الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السلطان وذلك اثنا عشر لكا، واللّك: مائة ألف دينار، وصرف اللّك عشرة آلاف دينار من ذهب الهند، وصرف الدينار الهندي ديناران ونصف دينار من ذهب المغرب «18» ، وقدّموا على أنفسهم ونار المذكور، وسموه ملك فيروز، وقسم الأموال على العسكر، ثم خاف على نفسه لبعده عن قبيلته، وقدم الباقون من العسكر على أنفسهم قيصر الرومي.
واتصل خبرهم بعماد الملك سرتيز مملوك السلطان، وهو يومئذ أمير أمراء السند، وسكناه بملتان، فجمع العساكر وتجهز في البر وفي نهر السند، وبين ملتان وسيوستان عشرة أيام، وخرج إليه قيصر فوقع اللقاء، وانهزم قيصر، ومن معه أشنع هزيمة وتحصنوا بالمدينة، فحصرهم ونصب المجانيق عليهم واشتد الحصار، فطلبوا الأمان بعد أربعين يوما من نزوله عليهم، فأعطاهم الأمان، فلما نزلوا إليه غدرهم وأخذ أموالهم وأمر بقتلهم، فكان كل يوم يضرب أعناق بعضهم، ويوسّط بعضهم، ويسلخ آخرين منهم، ويملأ جلودهم تبنا ويعلقها على السور فكان معظمه عليه تلك الجلود مصلوبة ترعب من ينظر إليها، وجمع رؤوسهم في وسط المدينة فكانت مثل التل هنالك! ونزلت بتلك المدينة إثر هذه الوقيعة بمدرسة فيها كبيرة، وكنت أنام على سطحها فإذا استيقظت من الليل أرى تلك الجلود المصلوبة فتشمئز النفس منها، ولم تطب نفسي بالسكنى بالمدرسة، فانتقلت عنها، وكان الفقيه الفاضل العادل علاء الملك الخراساني المعروف بفصيح الدين قاضي هراة في متقدم التاريخ، قد وفد على ملك الهند فولاه مدينة لاهري وأعمالها من بلاد السند، وحضر هذه الحركة مع عماد الملك سرتيز بمن معه من العساكر فعزمت على السفر معه إلى المدينة لاهري وكان له خمسة عشر مركبا قدم بها في نهر السند تحمل أثقاله فسافرت معه.
ذكر السفر في نهر السند وترتيب ذلك
وكان للفقيه علاء الملك في جملة مراكبه مركب يعرف بالأهورة، بفتح الهمزة والهاء وسكون الواو وفتح الراء، وهي نوع من الطريدة عندنا، إلا أنها أوسع منها وأقصر «19» ،
وعلى نصفها معرّش من خشب يصعد له على درج، وفوقه مجلس مهيأ لجلوس الأمير ويجلس أصحابه بين يديه ويقف المماليك يمنة ويسرة والرجال يقذّفون وهم نحو أربعين، ويكون من هذه الأهورة أربعة من المراكب عن يمينها ويسارها اثنان منها فيها مراتب الأمير، وهي العلامات والطبول والأبواق والأنفار والصّرنايات، وهي الغيطات، والآخران فيهما أهل الطرب، فتضرب الطبول والأبواق نوبة، ويغني المغنون نوبة، ولا يزالون كذلك من أول النهار إلى وقت الغداء.
فإذا كان وقت الغداء انضمّت المراكب واتصل بعضها ببعض ووضعت بينهما الإصقالات «20» وأتى أهل الطرب إلى أهورة الأمير فيغنون إلى أن يفرغ من أكله، ثم ياكلون، وإذا انقضى الأكل عادوا إلى مركبهم، وشرعوا أيضا في المسير على ترتيبهم إلى الليل، فإذا كان الليل ضربت المحلة على شاطىء النهر ونزل الأمير إلى مضاربه، ومدّ السّماط وحضر الطعام معظم العسكر، فإذا صلوا العشاء الأخيرة سمر السمّار بالليل نوبا، فإذا أتم أهل النوبة من نوبتهم نادى مناد منهم بصوت عال: يا خوند ملك، قد مضى من الليل كذا من الساعات، ثم يسمر أهل النوبة الأخرى فإذا أتموه نادى مناديهم أيضا معلما بما مرّ من الساعات، فإذا كان الصبح ضربت الأبواق والطبول وصليت صلاة الصبح وأتي بالطعام، فإذا فرغ الأكل أخذوا في المسير، فإن أراد الأمير ركوب النهر ركب على ما ذكرناه من الترتيب، وإن أراد المسير في البرّ ضربت الأطبال والأبواق وتقدم حجابه ثم تلاهم المشّاؤون بين يديه، ويكون بين أيدي الحجاب ستة من الفرسان عند ثلاثة منهم أطبال قد تقلدوها وعند ثلاثة صرّنايات فإذا أقبلوا على قرية أو ما هو من الأرض مرتفع ضربوا تلك الأطبال والصّرنايات، ثم تضرب أطبال العسكر وأبواقه، ويكون عن يمين الحجّاب ويسارهم المغنون ويغنون نوبا، فإذا كان وقت الغداء نزلوا.
وسافرت مع علاء الملك خمسة أيام، ووصلنا إلى موضع ولايته وهو مدينة لاهري،