الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«54» الملك، وبايعه الناس وتغلب ملك نايب عليه، وسمل أعين أبي بكر خان وشادي خان، وبعث بهما إلى كاليور، وأمر بسمل عيني أخيهما خضر خان المسجون هنالك، وسجنوا وسجن قطب الدين لاكنّه لم يسمل عينيه، وكان للسلطان علاء الدين مملوكان من خواصّه، يسمّى أحدهما ببشير، والآخر بمبشّر، فبعثت عنهما الخاتون الكبرى زوجة علاء الدين، وهي بنت السلطان معز الدين «55» فذكرتهما بنعمة مولاهما وقالت: إنّ هذا الفتى نايب ملك قد فعل في أولادي ما تعلمانه، وإنه يريد أن يقتل قطب الدين، فقالا لها: سترين ما نفعل، وكانت عادتهما أنّ يبيتا عند نايب ملك، ويدخلا عليه بالسلاح، فدخلا عليه تلك الليلة، وهو في بيت من الخشب مكسوّ بالملف يسمونه الخرمقة «56» ينام فيه أيام المطر فوق سطح القصر، فاتّفق أنه أخذ السيف من يد أحدهما فقلّبه وردّه إليه فضربه به المملوك، وثنّى عليه صاحبه واحتزّا رأسه وأتيا به إلى محبس قطب الدين فرمياه بين يديه وأخرجاه فدخل على أخيه شهاب الدين وأقام بين يديه أياما كأنّه نايب له ثم عزم على خلعه فخلعه «57» .
ذكر السلطان قطب الدين ابن السلطان علاء الدين
وخلع قطب الدين أخاه شهاب الدين وقطع إصبعه وبعث به إلى كاليور فحبس مع إخوته، واستقام الملك لقطب الدين، ثمّ إنّه بعد ذلك خرج من حضرة دهلي إلى دولة أباد، وهي على مسيرة أربعين يوما منها والطريق بينهما تكنفه الأشجار من الصفصاف وسواه فكأنّ الماشي به في بستان، وفي كلّ ميل منه ثلاث داوات، وهي البريد، وقد ذكرنا ترتيبه، وفي كلّ داوة جميع ما يحتاج المسافر إليه فكأنّه يمشي في سوق مسيرة الأربعين يوما، وكذلك يتّصل الطريق إلى بلاد التّلنك «58» والمعبر «59» مسيرة ستّة أشهر، وفي كل منزلة قصر
للسلطان وزاوية للوارد والصادر. فلا يفتقر الفقير إلى حمل زاد في ذلك الطريق! ولما خرج السلطان قطب الدين في هذه الحركة «60» اتّفق بعض الأمراء على الخلاف عليه وتولية ولد أخيه خضر خان المسجون «61» ، وسنّه نحو عشرة أعوام، وكان مع السلطان، فبلغ السلطان ذلك، فأخذ ابن أخيه المذكور، وأمسك برجليه، وضرب برأسه إلى الحجارة حتّى نثر دماغه، وبعث أحد الأمراء ويسمى ملك شاه إلى كاليور حيث أبو هذا الولد وأعمامه وأمره بقتلهم جميعا! فحدّثني القاضي زين الدين مبارك قاضي هذا الحصن، قال: قدم علينا ملك شاه ضحوة يوم وكنت عند خضر خان بمحبسه، فلما سمع بقدومه خاف وتغيّر لونه، ودخل عليه الأمير فقال له: فيما جئت؟ قال: في حاجة خوند عالم، فقال له: نفسي سالمة؟ فقال: نعم، وخرج عنه واستحضر الكتوال، وهو صاحب الحصن والمفردين وهم الزماميّون، وكانوا ثلاثمائة رجل وبعث عنّي وعن العدول واستظهر بأمر السلطان فقرأوه وأتوا إلى شهاب الدّين المخلوع فضربوا عنقه وهو متثبّت غير جزع، ثم ضربوا عنق أبي بكر خان وشادي خان، ولما أتوا ليضربوا عنق خضر خان فزع وذهل، وكانت أمّه معه فسدّوا الباب دونها وقتلوه، وسحبوهم جميعا في حفرة دون تكفين ولا غسل، وأخرجوا بعد سنين فدفنوا بمقابر آبائهم، وعاشت أمّ خضر خان مدّة ورأيتها بمكة سنة ثمان وعشرين.
وحصن كاليور «62» هذا في رأس شاهق كأنّه منحوت من الصخر لا يحاذيه جبل، وبداخله جباب الماء ونحو عشرين بئرا، عليها الأسوار مضافة إلى الحصن، منصوبا عليها المجانيق والرّعادات، ويصعد إلى الحصن في طريق متّسعة يصعدها الفيل والفرس، وعند باب الحصن صورة فيل منحوت من الحجر، وعليه صورة فيّال، وإذا رءاه الإنسان على البعد لم يشكّ أنّه فيل حقيقة، وأسفل الحصن مدينة حسنة مبنية كلّها بالحجارة البيض المنحوتة مساجدها ودورها، ولا خشب فيها ما عدا الأبواب، وكذلك دار الملك بها، والقباب والمجالس