الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على قاعدة كفّار الهنود فإنهم لا يجيزون ذبحها، وجزاء من ذبحها عندهم أن يخاط في جلدها ويحرق! وهم يعظمون البقر ويشربون أبوالها للبركة والاستشفاء إذا مرضوا، ويلطخون بيوتهم وحيطانهم بأرواثها، وكان ذلك ممّا بغّض خسرو خان إلى المسلمين وأمالهم عنه إلى تغلق، فلم تطل مدة ولايته، ولا امتدّت ايام ملكه، كما سنذكره.
ذكر السلطان غياث الدين تغلق شاه
وضبط اسمه بضم التاء المعلوة وسكون الغين المعجم وضم اللام وآخره قاف، حدّثني الشيخ الامام الصالح العالم العامل العابد ركن الدين ابن الشيخ الصالح شمس الدين أبي عبد الله بن الولي الإمام العالم العابد بهاء الدين زكرياء القرشي الملتاني، بزاويته منها، أنّ السلطان تغلق كان من الأتراك المعروفين بالقرونة «70» ، بفتح القاف والراء وسكون الواو وفتح النون، وهم قاطنون بالجبال التي بين بلاد السند والترك، وكان ضعيف الحال، فقدم بلاد السند في خدمة بعض التّجار. وكان كلوانيا له، والكلواني، بضم الكاف المعقودة هو راعي الخيل، وذلك على أيام السلطان علاء الدين، وأمير السند إذ ذاك أخوه أولو خان «71» ، بضم الهمزة واللام، فخدمه تغلق وتعلّق بجانبه فرتّبه في البيادة «72» ، بكسر الباء الموحدة وفتح الياء آخر الحروف، وهم الرّجالة، ثم ظهرت نجابته فأثبت في الفرسان، ثم كان من الامراء الصّغار وجعله أولو خان أمير خيله، ثم كان بعد من الأمراء الكبار وسمّى بالملك الغازي.
ورأيت مكتوبا على مقصورة الجامع بملتان، وهو الذي أمر بعملها: إنّي قاتلت التتر تسعا وعشرين مرة فهزمتهم فحينئذ سمّيت بالملك الغازي «73» .
ولما ولى قطب الدين ولّاه مدينة دبال بور وعمالتها، وهي بكسر الدال المهمل وفتح الباء الموحدة، وجعل ولده الذي هو الآن سلطان الهند أمير خيله، وكان يسمى جونة، بفتح الجيم
والنون، ولما ملك تسمّى بمحمد شاه، ثم لمّا قتل قطب الدين وولى خسرو خان أبقاه على امارة الخيل، فلما أراد تغلق الخلاف كان له ثلاثمائة من أصحابه الذين يعتمد عليهم في القتال، وكتب إلى كشلو خان «74» ، وهو يومئذ بملتان وبينها وبين دبال بور ثلاثة أيام يطلب منه القيام بنصرته ويذكّره نعمة قطب الدين ويحرّضه على طلب ثاره.
وكان ولد كشلو خان بدهلي فكتب إلى تغلق أنّه لو كان ولدي عندي لأعنتك على ما تريد، فكتب تغلق إلى ولده محمد شاه يعلمه بما عزم عليه، ويأمره أن يفرّ إليه، ويستصحب معه ولد كشلو خان، فأراد ولده الحيلة على خسرو خان وتمّت له كما أراد، فقال له: إنّ الخيل قد سمنت وتبدّنت وهي تحتاج اليراق «75» ، وهو التّضمير، فإذن له في تضميرها، فكان يركب كلّ يوم في أصحابه فيسير بها الساعة والساعتين والثلاث، واستمر إلى أربع ساعات إلى أن غاب يوما إلى وقت الزوال، وذلك وقت طعامهم فأمر السلطان بالركوب في طلبه، فلم يوجد له خبر ولحق بأبيه واستصحب معه ولد كشلو خان، وحينئذ أظهر تغلق الخلاف وجمع العساكر وخرج معه كشلو خان في أصحابه وبعث السلطان أخاه خان خانان لقتالهما فهزماه شرّ هزيمة، وفرّ عسكره إليهما ورجع خان خانان إلى أخيه وقتل أصحابه، وأخذت خزاينه وأمواله.
وقصد تغلق حضرة دهلي وخرج إليه خسرو خان في عساكره ونزل بخارج دهلي بموضع يعرف بآصياأباد «76» ومعنى ذلك رحى الرّيح، وأمر بالخزائن ففتحت وأعطى الأموال بالبدر، لا بوزن ولا عدد، ووقع اللقاء بينه وبين تغلق وقاتلت الهنود أشدّ قتال، وانهزمت عساكر تغلق ونهبت محلّته وانفرد في أصحابه الأقدمين الثلاثمائة فقال لهم: إلى أين الفرار؟ حيثما أدركنا قتلنا، واشتغلت عساكر خسرو خان بالنّهب وتفرّقوا عنه، ولم يبق معه إلا قليل فقصد تغلق وأصحابه موقفه، والسلطان هنالك يعرف بالشّطر الذي يرفع فوق رأسه وهو الذي يسمى بديار مصر القبّة والطّير، ويرفع بها في الأعياد، وأما بالهند والصين