المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وقال: ألا لن تنالَ العلم إلا بستةٍ … سأنبيكَ عن مجموعها - رحلة الشتاء والصيف

[محمد كبريت]

فهرس الكتاب

- ‌ديباجة المؤلف

- ‌ ينبع النخل

- ‌وادي نبط

- ‌فائدة

- ‌الحوراء

- ‌فائدة

- ‌أكْرَه

- ‌الأزلم

- ‌المُوَيْلِح

- ‌عيون القصب

- ‌مغاير شعيب

- ‌الحويطات

- ‌فائدة

- ‌عجرود

- ‌البُوَيْب

- ‌مصر

- ‌الجامع الأزهر

- ‌فصل

- ‌فائدة

- ‌نهر النيل

- ‌عين شمس

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌لطيفة

- ‌فائدة

- ‌ذكر فضل النيل

- ‌ذكر ما قيل في النيلمن الأشعار البديعة والمعاني المنيعة

- ‌لطيفة

- ‌قصة ظريفة

- ‌حكاية لطيفة

- ‌ومن محاسن مصر

- ‌بركة الفيل

- ‌مدراس

- ‌حوادث غريبة بمصر

- ‌نكتة

- ‌نكتة

- ‌فائدة

- ‌الطريق إلى مكة المشرفة

- ‌القاهرة المعزية

- ‌نكتة

- ‌لطيفة

- ‌فائدة

- ‌ما قيل في مصر

- ‌من الأشعار الرائقة والنكت الفائقة

- ‌مشهد سيدنا الحسين وذكر مقتله

- ‌قصة

- ‌القرافة

- ‌بولاق

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌غريبة

- ‌نكتة لطيفة

- ‌قصة

- ‌فائدة

- ‌فوائد

- ‌لطيفة

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌ رودس

- ‌الديار العثمانية

- ‌السلطان مراد

- ‌ذكر نسب المولى المذكور

- ‌أخبار آل عثمان

- ‌فائدة

- ‌الطاعون

- ‌بغداد

- ‌لطيفة

- ‌ذكر القسطنطينية العظمى

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌الشوق للوطن

- ‌العودة إلى المدينة

- ‌غريبة

- ‌فائدة

- ‌حلب المحروسة

- ‌فائدة

- ‌المعرَّة

- ‌حماة

- ‌نكتة لطيفة

- ‌حمص

- ‌جِنان الشام

- ‌الجامع الأموي

- ‌فائدة

- ‌أمطار وبَرَد غريبة الشكل

- ‌فائدة

- ‌محاسن الشام

- ‌غريبة

- ‌‌‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌لطيفة

- ‌سيل في الكعبة المشرفة

- ‌لطيفة

- ‌‌‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌ضريح ابن عربي

- ‌المحمل السلطاني

- ‌التنبؤ بخراب العالم

- ‌تبوك

- ‌لطيفة

- ‌المدينة المنورة

- ‌أم القرى

- ‌الخاتمة

الفصل: وقال: ألا لن تنالَ العلم إلا بستةٍ … سأنبيكَ عن مجموعها

وقال:

ألا لن تنالَ العلم إلا بستةٍ

سأنبيكَ عن مجموعها ببيانِ

ذكاء وحرصٌ واجتهاد وبلغة

وهمة أستاذ وطول زمانِ

وقال:

بعشرٍ تنال العلم قوت وصحة

وحفظٌ وفهم ثاقب في التعلمِ

ودرسٌ وحرص واغتراب وهمةٌ

وشرخ شباب واجتهاد معلمِ

قال:

علمُ الحديثِ فضيلة تحصيلها

بالسعي والتطواف في الأمصارِ

فإذا أردت حصوله بإجازة

فقد استعضت الصّفرَ بالدينارِ

‌فائدة

قال الجلال السيوطي في الإتقان في النوع الرابع والثلاثين، في كيفية تحمّل القرآن: الإجازة من الشيخ، غير شرط في جواز التصدّي للإقراء والإفادة، فمن علم من نفسه الأهلية جاز له ذلك وإن لم يجزه أحد، وعلى ذلك السلف الأولون والصدر الصالح، وكذلك في كلّ علم في الإقراء والإفتاء خلافاً لما يتوهمه الأغبياء من اعتقاد كونها شرطاً، وإنَّما اصطلح الناس على الإجازة لأن أهلية الشخص لا يعلمها غالباً ممن يريد الأخذ عنه من المبتدئين ونحوهم، لقصور مقامهم عن ذلك والبحث عن الأهلية، ولا تجب الإجازة على الشيخ ولا يجوز أخذ الأجرة عليها.

ومليحةٌ شهدت لها ضرّاتها

والفضل ما شهدت به الأضدادُ

والشاطبي:

قل للأميرِ نصيحةً

من حاذق فطن نبيهِ

إن الفقيه إذا أتى

أبوابكم لا خير فيهِ

ص: 92

وما أحسن ما قال:

إذا الفتى فاته مال يجمّله

ففي التأدبِ مما فاته خلفُ

هو اللباس الذي لا شيء يعدله

والمفخر الزين فيه الفضل والشرفُ

وقال:

كفى شرفاً بالعلمِ دعواه جاهل

ويفرح أن يدعي إليه وينسبُ

ويكفي خمولا بالجهالةِ أنه

يُراعُ متى يعزى إليه ويغضبُ

وقال:

إذا ما اعتز ذو علم بعلمٍ

فعلم الفقه أولى باعتزازِ

فكم عرفٌ يفوح ولا كمسك

وكم طير يطير ولا كبازِ

وقال:

وقد يدعي علم القراءات معشر

وباعهم في النحو أقصر من شبرِ

فإن قيل ما إعرابُ هذا ووزنه

رأيت طويل الباع أقصر من فترِ

وقال:

من تحلى بغير ما هو فيه

فضحته شواهد الامتحان

وجرى في العلومِ جري سكيتٍ

خلّفتهُ الجيادُ يومَ الرهان

وما أصدق ما قال:

كل من يطالب العلوم وحيداً

دون شيخ فإنه في ضلالِ

ليس في الكتب والدفاتر علم

إنَّما العلم في صدور الرجالِ

ص: 93

وقال:

اليوم حَرْفٌ وغداً مثله

من نُخَبِ العلم التي تلتقط

يحصِّلُ المرء بها حكمة

وإنَّما السيل اجتماع النقط

وقال:

قيد بخطك ما يبديه فكرك من

نتيجة تعجب الحُذّاق والفُضَلا

فما نتائج فكر المرء بارزة

في كلّ وقت متى ما شاءها فَعلا

وقال:

جئنا إلى العلم في زمان

يحط فيه من كان عالم

ويرتقي فيه للمعالي

من عدّه الله في البهائم

وقال:

لو أن لقمان الحكيم الذي

سارت به الركبان في الفضلِ

يُبْلى بفقر وعيال لما

فرّق بين التيس والبغلِ

وقال:

فصاحةُ حسانٍ وخط ابن مُقْلَةٍ

وحكمةُ لقمان وزهد ابن مريمِ

لو اجتمعت في المرء والمرء مفلس

ونودي عليه لا يباع بدرهمِ

وقال:

إذا ما مات جارك ذات يوم

ولست بواجد حبّ العَشاءِ

فأنت بأن يُعَزّوك اليتامى

أحق من اليتامى بالعزاءِ

ص: 94

وقال:

إن كنت تسعى للزيادة فاستقم

تنل المرادَ وقد سَموْت إلى السما

ألِف الكتابة وهو بعض حروفها

لما استقام على الحروفِ تقدما

ابن زيادة في النقصان:

من يستقم يُحرم مُناه ومن يَزِغ

يختصُ بالإسعافِ والتمكينِ

انظر إلى الألف استقام ففاته

نقط وفاز به اعوجاج النونِ

وقال آخر:

ما للقريض غدتْ تُعافُ بحوره

بين الأنامِ ودوحهُ لم يثمرِ

غلبَ الكسادُ عليه حتى أنه

لو بيع عند النجم غاب المشتري

وقال:

يا من يحاولُ راحة في دهرهِ

صبراً على ما نلت من خَطْبٍ عَسِرْ

وكن اسم فعل لا يؤثر عاملٌ

فيه وإلا فالضمير المُستَتِر

وقال:

سرك إن أودعته ثانياً

فاعلم بأن قد آن أن يفشيَه

لأن ما أُضْمِر في حالة ال

إفراد تستخرجه التثنيَه

وقال:

إياك من صاحب ترجو معونته

أو فتية من بني الأيام تألفها

ولا تقل أبتغي ثانٍ أضاف به

فإن تثنية الأسماء تكشفها

وقال:

إذا نلت المنى بصديق ودّ

وكان وفاقه وفق المراد

فحاذر أن تعامله بقرض

فإنّ القرض مقراض الوداد

قال:

لا تُقرضنّ الصديق شيئاً

إن رمت أن تقتني وداده

ص: 95

فالأخذ مثل النكاح حلو

والرد أنكى من الولاده

وقال:

تأنَّ وشاور لدى المشكلات

فمنها جلىّ ومستغمضُ

فرأيان أثبت من واحدٍ

ورأى الجماعة لا ينقضُ

وقال:

إذا اجتمع الناسُ في واحدٍ

وخالفهم في الرضى واحد

فقد دلَّ إجماعهم دونهُ

على عقلهِ أنه فاسد

وقال:

على قدرك الصهباء تعطيك نشوة

ولست على قدر السلاف تصابُ

ولو أنها أعطتك يوماً بقدرها

لضاقت بك الأكوانُ وهي رحابُ

وقال:

لعمرك ما الإنسانُ إلا ابن يومه

على ما تجلى يومه لا ابن أمسِهِ

وما الفخر بالعظم الرميم وإنَّما

فخار الذي يبغي الفخار بنفسِهِ

وقال:

لعمركَ ما الإنسانُ إلا ابن دينهِ

فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب

فقد فاز بالإسلامِ سلمانُ فارسٍ

وقد حَطَّ بالجهل الشريفُ أبو لهب

وقال:

هذا الزمانُ الذي كنا نحاذرهُ

فيما يحدّث كعب وابن مسعودِ

إن دامَ ذا الحالُ لم نحزن على أحد

يموتُ منا ولم نفرح بمولودِ

وقال:

من كان يرجو أن يعيش فإنني

أصبحت أرجو أن أموتَ لأُعتقا

في الموت ألفُ فضيلة لو أنها

عرفت لكان سبيلهُ أن يُعشقا

ص: 96

وقال:

قد قلت إذ مدحوا الحياة فأسرفوا

في الموت ألفُ فضيلةٍ لا تعرفُ

منها أمان لقائه بلقائهِ

وفراق كلّ معاشر لا ينصفُ

وقال:

جزى الله عنا الموت خيراً فإنه

أبرُّ بنا من كلّ بَرٍّ وأرأفُ

يعجّلُ تخليص النفوسِ من الردى

ويدني من الدار التي هي أشرفُ

وقال:

جزى الله الشدائدَ كلّ خيرٍ

وإن جرَّعنني غصصي بريقي

وما شكري لها إلا لأني

عرفتُ بها عدوي من صديقي

وقال:

يمثل ذو اللبِّ في نفسهِ

مصائبهُ قبل أن تنزلا

فإن نزلت بغتةً لم يُرع

لما كان في نفسهِ مثّلا

وقال:

إذا المرءُ من أعداه لم يشفِ نفسهُ

فما نفعهُ إن قام للثار طالب

ومن لم يطبْ منهُ الثنا في حياتهِ

فلا نفع إن أثنتْ عليهِ النوادب

-

وقال:

لا تستدل على تغيرِ صاحبٍ

وزوالِ صحبتهِ وخَفْرِ ذمامهِ

يوماً بأوضحَ من تَجَشّمِ وجههِ

وجفاء منطقه وسخط ملامهِ

وقال:

ما دمتَ حياً فدارِ الناسَ كلّهم

فإنَّما أنت في دار المدارةِ

من يدرِ دارى ومن لم يدر سوف يُرى

عمّا قليل نديماً للنداماتِ

وقال:

عوِّد لسانَكَ حسنَ القولِ تنجُ بهِ

من زلةِ اللفظ بل من زلة القدمِ

واحذر زمانكَ من خلٍّ تنادمهُ

إن النديم لمشتقٌ من الندمِ

ص: 97

وقال:

لا تَحقرنّ امرءاً إن كان ذا ضَعَةٍ

فكم وضيعٍ من الأقوام قد رأسا

وربَّ قوم حقرناهم ولم نرهم

أهلاً لخدمتنا صاروا هُمُ الرؤسا

وقال:

وكنتُ أظن أن جبال رضوى

تزولُ وأن وُدّك لا يزول

ولكن القلوبَ لها انقلابٌ

وأحوال ابن آدم تستحيل

وقال:

إن الصفا في شرب كلّ مودة

لم يخل من كدرٍ لمن هو وارد

فإذا صفا لك من زمانك واحدٌ

فهو المرادُ وأين ذاك الواحد

وقال:

قَوِّض خيامك عن أرض تضام بها

وجانب الذل إن الذل مُجْتَنَب

وارحل إذا كان في الأوطان منقصة

فالمندل الرطب في أوطانه خشب

وقال:

تفقّدُ الساداتِ خُدامهم

مكرمةٌ لا تنقصُ السؤددا

هذا سليمان على ملكهِ

قد قالَ مالي لا أرى الهدهدا

وقال:

ترى الفتى ينكرُ فضل الفتى

ما دامَ حياً فإذا ما ذهب

لجَّ به الحرصُ على نكتة

يكتبها عنهُ بماءِ الذهب

قال:

يا سادتي هل يَخْطُرَنَّ ببالكم

من ليس يخطرُ غيركم في بالهِ

حاشاكمو أن تغفلوا عن حالِ من

هو غافلٌ في حبكم عن حالهِ

وقال:

نظرت فأقصدتِ الفؤادَ بسهمها

ثم انثَنت عنه فكادَ يهيمُ

ويلاه إن نظرت وإن هي أعرضت

وقع السهام ونزعهن أليمُ

ص: 98

وقال ابن الرومي:

إذا سرَّها أمر وفيه مآثم

قضيتُ لها فيما تريد على نفسي

وما مرَّ يومٌ أرتجي فيه راحة

فأذكرها إلا بكيتُ على أمسي

قال:

أعانقها والنفسُ بعدُ مشوقةٌ

إليها وهل بعد العناقِ تداني

وألثمُ فاهاً كي تزول صبابتي

فيشتدُّ ما ألقى من الهيمانِ

كأن فؤادي ليس يشفي غليله

سوى أن يرى الروحان يمتزجانِ

وقال ابن مكانس:

ثلاث تجمّعن في ريقها

ملاحٌ أدلتها واضحه

فإن قيل ما هي تلك الثلاث

قُل اللون والطعم والرائحه

وقال آخر:

زارت معطرة الشذى ملفوفةً

كي تختفي فأبى شذا العطرِ

يا معشرَ الأدباءِ هذا وقتكم

فتناظموا في اللّفِ والنشرِ

وفي حركات البناء لابن الحنبلي:

ضممتُ إلى صدري فتاة صغيرة

لها سحر أجفان تخلّى عن الذمِ

ومذ كسرت أجفانها قلتُ هذه

على الفتحِ لم تقدر فمالي سوى الضمِ

وفي المعنى:

شاقني رِدفٌ مليحٌ

لحروف النحو يجمع

يفتح الجزم لنصبٍ

ولأجل الجرّ يرفع

وقال آخر:

تأخّرتْ عن موقفي

فقلتُ يا خودُ قفي

ثم عديني موعداً

ختامُه مسكٌ وفي

وقال آخر:

العيش دارٌ رحبة وحليلة

حسناً ومهر فارهُ

ص: 99

فاظفر بهن ولا تبالي فالورى

إما محبٌ مخلص أو كارهُ

وقال مهيار الديلمي:

وكنتُ ألومُ العاشقين ولا أرى

مزيةً ما بين الوصالِ إلى البعدِ

فأعدى إليّ الحبَّ صحبة أهلهِ

لم يدر قلبي أن داء الهوى يعدي

وقال آخر:

أمّلتُ أن يتعطفوا بوصلكم

فرأيت من هجرانكم ما لا يُرى

وعلمتُ أن جفاكم لا بدَّ أن

يجري له دمعي دماً وكذا جرى

وقال الصفدي:

يا من تناسى ودادي بعد معرفة

وقد غدا طوع لُوّامٍ وعُذّالِ

ما أنت أول محبوب ظفرتُ به

من الزمان فخابت فيه آمالي

وقال آخر:

تعشقتُ بدراً ليس لي فيه مطمع

سوى أنني في حسنه أتفكر

مليحٌ إذا قابلته ورأيتهُ

رأيت محلَّ البدر من أين يُسْفِر

وقال آخر:

سارقتهُ نظرةً أطالَ بها

عذاب قلبي وما له ذنبُ

يا جور حكم الهوى ويا عجباً

يسرقني ويقطع القلبُ

وقال آخر:

يا أيها الناس من رأى قمراً

من أي أفق أراده طلعا

لو كلف العلمين قاطبةً

أن يعبدوا وجهه لما منعا

وقال آخر:

مدادهُ في الطِرسِ لمّا بدا

قبّله الصب ومن يزهد

ص: 100

كأنَّما قد حلَّ فيه اللمى

أو ذابَ فيه الحجرُ الأسود

وقال آخر:

ولقد أقولُ لمن تعشق أغيدا

أو غادةً وغدا أسيرَ وثاقِ

ما مذهبي عشقُ الجمالِ مقيداً

بل عِشقه ديني على الإطلاقِ

قد كان في ذكرِ الذين أحبهم

ذكرى اللبيب وعبرة الأشواقِ

فاخلع محبةَ من يموتُ وخذ بنا

يا قلب في عشق الجمال الباقي

وقال:

يا قلبُ إن خان الخليل فخلِّه

فلكم فتى ذاق العنا من خِلّهِ

ولربَّ حادثةٍ تخلى عندها

من كنت أَرْخِص مهجتي من أجلهِ

وقال:

لا غرو من حزني لبينهم

يوم النوى وأنا أخو الّهمِِّ

فالقوس من خشبٍ تئنُ إذا

ما كلّفوها فرقة السهمِ

وقال:

سامح أخاك إذا أتاك بمنكر

فخلوص شيء قلما يُتمكّن

ولكلِّ شيء آفة من جنسه

إنّ السراج على سناه يدخّن

ما أنصح ما قال:

مع العلم فاسلك حيث ما سلك العلم

وعنه فكاشف كلّ من عنده فهمُ

ففيه جلاء للقلوب من العمى

وعون على الدين الذي أمره حتمُ

فإني رأيت الجهل يُزري بأهله

وذو العلم في الأقوام يرفعه العلمُ

يُعدُّ صغير القوم وهو كبيرهم

وينفذ منه فيهم القول والحلمُ

ص: 101

فأي رجاء في امرئ شاب رأسه

وأفنى شباباً وهو مستعجم فَدْمُ

يروح ويغدو الدهرَ صاحب بطنه

تُركب في أحشائه الشحم واللحمُ

إذا سئل المحروم عن حال أمره

بدت رُحضاء العيّ في وجهه تسمو

فهل أبصرت عيناك أقبح منظر

من الشخص لا علم لديه ولا حلمُ

ومن مدمن شرب المدام وما درى

بما في مناهي شربها ما أتى الحكمُ

هي الحالة الشنعاء فاحذر عقوبة

أوائلها خزي وآخرها ذمُ

وخالط رواة العلم واصحب خيارهم

فصحبتهم زين وخلطتهم غُنْمُ

ولا تعد عيناك عنهم فإنهم

نجوم إذا ما غاب نجم بدا نجمُ

فوالله لولا الله ما اتضح الهدى

ولا لاح من غيب السماء لنا رسمُ

ما أسلم ما قال:

تجاوزتُ حدّ الأكثرين إلى السها

وجاوزت واستبقيتهم في المراكزِ

وخضت بحاراً ليس يدرك غورها

وألقيت نفسي في فسيحِ المفاوزِ

ولججت في الأفكار ثم تراجع اخ

تياري إلى استحسان دين العجائز

وما أرجى ما قال:

إلهي أنت تعلمُ أن عجزي

بعفوك من عذابك يستجيرُ

وإني يا غنياً عن عذابي

إلى أن لا تعذبني فقيرُ

وإنَّما حبّرتُ هذه الأوراق من محاسن هذا الشعر بما رقَّ وراق، لميل القلوب إليها وما في النفس من الإقبال عليها، كما قيل:

ص: 102

لا شيء أحلى في مسامع مُغْرَم

يلهو به سوى الأشعارِ

فطروسها تحكي الرياض وإنها

لِذوي المعاني لذة الأبصارِ

قال ابن منير الثعالبي: وما زال السلف يحفظون الشعر حديثاً وقديماً، ويتخذونه في الحوادث نديماً، وينشدونه حال المجالسه، ويوردون دقائقه في أوقات المُخَالَسَه، والآثار المسندة، والأخبار الممهدة، في شأنه حجج قوية، ومحجة ضوئية، ويكفي في فضله أن النبي صلى الله عليه وسلم استنشد بعض أصحابه من شعر أمية بن أبي الصلت فأنشده مائة قافية وأن عمر مر بحَسَّان وهو ينشد الشعر في المسجد فنظر إليه شَزْراً، فقال له: كنت أنشد وفيه من هو خير منك وهذا الخبر رواه البخاري وغيره، وما نُقِل من استحباب الوضوء بعد إنشاد الشعر، فمحمولٌ على الشعر الهجو. وأما ما يترتب عليه من الثواب والعقاب؛ فليس من جهة الشعرية، وإنَّما هو من حيث المضمون، وقد قيل في قوله تعالى: وما علمناه الشعر وما ينبغي له أن المراد قبيحه.

هو الشعر لا شيء سواه وإنه

لأحسن ما قد قال قس وسحبانُ

يُعَنَّى به صَبٌّ ويُمدَحُ محسنٌ

ويُرثى به مَيْتٌ ويُعْطَف غضبانُ

ونعود إلى ما نحن بصدده ونندرج فيما نحن من عدده:

ولما طاب زمن الربيع وأوانه، واخضرّت رياضه واخضلّت أغصانه، تصمّم العزم على السفر، وركوب البحر وإن كان فيه الخطر، وقد أزهر جوانب تلك البقاع، وغرّدت على دَوْح أفنانها في الأسحار بلابل الأطيار فَلذَّ السماع، وكنت

ص: 103

لا أبغي الرحلة عن تلك المدينة، أو أشهد بها يوم الزينة، ولكن ليس للإنسان ما تمنّى، وربما سعى المرء إلى ما لم ينل وتعنّى:

ما كلّ ما يتمنى المرءُ يدركه

تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

فبرزت من تلك الروضة، وفارقت محاسن هاتيك الغَيْضة، ولي طبيعة تسمو إلى زمن الربيع، وتتشوّف إلى نُشُوِّ النبات المريع، أجِدُ من النفس نشاطاً في أيامه، ويهيجني نشر رَنده وخزامه، وكان يقال من لم تطربه نغمات الأوتار؛ ولم يتحرك لتغريد الأطيار؛ ولم يَعْجَب لبديع الأزهار؛ ولم يهتز لنسمات الأسحار؛ هو فاسد المزاج محتاج إلى العلاج. ولله در القائل:

ما مثل مصر في زمان ربيعها

ما بين ماء واعتلال نسيمِ

أقسمت لا تحوي البلادُ نظيرها

لمّا نظرت إلى جمال وسيمِ

وقال:

استنشقوا الهوى الربيع فإنه

نعم الصديق وعنده ألطافُ

يغذي الجسوم نسيمه فكأنَّه

روح حواها جوهر شفّافُ

فكان البروز من مصر المحروسة إلى بحر بولاق؛ ذات البها والإشراق؛ في يوم الجمعة المبارك، بعون الله تعالى وتبارك، في تاسع ربيع الأول:

وخلّفت مصر من ورائي وخاطري

بمصر ولكن أين من ناصري مصرُ

بلاد بها ما يشتهي متيسّرٌ

على جيدها يا حبذا اللف والنشرُ

فأكملت ذلك النهار مع الأخلاء الأخيار؛ من أهل الحرمين الشريفين ممن نقلتهم يد الأقدار إلى هاتيك الديار، ونحن نتشاكى البعاد ونجدّد عهود الوداد، إلى أن آذنت الشمس للغروب وأشرقت كواكب الكروب، فوقفت لهم موقف من ضل الرشاد، وتقرحت لفراقهم الأكباد، واستودعهم الله تعالى؛ والمدامع تترادف وتتوالى، وقد عزمت على الذهاب، وأخذت في الإياب.

ذهبت وقد سدّ الغرام مذاهبي

وقلبي إلى نحو الأحبة يُجبَذُ

ذُُهِلْتُ فما أدري إلى أين قادني

قضاء على الإنسان يجري ويَنْفُذُ

ص: 104