الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن العجب أن هذه الحبوب إذا يبست في الشمس كان مطعمها كمطعم التين، وكنت آكلها عوضا من التين إذ لا يوجد ببلاد الهند، وهم يسمون هذه الحبة الأنكور، بفتح الهمزة وسكون النون وضم الكاف المعقودة والواو والراء، وتفسيره بلسانهم: العنب.
والعنب بأرض الهند عزيز جدا ولا يكون بها إلا في مواضع بحضرة دهلي وببلاد. «41»
ويثمر مرتين في السنة، ونوى هذا الثمر يصنعون منه الزيت ويستصبحون به.
ومن فواكههم فاكهة يسمونها كسيرا «42» ، بفتح الكاف وكسر السين المهمل وياء مدّ وراء، يحفرون عليها الأرض وهي شديدة الحلاوة تشبه القسطل.
وببلاد الهند من فواكه بلادنا الرّمان، ويثمر مرتين في السنة ورأيته ببلاد جزائر ذيبة المهل لا ينقطع له ثمر، وهم يسمونه أنار، بفتح الهمزة والنون، وأظن هو الأصل في تسمية الجلّنار فإن جل بالفارسية الزهر، وأنار: الرمان.
ذكر الحبوب التي يزرعها أهل الهند ويقتاتون بها
وأهل الهند يزدرعون مرتين في السنة، فإذا نزل المطر عندهم في أوان القيظ زرعوا الزرع الخريفي وحصدوه بعد ستين يوما من زراعته، ومن هذه الحبوب الخريفية عندهم الكذرو «43» ، بضم الكاف وسكون الذال المعجم وضم الراء وبعدها واو، وهو نوع من الدّخن، وهذا الكذرو هو أكثر الحبوب عندهم. ومنها القال، بالقاف، وهو شبه أنلي.
ومنها الشاماخ، بالشين والخاء المعجمين، وهو أصغر حبّا من القال، وربما نبت هذا الشاماخ من غير زراعة، وهو طعام الصالحين وأهل الورع والفقراء والمساكين، يخرجون
لجمع ما نبت منه من غير زراعة، فيمسك أحدهم قفة كبيرة بيساره وتكون بيمناه مقرعة يضرب بها الزرع فيسقط في القفة، فيجمعون منه ما يقتاتون به جميع السنة.
وحب هذا الشاماخ صغير جدا، وإذا جمع جعل في الشمس ثم يدق في مهاريس الخشب فيطير قشره، ويبقى لبّه أبيض ويصنعون منه عصيدة يطبخونها بحليب الجواميس، وهي أطيب من خبزه، وكنت آكلها كثيرا ببلاد الهند وتعجبني. ومنها الماش «44» وهو نوع من الجلبان.
ومنها المنج «45» ، بميم مضموم ونون وجيم، وهو نوع من الماش إلا أن حبوبه مستطيلة، ولونه صافي الخضرة، ويطبخون المنج مع الأرز ويأكلونه بالسمن، ويسمونه كشري بالكاف والشين المعجم والراء «46» ، وعليه يفطرون في كل يوم وهو عندهم كالحريرة ببلاد المغرب «47» ، ومنها اللوبيا «48» وهي نوع من الفول.
ومنها الموت «49» ، بضم الميم وهو مثل الكذرو المذكور إلا أن حبوبه أصفر وهو من علف الدوابّ عندهم، وتسمن الدواب بأكله.
والشعير عندهم لا قوة له، وإنما علف الدواب من هذا الموت أو الحمص يجرشونه ويبلّونه بالماء ويطعمونه الدواب، ويطعمونها عوضا من القصيل أوراق الماش بعد أن تسقى الدابة السمن عشرة أيام في كل ليلة ثلاثة أرطال أو أربعة ولا تركب في تلك الأيام، وبعد ذلك يطعمونها أوراق الماش كما ذكرنا شهرا أو نحوه.