الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس في بعض فضائل أم المؤمنين أم سلمة- رضي الله تعالى عنها
-
وفيه أنواع:
الأول: في نسبها واسمها
.
تقدم نسب أبيها، وأمّها عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن مالك بن جذيمة بن علقمة بن فراس ومن قال: عاتكة بنت عبد المطلّب، فجعلها بنت عمة رسول الله- صلى الله عليه وسلم فقد أخطأ، وإنما هي بنت زوجها، وأخواها عبد الله، وزهير ابنا عمة رسول الله- صلى الله عليه وسلم واسمها هند، وقيل: رملة، والأوّل أصحّ.
الثاني: في هجرتها مع زوجها أبي سلمة بن (عبد الأسد) - رضي الله تعالى عنهما- إلى الحبشة وهجرتها إلى المدينة
.
هاجرت، هي وزوجها إلى الحبشة الهجرتين وهما أول من هاجر إلى الحبشة، قال ابن أبي خيثمة: حدثنا نصر بن المغيرة، قال: قال سفيان: أوّل مهاجرة من النساء أمّ سلمة.
وروى عن مصعب بن عبد الله قال: أوّل ظعينة دخلت المدينة مهاجرة أمّ سلمة.
ويقال: بل ليلى بنت خيثمة زوج عامر بن ربيعة.
الثالث: في تزويج النبي- صلى الله عليه وسلم بها
.
كانت قبله عند أبي سلمة بن عبد الأسد وأمّه عمة رسول الله- صلى الله عليه وسلم برة بنت عمه أبي طالب فولدت لأبي سلمة، سلمة وعمر، ورقيّة، وزينب، ومات أبو سلمة- رضي الله تعالى عنه- سنة أربع وشهد بدرا وأحدا ورمي بها بسهم في عضده فمكث شهرا يداويه، ثم برأ الجرح، وبعثه رسول الله- صلى الله عليه وسلم في هلال المحرّم على رأس خمسة وثلاثين شهرا من مهاجره، وبعث معه مائة وخمسين رجلا إلى قطن- وهو جبل- فغاب تسعا وعشرين ليلة ثم رجع إلى المدينة فانتقض جرحه، فمات منه لثمان خلون من جمادى الآخرة سنة أربع، فاعتدّت امّ سلمة، وحملت لعشرين بقين من شوّال المذكور سنة أربع، فتزوجها رسول الله- صلى الله عليه وسلم في ليالي بقين من شوال المذكور، ولو لم يكن من فضلها إلا شورها على رسول الله- صلى الله عليه وسلم بالحلق في قصة الحديبية لمّا امتنع منه أكثر الصحابة لكفاها.
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى، وأبو عمر: تزوّجها رسول الله- صلى الله عليه وسلم بعد وقعة بدر في شوال سنة اثنتين، وليس بشيء، لأنّ أبا عمر قال في وفاة أبي سلمة: إنها في جمادى الآخرة سنة ثلاث وهو لم يتزوجها إلا بعد انقضاء عدتها من وفاة أبي سلمة.
وروي عن أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- قالت: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم يقول:
«ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول: ما أمر الله تبارك وتعالى [إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا أخلف الله له خيرا منها]
[ (1) ] .
وروى أحمد بن منيع وأبو يعلى برجال ثقات عن عمرو بن أبي سلمة [ (2) ]، والإمام الشافعي- رحمه الله تعالى ورضي عنه- والإمام أحمد ومسلم وابن أبي خيثمة عن أم سلمة والحارث من طريق آخر عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام- رضي الله تعالى عنهم- أن أبا سلمة جاء إلى أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- فقالت: سمعت من رسول الله- صلى الله عليه وسلم شيئا هو أعجب إليّ من كذا وكذا، لا أدري ما أعدل به، سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم يقول: لا يصيب أحدا مصيبة فيسترجع عند ذلك، ثم يقول: اللهم عندك أحتسب مصيبتي فأجرني فيها وأبدلني بها خيرا منها،
فلما مات أبو سلمة قلتها وأبدلني خيرا منها: أقول: ومن خير من أبي سلمة، فلم أزل حتى قلتها، فلما انقضت عدّتها أرسل أبو بكر يخطبها فأبت، فأرسل إليها عمر يخطبها فأبت، قالت: فأرسل إليها رسول الله- صلى الله عليه وسلم يخطبها، فقالت: مرحبا برسول الله- صلى الله عليه وسلم إن في خلالي ثلاثا أخافهنّ على رسول الله- صلى الله عليه وسلم إني امرأة شديدة الغيرة وإني امرأة مصبية يعني: لها صبيان، وفي رواية: إني ذات عيال، وإني امرأة ليس هاهنا أحد من أوليائي شاهد يزوّجني، وفي حديث أبي بكر بن عبد الرحمن، فقالت: ما مثلي ينكح، أما أنا، فلا ولد في، وأنا غيور، وذات عيال فسمع عمر بما ردّت به على رسول الله- صلى الله عليه وسلم فغضب لرسول الله- صلى الله عليه وسلم أشدّ ما غضب لنفسه حين ردته فلقيها فقال: أنت التي تردين رسول الله- صلى الله عليه وسلم قالت: يا ابن الخطاب إن فيّ كذا وكذا،
فأقبل رسول الله- صلى الله عليه وسلم إليها فقال: أما ما ذكرت أنك غيرى فسأدعو الله- عز وجل يذهب غيرتك وأما ما ذكرت أنك مصيبة فإن الله سيكفيك صبيانك، وفي رواية: وأما العيال فإلى الله ورسوله وأما أنه ليس ههنا أحد من أوليائك يزوجك فإنه ليس أحد شاهد ولا غائب من أوليائك يكرهني، وفي حديث أبي بكر في لفظ: «فإنه ليس أحد منهم شاهد ولا حاضر يسترضاني وأنا أكبر منه فقالت لابنها عمر: زوجني رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: فزوجه إياها فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم أما إني لم أنقصك مما أعطيت أختك فلانة،
قال ثابت لابن أم سلمة: ما كان أعطى فلانة؟ قال: أعطاها درهمين تجعل منهما صاحبتها ورحلتين ووسادة حشوها ليف ثم انصرف عنها ثم أتاها الثانية وهي ترضع زينب فلما رأته مقبلا جعلت الصبية في حجرها.
فسلم ثم رجع فأتاها أيضا الثالثة فلما رأته جعلت الصبية في حجرها قالت: وكان
[ (1) ] أخرجه مسلم 2/ 631 (3- 918)
[ (2) ] أخرجه أبو داود (3119) وأحمد 4/ 27