الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دينار، فعاد إليه فأعلمه فامره أن يعود إليهم، ويقول لهم: إن خوند عالم يقول لكم: المال عندي وأنا أنصفكم منه فلا تطلبوه به! وأمر عماد الدين السمنانيّ وخذاوند زادة غياث الدين أن يقعدوا بهزار أسطون، ويأتي أهل الدّين بعقودهم وينظروا إليها ويتحقّقوها، ففعلا ذلك، وأتى الغرماء بعقودهم، فدخلا إلى السلطان وأعلماه بثبوت العقود فضحك، وقال ممازحا: أنا أعلم أنّه قاض جهّز شغله فيها! ثم أمر خذاوند زادة أن يعطيني ذلك من الخزانة فطمع في الرشوة على ذلك وامتنع أن يكتب خطّ خرد، فبعثت إليه مائتي تنكة، فردّها ولم يأخذها، وقال لي عنه بعض خدّامه: إنه طلب خمسمائة تنكة فامتنعت من ذلك، وأعلمت عميد الملك بن عماد الدين السمنانيّ بذلك، فأعلم به أباه وعلمه الوزير وكانت بينه وبين خذاوند زادة عداوة، فأعلم السلطان بذلك وذكر له كثيرا من أفعال خذاوند زادة فغيّر خاطر السلطان عليه، فأمر بحبسه في المدينة وقال: لأي شيء أعطاه فلان ما أعطاه، ووقّفوا ذلك حتّى يعلم هل يعطي خذاوند زادة شيئا اذا منعته أو يمنعه إذا أعطيته؟! فبهذا السبب توقّف عطاء ديني.
ذكر خروج السلطان إلى الصيد وخروجي معه وما صنعت في ذلك
ولمّا خرج السلطان إلى الصيد خرجت معه من غير تربّص وكنت قد أعددت ما يحتاج إليه وعملت ترتيب أهل الهند فاشتريت سراجة وهي أفراج، وضربها هنالك مباح ولا بدّ منها لكبار الناس وتمتاز سراجة السلطان بكونها حمراء وسواها بيضا، منقوشة بالأزرق، واشتريت الصيوان، وهو الذي يظلّل به داخل السراجة، ويرفع على عمودين كبيرين ويحمل ذلك الرجال على أعناقهم، ويقال لهم: الكيوانيّة.
والعادة هنالك أن يكتري المسافر الكيوانيّة، وقد ذكرناهم، ويكتري من يسوق له العشب لعلف الدوابّ لأنّهم لا يطعمونها التّبن، ويكتري الكهارين «106» وهم الذين يحملون أواني المطبخ، ويكتري من يحمله في الدولة، وقد ذكرناها، ويحملها فارغة، ويكتري الفرّاشين وهم الذين يضربون السراجة ويفرشونها ويرفعون الأحمال على الجمال، ويكتري الدّوادويّة وهم الذين يمشون بين يديه ويحملون المشاعل بالليل فاكتريت أنا جميع من احتجت له منهم، واظهرت القوّة والهمّة! وخرجت يوم خروج السلطان، وغيري أقام بعده اليومين والثلاثة.
فلمّا كان بعد العصر من يوم خروجه ركب الفيل، وقصده أن يتطلّع على أحوال الناس
ويعرف من تسارع إلى الخروج ومن أبطأ! وجلس خارج السراجة على كرسيّ فجئت وسلّمت ووقفت في موقفي بالميمنة، فبعث إليّ الملك الكبير قبولة سرجامدار10»
وهو الذي يشرّد الذباب عنه، فأمرني بالجلوس عناية بي ولم يجلس في ذلك اليوم سواي ثمّ أتي بالفيل وألصق به سلّم، فركب ورفع الشطر فوق رأسه، وركب معه الخواصّ وجال ساعة ثمّ عاد إلى السّراجة.
وعادته إذا ركب أن يركب الأمراء أفواجا، كلّ أمير بفوجه وعلاماته وطبوله وأنفاره وصرّنا ياته، ويسمّون ذلك المراتب، ولا يركب أمام السلطان إلّا الحجّاب وأهل الطرب والطبّالة الذين يتقلّدون الأطبال الصغار والذين يضربون الصّرنايات، ويكون عن يمين السلطان نحو خمسة عشر رجلا، وعن يساره مثل ذلك، منهم قضاة القضاة والوزير وبعض الأمراء الكبار وبعض الأعزّة، وكنت أنا من أهل ميمنته، ويكون بين يديه المشّاؤون والأدلّاء، ويكون خلفه علاماته وهي من الحرير المذهّب، والأطبال على الجمال، وخلف ذلك مماليكه وأهل دخلته، وخلفهم الأمراء وجميع الناس، ولا يعلم أحد أين يكون النزول، فإذا مرّ السلطان بمكان يعجبه النزول به أمر بالنزول، ولا تضرب سراجة أحد حتّى تضرب سراجته، ثمّ ياتي الموكّلون بالنزول فينزّلون كلّ أحد في منزله! وفي خلال ذلك ينزل السلطان على نهر أو بين أشجار، وتقدّم بين يديه لحوم الأغنام والدجاج المسمّنة والكراكيّ وغيرها من أنواع الصيد، ويحضر أبناء الملوك، وفي يد كلّ واحد منهم سفّود، ويوقدون النار ويشتوون ذلك، ويوتي بسراجة صغيرة فتضرب للسلطان ويجلس من معه من الخواصّ خارجها، ويؤتى بالطعام ويستدعى من شاء فيأكل معه. وكان في بعض تلك الأيّام، وهو بداخل السراجة، يسأل عمّن بخارجها، فقال له السيّد ناصر الدين مطهّر الأوهرّي، أحد ندمائه: ثمّ فلان المغربي، وهو متغيّر! فقال: لماذا؟ فقال: بسبب الدّين الذي عليه وغرماؤه يحلّون في الطلب، وكان خوند عالم قد أمر الوزير باعطائه فسافر قبل ذلك، فإن أمر مولانا أن يصبّر أهل الدّين حتّى يقدم الوزير أوامر بإنصافهم؟ وحضر لهذا الملك دولة شاه، وكان السلطان يخاطبه بالعمّ، فقال: ياخوند عالم! كلّ يوم هو يكلّمني بالعربية ولا أدري ما يقول. يا سيدي ناصر الدين: ماذا؟ وقصد أن يكرّر ذلك الكلام، فقال: يتكلّم لأجل الدّين الذي عليه، فقال السلطان: إذا دخلنا دار الملك فامض أنت يا أومار، ومعناه: يا عمّ إلى الخزانة فأعطه ذلك المال، وكان خذاوند زادة حاضرا فقال: ياخوند عالم، إنه كثير الإنفاق وقد رأيته ببلادنا عند السلطان طرمشيرين.