الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نكتة لطيفة
هجا بعض المعتزلة الإمام إسماعيل بن المقري:
يقولون كذبُ المرء حَيْضُ لسانهِ
…
فما بال إسماعيلكم لم يزل مقري
أراد بقوله كذب المرء حيض لسانه كانت تقول العرب حاض فلان أي كذب، وبقوله لم يزل مقري أي حائض، فأجاب عن نفسه بقوله:
مدحتَ بما تهجو فأصبحت ضحكة
…
فما القرء عند الشافعيّ سوى الطهرُ
قال الغزي:
إنّي أرى الجودَ بالدنيا إذا مُلِكت
…
خيراً من الزهد فيها يا أبا الفرجِ
لا تعجبن لمن أغناه عن أدبٍ
…
جهل فإن العمى أغنى عن السرجِ
أخفاك مكثك في أرض نشأتَ بها
…
وليس يُعرف قدر الدرّ في اللّججِ
حمص
ثم أتينا على حمص وهي مدينة عظيمة، قد أخنى عليها الزمان، وكرّ عليها بسيف حَيْفه المَلَوان، ولابن حبيب فيها:
جزيرةُ حمص كعبة الكونِ أصبحت
…
يطوف بها دانٍ ويسعى لها قاصي
لها حُلّة من نبتها سندسية
…
تعلّق في أكنافِ أذيالها العاصي
ومما قيل فيها لابن حجر:
جزيرةُ حمص لم تكن قطّ كعبة
…
يطوف بها دان ويسعى لها قاصي
ولكنها للهو والقصف حانة
…
ألم تنظروها كيف جاورها العاصي
وبها الأشجار والأزهار المختلفة الألوان، وللشعراء فيها الأقوال البديعة، فمن ذلك:
ومُهفهف حيّا المحب بوردةٍ
…
بيضاء قد نَشَقَت روائح نَدِّهِ
فكأنَّها وبها احمرار حامل
…
ماء الحياة على صحيفة خَدِّهِ
قال:
شجرات ورد أحمر بعثت
…
في قلب كلّ متيّم طربا
يا من رأى من قبلها شجراً
…
سقى اللّجين وأنبتَ الذهبا
ولابن تميم:
حاذِر أصابع من ظلمتَ فإنها
…
تدعو بقلبٍ في الدجى مكسور
فالوردُ ما ألقاه في جمرِ الغضا
…
إلا الدعا بأصابع المنثور
ثم أتينا على حِسْية وهي واد فيه قلعة ومياه غزيرة، ثم أتينا على عيون التجار وميدان الخيل وهو محل العرب النهّابة، وقارة وهي قرية قد أشرفت على الدمار، وكأنَّها كانت فبانت.
ثم أتينا على نبك وهي قرية تبسَّمت أزهارها، وتفاوضت أنهارها، وأهلها لا يكادون يفقهون حديثاً، وتوصف بالبرد الشديد. ثم أتينا على القطيفة وهي روضة غناء، وغَيْضة حسناء، كأنَّما قطفت من فردوس الجنة، وبها الخان الذي هو للواردين وِقاية وجُنَّة، وهو الخان الذي لا يرى له عديل، ولا يدانيه في محاسنه مثيل:
تحير به الأبصار حسناً ورَوْنقاً
…
وتمرحُ فيه الخلق بالأمن واليُمْنِ
وفيه تكيَّة للوافدين، وهو من بناء الوزير سنان باشا، فلا غرو أن يقول بلسان الحال:
إن آثارنا تدل علينا
…
فانظروا بعدنا إلى الآثارِ
وفي هذه القرية ما يزيد على برد الروم، وما ألطف ما قال:
هذي القطيفة التي
…
لا تشتهى عقلاً ونَقْلا
حُشيت ببرد يابس
…
فلأجل ذاك الحشو تُقْلا
ثم أتينا على القصير وقد أرسل علينا الغمام سحائب القطر، ومسَّنا من ذلك البرد ما هو أحرّ من الجمر، ثم سرنا في واد طاب روح نسيمه، فصحَّ مزاج إقليمه