الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلهي قد وهَى جَلَدي وصبري
…
لميلي نحو هاتيك الشعابِ
إلهي من سواك بنا رَحيم
…
يوفّقنا إلى سَنَنِ الصوابِ
إلهي أنت أولى من عفا عن
…
ذنوبٍ مثل أعدادِ الترابِ
إلهي جُد بقربٍ عن قريب
…
ومُنَّ على ذهابي بالإيابِ
إلهي واقض لي يا خير قاضٍ
…
برؤيا سفح هاتيكَ القِبابِ
فصادف الدعاء الإجابة، وتحققت هذه الطلابة، وقد أخذ الشوق بزمام الفؤاد، وأذكرني طيبَ وادٍ أفديه بألف واد:
وادٍ سما قدره بالساكنين بهِ
…
وطالِعُ السعدِ في آفاقهِ طلعا
العودة إلى المدينة
وقد تهيّأت أسباب الرحيل وقرأ الطالع للمطامع وحيل وهبّت نسمات القبول بالقرب والوصول، من حضرة السيد الرسول، صلى الله عليه وسلم وشرَّف وكرَّمْ.
أيا ساكني أكنافَ طيبة حسبُكم
…
من السعي للعلياء جيرةَ أحمدِ
فمن يبتغي عنها بلاداً وإن سَمَت
…
لأمرٍ من الدنيا فليس بمهتدِ
وكان ذلك بإسعاف ذي القدر والمقدار، وقطب القسطنطينية الذي عليه المدار، وهو مولانا شيخ الإسلام، لازال في فم الدهر ابتسام:
فلولاه لم أبلغ من الروم بُلْغَة
…
ولولا نداه ما رجعت إلى أهلي
وبالجملة، فلولا ما أسداه من الإحسان، وتفضَّل به وأعان، لحالت المنيَّة دون الأمنيّة، ولم أرد مشارع تلك الديار السنيّة:
ولما رماني الدهر من كلّ جانب
…
بكلّ ملمٍّ ضاق عن حمله الصدرُ
لجأت إليه لا فقدتُ وجودَهُ
…
وناهيك من شخص هو البر والبحرُ
فحمداً لأياديه، وخواتيم أمره ومباديه، وشكراً لمنّته البهيّة، وهمته العليّة، فإنها ما أرادت أمراً إلا أدركت غايته، واستدركت فائته.
على أنها عند الملماتِ لم تزَل
…
إذا جُرّدت كالمشرَقيّ المهندِ
بها يأمنُ اللاجئُ خطوب زمانهِ
…
كما يبلغ الراجي بها كلّ مقصدِ
وغيره:
أطلق لسانكَ بالثناءِعلى الذي
…
أولاكَ حُسن رغائِبِ وغرائبِ
واشكره شكر الروض باكرهُ الحيا
…
كيما تقومَ لهُ ببعضِ الواجبِ
فأخذت في الرحيل وودّعت، وعزمت على أن لا أعود وأزمعت، فرجعت كثير الشَغَف، ولي قلب كليم بالأسف:
ولقد نثرتُ مدامعي ودمي معاً
…
يومَ الوداع وخاطري مكسورُ
لا تعجبوا لتلوِّن في أدمعي
…
لابدَّ أن يتلونَ المنثورُ
فلا غَرْوَ أن أقول بلسان الحال، إذا كنت كرة لصوالِجةِ الليال:
كأنّي في الزمانِ اسم صحيح
…
جرى فتحكّمت فيه العوامل
مزيد في بنيهِ كواو عمرو
…
وملقى الحظِّ فيه كراء واصِل
فصممت على رحيلي، وجمعت للرحلة ذيلي، وأخذت لا من الذهب بل في الذهاب، وعزمت على عدم تمنِّي الإياب، فقوّضت خيام الغيبه، وأسرجت جواد الأوبه:
إلى بلدةٍ نيطت عليّ تمائمي
…
بها في جوارِ الهاشميّ محمدُ
فنزلت الخليج السكندري، حتى أتيت على أسكدار، وهي بلدة عظيمة المقدار، بها الجوامع الجامعة، والمدارس الساطعة، والمباني المشيّدة، والأسواق المتعدّدة، وعرض هذا الخليج مقدر بستة أميال، والميل البحري مقدّر بمسافة لو وصل غايتها البصر وكان ثمة شخص، عرف كونه قائماً أو قاعداً. والبريد مقدر بألف باع، وقيل بأربعة آلاف خطوة، والخطوة ذراع ونصف، وفي ذلك قالوا:
إن البريد من الفراسخ أربعٌ
…
ولِفرسخٍ فثلاثُ أميال ضعوا
والميلُ ألفُ أي من الباعات قل
…
والباع أربع أذرع فتتبعوا