المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بِالْمَقْتُولِ، وَلَوْ أَنَّهُ بَعْدَ مَا قَطَعَ وَاحِدًا، وَقَتَلَ آخَرَ قُطِعَتْ - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٩

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ النَّفَقَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مَا يُشْتَرَطُ مُسَاوَاةُ الْقَتِيلِ الْقَاتِلَ فِيهِ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ وَمَا لَا يُؤَثِّرُ اخْتِلَافُهُمَا فِيهِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الدِّيَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: بِالْمَقْتُولِ، وَلَوْ أَنَّهُ بَعْدَ مَا قَطَعَ وَاحِدًا، وَقَتَلَ آخَرَ قُطِعَتْ

بِالْمَقْتُولِ، وَلَوْ أَنَّهُ بَعْدَ مَا قَطَعَ وَاحِدًا، وَقَتَلَ آخَرَ قُطِعَتْ يَدُهُ قِصَاصًا، وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ، فَلِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ الدِّيَةُ فِي تَرِكَتِهِ، وَإِنْ قُطِعَ قِصَاصًا ثُمَّ قُتِلَ قِصَاصًا، ثُمَّ مَاتَ الْمَقْطُوعُ الْأَوَّلُ، فَلِوَلِيِّهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي.

‌فَصْلٌ

سَبَقَ أَنَّهُ لَا تُقْطَعُ يَمِينٌ بِيَسَارٍ وَلَا عَكْسُهُ، وَلَوْ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي يَمِينٍ وَاتَّفَقَا عَلَى قَطْعِ يَسَارٍ بَدَلَهَا، لَمْ يَكُنْ بَدَلًا، كَمَا لَوْ قَتَلَ غَيْرَ الْقَاتِلِ بِرِضَاهُ بَدَلًا، لَا يَقَعُ بَدَلًا، وَلَكِنْ لَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ لِشُبْهَةِ الْبَذْلِ وَتَجِبُ دِيَتُهَا، وَمَنْ عَلِمِ مِنْهُمَا فَسَادَ هَذِهِ الْمُصَالَحَةِ، أَثِمَ بِقَطْعِ الْيَسَارِ، وَهَلْ يَسْقُطُ قِصَاصُ الْيَمِينِ بِمَا جَرَى؟ وَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، وَلَوْ قَالَ مُسْتَحِقُّ قِصَاصِ الْيَمِينِ لِلْجَانِي: أَخْرِجْ يَمِينَكَ، فَأَخْرَجَ يَسَارَهُ، فَقَطَعَهَا الْمُسْتَحِقُّ، فَلِلْمُخْرِجِ أَحْوَالٌ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْيَسَارَ لَا تُجْزِئُ عَنِ الْيَمِينِ، وَأَنَّهُ يُخْرِجُ الْيَسَارَ وَيَقْصِدُ بِإِخْرَاجِهَا الْإِبَاحَةَ لِلْمُقْتَصِّ، فَلَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ وَلَا دِيَةَ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.

وَقَالُوا: قَدْ بَذَلَهَا صَاحِبُهَا مَجَّانًا، وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِإِبَاحَةٍ قَالُوا: وَالْفِعْلُ بَعْدَ السُّؤَالِ كَالْإِذْنِ فِي الْمَسْئُولِ، حَتَّى لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ: أَخْرِجْ يَدَكَ لِأَقْطَعَهَا، أَوْ قَالَ: مَلِّكْنِي قَطْعَهَا، فَأَخْرَجَهَا، كَانَ ذَلِكَ إِبَاحَةً.

وَلَوْ قَالَ: نَاوِلْنِي مَتَاعَكَ لِأُلْقِيَهُ فِي الْبَحْرِ، فَنَاوَلَهُ كَانَ كَمَا لَوْ نَطَقَ بِالْإِذْنِ فِيهِ، فَلَا يَجِبُ ضَمَانُهُ إِذَا أَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ، وَلَوْ قَدَّمَ طَعَامًا إِلَى مَنِ اسْتَدْعَاهُ، كَانَ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: كُلْ، وَحَكَى ابْنُ الْقَطَّانِ وَجْهًا أَنَّهُ يَجِبُ ضَمَانُ الْيَسَارِ إِذَا لَمْ يَتَلَفَّظِ الْمُخْرِجُ بِالْإِذْنِ فِي الْقَطْعِ، وَحُمِلَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى مَا إِذَا أَذِنَ لَفْظًا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ.

وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْقَاطِعُ أَنَّهَا الْيَسَارُ، وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ أَمْ لَا، لَكِنْ إِذَا عَلِمَ، عُزِّرَ، وَعَنِ ابْنِ سَلِمَةَ احْتِمَالٌ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ إِذَا كَانَ عَالِمًا، وَلَوْ

ص: 234

قَصَدَ شَخْصٌ قَطْعَ يَدِ رَجُلٍ ظُلْمًا، فَلَمْ يَدْفَعْهُ الْمَقْصُودُ وَسَكَتَ حَتَّى قَطَعَ، فَهَلْ يَكُونُ سُكُوتُهُ إِهْدَارًا؟ وَجْهَانِ.

الصَّحِيحُ: لَا، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ لَفْظٌ وَلَا فِعْلٌ، فَصَارَ كَسُكُوتِهِ عَنْ إِتْلَافِ مَالِهِ، وَالثَّانِي: نَعَمْ، لِأَنَّهُ سُكُوتٌ مُحَرَّمٌ، فَدَلَّ عَلَى الرِّضَى، وَلَوْ سَرَى قَطْعُ الْيَسَارِ إِلَى نَفْسِ الْمُخْرِجِ، فَفِي وُجُوبِ الدِّيَةِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِيمَا إِذَا قَالَ: اقْتُلْنِي، فَقَتَلَهُ، وَبُنِيَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَقْطُوعِ يَسَارُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ قَاتِلَ نَفْسِهِ هَلْ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ؟ .

هَذَا حُكْمُ قَطْعِ الْيَسَارِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَأَمَّا قِصَاصُ الْيَمِينِ، فَيَبْقَى كَمَا كَانَ، لَكِنْ إِذَا سَرَى قَطْعُ الْيَسَارِ إِلَى النَّفْسِ، فَاتَ الْقِصَاصُ، فَيَعْدِلُ إِلَى دِيَةِ الْيَدِ، فَلَوْ قَالَ الْقَاطِعُ: قَطَعْتُ الْيَسَارَ عَلَى ظَنٍّ أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنِ الْيَمِينِ فَوَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: لَا يَسْقُطُ قِصَاصُهُ فِي الْيَمِينِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْهُ وَلَا اعْتَاضَ عَنْهُ، وَأَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ: يَسْقُطُ، لِأَنَّهُ رَضِيَ بِسُقُوطِهِ اكْتِفَاءً بِالْيَسَارِ، فَعَلَى هَذَا يَعْدِلُ إِلَى دِيَةِ الْيَمِينِ، لِأَنَّ الْيَسَارَ وَقَعَتْ هَدَرًا.

وَطُرِدَ الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ جَاءَ الْجَانِي بِالدِّيَةِ وَطَلَبَ مِنْ مُسْتَحِقِّ الْقَطْعِ مُتَضَرِّعًا إِلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَتْرُكَ الْقِصَاصَ، فَأَخَذَهَا، فَهَلْ يُجْعَلُ الْأَخْذُ عَفْوًا، وَلَوْ قَالَ الْقَاطِعُ: عَلِمْتُ أَنَّ الْيَسَارَ لَا تُجْزِئُ عَنِ الْيَمِينِ شَرْعًا، لَكِنْ جَعَلْتُهَا عِوَضًا عَنْهَا، اطَّرَدَ الْخِلَافُ، وَجَعَلَ الْإِمَامُ هَذِهِ الصُّورَةَ أَوْلَى بِالسُّقُوطِ.

الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَقُولَ: قَصَدْتُ بِإِخْرَاجِ الْيَسَارِ إِيقَاعُهَا عَنِ الْيَمِينِ لِظَنِّي أَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَهَا، فَنَسْأَلُ الْمُقْتَصَّ لِمَ قَطَعَ؟ وَلَهُ فِي جَوَابِهِ أَلْفَاظٌ أَحَدُهَا أَنْ يَقُولَ: ظَنَنْتُ أَنَّهُ أَبَاحَهَا بِالْإِخْرَاجِ، فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ فِي الْيَسَارِ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ، وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ كَمَا كَانَ قَطْعًا.

الثَّانِي: أَنْ يَقُولَ: عَلِمْتُ أَنَّهَا الْيَسَارُ، وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ وَلَا تُجْعَلُ بَدَلًا، فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا: لَا يَجِبُ، لَكِنْ تَجِبُ الدِّيَةُ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَقُولَ:

ص: 235

قَطَعْتُهَا عِوَضًا عَنِ الْيَمِينِ، وَظَنَنْتُهَا تُجْزِئُ كَمَا ظَنَّهُ الْمُخْرِجُ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ، وَأَنَّهُ يَسْقُطُ قِصَاصُ الْيَمِينِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ مَا قَطَعَهُ الْآخَرُ.

الرَّابِعُ: أَنْ يَقُولَ: ظَنَنْتُ الْمُخْرَجَةَ الْيَمِينَ، فَلَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَفِي «التَّهْذِيبِ» فِيهِ وَجْهَانِ، كَمَا لَوْ قَتَلَ رَجُلًا وَقَالَ: ظَنَنْتُهُ قَاتِلَ أَبِي فَلَمْ يَكُنْ.

فَإِنْ لَمْ نُوجِبِ الْقِصَاصَ، وَجَبَتِ الدِّيَةُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَبْذُلْهَا مَجَّانًا وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ.

الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَقُولَ الْمُخْرِجُ: دُهِشْتُ فَأَخْرَجْتُ الْيَسَارَ، وَظَنِّي أَنِّي أُخْرِجُ الْيَمِينَ، فَيَسْأَلُ الْمُقْتَصُّ عَنْ قَصْدِهِ فِي قَطْعِهِ الْيَسَارَ، وَلَهُ فِي جَوَابِهِ صِيَغٌ.

إِحْدَاهَا: أَنْ يَقُولَ: ظَنَنْتُ أَنَّ الْمُخْرِجَ قَصَدَ الْإِبَاحَةَ، فَقِيَاسُ مِثْلِهِ فِي الْحَالِ الثَّانِي أَنْ لَا يَجِبَ الْقِصَاصُ فِي الْيَسَارِ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ أَنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ كَمَنْ قَتَلَ رَجُلًا وَقَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّهُ أَذِنَ لِي فِي الْقَتْلِ، وَهَذَا يُوَافِقُ الِاحْتِمَالَ الْمَذْكُورَ هُنَاكَ وَهُوَ الْمُتَوَجِّهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.

الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقُولَ: عَلِمْتُ أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ، فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنَ الْمُخْرِجِ بَذْلٌ.

الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقُولَ: ظَنَنْتُ الْيَسَارَ تُجْزِئُ، قَالَ الْأَصْحَابُ: لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ.

الرَّابِعَةُ: أَنْ يَقُولَ: ظَنَنْتُهَا الْيَمِينَ، فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَفِي جَمِيعِ هَذِهِ الصِّيَغِ يَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ إِلَّا إِذَا قَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّ الْيَسَارَ تُجْزِئُ، فَإِنَّ الْأَصَحَّ سُقُوطُهُ، وَإِذَا سَقَطَ الْقِصَاصُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الدِّيَةُ عَلَى الْآخَرِ.

وَلَوْ قَالَ الْقَاطِعُ: دُهِشْتُ فَلَمْ أَدْرِ مَا قَطَعْتُ، قَالَ الْإِمَامُ: لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَيَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ فِي الْيَسَارِ، لِأَنَّ الدَّهْشَةَ لَا تَلِيقُ بِحَالِ الْقَاطِعِ، وَفِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ لَا سِيَّمَا الْعِرَاقِيِّينَ، أَنَّ الْمُخْرِجَ لَوْ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنَ الْمُقْتَصِّ: أَخْرِجْ يَمِينِكَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي سَمْعِي: أَخْرِجْ يَسَارَكَ، فَأَخْرَجْتُهَا، فَالْحُكْمُ فِيهِ كَقَوْلِهِ: دُهِشْتُ، فَأَخْرَجْتُ وَأَنَا أَظُنُّهَا الْيَمِينَ.

ص: 236

لَكِنَّ مُقْتَضَى مَا سَبَقَ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُطَابِقَ لِلسُّؤَالِ كَالْإِذْنِ لَفْظًا أَنْ يَلْحَقَ ذَلِكَ بِصُورَةِ الْإِبَاحَةِ.

فَرْعٌ.

جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْقِصَاصِ، فَأَمَّا إِذَا وَجَبَ قَطْعُ يَمِينِهِ فِي السَّرِقَةِ، فَقَالَ الْجَلَّادُ لِلسَّارِقِ: أَخْرِجْ يَمِينِكِ، فَأَخْرَجَ يَسَارَهُ، فَقَطَعَهَا، فَقَوْلَانِ.

أَحَدُهُمَا وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَدِيمٌ، وَيُقَالُ: مُخْرَجٌ: إِنَّ الْحُكْمَ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْقِصَاصِ.

وَالثَّانِي وَهُوَ الْمَشْهُورُ: أَنَّهُ يَقَعُ قَطْعُ الْيَسَارِ عَنِ الْحَدِّ، فَيَسْقُطُ قَطْعُ الْيَمِينِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّنْكِيلُ وَقَدْ حَصَلَ، وَلِأَنَّ الْحَدَّ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ، وَاسْتَدْرَكَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، فَحَمَلَ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ عَلَى الْحَالَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ مِنَ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ.

وَقَالَ فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ بِقَصْدِ الْإِبَاحَةِ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ قَطْعُ الْيَمِينِ، كَمَا لَوْ قَطَعَ السَّارِقُ يَسَارَ نَفْسِهِ، أَوْ قَطَعَهَا غَيْرُهُ بَعْدَ وُجُوبِ قَطْعِ الْيَمِينِ.

فَرْعٌ.

لَوْ كَانَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ مَجْنُونًا، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ الْيَسَارَ مَدْهُوشًا، وَلَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ الْبَدَلُ، وَلَوْ كَانَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ عَاقِلًا، وَالْمُسْتَحِقُّ مَجْنُونًا، فَقَطَعَ يَمِينَ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ مُكْرِهًا لَهُ، فَهَلْ يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ؟ فِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ.

فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا وَهُوَ الصَّحِيحُ، انْتَقَلَ حَقُّهُ إِلَى الدِّيَةِ، وَيَجِبُ لِلْجَانِي دِيَةُ يَدِهِ، فَإِنْ جَعَلْنَا عَمْدَهُ عَمْدًا، فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَالصُّورَةُ مِنْ صُوَرِ الْتَّقَاصِّ.

وَإِنْ جَعَلْنَاهُ خَطَأً، فِدْيَةُ الْيَسَارِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا تَقَاصَّ، وَلَوْ قَالَ لِمَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ: أَخْرِجْ يَمِينَكَ، فَأَخْرَجَهَا، فَقَطَعَهَا الْمَجْنُونُ، قَالَ الْأَصْحَابُ: لَا يَصِحُّ اسْتِيفَاؤُهُ، وَيَنْتَقِلُ حَقُّهُ إِلَى الدِّيَةِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا بِبَذْلِهِ وَتَسْلِيطِهِ، وَإِنْ أَخْرَجَ يَسَارَهُ، فَقَطَعَهَا، فَهِيَ مُهْدَرَةٌ وَيَبْقَى حَقُّهُ فِي قِصَاصِ الْيَمِينِ.

ص: 237

فَرْعٌ.

حَيْثُ أَوْجَبْنَا دِيَةَ الْيَسَارِ فِي الصُّوَرِ السَّابِقَةِ، فَهِيَ فِي مَالِهِ، لِأَنَّهُ قَطَعَ مُتَعَمَّدًا، وَعَنْ نَصِّهِ فِي «الْأُمِّ» أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ.

فَرْعٌ.

حَيْثُ قُلْنَا: يَبْقَى الْقِصَاصُ فِي الْيَمِينِ، لَا يُسْتَوْفَى حَتَّى يَنْدَمِلَ قَطْعُ الْيَسَارِ لِمَا فِي تَوَالِي الْقَطْعَيْنِ مِنْ خَطَرِ الْهَلَاكِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَطَعَ طَرَفَيْ رَجُلٍ مَعًا، اقْتَصَّ فِيهِمَا مَعًا، وَلَا يَلْزَمُهُ التَّفْرِيقُ، نَصَّ عَلَيْهِ.

فَقِيلَ: فِيهِمَا قَوْلَانِ، وَالْمَذْهَبُ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ خَطَرَ الْمُوَالَاةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَحْصُلُ مِنْ قَطْعِ مُسْتَحِقٍّ وَغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ.

فَرْعٌ.

قَالَ الْمُخْرِجُ: قَصَدْتُ بِالْإِخْرَاجِ إِيقَاعُهَا عَنِ الْيَمِينِ، وَقَالَ الْقَاطِعُ: أَخْرَجْتُهَا بِقَصْدِ الْإِبَاحَةِ، فَالْمُصَدَّقُ الْمُخْرِجُ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ.

فَرْعٌ.

ثَبَتَ لَهُ الْقِصَاصُ فِي أُنْمُلَةٍ، فَقَطَعَ مِنَ الْجَانِي أُنْمُلَتَيْنِ، سُئِلَ، فَإِنِ اعْتَرَفَ بِالتَّعَمُّدِ، قُطِعَتْ مِنْهُ الْأُنْمُلَةُ الثَّانِيَةُ.

وَإِنْ قَالَ: أَخْطَأْتُ وَتَوَهَّمْتُ أَنِّي أَقْطَعُ أُنْمُلَةً وَاحِدَةً، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَوَجَبَ أَرْشُ الْأُنْمُلَةِ الزَّائِدَةِ، وَهَلْ هِيَ فِي مَالِهِ أَمْ عَلَى عَاقِلَتِهِ؟ قَوْلَانِ، أَوْ وَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا: فِي مَالِهِ.

ص: 238