المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مُوجَبُ الْقَتْلِ الْقِصَاصُ، فَعَفَا عَلَى مَالٍ، ثَبَتَ الْمَالُ، وَإِنْ عَفَا - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٩

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ النَّفَقَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مَا يُشْتَرَطُ مُسَاوَاةُ الْقَتِيلِ الْقَاتِلَ فِيهِ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ وَمَا لَا يُؤَثِّرُ اخْتِلَافُهُمَا فِيهِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: مُوجَبُ الْقَتْلِ الْقِصَاصُ، فَعَفَا عَلَى مَالٍ، ثَبَتَ الْمَالُ، وَإِنْ عَفَا

مُوجَبُ الْقَتْلِ الْقِصَاصُ، فَعَفَا عَلَى مَالٍ، ثَبَتَ الْمَالُ، وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا، ثَبَتَتِ الدِّيَةُ إِنْ قُلْنَا: الْمُطْلَقُ يُوجِبُ الدِّيَةَ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُوجِبُهَا، لَمْ تَثْبُتْ، وَإِنْ قَالَ: عَفَوْتُ عَلَى أَنْ لَا مَالَ، فَإِنْ لَمْ يُوجِبْ مُطْلَقُ عَفْوِهِ الْمَالَ، فَالْمُعْتَدُّ بِالنَّفْيِ أَوْلَى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا: لَا يُوجِبُهُ، لِئَلَّا يُكَلِّفَ الْمُفْلِسَ الِاكْتِسَابَ، وَعَفْوُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ، وَعَفْوُ الْوَرَثَةِ عَنِ الْقِصَاصِ مَعَ نَفْيِ الْمَالِ إِذَا كَانَ عَلَى التَّرِكَةِ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ، كَعَفْوِ الْمُفْلِسِ، وَأَمَّا الْحُجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ، فَيَصِحُّ مِنْهُ إِسْقَاطُ الْقِصَاصِ وَاسْتِيفَاؤُهُ.

وَفِيمَا يَرْجِعُ إِلَى الدِّيَةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُفْلِسِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ عَفْوُهُ عَنِ الْمَالِ بِحَالٍ، كَالصَّبِيِّ، وَعَفْوُ الْمُكَاتَبِ عَنِ الدِّيَةِ تَبَرُّعٌ، فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إِذَنِ سَيِّدِهِ، وَبِإِذْنِهِ قَوْلَانِ.

‌فَصْلٌ

لَوْ صَالَحَ مِنَ الْقِصَاصِ عَلَى أَكْثَرَ مِنَ الدِّيَةِ مِنْ جِنْسِهَا، بِأَنْ صَالَحَ عَلَى مِائَتَيْنِ مِنَ الْإِبِلِ، فَإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ، لَمْ يَصِحَّ، كَالصُّلْحِ مِنْ أَلْفٍ عَلَى أَلْفَيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ الْقَوَدُ بِعَيْنِهِ، صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَثَبَتَ الْمَالُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ.

فَصْلٌ

إِذَا سَقَطَ الْقِصَاصُ بِعَفْوِ بَعْضِ الْمُسْتَحِقِّينَ، فَلِلْبَاقِينَ الدِّيَةُ بِالْحِصَّةِ، وَأَمَّا الْعَافِي، فَإِنْ عَفَا عَلَى حِصَّتِهِ مِنَ الدِّيَةِ، ثَبَتَتْ، وَإِنْ نَفَى الْمَالَ، لَمْ تَثْبُتْ، وَإِنْ أَطْلَقَ، فَإِنْ قُلْنَا: مُوجِبُ الْقَتْلِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ: ثَبَتَتْ، وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ مُطْلَقَ الْعَفْوِ، هَلْ يُوجِبُ الدِّيَةَ؟ .

الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْعَفْوِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ وَأَلْفَاظِهِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:

إِحْدَاهَا: إِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: اقْطَعْ يَدِيَ، وَالْقَاتِلُ مَالِكٌ لِأَمْرِهِ، فَقَطَعَ الْمَأْذُونُ لَهُ يَدَهُ، فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ، كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي إِتْلَافِ مَالِهِ، فَلَا ضَمَانَ بِإِتْلَافِهِ، فَلَوْ سَرَى الْقَطْعُ، أَوْ قَالَ: اقْتُلْنِي، فَقَتَلَهُ، فَقَدْ

ص: 242

سَبَقَ فِي فَصْلِ الْإِكْرَاهِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَا دِيَةَ عَلَى الْأَظْهَرِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا دِيَةَ، وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا تُؤَثِّرُ فِيهَا الْإِبَاحَةُ، وَقِيلَ: تَسْقُطُ تَبَعًا.

الثَّانِيَةُ: قَطَعَ عُضْوَ زَيْدٍ، كَيَدِهِ أَوْ أُصْبُعِهِ، فَعَفَا عَنْ مُوجِبِ الْجِنَايَةِ قَوَدًا أَوْ أَرْشًا، فَلِلْجِنَايَةِ أَحْوَالٌ.

أَحَدُهَا: أَنْ تَنْدَمِلَ، فَلَا قِصَاصَ وَلَا أَرْشَ، وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: يَجِبُ أَرْشُهُ، وَسَوَاءٌ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: عَفَوْتُ عَنْ مُوجِبِهَا، أَوْ قَالَ: وَعَمَّا يَحْدُثُ مِنْهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ شَيْءٌ.

وَلَوْ قَالَ: عَفَوْتُ عَنْ هَذِهِ الْجِنَايَةِ، وَلَمْ يَزِدْ، نَصَّ فِي «الْأُمِّ» أَنَّهُ عَفْوٌ عَنِ الْقِصَاصِ، وَعَنِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِنَا: مُوجَبُ الْعَمْدِ الْقَوَدُ فَإِنْ قُلْنَا: أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ، فَفِي بَقَاءِ الدِّيَةِ احْتِمَالَانِ لِلرُّويَانِيِّ.

الثَّانِي: أَنْ يَسْرِيَ الْقَطْعُ إِلَى النَّفْسِ، فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ، كَمَا لَا قِصَاصَ فِي الطَّرَفِ، وَعَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ وَابْنِ سَلِمَةَ وُجُوبُ قِصَاصِ النَّفْسِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَفْوِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ عَفَا عَنِ الْقِصَاصِ، فَلَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ فَقَطْ، لِسُقُوطِ نَصِفِهَا بِالْعَفْوِ عَنِ الْيَدِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.

وَأَمَّا الْمَالُ، فَهُوَ قَسْمَانِ، أَرْشُ الْيَدِ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ إِلَى تَمَامِ الدِّيَةِ، فَأَمَّا أَرْشُ الْيَدِ، فَيُنْظَرُ، إِنْ جَرَى لَفْظُ الْوَصِيَّةِ بِأَنْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِأَرْشِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ، فَهِيَ وَصِيَّةٌ لِلْقَاتِلِ، وَفِيهَا الْقَوْلَانِ، فَإِنْ أَبْطَلْنَاهَا، لَزِمَهُ أَرَشُ الْيَدِ، وَإِنْ صَحَّحْنَاهَا، سَقَطَ الْأَرْشُ إِنْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ، وَإِلَّا سَقَطَ مِنْهُ قَدْرُ الثُّلُثِ.

وَإِنْ جَرَى لَفْظُ الْعَفْوِ أَوِ الْإِبْرَاءِ أَوِ الْإِسْقَاطِ، بِأَنْ قَالَ: عَفَوْتُ عَنْ أَرْشِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ، أَوْ أَبْرَأْتُهُ، أَوْ أَسْقَطْتُهُ، فَقِيلَ: هُوَ كَالْوَصِيَّةِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ، فَيَكُونُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَسْقُطُ قَطْعًا، لِأَنَّهُ إِسْقَاطٌ نَاجِزٌ.

وَالْوَصِيَّةُ مَا تَعَلَّقَ بِالْمَوْتِ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَهِيَ وَاجِبَةٌ إِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْعَفْوِ عَنْ مُوجِبِ الْجِنَايَةِ وَلَمْ يَقُلْ: وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا، فَإِنْ قَالَ: وَمَا يَحْدُثُ، نُظِرَ، إِنْ قَالَهُ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ، كَقَوْلِهِ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِأَرْشِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ وَأَرْشِ مَا يَحْدُثُ مِنْهَا، أَوْ يَتَوَلَّدُ،

ص: 243

أَوْ يَسْرِي إِلَيْهِ، بُنِيَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ، وَيَجِيءُ فِي جَمِيعِ الدِّيَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي أَرْشِ الْيَدِ، وَإِنْ قَالَ: عَفَوْتُ عَنْهُ، أَوْ أَبْرَأْتُهُ مِنْ ضَمَانِ مَا يَحْدُثُ، أَوْ أَسْقَطْتُهُ، لَمْ يُؤَثِّرْ فِيمَا يَحْدُثُ عَلَى الْأَظْهَرِ، فَيَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ، لِأَنَّهُ إِسْقَاطٌ قَبْلَ الثُّبُوتِ.

وَالثَّانِي: يُؤَثِّرُ، فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ الْأَرْشُ دُونَ الدِّيَةِ، فَأَمَّا إِذَا قَطَعَ يَدَيْهِ، فَعَفَا عَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا، فَإِنْ لَمْ نُصَحِّحِ الْوَصِيَّةَ، وَجَبَتِ الدِّيَةُ بِكَمَالِهَا، وَإِنْ صَحَّحْنَاهَا، سَقَطَتْ بِكَمَالِهَا إِنْ وَفَّى بِهَا الثُّلُثُ، سَوَاءٌ صَحَّحْنَا الْإِبْرَاءَ عَمَّا لَمْ يَجِبْ، أَمْ لَمْ نُصَحِّحْهُ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَسْرِيَ إِلَى عُضْوٍ آخَرَ، بِأَنْ قَطَعَ أُصْبُعَهُ فَتَآكَلَ بَاقِي الْكَفِّ بِهَا، ثُمَّ انْدَمَلَ، فَلَا قِصَاصَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ خِلَافٌ، وَأَمَّا الدِّيَةُ، فَتَسْقُطُ دِيَةُ الْعُضْوِ الْمَقْطُوعِ بِالْعَفْوِ، وَلَا يَسْقُطُ ضَمَانُ السِّرَايَةِ عَلَى الْأَصَحِّ.

فَإِنْ قَالَ: عَفَوْتُ عَنْ هَذِهِ الْجِنَايَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا، فَإِنْ لَمْ نُوجِبِ الضَّمَانَ إِذَا أَطْلَقَ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ فِي الْإِبْرَاءِ عَمَّا لَمْ يَجِبْ وَجَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: جَنَى عَبْدٌ جِنَايَةً تُوجِبُ الْمَالَ، وَعَفَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَنْ أَرْشِهَا، ثُمَّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ، أَوِ انْدَمَلَ الْجُرْحُ، وَعَفَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، فَإِمَّا أَنْ يُطْلِقَ الْعَفْوَ، وَإِمَّا أَنْ يُضِيفَهُ إِلَى السَّيِّدِ، أَوْ إِلَى الْعَبْدِ، فَإِنْ أَطْلَقَهُ، انْبَنَتْ صِحَّتُهُ عَلَى أَنَّ أَرْشَ جِنَايَةِ الْعَبْدِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فَقَطْ أَمْ بِهَا وَبِالذِّمَّةِ حَتَّى يُطَالِبَ بِمَا فَضَلَ بَعْدَ الْعِتْقِ؟ وَفِيهِ قَوْلَانِ مَذْكُورَانِ فِي الدِّيَاتِ.

فَإِنْ قُلْنَا: يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ فَقَطْ، صَحَّ الْعَفْوُ، لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ عَلَى غَيْرِ الْقَاتِلِ وَهُوَ السَّيِّدُ، وَإِنْ قُلْنَا: يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ أَيْضًا، فَفَائِدَةُ الْعَفْوِ تَعُودُ إِلَى الْعَبْدِ، فَيُبْنَى عَلَى الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ، إِنْ صَحَّحْنَاهَا، صَحَّ الْعَفْوُ، وَإِلَّا فَلَا، وَحَكَى الْإِمَامُ وَجْهَيْنِ إِذَا قُلْنَا بِالتَّعَلُّقِ بِالذِّمَّةِ فِي أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ هَلْ يَمْلِكُ فَكَّ الرَّقَبَةِ عَنِ التَّعَلُّقِ، وَجَعْلَ الْحَقِّ فِي الذِّمَّةِ خَاصَّةً كَمَا يَمْلِكُ فَكَّ الْمَرْهُونِ؟ .

قَالَ: وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَبْقَى تَعَلُّقُ الْأَرْشِ بِالرَّقَبَةِ إِذَا أَبْطَلْنَا

ص: 244

الْعَفْوَ، وَأَمَّا إِذَا أَضَافَ الْعَفْوَ إِلَى السَّيِّدِ، فَقَالَ: عَفَوْتُ عَنْكَ، فَيَصِحُّ إِنْ عَلَّقْنَا الْأَرْشَ بِالرَّقَبَةِ فَقَطْ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ أَضَافَهُ إِلَى الْعَبْدِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ فَقَطْ، لَمْ يَصِحَّ، وَإِلَّا فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ، أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْجِنَايَةُ مُوجِبَةٌ لِلْقِصَاصِ، فَالْعَفْوُ عَنِ الْعَبْدِ صَحِيحٌ، فَإِنَّهُ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: جَرَحَ حُرٌّ رَجُلًا خَطَأً، فَعَفَا عَنْهُ، ثُمَّ سَرَتِ الْجِنَايَةُ إِلَى النَّفْسِ، بُنِيَ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ تَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ابْتِدَاءً، أَمْ عَلَى الْقَاتِلِ، ثُمَّ تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ، وَفِيهِ خِلَافٌ مَذْكُورٌ فِي بَابِهِ.

فَإِنْ قَالَ: عَفَوْتُ عَنِ الْعَاقِلَةِ، أَوْ أَسْقَطْتُ الدِّيَةَ عَنْهُمْ، أَوْ قَالَ: عَفَوْتُ عَنِ الدِّيَةِ، فَهَذَا تَبَرُّعٌ عَلَى غَيْرِ الْقَاتِلِ، فَيَنْفُذُ إِذَا وَفَّى الثُّلُثُ بِهِ، وَيَبْرَءُونَ، سَوَاءٌ جَعَلْنَاهُمْ مُتَأَصِّلِينَ أَمْ مُتَحَمِّلِينَ، وَإِنْ قَالَ لِلْجَانِي: عَفَوْتُ عَنْكَ، لَمْ يَصِحَّ.

وَقِيلَ: إِنْ قُلْنَا: يُلَاقِيهِ الْوُجُوبُ ثُمَّ يَحْمِلُ عَنْهُ، صَحَّ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْوُجُوبِ يَنْتَقِلُ عَنْهُ، فَيُصَادِفُهُ الْعَفْوُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، هَذَا إِذَا ثَبَتَتِ الْجِنَايَةُ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِاعْتِرَافِ الْعَاقِلَةِ، فَأَمَّا إِذَا أَقَرَّ الْقَاتِلُ، وَأَنْكَرَتِ الْعَاقِلَةُ، فَالدِّيَةُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَيَكُونُ الْعَفْوُ تَبَرُّعًا عَلَى الْقَاتِلِ، فَفِيهِ الْخِلَافُ.

وَلَوْ عَفَا الْوَارِثُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَنِ الْعَاقِلَةِ، أَوْ مُطْلَقًا، صَحَّ، وَلَوْ عَفَا عَنِ الْجَانِي، لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ، صَحَّ.

فَرْعٌ.

لَوْ كَانَ الْجَانِي ذِمِّيًّا وَعَاقِلَتُهُ مُسْلِمِينَ أَوْ حَرْبِيِّينَ، فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ، فَإِنْ عَفَا عَنْهَا، فَهِيَ وَصِيَّةٌ لِلْقَاتِلِ، وَفِيهَا الْقَوْلَانِ.

الْخَامِسَةُ: جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً تُوجِبُ الْقِصَاصَ لَوِ انْدَمَلَتْ، كَقَطْعِ يَدٍ، فَعَفَا عَلَى الدِّيَةِ، ثُمَّ سَرَتْ إِلَى النَّفْسِ، لَمْ يَجِبِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ

ص: 245

وَفِيهِ الْوَجْهُ الْمَنْسُوبُ إِلَى ابْنِ سُرَيْجٍ وَابْنِ سَلِمَةَ، وَلَوْ جَنَى بِمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ، كَالْجَائِفَةِ وَكَسْرِ الذِّرَاعِ، فَأَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْأَرْشَ، ثُمَّ سَرَتْ إِلَى النَّفْسِ، وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ، وَلَوْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَدْ قَالَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ: عَفَوْتُ عَنِ الْقِصَاصِ، فَهُوَ لَغْوٌ، لِأَنَّ هَذِهِ الْجِنَايَةَ لَا قِصَاصَ فِيهَا.

وَلَوْ عَفَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَنْ قَطْعِ الْيَدِ وَنَحْوِهَا عَلَى الدِّيَةِ، ثُمَّ عَادَ الْجَانِي فَحَزَّ رَقَبَتَهُ، نُظِرَ، إِنْ حَزَّ بَعْدَ الِانْدِمَالِ، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ وِدِيَةُ الْيَدِ، وَإِنْ حَزَّ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، فَوَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: لَا قِصَاصَ، لِأَنَّهُ عَفَا عَنْ بَعْضِ النَّفْسِ، لَكِنْ لَهُ الْبَاقِي مِنَ الدِّيَةِ، وَأَصَحُّهُمَا: يَجِبُ الْقِصَاصُ، فَعَلَى هَذَا لَوْ عَفَا عَنِ الْقِصَاصِ، فَهَلْ لَهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، أَمِ الْبَاقِي مِنَ الدِّيَةِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي.

السَّادِسَةُ: عَفَا الْوَارِثُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، صَحَّ، وَلَوْ وَجَبَ عَلَى الْجَانِي قِصَاصُ طَرَفِ إِنْسَانٍ وَنَفْسِهِ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ مُسْتَحِقُّ هَذَا غَيْرَ مُسْتَحِقِّ ذَاكَ، فَلَا شَكَّ أَنَّ عَفْوَ أَحَدِهِمَا لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْآخَرِ، وَمِنْ صُوَرِهِ أَنْ يَقْطَعَ عَبْدٌ يَدَ عَبْدٍ، فَيَعْتِقُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَسْرِي إِلَى نَفْسِهِ، فَالْقِصَاصُ فِي الْيَدِ لِلسَّيِّدِ، وَفِي النَّفْسِ لِوَرَثَةِ الْعَتِيقِ.

وَإِنِ اسْتَحَقَّهُمَا وَاحِدٌ، فَعَفَا عَنِ النَّفْسِ، وَأَرَادَ الْقِصَاصَ فِي الطَّرَفِ، فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَانْفَرَدَ الْغَزَالِيُّ بِحِكَايَةِ وَجْهٍ فِيهِ، وَإِنْ عَفَا عَنِ الطَّرَفِ، لَمْ يَسْقُطْ قِصَاصُ النَّفْسِ عَلَى الْأَصَحِّ.

وَلَوِ اسْتَحَقَّ قِصَاصَ النَّفْسِ بِقَطْعِ الطَّرَفِ، بِأَنْ كَانَ الْجَانِي قَدْ قَطَعَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ، وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ، ثُمَّ عَفَا الْوَلِيُّ عَنْ قِصَاصِ النَّفْسِ، فَلَيْسَ لَهُ قَطْعُ الطَّرَفِ، لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ هُوَ الْقَتْلُ، وَالْقَطْعُ طَرِيقُهُ، وَقَدْ عَفَا عَنِ الْمُسْتَحَقِّ، وَإِنْ عَفَا عَنِ الْقَطْعِ، فَلَهُ حَزُّ رَقَبَتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ،

ص: 246

فَعَفْوُ الْوَلِيِّ عَنِ الْقَطْعِ لَا يُسْقِطُ حَزَّ الرَّقَبَةِ، وَكَذَا عَفْوُهُ عَنِ النَّفْسِ لَا يُسْقِطُ الْقَطْعَ.

السَّابِعَةُ: إِذَا قَتَلَ رَجُلًا بِالْقَطْعِ السَّارِي، فَقَطَعَهُ الْوَلِيُّ، ثُمَّ عَفَا عَنِ النَّفْسِ مَجَّانًا، فَإِنْ سَرَى الْقَطْعُ، بَانَ بُطْلَانُ الْعَفْوِ، وَإِنْ وَقَفَ، صَحَّ الْعَفْوُ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ لِقِطَعِ الْيَدِ شَيْءٌ، وَكَذَا لَوْ كَانَ قَتْلُهُ بِغَيْرِ الْقَطْعِ، وَقَطَعَ الْوَلِيُّ يَدَهُ مُتَعَدِّيًا، ثُمَّ عَفَا عَنْهُ، لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

وَلَوْ رَمَى الْوَلِيُّ إِلَى الْجَانِي ثُمَّ عَفَا عَنْهُ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، فَفِي نُفُوذِهِ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: لَا يَنْفُذُ لِخُرُوجِ الْأَمْرِ عَنِ اخْتِيَارِهِ، وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ كَقَطْعِ الْيَدِ، فَإِنْ لَمْ يُصِبِ السَّهْمَ، فَالْعَفْوُ صَحِيحٌ مُفِيدٌ، وَإِنْ أَصَابَهُ وَقَتَلَهُ، تَبَيَّنَّا بُطْلَانَ الْعَفْوِ، وَفِي وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَافِي وَجْهَانِ سَبَقَا فِي بَابِ تَغَيُّرِ الْحَالِ بَيْنَ الْجَرْحِ وَالْمَوْتِ، أَصَحُّهُمَا: الْوُجُوبُ، لِأَنَّهُ مَحْقُونُ الدَّمِ عِنْدَ الْإِصَابَةِ.

الثَّامِنَةُ: قَطَعَ ذِمِّيٌّ يَدَ مُسْلِمٍ، فَاقْتُصَّ مِنْهُ، أَوْ يَدَ ذِمِّيٍّ، فَاقْتُصَّ مِنْهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَقْطُوعُ، ثُمَّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ، فَلِلْوَلِيِّ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ، فَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ، فَهَلْ لَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ، أَمْ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ دِيَةِ مُسْلِمٍ؟ وَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ دِيَةَ مُسْلِمٍ سَقَطَ مِنْهَا مَا اسْتَوْفَاهُ وَهُوَ يَدُ ذِمِّيٍّ بِسُدُسِ دِيَةِ مُسْلِمٍ، وَلَوْ قَطَعَ ذِمِّيٌّ يَدَ مُسْلِمٍ، فَاقْتُصَّ مِنْهُ، وَمَاتَ الْمُسْلِمُ بِالسِّرَايَةِ، فَعَفَا الْوَلِيُّ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا شَيْءَ لَهُ، وَعَلَى الْأَصَحِّ لَهُ ثُلُثَا دِيَةِ الْمُسْلِمِ، لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُ ثُلُثَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ.

وَلَوْ قَطَعَتِ امْرَأَةٌ يَدَ رَجُلٍ، فَاقْتُصَّ مِنْهَا، ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ بِالسِّرَايَةِ، وَعَفَا الْوَلِيُّ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، لَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ، ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا، وَلَوْ قَطَعَتِ الْمَرْأَةُ يَدَيْ رَجُلٍ، فَاقْتُصَّ مِنْهَا، ثُمَّ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ، وَعَفَا الْوَلِيُّ، فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ، لَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ،

ص: 247

وَلَوْ قَطَعَ يَدَ حُرٍّ، فَاقْتُصَّ مِنْهُ، ثُمَّ عَتَقَ الْعَبْدُ، وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ، فَفِي وَجْهٍ يَسْقُطُ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَعَلَى السَّيِّدِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ دِيَةِ الْحُرِّ وَكَمَالِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، لِأَنَّهُ صَارَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَفِي وَجْهٍ يَسْقُطُ مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ بِقَدْرِ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَعَلَى السَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ بَاقِي الدِّيَةِ، وَكَمَالُ قِيمَةِ الْعَبْدِ.

التَّاسِعَةُ: سَبَقَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّ التَّوْكِيلَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ جَائِزٌ فِي حَضْرَةِ الْمُوَكَّلِ، وَكَذَا فِي غَيْبَتِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَحَدُّ الْقَذْفِ كَالْقِصَاصِ، وَسَوَاءٌ جَوَّزْنَاهُ أَمْ لَا، فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ الْوَكِيلُ، صَارَ حَقُّ الْمُوَكِّلِ مُسْتَوْفًى، كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ سِلْعَةٍ تَوْكِيلًا فَاسِدًا، فَبَاعَ الْوَكِيلُ، صَحَّ الْبَيْعُ.

إِذَا عَرَفْتَ هَذَا، فَإِذَا وَكَّلَ وَغَابَ، أَوْ تَنَحَّى الْوَكِيلُ بِالْجَانِي لِيَقْتَصَّ مِنْهُ، فَعَفَا الْمُوَكِّلُ، نُظِرَ، إِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَكَانَ الْعَفْوُ قَبْلَ الْقَتْلِ أَمْ بَعْدَهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ عَفَا بَعْدَ قَتْلِهِ، فَهُوَ لَغْوٌ، وَإِنْ عَفَا، ثُمَّ قُتِلَ الْوَكِيلُ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْعَفْوِ، فَعَلَى الْوَكِيلِ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ، فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالْمَنْصُوصِ وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ.

وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي «السِّلْسِلَةِ» قَوْلًا مُخْرِجًا: أَنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، فَإِنِ ادَّعَى عَلَى الْوَكِيلِ الْعِلْمَ بِالْعَفْوِ، فَأَنْكَرَ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَّلَ، حَلَفَ الْوَارِثُ وَاسْتَحَقَّ الْقِصَاصَ، وَفِي وُجُوبِ الدِّيَةِ إِذَا قَتَلَهُ جَاهِلًا قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا: تَجِبُ، لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَوْ عَزَلَهُ، فَقَتَلَهُ الْوَكِيلُ جَاهِلًا الْعَزْلَ، فَفِي وُجُوبِ الدِّيَةِ الْقَوْلَانِ.

فَإِنْ لَمْ نُوجِبِ الدِّيَةَ، وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِذَا أَوْجَبْنَا الدِّيَةَ، فَهِيَ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَفِي قَوْلٍ: مُخَفَّفَةٌ، فَإِنْ قُلْنَا: مُخَفَّفَةٌ، فَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ قُلْنَا: مُغَلَّظَةٌ، فَهِيَ عَلَى الْوَكِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ مُتَعَمَّدٌ،

ص: 248