الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على بهاء الدّين وأسلمه إلى عسكر السلطان، فقيّدوه وغلّوه وأتوا به اليه، فلمّا أتي به إليه أمر بادخاله إلى قرابته من النساء فشتمنه وبصقن في وجهه، وأمر بسلخه وهو بقيد الحياة، فسلخ وطبخ لحمه مع الأرز، وبعث لأولاده وأهله وجعل باقيه في صحفة وطرح للفيلة لتأكله، فأبت أكله! وأمر بجلده فحشى بالتبن وقرن بجلد بهادور بوره «14» وطيف بهما على البلاد.
فلمّا وصلا إلى بلاد السّند وأمير أمرائها يومئذ كشلو خان «15» صاحب السلطان تغلق ومعينه على أخذ الملك، وكان السلطان يعظّمه ويخاطبه بالعمّ ويخرج لاستقباله إذا وفد من بلاده أمر كشلوخان بدفن الجلدين، فبلغ ذلك السلطان فشقّ عليه فعله واراد الفتك به.
ذكر ثورة كشلوخان وقتله
ولمّا اتّصل بالسلطان ما كان من فعله في دفن الجلدين بعث عنه وعلم كشلوخان أنّه يريد عقابه فامتنع وخالف وأعطى الأموال وجمع العساكر وبعث إلى الترك والأفغان وأهل خراسان، فأتاه منهم العدد الجمّ حتّى كافأ عسكره عسكر السلطان أو أربى عليه كثرة وخرج السلطان بنفسه لقتاله، فكان اللقاء على مسيرة يومين من ملتان بصحراء أبو هر «16» ، وأخذ السلطان بالحزم عند لقائه فجعل تحت الشطر عوضا منه الشيخ عماد الدين شقيق الشيخ ركن الدين الملتانيّ «17» ، وهو حدّثني هذا وكان شبيها به، فلمّا حمى القتال انفرد السلطان في أربعة آلاف من عسكره، وقصد عسكر كشلوخان قصد الشطر معتقدين أن السلطان تحته فقتلوا عماد الدين، وشاع في العسكر أنّ السلطان قتل فاشتغلت عساكر كشلوخان بالنهب وتفرّقوا عنه ولم يبق معه إلّا القليل، فقصده السلطان بمن معه فقتله وجزّ راسه، وعلم بذلك جيشه ففرّوا، ودخل السلطان مدينة ملتان وقبض على قاضيها كريم الدين وأمر بسلخه فسلخ، وأمر برأس كشلوخان فعلّق على بابه، وقد رأيته معلّقا لمّا وصلت إلى ملتان، وأعطى السلطان للشيخ ركن الدين أخى عماد الدين ولابنه وصدر الدين مائه قرية إنعاما عليهم ليأكلوا منها ويطعموا بزاويتهم المنسوبة لجدّهم بهاء الدين زكرياء «18» وأمر
السلطان وزيره خواجة جهان أن يذهب إلى مدينة كمال بور «19» وهي مدينة كبيرة على ساحل البحر، وكان أهلها قد خالفوا فأخبرني بعض الفقهاء انّه حضر دخول الوزير إيّاها قال: وأحضر بين يديه القاضي بها والخطيب فأمر بسلخ جلودهما، فقالا له: اقتلنا بغير ذلك، فقال لهما: بما استوجبتما القتل؟ فقالا: بمخالفتنا أمر السلطان، فقال لهما: فكيف أخالف أنا أمره وقد أمرني أن اقتلكما بهذه القتلة، وقال للمتولّين لسلخهما: احفروا لهما حفرا تحت وجوههما يتنفّسان فيها فانّهم اذا سلخوا، والعياذ بالله، يطرحون على وجوههم، ولمّا فعل ذلك تمهّدت بلاد السند وعاد السلطان إلى حضرته.
ذكر الوقيعة بجبل قراجيل «20» على جيش السلطان
وأول اسمه قاف وجيم معقودة، وجبل قراجيل هذا جبل كبير يتّصل مسيرة ثلاثة أشهر، وبينه وبين دهلي مسيرة عشر، وسلطانه من أكبر سلاطين الكفار، وكان السلطان بعث ملك نكبية «21» رأس الدويداريّة إلى حرب هذا الجبل، ومعه مائة الف فارس، ورجّاله سواهم كثيرا فملك مدينة جدية «22» ، وضبطها بكسر الجيم وسكون الدال المهمل وفتح الياء آخر الحروف، وهي أسفل الجبل، وملك ما يليها وسبى وخرّب وأحرق وفرّ الكفار إلى أعلى الجبل وتركوا بلادهم واموالهم وخزائن ملكهم.
وللجبل طريق واحد، وعن أسفل منه واد وفوقه الجبل فلا يجوز فيه الّا فارس منفرد خلفه آخر، فصعدت عساكر المسلمين على ذلك الطريق وتملّكوا مدينة ورنكل 2»
التي بأعلى الجبل، وضبطها بفتح الواو والراء وسكون النون وفتح الكاف، واحتووا على ما فيها وكتبوا إلى السلطان بالفتح فبعث اليهم قاضيا وخطيبا، وأمرهم بالإقامة.
فلمّا كان وقت نزول المطر غلب المرض على العسكر وضعفوا وماتت الخيل وانحلّت القسّي، فكتب الأمراء إلى السلطان واستأذنوه في الخروج عن الجبل والنزول إلى أسفله بخلال ما ينصرم فصل نزول المطر فيعودون فأذن لهم في ذلك، فأخذ الأمير نكبية الأموال