الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَلْزَمُ أَبَاهُ وَابْنَهُ؟ وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ؛ فَلَا عَاقِلَةَ لَهُ، فِدْيَةُ قَتْلِهِ خَطَأً فِي مَالِهِ مُؤَجَّلَةٌ؛ فَإِنْ مَاتَ، سَقَطَ الْأَجَلُ.
الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي صِفَاتِ الْعَاقِلَةِ وَهِيَ خَمْسٌ: الْأُولَى: التَّكْلِيفُ؛ فَلَا يَعْقِلُ صَبِيٌّ وَلَا مَعْتُوهٌ، الثَّانِيَةُ: الذُّكُورَةُ؛ فَلَا تَعْقِلُ امْرَأَةٌ وَلَا خُنْثَى، فَإِنْ بَانَ ذَكَرًا؛ فَهَلْ يَغْرَمُ حِصَّتَهُ الَّتِي أَدَّاهَا غَيْرُهُ؟ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: لَعَلَّ أَصَحَّهُمَا: نَعَمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّالِثَةُ: اتِّفَاقُ الدِّينِ؛ فَلَا يَعْقِلُ مُسْلِمٌ عَنْ ذَمِّيٍّ وَعَكْسُهُ، وَفِي عَقْلِ يَهُودِيٍّ عَنْ نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسِهِ قَوْلَانِ.
قُلْتُ: أَظْهَرُهُمَا: نَعَمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ كَانَ لِذِمِّيٍّ أَقَارِبُ حَرْبِيُّونَ؛ فَلَا قُدْرَةَ عَلَيْهِمْ؛ فَهُمْ كَالْعَدَمِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: فَإِنْ قَدَرَ الْإِمَامُ عَلَى الضَّرْبِ عَلَيْهِمْ، بُنِيَ عَلَى أَنَّ اخْتِلَافَ الدَّارِ يَمْنَعُ التَّوَارُثَ، إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، فَلَا ضَرْبَ؛ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. وَالْمُعَاهِدُ كَالذِّمِّيِّ؛ فَيَعْقِلُ عَنْهُ الذِّمِّيُّ، وَيَعْقِلُ هُوَ عَنِ الذِّمِّيِّ إِنْ زَادَتْ مُدَّةُ الْعَهْدِ عَلَى أَجَلِ الدِّيَةِ وَلَمْ يَنْقَطِعْ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ.
الرَّابِعَةُ: الْحُرِّيَّةُ؛ فَلَا يَعْقِلُ مَكَاتَبٌ.
الْخَامِسَةُ: أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا أَوْ مُتَوَسِّطًا لَا فَقِيرًا مُعْتَمِلًا، وَلَا يَمْنَعُ الْعَقْلَ مُطْلَقُ الْمَرَضِ وَالْكِبَرِ وَالزَّمَانَةِ وَالْعَمَى وَالْهَرَمِ. وَفِي الزَّمِنِ وَالْأَعْمَى وَالْهَرَمِ وَجْهٌ، لِضَعْفِهِمْ عَنِ النُّصْرَةِ.
فَصْلٌ
يُضْرَبُ عَلَى الْغَنِيِّ نِصْفُ دِينَارٍ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ رُبُعُ دِينَارٍ، وَهَلِ النِّصْفُ وَالرُّبْعُ حِصَّةُ كُلِّ سَنَةٍ أَمْ لَا يَجِبُ فِي السِّنِينَ الثَّلَاثِ إِلَّا النِّصْفُ أَوِ الرُّبْعُ؟ وَجْهَانِ؛ أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: يُضْبَطُ الْغِنَى
وَالتَّوَسُّطُ بِالْعَادَةِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ وَالْأَزْمَانِ، وَرَأْيُ الْإِمَامِ أَنَّ الْأَقْرَبَ اعْتِبَارُ ذَلِكَ بِالزَّكَاةِ؛ فَإِنْ مَلَكَ عِشْرِينَ دِينَارًا آخِرَ الْحَوْلِ فَغَنِيٌّ، وَإِنْ مَلَكَ دُونَ ذَلِكَ فَاضِلًا عَنْ حَاجَاتِهِ فَمُتَوَسِّطٌ. وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَمْلِكَ شَيْئًا فَوْقَ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَهُوَ الرُّبْعُ لِئَلَّا يَصِيرَ فَقِيرًا، وَشَرْطُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَا يَمْلِكَانِهِ فَاضِلًا عَنْ مَسْكَنٍ وَثِيَابٍ وَسَائِرِ مَا لَا يُكَلَّفُ بَيْعُهُ فِي الْكَفَّارَةِ.
فَرْعٌ
الِاعْتِبَارُ فِيمَا يُؤْخَذُ كُلُّ حَوْلٍ بِآخِرِ ذَلِكَ الْحَوْلِ فِي أُمُورٍ:
أَحَدُهَا: إِذَا تَمَّ حَوْلٌ وَهُنَاكَ إِبِلٌ، جَمَعَتِ الْعَاقِلَةُ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ نِصْفٍ وَرُبُعٍ فَاشْتَرَوْا بِهِ إِبِلًا؛ فَإِنْ لَمْ تُوجَدِ الْإِبِلُ، فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ حِينَئِذٍ الْقِيمَةُ أَمْ بَدَلٌ مُقَدَّرٌ؛ فَلَوْ تَأَخَّرَ الْأَدَاءُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَوُجِدَتْ؛ لَزِمَهُمُ الْإِبِلُ، وَإِنْ وُجِدَتْ بَعْدَ أَخْذِ الْبَدَلِ لَمْ يُؤَثِّرْ.
الثَّانِي: إِذَا لَمْ يَفِ التَّوْزِيعُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِوَاجِبِ الْحَوْلِ؛ أُخِذَ الْبَاقِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يُنْتَظَرُ مُضِيُّ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ.
الثَّالِثُ: يُعْتَبَرُ غِنَاهُ وَتَوَسُّطُهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ؛ فَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا آخِرَ الْحَوْلِ؛ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ مِنْ وَاجِبِ ذَلِكَ الْحَوْلِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا مِنْ قَبْلُ، أَوْ أُيْسِرَ بَعْدُ، وَلَوْ كَانَ مُوسِرًا آخِرَ الْحَوْلِ؛ لَزِمَهُ. فَلَوْ أَعْسَرَ بَعْدَهُ؛ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ.
وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ كَافِرًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا، وَصَارَ فِي آخِرِهِ بِصِفَةِ الْكَمَالِ؛ فَهَلْ تُؤْخَذُ مِنْهُ حِصَّتُهُ مِنْ وَاجِبِ تِلْكَ السَّنَةِ وَمَا بَعْدَهَا؟ فِيهِ أَوْجُهٌ؛ أَصَحُّهَا: لَا، وَالثَّانِي: نَعَمْ، وَالثَّالِثُ: لَا تُؤْخَذُ حِصَّةُ تِلْكَ السَّنَةِ وَيُؤْخَذُ مَا بَعْدَهَا.
فَرْعٌ
يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْعِيُّ فِي وُجُوبِ النِّصْفِ وَالرُّبْعِ قَدْرُهُمَا؛ لَا أَنَّهُ
يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ بَذْلُ الدَّنَانِيرِ بِأَعْيَانِهِمَا، لِأَنَّ الْإِبِلَ هِيَ الْوَاجِبُ فِي الدِّيَةِ، وَمَا يُؤْخَذُ يُصْرَفُ إِلَى الْإِبِلِ، وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ لَا يَقْبَلَ غَيْرَهَا؛ يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ قَالَ: عَلَيْهِ نِصْفُ دِينَارٍ، أَوْ سِتَّةُ دَرَاهِمَ.
الطَّرَفُ الثَّالِثُ: فِي كَيْفِيَّةِ الضَّرْبِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، قَدْ سَبَقَ بَيَانُ تَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ وَالْجِهَاتِ، وَقَدْرُ الْوَاجِبِ؛ فَإِذَا انْتَهَى التَّحَمُّلُ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ؛ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَالٌ؛ فَهَلْ يُؤْخَذُ الْوَاجِبُ مِنَ الْجَانِي؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوَّلًا أَمْ عَلَى الْجَانِي، ثُمَّ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ، وَيُقَالُ: قَوْلَانِ؛ أَصَحُّهُمَا: تُؤْخَذُ مِنَ الْجَانِي؛ فَإِنْ قُلْنَا: لَا تُؤْخَذُ؛ فَفِي وَجْهٍ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ كَنَفَقَةِ الْفُقَرَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْجُمْهُورُ هَذَا.
لَكِنْ لَوْ حَدَثَ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ، هَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْوَاجِبُ؟ وَجْهَانِ؛ حَكَاهُمَا الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ؛ أَحَدُهُمَا: لَا، كَمَا لَا يُطَالَبُ فَقِيرُ الْعَاقِلَةِ لِغِنَاهُ بَعْدَ الْحَوْلِ. وَإِنْ قُلْنَا: تُؤْخَذُ مِنَ الْجَانِي؛ فَهِيَ مُؤَجَّلَةٌ عَلَيْهِ كَالْعَاقِلَةِ، وَهَلْ تَجِبُ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا، وَالثَّانِي: نَعَمْ، وَيُقَدَّمَانِ عَلَى الْقَاتِلِ.
فَرْعٌ
إِذَا اعْتَرَفَ الْجَانِي بِالْخَطَأِ أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ، وَصَدَّقَتْهُ الْعَاقِلَةُ؛ فَعَلَيْهِمُ الدِّيَةُ؛ وَإِنْ كَذَّبُوهُ؛ لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ عَلَيْهِمْ وَلَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ؛ لَكِنْ يَحْلِفُونَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ فَإِذَا حَلَفُوا؛ فَالدِّيَةُ عَلَى الْمُقِرِّ قَطْعًا.
وَعَنِ الْمُزَنِيِّ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ قُلْنَا: تَجِبُ الدِّيَةُ أَوَّلًا عَلَى الْعَاقِلَةِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يَبْعُدُ هَذَا عَنِ الْقِيَاسِ، وَالَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَتَتَأَجَّلُ الدِّيَةُ عَلَيْهِ كَالْعَاقِلَةِ؛ لَكِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي آخِرِ كُلِّ حَوْلٍ ثُلْثُ الدِّيَةِ بِخِلَافِ الْوَاحِدِ مِنَ الْعَاقِلَةِ؛ فَلَوْ مَاتَ، فَهَلْ تَحِلُّ الدِّيَةُ؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا، لِأَنَّ الْأَجَلَ يُلَازِمُ دِيَةَ الْخَطَأِ، وَأَصَحُّهُمَا: نَعَمْ؛