الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما عرض مصر فثلاثون درجة، وطولها خمس وخمسون، على ما تحرر من الأزياج.
تتميم: أوّل من مَلَك الحرمين من آل عثمان: السلطان سليم بن بايزيد بن محمد بن مراد، وذلك لما افتتح مصر وحلب والشام، في سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، وفيها قتل الغوري بمرج دابق، وله قصة طويلة يطول شرحها، والسبب المعنوي في خراب مملكته، بتحقيق خبر ما عادانا بيت إلا خرب، ولا عوانا كلب إلا جرب أنه قتل طائفة من بني إبراهيم من أشراف ينبع، وبنى من رؤوسهم مسطبة جلس عليها أمراء عساكره.
قال القبطي وكان السلطان سليم شهماً عزيزاً، اشتهر عنه بيتان من الشعر تناقلتهما الركبان، ورأيتهما بخطه الشريف، في علو المقياس، على الكشك الذي بناه لما فتح مصر وسكن الروضة، وهما قوله:
الملك لله من يظفر بنيل منىً
…
يتركه قهراً ويضمن بعده الدَرَكا
لو كان لي أو لغيري قدر أنملة
…
فوق الترابِ لكان الأمرُ مشتركا
وتحته ما صورته: وكتبه سليم. إلا أنه قد انمحى لطول الزمان مداده، ومال إلى لون البياض سواده، وتوفي بعد ذلك بثلاث سنين، وشريف مكة إذ ذاك السيد بركات وولده أبو نمي محمد، قاله في الأعلام.
الكونُ عندي كالخيالِ حقيقة
…
في شكلهِ وعمومهِ وخصوصه
يبدي الخيالَ إلى الشخوصِ تواضعا
…
والناطق الفعال غيرَ شخوصه
ما قيل في مصر
من الأشعار الرائقة والنكت الفائقة
فمن ذلك قول الشهاب الرومي:
إذا رمت صبراً عند فقري ببلدتي
…
يقول الحيا لن تستطيع معي صبرا
وإن قلت إن الشام أشرف منزل
…
سمعت لسان الحال قال اهبطوا مصرا
وقال مقتبساً:
ما مصر إلا منزل مستحسن
…
فاستوطنوه مشرّقاً ومغرّبا
هذا وإن كنتم على سفرٍ بهِ
…
فتيمموا منه صعيداً طيبا
وقال آخر:
رعى الله مصراً كم بها من مسرةٍ
…
ومنزل أنس لاحَ كالطالعِ السعدِ
رويت الهنا عن سدها يومَ كسرها
…
فها أنا مهما عشتُ أروي عن السدِّي
وقال آخر:
اشرب على مقياسِ مصر وغنِّ لي
…
من روضةِ المعشوقِ في عشاقِ
وافخر بمصرَ على البلادِ فنيلها
…
يعلو على الأوصافِ باستغراقِ
وقال الفيومي:
تعلّم هذا النيل من خُلقي الوفا
…
لسكانِ مصرَ لهف قلبي على مصرِ
وحاكاهُ دمعي حمرةً وصبابةً
…
كما قد حكاني في احتراقي وفي كسري
وقال:
إذا سلسلوا من مصر رأس خليجها
…
فما ذاك من نقصٍ يلوح لفاضلِ
وما قصدوا إلا ليصدق أنه
…
يُقاد إلى جنّاتها بالسلاسلِ
وقال:
البدرُ فوقَ النيلِ قد
…
ألقى شعاعاً يأتلقْ
فحكى مِسَنّّاً أَزرقاً
…
وعليهِ حكٌ من ورِقْ
وقال:
الشمسُ فوقَ النيلِ قد
…
ألقت شعاعاًً كاللهبْ
فحكى مِسَناً أخضراً
…
وعليه حك من ذهبْ
ولابن أبي حجلة:
سقى السفح من ذيل المقطم عارضٌ
…
تعارضه من دمع عيني مواطرُه
فكم فيه من صب قضى وغرامه
…
أوائله لا تنقضي وأواخرُه
وقال البدر:
عاتبتُ هذا النيل في تركِ الوفا
…
فأجابني حالاً بغير توقفِ
سأفي وإن خانوا وأصلحُ بينهم
…
ما كدتُ أفسدهُ ومثلي من يفي
وقال آخر:
أتطلبُ من زمانكَ ذا وفاء
…
وترجو ذاكَ جهلاً من بنيهِ
وقد عدم الوفاء به وإني
…
لأعجبُ من وفاءِ النيلِ فيهِ
وقال الدماميني:
رعى الله مصراً إننا في ظلالها
…
نروحُ ونغدو سالمين من الجهدِ
ونشربُ ماَء النيل فيها براحة
…
وأهل زَبيد يشربونَ من الكدِّ
وقال الفيومي:
إن مصراً نزهةُ الدنيا
…
غاية المقصودِ والسولِ
مذ رأى الباري محاسنها
…
ردّ عنها العينَ بالنيلِ
وقال ابن الوردي:
ديارُ مصرَ هي الدنيا وساكنها
…
هم الأنامُ فقابلهم بتقبيلِ
يا من يباهي ببغداد ودجلتها
…
مصر مقدمة والشرحُ للنيلِ
وقال الفيومي:
أُنظر إلى النيلِ وجرمِ السما
…
وماله من حسن تخييلِ
وصبغة اللهِ التي أظهرت
…
لنا السماويَ من النيلِ
وله أيضا:
جميعُ الأرضِ فيها طيبُ عيشٍ
…
ولذاتٍ وروضاتٍ أنيقه
ولكن كلّ ذا في غير مصر
…
مجازٌ وهو في مصر حقيقه
وقال:
عدلت أيادي النيلِ في تقسيمها
…
لِنداهُ للخلجانِ والأنهارِ
أكرم بهذا النيلِ من ملكٍ غدا
…
في عدلهِ يمشي على الآثارِ
وقال:
تأملِ البحرَ والبدر المنيرَ وقل
…
جلََّ المؤلفُ بين الماءِ واللهبِ
كأنَّما الريحُ فوقَ الماءِ قد نسجت
…
درعاً فحلاهُ نورُ البدر بالذهبِ
وقال:
ولما رأيتُ الشمسَ عندَ طلوعها
…
ونحن بوسطِ البحرِ في النيلِ من مصرِ
تخيلتُ هاتيكَ القلوعِ وسفنها
…
قصورٌ نضار والقصور بنا تجري
وقال ابن نباتة:
آهاً لمصر وأين مصر وكيفَ لي
…
بديارِ مصرَ مرتعاً وملاعبا
والدهرُ سلم كيفما حاولته
…
لا مثلَ دهري في دمشق محاربا
أنشد المصري:
أرى أهل الشآمِ يفاخرونا
…
وتلكَ وقاحةٌ فيهم وخصلَه
وكيف يفاخروا بالشامِ مصراً
…
وشهوة كل من لهُ في الشامِ نخلَه
وقال الشامي:
يا أهل مصر بوادينا المقدسِ من
…
فواكهٍ تشتهوها في منازلكم
أنتم زعمتم بأن النخل شهوتنا
…
نعم صدقتم ولكن في سواحلكم
وقال الفيومي:
ينازع تفضيليَ الشام مغرضٌ
…
كأنّي به قد ماتَ فيما ينازعُ
وليس احتراق البحرِ إلا لأنَّه
…
على كسرهِ فاتتهُ تلك المواضعُ
وقال:
مصرُ مناي ومنتهى أربي
…
زمن الربيع وبركة الرطلي
والشامُ في أيامِ ربوتها
…
وزهوها معدومة المثلِ
وقال آخر يصف مصراً:
بها ما يلذُ العيشِ من حسنِ منظرٍ
…
وما ترتضيهِ النفسُ من شهواتها
زمردةٌ خضراء قد زين قرطها
…
بلؤلؤةٍ بيضاَء من زهراتها
وأصل هذا النظم ما قيل في وصفها أنها ثلاثة أشهر لؤلؤة بيضاء، وثلاثة أشهر سبيكة حمراء، كذا في كتاب النوادر والأخبار. وقال الصفدي:
في أهلِ مصر معانٍ
…
من لطفهم تستفادُ