المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ أَرْضَعَتْهَا الْكَبِيرَةُ، انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا، وَحَرُمَتِ الْكَبِيرَةُ مُؤَبَّدًا، - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٩

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ النَّفَقَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مَا يُشْتَرَطُ مُسَاوَاةُ الْقَتِيلِ الْقَاتِلَ فِيهِ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ وَمَا لَا يُؤَثِّرُ اخْتِلَافُهُمَا فِيهِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ أَرْضَعَتْهَا الْكَبِيرَةُ، انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا، وَحَرُمَتِ الْكَبِيرَةُ مُؤَبَّدًا،

‌فَصْلٌ

تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ أَرْضَعَتْهَا الْكَبِيرَةُ، انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا، وَحَرُمَتِ الْكَبِيرَةُ مُؤَبَّدًا، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إِنْ كَانَتِ الْكَبِيرَةُ أَرْضَعَتْهَا بِلَبَنِهِ، أَوْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا، وَعَلَى الزَّوْجِ لِلصَّغِيرَةِ نَصِفُ الْمُسَمَّى، وَفِيمَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْكَبِيرَةِ الْأَقْوَالُ الْأَرْبَعَةُ، وَلَا مَهْرَ لِلْكَبِيرَةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا، فَإِنْ كَانَتْ فَلَهَا الْمَهْرُ، قَالَ الْأَصْحَابُ: وَلَا نَقُولُ: يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَهْرِهَا، لِكَوْنِهَا أَتَلْفَتْ عَلَيْهِ بُضْعَهَا، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى إِخْلَاءِ نِكَاحِهَا عَنِ الْمَهْرِ. فَلَوْ كَانَتِ الْكَبِيرَةُ نَائِمَةً، فَارْتَضَعَتْ مِنْهَا الصَّغِيرَةُ، فَلَا مَهْرَ لِلصَّغِيرَةِ، وَلِلْكَبِيرَةِ نَصِفُ الْمُسَمَّى إِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَجَمِيعُهُ إِنْ دَخَلَ، وَيَرْجِعُ بِالْغُرْمِ فِي مَالِ الصَّغِيرَةِ كَمَا سَبَقَ. وَلَوْ أَرْضَعَتْهَا الْكَبِيرَةُ أَرْبَعَ رَضَعَاتٍ، ثُمَّ ارْتَضَعَتِ الصَّغِيرَةُ مِنْهَا الْخَامِسَةَ وَهِيَ نَائِمَةٌ قَالَ الْمُتَوَلِّي: إِنْ قُلْنَا: التَّحْرِيمُ يَتَعَلَّقُ بِالرَّضَعَاتِ وَلَمْ نُحِلْهُ عَلَى الرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ، سَقَطَ خُمُسُ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ بِفِعْلِهَا، وَنِصْفُهُ بِالْفُرْقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ خُمُسٌ وَنِصْفٌ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْكَبِيرَةِ بِثَلَاثَةِ أَعْشَارِ مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَفِي قَوْلٍ: بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ، وَأَمَّا الْكَبِيرَةُ، فَيَسْقُطُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ مَهْرِهَا بِفِعْلِهَا، وَالْبَاقِي بِالْفُرْقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ، لِأَنَّ مُقْتَضَاهَا سُقُوطُ النِّصْفِ وَالْبَاقِي دُونَ النِّصْفِ فَيَسْقُطُ، وَقِيَاسُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ «الْمُهَذَّبِ» وَ «التَّهْذِيبِ» أَنْ يُقَالَ: يَسْقُطُ الْخُمُسُ مِنْ نِصْفِ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ، وَيَجِبُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَهُمَا خُمُسَا الْجُمْلَةِ، وَيَسْقُطُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ نِصْفِ مَهْرِ الْكَبِيرَةِ وَيَجِبُ خُمُسَهُ. وَلَوْ كَانَتِ الْكَبِيرَةُ أَمَةً نَكَحَهَا، تَعَلَّقَ الْغُرْمُ بِرَقَبَتِهَا، وَإِنْ أَرْضَعَتِ الصَّغِيرَةُ أَمَتَهُ، أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ، فَلَا غُرْمَ عَلَيْهَا لِلزَّوْجِ، لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى مَمْلُوكِهِ مَالًا. وَلَوْ كَانَتْ

ص: 26

أَمَتَهُ، أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ، فَأَرْضَعَتِ الصَّغِيرَةَ، فَعَلَيْهَا الْغُرْمُ لَهُ، فَإِنْ عَجَزَهَا سَقَطَتِ الْمُطَالَبَةُ بِالْغُرْمِ. وَلَوْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَاتُهُ الْخَمْسُ فَأَرْضَعْنَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ رَضْعَةً رَضْعَةً، صَارَتْ بِنْتًا لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، فَيَنْفَسِخَ النِّكَاحُ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِنَّ بِالْغُرْمِ إِنْ أَرْضَعْنَ، وَإِلَّا فَجَمِيعُ الْغُرْمِ عَلَى الْخَامِسَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ خِلَافٌ فِي حَوَالَةِ التَّحْرِيمِ عَلَى الرَّضَعَاتِ، فَتَكُونُ كَمَا لَوْ أَرْضَعْنَ مَعًا.

فَرْعٌ

تَحْتَهُ كَبِيرَةٌ وَثَلَاثُ صَغَائِرَ، فَأَرْضَعَتْهُنَّ بِلَبَنِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا، حُرِّمَ الْأَرْبَعُ مُؤَبَّدًا، سَوَاءٌ أَرْضَعَتْهُنَّ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا، وَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى لِلْكَبِيرَةِ، وَنِصْفُ الْمُسَمَّى لِكُلِّ صَغِيرَةٍ، وَعَلَى الْكَبِيرَةِ الْغُرْمُ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا، وَلَيْسَ اللَّبَنُ لَهُ، نُظِرَ؛ إِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ مَعًا الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ مِنْ لَبَنِهَا الْمَحْلُوبِ، أَوْ أَلْقَمَتْ ثِنْتَيْنِ ثَدْيَهَا، وَأَوْجَرَتِ الثَّالِثَةَ مِنْ لَبَنِهَا الْمَحْلُوبِ انْفَسَخَ نِكَاحُ جَمِيعِهِنَّ، وَحُرِّمَتِ الْكَبِيرَةُ مُؤَبَّدًا، وَلَا تُحَرَّمُ الصَّغَائِرُ مُؤَبَّدًا، بَلْ لَهُ تَجْدِيدُ نِكَاحِ إِحْدَاهُنَّ، وَلَا يَجْمَعُ ثِنْتَيْنِ، لِأَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ. وَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ مُرَتَّبًا، حُرِّمَتِ الْكَبِيرَةُ مُؤَبَّدًا وَلَا تُحَرَّمُ الصَّغَائِرُ مُؤَبَّدًا، ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ أَحْوَالٌ، أَحَدُهَا: أَنْ تُرْضِعَ ثِنْتَيْنِ مَعًا، ثُمَّ الثَّالِثَةَ، فَيَنْفَسِخَ نِكَاحُ الْأُولَيَيْنِ، وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الثَّالِثَةَ لِانْفِرَادِهَا وَوُقُوعِ إِرْضَاعِهَا بَعْدَ انْدِفَاعِ نِكَاحِ أُمِّهَا وَأُخْتِهَا.

الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ تُرْضِعَ وَاحِدَةً أَوَّلًا، ثُمَّ ثِنْتَيْنِ، فَيَنْفَسِخَ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ، أَمَّا الْأُولَى وَالْكَبِيرَةُ فَلِاجْتِمَاعِ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ، وَأَمَّا الْأُخْرَيَانِ، فَلِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ.

الثَّالِثُ: أَنْ تُرْضِعَهُنَّ مُتَعَاقِبًا، فَيَنْفَسِخَ نِكَاحُ الْأَوْلَى مَعَ الْكَبِيرَةِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَلَا تَنْفَسِخُ الثَّانِيَةُ بِمُجَرَّدِ ارْتِضَاعِهَا، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً،

ص: 27

وَلَمْ تَجْتَمِعْ هِيَ وَأُمٌّ وَلَا أُخْتٌ، فَإِذَا ارْتَضَعَتِ الثَّالِثَةُ، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا، لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتًا لِلثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ فِي نِكَاحِهِ، وَهَلْ يَنْفَسِخُ مَعَهَا نِكَاحُ الثَّانِيَةِ، أَمْ يَخْتَصُّ الِانْفِسَاخُ بِالثَّالِثَةِ؟ قَوْلَانِ، وَيُنْسَبُ الثَّانِي إِلَى الْجَدِيدِ، وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَالْأَوَّلُ إِلَى الْقَدِيمِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ، وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ، فَعَلَى هَذَا الْمَسْأَلَةُ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي رُجِّحَ فِيهَا الْقَدِيمُ. وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ كَبِيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ، فَأَرْضَعَتْ أُمُّ الْكَبِيرَةِ الصَّغِيرَةَ، فَقِيلَ: يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُمَا قَطْعًا، وَالْأَصَحُّ انْفِسَاخُ الصَّغِيرَةِ، وَأَنَّ الْكَبِيرَةَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ. وَلَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ صَغِيرَتَانِ أَرْضَعَتْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ، نُظِرَ؛ إِنْ أَرْضَعَتْهُمَا مَعًا انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا، لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ مَعًا، وَحُرِّمَتِ الْأَجْنَبِيَّةُ مُؤَبَّدًا، لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتَيْهِ، وَلَهُ نِكَاحُ إِحْدَى الصَّغِيرَتَيْنِ. وَإِنْ أَرْضَعَتْهُمَا مُتَعَاقِبًا، لَمْ تَنْفَسِخِ الْأُولَى بِإِرْضَاعِهَا، فَإِذَا أَرْضَعَتِ الثَّانِيَةَ، انْفَسَخَتْ قَطْعًا، وَفِي انْفِسَاخِ الْأُولَى الْقَوْلَانِ، الْأَظْهَرُ الِانْفِسَاخُ.

فَرْعٌ

تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَثَلَاثُ كَبَائِرَ، أَرْضَعَتْهَا كُلُّ كَبِيرَةٍ خَمْسًا، انْفَسَخَ نِكَاحُ الْجَمِيعِ، لِأَنَّ الْكَبَائِرَ أُمَّهَاتُ زَوْجَتِهِ، وَالصَّغِيرَةُ بِنْتُ زَوْجَاتِهِ، وَحُرِّمَتِ الْكَبَائِرُ مُؤَبَّدًا، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إِنْ كَانَ دَخَلَ بِكَبِيرَةٍ، وَإِلَّا فَلَهُ نِكَاحُهَا.

فَرْعٌ

تَحْتَهُ أَرْبَعُ صَغَائِرَ أَرْضَعَتْهُنَّ أَجْنَبِيَّةٌ وَاحِدَةٌ بَعْدَ وَاحِدَةٍ، فَلَا أَثَرَ لِرِضَاعِ الْأُولَى فِي نِكَاحِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، فَإِذَا ارْتَضَعَتِ الثَّانِيَةُ أُخْتًا لِلْأُولَى، فَيَنْفَسِخَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ، وَفِي الْأُولَى الْقَوْلَانِ، فَإِنْ فَسَخْنَاهَا،

ص: 28

فَإِذَا أَرْضَعَتِ الثَّالِثَةَ، لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهَا، فَإِذَا أَرْضَعَتِ الرَّابِعَةَ انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأُولَى، فَإِذَا أَرْضَعَتِ الثَّالِثَةَ، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا، لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتًا لِلْأُولَى وَكَذَا الرَّابِعَةُ. وَلَوْ أَرْضَعَتْهُنَّ مَعًا، أَوْ أَرْضَعَتْ ثِنْتَيْنِ مَعًا، ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا، انْفَسَخَ الْجَمِيعُ.

فَرْعٌ

تَحْتَهُ صَغِيرَتَانِ وَكَبِيرَتَانِ أَرْضَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْكَبِيرَتَيْنِ وَاحِدَةً مِنَ الصَّغِيرَتَيْنِ، حُرِّمْنَ كُلُّهُنَّ مُؤَبَّدًا إِنْ دَخَلَ بِالْكَبِيرَتَيْنِ، أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِمَا، حُرِّمَتِ الْكَبِيرَتَانِ مُؤَبَّدًا، وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الصَّغِيرَتَيْنِ فِي الْحَالِ، وَلَهُ تَجْدِيدُ نِكَاحِهِمَا، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الْأُخُوَّةِ. وَلَوْ أَرْضَعَتْهُمَا إِحْدَى الْكَبِيرَتَيْنِ مُرَتَّبًا، انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَى وَالْمُرْضِعَةِ، لِاجْتِمَاعِ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ، وَلَمْ تَنْفَسِخِ الصَّغِيرَةُ الثَّانِيَةُ، فَإِذَا أَرْضَعَتْهُمَا الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ إِرْضَاعِ الْأُولَى عَلَى تَرْتِيبِ الثَّانِيَةِ الْأُولَى، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا بِإِرْضَاعِ الصَّغِيرَةِ الْأُولَى، وَلَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي حَقِّهَا اجْتِمَاعُ أُمٍّ وَبِنْتٍ فِي النِّكَاحِ. وَإِنْ أَرْضَعَتْهُمَا عَلَى عَكْسِ تَرْتِيبِ الْمُرْضِعَةِ الْأُولَى انْفَسَخَ نِكَاحُ الْجَمِيعِ، وَلَهُ تَجْدِيدُ نِكَاحِ كُلِّ صَغِيرَةٍ إِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْكَبِيرَتَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا.

فَرْعٌ

تَحْتَهُ كَبِيرَتَانِ وَصَغِيرَةٌ، فَأَرْضَعَتَاهَا دُفْعَةً بِأَنْ أَوْجَرَتَاهَا لَبَنَهُمَا الْمَحْلُوبَ الْمَخْلُوطَ، انْفَسَخَ نِكَاحُ الثَّلَاثِ، وَحُرِّمَتِ الْكَبِيرَتَانِ مُؤَبَّدًا، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إِنْ دَخَلَ بِكَبِيرَةٍ وَإِلَّا فَلَا تَحْرُمُ مُؤَبَّدًا، وَعَلَى الزَّوْجِ لِلصَّغِيرَةِ نَصِفُ الْمُسَمَّى، وَيَرْجِعُ عَلَى الْكَبِيرَتَيْنِ بِالْغُرْمِ. وَأَمَّا الْكَبِيرَتَانِ،

ص: 29

فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهِمَا، فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا جَمِيعُ الْمُسَمَّى، وَيَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِ صَاحِبَتِهَا تَفْرِيعًا عَلَى الْأَظْهَرِ، وَهُوَ إِثْبَاتُ الرُّجُوعِ فِي غُرْمِ مَهْرِ الْكَبِيرَةِ الْمَمْسُوسَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ انْفِسَاخَ نِكَاحِ كُلِّ وَاحِدَةٍ حَصَلَ بِفِعْلِهَا وَفَعَلِ صَاحِبَتِهَا، فَسَقَطَ النِّصْفُ لِفِعْلِهَا، وَوَجَبَ النِّصْفُ عَلَى صَاحِبَتِهَا. وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رُبُعُ الْمُسَمَّى، لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ حَصَلَ بِفِعْلِهِمَا، فَسَقَطَ بِفِعْلِ كُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ الشَّطْرِ الْوَاجِبِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَوَجَبَ النِّصْفُ الْآخَرُ، وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِرُبُعِ مَهْرِ مِثْلِ الْأُخْرَى تَفْرِيعًا عَلَى الْأَظْهَرِ، وَهُوَ أَنَّ التَّغْرِيمَ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ يَكُونُ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ. وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا مَدْخُولًا بِهَا دُونَ الْأُخْرَى، فَلِلْمَدْخُولِ بِهَا تَمَامُ الْمُسَمَّى وَلِلْأُخْرَى رُبُعُ مُسَمَّاهَا، وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَعَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا بِرُبُعِ مَهْرِ مِثْلِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا. وَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَكِنْ أَوْجَرَتْهَا اللَّبَنَ الْمَخْلُوطَ فِي الْمَرَّةِ الْخَامِسَةِ إِحْدَى الْكَبِيرَتَيْنِ وَحْدَهَا فَحُكْمُ التَّحْرِيمِ كَمَا سَبَقَ، وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِمَهْرِ الصَّغِيرَةِ عَلَى الْمُرْضِعَةِ فِي الْخَامِسَةِ وَحْدَهَا، وَفِيمَا يَرْجِعُ بِهِ الْأَقْوَالُ. وَأَمَّا الْكَبِيرَتَانِ فَالَّتِي لَمْ تُوجِرْ، إِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، فَلَهَا عَلَى الزَّوْجِ تَمَامُ الْمُسَمَّى، وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا عَلَى الْمُوجِرَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا، فَلَهَا عَلَى الزَّوْجِ نَصِفُ الْمُسَمَّى، وَيَرْجِعُ بِالْغُرْمِ عَلَى الْمُوجَرَةِ كَمَا فِي الصَّغِيرَةِ، وَأَمَّا الْمُوجِرَةُ، فَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، فَلَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا، لِأَنَّهَا سَبَبُ الْفُرْقَةِ، هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ، فَإِنْ كَانَ لَبَنَهُ - وَالتَّصْوِيرُ كَمَا سَبَقَ - صَارَتِ الصَّغِيرَةُ بِنْتَهُ، وَحُرِّمَتْ مُؤَبَّدًا، وَلَوْ تَمَّ التَّحْرِيمُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ دُونَ الْكَبِيرَتَيْنِ بِأَنْ أَرْضَعَتْ هَذِهِ بَعْضَ الْخَمْسِ وَهَذِهِ بَعْضَهَا، حَصَلَ التَّحْرِيمُ فِي حَقِّهِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا سَبَقَ وَحُرِّمَتِ الصَّغِيرَةُ مُؤَبَّدًا، لِأَنَّهَا

ص: 30

بِنْتُهُ، وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْكَبِيرَتَيْنِ، لِأَنَّهُ لَمْ تَصِرْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أُمًّا، ثُمَّ إِنْ حَصَلَتِ الرَّضَعَاتُ مُتَفَرِّقَاتٍ بِأَنْ أَرْضَعَتْ هَذِهِ ثَلَاثًا، وَتِلْكَ مَرَّتَيْنِ، فَالْغُرْمُ عَلَى الَّتِي أَرْضَعَتِ الْخَامِسَةَ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ، وَقَدْ سَبَقَ مَا يَقْتَضِي خِلَافًا فِيهِ. وَإِنِ اشْتَرَكَتَا فِي الْخَامِسَةِ بِأَنْ أَرْضَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ رَضْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْجَرَتَاهَا لَبَنَهُمَا الْمَخْلُوطَ دُفْعَةً، فَالْغُرْمُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ. وَلَوْ حَلَبَتْ إِحْدَاهُمَا لَبَنَهَا ثَلَاثَ دُفُعَاتٍ فِي ثَلَاثَةِ أَوْعِيَةٍ، وَالْأُخْرَى دَفْعَتَيْنِ فِي إِنَائَيْنِ، ثُمَّ جُمِعَ الْجَمِيعُ، وَأُوجِرَتْهُ الصَّغِيرَةُ، فَإِنْ أُوجَرَتْهَا إِحْدَاهُمَا، فَالْغُرْمُ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَوْجَرَتَاهَا، فَهَلْ تَغْرَمَانِ بِالسَّوِيَّةِ، أَمْ أَخْمَاسًا؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا بِالسَّوِيَّةِ. وَلَوْ حَلَبَتْ إِحْدَاهُمَا أَرْبَعًا فِي أَرْبَعَةِ أَوْعِيَةٍ، وَالْأُخْرَى ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ خُلِطَ، وَأَوْجَرَتَاهَا مَعًا، فَتَغْرَمَانِ بِالسَّوِيَّةِ أَمْ أَسْبَاعًا؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ.

فَرْعٌ

تَحْتَهُ ثَلَاثَةُ صَغَائِرَ، فَجَاءَتْ ثَلَاثُ خَالَاتٍ لِلزَّوْجِ مِنَ الْأَبَوَيْنِ وَأَرْضَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ صَغِيرَةً، لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي نِكَاحِهِنَّ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ بَنَاتِ الْخَالَاتِ. فَلَوْ جَاءَتْ أُمُّ أُمِّ الزَّوْجِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَرْضَعَتْ زَوْجَةً صَغِيرَةً رَابِعَةً لِلزَّوْجِ، حُرِّمَتِ الرَّابِعَةُ مُؤَبَّدًا، لِأَنَّهَا صَارَتْ خَالَتَهُ وَخَالَةَ الصَّغَائِرِ الثَّلَاثِ، وَاجْتَمَعَتْ هِيَ وَهُنَّ فِي النِّكَاحِ، وَفِي انْفِسَاخِ نِكَاحِ الثَّلَاثِ الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ. وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ أَرْضَعَتِ الرَّابِعَةَ امْرَأَةُ أَبِي أُمِّ الزَّوْجِ بِلَبَنِهِ. وَلَوْ كَانَتِ الْخَالَاتُ مُتَفَرِّقَاتٍ، وَأَرْضَعْنَ الثَّلَاثَ، ثُمَّ أَرْضَعَتِ الرَّابِعَةَ أُمُّ أُمِّ الزَّوْجِ، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا، وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْهَا الْخَالَةُ لِلْأَبِ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ الْقَوْلَانِ. وَلَوْ كُنَّ مُتَفَرِّقَاتٍ وَأَرْضَعَتِ الرَّابِعَةَ امْرَأَةُ أَبِي الزَّوْجِ، انْفَسَخَ نِكَاحُ الرَّابِعَةِ، وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الَّتِي أَرْضَعَتْهَا الْخَالَةُ لِلْأُمِّ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ الْقَوْلَانِ.

ص: 31

وَلَوْ أَرْضَعَتِ الصَّغَائِرَ ثَلَاثُ عَمَّاتٍ لِلزَّوْجِ مِنَ الْأَبَوَيْنِ، أَوْ مِنَ الْأَبِ، ثُمَّ أَرْضَعَتِ الرَّابِعَةَ أُمُّ أَبِيهِ أَوِ امْرَأَةُ أَبِي أَبِيهِ بِلَبَنِهِ، فَالْحُكْمُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْخَالَاتِ.

فَرْعٌ

تَحْتَهُ كَبِيرَةٌ وَثَلَاثُ صَغَائِرَ وَلِلْكَبِيرَةِ ثَلَاثُ بَنَاتٍ، فَأَرْضَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ صَغِيرَةً، فَإِنْ كَانَتِ الْكَبِيرَةُ مَدْخُولًا بِهَا حُرِّمْنَ مُؤَبَّدًا، سَوَاءٌ أَرْضَعَهُنَّ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، وَعَلَى الزَّوْجِ مَهْرُ الْكَبِيرَةِ بِتَمَامِهِ، وَيَرْجِعُ بِغُرْمِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ عَلَيْهِنَّ إِنْ أَرْضَعْنَ مَعًا، وَعَلَى الْأُولَى إِنْ أَرْضَعْنَ مُرَتَّبًا، وَلِكُلِّ صَغِيرَةٍ عَلَى الزَّوْجِ نَصِفُ الْمُسَمَّى، وَيَرْجِعُ بِالْغُرْمِ لِكُلِّ صَغِيرَةٍ عَلَى مُرْضِعَتِهَا. وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْكَبِيرَةُ مَدْخُولًا بِهَا، فَإِنْ أَرْضَعْنَ مَعًا الْمَرَّةَ الْخَامِسَةَ، انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ، لِاجْتِمَاعِ الْجَدَّةِ وَالْحَفَدَةِ، وَتُحَرَّمُ الْكَبِيرَةُ مُؤَبَّدًا دُونَ الصَّغَائِرِ، وَعَلَى الزَّوْجِ نَصِفُ الْمُسَمَّى لِلْكَبِيرَةِ وَلِكُلِّ صَغِيرَةٍ، وَيَرْجِعُ بِغُرْمِ كُلِّ صَغِيرَةٍ عَلَى مُرْضِعَتِهَا، وَبِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِ الْكَبِيرَةِ، وَعَلَى الثَّلَاثِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ سُدُسٌ، وَإِنْ أَرْضَعْنَ مُرَتَّبًا، فَبِإِرْضَاعِ الْأُولَى تَنْفَسِخُ الْكَبِيرَةُ وَتِلْكَ الصَّغِيرَةُ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمُسَمَّى عَلَى الزَّوْجِ، وَيَرْجِعُ بِالْغُرْمِ، وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأُخْرَيَيْنِ، سَوَاءٌ أَرْضَعَتَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، لِأَنَّهُمَا لَمْ تَصِيرَا أُخْتَيْنِ، وَلَا اجْتَمَعَتِ الْجَدَّةُ وَهُمَا. وَلَوْ أَرْضَعَتِ اثْنَتَانِ صَغِيرَتَيْنِ مَعًا، ثُمَّ أَرْضَعَتِ الثَّالِثَةَ، لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَعَلَى الزَّوْجِ نَصِفُ الْمُسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَيَرْجِعُ بِغُرْمِ كُلِّ صَغِيرَةٍ عَلَى مُرْضِعَتِهَا وَبِغُرْمِ الْكَبِيرَةِ عَلَى الْمُرْضِعَتَيْنِ جَمِيعًا.

فَرْعٌ

نَكَحَ صَغِيرٌ صَغِيرَةً هِيَ بِنْتُ عَمِّهِ، فَأَرْضَعَتْ جَدَّتُهُمَا أُمُّ أَبِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحَدَهُمَا، ثَبَتَتِ الْحُرْمَةُ بَيْنَهُمَا، وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَكَذَا

ص: 32

الْحُكْمُ لَوْ كَانَتْ أُمُّ أَبِي الصَّغِيرِ غَيْرَ أُمِّ أَبِي الصَّغِيرَةِ بِأَنْ كَانَ أَبَوَاهُمَا أَخَوَيْنِ لِأَبٍ، فَأَرْضَعَتْ إِحْدَى الْجَدَّتَيْنِ أَحَدَ الصَّغِيرَيْنِ بِلَبَنِ جَدِّهِمَا، انْفَسَخَ النِّكَاحُ. وَلَوْ نَكَحَ صَغِيرٌ بِنْتَ عَمَّتِهِ الصَّغِيرَةَ، فَجَاءَتِ الْجَدَّةُ الَّتِي هِيَ أُمُّ أَبِي الصَّغِيرِ، وَأُمُّ أُمِّ الصَّغِيرَةِ، فَأَرْضَعَتْ أَحَدَهُمَا، انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ أُمَّ أَبِي الصَّغِيرِ غَيْرَ أُمِّ أُمِّ الصَّغِيرَةِ، وَأَرْضَعَتْ جَدَّتُهُمَا أُمُّ أُمِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحَدَهُمَا، انْفَسَخَ. وَلَوْ نَكَحَ صَغِيرٌ بِنْتَ خَالِهِ، فَأَرْضَعَتْ جَدَّتُهُمَا أُمُّ أُمِّ الصَّغِيرِ وَأُمُّ أَبِي الصَّغِيرَةِ أَحَدَهُمَا، انْفَسَخَ، وَتَنْزِيلَاتُهَا ظَاهِرَةٌ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

ص: 33

الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ

فِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ:

الْأَوَّلُ فِي دَعْوَى الرَّضَاعِ وَحُكْمِهَا:

فَإِذَا قَالَ: فُلَانَةٌ أُخْتِي أَوْ بِنْتِي مِنَ الرَّضَاعِ، أَوْ قَالَ: فُلَانٌ أَخِي أَوِ ابْنِي مِنَ الرَّضَاعِ، وَاتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ، لَمْ يَحِلَّ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا بِشَرْطِ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِأَنَّ قَالَ: فُلَانَةٌ بِنْتِي وَهِيَ أَكْبَرُ سِنًّا مِنْهُ، فَهُوَ لَغْوٌ. وَإِذَا صَحَّ الْإِقْرَارُ، ثُمَّ رَجَعَا، أَوْ رَجَعَ الْمُقِرُّ، لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ، وَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ. وَلَوِ اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى أَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا مُحَرِّمًا، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَسَقَطَ الْمُسَمَّى، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ إِنْ دَخَلَ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ. وَإِنِ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الرَّضَاعِ وَلَا بَيِّنَةَ، فَإِنِ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ وَأَنْكَرَتْهُ، قُبِلَ فِي حَقِّهِ فَقَطْ، فَيُحْكَمُ بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَيَجِبُ لَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَجَمِيعُهُ إِنْ كَانَ بَعْدَهُ، وَلَهُ تَحْلِيفُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَذَا بَعْدَهُ إِنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِنَ الْمُسَمَّى، فَإِنْ نَكَلَتْ، حَلَفَ الزَّوْجُ، وَلَا شَيْءَ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَا يَجِبُ أَكْثَرُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بَعْدَ الدُّخُولِ. وَإِنِ ادَّعَتِ الرَّضَاعَ وَأَنْكَرَ، فَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ أَنَّهُ إِنْ جَرَى التَّزْوِيجُ بِرِضَاهَا، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا، بَلْ يُصَدَّقُ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ. وَإِنْ جَرَى بِغَيْرِ رِضَاهَا فَأَيُّهُمَا الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ؟ وَجْهَانِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ أَجَابَ الْعِرَاقِيُّونَ، وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ الْمُصَدَّقُ، وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ، وَبِهِ

ص: 34

أَجَابَ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ، وَنَقْلَهُ الْقَفَّالُ عَنِ النَّصِّ. وَإِذَا مَكَّنَتِ الزَّوْجَ وَقَدْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِ رِضَاهَا، فَتَمْكِينُهَا كَرِضَاهَا، وَالْوَرَعُ لِلزَّوْجِ إِذَا ادَّعَتِ الرَّضَاعَ أَنْ يَدَعَ نِكَاحَهَا بِتَطْلِيقَةٍ لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَلَيْسَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْمُسَمَّى إِذَا ادَّعَتِ الرَّضَاعَ، لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّهُ بِزَعْمِهَا، وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إِنْ جَرَى دُخُولٌ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ دَفْعِ الزَّوْجِ الصَّدَاقَ، لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ لِزَعْمِهِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا يَفْعَلُ بِذَلِكَ الْمَالِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِيمَا إِذَا أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِمَالٍ فَأَنْكَرَهُ الْمُقِرُّ لَهُ.

فَرْعٌ

أَقَرَّتْ أَمَةٌ بِأُخُوَّةِ الرَّضَاعِ لِغَيْرِ سَيِّدِهَا، يُقْبَلُ، فَإِذَا اشْتَرَاهَا ذَلِكَ الْغَيْرُ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَإِنْ أَقَرَّتْ لِسَيِّدِهَا، لَمْ يُقْبَلْ بَعْدَ التَّمْكِينِ، وَقَبْلَهُ وَجْهَانِ.

الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ فِي الرَّضَاعِ.

مِنَ الْأُصُولِ الْمُمَهِّدَةِ أَنَّ الْحَالِفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ إِنْ كَانَ إِثْبَاتًا، وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إِنْ كَانَ نَفْيًا، وَالْغَرَضُ هُنَا أَنَّ مُنْكِرَ الرَّضَاعِ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَمُدَّعِيهِ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ يَسْتَوِي فِيهِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، فَلَوْ نَكَلَتْ عَنِ الْيَمِينِ، وَرَدَدْنَاهَا عَلَى الزَّوْجِ، أَوْ نَكَلَ الزَّوْجُ وَرَدَدْنَاهَا عَلَيْهَا، فَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ تَكُونُ عَلَى الْبَتِّ، لِأَنَّهَا مُثْبِتَةً، وَقَالَ الْقَفَّالُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَقِيلَ: إِنَّ غَيْرَ الْمُنْكِرِ مِنْهُمَا عَلَى الْبَتِّ، وَقِيلَ: يَمِينُهُ إِذَا أَنْكَرَ عَلَى الْبَتِّ، وَيَمِينُهَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. وَلَوِ ادَّعَتِ الرَّضَاعَ فَشَكَّ الزَّوْجُ، فَلَمْ يَقَعْ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهَا وَلَا كَذِبُهَا، فَإِنْ قُلْنَا: الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ، وَإِنْ قُلْنَا: عَلَى الْبَتِّ، فَلَا.

ص: 35

الطَّرَفُ الثَّالِثُ: فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الرَّضَاعِ فِيهِ مَسَائِلُ:

إِحْدَاهَا: يَثْبُتُ الرَّضَاعُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، وَبِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ كَالْوِلَادَةِ، وَلَا يَثْبُتُ بِدُونِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وَلَا يَثْبُتُ الْإِقْرَارُ بِالرَّضَاعِ إِلَّا بِرَجُلَيْنِ، وَفِي «التَّتِمَّةِ» أَنَّهُ لَوْ كَانَ النِّزَاعُ فِي شُرْبِ اللَّبَنِ مِنْ ظَرْفٍ، لَمْ تُقْبَلْ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسْوَةِ الْمُتَمَحِّضَاتِ، لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِاطِّلَاعِ النِّسَاءِ، وَإِنَّمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ إِذَا كَانَ النِّزَاعُ فِي الِارْتِضَاعِ مِنَ الثَّدْيِ، وَأَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى أَنَّ اللَّبَنَ الْحَاصِلَ فِي الظَّرْفِ لَبَنُ فُلَانَةٍ، لِأَنَّ الرِّجَالَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى الْحَلْبِ غَالِبًا.

الثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَ فِيمَنْ يَشْهَدُ بِالرَّضَاعِ أُمُّ الْمَرْأَةِ، أَوْ بِنْتُهَا عَلَى حُرْمَةِ الرَّضَاعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُدَّعِيًا، وَالْمَرْأَةُ مُنْكِرَةً، قُبِلَتْ شَهَادَتُهَا، وَإِنِ انْعَكَسَ فَلَا، قَالَ الْأَصْحَابُ: وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنَّ تَشْهَدَ عَلَى أُمِّهَا أَنَّهَا ارْتَضَعَتْ مِنْ أُمِّ الزَّوْجِ، لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الرَّضَاعِ تُعْتَبَرُ فِيهَا الْمُشَاهَدَةُ، لَكِنْ يُتَصَوَّرُ أَنْ تَشْهَدَ أَنَّهَا أَرْضَعَتِ الزَّوْجُ أَوْ أَرْضَعَتْهُ أُمُّهَا أَوْ أُخْتُهَا، وَلَوْ شَهِدَتِ الْأُمُّ أَوِ الْبِنْتُ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ دَعْوَى عَلَى سَبِيلِ الْحِسْبَةِ، قُبِلَتْ وَإِنِ احْتَمَلَ كَوْنُ الزَّوْجَةِ مُدَّعِيَةً، لِأَنَّ الرَّضَاعَ تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ، وَهَذَا كَمَا لَوْ شَهِدَ أَبُو الزَّوْجَةِ وَابْنُهَا أَوِ ابْنَاهَا ابْتِدَاءً أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا، قُبِلَتْ. وَلَوِ ادَّعَتِ الطَّلَاقَ، فَشَهِدَا، لَمْ تُقْبَلْ.

الثَّالِثَةُ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ وَحْدَهَا، وَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا فِيمَنْ يَشْهَدُ إِنِ ادَّعَتْ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ، لَمْ تُقْبَلْ، وَفِي وَجْهٍ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: تُقْبَلُ فِي ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ دُونَ الْأُجْرَةِ، وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ فِيهِمَا. وَإِنْ لَمْ تَدَّعِ أُجْرَةً، نُظِرَ؛ إِنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِفِعْلِهَا بِأَنْ شَهِدَتْ بِأُخُوَّةِ الرَّضَاعِ بَيْنَهُمَا، أَوْ عَلَى أَنَّهُمَا ارْتَضَعَا مِنْهَا، قُبِلَتْ شَهَادَتُهَا، وَلَا نَظَرَ إِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ، وَجَوَازِ الْخَلْوَةِ وَالْمُسَافَرَةِ، فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُرَدُّ بِمِثْلِ

ص: 36

هَذِهِ الْأَغْرَاضِ. وَلِهَذَا لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّ زَيْدًا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، أَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ، قُبِلَ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنِ اسْتَفَادَا حَلَّ مُنَاكَحَتِهَا. وَإِنْ شَهِدَتْ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهَا، فَقَالَتْ: أَرْضَعْتُهُمَا، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا تُقْبَلُ، كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا عَلَى وِلَادَتِهَا، وَلَا شَهَادَةُ الْحَاكِمِ عَلَى حُكْمِ نَفْسِهِ بَعْدَ الْعَزْلِ، وَلَا الْقَسَّامُ عَلَى الْقِسْمَةِ. وَأَصَحُّهُمَا: تُقْبَلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ، لِأَنَّهَا لَا تَجُرُّ بِهَا نَفْعًا وَلَا تَدْفَعُ ضَرَرًا بِخِلَافِ الْوِلَادَةِ، فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ النَّفَقَةِ وَالْإِرْثِ، وَسُقُوطُ الْقِصَاصِ وَغَيْرُهَا، وَتُخَالِفُ شَهَادَةَ الْحَاكِمِ وَالْقَسَّامِ، فَإِنَّ فِعْلَهُمَا مَقْصُودٌ، وَفِعْلَ الْمُرْضِعَةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ، وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ وُصُولُ اللَّبَنِ إِلَى الْجَوْفِ، وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْحُكْمِ وَالْقِسْمَةِ تَتَضَمَّنُ تَزْكِيَةَ النَّفْسِ.

فَرْعٌ

إِذَا لَمْ يَتِمَّ نِصَابُ الشَّهَادَةِ بِأَنْ شَهِدَتِ الْمُرْضِعَةُ وَحْدَهَا، أَوِ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ، أَوِ امْرَأَتَانِ، أَوْ ثَلَاثٌ، فَالْوَرَعُ أَنْ يَتْرُكَ نِكَاحَهَا، وَأَنْ يُطَلِّقَهَا إِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ النِّكَاحِ.

فَرْعٌ

لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِالرَّضَاعِ، وَقَالَا: تَعَمَّدْنَا النَّظَرَ إِلَى الثَّدْيِ لَا لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا فَاسِقَانِ بِقَوْلِهِمَا، وَفِي النَّظَرِ إِلَى الثَّدْيِ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي أَوَّلِ النِّكَاحِ، الْأَصَحُّ الْجَوَازُ.

قُلْتُ: مُجَرَّدُ النَّظَرِ مَعْصِيَةٌ صَغِيرَةٌ لَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ مَا لَمْ يُصِرَّ عَلَيْهِ فَاعِلُهُ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا تَكُونَ ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: أَطْلَقَ جَمَاعَةٌ - مِنْهُمُ الْإِمَامُ - أَنَّ الشَّهَادَةَ الْمُطْلَقَةَ أَنَّ بَيْنَهُمَا رِضَاعًا مُحَرَّمًا، أَوْ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ، أَوْ أُخُوَّتَهُ، أَوْ بُنُوَّتَهُ مَقْبُولَةٌ،

ص: 37

وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: لَا تُقْبَلُ مُطْلَقَةً، بَلْ يُشْتَرَطُ التَّفْصِيلُ وَالتَّعْرِيضُ لِلشَّرَائِطِ، وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي شُرُوطِ الرَّضَاعِ، فَاشْتَرَطَ التَّفْصِيلَ لِيَعْمَلَ الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ، وَيَحْسُنُ أَنْ يُتَوَسَّطَ فَيُقَالُ: إِنْ أَطْلَقَ فَقِيهٌ يَوْثَقُ بِمَعْرِفَتِهِ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا، وَيَنْزِلُ الْكَلَامَانِ عَلَيْهِ، أَوْ يُخَصُّ الْخِلَافُ بِغَيْرِ الْفَقِيهِ، وَقَدْ سَبَقَ مِثْلُهُ فِي الْإِخْبَارِ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ. وَالْمَانِعُونَ مِنْ قَبُولِ الْمُطْلَقَةِ ذَكَرُوا وَجْهَيْنِ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ الْمُطْلَقَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ. وَلَوْ قَالَ: هِيَ أُخْتِي مِنَ الرَّضَاعِ، فَفِي «الْبَحْرِ» وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى ذِكْرِ الشُّرُوطِ إِنْ كَانَ فَقِيهًا، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ بِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ، فَلَا يُقِرُّ إِلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ.

الْخَامِسَةُ: إِذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ عَلَى فِعْلِ الرَّضَاعِ وَالِارْتِضَاعِ، لَمْ يَكْفِ، وَكَذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنَ التَّعَرُّضِ لِلْوَقْتِ وَالْعَدَدِ بِأَنْ يَشْهَدَ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ، أَوِ ارْتَضَعَ مِنْهَا فِي الْحَوْلَيْنِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ، وَفِي اشْتِرَاطِ ذِكْرِ وُصُولِ اللَّبَنِ إِلَى الْجَوْفِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ، كَمَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْإِيلَاجِ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا. وَالثَّانِي: لَا، لِأَنَّهُ لَا يُشَاهَدُ قَالَ فِي «الْبَسِيطِ» : وَلَا شَكَّ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَفْصِلَهُ، وَلَوْ مَاتَ الشَّاهِدُ قَبْلَ الِاسْتِفْصَالِ، هَلْ لِلْقَاضِي التَّوَقُّفُ؟ وَجْهَانِ.

فَرْعٌ

الشَّاهِدُ قَدْ يَسْتَيْقِنُ وُصُولَ اللَّبَنِ إِلَى الْجَوْفِ بِأَنْ يُعَايِنَ الْحَلْبَ، وَإِيجَارَ الصَّغِيرِ الْمَحْلُوبَ وَازْدِرَادَهُ، وَحِينَئِذٍ يَشْهَدُ بِهِ، وَلَا إِشْكَالَ. وَقَدْ يُشَاهِدُ الْقَرَائِنَ الدَّالَّةَ عَلَيْهِ وَهِيَ الْتِقَامُ الثَّدْيِ وَامْتِصَاصُهُ، وَحَرَكَةُ

ص: 38

الْحَلْقِ بِالتَّجَرُّعِ وَالِازْدِرَادِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا ذَاتُ لَبَنٍ، وَهَذَا يُسَلِّطُهُ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الرَّضَاعِ بِأَنْ يَرَاهَا أَخَذَتِ الطِّفْلَ تَحْتَ ثِيَابِهَا، وَأَدَّتْهُ مِنْهَا كَهَيْئَةِ الْمُرْضِعَةِ، لِأَنَّهَا قَدْ تُوجِرُهُ لَبَنَ غَيْرِهَا فِي شَيْءٍ كَهَيْئَةِ الثَّدْيِ، وَلَا بِأَنْ يَسْمَعَ صَوْتَ الِامْتِصَاصِ فَقَدْ يَمْتَصُّ أُصْبُعَهُ أَوْ أُصْبُعَهَا. وَلَوْ شَاهَدَ الْتِقَامَ الثَّدْيِ وَالِامْتِصَاصَ وَهَيْئَةَ الِازْدِرَادِ، وَلَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهَا ذَاتَ لَبَنٍ، فَهَلْ لَهُ الشَّهَادَةُ لِظَاهِرِ الْحَالِ أَمْ لَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اللَّبَنِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا الثَّانِي، وَلَا يَكْفِي فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ حِكَايَةُ الْقَرَائِنِ بِأَنْ يَشْهَدَ بِرُؤْيَةِ الِالْتِقَامِ وَالِامْتِصَاصِ وَالتَّجَرُّعِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِوُصُولِ اللَّبَنِ إِلَى الْجَوْفِ وَلَا لِلرِّضَاعِ الْمُحَرِّمِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُ عِلْمِهِ تِلْكَ الْقَرَائِنُ، لِأَنَّ مُعَايَنَتَهَا تُطْلِعُ عَلَى مَا لَا تُطْلِعُ عَلَيْهِ الْحِكَايَةُ، فَإِنْ أَطْلَعَتْهُ عَلَى وُصُولِ اللَّبَنِ، فَلْيَجْزِمْ بِهِ عَلَى قَاعِدَةِ الشَّهَادَاتِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

ص: 39