنَظَرْتُ إِشَاءَةً (شَجَرَةً) أُخْرَى مُتَبَاعِدَةً مِنْ صَاحِبَتِهَا، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ لِي:((قُلْ لَهُمَا إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكُمَا أَنْ تَجْتَمِعَا))، فَقُلْتُ لَهُمَا ذَلِكَ، فَاجْتَمَعَا، ثُمَّ أَتَاهُمَا فَاسْتَتَرَ بِهِمَا، ثُمَّ قَامَ، فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ انْطَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِلَى مَكَانِهَا، ثُمَّ أَصَابَ النَّاسَ عَطَشٌ شَدِيدٌ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، فَقَالَ لِعَبْدِ اللهِ:(([يَا عَبْدَ اللهِ، ] الْتَمِسْ لِي))، يَعْنِي الْمَاءَ، فَأَتَيْتُهُ بِفَضْلِ مَاءٍ وَجَدْتُهُ فِي إِدَاوَةٍ، فَأَخَذَهُ فَصَبَّهُ فِي رَكْوَةٍ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِيهَا وَسَمَّى، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْحَدِرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَشَرِبَ النَّاسُ وَتَوَضَّؤُوا مَا شَاؤُا، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: فَعَلِمْتُ أَنَّهُ بَرَكَةٌ، فَجَعَلْتُ أَشْرَبُ مِنْهُ، وَأُكْثِرُ، أَلْتَمِسُ بَرَكَتَهُ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ فَتَلَقَّاهُ جَمَلٌ قَدْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ:((لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ؟ ))، قَالُوا: لِبَنِي فُلانٍ، قَالَ:((عَاذَ بِي))، قَالَ:((فَإِنَّهُمْ أَرَادُوا نَحْرَهُ، وَقَدْ عَمِلُوا عَلَيْهِ حَتَّى كَبُرَ وَدَبُرَ))، قَالَ:((لا تَنْحَرُوهُ وَأَحْسِنُوا إِلَيْهِ، فَبِئْسَ مَا جَزَيْتُمُوهُ)).
(1)
عند البزار في (المسند) - وكذا نقله الهيثمي في (الكشف 3412) -: "غزوة حنين"، وكذا عزاه الهيثمي في (المجمع عقب رقم 14166)، للطبراني في (الكبير)، ولكن وقع في مطبوع (الكبير) - تبعًا لأصله (نسخة الظاهرية 3/ ق 61/ أ) -:"خيبر"، وكذا في (الضعفاء) للعقيلي. فالله أعلم بالصواب ..
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا بهذا السياق، وضعفه العقيلي.
وقد صحت قصة الإداوة وخروج الْمَاء مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم عند البخاري وغيره من حديث ابن مسعود، وقصة الشجرتين صح نحوها من حديث جابر عند مسلم وغيره.
[التخريج]:
[بز 1463 "واللفظ له" / طب 10016 "والروايات والزيادة له" / عق (1/ 179)]
[السند]:
رواه البزار في (المسند) قال: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كُهَيْلٍ، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن سلمة بن كُهَيْلٍ، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود، به.
ورواه العقيلي في (الضعفاء) عن أحمد بن داود القومسي.
ورواه الطبراني في (الكبير 10016) عن سلمة بن إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى.
كلاهما عن إبراهيم بن إسماعيل، عن أبيه إسماعيل، عن جده يحيى عن سلمة، به.
قال البزار: "ولا نعلم روى سلمة بن كهيل، عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله، إِلَّا هذا الحديث".
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: يحيى بن سلمة، فإنه متروك كما في (التقريب 7561).
الثانية: إسماعيل بن يحيى، فإنه أيضًا متروك كما في (التقريب 493).
الثالثة: إبراهيم بن إسماعيل، فإنه ضعيف كما في (التقريب 149).
وفي ترجمته روى العقيلي هذا الحديث، ثم قال:"أما قصة الإداوة والطهور، فقد رُوِي عن ابن مسعود، وسائر الحديث قد رُوِي عن غير ابن مسعود، فأدخل حديثًا في حديث، ولم يكن إبراهيم هذا يقيم الحديث"(الضعفاء 1/ 180).
وضعف الهيثمي سنده في (المجمع 14166)، وقال في (زوائد البزار):"عند أهل الصحيح نبع الماء من بين أصابعه، ولم أره بتمامه"(كشف الأستار 3/ 135).
قلنا: قد أخرج البخاري (3579) وغيره من حديث ابن مسعود، قال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَقَلَّ المَاءُ، فَقَالَ:«اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ» فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، ثُمَّ قَالَ:«حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ المُبَارَكِ، وَالبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ» فَلَقَدْ رَأَيْتُ المَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
…
الحديث.
وكذلك قصة الشجرتين صح نحوها من حديث جابر عند مسلم وغيره، فأما قصة الجمل فلها شواهد لم تتفق على سياقة واحدة، ولم يأت النهي عن نحره من طريق يعتد به، وقد بيَّنَّا نكارة هذه الجزئية تحت حديث يعلى.
هذا، وقد جاء الحديث مطولًا أيضًا من وجه آخر لا يفرح به كما في الرواية التالية:
رِوَايَةٌ بزيادة: "مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَسْجُدَ أَحَدٌ لِأَحَدٍ
…
":
• وفي رواية عن ابن مسعود قال: إنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ إِلَى مَكَّةَ، وَ [قَدْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ مُقْبِلُونَ إِلَى مَكَّةَ فِي عُمْرَةٍ وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنِي قَدْ أَفْسَدَهُ الشَّيْطَانُ، وَاللَّهِ مَا يَدَعُهُ سَاعَةً قَالَ:«ارْفَعِيهِ إِلَيَّ» ، فَجَعَلَ رَأْسَهُ بَيْنَ فَخْذَيْهِ وَوَاسِطَةُ الرَّحْلَ، ثُمَّ فَتَحَ فَمَهُ، فَبَزَقَ فِيهِ، وَقَالَ:«أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، فَاخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ» ، وَدَفَعَهُ إِلَيْهَا وَقَالَ:«قَدْ بَرَأَ ابْنُكِ فَجِيئِينَا إِذَا رَجِعْنَا إِلَى هَذَا الْمَنْزَلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» ، فَلَمَّا رَجِعَ أَقْبَلَتْ إِلَيْهِ بِثَلَاثَةِ أَكْبُشٍ يَسُوقُهُنَّ الْغُلَامُ، فَقَالَ لَهَا صلى الله عليه وسلم:«كَيْفَ فَعَلَ ابْنُكِ» ؟ قَالَتْ: هُوَ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ بَرَأَ، وَقَدْ أَهْدَى لَكَ ثَلَاثَةَ أَكْبُشٍ، قَالَ:«يَا بِلَالُ خُذْ مِنْهَا وَاحِدًا وَاتْرُكْ لَهَا اثْنَيْنِ» ، قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الْغَائِطِ وَ] إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْغَائِطِ أَبْعَدَ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ، قَالَ:[فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يَتَوَارَى وَرَاءَهُ]، فَبَصُرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَجَرَتَيْنِ مُتَبَاعِدَتَيْنِ، فَقَالَ:«يَا ابْنَ مَسْعُودٍ، اذْهَبْ إِلَى هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ فَقُلْ لَهُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكُمَا أَنْ تَجْتَمِعَا لَهُ لِيَتَوَارَى بِكُمَا» ، فَمَشَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَاجَتَهُ، ثُمَّ رَجَعَتَا إِلَى مَكَانِهِمَا، فَمَضَى حَتَّى أَتَيْنَا أَزِقَّةَ الْمَدِينَةِ، فَجَاءَ بَعِيرٌ يَشْتَدُّ [إِلَيْهِ] حَتَّى سَجَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ تَذْرِفُ عَيْنَاهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ صَاحِبُ هَذَا الْبَعِيرِ؟» قَالُوا: فُلَانٌ، فَقَالَ:«ادْعُوهُ لِي» ، فَأَتَوْا بِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا شَأْنُكَ وَهَذَا الْبَعِيرُ يَشْكُوكَ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الْبَعِيرُ كُنَّا نَسْنُوا عَلَيْهِ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً، ثُمَّ أَرَدْنَا نَحْرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «شَكَا ذَلِكَ، بِئْسَمَا جَازَيْتُمُوهُ، اسْتَعْمَلْتُمُوهُ عِشْرِينَ سَنَةً حَتَّى إِذَا [كَبِرَتْ سِنُّهُ
و] رَقَّ عَظْمُهُ وَرَقَّ جِلْدُهُ أَرَدْتُمْ نَحْرَهُ؟ ، بِعْنِيهِ [أَوْ هَبْهُ لِي]»، قَالُوا: بَلْ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَّهَ بِهِ مَعَ الظّهْرِ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَجَدَ لَكَ هَذَا الْبَعِيرُ وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالسُّجُودِ [لَكَ مِنْ هَذَا الْجَمَلِ]؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَسْجُدَ أَحَدٌ لِأَحَدٍ، لَوْ سَجَدَ أَحَدٌ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا» .
[الحكم]:
قصة المرأة والصبي لها شواهد كثيرة تدل على أَنَّ لها أصلا، وقصة الشجرتين صح نحوها من حديث جابر، وقوله:«لو سجد أحد لأحد لأمرت المرأة أَنْ تسجد لزوجها» صحيح بشواهده، وهذا الحديث بهذه السياقة إسناده ضعيف جدًّا.
[اللغة]:
نسنوا عليه: نسقي عليه الماء للحرث والزرع. والظهر: الركاب، وهي الإبل التي تركب.
[التخريج]:
[طس 9189 واللفظ له / زبير 75 والزيادة الثانية والثالثة له / هقل (6/ 20) / نبق 135 والزيادة الأولى له ولغيره / شفع (فوائد ق 81 / أ - ب) وبقية الزيادات له]
[السند]:
رواه الطبراني في (الأوسط 9189) عن مفضل بن محمد الجندي، عن علي بن زياد اللحجي، حدثنا أبو قُرَّة، قال: ذكر زمعة، عن زياد بن سعد، عن أبي الزبير، حدثني يونس بن خباب الكوفي، قال: سمعت أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود، يذكر أنه سمع عبد الله بن مسعود، يقول: فذكره.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن زياد بن سعد إِلَّا زمعة، تفرد به
أبو قُرَّة".
وتوبع عليه علي بن زياد - دون التصريح بسماع أبي عبيدة من أبيه! -:
فرواه أبو الشيخ في (أحاديث أبي الزبير عن غير جابر 75) عن محمد بن صالح الطبري، ورواه البيهقي في (الدلائل 6/ 20) من طريق الحسن بن علي بن زياد.
ورواه أبو بكر الشافعي في (الثالث عشر من الفوائد المنتقاة 38) - ومن طريقه إسماعيل الأصبهاني في (الدلائل 135) - عن الحسين بن عبد الله بن شاكر.
ثلاثتهم عن أبي حمة محمد بن يوسف الزبيدي، حدثنا أبو قُرَّة موسى بن طارق، به، زاد الحسين بن عبد الله بن شاكر وحده قصة المرأة والصبي! .
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه أربع علل:
الأولى: زمعة بن صالح، فإنه ضعيف، وحديثه عند مسلم مقرون (التقريب 2035).
الثانية: يونس بن خباب، فإنه رافضي خبيث، تكلم فيه أحمد، ولم يرضه، وقال البخاري:"منكر الحديث"، وقال أبو حاتم:"مضطرب الحديث، ليس بالقوي"، وقد سبق الكلام عنه بأطول من ذلك، وانظر:(تهذيب التهذيب 11/ 438).
الثالثة: أنه اختلف علي يونس في سنده اختلافًا كثيرًا، فرواه المسعودي عن يونس بن خباب عن ابن يعلى بن مرة عن يعلى بن مرة، به. ورواه غيره عن يونس عن المنهال عن ابن يعلى عن أبيه، انظر: (علل
ابن أبي حاتم 2/ 19)، و (النكت الظراف 11852).
والصحيح عن المنهال أنه إنما يرويه عن يعلى مرسلًا بنحوه دون سجود البعير، ودون قوله: "فوجه به مع الظهر
…
" إلى آخره، فعاد الحديث إلى يعلى، وانظر: تحقيقنا لروايته.
الرابعة: الانقطاع، فأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه على الراجح كما في (التقريب 8231). وعليه فالتصريح بالسماع الموجود في رواية الطبراني وهم من أحد رواته، وقد خلت منه رواية أبي الشيخ والبيهقي وأبي بكر الشافعي، وهو الصواب.
وقد ضعف البيهقي هذا الحديث حيث قال: "حديث جابر أصح، وهذه الرواية ينفرد بها زمعة بن صالح، عن زياد"(الدلائل 6/ 20).
وحديث جابر المشار إليه معلول أيضًا، كما تقدم تحقيقه في أول الباب.
وقصر الهيثمي أيضًا، حيث قال:"وفي إسناد الأوسط: زمعة بن صالح، وقد وثق على ضعفه، وبقية رجاله حديثهم حسن"!! (المجمع 14166).
هذا وقصة الصبي، انفرد الحسين بن عبد الله بن شاكر وحده بذكرها في هذا الحديث عن أبي حمة، والحسين هذا مختلف فيه، فضعفه الدارقطني، ووثقه الإدريسي (الميزان 1/ 539) ودعم ابن حجر الأول في (اللسان 2549)، فهذه علة خامسة لهذه القصة خاصة.
فأما قصة الشجرتين فصحيحة بشواهدها كما سبق، وأما قصة الجمل فمنكرة بهذا السياق، ثم إن قصة الجمل الذي سجد للنبي صلى الله عليه وسلم قد رُوِيت عن أنس وابن عباس وعائشة وأبي هريرة، ولم يذكر واحد منهم قضية نحره التي بينا نكارتها تحت حديث يعلى.
* * *
622 -
حَدِيثُ أَنَسٍ:
◼ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ أَنْ يُعِدَّ لَهُ طَهُورَهُ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَتِهِ، وَكَانَ إِذَا كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ تَبَاعَدَ حَتَّى لَا يَكَادُ يُرَى، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَاجَتَهُ، أَقْبَلَ رَاجِعًا، فَمَرَّ بِامْرَأَةٍ عِنْدَ قَبْرِ مَيِّتٍ لَهَا، وَهِيَ تُعَدِّدُ، وَتُعَوِّلُ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا وَهِيَ لَا تَعْرِفُهُ، فَقَالَ لَهَا: «اتَّقِ اللَّهَ، وَاصْبِرِي» قَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، اذْهَبْ لِحَاجَتِكَ، فَقَالَ لَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَجَاءَ فَأَخَذَ الْمِطْهَرَةَ مِنَ الْفَضْلِ، فَقَامَ الْفَضْلُ، فَأَتَى الْمَرْأَةَ، فَقَالَ لَهَا: مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَامَتْ، فَقَالَتْ: يَا وَيْلَهَا؟ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ أَعْرِفْهُ فَسَعَتْ حَتَّى لَحِقَتْهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا عَرَفْتُكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى» قَالَهَا ثَلَاثًا".
[الحكم]:
صحيح المتن لشواهده دون ذكر الفضل، وإسناده ضعيف جدًّا، وضعفه الهيثمي والبوصيري.
[التخريج]:
[عل 3664 "مختصرا" / طس 6244 "واللفظ له"].
[السند]:
قال أبويعلى: حدثنا محمد بن بكار، حدثنا يوسف بن عطية، عن عطاء بن أبي ميمونة، عن أنس، به.
وقال الطبراني: حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال: نا سعيد بن منصور، قال: نا يوسف بن عطية السعدي، به.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث بهذا التمام عن عطاء بن أبي ميمونة إِلَّا يوسف بن عطية تفرد به سعيد بن منصور"! (المعجم الأوسط 6/ 222).
[التحقيق]:
هذا إسناد واهٍ؛ فيه يوسف بن عطية السعدي، قال الحافظ:"متروك"(التقريب 7873).
وبه ضعفه الهيثمي قال: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه يوسف بن عطية السعدي وهو متروك ضعيف"(المجمع 3954).
وقال البوصيري: "هذا إسناد ضعيف؛ عطاء بن أبي ميمونة ضعفه ابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والبخاري، وأبو داود، والنسائي، والعجلي، وابن المديني، والدارقطني، وغيرهم (إتحاف الخيرة 430).
قلنا: كذا في المطبوع، ولعل قوله (عطاء بن أبي ميمونة) سبق قلم منه أو من النساخ، والمراد بهذا: هو (يوسف بن عطية) فهو الذي ضعفه جميع من ذكر، أما (عطاء بن أبي ميمونة): فقد وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي، وقال أبو حاتم:"صالح لا يحتج بحديثه"(تهذيب التهذيب 7/ 215 - 216)، وقال الحافظ:"ثقة رمي بالقدر"(التقريب 4601).
وأما متنه فله شواهد، فالتباعد عند الحاجة ثابت من غير وجه كما تقدم، أما قصة المرأة، ففي الصحيحين [البخاري (1283) والسياق له، ومسلم (926)] من طريق ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ:«اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي» قَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي، وَلَمْ تَعْرِفْهُ، فَقِيلَ لَهَا: إِنَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ
تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقَالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ، فَقَالَ:«إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى» .
ولعل لذلك قال الهيثمي: "في الصحيح طرف منه عن أنس"(المجمع 3954)
قلنا: لكن ذكر الفضل فيه منكر، ففي صحيح البخاري (150) من طريق شعبة عن عطاء بن أبي ميمونة عن أنس قال:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ، أَجِيءُ أَنَا وَغُلامٌ، مَعَنَا إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ، يَعْنِي يَسْتَنْجِي بِهِ» .
وشعبة إمام لا يقارن بيوسف بن عطية هذا، فهذا يدل على أَنَّ ذكر الفضل بن العباس في الحديث غير محفوظ، والله أعلم.
* * *
:
• وَفِي رِوَايَةٍ قال: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ حَاجَةً أَبْعَدَ» .
[الحكم]:
صحيح المتن لشواهده؛ وإسناده ساقط، وهو مقتضى صنيع الإمام أحمد.
[التخريج]:
[بز 7550]
[السند]:
قال البزار: حدثنا السري بن عاصم، ثنا عبد السلام بن حرب، ثنا الأعمش، عن أنس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ساقط؛ آفته السري بن عاصم أبو عاصم الهمداني، قال ابن خراش:"كذاب"، وقال أبو الفتح الأزدى:"متروك"، وقال ابن عدي:"يسرق الحديث"(لسان الميزان 3364).
وفيه علة أخرى، وهي الانقطاع، فالأعمش لم يسمع من أنس، قاله ابن معين، وعلي ابن المديني، والبخاري، انظر:(جامع التحصيل ص 188 - 189).
وقيل: الواسطة بينهما (غياث بن إبراهيم)؛ ففي "العلل" للخلال عن مهنا قال: قلت لأحمد: لم كرهت مراسيل الأعمش؟ قال: كان لا يبالي عمن حدث. قلت له: رجل ضعيف سوى يزيد الرقاشي وإسماعيل بن مسلم؟ قال: نعم، كان يحدث عن غياث بن إبراهيم عن أنس رضي الله عنه:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ أَبْعَدَ» . وسألته عن غياث بن إبراهيم، قال: كان كذوبًا" (الإمام لابن دقيق 2/ 447).
* * *
623 -
حَدِيثُ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ:
◼ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا ذَهَبَ إِلَى الْغَائِطِ أَبْعَدَ» .
• وَفِي رِوَايَةٍ، قال:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ إِلَى الْخَلاءِ اسْتَبْعَدَ وَتَوَارَى» .
[الحكم]:
صحيح المتن لشواهده؛ وإسناده ضعيف جدًّا، وضعفه ابن عبد الهادي، ومغلطاي، والبوصيري.
[التخريج]:
[جه 335 / قا (3/ 215) "والرواية له وللبغوي" / صبغ (مغلطاي 1/ 202)].
[التحقيق]:
مدار الحديث على عبد الله بن عثمان بن خثيم، واختلف عليه على وجهين:
الأول:
أخرجه ابن ماجه (335) قال: حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ثنا يحيى بن سليم عن ابن خثيم عن يونس بن خباب عن يعلى بن مرة، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علل:
الأولى: يونس بن خباب: قال الحافظ: "صدوق يخطئ ورمي بالرفض"(التقريب 7903) وهناك من ضعفه جدًّا؛ لأنه كان غال في بدعته، انظر:(تهذيب الكمال 32/ 503 - 507)، و (تهذيب التهذيب 11/ 437 - 439).
وبه ضعفه البوصيري فقال: "هذا إسناد ضعيف لضعف يونس بن خباب
…
" (الزوائد 1/ 49)، وتبعه السندي في (حاشيته على سنن ابن ماجه 1/ 140).
الثانية: الانقطاع؛ فإن يونس بن خباب لا يدرك يعلى بن مرة؛ فقد ذكره الحافظ في الطبقة السادسة، وهذه طبقة لم يثبت لهم سماع أحد من الصحابة، ولذا قال المزي عند ذكر شيوخ:"ويعلى بن مرة مرسل"(تهذيب الكمال 32/ 504).
وبهاتين العلتين أعله ابن عبد الهادي في (تعليقة على علل ابن أبي حاتم ص 272)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 201 - 202).
الثالثة: يحيى بن سليم القرشي الطائفي، قال الحافظ:"صدوق سيئ الحفظ"(التقريب 7563).
الرابعة: يعقوب بن حميد بن كاسب؛ مختلف فيه، وهو إلى الضعف أقرب، انظر:(ميزان الاعتدال 4/ 450 - 451)، و (تهذيب التهذيب 11/ 383 - 384).
وبهذه العلة أيضًا ضعفه مغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 201).
والحديث صححه الألباني في (صحيح سنن ابن ماجه 337)، ولعله صححه بشواهده التي ذكرها في (السلسلة الصحيحة 1159).
الثاني:
أخرجه أبو القاسم البغوي في (معجم الصحابة) - كما في (شرح ابن ماجه لمغلطاي 1/ 202)
(1)
-: عن داود بن رشيد، عن إسماعيل بن
(1)
ولم نقف عليه في الأجزاء المطبوعة منه. والله المستعان.
عياش، عن عبد الله بن عثمان بن خيثم، عن سعيد بن أبي راشد، عن يعلى بن مرة الثقفي، به.
ورواه ابن قانع في (معجم الصحابة 3/ 215) قال: حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي، نا آدم بن أبي إياس العسقلاني، نا إسماعيل بن عياش، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: إسماعيل بن عياش، وهو "صدوق في روايته عن أهل بلده - من الشاميين -، مخلط في غيرهم" كما في (التقريب 473). وهذا من روايته عن غير أهل بلده، فشيخه عبد الله بن عثمان مكي.
الثانية: سعيد بن أبي راشد، ويقال ابن راشد؛ لم يوثقه معتبر، إنما ذكره ابن حبان في (الثقات 4/ 290) على قاعدته في توثيق المجاهيل، ولذا قال الحافظ:"مقبول"(التقريب 2301)، أي عند المتابعة، وإلا فلين. وذكره الذهبي في (الميزان 3170)، فلا ندري على أي شيء اعتمد في قوله في (الكاشف 1881):"صدوق"!.
* * *
624 -
حَدِيثُ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ:
◼ عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ (ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ) أَبْعَدَ» .
[الحكم]:
صحيح لشواهده، وإسناده ضعيف جدًّا، وضعفه ابن دقيق العيد، ومغلطاي، والهيثمي، والبوصيري، والمباركفوري، والألباني، ولكنه صححه لشواهده.
[التخريج]:
[جه 338 "واللفظ له" / طب (1/ 371/ 1142) "والرواية له"، (1/ 371/ 1143) "مطولًا وفيه قصة" / ميمي 262 / عد (6/ 62) / نبص 542 / مديني (نزهة ص 81 - 82) / كما (15/ 462، 463) / باوردي (إكمال تهذيب الكمال 3/ 40) / عسكر (صحابة - إكمال تهذيب الكمال 3/ 40)]
[السند]:
قال ابن ماجه: حدثنا العباس بن عبد العظيم العنبري، حدثنا عبد الله بن كثير بن جعفر، حدثنا كثير بن عبد الله المزني، عن أبيه، عن جده، عن بلال بن الحارث المزني، به.
ومداره عند الجميع على (عبد الله بن كثير بن جعفر)
(1)
، عن كثير بن
(1)
إلا أنه وقع في رواية الطبراني (1142): "كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ"، هكذا مقلوبا، ولذا قال المزي - وقد رواه هكذا من طريق الطبراني -:"كذا وقع في هذه الرواية، وهو وهمٌ"(التهذيب 15/ 463)، وكذا قال الحافظ في (التقريب 3548).
وقد سقط من رواية الطبراني (1143) كذا في المطبوع تبعًا لأصله (1/ ق 75/ب)، وكذا في (جامع المسانيد 1135). والصواب إثباته كما في باقي المصادر، بل كذا ساقه بإثباته من معجم الطبراني ياقوت الحموت في (معجم البلدان 2/ 153) إلا أنه قال:(كثير بن عبد الرحمن بن جعفر)، وذكر الشبلي في (أحكام الجان ص 47) أَنَّ أبا نعيم رواه عَن الطبراني بهذا السند على الصواب:(عَن عبد الله بن كثير). وكذا رواه نفس طريق الطبراني: أبو الشيخ في (العظمة) وابن أخي ميمي في (فوائده). والله المستعان.
عبد الله المزني، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني؛ كذبه الشافعي، وأبو داود، وقال أحمد وابن معين:"ليس بشيء"، زاد أحمد:"منكر الحديث"، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل:"ضرب أبي على حديث كثير بن عبد الله في المسند ولم يحدثنا عنه"، وقال أبو خيثمة: قال لي أحمد بن حنبل: "لا تحدث عنه شيئًا"، وقال أبو زرعة:"واهي الحديث ليس بالقوي"، وقال النسائي والدارقطني:"متروك الحديث"، وقال النسائي في موضع آخر:"ليس بثقة"، وضعفه ابن المديني والساجي ويعقوب بن سفيان وابن البرقي. وقال ابن عبد البر:"مجمع على ضعفه". وقال ابن حبان: "روى عن أبيه عن جده نسخة موضوعة لا يحل ذكرها في الكتب ولا الرواية عنه إِلَّا على وجه التعجب"، وقال ابن عدي:"عامة ما يرويه لا يتابع عليه"، وقال ابن السكن:"يروي عن أبيه عن جده أحاديث فيها نظر"، وقال الحاكم:"حدث عن أبيه عن جده نسخة فيها مناكير"
(تهذيب التهذيب 8/ 421 - 423). وقال الذهبي: "واه"(الكاشف 4637)، وأما الحافظ فقال:"ضعيف أفرط من نسبه إلى الكذب"! (التقريب 5617). بل من التساهل وصفه بالضعف فقط، والله أعلم.
وبه ضعف الحديث جماعة من أهل العلم:
فقال مغلطاي: "هذا حديث ضعيف؛ لضعف رواية كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني"(شرح سنن ابن ماجه 1/ 205).
وقال الهيثمي: "وفيه كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف وقد أجمعوا على ضعفه"(المجمع 995).
وقال البوصيري: "هذا إسناد واهٍ؛ كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، قال فيه الشافعي: ركن من أركان الكذب"(الزوائد 1/ 50).
وبه ضعفه أيضًا: ابن دقيق العيد في (الإمام 2/ 441 - 442)، والمباركفوري في (تحفة الأحوذي 1/ 79)، والسندي في (حاشيته على سنن ابن ماجه 1/ 140).
الثانية: عبد الله بن كثير بن جعفر بن أبي كثير؛ سئل ابن معين عنه، فقال:"شيخ كان يجالسنا في المسجد صاحب مغنيات لم يكن بشيء"(تاريخ ابن أبي خيثمة - السفر الثالث 2/ 358)، (الجرح والتعديل 5/ 24)، وقال ابن حبان:"قليل الحديث كثير التخليط فيما يروي لا يحتج به إِلَّا فيما وافق الثقات"(المجروحين 1/ 502). ومع هذا قال الحافظ: "مقبول"(التقريب 3548). ولعله قال ذلك، قبل أَنْ يقف على قول ابن معين وابن حبان، حيث لم ينقلهما المزي في (تهذيب الكمال)، ولا الحافظ في (تهذيبه)، وإلا فقد وقف الحافظ على قوليهما بعد، كما في (لسان الميزان
4382).
الثالثة: جهالة عبد الله بن عمرو بن عوف المزني والد كثير، فقد ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 5/ 154)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 5/ 118)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في (الثقات 5/ 41) على قاعدته، وذكره الذهبي في (الميزان) وقال:"ما روى عنه سوى ابنه كثير أحد التلفى"(الميزان 4480)، وقال الحافظ:"مقبول"(التقريب 3503).
وورد الحديث عند الطبراني (1143) مطولًا، فيه قصة في (اختصام الجن عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي ذكرها في موضعها إن شاء الله من هذه الموسوعة.
وذكر الألباني هذه الرواية المطولة في (السلسلة الضعيفة 2074)، وقال:"ضعفه جدًّا". وقال معلقًا على الرواية المختصرة: "صحيح بما قبله"(صحيح ابن ماجه 340). وهو كما قال.
* * *
625 -
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ أَبْعَدَ الْمَشْيَ، فَانْطَلَقَ ذَاتَ يَوْمٍ لِحَاجَتِهِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَبِسَ أَحَدَ خُفَّيْهِ، فَجَاءَ طَائِرٌ أَخْضَرُ فَأَخَذَ الْخُفَّ الْآخَرَ، فَارْتَفَعَ بِهِ ثُمَّ أَلْقَاهُ، فَخَرَجَ مِنْهُ أَسْوَدُ (سَالِخٌ)
(1)
، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَذِهِ كَرَامَةٌ، أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِهَا» ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ، وَمِنْ شَرِّ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ، وَمِنْ شَرِّ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ» .
• وفي رِوَايَةٍ 1، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ أَبْعَدَ، قَالَ: فَذَهَبَ يَوْمًا فَقَعَدَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَنَزَعَ خُفَّيْهِ، قَالَ: وَلَبِسَ أَحَدَهُمَا، فَجَاءَ طَيْرٌ فَأَخَذَ خُفَّهُ الْآخَرَ فَحَلَّقَ بِهِ فِي السَّمَاءِ، فَانسَلتَ مِنْهُ أَسْوَدُ سَالِخٌ،
…
الحديث.
• وفي رِوَايَةٍ 2: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ، فَنَزَعَ خُفَّيْهِ، فَلَمَّا فَرَغَ لَبِسَ أَحَدَ خُفَّيْهِ، جَاءَ طَائِرٌ مِنَ السَّمَاءِ فَأَشَالَ الْخُفَّ الآخَرَ، فَسَقَطَ مِنْهُ أَسْوَد (سَالِخ)
(2)
، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَذِهِ كَرَامَةٌ أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ شَرِّ مَا يَمْشِي عَلَى أَرْبَعَ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَمْشِي عَلَى بطنه» .
(1)
تحرف في مطبوع (الأوسط) إلى: "سابح"، والصواب المثبت، كما ذكره ابن ناصر في (جامع الآثار 7/ 446) وغيره، من معجم الطبراني، وكذا رواه عن الطبراني أبو نعيم في الدلائل، وانظر: اللغة.
(2)
تصحفت في طبعات (الكامل) الثلاث إلى: "سالح" بالحاء المهملة، والصواب بالخاء المعجمة، كما في بقية المصادر.
•وفي رِوَايَةٍ 3، قَالَ: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا أراد حاجة تباعد حتى لا يراه أحد، فنزع خفّه فإذا عقاب قد تدلّى فرفعه، فسقط منه أسود سالخ، فكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْهِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ، ومن شرّ الجن والإنس» .
[الحكم]:
منكر بهذا التمام، وضعفه الهيثمي، واستغربه ابن عدي وابن كثير. أما التباعد عند الحاجة فصحيح كما تقدم.
[اللغة]:
الأسود السالخ: هو نوع من الحيات شديد السواد، سمي بذلك لأنه يسلخ جلده كل عام، وأقتل ما يكون من الحيات إذا سلخت جلدها. (الصحاح 1/ 423)، (لسان العرب 3/ 25)، (حياة الحيوان الكبرى 1/ 44).
[التخريج]:
[طس 9304 "واللفظ له" / نبص 150 / هقت 363 "والرواية الأولى له وللبحيري" / عد (4/ 163) "والرواية الثانية له" / مكخ 1041، 1054 / الأحاديث الألف لأبي عثمان البحيري (ناصر - آثار 7/ 446 - 447) / أغاني (7/ 187 "والرواية الثالثة له"، 188)]
[التحقيق]:
مداره على حبان بن علي العنزي، وقد اختلف عليه على وجهين:
الوجه الأول:
أخرجه الطبراني في (الأوسط) - وعنه أبو نعيم في (دلائل النبوة) - قال:
حدثنا هاشم بن مَرْثَد، حدثنا آدم، حدثنا حبان بن علي، حدثنا سعد بن طريف الإسكاف، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.
ورواه أبو الفرج الأصبهاني في (الأغاني 7/ 188): من طريق محمد بن إسماعيل الراشدي قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا حبان بن علي، عن سعد بن طريف، عن عكرمة، به.
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عكرمة إِلَّا سعد بن طريف، تفرد به حبان بن علي، ولا يُرْوى عن ابن عباس إِلَّا بهذا الإسناد".
وهذا إسناد واهٍ؛ فيه علتان:
الأولى: سعد بن طريف الإسكاف الحنظلي الكوفي، قال الحافظ:"متروك ورماه ابن حبان بالوضع، وكان رافضيا"(التقريب 2241).
وبه أعل الهيثمي الحديث فقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه سعد بن طريف واتهم بالوضع"(المجمع 994).
الثانية: حبان بن علي العنزي، قال الحافظ:"ضعيف"(التقريب 1076).
الوجه الثاني:
أخرجه البيهقي في (الدعوات 363) قال: أخبرنا أبو الحسن العلوي، وأبو عبد الله الحافظ، قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبيد بن عتبة، حدثنا محمد بن الصلت، حدثنا حبان، حدثنا أبو سعد البقال، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.
ورواه ابن عدي في (الكامل 4/ 163)، والخرائطي في (مكارم الأخلاق 1041، 1054)، وأبو عثمان البحيري في كتابه "الأحاديث الألف مما تستفاد ويعز وجودها" - كما في (جامع الآثار لابن ناصر الدين 7/ 446) -،
وأبو الفرج الأصبهاني في (الأغاني 7/ 187): من طريق محمد بن الصلت، عن حبان
(1)
بن علي، عن أبي سعد
(2)
البقال، به.
وأبو سعد البقال: هو سعيد بن المرزبان؛ "ضعيف مدلس" كما في (التقريب 2389).
فالحديث مداره على حبان بن علي، واضطرب فيه فمرة يرويه عن رجل ضعيف، وتارة عن متروك هالك.
قال ابن عدي: "وهذا لا يرويه عن أبي سعد غير حبان، وعن حبان رواه (محمد) بن الصلت، ولحبان بن علي أحاديث صالحة، وعامة حديثه إفرادات وغرائب، وهو ممن يحتمل حديثه ويكتب"(الكامل 4/ 163).
وقال ابن كثير: "فيه غرابة"(البداية والنهاية 9/ 43).
ومع هذا صحح إسناده الدميري في (حياة الحيوان الكبرى 1/ 45)، والملا علي القاري في (جمع الوسائل 1/ 128)!!.
[تنبيه]:
رمز لتخريج الحديث في (كنز العمال 3790) بـ"طب"، يعني الطبراني في الكبير.
بينما عزاه السيوطي في (الجامع الكبير) إلى الطبراني في "الأوسط"، وكذا اقتصر الهيثمي في (المجمع) على عزوه للأوسط، فيظهر أَنَّ الذي في (الكنز) تصحيف، والله أعلم.
* * *
(1)
تصحف في مطبوع (الأغاني) و (جامع الآثار) إلى: "حيان".
(2)
تصحف في مطبوع (الأغاني) إلى: "أبي سعيد".
626 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قال:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ أَبْعَدَ» .
[الحكم]:
صحيح المتن، وسنده ضعيف.
[التخريج]:
[طش 797 / متفق 949 / متشابه (2/ 613 / 1015)]
[السند]:
رواه الطبراني في (مسند الشاميين 797) - ومن طريقه الخطيب في (المتفق والمفترق 949) و (تلخيص المتشابه 2/ 613) - قال: حدثنا أنس بن سلم
(1)
الخولاني، وجعفر بن محمد الفريابي والحسين
(2)
بن إسحاق قالوا: ثنا عمرو بن هشام الحراني ثنا عثمان بن عبدالرحمن الطرائفي، عن عبد الله بن العلاء بن زبر
(3)
، عن يونس بن ميسرة، عن عبد الملك بن مروان، أنه قال وهو على المنبر: سمعت أبا هريرة، يقول: .. ، فذكره.
[التحقيق]:
إسناده ضعيف، فيه: عبد الملك بن مروان، وهو الخليفة، قال ابن حبان:
(1)
- في المطبوع من مسند الشاميين: "سُلَيْمٍ"، وهو خطأ، وجاء على الصواب في (التلخيص)، و (المتفق)، وانظر:(التهذيب 22/ 279).
(2)
- في المطبوع من (المسند) و (المتفق): "الحَسَن"، وهو خطأ، وجاء على الصواب في (التلخيص)، وتجريد أسماء المتفق (2/ 62)، وانظر:(التهذيب 22/ 279).
(3)
- في المطبوع من (التلخيص) و (المتفق) وتجريده (2/ 62): "زيد"، وهو خطأ، والمثبت هو الصواب، انظر:(التهذيب 15/ 405 - 407).
"هو بغير الثقات أشبه"(الثقات 5/ 120)، وقال ابن حجر:"كان طالب علم قبل الخلافة، ثم اشتغل بها، فتغير حاله"(التقريب 4213).
وبقية رجاله ثقات سوى عثمان بن عبدالرحمن الطرائفي، فإنه مختلف فيه، أكثر الرواية عن الضعفاء والمجهولين، فكثرت المناكير في حديثه، فتكلم فيه لأجل ذلك، وقد وثقه ابن معين وغيره، ورماه ابن حبان بالتدليس عن الضعفاء، وتعقبه الذهبي في (الميزان 3/ 45).
فلم يبق إِلَّا روايته عن الضعفاء، ووجود المناكير في حديثه، فأما الأولى: فشيخه هنا عبد الله بن العلاء بن زبر، وهو ثقة من رجال البخاري، وأما الثانية: فمتن حديثه ثابت، صح عن المغيرة بن شعبة وغيره من الصحابة كما سبق في الباب.
* * *
627 -
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:
◼ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَذْهَبُ لِحَاجَتِهِ إِلَى الْمُغَمَّسِ
(1)
». قَالَ نَافِعٌ: [الْمُغَمَّسُ] نَحْوُ مِيلَيْنِ [أَوْ ثَلَاثَةٍ] مِنْ مَكَّةَ.
[الحكم]:
صحيح، وصححه ابن السكن، وعبد الحق الإشبيلي، والألباني. وجود سنده الولي العراقي.
[اللغة]:
الْمُغَمَّس، قال ياقوت الحموي:"وهو على ثلثي فرسخ من مكة"(معجم البلدان 5/ 162).
[التخريج]:
[عل 5626 "واللفظ له" / طب (12/ 451/ 13638) / طس 4903 / عيل (2/ 608) / سراج 17 "والزيادتان له" / حل (3/ 353) / تطبر (التهجد للإشبيلي ص 13)، (الأحكام الوسطي 1/ 123)، (مغلطاي 1/ 207) / سكنص (معجم البلدان للحموي 5/ 162)].
[السند]:
قال أبويعلى: حدثني أبو بكر الرمادي، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا نافع - يعني ابن عمر -، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، به.
وقال أبو العباس السراج: حدثنا محمد بن سهل بن عسكر ثنا ابن أبي مريم، به.
(1)
ضبطه ابن دقيق العيد في (الإمام 2/ 441) بضم الميم، وفتح الغين المعجمة، وفتح الميم المشددة.
قال أبو نعيم الأصبهاني: "غريب من حديث عمرو، تفرد به نافع وهو من ثقات أهل مكة"(الحلية 3/ 353).
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح؛ رجاله كلهم ثقات أثبات، فنافع: هو ابن عمر بن عبد الله بن جميل، قال الحافظ:"ثقة ثبت"(التقريب 7080).
وعمرو بن دينار: "ثقة ثبت"(التقريب 5024).
وابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم: "ثقة ثبت فقيه"(التقريب 2286)، وقد رواه عنه جماعة من الثقات.
منهم: أبو بكر الرمادي، شيخ أبي يعلى، وهو:"ثقة حافظ"(التقريب 113)، ومحمد بن سهل بن عسكر، شيخ السراج، وهو:"ثقة" من رجال مسلم (التقريب 5937).
ولذا ذكره ابن السكن في سننه الصحاح.
وقال عبد الحق الإشبيلي: "حديث صحيح ذكره أبو جعفر الطبري"(التهجد ص 13).
وقال الولي العراقي في (شرح أبي داود): "سند جيد"(فيض القدير للمناوي 5/ 93).
وقال الألباني - معلقًا على سند السراج -: "إسناده صحيح على شرط مسلم"(السلسلة الصحيحة 3/ 71/ 1072).
وقال الهيثمي: "رواه أبو يعلى والطبراني في الكبير والأوسط، ورجاله ثقات من أهل الصحيح"(المجمع 993).
* * *
رواية: "يَذْهَبُ لِحَاجَتِهِ نَحْوَ الْمَغَشِّ":
• وفي رواية: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما قَالَ:«إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَذْهَبُ لِحَاجَتِهِ نَحْوَ الْمَغَشِّ» ، وَقَالَ ابْنُ صَالِحٍ مَرَّةً أُخْرَى: نَحْوَ الْمَغْشَى، أَوِ الْمَغَشِّ.
[الحكم]:
صحيح المتن دون قوله (نحو المغش) فخطأ، الصواب (المغمس)، كما تقدم.
[اللغة]:
قال الفاكهي: "المغش: من طرف الليط إلى خيف الشيرق بعرنة"(أخبار مكة 4/ 199).
[التخريج]:
[مكة 2531]
[السند]:
قال أبو محمد الفاكهي: حدثنا محمد بن صالح، غير مرة قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم قال: ثنا نافع بن عمر، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ فمحمد بن صالح: هو أبو بكر الأنماطي، وهو "ثقة حافظ"، كما في (التقريب 5962). وبقية رجاله تقدم الكلام عليهم.
إِلَّا أَنَّ قوله (المغش) خطأ، الصواب (المغمس) كما تقدم، وهذا إن لم
يكن تصحيفًا - ولا يظهر ذلك؛ لنصِّ الفاكهي عليه -؛ فهو خطأ من الأنماطي، فهو وإِنْ كان ثقة حافظا؛ فقد خالفه جماعة، وهم:
1 -
أبو بكر الرمادي، كما عند أبي يعلى في (مسنده 5626).
2 -
ومحمد بن سهل بن عسكر، كما عند السراج في (مسنده 17).
3 و 4 - وعمرو بن أبي الطاهر ويحيى بن أيوب العلاف، كما عند الطبراني في (الكبير 13638).
5 -
وعمر بن الخطاب السجستاني، كما عند الإسماعيلي في (معجم شيوخه 2/ 608).
وغيرهم، رووه جميعًا: عن ابن أبي مريم به بلفظ (المغمس)، كما تقدم.
ولا ريب أَنَّ رواية الجماعة - لاسيما وفيهم الحفاظ الأثبات - أولى بالصواب، والله أعلم.
* * *
628 -
حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ:«إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَبَرَّزَ (إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ الْحَاجَةَ)، ذَهَبَ إِلَى الْمَغَشِّ» ، قَالَ أَحَدُهُمَا - يعني أحد رواته -: وَهُوَ عَلَى مِيلٍ مِنْ مَكَّةَ.
[الحكم]:
صحيح المتن دون قوله (إِلَى الْمَغَشِّ)، الصواب:(إِلَى الْمُغَمَّسِ)؛ وإسناده مرسل.
[التخريج]:
[مكة 2532]
[السند]:
قال أبو عبد الله الفاكهي في (أخبار مكة): حدثنا ابن أبي مسرة، وابن أبي بزة المكِّيَّان، قالا: ثنا العلاء بن عبد الجبار، قال: ثنا نافع بن عمر، عمرو بن دينار، به قال: قال ابن أبي بزة: (إذا أراد أَنْ يقضي الحاجة ذهب إلى المغش). قال أحدهما: وهو على ميل من مكة.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لإرساله، فعمرو بن دينار من التابعين، وقد رواه سعيد بن أبي مريم عن نافع بن عمر عن عمرو بن دينار عن ابن عمر موصولًا، وهو الصواب.
فإن سعيد بن أبي مريم أثبت وأوثق من العلاء بن عبد الجبار، وإن كان "ثقة" كما في (التقريب 5246).
ثم إن قوله (المغش) خطأ، الصواب (المغمس) كما تقدم بيانه. والله أعلم.
* * *
629 -
حَدِيثُ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: «كان رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ حاجته استبعد وتوارى» .
[الحكم]:
ضعيف؛ لإرساله.
[التخريج]:
[ضحة (ق 23/ أ - ب)]
[السند]:
أخرجه عبد الملك بن حبيب في (الواضحة): عن عبد العزيز الأويسي، عن إسماعيل بن عياش، عن راشد بن سعد، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: الإرسال؛ فراشد بن سعد وهو الحمصي، تابعي من الثالثة (التقريب 1854).
الثانية: الانقطاع بين إسماعيل بن عياش وراشد بن سعد؛ فقد ولد إسماعيل قبل موت راشد بن سعد بسنتين أو ثلاثة، أو عشر سنين على أبعد الأقوال في ولادة إسماعيل وموت راشد، وهذا سن لا يتحمل فيه الحديث غالبا. والله أعلم.
* * *
630 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَهو يَبُولُ، فَقَالَ:«إِلَيْكَ إِلَيْكَ؛ فَإِنَّ كُلَّ بَائِلَةٍ تُفِيخُ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا، واستنكره ابن عدي، وضعفه الألباني جدًّا.
[اللغة]:
(تفيخ) قال ابن الأثير: "يعني أَنَّ من يبول يخرج منه الريح، وأنث البائل ذهابا إلى النفس"(النهاية 1/ 163).
وقال في موضع آخر: "الإفاخة: الحدث بخروج الريح خاصة. يقال: أفاخ يفيخ إذا خرج منه ريح، وإن جعلت الفعل للصوت قلت: فاخ يفوخ، وفاخت الريح تفوخ فوخا إذا كان مع هبوبها صوت. وقوله «بائلة»: أي نفس بائلة"(النهاية 3/ 477). وانظر: (غريب الحديث لأبي عبيد 3/ 238)، و (غريب الحديث للحربي 2/ 857).
[التخريج]:
[عد (6/ 322)]
[السند]:
أخرجه ابن عدي في (الكامل) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عنبسة، حدثنا محمد بن إسحاق بن عون أبو جعفر الكوفي، حدثنا أبو نعيم، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن أبي هريرة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ آفته: طلحة بن عمرو وهو الحضرمي المكي، قال
عنه الحافظ: "متروك"(التقريب 3030).
والحديث ذكره ابن عدي في ترجمته مع جملة من حديثه، ثم قال:"وهذه الأحاديث التي أمليتها له عامتها مما فيه نظر".
ولذا قال الشيخ الألباني: "ضعيف جدًّا"(الضعيفة 6268).
وشيخ ابن عدي: أحمد بن محمد بن عنبسة وهو أبو عمرو الحمصى المعروف بابن أبي زينب، كذا ذكره ابن عساكر في (تاريخ دمشق 5/ 398) في شيوخ أحمد بن محمد بن عبد الرحمن النصري، وكذا ذكره المزي في تلاميذ أبي تقى هشام بن عبد الملك (تهذيب الكمال 30/ 224). ولم نجد له ترجمة. وبقية رجاله ثقات، فأبو نعيم: هو الفضل بن دكين.
* * *
631 -
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ مُرْسَلًا:
◼ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ خرج يُرِيد حَاجَةً، فَاتبعَهُ بعضُ أَصْحَابِه، فَقَالَ:«تَنَحَّ عَنَّي، فَإِنَّ كُلَّ بَائِلَةٍ تُفِيخُ» .
[الحكم]:
مرسل ضعيف جدًّا، وضعفه الألباني.
[التخريج]:
[هروي (3/ 238) "واللفظ له" / غحر (2/ 856)]
[التحقيق]:
له طريقان عن عبد الله بن عبيد:
الطريق الأول:
رواه إبراهيم الحربي في (غريب الحديث 2/ 856) قال: حدثنا محمد بن يحيى الأزدي، حدثنا محمد بن القاسم، عن طلحة بن عمرو، عن عبد الله بن عبيد، به.
هذا إسناد تالف؛ فيه - مع إرساله
(1)
- محمد بن القاسم وهو الأسدي الكوفي، قال عنه الحافظ:"كذبوه"(التقريب 6229)، وقال أحمد:"أحاديثه موضوعة"(العلل / رواية عبد الله 1899).
وطلحة بن عمرو، متروك كما تقدم، وقد توبع كما في:
الطريق الثاني:
رواه أبو عبيد في (غريب الحديث 3/ 238) قال: حدثنيه محمد بن ربيعة
(1)
فإن عبد الله بن عبيد بن عمير، تابعي من الثالثة، (التقريب 3455).
الكوفي الرواسي عن ابن جُرَيْجٍ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، به.
ولكن هذه متابعة لا يفرح بها؛ فإن ابن جُرَيْجٍ وإن كان ثقة إِلَّا أنه فاحش التدليس، لا يدلس إِلَّا عن مجروح، كما قال الدارقطني. وقد عنعن.
فلعله أخذه من طلحة بن عمرو هذا ودلسه. والله أعلم.
وبهذه العلة أعله الشيخ الألباني، فقال:"هذا إسناد مرسل رجاله ثقات؛ لكن ابن جُرَيْجٍ مدلس"(الضعيفة 13/ 572).
* * *
632 -
حَدِيثُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ مُرْسَلًا:
◼ عن عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ الليثي، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب يهريق الماء فتبعه رجل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«استأخر فكُلّ بَائِلَةٍ تَفِيخُ» .
[الحكم]:
ضعيف؛ لإرساله.
[التخريج]:
[ضحة (ق 23/ أ)]
[السند]:
أخرجه عبد الملك بن حبيب في (الواضحة) قال: حدثني عبد العزيز الأويسي، عن محمد بن عبيد بن عمير الليثي، عن أبيه، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: الإرسال؛ فعبيد بن عمير الليثي، تابعي من الثانية (التقريب 4385).
الثانية: محمد بن عبيد بن عمير، لم نقف له على ترجمة.
* * *
633 -
حَدِيثُ عَطَاءٍ مُرْسَلًا:
◼ عن عَطَاءٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ بَالَ جَالِسًا، فَدَنَا مِنْهُ رَجُلٌ، فَقَالَ:«تَنَحَّ؛ فَإِنَّ كُلَّ بَائِلَةٍ تَفِيخُ» .
[الحكم]:
ضعيف؛ لإرساله.
[التخريج]:
[استذ (3/ 263) / شرح صحيح البخاري لابن بطال (1/ 335)]
[السند]:
علقه ابن عبد البر في (الاستذكار) فقال: وروي عنه من مراسيل عطاء، وعبيد بن عمير، أنه بَالَ جَالِسًا، فَدَنا مِنْهُ رَجُلٌ، فَقَالَ:«تَنَحَّ فإِنَّ كُلَّ بَائِلَةٍ تَفِيخُ» ، ويُرْوى:«تَفِيشُ» .
وقال ابن بطال: "ورُوِي عنه صلى الله عليه وسلم من مرسل عطاء، وعبيد بن عمير،
…
"، ونقل عن إسحاق بن راهويه أنه قال: "لا ينبغى لأحد يتقرب من الرجل يتغوط أو يبول جالسًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: تمت تنح، فإن كل بائلة تفيخ" (شرح صحيح البخاري 1/ 335).
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لإرساله، وإن لم نقف على سنده إلى عطاء فهو تابعي مشهور.
وقد تقدم الحديث من طريق واه عن عطاء عن أبي هريرة. فالله أعلم.
* * *