الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنَّمَا سَقَطَ الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ، وَقِيلَ: عَلَى الْعَاقِلَةِ، لِأَنَّهُ جَاهِلٌ بِالْحَالِ، فَأَشْبَهَ الْمُخْطِئَ، فَإِنْ قُلْنَا: عَلَى الْوَكِيلِ، فَهَلْ هِيَ حَالَّةٌ أَمْ مُؤَجَّلَةٌ؟ وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا الْإِمَامُ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: حَالَةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ الدِّيَةُ هُنَا تَكُونُ لِوَرَثَةِ الْجَانِي لَا تَعَلُّقَ لِلْمُوكِّلِ بِهَا بِخِلَافِ مَا إِذَا ثَبَتَ الْقِصَاصَ لِابْنَيْنِ، وَبَادَرَ أَحَدُهُمَا، وَقَتَلَ الْجَانِيَ، يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ لِلْآخَرِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَاتِلَ هُنَاكَ أَتْلَفَ حَقَّ أَخِيهِ، فَتَعَلَّقَ الْأَخُ بِبَدَلِهِ، وَالْوَكِيلُ هُنَا قُتِلَ بَعْدَ سُقُوطِ حَقِّ الْمُوَكِّلِ، وَنَقَلَ ابْنُ كَجٍّ عَنْ بَعْضِهِمْ جَعْلَهُ عَلَى الْخِلَافِ، ثُمَّ إِذَا غَرِمَ الْوَكِيلُ، أَوْ عَاقِلَتُهُ الدِّيَةَ، فَهَلْ يَرْجِعُ الْغَارِمُ عَلَى الْعَافِي؟ فِيهِ أَوْجُهٌ.
أَصَحُّهَا: لَا، لِأَنَّ الْعَافِيَ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ غَيْرُ مُغَرَّرٍ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ إِذَا قَدَّمَ الطَّعَامَ الْمَغْصُوبَ إِلَى الضَّيْفِ، وَالثَّانِي: نَعَمْ، وَالثَّالِثُ: يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ دُونَ الْعَاقِلَةِ، فَهَلْ لِوَلِيِّ الْجَانِي أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ ابْتِدَاءً مِنَ الْعَافِي؟ وَجْهَانِ.
وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا لَا تُضْرَبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَهَلْ لِلْمُوَكِّلِ الْعَافِي دِيَةَ قَتِيلِهِ؟ يُنْظَرُ، إِنْ عَفَا مَجَّانًا أَوْ مُطْلَقًا، وَقُلْنَا: الْمُطْلَقُ لَا يُوجِبُ الدِّيَةَ، فَلَا شَيْءَ لَهُ.
وَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ، أَوْ مُطْلَقًا، وَقُلْنَا: يُوجِبُ الْمَالَ، فَلَهُ الدِّيَةُ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي مُغَلَّظَةً إِنْ أَوْجَبْنَا بِقَتْلِ الْوَكِيلِ الدِّيَةَ، وَإِنْ لَمْ نُوجِبْهَا بِهِ، فَلَا دِيَةَ لِلْمُوَكِّلِ لِخُرُوجِ الْعَفْوِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ عَنِ الْفَائِدَةِ. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
بَابٌ
.
فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ.
إِذَا جَنَى عَبْدٌ عَلَى حَرٍّ جِنَايَةً، تَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ، فَاشْتَرَاهُ بِالْأَرْشِ، فَإِنْ جَهِلَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَدَدَ الْإِبِلِ الْوَاجِبَةِ أَوْ سِنَّهَا، لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ
وَإِنْ عَلِمَا ذَلِكَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْجَهْلُ بِأَوْصَافِهَا، فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ الْوَجْهَانِ، أَوِ الْقَوْلَانِ فِي صِحَّةِ الصُّلْحِ مِنْ إِبِلِ الدِّيَةِ عَلَى مَالٍ، وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ، وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ مُوجِبَةٌ لِلْقِصَاصِ، فَاشْتَرَاهُ بِالْأَرْشِ، فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلْمَالِ، وَإِسْقَاطٌ لِلْقِصَاصِ.
وَحَيْثُ صَحَّحْنَا الْبَيْعَ، فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا، فَلَهُ الرَّدُّ، فَإِذَا رَدَّ، بَقِيَ الْأَرْشُ مُتَعَلِّقًا بِالرَّقَبَةِ، وَلَا يَكُونُ السَّيِّدُ مُلْتَزِمًا لِلْفِدَاءِ، بَلْ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفِدَاءِ، وَتَسْلِيمُهُ لِلْبَيْعِ، وَلَوِ اشْتَرَاهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِمَالٍ غَيْرِ الْأَرْشِ، صَحَّ وَلَمْ يَسْقُطِ الْقِصَاصُ، فَلَوْ صَالَحَ عَنِ الْقَوَدِ عَلَى مَالٍ، جَازَ وَإِنْ كَانَتِ الدِّيَةُ مَجْهُولَةً.
فَإِنْ تَلِفَتْ عَيْنُ الْمَالِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ، أَوِ اسْتُحِقَّتْ، أَوْ رَدَّهَا بِعَيْبٍ، فَلَا رُجُوعَ إِلَى الْقِصَاصِ، فَهَلْ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْنِ، أَمْ بِضَمَانِ الْجِنَايَةِ؟ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَدَلَ الصُّلْحِ عَنِ الدَّمِ مَضْمُونٌ ضَمَانَ الْعَقْدِ أَمْ ضَمَانَ الْيَدِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ.
فَإِنْ قُلْنَا: يَرْجِعُ بِضَمَانِ الْجِنَايَةِ، فَهُوَ عَلَى السَّيِّدِ لِاخْتِيَارِهِ الْفِدَاءَ بِبَذْلِ الْمَالِ، وَهَلْ عَلَيْهِ أَرْشُ الْجِنَايَةِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، أَمِ الْأَقَلُّ مِنَ الْأَرْشِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ؟ قَوْلَانِ يُذْكَرَانِ فِي مَوْضِعِهِمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَوْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ مُوجِبَةٌ لِلْمَالِ، وَصَالَحَ مِنَ الْإِبِلِ عَلَى مَالٍ، فَفِي صِحَّتِهِ الْخِلَافُ، فَإِنْ صَحَّحْنَاهُ، فَهَلَكَ الْمُصَالِحُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ خَرَجَ مُسْتَحِقًّا، أَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ، فَالرُّجُوعُ إِلَى الْأَرْشِ بِلَا خِلَافٍ، لِأَنَّ الصُّلْحَ هُنَا عَنِ الْمَالِ، وَيَكُونُ السَّيِّدُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْأَرْشُ أَمِ الْأَقَلُّ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ.
فَرْعٌ.
جَنَى حُرٌّ عَلَى حَرٍّ جِنَايَةً تُوجِبُ الْقِصَاصَ، فَصَالَحَهُ عَلَى عَيْنٍ، كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ، جَازَ وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الدِّيَةُ مَعْلُومَةً لَهُمَا، فَإِنْ تَلِفَتِ الْعَيْنُ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ خَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً، أَوْ رَدَّهَا بِعَيْبٍ، فَلَا رُجُوعَ إِلَى الْقِصَاصِ، فَهَلْ يَرْجِعُ