الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لتلك السُنّة، وكان جلوس السلطان عثمان على تخت السلطنة في سنة تسع وتسعين وستمائة، كذا في الإعلام للشيخ قطب الدين الحنفي. وكانت وفاة القطب النهرواني عام تسعين وتسعمائة بمكة المشرفة، وكان إمام المنثور والمنظوم، بارعاً في المنطوق والمفهوم، له البرق اليماني في الفتح العثماني وله الإعلام بأعلام بلد الله الحرام وله الكنز الأسمى في فنّ المعمَّى وله تذكرة جامعة، ورسائل في مسائل شتَّّّى، ورحلة أسفرت عن محاسن الوجوه، أخبرني بها الأمير محمد بن سويدان ولم أقف عليها، وكانت رحلته سنة خمس وستين وتسعمائة، لقي بها الأفاضل ونال الرياسة، وربما شكى فيها أو بكى، كما قال:
إذا حَمِد امرؤ يوماً صباحاً
…
- وأنّّّى ذاك - لم يَحْمَد مساء
وله ديوان شعر لطيف، تقبل عليه القلوب لرقة ألفاظه ولطافة معانيه، ومن نظمه:
الملحُ والكُرّاثُ أشهى عندنا
…
من أكل مأمونيّة بالسكرِ
ومشاهد الحرمينِ أعلى رتبةً
…
من أن نقيم بدارِ ملك أكبرِ
ومن غُرَر قصائده قوله:
بسيف الحِجى عند اشتداد النوائب
…
تقلّدت فاستغنيت عن كلّ ناضبِ
الطاعون
قال القاضي شهاب في الفوائد السنية: اشتهر أن ملك الروم لا يموت بالطاعون، كما أن صاحب مصر لا يموت بالفصل، كما أنَّ بغداد لا يموت بها خليفة، وفي
ذلك يقول عُمارة:
قضى ربها أن لا يموت خليفة
…
بها، ما يشاء الله في خلقه يقضي
وعلى ذكر الفصل، لأبي عبد الله الفيومي:
أرى الفصلَ داء والرحيلُ دواؤهُ
…
فلا تسكنوا في بلدةٍ قد حوت فصلا
وأملي لكم أن ترحلوا ببنيكم
…
ولا تقتلوا أولادكم خشية الإملا
فمن يترحّل عنه يكفى شرورهُ
…
ومن يتثبت يكسب الأجر والفضلا
رأيت في بعض التعاليق نقلاً عن العلامة بدر الدين الغزِّي، أن حَمْل كتابة خلاق عليم يدفع الطاعون وأنه مجرب. ويقال التختّم بالعقيق اليمني يمنع من الطاعون. فائدة صحيحة مجربة، إذا انقضت المدّة، لم تنفع العُدّة.
وإذا المنيةُ أنشبتْ أظفارها
…
ألفيت كلّ تميمةٍ لا تنفعُ
حكى الخطيب علي بن عراق في التذكرة أنه ظهر الطاعون بدمشق أيام عبد الملك بن مروان، فخرج عبد الملك من البلد ومعه غلام له، فكان يغلبه النوم والفرس يعْدِل به عن الجادة، فقال لغلامه: ويلك حدثني بما تحدث به أمثالك. فقال: بلغني أن ثعلباً صادق أسداً على أن يجيره من السباع، فكان أبداً بين يديه، فظهر في يوم من الأيام عقاب في الهواء، فخافه الثعلب ووثب على ظهر الأسد، فانحطّ العقاب واختطفه. فقال الثعلب: يا أبا الحارث، العهد!! فقال: إنَّما عاهدتك على أن أحفظك من أهل الأرض، وأما أهل السماء فلا قدرة لي عليهم. فقال عبد الملك: لقد وعظتني يا غلام. ورجع إلى الشام وهو يقول: لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم توفي سنة ست وثمانين، وفيها كان طاعون الفتيات، وسُمِّي بذلك لأنَّه بدأ بالنساء. ما أحسن ما قال: