الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
إِذَا كَانَ لِلْجِرَاحَةِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، كَالْمُوضِحَةِ، فَالشَّيْنُ حَوَالَيْهَا يَتْبَعُهَا وَلَا يُفْرَدُ بِحُكُومَةٍ؛ هَذَا إِذَا كَانَ الشَّيْنُ فِي مَحَلِّ الْإِيضَاحِ، فَلَوْ أَوْضَحَ رَأَسَهُ، وَاتَّسَعَ الشَّيْنُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْقَفَا، فَوَجْهَانِ لِتَعَدِّيهِ مَحَلَّ الْإِيضَاحِ وَهَلِ الْمُتَلَاحِمَةُ كَالْمُوضِحَةِ فِي اسْتِتْبَاعِ الشَّيْنِ، إِذَا قَدَّرْنَا أَرْشَهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُوضِحَةِ؟ وَجْهَانِ:
أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجِرَاحَةِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ مَا دُونَ الْمُوضِحَةِ مِنْ جِرَاحَاتِ الرَّأْسِ إِذَا أَمْكَنَ تَقْدِيرُهَا مُوضِحَةً عَلَى الرَّأْسِ يَجِبُ فِيهَا أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِسْطِ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ وَالْحُكُومَةِ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ، وَالْجِرَاحَاتُ عَلَى الْبَدَنِ إِنْ أَمْكَنَ تَقْدِيرُهَا بِالْجَائِفَةِ، بِأَنْ كَانَ بِقُرْبِهَا جَائِفَةٌ، هَلْ تُقَدَّرُ بِهَا كَالتَّقْدِيرِ بِالْمُوضِحَةِ أَمِ الْوَاجِبُ فِيهَا الْحُكُومَةُ لَا غَيْرُ؟ وَجْهَانِ:
أَرْجَحُهُمَا: الْأَوَّلُ، وَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ، فَإِنْ قُدِّرَتِ الْجِرَاحَةُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جِرَاحَةٍ مُقَدَّرَةِ الْأَرْشِ، وَأَوْجَبْنَا مَا يَقْتَضِيهِ التَّقْسِيطُ لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ مِنَ الْحُكُومَةِ، فَالشَّيْنُ تَابِعٌ لَهُ لَا يُفْرَدُ بِحُكُومَةٍ كَالْمُوضِحَةِ، وَإِنْ كَانَتِ الْحُكُومَةُ أَكْثَرَ فَأَوْجَبْنَاهَا فَقَدْ وَفَّيْنَا حَقَّ الشَّيْنِ.
فَرْعٌ
أَوْضَحَ جَبِينَهُ، وَأَزَالَ حَاجِبَهُ؛ فَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ وَحُكُومَةِ الشَّيْنِ وَإِزَالَةِ الْحَاجِبِ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي.
الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ: قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْوَاجِبَ بِقَتْلِ الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، يَسْتَوِي فِيهِ الْقِنُّ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَأَمَّا الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، فَيُنْظَرُ، إِنْ كَانَتْ مِمَّا يُوجِبُ فِي الْحُرِّ بَدَلًا مُقَدَّرًا، كَالْمُوضِحَةِ وَقَطْعِ الْأَطْرَافِ؛ فَقَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا: أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا جُزْءٌ مِنَ الْقِيمَةِ، نِسْبَتُهُ إِلَى الْقِيمَةِ كَنِسْبَةِ الْوَاجِبِ فِي
الْحُرِّ إِلَى الدِّيَةِ، وَالثَّانِي: الْوَاجِبُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ أَنْكَرَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ وَقَطَعَ بِالْأَوَّلِ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى إِثْبَاتِهِمَا، ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْأَوَّلُ مَنْصُوصٌ، وَالثَّانِي خَرَّجَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ قَوْلِهِ: لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَبْدًا؛ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ كَالْبَهِيمَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُمَا مَنْصُوصَانِ؛ الْأَوَّلُ جَدِيدٌ، وَالثَّانِي قَدِيمٌ، وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ لَا تُوجِبُ مُقَدَّرًا فِي الْحُرِّ، فَوَاجِبُهَا فِي الْعَبْدِ مَا نَقَصَ مِنَ الْقِيمَةِ بِلَا خِلَافٍ.
إِذَا عُرِفَ هَذَا فَعَلَى الْأَظْهَرِ فِي يَدِ الْعَبْدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَفِي يَدَيْهِ قِيمَتُهُ، وَفِي أُصْبُعِهِ عُشْرُهَا، وَفِي أُنْمُلَتِهِ ثُلْثُ عُشْرِهَا، وَفِي مُوضِحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِهَا، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ.
وَلَوْ قَطَعَ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ؛ فَعَلَيْهِ قِيمَتَانِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ الْوَاجِبُ فِيهَا كُلِّهَا مَا نَقَصَ، فَإِنْ لَمْ تَنْقُصِ الْقِيمَةُ بِقَطْعِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ، أَوْ زَادَتْ؛ فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: لَا يَجِبُ شَيْءٌ.
وَالثَّانِي: تَجِبُ حُكُومَةٌ يُقَدِّرُهَا الْحَاكِمُ بِالِاجْتِهَادِ، أَوْ يَعْتَبِرُ بِمَا قَبْلَ الِانْدِمَالِ، كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا إِذَا انْدَمَلَتِ الْجِرَاحَةُ وَلَمْ يَبْقَ شَيْنٌ وَلَا أَثَرٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ، فَعَادَتْ إِلَى مِائَتَيْنِ؛ فَعَلَى الْأَظْهَرِ يَجِبُ خَمْسُمِائَةٍ، وَعَلَى الْقَدِيمِ ثَمَانُمِائَةٍ، وَلَوْ عَادَتْ إِلَى ثَمَانِمِائَةٍ وَجَبَ عَلَى الْأَظْهَرِ خَمْسُمِائَةٍ، وَعَلَى الْقَدِيمِ مِائَتَانِ.
وَلَوْ جَنَى عَلَى الْعَبْدِ اثْنَانِ، فَقَطَعَ أَحَدُهُمَا يَدَهُ، وَالْآخَرُ يَدَهُ الْأُخْرَى، نُظِرَ، إِنْ وَقَعَتِ الْجِنَايَتَانِ مَعًا، فَعَلَيْهِمَا قِيمَتُهُ، وَإِنْ تَعَاقَبَتَا وَكَانَتِ الْقِيمَةُ عِنْدَ قَطْعِ الثَّانِي نَاقِصَةً بِسَبَبِ الْقَطْعِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُمَا، فَفِي الْوَاجِبِ عَلَيْهِمَا أَوْجُهٌ سَبَقَتْ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ. وَإِنْ وَقَفَ الْقَطْعَانِ، نُظِرَ؛ إِنْ كَانَ قَطْعُ الثَّانِي بَعْدَ انْدِمَالِ الْأَوَّلِ، لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ قِيمَتِهِ قَبْلَ جِنَايَتِهِ؛ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا، فَصَارَتْ بِالْقَطْعِ الْأَوَّلِ ثَمَانَمِائَةٍ، وَبِالثَّانِي سِتَّمِائَةٍ، لَزِمَ الْأَوَّلَ خَمْسُمِائَةٍ، وَالثَّانِي أَرْبَعُمِائَةٍ. وَإِنْ قَطَعَ الثَّانِي قَبْلَ الِانْدِمَالِ الْأَوَّلِ، لَزِمَ الثَّانِي نِصْفُ مَا أَوْجَبْنَا
عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ، لِأَنَّ الْجِنَايَةَ الْأُولَى لَمْ تَسْتَقِرَّ وَقَدْ أَوْجَبْنَا نِصْفَ الْقِيمَةِ؛ فَكَأَنَّهُ انْتَقَصَ نِصْفَ الْقِيمَةِ، فَلَوْ قَطَعَ الْوَاحِدُ يَدَيِ الْعَبْدِ وَلَمْ يَسِرْ؛ فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ قَطَعَهُ اثْنَانِ، هَذَا كُلُّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَظْهَرِ.
وَعَلَى الثَّانِي يَلْزَمُ كُلَّ قَاطِعٍ مَا نَقَصَ بِجِنَايَتِهِ. وَإِذَا قُطِعَتْ أَطْرَافُ عَبْدٍ، ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ، لَزِمَهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ ذَاهِبَ الْأَطْرَافِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مُوجِبِ الدِّيَةِ وَحُكْمِ السِّحْرِ
فِيهِ خَمْسَةُ أَطْرَافٍ:
الْأَوَّلُ: السَّبَبُ، وَالْوَاجِبُ فِي إِهْلَاكِ النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا، كَمَا يَجِبُ بِالْمُبَاشَرَةِ يَجِبُ بِالتَّسَبُّبِ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ مَرَاتِبَ الشَّيْءِ الَّذِي لَهُ أَثَرٌ فِي الْهَلَاكِ ثَلَاثٌ، وَهِيَ: الْعِلَّةُ وَالسَّبَبُ وَالشَّرْطُ، وَضَابِطُهُ أَنْ يُقَالَ: مَا يَحْصُلُ الْهَلَاكُ عِنْدَهُ أَوْ عَقِبَهُ إِنْ كَانَ هُوَ الْمُؤَثِّرَ فِي الْهَلَاكِ؛ فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْهَلَاكِ، وَتَتَعَلَّقُ بِهِ الدِّيَةُ لَا مَحَالَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُؤَثِّرَ، فَإِنَّ تَوَقُّفَ تَأْثِيرِ الْمُؤَثِّرِ عَلَيْهِ، كَالْحَفْرِ مَعَ التَّرَدِّي تَعَلَّقَتْ بِهِ الدِّيَةُ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ، لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ الدِّيَةُ، بَلِ الْمَوْتُ عِنْدَهُ اتِّفَاقِيٌّ، ثُمَّ فِيهِ مَسَائِلُ:
إِحْدَاهَا: صَفَعَهُ صَفْعَةً خَفِيفَةً، فَمَاتَ؛ فَلَا ضَمَانَ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهَا فِي الْهَلَاكِ.
الثَّانِيَةُ: صَاحَ عَلَى صَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ، فَارْتَعَدَ وَسَقَطَ وَمَاتَ مِنْهُ، وَجَبَتِ الدِّيَةُ قَطْعًا، وَلَا قِصَاصَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: الْأَظْهَرُ، وَمَنْ أَوْجَبَ يَدَّعِي أَنَّ التَّأَثُّرَ بِهِ غَالِبٌ، وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَمَاتَ مِنَ الصَّيْحَةِ، فَقِيلَ: هُوَ كَالسُّقُوطِ مِنْ سَطْحٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ، لِأَنَّ الْمَوْتَ بِهِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ.
وَلَوْ صَاحَ عَلَى بَالِغٍ عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ وَنَحْوِهِ، فَسَقَطَ وَمَاتَ فَلَا قِصَاصَ، وَفِي الضَّمَانِ أَوْجُهٌ؛ أَصَحُّهَا: لَا يَجِبُ، وَالثَّانِي: يَجِبُ، وَالثَّالِثُ: إِنْ غَافَصَهُ مِنْ
وَرَائِهِ، وَجَبَ، وَإِنْ صَاحَ بِهِ مِنْ وَجْهِهِ؛ فَلَا.
وَلَوْ صَاحَ عَلَى صَغِيرٍ فَزَالَ عَقْلُهُ، وَجَبَ الضَّمَانُ، وَإِنْ كَانَ بَالِغًا، فَعَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ. وَالْمَجْنُونُ وَالْمَعْتُوهُ، وَالَّذِي تَعْتَرِيهِ الْوَسَاوِسُ وَالنَّائِمُ وَالْمَرْأَةُ الضَّعِيفَةُ، كَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ، وَالْمُرَاهِقُ الْمُتَيَقِّظُ كَالْبَالِغِ.
وَشَهْرُ السِّلَاحِ وَالتَّهْدِيدُ الشَّدِيدُ كَالصِّيَاحِ، وَلَوْ صَاحَ عَلَى صَيْدٍ، فَاضْطَرَبَ مِنْهُ الصَّبِيُّ عَلَى طَرَفِ السَّطْحِ وَسَقَطَ، وَجَبَ الضَّمَانُ، لَكِنَّ الدِّيَةَ وَالْحَالَةَ هَذِهِ تَكُونُ مُخَفَّفَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَفِيمَا إِذَا قَصَدَ الصَّبِيَّ نَفْسَهُ تَكُونُ مُغَلَّظَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ. وَقِيَاسُ مَنْ يُوجِبُ الْقِصَاصَ أَنْ تَجِبَ مُغَلَّظَةً عَلَى الْجَانِي، وَعَنْ صَاحِبِ «التَّلْخِيصِ» أَنَّ الصَّائِحَ إِنْ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ فِي الْحَرَمِ تَعَلَّقَ بِصَيْحَتِهِ الضَّمَانُ لِتَعَدِّيهِ، وَإِلَّا فَلَا.
وَذَكَرَ عَلَى قِيَاسِهِ أَنَّهُ لَوْ صَاحَ عَلَى صَبِيٍّ فِي مِلْكِهِ، لَمْ يَجِبِ الضَّمَانُ تَشْبِيهًا بِمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ، فَسَقَطَ فِيهَا رَجُلٌ؛ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ.
فَرْعٌ
إِذَا بَعَثَ السُّلْطَانُ إِلَى امْرَأَةٍ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ بِسُوءٍ، وَأَمَرَ بِإِحْضَارِهَا، فَأَجْهَضَتْ جَنِينًا فَزَعًا مِنْهُ، وَجَبَ ضَمَانُ الْجَنِينِ، وَلَوْ كَذَبَ رَجُلٌ، فَأَمَرَهَا عَلَى لِسَانِ الْإِمَامِ بِالْحُضُورِ، فَأَجْهَضَتْ؛ فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ، وَلَوْ هَدَّدَهَا غَيْرُ الْإِمَامِ حَامِلًا، وَأَجْهَضَتْ فَزَعًا؛ فَلْيَكُنْ كَالْإِمَامِ؛ لِأَنَّ إِكْرَاهَهُ كَإِكْرَاهِ الْإِمَامِ، وَلَوْ مَاتَتِ الْحَامِلُ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهَا، أَوْ بَعَثَ الْإِمَامُ إِلَى رَجُلٍ ذُكِرَ بِسُوءٍ وَهَدَّدَهُ وَمَاتَ؛ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إِلَى الْمَوْتِ. وَفِي «النِّهَايَةِ» أَنَّهُ يَجِبُ.
فَرْعٌ
لَوْ فَزَّعَ إِنْسَانًا، فَأَحْدَثَ فِي ثِيَابِهِ فَأَفْسَدَهَا؛ فَلَا ضَمَانَ.
الطَّرَفُ الثَّانِي: فِيمَا يَغْلِبُ إِذَا اجْتَمَعَتِ الْعِلَّةُ وَالسَّبَبُ أَوِ الشَّرْطُ،
فَحَفْرُ الْبِئْرِ شَرْطٌ أَوْ سَبَبٌ، وَالتَّرَدِّي عِلَّةٌ؛ فَإِذَا اجْتَمَعَا نُظِرَ؛ إِنْ كَانَتِ الْعِلَّةُ عُدْوَانًا، بِأَنْ حَفَرَ بِئْرًا، فَرَدِيَ فِيهَا غَيْرُهُ إِنْسَانًا؛ فَالْقِصَاصُ وَالضَّمَانُ يَتَعَلَّقَانِ بِالتَّرْدِيَةِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِالْحَفْرِ مَعَهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْعِلَّةُ عُدْوَانًا، بِأَنْ تَخَطَّى شَخْصٌ الْمَوْضِعَ جَاهِلًا؛ فَتَرَدَّى فِيهَا وَهَلَكَ؛ فَإِنْ كَانَ الْحَفْرُ عُدْوَانًا؛ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ؛ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ.
فَرْعٌ
وَضَعَ صَبِيًّا فِي مَسْبَعَةٍ، فَافْتَرَسَهُ سَبْعٌ نُظِرَ؛ إِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْحَرَكَةِ وَالِانْتِقَالِ عَنْ مَوْضِعِ الْهَلَاكِ فَلَمْ يَفْعَلْ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَاضِعِ، كَمَا لَوْ فَتَحَ عِرْقَهُ فَلَمْ يَعْصِبْهُ حَتَّى مَاتَ. وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِانْتِقَالِ، فَلَا ضَمَانَ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ؛ لِأَنَّ الْوَضْعَ لَيْسَ بِإِهْلَاكٍ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يُلْجِئُ السَّبْعَ إِلَيْهِ؛ فَإِنْ كَانَ الْمَوْضُوعُ بَالِغًا؛ فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا. وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: الْحُكْمُ مَنُوطٌ بِالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، لَا بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ.
فَرْعٌ
لَوِ اتَّبَعَ إِنْسَانًا بِسَيْفٍ، فَوَلَّى الْمَطْلُوبُ هَارِبًا؛ فَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي نَارٍ أَوْ مَاءٍ، أَوْ مِنْ شَاهِقٍ، أَوْ مِنْ سَطْحٍ عَالٍ أَوْ فِي بِئْرٍ فَهَلَكَ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ إِهْلَاكَ نَفْسِهِ قَصْدًا. وَالْمُبَاشَرَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ؛ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْمُهْلِكِ، فَوَقَعَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فِي النَّارِ أَوِ الْمَاءِ، أَوْ مِنَ الشَّاهِقِ وَالسَّطْحِ بِأَنْ كَانَ أَعْمَى، أَوْ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، أَوْ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، أَوْ فِي بِئْرٍ مُغَطَّاةٍ، وَجَبَ عَلَى الْمُتَّبِعِ الضَّمَانُ. وَلَوِ اسْتَقْبَلَهُ سَبْعٌ فِي طَرِيقِهِ؛ فَافْتَرَسَهُ، أَوْ لِصٌّ فَقَتَلَهُ؛ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُتَّبِعِ، بَصِيرًا كَانَ الْمَطْلُوبُ أَوْ أَعْمَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنَ الْمُتَّبِعِ إِهْلَاكٌ. وَمُبَاشَرَةُ السَّبْعِ الْعَارِضَةُ