الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأكثر سوقتها كفّار، وفيها ستّماية فارس من جيش السلطان لا يزالون في جهاد لأنّها بين الكفّار.
ولما قتل قطب الدين اخوته واستقل بالملك فلم يبق من ينازعه ولا من يخالف عليه، بعث الله تعالى عليه خاصّته الحظيّ لديه أكبر أمرائه وأعظمهم منزلة عنده ناصر الدين خسرو خان ففتك به وقتله واستقلّ بملكه الّا أنّ مدّته لم تطل في الملك فبعث الله عليه أيضا من قتله بعد خلعه وهو السلطان تغلق، حسبما يشرح ذلك كلّه مستوفى إن شاء الله تعالى إثر هذا ونسطره.
ذكر السلطان خسرو خان ناصر الدين
وكان خسرو خان من أكبر أمراء قطب الدين «63» ، وهو شجاع حسن الصورة وكان فتح بلاد جند يري «64» وبلاد المعبر، وهي من أخصب بلاد الهند، وبينهما وبين دهلي مسيرة ستّة أشهر، وكان قطب الدين يحبّه حبّا شديدا ويؤثره، فجّر ذلك حتفه على يديه، وكان لقطب الدين معلّم يسمى قاضي خان صدر الجهان «65» ، وهو أكبر أمرائه، وكليت دار وهو صاحب مفاتيح القصر، وعادته أن يبيت كلّ ليلة على باب السلطان ومعه أهل النوبة وهم ألف رجل يبيتون مناوبة بين أربع ليال ويكونون صفّين فيما بين أبواب القصر وسلاح كل واحد منهم بين يديه فلا يدخل أحد إلّا فيما بين سماطيهم، وإذا تمّ الليل أتى أهل نوبة النهار.
ولأهل النّوبة امراء وكتّاب يتطوّفون عليهم ويكتبون من غاب منهم أو حضر، وكان معلم السلطان قاضي خان يكره أفعال خسرو خان ويسؤه ما يراه من إيثاره لكفّار الهنود وميله إليهم. وأصله منهم، ولا يزال يلقي ذلك إلى السلطان فلا يسمع منه، ويقول له: دعه وما يريد، لما أراد الله من قتله على يديه، فلما كان في بعض الأيام قال خسرو خان للسلطان: إنّ جماعة من الهنود يريدون أن يسلموا، ومن عادتهم بتلك البلاد أنّ الهندي إذا أراد الإسلام
أدخل إلى السلطان فيكسوه كسوة حسنة ويعطيه قلادة وأساور من ذهب على قدره، فقال له السلطان: ائتني بهم! فقال: إنهم يستحيون أن يدخلوا إليك نهارا لأجل أقربائهم وأهل ملّتهم، فقال له: ائتني بهم ليلا! فجمع خسرو خان جماعة من شجعان الهنود وكبرائهم فيهم أخوه خان خانان «66» ، وذلك أوان الحرّ، والسلطان ينام فوق سطح القصر، ولا يكون عنده في ذلك الوقت إلّا بعض الفتيان، فلما دخلوا الأبواب الأربعة، وهم شاكّون في السلاح، ووصلوا إلى الباب الخامس وعليه قاضي خان، أنكر شأنهم وأحسّ بالشر فمنعهم من الدخول، وقال: لا بدّ أن أسمع من خوند عالم بنفسي الإذن في دخولهم، وحينئذ يدخلون، فلما منعهم من الدخول هجموا عليه فقتلوه، وعلت الضجّة بالباب فقال السلطان: ما هذا؟
فقال خسرو خان: هم الهنود الذين أتوا ليسلموا، فمنعهم قاضي خان من الدخول، وزاد الضّجيج فخاف السلطان، وقام يريد الدّخول إلى القصر وكان بابه مسدودا والفتيان عنده، فقرع الباب واحتضنه خسرو خان من خلفه، وكان السلطان أقوى منه فصرعه، ودخل الهنود، فقال لهم خسرو خان: هوذا فوقي فاقتلوه! فقتلوه وقطعوا رأسه ورموا به من سطح القصر إلى صحنه «67» .
وبعث خسرو خان من حينه عن الأمراء والملوك، وهم لا يعلمون بما اتّفق، فكلّما دخلت طائفة وجدوه على سرير الملك، فبايعوه، ولما أصبح أعلن بأمره وكتب المراسم وهي الأوامر إلى جميع البلاد، وبعث لكلّ أمير خلعة فطاعوا له جميعا واذعنوا إلا تغلق شاه والد السلطان محمد شاه، وكان اذ ذاك أميرا بدبّال بور «68» من بلاد السند، فلما وصلته خلعة خسرو خان طرحها بالأرض وجلس فوقها وبعث إليه أخاه خان خانان فهزمه، ثم آل أمره إلى أن قتله كما سنشرحه في أخبار تغلق.
ولما ملك خسرو خان آثر الهنود «69» وأظهر أمورا منكرة منها النهى عن ذبح البقر