المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بَاطِنٌ، كَالْكَبِدِ، فَغَرَزَ السِّكِّينَ فِيهِ؛ فَعَلَيْهِ الْحُكُومَةُ، وَلَوْ عَادَ الْجَانِي - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٩

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ النَّفَقَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مَا يُشْتَرَطُ مُسَاوَاةُ الْقَتِيلِ الْقَاتِلَ فِيهِ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ وَمَا لَا يُؤَثِّرُ اخْتِلَافُهُمَا فِيهِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: بَاطِنٌ، كَالْكَبِدِ، فَغَرَزَ السِّكِّينَ فِيهِ؛ فَعَلَيْهِ الْحُكُومَةُ، وَلَوْ عَادَ الْجَانِي

بَاطِنٌ، كَالْكَبِدِ، فَغَرَزَ السِّكِّينَ فِيهِ؛ فَعَلَيْهِ الْحُكُومَةُ، وَلَوْ عَادَ الْجَانِي فَوَسَّعَ الْجَائِفَةَ، أَوْ زَادَ فِي غَوْرِهَا، لَمْ يَزِدِ الْوَاجِبُ وَكَانَ كَمَا لَوْ أَجَافَ ابْتِدَاءً كَذَلِكَ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَعُودَ فِيهِ الْوَجْهُ السَّابِقُ فِي تَوْسِيعِ الْمُوضِحَةِ، وَيَجِيءُ فِي اخْتِلَافِ حُكْمِ الْجَائِفَةِ وَانْقِسَامِهَا إِلَى عَمْدِ وَخَطَأِ مَا سَبَقَ فِي الْمُوضِحَةِ، وَلَوْ ضَرَبَهُ بِسِنَانٍ، أَوْ مِشْقَصٍ لَهُ رَأْسَانِ، فَنَفَذَ إِلَى جَوْفِهِ وَالْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا سَلِيمٌ؛ فَهُمَا جَائِفَتَانِ، وَلَوْ طَعَنَهُ بِسِنَانٍ فِي بَطْنِهِ، فَأَنْفَذَهُ مِنْ ظَهْرِهِ، أَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَنْبَيْنِ إِلَى الْآخَرِ، فَهَلْ هُمَا جَائِفَتَانِ أَمْ جَائِفَةٌ؟ وَجْهَانِ، وَيُقَالُ: قَوْلَانِ، أَصَحُّهُمَا: جَائِفَتَانِ، فَإِنْ قُلْنَا: جَائِفَةٌ، وَجَبَ مَعَهَا حُكُومَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: لَا حُكُومَةَ.

‌فَصْلٌ

إِذَا أَوْضَحَهُ، فَانْدَمَلَتْ أَطْرَافُ الْجِرَاحَةِ، وَبَقِيَ شَيْءٌ مِنَ الْعَظْمِ بَارِزًا، لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنَ الْأَرْشِ قَطْعًا، وَإِنِ الْتَحَمَ الْمَوْضِعُ وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنَ الْعَظْمِ بَارِزًا، فَكَذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: إِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْنٌ، سَقَطَ الْأَرْشُ وَلَا حُكُومَةَ، وَإِنْ بَقِيَ، سَقَطَ الْأَرْشُ، وَوَجَبَتْ حُكُومَةٌ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَإِذَا انْدَمَلَتِ الْجَائِفَةُ، لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنَ الْأَرْشِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: يَعُودُ إِلَى الْحُكُومَةِ، وَقِيلَ: فِي سُقُوطِهِ قَوْلَانِ، كَعَوْدِ السِّنِّ.

فَرْعٌ

إِذَا الْتَحَمَتِ الْجَائِفَةُ، أَوِ الْمُوضِحَةُ، فَجَاءَ جَانٍ إِمَّا الْأَوَّلُ وَإِمَّا غَيْرُهُ، فَأَوْضَحَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، أَوْ أَجَافَ؛ فَعَلَيْهِ أَرْشٌ آخَرُ إِنْ كَانَ الِالْتِحَامُ قَدْ تَمَّ سَوَاءٌ نَبَتَ عَلَيْهِ الشَّعَرُ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ مَشِينًا أَمْ لَا. وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الِالْتِحَامُ، فَفَتَقَهُ؛ فَعَلَيْهِ الْحُكُومَةُ فَقَطْ، وَلَوْ نَزَعَ الْخَيْطَ الَّذِي خِيطَتِ الْجَائِفَةُ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَلْتَحِمَ، فَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ، وَأُجْرَةُ مِثْلِ الْخَيَّاطِ، وَضَمَانُ الْخَيْطِ إِنْ تَلَفَ، وَلَا أَرْشَ وَلَا حُكُومَةَ. وَإِنِ الْتَحَمَتْ ظَاهِرًا

ص: 270

وَبَاطِنًا فَانْفَتَحَتْ، فَهِيَ جَائِفَةٌ جَدِيدَةٌ.

وَكَذَا لَوِ انْفَتَحَ جَانِبٌ مِنْهَا بَعْدَ تَمَامِ الْتِحَامِهِ، فَإِنِ الْتَحَمَ ظَاهِرُهَا دُونَ بَاطِنِهَا، أَوْ بِالْعَكْسِ؛ فَعَلَيْهِ الْحُكُومَةُ دُونَ الْأَرْشِ، وَلَا يَجِبُ مَعَ الْأَرْشِ أَوِ الْحُكُومَةِ أُجْرَةُ الْخَيَّاطِ، لَكِنْ يَجِبُ ضَمَانُ الْخَيْطِ إِنْ تَلَفَ.

فَرْعٌ

فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ تَتَعَلَّقُ بِمَا سَبَقَ

إِحْدَاهَا: غَرَزَ إِبْرَةً فِي رَأْسِ رَجُلٍ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى الْعَظْمِ وَسَلَّهَا، فَهِيَ مُوضِحَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَخَرَّجَهُ الْإِمَامُ عَلَى وَجْهَيْنِ.

الثَّانِيَةُ: مُوضِحَةُ هَشْمٍ فِي بَعْضِهَا فَقَطْ، لَيْسَ فِيهَا إِلَّا أَرْشُ هَاشِمَةٍ.

الثَّالِثَةُ: أَوْضَحَ وَهَشَّمَ فِي مَوْضِعَيْنِ وَاتَّصَلَ الْهَشْمُ بَيْنَهُمَا فِي الْبَاطِنِ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا هَاشِمَتَانِ، وَقِيلَ: هَاشِمَةٌ.

الرَّابِعَةُ: أَوْضَحَ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ، وَهَشَّمَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، فَهِيَ هَاشِمَتَانِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: مُوضِحَتَانِ وَهَاشِمَةٌ وَاحِدَةٌ.

الْخَامِسَةُ: أَدْخَلَ فِي دُبُرِهِ شَيْئًا خَرَقَ بِهِ حَاجِزًا فِي الْبَاطِنِ، هَلْ عَلَيْهِ أَرْشُ جَائِفَةٍ؟ وَجْهَانِ:

السَّادِسَةُ: شَجَّهُ مُتَلَاحِمَةً، فَأَوْضَحَهُ آخَرُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِقَطْعِ اللَّحْمِ الْبَاقِي؛ فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا حُكُومَةٌ.

السَّابِعَةُ: أَجَافَهُ وَنَكَّأَ فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ الْبَاطِنَةِ، كَالْأَمْعَاءِ؛ فَعَلَيْهِ مَعَ أَرْشِ الْجَائِفَةِ حُكُومَةٌ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: إِبَانَةُ الْأَطْرَافِ.

وَالْمُقَدَّرُ بَدَلُهُ مِنَ الْأَعْضَاءِ سِتَّةَ عَشَرَ عُضْوًا، الْعُضْوُ الْأَوَّلُ: الْأُذُنَانِ

ص: 271

وَفِي اسْتِئْصَالِهِمَا قَطْعًا أَوْ قَلْعًا كَمَالُ الدِّيَةِ، وَحُكِيَ قَوْلٌ أَوْ وَجْهٌ مُخَرَّجٌ أَنَّ فِيهِمَا الْحُكُومَةُ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَفِي إِحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي بَعْضِهَا بِقِسْطِهِ، وَتُقَدَّرُ بِالْمِسَاحَةِ، وَسَوَاءٌ أُذُنُ السَّمِيعِ وَالْأَصَمِّ؛ لِأَنَّ السَّمْعَ لَيْسَ فِي نَفْسِ الْأُذُنِ، وَلَوْ ضَرْبَ أُذُنَهُ، فَاسْتَحْشَفَتْ، أَيْ: يَبِسَتْ كَشَلَلِ الْيَدِ؛ فَقَوْلَانِ؛ أَظْهَرُهُمَا: تَجِبُ دِيَتُهَا، كَمَا لَوْ ضَرَبَ يَدَهُ، فَشُلَّتْ، وَالثَّانِي: لَا تَجِبُ إِلَّا الْحُكُومَةُ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا لَا تَبْطُلُ بِالِاسْتِحْشَافِ بِخِلَافِ الشَّلَلِ.

وَلَوْ قَطَعَ أُذُنًا مُسْتَحْشَفَةً، بُنِيَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، إِنْ قُلْنَا هُنَاكَ: تَجِبُ الدِّيَةُ، وَجَبَ هُنَا حُكُومَةٌ، كَمَنْ قَطَعَ يَدًا شَلَّاءَ، وَإِنْ قُلْنَا: تَجِبُ الْحُكُومَةُ، وَجَبَ هُنَا الدِّيَةُ، وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ: هَذِهِ الْحُكُومَةُ مَعَ الْحُكُومَةِ الْوَاجِبَةِ بِالْجِنَايَةِ الَّتِي حَصَلَ بِهَا الِاسْتِحْشَافُ عَنْ كَمَالِ الدِّيَةِ وَجْهَانِ.

فَرْعٌ

لَوْ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى اسْتِئْصَالِ الشَّاخِصِ، بَلْ أَوْضَحَ مَعَهُ الْعَظْمَ، وَجَبَ دِيَةُ الْأُذُنِ، وَأَرْشُ الْمُوضِحَةَ وَلَا تَتْبَعُهَا، لِأَنَّهُ لَا يَتْبَعُ مُقَدَّرٌ مُقَدَّرًا.

الْعُضْوُ الثَّانِي: الْعَيْنَانِ؛ فَفِي فَقْئِهِمَا كَمَالُ الدِّيَةِ، وَفِي إِحْدَاهُمَا: نِصْفُهَا، وَعَيْنُ الْأَعْوَرِ السَّلِيمَةُ لَا يَجُبْ فِيهَا إِلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ. وَلَوْ فَقَأَ الْأَعْوَرُ مِثْلَ عَيْنِهِ الْمُبْصِرَةِ، اقْتُصَّ مِنْهُ. وَتَكْمُلُ الدِّيَةُ فِي عَيْنِ الْأَحْوَلِ وَالْأَعْمَشِ، وَالْعَمَشُ: ضَعْفُ الرُّؤْيَةِ مَعَ سَيَلَانِ الدَّمْعِ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ.

وَيُقَالُ: إِنَّ خَلَلَ الْأَعْمَشِ فِي الْأَجْفَانِ، وَفِي عَيْنِ الْأَعْشَى، وَهُوَ الَّذِي لَا يُبْصِرُ لَيْلًا، وَيُبْصِرُ نَهَارًا، وَالْأَخْفَشُ، وَهُوَ صَغِيرُ الْعَيْنِ ضَعِيفُ الْبَصَرِ، وَقِيلَ: هُوَ مَنْ يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ، لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بَاقِيَةٌ فِي أَعْيُنِ هَؤُلَاءِ، وَمِقْدَارُ الْمَنْفَعَةِ لَا يُنْظَرُ إِلَيْهِ.

وَلَوْ كَانَ فِي الْعَيْنِ بَيَاضٌ لَا يُنْقِصُ الضَّوْءَ لَمْ يُمْنَعِ الْقِصَاصُ وَلَا كَمَالُ

ص: 272

الدِّيَةِ؛ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى بَيَاضِ الْحَدَقَةِ أَوْ سَوَادِهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَى النَّاظِرِ إِلَّا أَنَّهُ رَقِيقٌ لَا يَمْنَعُ الْإِبْصَارَ وَلَا يُنْقِصُ الضَّوْءَ؛ وَإِنْ كَانَ يُنْقِصُ الضَّوْءَ، نُظِرَ، إِنْ أَمْكَنَ ضَبْطُ النَّقْصِ بِالِاعْتِبَارِ بِالصَّحِيحَةِ الَّتِي لَا بَيَاضَ فِيهَا، سَقَطَ مِنَ الدِّيَةِ قِسْطُ مَا نَقَصَ، وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ الْحُكُومَةُ.

الْعُضْوُ الثَّالِثُ: الْأَجْفَانُ الْأَرْبَعَةُ، وَفِيهَا كَمَالُ الدِّيَةِ، وَفِي كُلِّ جَفْنٍ رُبُعُهَا، وَفِي بَعْضِ الْجَفْنِ قِسْطُهُ مِنَ الرُّبْعِ، وَسَوَاءٌ الْجَفْنُ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلُ. وَجَفْنُ الْأَعْمَى وَالْأَعْمَشِ وَغَيْرِهِمَا. وَلَا دِيَةَ فِي الْجَفْنِ الْمُسْتَحْشِفِ؛ وَإِنَّمَا فِيهِ الْحُكُومَةُ، وَلَوْ ضَرَبَ الْجَفْنَ، فَاسْتَحْشَفَ، لَزِمَهُ الدِّيَةُ قَطْعًا.

وَلَوْ قَلَعَ الْأَجْفَانَ وَالْعَيْنَانِ، لَزِمَهُ دِيَتَانِ.

فَرْعٌ

إِزَالَةُ الْأَهْدَابِ وَسَائِرُ الشُّعُورِ، كَشَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، بِالْحَلْقِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِفْسَادِ الْمَنْبَتِ لَا يُوجِبُ إِلَّا التَّعْزِيرَ، فَإِنْ أَفْسَدَ الْمَنْبَتَ، لَزِمَهُ الْحُكُومَةُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَجْفَانِ أَهْدَابٌ فَالْوَاجِبُ بِقَطْعِهَا الدِّيَةُ؛ فَإِنْ قُطِعَتْ وَعَلَيْهَا أَهْدَابٌ، فَهَلْ تَجِبُ مَعَ الدِّيَةِ حُكُومَةُ الْأَهْدَابِ، أَمْ تَدْخُلُ فِي الدِّيَةِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الدُّخُولُ.

وَتَدْخُلُ حُكُومَةُ الشَّعَرِ عَلَى مَحِلِّ الْمُوضِحَةِ فِي أَرْشِ الْمُوضِحَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ:

الْعُضْوُ الرَّابِعُ: الْأَنْفُ، فَفِي قَطْعِ الْمَارِنِ، وَهُوَ مَا لَانَ مِنَ الْأَنْفِ وَخَلَا مِنَ الْعَظْمِ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَالْمَارِنُ: ثَلَاثُ طَبَقَاتٍ، الطَّرَفَانِ، وَالْوَتْرَةُ الْحَاجِزَةُ بَيْنَهُمَا، وَفِي كَيْفِيَّةِ تَوْزِيعِ الدِّيَةِ، وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا - وَبِهِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ، وَرَجَّحَهُ الْقَاضِيَانِ الطَّبَرِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، تُوَزَّعُ عَلَى الثَّلَاثِ؛ فَعَلَى هَذَا إِنْ رَفَعَ الْحَاجِزَ وَحْدَهُ، وَجَبَ ثُلْثُ الدِّيَةِ، وَلَوْ قَطَعَ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ؛ فَكَذَلِكَ، وَلَوْ قَطَعَهُمَا دُونَ الْحَاجِزِ، أَوْ أَحَدَهُمَا مَعَ الْحَاجِزِ، وَجَبَ ثُلْثَا الدِّيَةِ، وَلَوْ قَطَعَ أَحَدَهُمَا، وَنِصْفَ الْحَاجِزِ وَجَبَ

ص: 273

نِصْفُ الدِّيَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَيُحْكَى عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيُّ: أَنَّ الدِّيَةَ تَتَعَلَّقُ بِالطَّرَفَيْنِ، وَلَيْسَ فِي الْحَاجِزِ إِلَّا الْحُكُومَةُ؛ فَعَلَى هَذَا فِي الْحَاجِزِ وَحْدَهُ الْحُكُومَةُ، وَفِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي قَطْعِهِمَا دُونَ الْحَاجِزِ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَفِي أَحَدِهِمَا مَعَ الْحَاجِزِ أَوْ بَعْضِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَحُكُومَةٌ.

وَلَوْ سَقَطَ بَعْضُ أَنْفِ الْمَجْذُومِ؛ فَقَطَعَ رَجُلٌ الْبَاقِيَ، وَجَبَ قَسْطُهُ مِنَ الدِّيَةِ، وَأَنْفُ الْأَخْشَمِ كَأَنْفِ الْأَشَمِّ، وَلَوْ ضَرَبَ أَنْفَهُ فَاسْتَحْشَفَ، أَوْ قَطَعَ أَنْفًا مُسْتَحْشَفًا؛ فَعَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي الْأُذُنِ، وَلَوْ شَقَّ مَارِنَهُ؛ فَذَهَبَ بَعْضُهُ وَلَمْ يَلْتَئِمْ؛ فَعَلَيْهِ مِنَ الدِّيَةِ قِسْطُ الذَّاهِبِ، وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ مِنْهُ شَيْءٌ، فَعَلَيْهِ الْحُكُومَةُ، سَوَاءٌ الْتَأَمَ أَمْ لَا، وَلَوِ انْجَبَرَتِ الْقَصَبَةُ بَعْدَ الْكَسْرِ، فَعَلَيْهِ الْحُكُومَةُ؛ فَإِنْ بَقِيَ مُعْوَجًّا، كَانَتِ الْحُكُومَةُ أَكْثَرَ.

الْعُضْوُ الْخَامِسُ: الشَّفَتَانِ؛ فَفِي اسْتِيعَابِهِمَا كَمَالُ الدِّيَةِ، سَوَاءٌ كَانَتَا غَلِيظَتَيْنِ أَمْ دَقِيقَتَيْنِ، كَبِيرَتَيْنِ أَمْ صَغِيرَتَيْنِ، وَفِي إِحْدَاهُمَا نِصْفُهَا، سَوَاءٌ الْتَأَمَ أَمْ لَا، وَلَوِ انْجَبَرَتِ الْقَصَبَةُ بَعْدَ الْكَسْرِ؛ فَعَلَيْهِ الْحُكُومَةُ، إِلَى الشِّدْقَيْنِ، وَفِي ضَبْطِهِ فِي الطُّولِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ.

أَصَحُّهَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ: أَنَّ الشَّفَةَ مِنْ جَوْفِ الْفَمِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَسْتُرُ اللِّثَةَ، وَالثَّانِي: أَنَّهَا الْمُتَجَافِي إِلَى مَحَلِّ الِارْتِتَاقِ، وَالثَّالِثُ: الَّذِي يَنْتَأُ عِنْدَ إِطْبَاقِ الْفَمِ، وَالرَّابِعُ: الَّذِي لَوْ قُطِعَ لَمْ تَنْطَبِقِ الشَّفَةُ الْأُخْرَى عَلَى الْبَاقِي.

وَلَوْ ضَرَبَ شَفَتَهُ، فَأَشَلَّهَا فَصَارَتْ مُنْقَبِضَةً لَا تَسْتَرْسِلُ، أَوْ مُسْتَرْسِلَةً لَا تَنْقَبِضُ؛ فَعَلَيْهِ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَفِي الشَّفَةِ الشَّلَّاءِ الْحُكُومَةُ.

وَلَوْ شَقَّ شَفَتَيْهِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمَا شَيْءٌ، لَزِمَهُ حُكُومَةٌ، وَلَوْ قَطَعَ شَفَةً مَشْقُوقَةً؛ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ نَاقِصَةٌ بِقَدْرِ حُكُومَةِ الشَّقِّ، وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ الشَّفَةِ وَتَقَلَّصَ الْبَاقِي حَتَّى بَقِيَتْ كَالْمَقْطُوعِ جَمِيعِهَا، فَهَلْ يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ.

أَوْ تَتَوَزَّعُ عَلَى الْمَقْطُوعِ وَالْبَاقِي؟ وَجْهَانِ، وَهَلْ تَتْبَعُ حُكُومَةُ الشَّارِبِ دِيَةَ الشَّفَةِ؟ وَجْهَانِ.

ص: 274

الْعُضْوُ السَّادِسُ: اللِّسَانُ، فَفِيهِ دِيَةٌ، وَلِسَانُ الْأَلْكَنِ، وَالْمُبَرْسَمِ الَّذِي ثَقُلَ كَلَامُهُ، وَالْأَلْثَغُ كَغَيْرِهِ، وَفِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ حُكُومَةٌ، سَوَاءٌ كَانَ خَرَسُهُ أَصْلِيًّا أَمْ عَارِضًا، وَفِي وُجُوبِ الدِّيَةِ فِيهِ احْتِمَالٌ لِابْنِ سَلَمَةَ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ.

وَهَذَا إِذَا لَمْ يَذْهَبِ الذَّوْقُ بِقَطْعِ الْأَخْرَسِ، أَوْ كَانَ قَدْ ذَهَبَ ذَوْقُهُ قَبْلَهُ؛ فَأَمَّا إِذَا قُطِعَ لِسَانُهُ، فَذَهَبَ ذَوْقُهُ، فَفِيهِ الدِّيَةُ، وَلَوْ تَعَذَّرَ النُّطْقُ لَا لِخَلَلٍ فِي اللِّسَانِ، وَلَكِنَّهُ وُلِدَ أَصَمَّ، فَلَمْ يُحْسِنِ الْكَلَامَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ شَيْئًا، فَهَلْ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ أَمِ الْحُكُومَةُ، وَجْهَانِ يَجِيءُ ذِكْرُهُمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَلَوْ قَطَعَ لِسَانَ طِفْلٍ، نُظِرَ، إِنْ نَطَقَ بِبَابَا وِدَادَا وَنَحْوِهِمَا، أَوْ كَانَ يُحَرِّكُهُ عِنْدَ الْبُكَاءِ وَالضَّحِكِ وَالِامْتِصَاصِ تَحْرِيكًا صَحِيحًا، وَجَبَتِ الدِّيَةُ لِظُهُورِ آثَارِ الْكَلَامِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نُطْقٌ وَتَحْرِيكٌ، فَإِنْ كَانَ بَلَغَ وَقْتَ النُّطْقِ وَالتَّحْرِيكِ؛ فَالْوَاجِبُ حُكُومَةٌ، وَإِلَّا فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الدِّيَةِ أَخْذًا بِظَاهِرِ السَّلَامَةِ، كَمَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي رِجْلِهِ وَيَدِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ بَطْشٌ، وَبِهَذَا قَطَعَ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ فِي طُرُقِهِمْ، وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَنِ الْأَصْحَابِ، أَنَّ الْوَاجِبَ الْحُكُومَةُ، وَنَقَلَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِيهِ قَوْلَيْنِ.

وَإِذَا قَطَعَ بَعْضَ لِسَانِهِ طِفْلٌ وَاقْتَضَى الْحَالُ إِيجَابَ الْحُكُومَةِ، فَأَخَذْنَاهَا، ثُمَّ نَطَقَ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ وَعَرَفْنَا سَلَامَةَ لِسَانِهِ أَوْجَبْنَا تَمَامَ الْقَدْرِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقَطْعُ مِنَ الدِّيَةِ.

وَلَوْ كَانَ لِلِسَانِهِ طَرَفَانِ، نُظِرَ، إِنِ اسْتَوَيَا فِي الْخِلْقَةِ، فَهُوَ لِسَانٌ مَشْقُوقٌ؛ فَيَجِبُ بِقَطْعِهِمَا الدِّيَةُ، وَبِقَطْعِ أَحَدِهِمَا قِسْطُهُ مِنَ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا تَامَّ الْخِلْقَةِ أَصْلِيًّا، وَالْآخَرُ نَاقِصَ الْخِلْقَةِ زَائِدًا؛ فَفِي قَطْعِهِمَا دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ، وَفِي الْأَصْلِيِّ دِيَةٌ، وَفِي الزَّائِدِ حُكُومَةٌ، وَلَا يُبَلِّغُ بِحُكُومَتِهِ دِيَةَ قَدْرِهِ مِنَ اللِّسَانِ مِنْ ثُلْثٍ وَرُبُعٍ وَنَحْوِهِمَا. وَفِي قَطْعِ اللَّهَاةِ الْحُكُومَةُ.

ص: 275

السَّابِعُ: الْأَسْنَانُ، فَيَجِبُ فِي كُلِّ سِنٍّ مِنَ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ، خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ، سَوَاءٌ قَلَعَهَا، أَوْ قَطَعَهَا، أَوْ كَسَرَهَا وَلَوِ اقْتَلَعَهَا، فَبَقِيَتْ مُعَلَّقَةً بِعُرُوقٍ، ثُمَّ عَادَتْ إِلَى مَا كَانَتْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا حُكُومَةٌ؛ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ.

وَتَسْتَوِي الْأَسْنَانُ فِي الدِّيَةِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ مَنَافِعُهَا، وَتَكْمُلُ دِيَةُ السِّنِّ بِقَلْعِ كُلِّ سِنٍّ أَصْلِيَّةٍ تَامَّةٍ مَثْغُورَةٍ غَيْرِ مُتَقَلْقِلَةٍ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ قُيُودٍ، الْأَوَّلُ: كَوْنُهَا أَصْلِيَّةً، فَفِي الشَّاغِيَةِ الْحُكُومَةُ لَا الدِّيَةُ، وَلَوْ سَقَطَتْ سِنُّهُ فَاتَّخَذَ سِنًّا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ حَدِيدٍ أَوْ عَظْمٍ طَاهِرٍ، فَلَا دِيَةَ فِي قَلْعِهَا، وَأَمَّا الْحُكُومَةُ، فَإِنْ قُلِعَتْ قَبْلَ الِالْتِحَامِ، لَمْ تَجِبْ، لَكِنْ يُعَزَّرُ الْقَالِعُ، وَإِنْ قُلِعَتْ بَعْدَ تَشَبُّثِ اللَّحْمِ بِهَا، وَاسْتِعْدَادِهَا لِلْمَضْغِ وَالْقَطْعِ، فَلَا حُكُومَةَ أَيْضًا عَلَى الْأَظْهَرِ.

الثَّانِي: كَوْنُهَا تَامَّةً، وَتَكْمُلُ دِيَةُ السِّنِّ بِكَسْرِ مَا ظَهَرَ مِنَ السِّنِّ، وَإِنْ بَقِيَ السِّنْخُ بِحَالِهِ، وَلَوْ قُلِعَ السِّنُّ مِنَ السِّنْخِ، وَجَبَ أَرْشُ السِّنِّ فَقَطْ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ فِي وُجُوبِ الْحُكُومَةِ مَعَهُ وَجْهَانِ، وَلَوْ كَسَرَ الظَّاهِرَ رَجُلٌ، وَقَلَعَ السِّنْخَ آخَرُ؛ فَعَلَى الْأَوَّلِ دِيَةُ سِنٍّ، وَعَلَى الثَّانِي حُكُومَةٌ قَطْعًا، وَلَوْ عَادَ الْأَوَّلُ وَقَلَعَهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ، فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ مَعَ الدِّيَةِ، وَإِنْ قَلْعَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: لَا حُكُومَةَ، وَطَرَدَ مِثْلَ هَذَا فِي قَطْعِ الْكَفِّ بَعْدَ قَطْعِ الْأَصَابِعِ مِنَ الْقَاطِعِ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ الظَّاهِرِ، فَعَلَيْهِ قِسْطُهُ مِنَ الْأَرْشِ وَيُنْسَبُ الْمَقْطُوعُ إِلَى الْبَاقِي مِنَ الظَّاهِرِ، وَلَا يُعْتَبَرُ السِّنْخُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ.

وَقِيلَ: وَجْهَانِ، ثَانِيهِمَا يُوَزَّعُ عَلَيْهِ وَعَلَى السِّنْخِ، وَفِي مَعْنَى هَذَا صَوَرٌ مِنْهَا: أَنَّ الدِّيَةَ تَكْمُلُ فِي قَطْعِ الْحَشَفَةِ، فَلَوِ اسْتُؤْصِلَ الذَّكَرُ، فَهَلْ يَنْفَرِدُ بَقِيَّةُ الذَّكَرِ بِحُكُومَةٍ أَمْ تَدْخُلُ حُكُومَتُهَا فِي دِيَةِ الْحَشَفَةِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، وَالثَّانِي: عَلَى وَجْهَيْنِ.

ص: 276

وَمِنْهَا: حَلَمَةُ الثَّدْيِ فِيهَا كَمَالُ الدِّيَةِ، فَلَوِ اسْتُؤْصِلَ الثَّدْيُ فَفِيهِ الطَّرِيقَانِ، وَالْمَذْهَبُ فِيهِمَا الِانْدِرَاجُ.

وَمِنْهَا: فِي الْمَارِنِ الدِّيَةُ، فَلَوْ قَطَعَهُ مَعَ الْقَصَبَةِ، فَهَلْ تَنْدَرِجُ حُكُومَةُ الْقَصَبَةِ فِي دِيَةِ الْمَارِنِ؟ وَجْهَانِ: الصَّحِيحُ الِانْدِرَاجُ.

وَاعْلَمْ أَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّ قَصَبَةَ الْأَنْفِ مَحِلُّ الْمُوضِحَةِ فِي الْوَجْهِ، وَكَذَا هِيَ مَحِلُّ الْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ، وَإِبَانَةُ الْقَصَبَةِ أَعْظَمُ مِنَ الْمُنَقِّلَةِ، فَيَجِبُ أَنْ يَجِبَ فِيهَا مَعَ دِيَةِ الْمَارِنِ أَرْشُ الْمُنَقِّلَةِ. وَقَدْ حَكَى ابْنُ كَجٍّ هَذَا عَنِ النَّصِّ، لَكِنْ لَمْ أَجِدْ لِغَيْرِهِ تَعَرُّضًا لَهُ.

وَإِذَا قُلْنَا بِالِانْدِرَاجِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ، فَقَطَعَ بَعْضَ الْحَشَفَةِ أَوِ الْحَلَمَةِ أَوِ الْمَارِنِ، فَهَلْ يُنْسَبُ الْمَقْطُوعُ إِلَى الْحَشَفَةِ أَمْ جَمِيعِ الذَّكَرِ، وَإِلَى الْحَلَمَةِ أَمْ جَمِيعِ الثَّدْيِ، وَإِلَى الْمَارِنِ أَمْ إِلَيْهِ مَعَ الْقَصَبَةِ؟ فِيهِ الطَّرِيقَانِ اللَّذَانِ فِي بَعْضِ ظَاهِرِ السِّنِّ؛ وَالْمَذْهَبُ التَّوْزِيعُ عَلَى الْحَشَفَةِ وَالْحَلَمَةِ وَالْمَارِنِ فَقَطْ، فَإِذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَكْسُورِ مِنْ ظَاهِرِ السِّنِّ؛ فَالْمُصَدِّقُ الْجَانِي، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ.

فَرْعٌ

كَسَرَ وَاحِدٌ بَعْضَ ظَاهِرِ السِّنِّ، ثُمَّ كَسَرَ غَيْرُهُ الْبَاقِي مِنَ الظَّاهِرِ؛ فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا قِسْطُ مَا كَسَرَهُ مِنَ الْأَرْشِ. وَلَوْ قَلَعَ الثَّانِي الْبَاقِي مَعَ السِّنْخِ فَطَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ أَرْشُ الْبَاقِيَ وَحُكُومَةُ السِّنْخِ، وَالثَّانِي: عَلَيْهِ الْأَرْشُ فَقَطْ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي - وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ - يُنْظَرُ فِي جِنَايَةِ الْأَوَّلِ؛ فَإِنْ كُسِرَ بَعْضُ السِّنِّ فِي الْعَرْضِ، وَبَقِيَ الْأَسْفَلُ بِحَالِهِ، فَلَيْسَ عَلَى الثَّانِي حُكُومَةُ السِّنْخِ، بَلْ يَدْخُلُ فِي أَرْشِ الْبَاقِي، وَإِنْ كَسَرَ بَعْضَهَا فِي الطُّولِ، فَحُكُومَةُ السِّنْخِ بِقَدْرِ

ص: 277

مَا يَجِبُ الْبَاقِي مِنَ السِّنِّ يَدْخُلُ فِي أَرْشِهِ، وَمَا لَا شَيْءَ فَوْقَهُ تَلْزَمُهُ حُكُومَتُهُ.

فَرْعٌ

لَوْ ظَهَرَ بَعْضُ السِّنْخِ بِخَلَلٍ أَصَابَ اللِّثَةَ، لَمْ يَلْحَقْ ذَلِكَ بِالظَّاهِرِ، بَلْ تَكْمُلُ الدِّيَةُ فِيمَا كَانَ ظَاهِرًا فِي الْأَصْلِ.

فَرْعٌ

لَوْ تَنَاثَرَ بَعْضُ السِّنِّ، أَوْ تَآكَلَ، فَفِي قَلْعِهَا قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنَ الدِّيَةِ، فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمُتَنَاثِرِ وَالْمُتَآكِلِ، صَدَقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ.

فَرْعٌ

لَوْ كَانَتْ أَسْنَانُهُ مِنَ الْأَعْلَى طَوِيلَةً، وَمِنَ الْأَسْفَلِ قَصِيرَةً، أَوْ بِالْعَكْسِ، لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ، وَوَجَبَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَمَالُ الْأَرْشِ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الثَّنَايَا مِنَ الْأَسْنَانِ تَكُونُ أَطْوَلَ مِنَ الرُّبَاعِيَّاتِ بِقَلِيلٍ، فَلَوْ كَانَتْ ثَنَايَاهُ كَرُبَاعِيَّاتِهِ أَوْ أَقْصَرَ مِنْهَا، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنِ الْأَكْثَرِينَ: لَا يَجِبُ فِيهَا تَمَامُ الْأَرْشِ بَلْ يَنْقُصُ مِنْهُ بِحَسَبِ نُقْصَانِهَا، وَبِهَذَا قَطَعَ الرُّويَانِيُّ.

وَالثَّانِي: يَجِبُ كَمَالُ الْأَرْشِ، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ، وَلَوْ كَانَتْ إِحْدَى الثَّنِيَّتَيْنِ مِنَ الْأَعْلَى أَوِ الْأَسْفَلِ أَقْصَرَ مِنْ أُخْتِهَا، فَقُلِعَتِ الصَّغِيرَةُ، نَقَصَ مِنْ دِيَتِهَا بِقَدْرِ نُقْصَانِهَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُمَا لَا تَخْتَلِفَانِ؛ فَإِذَا اخْتَلَفَتَا، كَانَتِ الْقَصِيرَةُ نَاقِصَةً، وَلَوْ أَنْهَى صِغَرَ السِّنِّ إِلَى أَنْ بَطَلَتْ مَنْفَعَتُهُ وَلَمْ يَصْلُحْ لِلْمَضْغِ؛ فَفِي قَلْعِهَا الْحُكُومَةُ دُونَ الدِّيَةِ، كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ.

الْقَيْدُ الثَّالِثُ: كَوْنُهَا مَثْغُورَةً، فَلَوْ قُلِعَ سَنٌّ صَغِيرٌ لَمْ يُثْغَرْ، فَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ أَنَّهُ لَا يُسْتَوْفَى فِي الْحَالِ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ، لِأَنَّ الْغَالِبَ عَوْدُهَا؛ فَهِيَ كَالشَّعَرِ يُحْلَقُ، لَكِنْ يُنْتَظَرُ عَوْدُهَا فَإِنْ عَادَتْ، فَلَا

ص: 278

قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ. وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ إِنْ بَقِيَ شَيْنٌ، وَإِلَّا فَهَلْ يُعْتَبَرُ حَالُ الْجِنَايَةِ وَقِيَامُ الْأَلَمِ أَمْ لَا يَجِبُ شَيْءٌ؟ فِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي فِي بَابِ الْحُكُومَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَإِنْ مَضَتِ الْمُدَّةُ الَّتِي يُتَوَقَّعُ فِيهَا الْعَوْدُ وَلَمْ تَعُدْ، وَفَسَدَ الْمَنْبَتُ، اسْتُوفِيَ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ، فَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ قَبْلَ بَيَانِ الْحَالِ، فَفِي وُجُوبِ الْأَرْشِ وَجْهَانِ، وَقِيلَ: قَوْلَانِ؛ أَحَدُهُمَا: يَجِبُ لِتَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ؛ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْعَوْدِ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَرَاءَةُ، وَالظَّاهِرُ الْعَوْدُ لَوْ عَاشَ؛ فَعَلَى هَذَا تَجِبُ الْحُكُومَةُ.

قَالَ الْمُتَوَلِّي: هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ مَنْ يَعْتَبِرُ حَالَ الْجِنَايَةِ وَالْأَلَمِ، وَلَوْ قَلَعَ رَجُلٌ سِنَّ الصَّغِيرِ، وَجَنَى آخَرُ عَلَى مَنْبَتِهِ جِنَايَةً أَبْطَلَتِ النَّبَاتَ، قَالَ الْإِمَامُ: لَا وَجْهَ لِإِيجَابِ الْأَرْشِ عَلَى الثَّانِي وَلَا عَلَيْهِمَا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقْتَصَرَ عَلَى الْحُكُومَةِ، وَلَوْ سَقَطَتْ سِنُّهُ بِنَفْسِهَا، ثُمَّ جَنَى جَانٍ وَأَفْسَدَ الْمَنْبَتَ؛ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِوُجُوبِ الْأَرْشِ عَلَى الثَّانِي، لِأَنَّهُ أَفْسَدَ الْمَنْبَتَ، وَلَمْ تَسْبِقْهُ جِنَايَةٌ بِحَالٍ عَلَيْهَا.

فَرْعٌ

لَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ، فَأَخَذَ مِنْهُ الْأَرْشَ، فَعَادَتِ السِّنُّ عَلَى النُّدُورِ، لَمْ يَسْتَرِدَّ الْأَرْشَ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَلَوِ الْتَحَمَتِ الْمُوضِحَةُ أَوِ الْجَائِفَةُ بَعْدَ أَخْذِ أَرْشِهَا، لَمْ يَسْتَرِدَّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ جَنَى عَلَى يَدِهِ فَذَهَبَ بَطْشُهَا، أَوْ عَلَى عَيْنِهِ فَذَهَبَ بَصَرُهَا، فَأَخَذْنَا دِيَتَهُمَا لِظَنِّ زَوَالِ الْبَطْشِ وَالْبَصَرِ، ثُمَّ قَوِيَتِ الْيَدُ وَالْعَيْنُ فَصَارَ يَبْطِشُ وَيُبْصِرُ، اسْتُرِدَّتِ الدِّيَةُ قَطْعًا، لِأَنَّ الشَّلَلَ وَالْعَمَى الْمُحَقَّقَيْنِ لَا يَزُولَانِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي السَّمْعِ وَسَائِرِ الْمَعَانِي.

فَرْعٌ

قَلَعَ سِنَّ صَغِيرٍ، فَطَلَعَ بَعْضُهَا وَمَاتَ الصَّغِيرُ قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ نَبَاتُهَا؛ فَعَلَيْهِ مِنَ الدِّيَةِ فِيمَا إِذَا مَاتَ قَبْلَ

ص: 279

النَّبَاتِ، وَالْحُكُومَةُ إِنْ قُلْنَا: لَا تَجِبُ هُنَاكَ الدِّيَةُ؛ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رحمه الله.

وَلَوْ قَلَعَهَا قَبْلَ تَمَامِ الطُّلُوعِ آخَرُ، فَعَنِ النَّصِّ انْتِظَارُ نَبَاتِهَا، فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ، فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ نَبَتَتْ، لَزِمَهُ حُكُومَةٌ هِيَ أَكْثَرُ مِنْ حُكُومَةِ الْمَرَّةِ الْأُولَى.

الْقَيْدُ الرَّابِعُ: كَوْنُهَا ثَابِتَةً غَيْرَ مُتَقَلْقِلَةٍ؛ فَإِنْ كَانَتْ مُتَحَرِّكَةً حَرَكَةً يَسِيرَةً لَا تُنْقِصُ الْمَنَافِعَ، لَمْ يُؤَثِّرْ تَحَرُّكَهَا فِي قِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ، وَإِنْ كَانَ بِهَا اضْطِرَابٌ شَدِيدٌ بِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِمَا، نُظِرَ، إِنْ بَطَلَتْ مَنْفَعَتُهَا، فَفِيهَا الْحُكُومَةُ؛ وَإِنْ نَقَصَتْ فَهَلْ يَجِبُ الْأَرْشُ أَمِ الْحُكُومَةُ؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: الْأَرْشُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ: إِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَى الظَّنِّ نَبَاتُهَا، وَجَبَ الْأَرْشُ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَى الظَّنِّ سُقُوطُهَا، فَهُوَ مَوْضِعُ الْقَوْلَيْنِ، وَلَوْ ضَرَبَ سِنَّ رَجُلٍ فَتَزَلْزَلَتْ وَتَحَرَّكَتْ؛ نُظِرَ إِنْ سَقَطَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْأَرْشُ، وَإِنْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ، فَلَا أَرْشَ، وَفِي وُجُوبِ الْحُكُومَةِ وَجْهَانِ، كَمَا إِذَا لَمْ يَبْقَ فِي الْجِرَاحَةِ نَقْصٌ وَلَا شَيْنٌ، وَإِنْ بَقِيَتْ كَذَلِكَ نَاقِصَةَ الْمَنْفَعَةِ؛ فَهَلْ يَجِبُ الْأَرْشُ أَمِ الْحُكُومَةُ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ، فَإِنْ قَلَعَهَا آخَرُ؛ فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ إِنْ أَوْجَبْنَا عَلَى الْأَوَّلِ الْحُكُومَةَ، وَالْحُكُومَةُ إِنْ أَوْجَبْنَا عَلَى الْأَوَّلِ الْأَرْشَ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: إِنْ قُلْنَا: تَجِبُ الْحُكُومَةُ، فَهِيَ دُونَ حُكُومَةِ السِّنِّ الْمُتَحَرِّكَةِ بِهَرَمٍ وَمَرَضٍ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ الَّذِي فِيهَا قَدْ غَرِمَهُ الْجَانِي الْأَوَّلُ بِخِلَافِ الْهَرَمِ.

وَقَطَعَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الثَّانِي إِلَّا حُكُومَةٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الِاضْطِرَابُ بِهَرَمٍ وَمَرَضٍ؛ لِأَنَّ خَلَلَ الْجِنَايَةِ يُخَالِفُهُمَا؛ وَلِهَذَا لَوْ قَتَلَ مُشْرِفًا عَلَى الْمَوْتِ فِي آخِرِ رَمَقٍ بِالْمَرَضِ، وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَلَوْ كَانَ فِي هَذَا الْحَالِ بِجِنَايَةٍ؛ فَلَا قِصَاصَ، وَلَوْ جَنَى عَلَى سِنٍّ، فَاضْطَرَبَتْ وَنَقَصَتْ مَنْفَعَتُهَا، وَقُلْنَا: الْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْحُكُومَةُ؛ فَعَادَ وَقَلَعَهَا قَبْلَ أَنْ يَضْمَنَ الْحُكُومَةَ؛ فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ بِكَمَالِهِ.

ص: 280