الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال آخر:
آل حربٍ أوقدتم نارَ حربٍ
…
ليس يخبو لها الزمان وقودُ
فابن حرب للمصطفى وابن هند
…
لعلي وللحسينِ يزيدُ
وما أحسن ما قال:
طالع تواريخَ من في الدهر قد وجدوا
…
تجد هموماً تُسلّي عنك ما تجدُ
تجد أكابرهم قد جُرّعوا غُصصاً
…
من الرزايا بها كم فُتّتت كبدُ
رُوي عن ابن عباس أنه قال: رأيت النبي صلوات الله عليه وسلم فيما يرى النائم نصف النهار، وهو قائم أشعث أغبر وبيده قارورة فيها دم، فقلت: بأبي أنت وأمي ما هذا؟. قال: هذا دم الحسين، لم أزل ألتقطه منذ اليوم. فكان قتله في ذلك اليوم.
وكذلك رأت أم سلمة وقالت: سمعت الجن تبكي على الحسين وتنوح عليه. وأخرج ثعلب في أماليه عن أبي حباب الكلبي، قال: أتيت كربلاء فقلت لرجل من أشراف العرب بها: بلغني أنكم تسمعون نواح الجن؟ فقال: ما تلقى أحداً إلا أخبرك أنه سمع ذلك. قلت: فأخبرني ما سمعت أنت. قال: سمعتهم يقولون:
مَسَحَ الرسولُ جبينه
…
فله بريق في الخدودِ
أبواهُ من عليا قري
…
شٍ وجَدُّه خيرُ الجدودِ
وقال السدّي: لما قتل الحسين بكت السماء عليه، وبكاؤها حمرتها. وعن عطاء في قوله تعالى فما بكت عليهم السماء قال: بكاؤها حمرة أطرافها. وقيل مكثت السماء محمرّة الجوانب ستة أشهر، ثم لا زالت الحمرة فيها بعد ذلك، ولم تكن ترى فيها
قبله، حكاه ابن حجر.
وعلى الأفقِ من دماءِ الشهيد
…
ين علي ونجله شاهدان
فهما في أواخرِ الليلِ فج
…
ران وفي أولياتهِ شفقان
قصة
حكي أن الإمام زين العابدين لما أُتيَ به إلى يزيد قال له: أنت ابن الذي قتله الله!؟ فقال: أنا ابن الذي قتله الناس. فقرأ يزيد وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى فتلا الإمام زين العابدين ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها فلم يُحِرْ يزيد جواباً. وهذا من أعظم مواقف الحيرة، وإن تشعّب فيه طرق التأويل.
(وأما المشهد) فقال المقريزي: إن الأفضل ابن أمير الجيوش خرج في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة إلى البيت المقدس، ولما دخل عسقلان أخرج رأس الحسين من مكان دارس، فعطّره وحمله إلى القاهرة سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، وبنى بها ذلك المشهد الذي يشهد له بالإحسان، وكان الذي نقله إلى عسقلان من دار السلاح سليمان بن عبد الملك، ولما تكامل البناء حمل الرأس على صدره، وسعى به ماشياً إلى أن أحله في مقره، فكان كما قيل:
وضعوهُ في جَدَثٍ كأن ضريحهُ
…
في قلبِ كلّ موحدٍ محفورُ
فيه السماحةُ والفصاحةُ والتقى
…
وترابُ تربة قبرهِ الكافورُ
وفي هذا المجال قال من قال:
عجباً لهذا الدهرِ في أفعالهِ
…
رأسٌ بمصر وجثة في كربلا
يا قلب إن لم تعتبر مما ترى
…
في الكونِ من تصريفهِ كرُّ البلا
وقد اعتنيَ الدهر بهذا المشهد، وصاروا لله المنة من أحسن عمارات مصر، وعلى التربة رباط في غاية المحاسن، ومرتّبات يؤدى واجبها. ولهذا المشهد يوم من السنة وهو يوم عاشوراء، وفيه يقول البوصيري:
كل يومٍ وكل أرضٍ لكربي
…
منهم كربلا وعاشوراء
وهو يوم تجديد الأحزان، وتغيير وجه الزمان، ولو لم يكن فيه إلا إحياء سنة أكثروا من ذكر هاذم اللذات وإن أعرضت عن ذلك نفوس همتها قتل المذكور بقتل الذكر، إذ ليس في يدها غير ذلك. ولقد قيل:
أترجو أمة قتلت حسيناً
…
شفاعةَ جدِّه يومَ الحسابِ
وللشيعة في هذا اليوم سُنن، منها عدم الاكتحال، وتلطّف في ذلك من قال:
ولائمٌ لامَ في اكتحالي
…
يومَ أراقوا دمَ الحسينِ
فقلتُ دعني أحق عضو
…
فيه بلبس السواد عيني
ومنها الندب والنياحة، وإلى الصبر مصير الجزع، وما أحسن ما قال المتنبي:
علينا لك الإسعادُ إن كان نافعاً
…
بشقِ قلوبٍ لا بشقِ جيوبِ
وقد فارقَ الناسُ الأحبةَ قبلنا
…
وأعيا دواءُ الموت كلّ طبيبِ
ومن المزارات التي بمصر مشهد السيدة نفيسة طيّب الله ثراها، وهي بنت الحسن ابن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أمها أم ولد، ولدت بمكة سنة أربع وخمسين ومائة، وقدمت مصر سنة إحدى وسبعين، وبها نشأت وتزوجت بإسحاق المؤتمن بن الإمام جعفر الصادق، فولدت منه القاسم وأم كلثوم ولم يعقبا، وكانت من الزهد والصلاح على ما لا مزيد عليه، وحجّت ثلاثين حجة، وكانت تحفظ القرآن وتفسره، ولا تأكل إلا في ثلاثة أيام أكلة واحدة.
ويحكى أن النيل توقف مرة فَرُفع إليها خَبَرُه، وما حصل بسببه من القحط، فأمرت أن يلقى قناعها في النيل، فلما أُلقيَ زاد النيل، كذا في الخطط!
ومن المزارات بمصر تربة الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، وفي ذلك قيل:
لما خشيتُ من الجحيمِ وحرِّها
…
خوفاً وقد ضاقت عليّ مسالكي
زرتُ الإمامَ الشافعي لعلني
…
أجدُ الرضى بالشافعي من مالكي
بِتُّ بها ليلة تجاه ذلك القبر المُعطّر، والقراء حوله يتلون الكتاب المطهّر، بأحسن أداء يتحرك له الجماد ويصفو له الفؤاد، فبتنا تلك الليلة نحييها، ونميت النوم ونعصي بالسهر أمره، فماله من سلطان على أعين القوم، وكانت ليلة سبت مبارك، جاد بها الدهر من فضل الله تعالى وتبارك.
يا ليلة مرَّت لنا حلوة
…
بها انتصفنا من صروفِ الزمانِ
كانت على وفق المنى ليلة
…
كم جهد قولي كان فيها وكان
قال في إمتاع الأسماع: ولم يزل قبر الشافعي مزاراً يتبرك به إلى سنة ثمان وستمائة، حيث انتهى بناء هذه القبة التي هي على ضريحه، وقد أنشأها الملك العادل ابن