الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خِلَافٍ. وَلَوْ صُبَّ فِي أُذُنِهِ، فَفِي «الْبَحْرِ» أَنَّهُ يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ، وَفِي التَّهْذِيبِ لَا يَثْبُتُ، إِذْ لَا مَنْفَذَ مِنْهَا إِلَى الدِّمَاغِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَالْحُقْنَةِ. وَأَمَّا الصَّبُّ فِي الْعَيْنِ، فَلَا يُؤَثِّرُ بِحَالٍ، وَلَوِ ارْتَضَعَ، وَتَقَيَّأَ فِي الْحَالِ، حَصَلَ التَّحْرِيمُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: لَا يَحْصُلُ. وَقِيلَ: إِنْ تَقَيَّأَ وَقَدْ تَغَيَّرَ اللَّبَنُ، ثَبَتَ التَّحْرِيمُ وَإِلَّا فَلَا.
الْقَيْدُ الثَّانِي: الصَّبِيُّ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ حَوْلَيْنِ، فَمَنْ بَلَغَ سَنَتَيْنِ، فَلَا أَثَرَ لِارْتِضَاعِهِ وَيُعْتَبَرُ الْحَوْلَانِ بِالْأَهِلَّةِ، فَإِنِ انْكَسَرَ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ، اعْتُبِرَ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا بَعْدَهُ بِالْأَهِلَّةِ وَيُكْمِلُ الْمُنْكَسِرُ ثَلَاثِينَ مِنَ الشَّهْرِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ، وَيُحْسَبُ ابْتِدَاءُ الْحَوْلَيْنِ مِنْ وَقْتِ انْفِصَالِ الْوَلَدِ بِتَمَامِهِ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: لَوْ خَرَجَ نِصْفُ الْوَلَدِ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ خَرَجَ بَاقِيهِ، فَابْتِدَاءُ الْحَوْلَيْنِ فِي الرَّضَاعِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ خُرُوجِهِ. وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ فِيهِ وَجْهَيْنِ، وَحَكَى وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوِ ارْتَضَعَ قَبْلَ انْفِصَالِ جَمِيعِهِ هَلْ يَتَعَلَّقُ بِهِ تَحْرِيمٌ؟
الْقَيْدُ الثَّالِثُ: الْحَيُّ فَلَا أَثَرَ لِلْوُصُولِ إِلَى مَعِدَةِ الْمَيِّتِ.
فَصْلٌ
فِي شَرْطِ الرَّضَاعِ لَا تَثْبُتُ حُرْمَتُهُ إِلَّا بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ. وَقِيلَ: تَثْبُتُ بِرَضْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقِيلَ: بِثَلَاثِ رَضَعَاتٍ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ. فَعَلَى الْمَنْصُوصِ لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِالتَّحْرِيمِ بِرَضْعَةٍ، لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: يُنْقَضُ. وَالرُّجُوعُ فِي الرَّضْعَةِ وَالرَّضَعَاتِ إِلَى الْعُرْفِ، وَمَا تَنْزِلُ عَلَيْهِ الْأَيْمَانُ فِي ذَلِكَ، وَمَتَى تَخَلَّلَ فَصْلٌ طَوِيلٌ تَعَدَّدَ. وَلَوِ ارْتَضَعَ، ثُمَّ قَطَعَ إِعْرَاضًا، وَاشْتَغَلَ بِشَيْءٍ آخَرَ، ثُمَّ عَادَ وَارْتَضَعَ، فَهُمَا رَضْعَتَانِ، وَلَوْ قَطَعَتِ الْمُرْضِعَةُ، ثُمَّ عَادَتْ إِلَى الْإِرْضَاعِ، فَهُمَا
رَضْعَتَانِ عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا لَوْ قَطَعَ الصَّبِيُّ، وَلَا يَحْصُلُ التَّعَدُّدُ بِأَنْ يَلْفِظَ الثَّدْيَ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَى الْتِقَامِهِ فِي الْحَالِ، وَلَا بِأَنْ يَتَحَوَّلَ مِنْ ثَدْيٍ إِلَى ثَدْيٍ، أَوْ تَحَوَّلَهُ لِنَفَاذِ مَا فِي الْأَوَّلِ، وَلَا بِأَنْ يَلْهُوَ عَنْ الِامْتِصَاصِ وَالثَّدْيُ فِي فَمِهِ، وَلَا بِأَنْ يَقْطَعَ التَّنَفُّسَ، وَلَا بِأَنْ يَتَخَلَّلَ النَّوْمَةَ الْخَفِيفَةَ، وَلَا بِأَنْ تَقُومَ وَتَشْتَغِلَ بِشُغْلٍ خَفِيفٍ، ثُمَّ تَعُودُ إِلَى الْإِرْضَاعِ، فَكُلُّ ذَلِكَ رَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ.
قُلْتُ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ: إِنْ نَامَ الصَّبِيُّ فِي حِجْرِهَا وَهُوَ يَرْتَضِعُ نَوْمَةً خَفِيفَةً، ثُمَّ انْتَبَهَ وَرَضَعَ ثَانِيًا، فَالْجَمِيعُ رَضْعَةٌ، وَإِنْ نَامَ طَوِيلًا، ثُمَّ انْتَبَهَ وَامْتَصَّ، فَإِنْ كَانَ الثَّدْيُ فِي فَمِهِ فَهِيَ رَضْعَةٌ، وَإِلَّا فَرَضْعَتَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْأَصْحَابُ: يُعْتَبَرُ مَا نَحْنُ فِيهِ بِمَرَّاتِ الْأَكْلِ، فَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فِي الْيَوْمِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَأَكَلَ لُقْمَةً، ثُمَّ أَعْرَضَ وَاشْتَغَلَ بِشُغْلٍ طَوِيلٍ، ثُمَّ عَادَ وَأَكَلَ، حَنِثَ، وَلَوْ أَطَالَ الْأَكْلَ عَلَى الْمَائِدَةِ وَكَانَ يَنْتَقِلُ مِنْ لَوْنٍ إِلَى لَوْنٍ وَيَتَحَدَّثُ فِي خِلَالِ الْأَكْلِ، وَيَقُومُ، وَيَأْتِي بِالْخُبْزِ عِنْدَ نَفَاذِهِ، لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ أَكْلَةً وَاحِدَةً، وَلَوِ ارْتَضَعَ مِنْ ثَدْيِ امْرَأَةٍ ثُمَّ انْتَقَلَ فِي الْحَالِ إِلَى ثَدْيٍ آخَرَ، فَفِيهِ خِلَافٌ سَنَذْكُرُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْفَصْلِ الَّذِي يَلِيهِ.
فَرْعٌ
لَا يُشْتَرَطُ وُصُولُ اللَّبَنِ فِي الْمَرَّاتِ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ، بَلْ لَوِ ارْتَضَعَ فِي بَعْضِهَا، وَأُوجِرَ فِي بَعْضِهَا، وَأُسْعِطَ فِي بَعْضِهَا حَتَّى تَمَّ الْعَدَدُ، ثَبَتَ التَّحْرِيمُ، وَكَذَا الصَّبُّ فِي الْجِرَاحَةِ، وَالْحُقْنَةُ إِذَا جَعَلْنَاهُمَا مُؤَثِّرَيْنِ.