الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمّا بعد حمد الله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على رسوله محمّد وآله وصحبه أجمعين:
فهذا
(1)
تاريخ متوسط ابتداؤه سنة مولدي، وهو ذيل على تاريخ والدي أبقاه الله تعالى الذي ذيّل
(2)
به على «ذيل العبر» للحافظ أبي عبد الله الذّهبيّ رحمه الله، فأقول:
سنة اثنتين وستّين وسبع مئة
ومولدي: سحر يوم الاثنين ثالث ذي الحجّة منها، ختم الله لي بخير، آمين.
لمّا تمهّد
(3)
للسلطان الملك النّاصر حسن ابن الملك النّاصر محمّد
ابن الملك المنصور قلاوون
الأمر ولم يبق في مملكته من يخشى منه الشّر، تخلّى عن أمر مملكته وشغلته لذّاته عن القيام بمصالح رعيّته فقبض عليه كبير بطانته الأمير يلبغا الخاصّكيّ وأقام في الملك ابن أخيه السّلطان الملك المنصور صلاح الدّين محمّد ابن السّلطان المظفّر حاجي ابن الملك النّاصر محمّد بن قلاوون وحلف له الأمراء، وجلس على كرسي المملكة يوم الأربعاء تاسع جمادى الأولى. وزال عن النّاصر حسن سلطانه
(1)
في الأصل: «هذا» .
(2)
في الأصل: «ذيّله» واخترنا ما في ب.
(3)
قارن بما ورد في: ذيل العبر للحسيني: ص 338 فما بعد والمؤلف ينقل منه دون الإشارة إليه.
وتخلّى عنه أعوانه، وعذّب حتّى هلك بعد أيّام ولم يدر أين قبر. وكانت دولته في المرّة
(1)
الثّانية ستّ سنين وسبعة أشهر.
ولمّا وصل الخبر إلى دمشق بذلك، وحلفت الأمراء شقّ ذلك على نائب الشّام بيدمر الخوارزميّ-وكان في أنفس المصريّين
(2)
منه لتوجهه عند [2 أ] النّاصر حسن-فأنفق على رجال القلعة بعد موت نائبها برناق وحلّفهم على السّمع والطّاعة والقيام معه في مصالح المسلمين، ثم حلّف أمراء دمشق على نحو ذلك.
وقد كان حضر من طرابلس إلى دمشق الأمير سيف الدّين أسندمر الذي كان نائبا بها
(3)
في العام الماضي فحلف مع الأمراء. ثم راسلوا
(4)
النّواب بذلك فكتب
(5)
إليهم منجك من القدس بموافقتهم والقيام معهم وأنّهم ليسوا راضين بالطاعة للأمير يلبغا؛ لأنّه قتل النّاصر حسن ظلما بزعمهم وعملوا بذلك محاضر. وكان لبيت المال بالقلعة نحو أربع مئة ألف درهم فحازها واستخرج الأموال الدّيوانيّة وتعجّل من أهل الذّمّة جزية العام القابل. ونقل إلى القلعة من الغلال والقديد والعدد والآلات ما لا يوصف كثرة، ونصب عليها المجانيق
(6)
. ثم قدم عليه الأمير تومان تمر نائب
(1)
في الأصل: «المدّة» وليس بشيء، وفي ذيل العبر للحسيني: ص: 339: «في الكرّة الثانية» ولا فرق بينهما.
(2)
في: ذيل العبر: 339: «وكان في أنفس المصريين منه بعض ما فيها لتوجهه عند الناصر» .
(3)
في الأصل: «لها» .
(4)
في الأصل: «أرسلوا» وليس بشيء.
(5)
في الأصل: «وكتب» .
(6)
تحرفت في الأصل، ب إلى:«المنجانيق» وهو خطأ. والمنجنيق: هو آلة من خشب لها دفتان قائمتان بينهما سهم طويل، رأسه ثقيل وذنبه خفيف وفيه كفة المنجنيق التي يجعل فيها الحجر، يجذب حتى ترفع-
طرابلس في عاشر رمضان ونزل القصر الظّاهريّ. ثم جهّز العساكر الشّاميّة إلى غزّة ليحفظوها من المصريّين. ثم خرج هو بمن بقي من الأمراء بعد صلاة الجمعة ثاني عشر شهر
(1)
رمضان وأخرج معه القضاة والموقّعين فوصلوا إلى قريب الصّنمين
(2)
فلمّا كان اللّيل جاءهم الخبر: إنّ عساكرهم اقتتلوا
(3)
واختلفوا، ونهبتهم العرب بقرب غزّة. فكرّ راجعا بمن معه ولحقهم منجك أواخر النّهار فباتوا ليلتئذ، وأصبح نائب طرابلس وجماعة من أمراء دمشق لا خبر
(4)
لهم؛ فخارت قوى نائب الشّام وسقط في يده؛ وشرع من حوله في التّفرّق عنه. ولم يبق ممّن كان [2 ب] معه ممّن عليه العمدة سوى: منجك وأسندمر وجبرائيل حاجبه ومعهم دون المئتي نفس. وخرج العسكر السّلطاني
(5)
في خدمة الملك المنصور والأمير يلبغا وصحبتهم الخليفة المعتضد وقضاة العسكر، فوصلوا إلى منزلة الكسوة
(6)
في رابع عشري
(7)
رمضان؛ فتحصّن إذ ذاك نائب دمشق ومن معه بالقلعة، وغلّقت
= أسافله على أعاليه، ثم يرسل فيرتفع ذنبه الذي فيه الكفة فيخرج الحجر منه فما أصاب شيئا إلا أهلكه. (صبح الأعشى: 2/ 137).
(1)
«شهر» سقطت من ب.
(2)
مثنى صنم: قرية من أعمال دمشق في أوائل حوران بينها وبين دمشق مرحلتان. (معجم البلدان: 3/ 431).
(3)
تحرفت في الأصل إلى: «انتقلوا» . وما أثبتناه موافق لما في ذيل العبر للحسيني: 341.
(4)
في ذيل العبر للحسيني: 342: «لا حسّ لهم ولا خبر» .
(5)
يريد به المصريين.
(6)
الكسوة: قرية هي أول منزل تنزله القوافل إذا خرجت من دمشق إلى مصر. . . «معجم البلدان: 4/ 461» .
(7)
في الأصل: «عشرين» وما أثبتناه من ب، وهي كثيرة الحصول في هذا الكتاب، وسنهمل الإشارة إليها مستقبلا.
أبواب دمشق؛ وأشرف النّاس على خطّة صعبة، وتأهّبوا للحصار، وأصبح الأمراء يوم الخميس بدمشق لابسين السّلاح، وقطعوا الأنهار الدّاخلة إلى القلعة؛ فقلق النّاس لذلك وخافوا الهلاك فلمّا كان من الغد وقت صلاة الجمعة فتحت أبواب البلد واستبشر النّاس بذلك، وأصبح السّلطان قد نزل المخيّم ظاهر دمشق ومعه العساكر، والأمير علاء الدّين الماردانيّ-الذي كان
(1)
نائب حماة-بخلعة نيابة دمشق، وهذه النّيابة الثّالثة. وراسلوا بيدمر فاتّفق الصّلح بين الفريقين بعد محاورة
(2)
طويلة، ودخل قضاة الشّام بينهم في ذلك فنزلوا من القلعة بالأمان ليلة الاثنين تاسع عشري رمضان، فسرّ النّاس بذلك سرورا عظيما. ولمّا نزل بيدمر، وأسندمر، ومنجك، وجبرائيل إلى وطاق
(3)
الأمير يلبغا قيّدوا بأمره وأخذوا إلى القصر الظّاهريّ محتفظا بهم. ثم أرسلوا إلى الدّيار المصريّة
(4)
. ودخلت العساكر المصرية والشّاميّة، وعيّدوا بدمشق آمنين. ودخل السّلطان القلعة وأقاموا إلى عاشر شوّال ثم ترحّلوا سالمين. [3 أ].
وفيها أمسك الصّاحب فخر الدّين ابن خصيب
(5)
وخلفه في الوزارة
(1)
في الأصل: «كانت» وليس بشيء.
(2)
تحرفت في الأصل إلى: «محاربة» .
(3)
الوطاق: الخيمة، وجمعها وطاقات.
(4)
في ب: «إلى مصر» .
(5)
لمزيد من التفاصيل عن كيفية إلقاء القبض على الوزير الصاحب فخر الدين ماجد بن الخصيب وعلى أخيه وحواشيه انظر: السلوك لمعرفة دول الملوك: 3/ 1/58 - 59، وتاريخ ابن قاضي شهبة: الورقة 161 - 162، وبدائع الزهور: 1/ 1/574 وغيرها من كتب التاريخ والتراجم.