الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ظللتني من ذُراها بقبة
…
ألا حظ فيها من صحابي أنجما
أخيّل أن البحر تحتي غمامة
…
وأني قد خيّمت في كبدِ السما
ومن عجائب الاسكندرية عمود السواري، قال المقريزي: هو حجر أحمر منقط من الصوان المانع، وكان حوله نحو أربعمائة عامود، وكانت كلها سماقية، كسرها فراجا وإلي الإسكندرية أيام السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، ورماها بشاطئ البحر لِتُوعر على العدوّ سلوكه.
ويحكى أن هذا العامود أحد الأعمدة التي كان عليها رواق أرسطاليس، وأنه كان يدرّس به الحكمة وكان دار العلم، ويقال: إن ارتفاع هذا العمود سبعون ذراعاً، وقطره خمسة أذرع، وقيل طوله بقاعدته اثنان وستون ذراعاً وسدس ذراع، وطول قاعدته السفلى اثنا عشر ذراعاً، والعليا سبعة أذرع ونصف، كذا في الخطط. وهذا العمود باقٍ إلى يوم تخطيط هذه الأسطر، وهو على نصف ميل من باب السدرة خارج السور، وكثير من العمد السماقية في أكناف البلدة بعضها قائم وبعضها مطروح. وللحافظ الخزرجي:
نزيل سكندرية ليس يُقرى
…
بغير الماء أو نَعْت السواري
ويتحف حين يكرم بالهواء الم
…
لاين والإشارة للمنارِ
وذكر البحر والأمواج فيه
…
ونعت مراكبِ الروم الكبارِ
وإن يطلب هنالك حرفَ خبز
…
فما فيها لذاك الحرف قاري
وقال:
يا ساكني إسكندرية فيكم
…
بات النزيل بليلة المَلْسُوعِ
تقرونه بهوائها وبمائها
…
والنار في أحشائه بالجوعِ
نكتة لطيفة
قال السيوطي: وقد رأيت هذا العمود لما دخلت الإسكندرية في رحلتي، ودور قاعدته ثمانية وثمانون شبراً، ومن المتواتر عند أهلها أن من حاذاه من قريب وغمض عينيه ثم قصده، لا يصيبه بل يميل عنه، وذكروا أنّه لم تحصل
إصابته
لأحد قط، مع كثرة تجربتهم لذلك، وقد جربت ذلك مراراً فلم أصبه، قاله في المحاضرة. وأما خليجها فأختلف في بانيه فلا حاجة إلى خلاف لا ثمر له، فهاك يسيراً من خبره، قال الأسعد في قوانين الدواوين: خليج الإسكندرية عليه عدة ترع، وطوله من فم الخليج ثلاثون ألف قصبة وستمائة قصبة، وعرضه قصبتان ونصف إلى ثلاث قصبات ونصف، ومقام الماء فيه بالنسبة إلى النيل فإن كان عالياً أقام فيه ما يزيد على شهرين، كذا في الخطط. وحكى ابن الوردي أن الإسكندرية كانت سبع قصبات وإنَّما أكلها البحر، ولم يبق منها إلا قصبة واحدة، وأن مساجدها حصرت مرة فكانت عشرين ألف مسجد. قيل بانيها الذي بنى الأهرام، وقيل يعمر بن شداد، وقيل الإسكندر الأول، وهو ذو القرنين اليوناني الذي جال الأرض، وبلغ الظلمات ومغرب الشمس ومطلعها، وسدّ على يأجوج ومأجوج، وقيل بناها الاسكندر الثاني ابن دارا الرومي، وإنَّما شبّه بالاسكندر الأول لأنَّه ذهب إلى الصين والمغرب ومات وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة، والأول كان مؤمناً، والثاني كان على مذهب أستاذه أرسطاليس، وبين الأول والثاني دهر طويل، وقيل بنتها الجن لسليمان عليه السلام! وقد كان أرباب الفصاحة كلّما رأوا عجباً عدّوه من صنعة الجن. قيل وكان فيها اثنا عشر ألف حانوت يبيع البقل، قال الكندي: أجمع الناس على أنه لم يكن في الدنيا مدينة على مدينة ثلاث طبقات غير الإسكندرية، قيل بناها الاسكندر اليوناني في ثلاثمائة سنة، وهل هو نبي أو ملك بفتح اللام أو بكسرها خلاف والأصح الأخير. وكان أهلها لا يمشون فيها نهاراً إلا بخرق سود في أيديهم خوفاً على أبصارهم من شدة بياضها، وأقاموا على ذلك سبعين سنة، وكان يقال إنها إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد. وقد أخلقتْ تلك الجِدَّة وأسرعت في الذهاب إلى الدمار مُجِدّه.
فمن لعينٍ ترى ما حلَّ ساحتها
…
من التلاف وكانت فوق ما تصف