الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفساد والجرائم فانثالوا عليهم، وادّعى القاضي جلال السلطنة، وبايعه اصحابه وبعث السلطان اليه العساكر فهزمها وكان بدولة آباد جماعة من الأفغان فخالفوا ايضا.
ذكر خلاف ابن الملك ملّ
.
وكان ابن الملك ملّ ساكنا بدولة آباد في جماعة من الأفغان فكتب السلطان إلى نائبه بها وهو نظام الدين «63» أخو معلّمه قطلوخان أن يقبض عليهم، وبعث اليه باحمال كثيرة من القيود والسلاسل، وبعث بخلع الشتاء.
وعادة ملك الهند أن يبعث لكلّ أمير على مدينة، ولوجوه عسكره خلعتين في السّنة:
خلعة الشتاء وخلعة الصيف، وإذا جاءت الخلع يخرج الأمير والعسكر للقائها فإذا وصلوا إلى الآتي بها نزلوا عن دوابّهم وأخذ كلّ واحد خلعته وحملها على كتفه وخدم لجهة السلطان، وكتب السلطان لنظام الدين: إذا خرج الأفغان ونزلوا عن دوابهم لأخذ الخلع فاقبض عليهم عند ذلك.
وأتى أحد الفرسان الذين اوصلوا الخلع إلى الافغان فأخبرهم بما يراد بهم فكان نظام الدين ممّن احتال فانعكست عليه فركب وركب الأفغان معه حتّى اذا لقوا الخلع، ونزل نظام الدين عن فرسه حملوا عليه وعلى أصحابه فقبضوا عليه وقتلوا كثيرا من أصحابه ودخلوا المدينة فأخذو الخزائن وقدّموا على أنفسهم ناصر الدين «64» بن ملك ملّ وانثال عليهم المفسدون فقويت شوكتهم.
ذكر خروج السلطان بنفسه إلى كنباية
ولمّا بلغ السلطان ما فعله الأفغان بكنباية ودولة آباد خرج بنفسه «65» وعزم على أن يبدأ بكنباية ثمّ يعود إلى دولة آباد، وبعث أعظم ملك البايزيديّ صهره في أربعة آلاف مقدّمة فاستقبلته عساكر القاضي جلال فهزموه وحصروه ببلوذرة وقاتلوه بها، وكان في
عسكر القاضي جلال شيخ يسمّى جلّول «66» ، وهو أحد الشجعان فلا يزال يفتك في العساكر ويقتل ويطلب المبارزة فلا يتجاسر أحد على مبارزته، واتّفق يوما أنّه دفع فرسه فكبا به في حفرة فسقط عنه وقتل ووجدوا عليه درعين فبعثوا برأسه إلى السلطان وصلبوا جسده بسور بلوذرة وبعثوا يديه ورجليه إلى البلاد.
ثمّ وصل السلطان بعساكره فلم يكن للقاضي جلال من ثبات ففرّ في أصحابه وتركوا أموالهم وأولادهم فنهب ذلك كلّه، ودخلت المدينة «67» واقام بها السلطان أيّاما ثمّ رحل عنها وترك بها صهره شرف الملك امير بخت الذي قدّمنا ذكره وقضيّة فراره، وأخذه بالسند وسجنه وما جرى عليه من الذلّ، ثمّ من العزّ، وأمر بالبحث عمّن كان في طاعة جلال الدين، وترك معه الفقهاء ليحكم باقوالهم فأدّى ذلك إلى قتل الشيخ عليّ الحيدريّ «68» حسبما قدّمناه.
ولمّا هرب القاضي جلال لحق بناصر الدّين بن ملك ملّ بدولة آباد ودخل في جملته «69» فأتى السلطان بنفسه إليهم واجتمعوا في نحو أربعين الفا من الأفغان والترك والهنود والعبيد وتحالفوا على أن لا يفرّوا وأن يقاتلوا السلطان، وأتى السلطان لقتالهم، ولم يرفع الشطر الذي هو علامة عليه، فلمّا استحرّ القتال رفع الشطر فلمّا عاينوه دهشوا وانهزموا أقبح هزيمة ولجأ ابن ملك ملّ والقاضي جلال في نحو أربعمائة من خواصهما إلى قلعة الدّويقير، وسنذكرها «70» ، وهي من أمنع قلعة في الدنيا، واستقرّ السلطان بمدينة دولة آباد، والدّويقير هي قلعتها، وبعث لهم أن ينزلوا على حكمه فأبوا أن ينزلوا إلّا على الأمان فأبى السلطان أن يؤمنهم وبعث لهم الأطعمة تهاونا بهم وأقام هنالك، وعلى ذلك آخر عهدي بهم «71» .