المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكاية [فضائل السلطان طرمشيرين] - رحلة ابن بطوطة ط أكاديمية المملكة المغربية - جـ ٣

[ابن بطوطة]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثالث]

- ‌الفصل التاسع آسيا الوسطى

- ‌حكاية ومكرمة لهذا القاضي والأمير

- ‌حكاية [الخاتون المتقشفة]

- ‌ذكر بطيخ خوارزم

- ‌حكاية [التاجر الكريم]

- ‌ذكر أولية التّتر وتخريبهم بخارى وسواها

- ‌ذكر سلطان ما وراء النهر

- ‌حكاية [الملك كبك والواعظ]

- ‌حكاية [عن عدل كبك]

- ‌حكاية [فضائل السلطان طرمشيرين]

- ‌رجع الحديث إلى بوزن

- ‌حكاية [ملك الهند]

- ‌حكاية [أميرة تبني مسجدا]

- ‌ذكر سلطان هرات

- ‌حكاية الرافضة

- ‌حكاية [منكر بدار الملك]

- ‌حكاية هي سبب قتل الفقيه نظام الدين المذكور

- ‌حكاية الشيخ شهاب الدين الذي تنسب إليه مدينة الجام

- ‌كرامة له

- ‌الفصل العاشر الطريق إلى دهلي

- ‌[مقدمة]

- ‌ذكر البريد

- ‌ذكر الكركدّن

- ‌ حكاية [الجلود المصلوبة] :

- ‌ذكر السفر في نهر السند وترتيب ذلك

- ‌ذكر غريبة رأيتها بخارج هذه المدينة

- ‌مكرمة لهذا الملك

- ‌ذكر أمير ملتان وترتيب حاله

- ‌ذكر من اجتمعت به في هذه المدينة من الغرباء الوافدين على حضرة ملك الهند

- ‌ذكر أشجار بلاد الهند وفواكهها

- ‌ذكر الحبوب التي يزرعها أهل الهند ويقتاتون بها

- ‌ذكر غزوة لنا بهذا الطريق وهي أول غزوة شهدتها ببلاد الهند

- ‌ذكر أهل الهند الذين يحرقون أنفسهم بالنار

- ‌ذكر وصفها

- ‌ذكر سور دهلي وأبوابها

- ‌ذكر جامع دهلى

- ‌ذكر الحوضين العظيمين بخارجها

- ‌ذكر بعض مزاراتها

- ‌ذكر بعض علمائها وصلحائها

- ‌حكاية [قتيل خوف العذاب]

- ‌كرامة له

- ‌الفصل الحادي عشر فتح دهلي ومن تداولها من الملوك

- ‌ذكر فتح دهلي ومن تداولها من الملوك:

- ‌ذكر السلطان شمس الدين للمش

- ‌ذكر السلطان ركن الدين بن السلطان شمس الدين

- ‌ذكر السلطانة رضية

- ‌ذكر السلطان ناصر الدين بن السلطان شمس الدّين

- ‌ذكر السلطان غياث الدين بلبن

- ‌حكايته الغريبة:

- ‌ذكر السلطان معز الدين بن ناصر الدين بن السلطان غياث الدين بلبن:

- ‌ذكر السلطان جلال الدين

- ‌ذكر السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي

- ‌ذكر ابنه السلطان شهاب الدين

- ‌ذكر السلطان قطب الدين ابن السلطان علاء الدين

- ‌ذكر السلطان خسرو خان ناصر الدين

- ‌ذكر السلطان غياث الدين تغلق شاه

- ‌ذكر ما رامه ولده من القيام عليه فلم يتمّ له ذلك

- ‌ذكر مسير تغلق إلى بلاد اللكنوتي وما اتّصل بذلك إلى وفاته

- ‌الفصل الثاني عشر السلطان محمد ابن تغلق

- ‌ذكر وصفه

- ‌ذكر أبوابه ومشوره وترتيب ذلك:

- ‌ذكر ترتيب جلوسه للناس:

- ‌ذكر دخول الغرباء وأصحاب الهدايا إليه:

- ‌ذكر دخول هدايا عمّاله إليه:

- ‌ذكر خروجه للعيدين وما يتصل بذلك:

- ‌ذكر جلوسه يوم العيد وذكر المبخرة العظمى والسرير الأعظم

- ‌ذكر ترتيبه إذا قدم من سفره

- ‌ذكر ترتيب الطعام الخاص

- ‌ذكر ترتيب الطعام العام

- ‌ذكر بعض أخباره في الجود والكرم

- ‌ذكر عطائه لشهاب الدين الكازروني التاجر وحكايته

- ‌ذكر عطائه لشيخ الشيوخ ركن الدين

- ‌ذكر عطائه للواعظ الترمذي ناصر الدين

- ‌ذكر عطائه لعبد العزيز الأردويلي

- ‌ذكر عطائه لشمس الدين الأندكانيّ

- ‌ذكر عطائه لعضد الدين الشّونكاري

- ‌ذكر عطائه للقاضي مجد الدين

- ‌ذكر عطائه لبرهان الدين الصاغرجي

- ‌ذكر عطائه لحاجي كاون وحكايته

- ‌ذكر قدوم ابن الخليفة عليه وأخباره

- ‌حكاية من تعظيمه إياه

- ‌حكاية نحوها [عن لطف السلطان وكرمه]

- ‌حكايات من بخل ابن الخليفة

- ‌‌‌حكاية [عن شحه]

- ‌حكاية [

- ‌ذكر ما أعطاه السلطان للأمير سيف الدين غدا بن هبة الله بن مهنّى أمير عرب الشام

- ‌ذكر تزوج الأمير سيف الدين بأخت السلطان

- ‌ذكر سجن الأمير غدا

- ‌ذكر تزويج السلطان بنتي وزيره لابني خذاوند زاده، قوام الدين الذي قدم معنا عليه

- ‌حكاية في تواضع السلطان وإنصافه

- ‌‌‌حكاية مثلها

- ‌حكاية مثلها

- ‌ذكر اشتداده في إقامة الصلاة

- ‌ذكر اشتداده في إقامة أحكام الشرع

- ‌ذكر رفعه للمغارم والمظالم وقعوده لإنصاف المظلومين

- ‌ذكر إطعامه في الغلاء

- ‌ذكر فتكات هذا السلطان وما نقم من أفعاله

- ‌ذكر قتله لأخيه

- ‌ذكر قتله لثلاثماية وخمسين رجلا في ساعة واحدة

- ‌ذكر تعذيبه للشيخ شهاب الدين وقتله

- ‌ذكر قتله أيضا للفقيهين من أهل السند كانا في خدمته

- ‌ذكر قتله للشيخ هود

- ‌ذكر سجنه لابن تاج العارفين وقتله لأولاده

- ‌ذكر قتله للشيخ الحيدري

- ‌ذكر قتله لطوغان وأخيه

- ‌ذكر قلته لابن ملك التجار

- ‌ذكر ضربه لخطيب الخطباء حتى مات

- ‌ذكر تخريبه لدهلى ونفي أهلها وقتل الأعمى والمقعد

- ‌الفصل الثالث عشر تاريخ مملكة محمد ابن تغلق

- ‌ذكر ما افتتح به أمره أوّل ولايته من منّه على بهادور بوره

- ‌ذكر ثورة ابن عمّته وما اتّصل بذلك

- ‌ذكر ثورة كشلوخان وقتله

- ‌ذكر ثورة الشريف جلال الدين ببلاد المعبر وما اتّصل بذلك من قتل ابن اخت الوزير

- ‌ذكر ثورة هلاجون

- ‌ذكر وقوع الوباء في عسكر السلطان

- ‌ذكر الإرجاف بموته وفرار الملك هوشنج

- ‌ذكر ما همّ به الشريف إبراهيم من الثورة ومآل حاله

- ‌ذكر خلاف نائب السلطان ببلاد التّلنك

- ‌ذكر انتقال السلطان لنهر الكنك وقيام عين الملك

- ‌ذكر عودة السلطان لحضرته ومخالفة عليّ شاه كر

- ‌ذكر فرار أمير بخت وأخذه

- ‌ذكر خلاف القاضي جلال

- ‌ذكر خلاف ابن الملك ملّ

- ‌ذكر خروج السلطان بنفسه إلى كنباية

- ‌ذكر قتال مقبل وابن الكولمي

- ‌ذكر الغلاء الواقع بأرض الهند

- ‌ذكر وصولنا إلى دار السلطان عند قدومنا وهو غائب

- ‌ذكر وصولنا لدار أمّ السلطان وذكر فضائلها

- ‌ذكر الضيافة

- ‌ذكر وفاة بنتي وما فعلوا في ذلك

- ‌ذكر إحسان السلطان والوزير إلىّ في ايّام غيبة السلطان عن الحضرة

- ‌ذكر العيد الذي شهدته أيام غيبة السلطان

- ‌ذكر قدوم السلطان ولقائنا له

- ‌ذكر دخول السلطان إلى حضرته وما أمر لنا به من المراكب

- ‌ذكر دخولنا إليه وما أنعم به من الإحسان والولاية

- ‌ذكر عطاء ثان أمر لي به وتوقّفه مدّة

- ‌ذكر طلب الغرماء مالهم قبلي ومدحي للسلطان وأمره بخلاص ديني وتوقّف ذلك مدّة

- ‌ذكر خروج السلطان إلى الصيد وخروجي معه وما صنعت في ذلك

- ‌ذكر الجمل الذي أهديته للسلطان

- ‌ذكر الجملين الّذين أهديتهما إليه والحلواء، وأمره بخلاص ديني وما تعلّق بذلك

- ‌ذكر خروج السلطان وأمره لي بالإقامة بالحضرة

- ‌ذكر ما فعلته في ترتيب المقبرة

- ‌ذكر عادتهم في اطعام الناس في الولائم

- ‌ذكر خروجي إلى هزار أمروها

- ‌ذكر مكرمة لبعض الأصحاب

- ‌ذكر خروجي إلى محلّة السلطان

- ‌ذكر ما همّ به السلطان من عقابي وما تداركني من لطف الله تعالى

- ‌ذكر انقباضي عن الخدمة وخروجي عن الدنيا

- ‌ذكر بعث السلطان عنّي وإبايتي عن الرجوع إلى الخدمة واجتهادي في العبادة

- ‌ذكر ما أمرني به من التوجّه إلى الصين في الرسالة

الفصل: ‌حكاية [فضائل السلطان طرمشيرين]

والوزير والحاجب، وصاحب العلامة «54» وهم يسمونه آل طمغى، وآل بفتح الهمزة: معناه الأحمر، وطمغى بفتح الطاء المهمل وسكون الميم والغين المعجم المفتوح، ومعناه العلامة.

وقام إليّ أربعتهم حين دخولي، ودخلوا معي فسلمت عليه وسألني، وصاحب- يترجم بيني وبينه، وعن مكة والمدينة والقدس شرفها الله وعن مدينة الخليل عليه السلام وعن دمشق ومصر والملك الناصر عن العراقين وملكهما وبلاد الاعاجم، ثم أذّن المؤذن بالظهر فانصرفنا وكنا نحضر معه الصلوات، وذلك أيام البرد الشديد المهلك، فكان لا يترك صلاة الصبح والعشاء في الجماعة ويقعد للذكر بالتركية بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس، وياتي إليه كلّ من في المسجد فيصافحه ويشد بيده على يده، وكذلك يفعلون في صلاة العصر، وكان إذا أوتي بهدية من زبيب أو تمر، والتمر عزيز عندهم وهم يتبرّكون به، يعطي منها بيده لكلّ من في المسجد.

‌حكاية [فضائل السلطان طرمشيرين]

ومن فضائل هذا الملك أنه حضرت صلاة العصر يوما ولم يحضر السلطان فجاء أحد فتيانه بسجادة ووضعها قبالة المحراب حيث جرت عادته أن يصلي، وقال للإمام حسام الدين الياغي: إن مولانا يريد أن تنتظره بالصلاة قليلا ريثما يتوضأ فقام الامام المذكور، وقال: نماز، ومعناه الصلاة، برأي خذا أو برأي طرمشيرين؟ أي الصّلاة لله أو لطرمشيرين؟ ثم أمر المؤذن بإقامة الصلاة وجاء السلطان وقد صلّي منها ركعتان، فصلى الركعتين الآخرتين حيث انتهى به القيام، وذلك في الموضع الذي تكون به أنعلة الناس عند باب المسجد، وقضى ما فاته وقام إلى الإمام ليصافحه وهو يضحك وجلس قبالة المحراب والشيخ الإمام إلى جانبه وأنا إلى جانب الإمام فقال لي: إذا مشيت إلى بلادك فحدّث أنّ فقيرا من فقراء الأعاجم يفعل هكذا مع سلطان الترك!! وكان هذا الشيخ يعظ الناس في كلّ جمعة ويأمر السلطان بالمعروف وينهاه عن المنكر وعن الظلم ويغلّظ عليه القول والسلطان ينصت لكلامه ويبكي، وكان لا يقبل من عطاء السّلطان شيئا ولم يأكل قط من طعامه ولا لبس من ثيابه.

ص: 29

وكان هذا الشيخ من عباد الله الصالحين وكنت كثيرا ما أرى عليه قباء قطن مبطنا بالقطن، محشوا به وقد بلى وتمزّق، وعلى رأسه قلنسوّة لبد يساوي مثلها قيراطا «55» ولا عمامة عليه، فقلت له في بعض الأيام: يا سيدي ما هذا القباء الذي أنت لابسه إنه ليس يجيد، فقال لي: يا ولدي ليس هذا القباء لي وانما لابنتي فرغبت منه أن يأخذ بعض ثيابي فقال:

عاهدت الله منذ خمسين سنة، أن لا أقبل من أحد شيئا ولو كنت اقبل من أحد لقبلت منك! ولما عزمت على السّفر بعد مقامي عند هذا السلطان أربعة وخمسين يوما أعطاني السلطان سبعمائة دينار دراهم وفروة سمّور تساوي مائة دينار طلبتها منه لأجل البرد ولما ذكرتها له، أخذ أكمامي وجعل يقبّلها بيده تواضعا منه وفضلا وحسن خلق، وأعطاني فرسين وجملين، ولما أردت وداعه أدركته في أثناء طريقه إلى متصيّده، وكان اليوم شديد البرد جدّا، فو الله ما قدرت على أن أنطق بكلمة لشدة البرد! ففهم ذلك، وضحك وأعطاني يده وانصرفت.

وبعد سنتين من وصولي إلى أرض الهند بلغنا الخبر بأن الملأ من قومه وأمرائه اجتمعوا بأقصى بلاده المجاورة للصين، وهناك عساكره وبايعوا ابن عمّ له اسمه بوزن أغلي «56» وكلّ من كان من أبناء الملوك فهم يسمّونه أغلي «57» ، بضم الهمزة وسكون الغين المعجمة وكسر اللام، وبوزن بضم الباء الموحدة وضم الزاي، وكان مسلما إلا أنه فاسد الدّين سيء السيرة، وسبب بيعتهم له وخلعهم لطرمشيرين، أن طرمشيرين خالف أحكام جدهم تنكيز اللعين الذي خرب بلاد الإسلام، وقد تقدّم ذكره، وكان تنكيز ألّف كتابا في أحكامه

ص: 30

يسمى اليساق «58» ، بفتح الياء آخر الحروف والسين المهمل وآخره قاف، وعندهم أنّه من خالف أحكام هذا الكتاب فخلعه واجب، ومن جملة أحكامه أنهم يجتمعون يوما في السنة يسمونه الطّوّي «59» ومعناه يوم الضيافة، ويأتي أولاد تنكيز والأمراء من أطراف البلاد ويحضر الخواتين وكبار الأجناد، وإن كان سلطانهم قد غير شيئا من تلك الأحكام، يقوم إليه كبراؤهم فيقولون له: غيّرت كذا وغيرت كذا وفعلت كذا وقد وجب خلعك، ويأخذون بيده ويقيمونه عن سرير الملك ويقعدون غيره من أبناء تنكيز، وان كان أحد الأمراء الكبار أذنب ذنبا في بلاده حكموا عليه بما يستحقه!! وكان السلطان طرمشيرين قد أبطل حكم هذا اليوم ومحا رسمه فأنكروه عليه أشد الانكار، وأنكروا عليه أيضا كونه أقام أربع سنين فيما يلي خراسان من بلاده، ولم يصل إلى الجهة التي توالي الصين، والعادة أنّ الملك يقصد تلك الجهة في كلّ سنة فيختبر أحوالها وحال الجند بها لأن أصل ملكهم منها، ودار الملك هي مدينة المالق «60» ، فلما بايعوا بوزن أتى في عسكر عظيم وخاف طرمشيرين على نفسه من أمرائه ولم يأمنهم فركب في خمسة عشر فارسا يريد بلاد غزنة، وهي من عمالته، وواليها كبير أمرائه وصاحب سرّه برنطيه، وهذا الأمير محبّ في الاسلام والمسلمين قد عمر في عمالته نحو أربعين زاوية فيها الطعام للوارد والصادر وتحت يده العساكر العظيمة ولم أر قط فيمن رأيته من الآدميّين بجميع بلاد الدنيا أعظم خلقة منه! فلما عبر نهر جيحون، وقصد طريق بلخ رآه بعض الأتراك من أصحاب ينقي

ص: 31

ابن أخيه كبك «61» ، وكان السلطان طرمشيرين المذكور قتل أخاه كبك المذكور وبقى ابنه ينقي ببلخ فلما أعلمه التركي بخبره، قال: ما فرّ إلا لأمر حدث عليه، فركب في أصحابه وقبض عليه وسجنه، ووصل بوزن إلى سمرقند وبخارى فبايعه الناس وجاءه ينقي بطرمشيرين، فيذكر أنه لما وصل إلى نسف بخارج سمرقند قتل هنالك ودفن بها «62» ، وخدم تربته الشيخ شمس الدين كردن بريدا، وقيل: إنه لم يقتل كما سندكره، وكردن بكاف معقودة وراء مسكن ودال مهمل مفتوح ونون، معناه المقطوع، ويسمى بذلك لضربة كانت في عنقه، وقد رأيته بأرض الهند ويقع ذكره فيما بعد.

ولما ملك بوزن هرب ابن السلطان طرمشيرين وهو بشاي أغل واخته وزوجها فيروز إلى ملك الهند فعظّمهم وأنزلهم منزلة علية بسبب ما كان بينه وبين طرمشيرين من الود والمكاتبة والمهاداة، وكان يخاطبه بالأخ، ثم بعد ذلك أتى رجل من أرض السند وادّعى أنه هو طرمشيرين واختلف الناس فيه، فسمع بذلك عماد الملك سرتيز غلام ملك الهند، ووالي بلاد السند، ويسمّى ملك عرض، وهو الذي تعرض بين يديه عساكر الهند وإليه أمرها، ومقرّه بملتان قاعدة السند، فبعث إليه بعض الأتراك العارفين به، فعادوا إليه وأخبروه أنه هو طرمشيرين حقا، فأمر له بالسّراجة، وهي أفراج، فضرب خارج المدينة ورتّب له ما يرتب لمثله وخرج لاستقباله، وترجّل له وسلّم عليه وأتى في خدمته إلى السّراجة، فدخلها راكبا كعادة الملوك ولم يشك أحد أنّه هو وبعث إلى ملك الهند بخبره فبعث إليه الأمراء يستقبلونه بالضيافات، وكان في خدمة ملك الهند حكيم ممن خدم طرمشيرين فيما تقدم، وهو كبير الحكماء بالهند، فقال للملك: أنا أتوجه إليه وأعرف حقيقة أمره، فإني كنت عالجت له دمّلا تحت ركبته وبقى أثره، وبه أعرفه فأتى إليه ذلك الحكيم واستقبله مع الأمراء ودخل عليه ولازمه لسابقته وأخذ يغمز رجليه وكشف عن الأثر فشتمه، وقال له: تريد أن تنظر إلى الدّمل الذي عالجته، ها هو ذا، وأراه أثره فتحقق أنه هو، وعاد إلى ملك الهند فأعلمه بذلك.

ثم إن الوزير خواجه جهان أحمد بن إياس، وكبير الأمراء قطلوخان «63» معلم

ص: 32